فصل: كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العقود الدرية في تنقيح الفتاوي الحامدية



.فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ زَيْدٌ سُمَّ فَأْرٍ مَخْلُوطًا بِدِبْسٍ وَمَاءٍ فِي وِعَاءٍ فِي صَحْنِ الدَّارِ لِأَجْلِ هَلَاكِ الذُّبَابِ فَأَخَذَتْ بِنْتٌ قَاصِرَةٌ الْوِعَاءَ الْمَزْبُورَ وَوَضَعَتْهُ بِالْقُرْبِ مِنْ حِصَانٍ لِزَيْدٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَمَاتَ فَقَامَ زَيْدٌ يُكَلِّفُ أُمَّ الْقَاصِرَةِ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْحِصَانِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ بَغْلَةٌ مَرْبُوطَةٌ فِي دَارِهَا فَانْفَلَتَتْ بِنَفْسِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهَا رَدُّهَا وَرَكَضَتْ فِي الطَّرِيقِ فَأَصَابَتْ امْرَأَةً نَصْرَانِيَّةً فَوَقَعَتْ عَلَى جَنْبِهَا وَتَمَرَّضَتْ مِنْ ذَلِكَ وَتُرِيدُ مِنْ صَاحِبَةِ الْبَغْلَةِ مُدَاوَاتَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ بِنَفْسِهَا وَأَصَابَتْ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لَا ضَمَانَ فِي الْكُلِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ} أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ هَدَرٌ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَادَ زَيْدٌ دَابَّتَهُ لِيَسْقِيَهَا مِنْ بِرْكَةِ مَاءٍ فِي الْبَادِيَةِ فَجَاءَ عَمْرٌو بِفَرَسِهِ لِيَسْقِيَهَا أَيْضًا مِنْ الْبِرْكَةِ مَعَ دَابَّةِ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ أَبْعِدْ فَرَسَك عَنْ دَابَّتِي فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ وَقَادَهَا بِجَنْبِ دَابَّةِ زَيْدٍ وَصَدَمَتْهَا حَالَ قَوَدِهِ لَهَا وَأَدْخَلَتْهَا بِصَدْمَتِهَا فِي مَاءِ الْبِرْكَةِ فَخُبِطَتْ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ وَقَدْ وَرِمَ بَطْنُهَا وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَةَ دَابَّةِ زَيْدٍ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ بِفَمِهَا أَوْ خَبَطَتْ بِيَدِهَا أَوْ صَدَمَتْ ثُمَّ قَالَ وَضَمِنَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ مَا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ.
(سُئِلَ) فِي رَاكِبِ فَرَسٍ ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ فِي الطَّرِيقِ رِجْلَ امْرَأَةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَرَثَةٍ تَزْعُمُ وَرَثَتُهَا أَنَّ الرَّاكِبَ يَضْمَنُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَإِنْ نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا وَهِيَ تَسِيرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا خَانِيَّةٌ مِنْ جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَيَضْمَنُ الرَّاكِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَصَابَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ بِرَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ، وَإِنْ نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا يُؤْخَذُ بِنَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ أَيْضًا خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِ بَنِي آدَمَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً وَصَاحِبُهَا مَعَهَا قَائِدًا أَوْ سَائِقًا أَوْ رَاكِبًا يَكُونُ ضَامِنًا جَمِيعَ مَا جَنَتْ إلَّا النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ أَوْ الذَّنَبِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَبَطَ زَيْدٌ حِصَانَهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهِ فِيهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَعَضَّ حِصَانَ رَجُلٍ آخَرَ وَقَتَلَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى أَنَّ {جُرْحَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ} رَبَطَ حِمَارَهُ فِي سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحِمَارِهِ وَرَبَطَهُ فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهَلَكَ إنْ فِي مَوْضِعٍ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّابِعِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِ بَنِي آدَمَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَبَطَ زَيْدٌ دَابَّتَهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهَا فِيهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَنَخَسَهَا بِعُودٍ فَنَفَحَتْهُ بِرِجْلِهَا فَقَتَلَتْهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ تَزْعُمُ أَنَّ لَهُمْ أَخْذُ الدَّابَّةِ أَوْ تَضْمِينَ صَاحِبِهَا فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّابَّةِ وَلَا بِصَاحِبِهَا ضَمَانٌ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثَوْرٌ رَبَطَهُ فِي مَحَلٍّ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهِ فَحَلَّ رَجُلٌ رِبَاطَهُ لِيُنْزِيَهُ عَلَى بَقَرَتِهِ فَوَطِئَ الثَّوْرُ عَلَى رِجْلِهِ فَكَسَرَهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَوْرٌ مِنْ عَادَتِهِ النَّطْحُ فَتَقَدَّمَ زَيْدٌ إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إنَّ ثَوْرَك نَطُوحٌ فَارْبِطْهُ وَنَهَاهُ عَنْ إرْسَالِهِ فَلَمْ يَنْتَهِ وَسَيَّرَهُ إلَى الْمَرْعَى مَعَ دَوَابِّ الْقَرِّ فَنَطَحَ بَقَرَةً زَيْدِيَّةً وَعَطَّلَهَا وَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهَا حَيْثُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ فِي الْجِنَايَاتِ وَنَصُّهُ فِي مَسْأَلَةِ نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يُؤْذِي مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَتَقَدَّمَ إلَى الرَّجُلِ جَمَاعَةٌ وَأَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَطَلَبُوا مِنْهُ مَنْعَ الْكَلْبِ عَنْ النَّاسِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَمْ يَرْبِطْهُ فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَضَّ صَبِيًّا وَتَعَلَّلَ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يُؤْذِي مَنْ يَمُرُّ بِهِ فَلِأَهْلِ الْبَلَدِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِنْ أَتْلَفَ شَيْئًا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ تَقَدَّمَ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِتْلَافِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ. اهـ.
قُلْت وَفِي شَرْحِ مُنْلَا خُسْرو لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ فَأَشْهَدَ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ فِيمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ تَلَفَ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ وَالثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْ. اهـ.
فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُتْلَفِ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى الْآدَمِيِّ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَكَلَامِ مُنْلَا خُسْرو وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنَحٌ مِنْ بَابِ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ.
(أَقُولُ) كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ مُنْلَا خُسْرو أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ.
فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إذَا أَعْقَبَهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِخِلَافِ مَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ كَكَلْبِ الْعِنَبِ فَلَا يُفِيدُ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، فَإِنَّ الْإِشْهَادَ فِيهِ مُوجِبٌ لِضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ: لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ تَلَفَ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ النَّفْسَ وَالْأَمْوَالُ تَبَعًا لَهَا إذَا لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يَهْدِمْ. اهـ.
فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْ الزَّيْلَعِيِّ وَمُنْلَا خُسْرو؛ لِأَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُفِيدٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَكَلَامُ مُنْلَا خُسْرو فِي كَلْبِ الْعِنَبِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ.
قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْقَاضِي بَدِيعٍ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ لَا فِي الْحَيَوَانِ. اهـ.
لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِالضَّمَانِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي حِصَانٍ اعْتَادَ الْكَدْمَ وَكَذَا فِي ثَوْرٍ نَطُوحٍ مُسْتَنِدًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ فِي نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ قَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الضَّمَانِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ. اهـ.
هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ.
(سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ انْفَلَتَ نَهَارًا بِنَفْسِهِ مِنْ دَارِ صَاحِبِهِ فِي غَيْبَتِهِ بِلَا صُنْعِهِ فَدَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ وَأَكَلَ لَهُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ دَابَّةٌ لِرَجُلٍ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ إرْسَالِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ بَزَّازِيَّةٌ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ وَفِي الْعُيُونِ غَنَمٌ دَخَلَتْ بُسْتَانًا فَأَفْسَدَتْهُ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الثَّوْرُ وَالْحِمَارُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَتْ الْمَوَاشِي تَرْعَى فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ زَرْعٍ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهَا أَحَدٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِلْحَدِيثِ {جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ} وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ مَعَهُ عِدَّةُ جِمَالٍ مُحَمَّلَاتٍ سَائِقُهَا فِي طَرِيقٍ عَامٍّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ سَفْحُ جَبَلٍ وَالْآخَرُ وَادٍ عَمِيقٌ فَجَاءَ زَيْدٌ بِجَمَلِهِ الْمُحَمَّلِ مِنْ طَرَفِ السَّفْحِ وَسَاقَهُ عَلَى حِذَاءِ جِمَالِ الْجَمَّالِ وَنَهَاهُ الْجَمَّالُ مِرَارًا فَلَمْ يَنْتَهِ فَصَدَمَ جَمَلًا مِنْ جِمَالِهِ وَأَوْقَعَهُ فِي الْوَادِي بِسَبَبِ سَوْقِهِ فَهَلَكَ الْجَمَلُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ يَلْزَمُ السَّائِقَ قِيمَةُ الْجَمَلِ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِرَاعٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ لِيَرْعَاهُ وَيَتَعَهَّدَهُ بِالْحِفْظِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَدَفَعَهُ الرَّاعِي إلَى عَمْرٍو بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ مَالِكِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفَارَقَهُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ نَحْوِ شَهْرٍ رَدَّهُ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ فَهَلْ يَضْمَنُ الرَّاعِي رُبْعَ قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ؛ لِأَنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ} كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلْعَلَائِيِّ.
(سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ مُشْتَرَكٍ نِصْفَيْنِ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَيْتَامٍ وَلَهُمْ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ طَلَبَ وَصِيُّهُمْ الثَّوْرَ مِنْ زَيْدٍ لِيَكُونَ عِنْدَهُ فِي نَوْبَةِ الْأَيْتَامِ فَامْتَنَعَ وَتَكَرَّرَ الطَّلَبُ وَالْمَنْعُ حَتَّى انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ تَضْمِينَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَتَرَكَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْأَيْتَامِ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي جَمَلٍ ضَرَبَهُ الرَّاعِي بِعَصًا عَمْدًا عَلَى رِجْلِهِ فَكَسَرَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ قِيمَتَهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ. (أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَيْنِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةٍ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا لِسَانُ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ وَقِيلَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ، وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنَيْنِ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَرَجُهَا كَقَطْعِهَا. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْمَأْكُولُ، فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلْأَكْلِ بَعْدَ قَطْعِ قَوَائِمِهِ فَيُخَيَّرُ مَالِكُهُ بَيْنَ تَرْكِهِ عَلَى الْقَاطِعِ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ إمْسَاكِهِ وَتَضْمِينِهِ النُّقْصَانَ قَالَ فِي غَصْبِ الْهِدَايَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ.
وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ أَيْضًا وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَيَتَرَجَّحُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ الْعُيُونِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَمَلٌ اعْتَادَ الْعَضَّ فَتَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ رَجُلٌ وَقَالَ إنَّ جَمَلَك بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَارْبِطْهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْبِطْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَسَيَّرَهُ إلَى الْمَرْعَى فَرَكِبَ عَلَى جَمَلِ الرَّجُلِ وَعَضَّهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الْآنَ تَضْمِينَ زَيْدٍ قِيمَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي جِنَايَاتِ الْخَيْرِيَّةِ بِنُقُولِهَا.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ حِمَارَ آخَرَ عَمْدًا بِحَجَرٍ عَلَى أُذُنِهِ فَهَلَكَ لِسَاعَتِهِ وَيُرِيدُ صَاحِبُهُ تَضْمِينَ الضَّارِبِ قِيمَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ جِنَايَاتِ الدَّوَابِّ.
(سُئِلَ) فِي رُعَاةِ غَنَمٍ قَادُوهَا قَرِيبًا مِنْ خِيَارِ زَيْدٍ الْقَائِمِ بِحَلْقَتِهِ فَرَعَتْهُ وَأَتْلَفَتْهُ فَهَلْ يَلْزَمُ الرُّعَاةَ قِيمَةُ مَا تَلِفَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ قَادُوهَا قَرِيبًا مِنْ خِيَارِ زَيْدٍ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْهُ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ قَالَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ وَفِي غَصْبِ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ إذَا قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْ الزَّرْعِ ضَمِنَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.

.كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ:

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ حَمَّامٌ جَارٍ فِي تَوَاجِرِهِ مِنْ مَالِكِهِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَانْقَضَّ حَائِطٌ مِنْهُ عَلَى صَغِيرٍ فِي دَاخِلِ الْحَمَّامِ قَتَلَهُ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ أَحَدٍ وَلَا صُنْعٍ فَقَامَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ يُكَلِّفُ زَيْدًا دَفْعَ دِيَةِ الصَّغِيرِ زَاعِمًا أَنَّ زَيْدًا قَالَ لِمَالِكِ الْحَمَّامِ إنْ وَقَعَ سِقْطٌ فِي الْحَمَّامِ بِسَبَبِ الْحَائِطِ يَكُنْ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَا أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ لَك مِنْ بَيْتِك وَضَمِنَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَانْهَدَمَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ضَمِنْت لَك مَا هَلَكَ مِنْ مَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ خَانِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَبِهِ مُطْلَقًا.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ لِرَجُلٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ مَالَ إلَى دَارِ الْوَقْفِ وَطَلَبَ النَّاظِرُ مِنْ الرَّجُلِ نَقْضَهُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ فِيهَا حَتَّى سَقَطَ عَلَى دَارِ الْوَقْفِ وَأَتْلَفَ مِنْهَا مُشْرِفَةً وَرُفُوفًا وَبَعْضَ دَرَجٍ فَهَلْ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بَعْدَ ثُبُوتِ الطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ النَّاظِرُ نَقْضَهُ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهُ فِيهَا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمُتُونِ مِنْ الْحَائِطِ الْمَائِلِ فِي الْجِنَايَاتِ.
(أَقُولُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الشَّرْطُ طَلَبُ النَّقْضِ مِنْهُ دُونَ الْإِشْهَادِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِشْهَادَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِهِ عِنْدَ جُحُودِهِ أَوْ جُحُودِ عَاقِلَتِهِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَالْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ حَقٍّ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً إنْ مَالَ إلَى طَرِيقِهِمْ وَوَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِ السِّكَّةِ الْخَاصَّةِ إنْ مَالَ إلَيْهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْ سُكَّانُهَا إنْ مَالَ إلَيْهَا. اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْإِشْهَادُ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ يَضُرُّهُ وُقُوعُهُ لَا مِمَّنْ لَا يَضُرُّهُ حَتَّى لَوْ مَالَ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَرَبُّ الدَّارِ هُوَ يَتَضَرَّرُ بِوُقُوعِهِ فَيَصِحُّ الْإِشْهَادُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ. اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا وَيَصِحُّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاكِنِ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ لِعَوْدِ الضَّرَرِ إلَيْهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ بِيَدِ زَيْدٍ وَفِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مَالَتْ طَبْلَةٌ عُلْوِيَّةٌ فِي الدَّارِ لِجِهَةِ سَاحَتِهَا وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ تَعْمِيرَهَا وَنَقْضَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهَا فِيهَا حَتَّى سَقَطَتْ عَلَى زَوْجَةِ عَمْرٍو فَقَتَلَتْهَا بَعْدَمَا أَخْبَرَهُ بِمَيْلِهَا وَطَالَبَهُ بِنَقْضِهَا فَلَمْ يَنْقُضْهَا فَهَلْ تَضْمَنُ دِيَةَ الزَّوْجَةِ عَاقِلَةُ زَيْدٍ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ مَالَ الْحَائِطُ وَهُوَ الطَّبْلَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَطَالَبَ عَمْرٌو الْمُسْتَأْجِرُ زَيْدًا مَالِكَهَا بِنَقْضِهَا وَتَعْمِيرِهَا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَلَمْ يَنْقُضْهَا فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهَا فِيهَا حَتَّى سَقَطَتْ وَأَتْلَفَتْ نَفْسًا هِيَ زَوْجَةُ عَمْرٍو الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ عَاقِلَةُ زَيْدٍ دِيَةَ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا فَمَالَ إلَى جِهَةِ دَارِ زَيْدٍ فَتَقَدَّمَ إلَى عَمْرٍو وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ لِيَرْفَعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّعْمِيرُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَمْ يَرْضَ عَمْرٌو بِذَلِكَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى وَقَعَ وَأَتْلَفَ لِزَيْدٍ حَائِطًا وَبَيْتًا وَمُرْتَفَقًا وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ الْحَائِطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ كَانَ مَخُوفًا وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مَعَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَهَلْ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ التَّالِفِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَمَالَ إلَى أَحَدِهِمَا فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحُمُولَةُ لِيَرْفَعَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى انْهَدَمَ وَأَضَرَّ بِصَاحِبِ الدَّارِ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ كَانَ مَخُوفًا وَأَنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مَعَهُ، فَإِذَا أَفْسَدَ شَيْئًا بِسُقُوطِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِمَادِيَّةٌ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فِي قَرْيَةٍ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ وَتَرَكَهَا وَأَمَرَهُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِطَمِّهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَرَدَّى فِيهَا جَمَلٌ وَتَلِفَ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ فِي مَالِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ حَفَرَ الْبِئْرَ الْمَذْكُورَةَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجَمَلِ لِمَالِكِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ: كَمَا تَدِي الْعَاقِلَةُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا أَوْ تُرَابًا أَوْ طِينًا مُلْتَقًى فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ، فَإِنْ تَلِفَ بِهِ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَهِيمَةٌ ضَمِنَ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ، فَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ مَاتَ وَاقِعٌ فِي بِئْرِ طَرِيقٍ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ إغْمَاءً لَا ضَمَانَ بِهِ يُفْتَى خُلَاصَةٌ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. اهـ.
احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِيِ غَيْرَ مَمَرٍّ لِلنَّاسِ فَوَقَعَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرِيقِ فِي الْكُتُبِ الطَّرِيقُ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الْمَفَاوِزِ وَالصَّحَارِيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ غَالِبًا دُونَ الصَّحَارِيِ كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ عَلَى الْقُدُورِيِّ فِي أَوَاسِطِ الدِّيَاتِ رَشَّ الْمَاءَ عَلَى طَرِيقٍ فَعَطِبَتْ بِهِ دَابَّةٌ أَوْ آدَمِيٌّ يَضْمَنُ وَقِيلَ فِي الْآدَمِيِّ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ أَمَرَ الْأَجِيرَ أَوْ السَّقَّاءَ بِالرَّشِّ فَرَشَّ فِنَاءَ دُكَّانِ الْآمِرِ ضَمِنَ الْآمِرُ دُونَ الرَّاشِّ وَالْحَارِسُ إذَا رَشَّ ضَمِنَ كَيْفَمَا كَانَ مُنْيَةُ الْمُفْتِي مِنْ مَسَائِلِ الطَّرِيقِ وَمَسْأَلَةُ رَشِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ فَصْلٍ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ بِأَحْسَنِ وَجْهٍ.
(سُئِلَ) فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ فَعَمَدَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ وَأَجْرَى مِيزَابَيْ سَطْحِهِ وَسَيَّالَتِهِ إلَى السِّكَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ جَمِيعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَخْرَجَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ جَرْضًا أَوْ دُكَّانًا جَازَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ مَنْعُهُ وَمُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ بَعْدَهُ، هَذَا إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ: لَا، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ وَالْقُعُودُ فِي الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ عَلَى هَذَا وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ أَحَدٌ بِإِحْدَاثِ مَا ذَكَرْنَا مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ أَيْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ لِأَنَّ الطُّرُقَ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا فَهُمْ شُرَكَاءُ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الشُّفْعَةَ وَالتَّصَرُّفَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لَهُ، لَا يُمْلَكُ إلَّا بِإِذْنِ الْكُلِّ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ النَّافِذِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ مِنَحٌ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ لِلْوَالِي أَنْ يُعْطِيَ مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ أَحَدًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا إلَّا لِلْخَلِيفَةِ قَالُوا وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ الرَّجُلِ طَرِيقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ.
(سُئِلَ) فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا دُورٌ لِجَمَاعَةٍ ذِمِّيِّينَ يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُحْدِثَ فِي وَسَطِ السِّكَّةِ بِنَاءً وَيُقْسِمَ حِصَّةً مِنْهَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَيْسَ لِأَصْحَابِهَا أَنْ يَبِيعُوهَا، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يَقْتَسِمُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ إذَا كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا هَذِهِ السِّكَّةَ حَتَّى يَخِفَّ الزِّحَامُ عِمَادِيَّةٌ فِي وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْمُرُورُ فَقَطْ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعٍ فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ السِّكَكُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا لِصَبِّ الْمَاءِ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا وَيَجْلِسُوا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ.
