فصل: كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ:

(سُئِلَ) فِي غِرَاسِ بُسْتَانٍ جَارٍ ثُلُثُهُ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ فَعَمِلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي الثُّلُثِ الْمَزْبُورِ حَتَّى أَثْمَرَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ نَظِيرَ عَمَلِهِ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فَهَلْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ فَلِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الْمِنَحِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. اهـ.
وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَرَةِ فَلِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ وَمُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ جَرَى عَقْدُ مُسَاقَاةٍ أَوْ إجَارَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُرَكَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ.
(سُئِلَ) فِي غِرَاسِ كَرْمٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ عَلَى هِنْدٍ النَّاظِرَةِ عَلَيْهِ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ آخَرَ فَدَفَعَتْهُ لِزَيْدٍ مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ كَذَا بِسَهْمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لَهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَظٌّ وَلَا مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ بَلْ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ وَأَفَادَ فَسَادَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهِ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى غِرَاسٍ مُتَنَوِّعٍ مِنْ جُمْلَتِهِ غِرَاسُ تُوتٍ لَا يُنْتَفَعُ بِسِوَى وَرَقِهِ لِأَجْلِ طَعَامِ الدُّودِ جَارٍ ثُلُثُ جَمِيعِ الْغِرَاسِ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَثُلُثَاهُ مَعَ جَمِيعِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ وَمُسَاقَاةِ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَقَطَعَ زَيْدٌ قُضْبَانَ التُّوتِ وَأَخَذَ وَرَقَهَا وَأَطْعَمَهُ لِدُودِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْقُضْبَانِ وَيَتَصَرَّفَ بِهَا لِنَفْسِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ لِكَوْنِ شَجَرِهَا فِي مُسَاقَاتِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْقُضْبَانُ لَهُ وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْحِصَصِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ دَفْعُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَالْقُضْبَانُ لَيْسَتْ بِثَمَرَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْغَزِّيُّ. (أَقُولُ) الْمُرَادُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَتَنَاوَلُ الرَّطْبَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَعُمُّ الْمُثْمِرَ وَغَيْرَهُ كَالْحَوَرِ وَالصَّفْصَافِ، وَإِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ أَرَهُ فَقَدْ رَأَيْتُهُ مَنْقُولًا فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْحَوَرِ مُعَامَلَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَا يَجُوزُ. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا مُعَامَلَةُ الْغَيْطَةِ لِأَجْلِ السَّعَفِ وَالْحَطَبِ جَائِزَةٌ كَمُعَامَلَةِ أَشْجَارِ الْخِلَافِ. اهـ.
وَالْخِلَافُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ ضِدُّ الْوِفَاقِ وَنَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّجَرِ لَكِنْ هَذَا حَيْثُ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَهَا كَالثَّمَرِ أَوْ الْوَرَقِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الشَّجَرَةِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْسِرَ شَيْئًا مِنْ الْأَغْصَانِ وَالْقُضْبَانِ وَالدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمَقْطُوعَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَشْجَارِ الْمَالِكِ وَلَا يُطْعِمُ الضَّعِيفَ مِنْ الثَّمَرِ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. اهـ.
فَفِي مَسْأَلَتِنَا حَيْثُ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَشْجَارِ التُّوتِ لِأَجْلِ الْوَرَقِ لَا يَحِلُّ لَهُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ الْقُضْبَانِ لِكَوْنِهَا مِلْكًا لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ وَعَدَمِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَافْهَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ بِتَمَامِهِ أَرْضًا وَغِرَاسًا فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ مِنْ النَّاظِرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَرَتِهِ لِزَيْدٍ وَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى الشَّجَرِ وَقَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَرَزَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ بِعَمَلِهِ بِدُونِ بَاقِيهَا وَيُرِيدُ أَخْذَ مَا سَيَبْرُزُ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا بِعَمَلِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَعْمَلْ عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ الْأَخْذُ مِمَّا بَرَزَ بِعَمَلِهِ فَقَطْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى غِرَاسِ زَيْتُونٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِهِمَا جَارٍ فِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْغِرَاسِ لِزَيْدٍ فَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى أَثْمَرَ أَكْثَرُهُ فِي الْمُدَّةِ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُثْمِرْ فِيهَا شَجَرُ الزَّيْتُونِ وَلَا عَقَدَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَبْرُزْ حَتَّى مَضَى نَحْوُ شَهْرٍ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ شَيْءٌ فِيمَا لَمْ يَبْرُزْ فِي الْمُدَّةِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَطَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا قَدْ تَبْلُغُ الثَّمَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ، فَإِنْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ. اهـ.
