فصل: (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَجِنَايَةِ عَبْدِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ):

إذَا جَنَى الْمَأْذُونُ عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ جِنَايَةً خَطَأً، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ افْدِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَقَدْ طَهُرَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَبَقِيَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ فِيهِ فَيُبَاعُ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ دَفَعَهُ بِالْجِنَايَةِ أَتْبَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي أَيْدِي أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَبَاعُوهُ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ إذَا بِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ لَا يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمَأْذُونِ قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ، وَبِيعَ الْعَبْدُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَمَا دُفِعَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ حَيْثُ يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ جَنَى عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فَقَتَلَ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا خَطَأً فَإِنَّهُ يُخَاطَبُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ لَا الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُغْنِي.
إذَا كَانَتْ لِلْمَأْذُونِ جَارِيَةٌ مِنْ تِجَارَةٍ فَقَتَلَتْ قَتِيلًا خَطَأً فَإِنْ شَاءَ الْمَأْذُونُ دَفَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَدَاهَا الْمَأْذُونُ بِعَشَرَةِ آلَافٍ فَهُوَ جَائِزٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَوَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهَا فَصَالَحَ الْمَأْذُونُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الْقَاتِلُ فَصَالَحَ عَنْ نَفْسِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، إذَا أَبْطَلَ الْقَاضِي صُلْحَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ، وَلَا يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِمَّا صَالَحَهُ حَتَّى يُعْتَقَ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَصَالَحَ الْمَوْلَى عَلَى أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِحَقِّهِمْ لَمْ يَجُزْ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَقَدْ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ كَانَ لِلْمَأْذُونِ دَارٌ مِنْ تِجَارَتِهِ فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَلَكِنْ يُخَاطَبُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، وَجَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي حَائِطٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ مَائِلٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَقَالَا: هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَتِيلِ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَوَابِ الِاسْتِحْسَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ عَلَى دَابَّةٍ فَقَتَلَهَا فَإِنَّ قِيمَتَهَا فِي عُنُقِ الْعَبْدِ فَيُبَاعُ فِيهَا أَوْ يَفْدِيَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ فَجَنَى جِنَايَةً فَبَاعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِدُيُونِهِمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَبِعْ الْمَوْلَى الْعَبْدَ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى جَاءَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَدَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُضَمِّنَ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُضَمِّنُ لِلْغُرَمَاءِ شَيْئًا، إذَا جَازَ الدَّفْعُ، وَلَمْ يَضْمَنْ اسْتِحْسَانًا كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَبِيعُوهُ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إنْ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ، وَطَلَبُوا الْبَيْعَ بِدَيْنِهِمْ، وَهُوَ عِنْدَ مَوْلَاهُ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ يَطْلُبُ حَقَّهُ وَقَدْ أَقَرَّ الْمَوْلَى وَالْغُرَمَاءُ بِالْجِنَايَةِ وَأَخْبَرُوا بِهَا الْقَاضِيَ لَمْ يَبِعْ الْقَاضِي الْعَبْدَ لِأَصْحَابِ الدَّيْنِ حَتَّى يَحْضُرَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِمْ أَوْ يَفْدِيه ثُمَّ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ.
وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْعَبْدَ لِلْغُرَمَاءِ وَأَصْحَابُ الْجِنَايَةِ غُيَّبٌ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَا شَيْءَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ، وَقَدْ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ بَاعَهُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ أَعْطَى أَصْحَابَ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِمْ أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ أَصْحَابَ الْجِنَايَةِ قَدْرَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ مَا فَضَلَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يُصْرَفُ إلَى الْمَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْمَوْلَى بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ بِأَنْ بَاعَ الْعَبْدَ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفٌ، وَالدَّيْنُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا قَضَى دَيْنَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَبَقِيَ فِي يَدِ الْمَوْلَى أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَإِنَّهُ يُعْطِي لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَالْبَاقِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْجِنَايَةِ حَاضِرًا، وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ بَاعَ الْقَاضِي الْعَبْدَ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَى صَاحِبِ الْجِنَايَةِ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ الْعَبْدِ، وَقَضَى مِنْ ذَلِكَ دَيْنَ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الثَّمَنِ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ عَمْدًا فَعَلَى قَاتِلِهِ الْقِصَاصُ لِلْمَوْلَى، وَلَا شَيْءَ لِلْغُرَمَاءِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنْ صَالَحَ الْقَاتِلُ مِنْ الدَّمِ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْعُرُوضِ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَصُلْحُهُ جَائِزٌ فَيَسْتَوْفِي مِنْ ذَلِكَ دُيُونَهُمْ، وَانْقَلَبَ الْقِصَاصُ مَالًا، وَتَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالْمَالِ فَإِنْ كَانَ بَدَلَ الصُّلْحِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ اقْتَضَوْهُ مِنْ دَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ جِنْسُ حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا أَوْ عَبْدًا بِيعَ لَهُمْ فِي دَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ هَذَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْتُلْ الْعَبْدُ الْمَأْذُون وَلَكِنْ قَتَلَ عَبْدٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُون فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ، وَلَا يَكُونُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ كَذَا فِي الْمُغْنِي فَإِنْ صَالَحَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونَ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ مَعَ الْقَاتِلِ هَلْ يَجُوزُ الصُّلْحُ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَحُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَلَى قِيَاسِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْوَصِيَّ إذَا صَالَحَ عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لِلْيَتِيمِ فِي النَّفْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ الصُّلْحُ مِنْ الْمَأْذُونِ.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الْوَصِيُّ لَهُ الصُّلْحُ فَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ الصُّلْحُ مِنْ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ قَلَّ الدَّيْنُ أَوْ كَثُرَ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْمَوْلَى، وَلَا لِلْغُرَمَاءِ،
وَلَا لِلْعَبْدِ الْقِصَاصُ لَا عَلَى الِانْفِرَادِ، وَلَا عَلَى الِاجْتِمَاعِ كَذَا فِي الْمُغْنِي وَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ الْقِيمَةُ عَشَرَةَ آلَافٍ فَحِينَئِذٍ يُنْقِصُ مِنْهَا عَشَرَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ لِغُرَمَاءِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إذَا جَنَى عَبْدُ رَجُلٍ جِنَايَةً فَقَتَلَ رَجُلًا خَطَأً فَأَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبَاعَ فَلَحِقَهُ دَيْنٌ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمَوْلَى اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى بَعْدَ هَذَا: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ فَدَى بِالْأَرْشِ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِيعَ الْعَبْدُ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ.
وَإِنْ لَمْ يَفْدِ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَتْبَعُوا الْعَبْدَ فَيَبِيعُونَهُ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قَضَوْا دَيْنَ الْعَبْدِ أَوْ لَمْ يَقْضُوا وَبِيعَ الْعَبْدُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَمَنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَخْدَمَهُ الْمَوْلَى، وَهَلَكَ مِنْ الِاسْتِخْدَام فَإِنَّ الْمَوْلَى لَا يَضْمَنُ لِأَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ رَآهُ يَشْتَرِي، وَيَبِيعُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَلَمْ يَنْهَهُ فَسُكُوتُهُ عَنْ النَّهْيِ بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَحِقَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَنَى جِنَايَةً فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ عَبْدَهُ بِالْجِنَايَةِ فَإِذَا دَفَعَ وَبِيعَ بِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ سَابِقَةً عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ لَحِقَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ دُفِعَ الْعَبْدُ بِالْجِنَايَةِ بِيعَ فِي الدَّيْنَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ بِيعَ أَوْ فَدَاهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ بِالدَّيْنَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَهُوَ حِصَّةُ أَصْحَابِ الدَّيْنِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا قَتَلَ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَحْجُورُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَوْلَى بِدَيْنٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْهُ اخْتِيَارًا لِلْفِدَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَيُقَالُ لِلْمَوْلَى: إمَّا أَنْ تَدْفَعَ أَوْ تَفْدِيَ فَإِنْ فَدَى لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ لِلْغُرَمَاءِ، وَلَا يَبْقَى لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْمَوْلَى سَبِيلٌ، وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ، وَدَفَعَ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَبِيعُونَ الْعَبْدَ بِدَيْنِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي ثُمَّ يَرْجِعُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى أَقَرَّ عَلَيْهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً ثُمَّ أَقَرَّ عَلَيْهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ آخَرَ خَطَأً، وَكَذَّبَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى الْمَوْلَى فِي إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْلَى: ادْفَعْ الْعَبْدَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَتَيْنِ أَوْ افْدِهِ بِدِيَتِهِمَا فَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدَ إلَيْهِمَا رَجَعَ أَوْلِيَاءُ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَلَى الْمَوْلَى بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ أَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى يُحِيطُ بِرَقَبَتِهِ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ بِدَيْنٍ آخَرَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا عَمْدًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَصَالَحَ الْمَوْلَى صَاحِبَ الْجِنَايَةِ مِنْهَا عَلَى رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ صُلْحَهُ لَا يَنْفُذُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي دَيْنِهِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِصَاحِبِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى، وَلَا عَلَى الْعَبْدِ فِي حَالَةِ رِقِّهِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ لَمْ يُصَالِحْ وَلَكِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الدَّمِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَى الْآخَرِ أَوْ يَفْدِيَهُ ثُمَّ يُبَاعُ جَمِيعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ بَطَلَتْ الْجِنَايَةُ كُلُّهَا فَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَإِنْ فَدَاهُ، وَقَدْ صَدَّقَ الْعَبْدَ بِالْجِنَايَةِ قِيلَ لَهُ ادْفَعْ النِّصْفَ إلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ فَالْعَبْدُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى إذَا فَدَاهُ بِالدَّيْنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَة رَجُلًا وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنْ حَضَرَ الْغُرَمَاءُ وَأَصْحَابُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَدْفَعُهُ إلَى أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ أَصْحَابُ الدَّيْنِ فِي يَدَيْ أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ فَيَبِيعُونَهُ فِي دَيْنِهِمْ فَيَأْخُذُونَ قَدْرَ الدَّيْنِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ الثَّمَنِ يَكُونُ لِأَصْحَابِ الْجِنَايَةِ هَذَا إذَا حَضَرُوا جَمِيعًا فَإِنْ حَضَرَ أَصْحَابُ الْجِنَايَةِ أَوَّلًا كَذَلِكَ يُدْفَعُ إلَيْهِمْ، وَلَا يُنْتَظَرُ حُضُورُ أَصْحَابِ الدَّيْنِ، وَلَوْ حَضَرَ أَصْحَابُ الدَّيْنِ أَوَّلًا فَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِالْجِنَايَةِ فَلَا يَبِيعُهُ فِي دَيْنِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَبَاعَهُ بَطَلَ حَقُّ أَصْحَابِ الْجِنَايَةِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
إذَا وَجَدَ الْمَأْذُونُ فِي دَارِ مَوْلَاهُ قَتِيلًا، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ كَانَ عَلَى الْمَوْلَى فِي مَالِهِ حَالًّا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى بِيَدِهِ، وَلَوْ وَجَدَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ الْمَأْذُونِ قَتِيلًا فِي دَارِ الْمَوْلَى، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمَأْذُون فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَكَسْبِهِ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِهِمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَالَّةً، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ لَا يُحِيطُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كَانَتْ الْقِيمَةُ حَالَّةً فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَتَلَهُ الْمَوْلَى بِيَدِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
أَسَرَ الْعَدُوُّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ وَأَحْرَزُوهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ جِنَايَةٌ أَوْ دَيْنٌ عَادَتْ الْجِنَايَةُ وَالدَّيْنُ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مَوْلَاهُ بِالثَّمَنِ عَادَ الدَّيْنُ دُونَ الْجِنَايَةِ، إذَا بِيعَ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ قِيلَ يُعَوَّضُ الَّذِي وَقَعَ الْعَبْدُ فِي سَهْمِهِ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا، وَقِيلَ لَا يُعَوَّضُ كَمَا لَوْ دُفِعَ الْعَبْدُ الْمَدْيُونُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِيعَ بِالدَّيْنِ، وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْرِكُونَ كَانَ الْعَبْدُ لَهُمْ وَبَطَلَتْ الْجِنَايَةُ دُونَ الدَّيْنِ، كَذَلِكَ لَوْ أَدْخَلَ الْكَافِرُ الْعَبْدَ دَارَنَا بِأَمَانٍ عَادَ الدَّيْنُ، وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَرَى مِنْهُ مَوْلَاهُ لَمْ تَعُدْ الْجِنَايَةُ وَعَادَ الدَّيْنُ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْلَى قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ دِيَةُ الْمَوْلَى عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِوَرَثَتِهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِهِمَا دَمُهُ هَدَرٌ، وَلَوْ وَجَدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَى الْمَوْلَى الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ دَيْنِهِ حَالًّا فِي مَالِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وَجَدَ قَتِيلًا فِي دَارٍ أُخْرَى لِلْمَوْلَى، وَذَكَرَ فِي الْمَأْذُونِ الصَّغِيرِ أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَوْ وَجَدَ الْغَرِيمُ الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَتِيلُ عَبْدًا لِلْغَرِيمِ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَبْدُهُ فِي ذَلِكَ كَعَبْدِ غَيْرِهِ.