(أَقُولُ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ هَذَا وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مِمَّا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ فِي الْمُدَّةِ شَيْءٌ قَلِيلٌ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ أَنْ تَفْسُدَ، وَإِنْ تَتَابَعَ خُرُوجُهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وَهَذَا مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمِلَ زَيْدٌ الْمَسَاقِيَ عَلَى غِرَاسِ الْوَقْفِ حَتَّى أَثْمَرَ شَجَرُ الزَّيْتُونِ فِي آخِرِ الْمُدَّةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ يُنْكِرُ خُرُوجَ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّهُ أَثْمَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الشَّرْطِ؟
(الْجَوَابُ): إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَعَلَى الشَّرْطِ الْمُسَمَّى لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَرَاضِي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ فِي الْأَرَاضِي فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّوَاجُرِ وَالْمُسَاقَاةِ ثُمَّ بَرَزَتْ الثَّمَرَةُ وَعَقَدَتْ فَهَلْ تَقَعُ الثَّمَرَةُ لِلْوَقْفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(أَقُولُ) لَكِنْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ كَانَ عَمِلَ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَالثَّمَرُ نِيءٌ فَهَلْ يُتْرَكُ عَلَى الشَّجَرِ بِلَا أَجْرٍ حَتَّى يُدْرِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمِلَ الْمَسَاقِيَ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ، وَالثَّمَرُ نِيءٌ وَتُرِيدُ الْوَرَثَةُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْحِصَّةَ الْمَشْرُوطَةَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ صَاحِبُ الْأَرْضِ دُرَرٌ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرَزَتْ ثَمَرَةُ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا قُبَيْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ بِعَمَلِ الْعَامِلِ وَيُرِيدُ مَالِكُ الْأَشْجَارِ أَخْذَهَا كُلِّهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَالْخَارِجُ بُسْرٌ أَخْضَرُ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِلَا أَجْرٍ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا أَيْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ إنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ يَعْمَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَمْرِ بِالْجِذَاذِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ إضْرَارًا بِهِمَا وَالضَّرَرُ مَدْفُوعٌ كَمَا مَرَّ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ أَرْضَ بُسْتَانِهِ الْجَارِيَةَ فِي مِلْكِهِ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى غِرَاسِهِ الْقَائِمِ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى الْغِرَاسِ وَقْتَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ ثَمَرَةٌ مُدْرِكَةٌ قَدْ انْتَهَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمْرٌو فِيهَا شَيْئًا وَتَصَرَّفَ عَمْرٌو بِالثَّمَرَةِ الْمَزْبُورَةِ لِنَفْسِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ فِي الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ حَيْثُ انْقَطَعَ الْمِثْلُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْمُسَاقَاةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟
(الْجَوَابُ): إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُدْرِكَةً أَيْ قَدْ انْتَهَتْ لَا تَصِحُّ كَالْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ قَبْلَ التَّنَاهِي لِلْحَاجَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مِثْلِهِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا عَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الزَّرْعَ وَهُوَ بَقْلٌ جَازَ، فَإِنْ اسْتَحْصَدَ وَأَدْرَكَ لَمْ يَجُزْ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَالْمُزَارَعَةِ وَالْأَصْلُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَتَى عُقِدَتْ عَلَى مَا هُوَ فِي حَدِّ النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ صَحَّتْ، وَإِنْ عُقِدَتْ عَلَى مَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَزِيدُ فِي نَفْسِهِ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَثْمَارِ عَنْ حَدِّ الزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ. اهـ.
وَمِثْلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ أَرْضَ بُسْتَانٍ مِنْ آخَرَ لِلزِّرَاعَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بَعْدَمَا سَاقَاهُمَا عَلَى أَشْجَارِهِ الْقَائِمَةِ بِهَا إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَمْ لَا؟
(الْجَوَابُ): إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ عَنْهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ: إذَا فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْأَشْجَارُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسَاقِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ إلَّا بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ خَائِنًا فِي الثَّمَرَةِ. اهـ.
وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي نَهْجِ النَّجَاةِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ ضِمْنَ سُؤَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ نَصَّ أَنَّهُ إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ. اهـ.
بَقِيَ إذَا فُسِخَتْ الْمُسَاقَاةُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِغَيْرِ رَبِّ الْغِرَاسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. (أَقُولُ) وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فَارِغَةً غَيْرَ مَشْغُولَةٍ بِمِلْكِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَلِذَا كَانَ تَقْدِيمُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْغِرَاسِ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا كَانَ الْغِرَاسُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ فَيَصِحُّ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرٍ أَصْلًا فَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ السَّابِقَةِ بَقِيَ أَنَّ انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا ظَهَرَ فَسَادُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ أَصْلِهِ لِمَا قُلْنَا أَمَّا لَوْ كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ كَمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ الثَّمَرَةُ فِي مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ تَقَايَلَا عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ.
مِنْهَا أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ ابْتِدَاءً لَا تَصِحُّ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ آجَرَ أَرْضَ كَرْمِهِ لِآخَرَ بَعْدَ مَا تَسَاقَيَا عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) إنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ لَكِنَّهُ يَبْقَى حُكْمًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ بَلْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَبَطَلَ هُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاسْتِحْسَانَ بَقَاؤُهُ حُكْمًا لَا يُنَافِي تَصْرِيحَ الْمُتُونِ بِالْبُطْلَانِ بِالْمَوْتِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى بَعْدَ تَصْرِيحِهِمَا بِالْبُطْلَانِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ تَقُومُ وَرَثَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ الدَّافِعُ، وَإِنْ مَاتَ الدَّافِعُ يَقُومُ الْعَامِلُ كَمَا كَانَ، وَإِنْ كَرِهَ وَرَثَةُ الدَّافِعِ. اهـ.
فَقَدْ جَعَلُوا حُكْمَ الْعَقْدِ بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَطَلَ وَنَظِيرُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ يَبْقَى حُكْمُ الْإِجَارَةِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِالْمَوْتِ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ بِمَا إذَا كَانَ الْمَوْتُ فِي حَالِ كَوْنِ الثَّمَرِ نِيئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَمَا نَضِجَ فَقَدْ انْتَهَى الْعَقْدُ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ بُرُوزِهَا وَكَانَ قَدْ عَمِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ أَوْ كُلَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا لَا حُكْمًا وَلَا دِيَانَةً، وَإِنْ قَالُوا فِي الْمُزَارَعَةِ لَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا وَقَدْ كَرَبَ الْعَامِلُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِكِرَابِهِ حُكْمًا إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً فَيُفْتَى بِأَنْ يُوَفِّيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِغَرَرِهِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا شَيْءَ لَهُ هُنَا؛
لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ بِالْمَوْتِ وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَذْرِ بَطَلَتْ وَلَا شَيْءَ لِكِرَابِهِ. اهـ.
وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ كَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالِامْتِنَاعِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بِدُونِ اخْتِيَارٍ. اهـ.
وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَالسَّنَةُ الْأُولَى قَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي السِّنِينَ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ فِيهَا أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَلِلْمُزَارِعِ أَنْ يَعْمَلَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ فَيُقْسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ رَبِّهَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِلْأَرْضِ وَيَنْتَقِضُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَارَعَةِ لَكِنْ الْمُسَاقَاةُ أُخْتُهَا وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا وَكَذَا شُرُوطًا تُمْكِنُ هُنَا. اهـ.
فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفِيدَ.
(سُئِلَ) فِي غِرَاسٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ وَغَيْرِهِمَا قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِنْدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهِ فَسَاقَى زَيْدٌ عَلَى حِصَّتِهِ شَرِيكَهُ عَمْرًا الْمَرْقُومَ بِجُزْءٍ مِنْهَا فَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَلَا أَجْرَ لِعَمْرٍو وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَوْ دَفَعَ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ إلَى شَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ وَلَا أَجْرَ لَهُ إنْ عَمِلَ وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ شَرِيكِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَا يَصِحُّ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِنَفْسِهِ. اهـ.
وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ جَوَازِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ. (أَقُولُ) وَصَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ أَيْضًا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ كَمَا ذَكَرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَتَبْتُ فِيهِ مَا صُورَتُهُ قَيَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ وَبَذْرٍ مِنْهُمَا تَصِحُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ رَاجِحٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرِكَةِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِالْعَكْسِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا غِرَاسِ كَرْمِ عِنَبٍ فَسَاقَى عَلَيْهِ عَمْرًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَعَمْرٌو غَيْرُ شَرِيكٍ فِي غِرَاسِ الْكَرْمِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُعَلَّلًا مَنْقُولًا عَنْ الْغَزِّيِّ. (أَقُولُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَفَقُّهَاتِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ التُّمُرْتَاشِيِّ ذَكَرَهَا فِي فَتَاوَاهُ بَحْثًا حَيْثُ سُئِلَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ بَعْضَ كَرْمِهِ مَشَاعًا مُسَاقَاةً فَهَلْ يَصِحُّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْفَتْوَى فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُجِيزَانِ إجَارَةَ الْمَشَاعِ وَالْمُسَاقَاةُ كَذَلِكَ. اهـ.
وَوَقَعَ نَظِيرُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ فَقَالَ لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ هَلْ يَصِحُّ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي الْمَشَاعِ عِنْدَهُمَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَذْهَبُهُمَا فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَشَاعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُؤَلِّفَ يَعْنِي التُّمُرْتَاشِيَّ أَجَابَ بِأَنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَفَقَّهْتُ بِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. اهـ.
كَلَامُ الرَّمْلِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِي الْغِرَاسِ لَا تَصِحُّ أَمَّا مُسَاقَاتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَتَصِحُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغِرَاسُ كُلُّهُ لِوَاحِدٍ فَسَاقَى آخَرَ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُ شَائِعٍ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ تَصِحُّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَكَذَا مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ قَوْلُهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ مِنْ الشَّرِيكِ تَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَوْ صَحَّتْ مَعَهُ لَزِمَ مِنْهُ اسْتِئْجَارُ الشَّرِيكِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِئْجَارُ الْعَامِلِ عَلَى حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُسَاقِي وَالْعَامِلِ يَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بَلْ تَبْقَى الثَّمَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا هَذَا وَقَدْ بَحَثْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بَحْثًا مُفِيدًا فِيمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَفَقُّهًا وَنَصُّهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا لَكِنْ الْإِجَارَةُ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ أَجِيرٌ لِرَبِّ الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ وَلَا شُيُوعَ فِي الْعَامِلِ بَلْ الشُّيُوعُ فِي الْأُجْرَةِ فَلَمْ تُوجَدْ هُنَا إجَارَةُ الْمَشَاعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَتَدَبَّرْ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ مَا نَصُّهُ إذَا دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ. اهـ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ كُلَّهُ لِلدَّافِعِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْأَوْلَى بَلْ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ مُشْتَرَكٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ وَثَبَتَ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْمَشَاعِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَاقِي شَرِيكًا أَوْ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ مَعَ الشُّيُوعِ وَلِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الشَّرِيكِ لِلْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَمَا عَلَّلَا بِهِ مَعْلُولٌ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمُعْضِلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
(سُئِلَ) فِي حِصَصٍ مِنْ بَسَاتِينَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ مَعَ غِرَاسِهَا فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ مِنْ نَاظِرِ وَقْفِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْهَا وَبِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَظِيرَ الْعَمَلِ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً شَرْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ أَجَّرَ زَيْدٌ الْمَأْجُورَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ وَتَسَاقَيَا عَلَى حِصَّةِ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ كَالْأُولَى وَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى الْغِرَاسِ حَتَّى أَثْمَرَ بِعَمَلِهِ فِي سَنَةٍ حَتَّى انْقَضَتْ وَمَاتَ عَمْرٌو وَلَمْ يَعْمَلْ زَيْدٌ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ فَلِمَنْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ عَمَلِ عَمْرٍو؟
(الْجَوَابُ): تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ أَنْ يُسَاقِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا قَالَ فِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَمَا لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ وَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لَهُ لَيْسَ يُنْكَرُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ دَفَعَ إلَيْهِ مُعَامَلَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ إلَى آخَرَ فَالْخَارِجُ لِمَالِكِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. اهـ.
(أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إذْ هُوَ إيجَابُ الشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَعَمَلُ الثَّانِي غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الثَّانِي بِلَا عَمَلِهِ وَهُوَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِ الْأَخِيرِ فِي أَمْرٍ يُخَالِفُ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الْعَامِلُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ فَلِرَبِّ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ.
وَلِلْأَخِيرِ إنْ ضَمَّنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ.
وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَنَقَلَهُ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ خَفِيَ عَلَى كَثِيرِينَ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ جَارِيَةٍ الْأَرْضُ فِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَالْغِرَاسُ فِي مُسَاقَاتِهِ وَمَأْذُونٌ لَهُ مِنْ قِبَلِ نَاظِرِهَا بِأَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ فَآجَرَ مَا فِي تَوَاجُرِهِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَسَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ حَسْبَمَا هُوَ مَأْذُونٌ لَهُ بِأَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً شَرْعِيَّتَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ صَحِيحَتَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بُسْتَانٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَشْجَارِ زَيْتُونٍ وَغَيْرِهِ فَسَاقَى عَمْرًا عَلَى نِصْفِ غِرَاسِهِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ صَحِيحَةً؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ آنِفًا عَلَى مُسَاقَاةِ الْمَشَاعِ.
(سُئِلَ) فِي مُسَنَّاةٍ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ أَصْحَابِ الْأَرْضَيْنِ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ بَيِّنَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ فَظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَفِيهَا مِنْ فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ بِنَهْرٍ بَيْنَهُمَا ادَّعَيَا أَشْجَارَهُ النَّابِتَةَ فِي ضِفَّتِهِ إنْ عُلِمَ الْغَارِسُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا إنْ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْمَالِكِ، وَإِنْ فِي مُشْتَرَكٍ فَبَيْنَهُمَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاقَى زَيْدٌ عَمْرًا عَلَى غِرَاسِهِ الْمَعْلُومِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ مَعْلُومَةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَادَّعَى عَمْرٌو حِصَّةً مَعْلُومَةً فِي بَعْضِ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى عَمْرٍو الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ وَالْكَازَرُونِيُّ وَصُورَةُ ذَلِكَ الْجَوَابِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْغَيْطِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْفُصُولِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي جُنَيْنَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى غِرَاسٍ جَارٍ مَعَ أَرْضِهَا فِي مِلْكِ هِنْدٍ فَآجَرَتْ نِصْفَهَا مِنْ زَيْدٍ وَنِصْفَهَا مِنْ عَمْرٍو وَسَاقَتْهُمَا عَلَى الْغِرَاسِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حَاكِمٌ ثُمَّ آجَرَ زَيْدٌ نِصْفَهُ مِنْ بَكْرٍ وَسَاقَاهُ عَلَى نِصْفِ الْغِرَاسِ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ هِنْدٌ بِذَلِكَ وَاسْتَوْفَى بَكْرٌ مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَعَمِلَ عَلَى نِصْفِ الشَّجَرِ وَاسْتَغَلَّ ثَمَرَتَهُ لِنَفْسِهِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ إجَارَةِ بَكْرٍ وَمُسَاقَاتِهِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَالثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ عَمَلِ بَكْرٍ لِهِنْدٍ وَعَلَيْهَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ لَهَا أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُسَاقَاةَ الْمَشَاعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِي مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ أُجْرَةَ الْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَأُجْرَةُ بَكْرٍ هُنَا عَلَى عَمْرٍو لَا عَلَى هِنْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَقْدٌ حَتَّى يَلْزَمَهَا الْأُجْرَةُ عِنْدَ فَسَادِهِ، وَإِنَّمَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا أُجْرَةً أَيْضًا فَتَدَبَّرْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ النَّاظِرُ بَعْدَ عَقْدِهِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً عَلَى أَشْجَارِ الْوَقْفِ مَعَ زَيْدٍ فَهَلْ لَا تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي كَرْمِ عِنَبٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجُرِ جَمَاعَةٍ وَمُسَاقَاتِهِمْ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَتَرَكَ الْجَمَاعَةُ الْعَمَلَ عَلَى غِرَاسِ الْكَرْمِ فِي سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَلَمْ يَعْمَلُوا عَلَيْهِ أَصْلًا حَتَّى أَثْمَرَ لَا بِعَمَلِهِمْ فَهَلْ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلُوا أَصْلًا كَمَا ذُكِرَ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْمَزْبُورَةُ كُلُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ دُونَهُمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ مَا يَشْمَلُ الْحِفْظَ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ دَفَعَ الْكَرْمَ مُعَامَلَةً وَفِيهِ أَشْجَارٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ يَذْهَبُ ثَمَرُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ وَالْحِفْظُ زِيَادَةٌ فِي الثِّمَارِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا يَذْهَبُ ثَمَرُهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْجَوْزِ مُعَامَلَةً وَلِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ مَعْلُومَةٌ فَدَفَعَهَا لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا مَا أَحَبَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ذَكَرَهَا وَأَنْ يَكُونَ مَا سَيَغْرِسُهُ النِّصْفُ مِنْهُ لِزَيْدٍ تَابِعٌ لِأَرْضِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِعَمْرٍو نَظِيرَ غَرْسِهِ فَغَرَسَ عَمْرٌو فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا فِي الْمُدَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِذْنُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا وَيَسْتَحِقُّ عَمْرٌو النِّصْفَ الْمَزْبُورَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي مُزَارَعَةِ الْخَيْرِيَّةِ وَضَرْبُ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ شَرْطٌ لَهَا فَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْغِرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا جَازَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَصْرِيحُهُمْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا بِعَدَمِهِ إلَخْ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمُغَارَسَةِ فِي مُسَاقَاةِ الدُّرَرِ والقهستاني وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الْخَانِيَّةِ. (أَقُولُ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ يُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ وَيَمْلِكُهَا، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهَا. اهـ.
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِزَيْدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا مُتَنَوِّعًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثُ وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ الثُّلُثَانِ وَلَمْ يُعَيِّنَا لِذَلِكَ مُدَّةً فَغَرَسَ زَيْدٌ فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا مُتَنَوِّعًا وَعَمِلَ عَلَيْهِ عِدَّةَ سِنِينَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُعَامَلَةً فَاسِدَةً وَالْغِرَاسُ لِلْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ قِيمَةُ الْغِرَاسِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ شَرْعًا وَالشَّجَرُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَارِسِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ غَرْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ. اهـ.