إذَا أَذِنَ الْمُكَاتَبُ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ فَوُجِدَ فِي دَارِ الْمَأْذُونِ قَتِيلٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فِي مَالِهِ حَالًّا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ أُخْرَى مِنْ كَسْب الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ الْعَبْدِ هُوَ الْمُكَاتَبُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا كَمَا لَوْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارٍ أُخْرَى لَهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَالْحُرِّ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ هُوَ الَّذِي وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِهِ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْمَأْذُونِ فِي مَالِهِ حَالًّا لِغُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّانِيَ عَشَرَ فِي الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ يَأْذَنُ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ الْقَاضِي فِي التِّجَارَاتِ أَوْ يَأْذَنُونَ لِعَبْدِهِمَا وَفِي تَصَرُّفِهِمَا قَبْلَ الْإِذْنِ):

إذَا أَذِنَ لِصَبِيٍّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَجُوزُ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ يَعْقِلُ مَعْنَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأَنْ عَرَفَ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمِلْكِ، وَالشِّرَاءُ جَالِبٌ وَعَرَفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ لَا نَفْسَ الْعِبَارَةِ كَذَا فِي الصُّغْرَى، إذَا أَذِنَ لِلصَّبِيِّ وَلِيَّهُ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ، وَالتَّصَرُّفَاتُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: ضَارٌّ مَحْضٌ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ، وَنَافِعٌ مَحْضٌ كَقَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَمْلِكُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ فَيَمْلِكُهُ بِالْإِذْنِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِدُونِهِ وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ الْأَبِ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ وَصِيُّهُ ثُمَّ الْوَلِيُّ أَوْ الْقَاضِي أَوْ وَصِيُّ الْقَاضِي فَأَمَّا الْأُمُّ أَوْ وَصِيُّ الْأُمِّ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْعَمِّ وَالْأَخِ وَوَالِي الشَّرْطِ وَالْوَالِي الَّذِي لَمْ يُوَلَّ الْقَضَاءَ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَا يَجُوزُ إذْنُ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، إذَا صَحَّ الْإِذْنُ لِلصَّبِيِّ فِي التِّجَارَةِ يَصِيرُ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ الْبَالِغِ فِيمَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ، وَأَنْ يَسْتَأْجِرَ لِنَفْسِهِ أَجِيرًا أَوْ أَنْ يَبِيعَ مِمَّا وَرِثَ عَقَارًا كَانَ أَوْ مَنْقُولًا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحُرِّ الْبَالِغِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ مَمْلُوكًا لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِابْنَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ يَجُوزُ، وَفِي الْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ ابْنِ سِمَاعَةَ إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنَيْهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُمَا صَغِيرَانِ ثُمَّ أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا لِلْآخَرِ لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُمَا، إذَا عَبَّرَ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ بِنَفْسِهِ جَازَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَبْدًا فَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ أَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ شَيْئًا قَبْلَ الْإِذْنِ، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَنْعَقِدُ تَصَرُّفُهُ عِنْدَنَا، وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ، كَذَلِكَ الصَّبِيُّ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إذَا تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا يَمْلِكُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ تَزْوِيجَ أَمَتِهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ ذَلِكَ، وَأَمَّا تَزْوِيجُ الْعَبْدِ فَلَا يَمْلِكُهُ الصَّبِيُّ، وَلَا يَمْلِكُهُ أَبُوهُ وَوَصِيُّهُ كَذَلِكَ لَوْ كَبِرَ الصَّبِيُّ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ، كَذَلِكَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ، وَلَا مِنْ الْمَوْلَى، وَلَوْ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَ الْكِبَرِ لَمْ يَجُزْ وكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ أَمَتَهُ أَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَأَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَاهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ كَانَ فِعْلُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ جَائِزًا فِيهِ عَلَى الصَّبِيِّ فَإِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي الِانْتِهَاءِ كَالْإِذْنِ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ تَنْفُذُ فِي الِابْتِدَاءِ بِالْإِذْنِ مِمَّنْ قَامَ رَأْيُهُ مَقَامَ رَأْيِ الصَّبِيِّ فَتَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ فِي الِانْتِهَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْآذِنِ أَوْ مِنْ الصَّبِيِّ بَعْدَمَا كَبُرَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي هَذَا النَّظَرِ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ فِيمَا وَرِثَ عَنْ أُمِّهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ زَوَّجَ هَذَا الصَّبِيُّ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى الصَّبِيِّ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَتْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ فَخَلَعَهَا أَبُوهُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ طَلَّقَهَا أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَجَازَهُ الصَّبِيُّ بَعْدَمَا كَبُرَ فَهُوَ بَاطِلٌ، إذَا قَالَ حِينَ كَبُرَ: قَدْ أَوْقَعْت عَلَيْهَا الطَّلَاقَ الَّذِي أَوْقَعَ عَلَيْهَا فُلَانٌ أَوْ قَدْ أَوْقَعْت عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ الْعِتْقَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فُلَانٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي: الْأَبُ وَالْوَصِيُّ يَمْلِكَانِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ مِنْ اتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَالصَّدَقَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ، وَهُوَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَدَفَعَ الْعَبْدَ ثُمَّ ضَمِنَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي مَا أَدْرَكَهُ فِي الْعَبْدِ مِنْ دَرَكٍ فَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إنْ شَاءَ عَلَى الصَّبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْكَفِيلِ فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ رَجَعَ الْكَفِيلُ عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ كَفَلَ بِأَمْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَالضَّمَانُ عَنْهُ بَاطِلٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ هَلَكَ فِي يَدِهِ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي فِي أَصْلِ الشِّرَاءِ، وَضَمِنَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الصَّبِيِّ ثُمَّ دَفَعَ الثَّمَنَ عَلَى لِسَانِ الْكَفِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَالضَّمَانُ جَائِزٌ، وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي الْكَفِيلَ بِالثَّمَنِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ إذَا بَاعَ عَبْدًا مِنْ أَبِيهِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ أَمَّا إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ أَوْ لَا يَتَغَابَنُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَفِي هَذِهِ الْوُجُوهِ جَازَ بَيْعُهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي بَعْضِ نُسِخَ الْمَأْذُونِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا بَاعَ مِنْ وَصِيِّهِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ مِقْدَارَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَعَلَى الْخِلَافِ إنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ إنْ بَاعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ فِيهِ مَنْفَعَةٌ ظَاهِرَةٌ بِأَنْ بَاعَ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ هَكَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِهِ كَذَا فِي الْمُغْنِي.
إذَا بَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ.
وَإِنْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَى وَصِيِّهِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْفَصْلِ ذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَجُوزُ، وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَالْإِقْرَارُ لِلْأَبِ أَوَالْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ يَجُوزُ فِيمَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ، وَدَفْعُ الْوَصِيِّ مَالَهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِذْنِ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ، إذَا أَقَرَّ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ صَحَّ إقْرَارُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْغِيَاثِيَّةِ لَوْ أَذِنَ لَهُ الْوَصِيُّ فَأَقَرَّ بِدَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ أَوْ أَقَرَّ بِغَصْبٍ قَبْلَ الْإِذْنِ جَازَ، كَذَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ يَجُوزُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ إذَا أَقَرَّ بِالْغَصْبِ أَوْ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَأَضَافَهُ إلَى حَالَةِ الْحَجْرِ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ اسْتَهْلَكَهَا فِي حَالَةِ الْحَجْرِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْإِضَافَةِ وَفِي كَوْنِهِ مُودَعًا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا لِلْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ لِلْحَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ دُونَ غَيْرِهِمْ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْتُوهُ لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فَأَذِنَ لَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَذِنَ لِلْمَعْتُوهِ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي التِّجَارَةِ ابْنُهُ كَانَ بَاطِلًا وَعَلَى هَذَا لَوْ أَذِنَ لَهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ وَاحِدٌ مِنْ أَقْرِبَائِهِ سِوَى الْأَبِ وَالْجَدِّ فَإِذْنُهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي الصَّبِيِّ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَصِحُّ الْإِذْنُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَا يَصِحُّ الْإِذْنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَهَذَا إذَا بَلَغَ مَعْتُوهًا فَأَمَّا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ عَتِهَ فَأَذِنَ لَهُ الْأَبُ فِي التِّجَارَةِ هَلْ يَصِحُّ إذْنُهُ؟ كَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيّ يَقُولُ: يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ يَقُولُ: يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ، وَلَوْ عَتِهَ الْأَبُ أَوْ جُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلِابْنِ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لَا غَيْرَ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَكُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ وَالتِّجَارَةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَلَهُ وِلَايَةُ إذْنِهِ فِي التِّجَارَةِ، كَذَلِكَ لَهُ وِلَايَةُ إذْنِ عَبْدِ الصَّغِيرِ إذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ جَائِزٌ، كَذَا وَصِيُّ الْأَبِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ وَالْجَدِّ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ إذَا أَذِنَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ يَصِحُّ إذْنُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إذْنُ الْجَدِّ، كَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ وَصِيُّ الْأَبِ لَا يَصِحُّ إذْنُ الْجَدِّ، وَهَذَا عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمُغْنِي.
إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الْيَتِيمِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ وَصِيُّ الْأَبِ جَازَ إذْنُ الْقَاضِي كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَتَى صَحَّ إذْنُ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي، وَلَحِقَ الْعَبْدَ دَيْنٌ يُبَاعُ رَقَبَتُهُ فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ عِنْدَنَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مَاتَتْ، وَأَوْصَتْ إلَى رَجُلٍ وَتَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا لَيْسَ لَهُ أَبٌ، وَلَا وَصِيُّ الْأَبِ، وَلَا جَدٌّ وَتَرَكَتْ أَمْوَالًا مِيرَاثًا لِهَذَا الصَّغِيرِ فَأَذِنَ الْوَصِيُّ لِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ الَّذِينَ وَرِثَهُمْ مِنْ الْأُمِّ لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ قَالَ الْقَاضِي لِلْعَبْدِ: اتَّجِرْ فِي الطَّعَامِ خَاصَّةً فَاتَّجَرَ فِي غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى بَالِغًا فَقَالَ لِعَبْدِهِ: اتَّجِرْ فِي الْبَزِّ خَاصَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي جَمِيعِ التِّجَارَاتِ فَكَذَلِكَ إذَا أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْقَاضِي: اتَّجِرْ فِي الْبَزِّ خَاصَّةً، وَلَا تَعْدُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنِّي قَدْ حَجَرْت عَلَيْك أَنْ تَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَاتِ، وَقَوْلُ الْقَاضِي ذَلِكَ بَاطِلٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدَ هَذَا تَصَرَّفَ فَلَحِقَهُ بِذَلِكَ دُيُونٌ مِنْ التِّجَارَةِ الَّتِي أَذِنَ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَمِنْ التِّجَارَةِ الَّتِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ، وَخَاصَمَ أَرْبَابَ الدُّيُونِ إلَى الْقَاضِي فَأَبْطَلَ دُيُونَ الْغُرَمَاءِ الَّتِي لَحِقَتْهُ مِنْ تِجَارَةٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ، وَلَوْ رُفِعَ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى قَاضٍ آخَرُ لَا يَكُونُ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَ قَضَاءَهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُجْتَهِدَاتِ، كَذَلِكَ لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ تَصَرُّفَاتِهِ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا، وَأَثْبَتَ دُيُونَ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ، وَلَا يَكُونُ لِقَاضٍ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُبْطِلَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي أَذِنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ عُزِلَ الْقَاضِي كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ عَلَى إذْنِهِمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ جَدٌّ أَبُو الْأَبِ فَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَذِنَ لَهُ، وَأَبَى أَبُوهُ فَإِذْنُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي مُؤَخَّرَةً عَنْ وِلَايَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَحَجْرُهُمَا عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ فِي حَيَاةِ الْقَاضِي كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي أَوْ عُزِلَ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَحَجْرُهُ بَاطِلٌ، كَذَلِكَ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ، إنَّمَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ إلَى الْقَاضِي الَّذِي يَسْتَقْضِي بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ عَزْلِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ وَالْوَصِيُّ كَارِهٌ جَازَ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إذَا أَذِنَ الْقَاضِي لِعَبْدِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَأَبُوهُ حَيٌّ كَارِهٌ جَازَ ذَلِكَ هَكَذَا فِي الْمُغْنِي.