وَلِلشَّيْخِ أَيْضًا فَتْوَى مُفَصَّلَةٌ بِخُصُوصِ أَرْضِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهَا، فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ. (أَقُولُ) وَقَدْ حَقَّقَ الْمَسْأَلَةَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ أَيْضًا وَقَالَ، وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ الْغَرْسِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ فَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِ بَعْضِ الْأَرْضِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِفَسَادِهَا بِعَدَمِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِإِدْرَاكِهَا مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ كَمَا لَوْ دَفَعَ غِرَاسًا لَمْ تَبْلُغْ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا إلَخْ. اهـ.
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَصْرِيحَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ فِي الْمُغَارَسَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ شَرْطٌ فَتَفْسُدُ بِدُونِهِ وَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْبُرْهَانِ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، فَإِنْ قُلْتَ: إنَّ مَسْأَلَةَ الْمُغَارَسَةِ ذَكَرُوهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْهَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بِأَنَّ بَيَانَ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمُسَاقَاةِ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرٍ يَخْرُجُ قُلْتُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ كَالرَّطْبَةِ مِمَّا لِإِدْرَاكِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ.
وَلِذَا عَلَّلَ الْعَلَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ بِقَوْلِهِ لِلْعِلْمِ بِوَقْتِهِ عَادَةٌ. اهـ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ لَمْ تَبْلُغْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا فَمَا خَرَجَ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفْسُدُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ أَعْوَامًا مَعْلُومَةً. اهـ.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ شَرْطٌ وَعَدَمُهُ مُفْسِدٌ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ إذَا بَلَغَتْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ يُعْلَمُ فِي الْعَادَةِ وَقْتُ خُرُوجِ ثَمَرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لِلْعِلْمِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا تُثْمِرُ فِي هَذَا الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ بِعَامٍ آخَرَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ فِيهَا شَرْطًا بِالْأَوْلَى فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا فَهِمَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا وَيُؤَيِّدُ أَيْضًا مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ دَفَعَ إلَى ابْنٍ لَهُ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَمْ يُوَقِّتَا لَهُ وَقْتًا فَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ سِوَاهُ فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُكَلِّفُوهُ قَلْعَ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا لِيَقْسِمُوا الْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قُسِمَتْ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كُلِّفَ قَلْعَهُ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَصْطَلِحُوا، وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ يُؤْمَرُ الْغَارِسُ بِقَلْعِ الْكُلِّ مَا لَمْ يَصْطَلِحُوا. اهـ.
فَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ شَرْطًا إذْ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْغِرَاسُ مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَا نِصْفُهُ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَا يُكَلَّفُ بِقَلْعِ الْكُلِّ بَلْ يُكَلَّفُ بِقَلْعِ نَصِيبِهِ فَقَطْ فَافْهَمْ.
لَكِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تُفِيدُ أَنَّ الْمُغَارَسَةَ حَيْثُ فَسَدَتْ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ لَا لِلدَّافِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ قُلْتَ قَدْ قَاسَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ بِاشْتِرَاطِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَهِيَ مَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ لَوْ دَفَعَ أَرْضًا بَيْضَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَغْرِسَ وَتَكُونُ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا لَا تَصِحُّ وَالثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ غَرْسِهِ يَوْمَ الْغَرْسِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ. اهـ.
فَقَدْ جَعَلُوا الْغِرَاسَ هُنَا لِرَبِّ الْأَرْضِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قُلْتُ قَدْ عَلَّلُوا الْفَسَادَ هُنَا بِأَوْجُهٍ مِنْهَا مَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ قَدْ صَارَ الْعَامِلُ مُشْتَرِيًا نِصْفَ الْأَرْضِ بِالْغِرَاسِ الْمَجْهُولِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ، فَإِذَا زَرَعَهُ فِي الْأَرْضِ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا فَكَأَنَّ صَاحِبَهَا فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ قَابِضًا وَمُسْتَهْلِكًا بِالْعُلُوقِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَأَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ.