وَفِي مَأْذُونِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي إذَا رَأَى الصَّغِيرَ أَوْ الْمَعْتُوهَ أَوْ عَبْدَ الصَّغِيرِ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ: وَالصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ آجَرَ وَاسْتَأْجَرَ يُوقَفُ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ إنْ رَأَى النَّفْعَ فِي الْإِجَازَةِ أَجَازَهُ، وَإِنْ رَأَى النَّفْعَ فِي النَّقْضِ نَقَضَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ صَغِيرٌ أَوْ مَعْتُوهٌ إلَّا أَنَّهُ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ أَوْ أَذِنَ لَهُ وَصِيُّهُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ أَقَرَّ عَلَى أَحَدِهِمَا بِدَيْنٍ أَوْ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فِي يَدِهِ أَوْ مُضَارَبَةٍ فِي يَدِهِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ جِنَايَةٍ فَإِنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ لَا يُصَدَّقَانِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَذَّبَهُمَا الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى عَبْدِهِ بِالدَّيْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ كَذَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ أَقَرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لِهَذَا الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ إمَّا بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْجِنَايَةِ كَانَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَقَرَّ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ عَلَى عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ كَانَ إقْرَارُهُ جَائِزًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ صَحَّ حَجْرُهُ إذَا كَانَ الْحَجْرُ مِثْلَ الْإِذْنِ، كَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ يَصِحُّ حَجْرُهُ، كَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا أَذِنَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِلْمَعْتُوهِ أَوْ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ يَصِحُّ حَجْرُهُ إذَا كَانَ الْحَجْرُ مِثْلَ الْإِذْنِ، إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ صَغِيرٌ كَانَ مَوْتُهُ حَجْرًا لَهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِعَبْدِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فَمَوْتُهُ حَجْرٌ عَلَيْهِ، إذَا أَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ، وَوَرِثَهُ الْأَبُ فَهَذَا حَجْرٌ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ مِنْ الِابْنِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَذِنَ الْأَبُ لِعَبْدِ ابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ فَأَدْرَكَ الِابْنُ فَهُوَ عَلَى إذْنِهِ، كَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ إذَا أَفَاقَ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ مَاتَ الْأَبُ بَعْدَ إدْرَاكِ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةِ الْمَعْتُوهِ كَانَ الْعَبْدُ عَلَى إذْنِهِ.
إذَا ارْتَدَّ الْأَبُ بَعْدَمَا أَذِنَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَحَجْرُهُ جَائِزٌ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَذَلِكَ حَجْرٌ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ مَاتَ وَابْنُهُ صَغِيرٌ، وَلَوْ أَذِنَ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ رِدَّتِهِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، وَلَحِقَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَجَمِيعُ مَا صَنَعَ الِابْنُ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ الِابْنُ مِنْ ذَلِكَ بَاطِلًا، وَهَذَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَالذِّمِّيُّ فِي إذْنِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ الْمَعْتُوهِ فِي التِّجَارَةِ، وَهُوَ عَلَى دِينِهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أُمِّهِ أَوْ بِإِسْلَامِ نَفْسِهِ بِأَنْ عَقَلَ فَأَسْلَمَ كَانَ إذْنُ الْأَبِ الذِّمِّيِّ لَهُ بَاطِلًا فَإِنْ أَسْلَمَ الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ الْإِذْنُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.