أَمَّا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لَا لِاشْتِرَاطِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ مُشْتَرِيًا بَلْ هُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَصَارَ نَظِيرَ الْمُزَارَعَةِ إذَا أَخَذَ الْعَامِلُ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَكَانَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فَاسِدًا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْخَارِجَ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبَذْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ قَدْ جُعِلَتْ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُغَارَسَةِ أَشْبَهُ بِالْمُزَارَعَةِ مِنْهَا بِالْمُسَاقَاةِ وَكَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الثَّمَرِ عِنْدَ بُلُوغِ الْغِرَاسِ الْإِثْمَارَ تَأَمَّلْ وَحَيْثُ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ.
هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ فِي أَرْضِ زَيْدٍ بِغِرَاسٍ مِنْ زَيْدٍ بِأَمْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِزَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي جَامِعِ الْفِقْهِ لِلْعَتَّابِيِّ الْأَكَّارُ إذَا غَرَسَ فِي أَرْضِ الدَّافِعِ بِأَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلدَّافِعِ فَالْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ وَقَدْ قَالَ لَهُ: اغْرِسْهَا لِي فَكَذَلِكَ وَلِلْأَكَّارِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْغِرَاسِ، وَإِنْ قَالَ اغْرِسْهَا وَلَمْ يَقُلْ لِي فَغَرَسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ فَهُوَ لِلْغَارِسِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ الرَّبِيعِ وَلَوْ قَالَ اغْرِسْهَا عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ وَالثِّمَارَ بَيْنَنَا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَوْ قَالَ الْأَكَّارُ كَانَتْ غِرَاسِي وَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ كَانَتْ غِرَاسِي غَرَسْتَهَا بِأَمْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي مِلْكِيَّةِ الْغِرَاسِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْغَارِسِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ غَرَسَ عَلَى حَافَّةِ نَهْرِ قَرْيَةٍ تَالَةً فَطَلَعَتْ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِ رَجُلٍ أَوْ خَادِمٌ لَهُ فَقَالَ الشَّجَرَةُ لِي؛ لِأَنَّكَ فِي عِيَالِي وَخَادِمِي، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَةُ لِلْغَارِسِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلرَّجُلِ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِهِ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلَ فَالشَّجَرَةُ لِصَاحِبِ التَّالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِغَارِسِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَةِ لِرَبِّهَا إذْ يَمْلِكُهَا بِالْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ قَلَعَ تَالَةَ إنْسَانٍ وَغَرَسَهَا وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَلَعَهَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 34.
سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا وَجَعَلَ لِعَمْرٍو حِصَّةً فِيمَا يَغْرِسُهُ وَلَمْ يَغْرِسْ عَمْرٌو فِيهَا شَيْئًا بَعْدُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَالْوَكَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْعَارِيَّةِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ الْإِذْنُ فِي عِبَارَةِ الْمُخْتَصَرِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِجَازَةِ بَحْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ وَالتَّوْكِيلُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الْإِذْنُ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَالْمُغَارَسَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمُدَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَهَذَا إذَا كَانَ إذْنًا مُجَرَّدًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَقْدًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَثَلًا خُذْ أَرْضِي هَذِهِ وَاغْرِسْ فِيهَا كَذَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ مَثَلًا وَرَضِيَ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُغَارَسَةَ الْمَذْكُورَةَ إمَّا مُسَاقَاةٌ أَوْ مُزَارَعَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُزَارَعَةَ صِفَتُهَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَا بَذْرَ لَهُ فَلَا تُفْسَخُ بِلَا عُذْرٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَمَلَكَ الْفَسْخَ بِلَا عُذْرٍ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِتْلَافِ فِيهَا. اهـ.
فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هُنَا الرُّجُوعُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ لِلْعَامِلِ قَبْلَ الْغَرْسِ لَا بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا مُزَارَعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُسَاقَاةٌ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَذِنَ نَاظِرُهُ لِرَجُلٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ غِرَاسًا عَلَى حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ قَبْلَ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ بِهَا غِرَاسًا أَصْلًا وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَغْرِسَهَا بِمَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.