(سُئِلَ) فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ لِجَمَاعَةٍ فَحَفَرَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِئْرَ بَالُوعَةٍ يُنْزِلُ فِيهِ أَنْجَاسَ دَارِهِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الزُّقَاقِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ أَحْدَثَ رَجُلٌ آخَرُ فِيهَا شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ كُلِّ أَهْلِ السِّكَّةِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَمَا يُصْنَعُ فِي السِّكَكِ مِنْ الْكُنُفِ وَالْمَيَازِيبِ إنْ حَدِيثَةً لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهُ، وَإِنْ قَدِيمَةً تُرِكَتْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحَدِيثَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ أَحَدًا لَمْ أَهْدِمْهُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ، وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِإِحْدَاثٍ مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْخَاصِّ بِهِمْ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ.
(أَقُولُ) قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ مُخَالِفٌ لِمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ مَا هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحِبِّ الدِّينِ الْقُطْبِيُّ الْحَنَفِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ شَخْصٍ جَعَلَ بَالُوعَةً بِمِيزَابٍ خَارِجٍ عَنْ جُدْرَانِهِ فِي مَمَرٍّ غَيْرِ نَافِذٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ بِالطَّرْطَشَةِ بِالْقَذِرِ وَالنَّجَاسَةِ وَلَهُ أَيْضًا بَيَّارَةٌ بَيْنَ الْجُدْرَانِ وَهِيَ ضَارَّةٌ بِأَسَاسِ الْجُدْرَانِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ إنْ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا مَنَعَهُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ مِنْ كِتَابِ الْمَوَاتِ وَالطُّرُقِ: دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرَ بَالُوعَةٍ عَلَى بَابِهَا خَارِجَ دَارِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ، فَإِنْ غَطَّى رَأْسَهَا وَكَبَسَهَا وَجَعَلَ طَرِيقَ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ الدَّاخِلِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ سَبَبُ الِانْهِيَارِ وَهُوَ سَبَبُ الْوُصُولِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ.
جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ: طَرِيقٌ غَيْرُ نَافِذٍ كَانَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ الْخَشَبَ وَأَنْ يَرْبِطُوا فِيهِ الدَّوَابَّ وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ إنْسَانٌ بِالْوُضُوءِ وَالْخَشَبِ لَا يَضْمَنُ وَاضِعُ الْخَشَبِ، وَإِنْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ يَضْمَنُ وَيُؤَاخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرَ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ.
سُئِلَ) فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عِدَّةِ دُورٍ وَضَعَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَابِ الدَّخْلَةِ أَوْسَاخَ دَارِهِ لِضِيقِ جِدَارِ جَارِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الدَّخْلَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِهَا وَتَضَرَّرَ صَاحِبُ الْجِدَارِ بِذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْوَاضِعُ بِإِزَالَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا وَضَعَ مَا ذُكِرَ لَصِيقُ جِدَارِ الْجَارِ أَمَّا لَوْ وَضَعَ ذَلِكَ لَصِيقُ جِدَارِهِ بِلَا إضْرَارٍ لِغَيْرِهِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى جَارِي الْعَادَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طِينًا فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَلَوْ تَرَكَ مِنْ الطَّرِيقِ قَدْرَ الْمُرُورِ وَيَتَّخِذَ فِي الْأَحَايِينِ مَرَّةً وَيَرْفَعَهُ سَرِيعًا فَلَهُ ذَلِكَ وَلِكُلٍّ إمْسَاكُ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ دَارِهِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَعْضِ الدَّارِ لَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَإِمْسَاكُ الدَّوَابِّ فِي بِلَادِنَا مِنْ السُّكْنَى. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إنْ فَعَلَ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا يُحْدِثُهُ مَعْنَاهُ يَضْمَنُ مَا عَدَا حِصَّتَهُ، فَإِنَّ السِّكَّةَ الْغَيْرَ النَّافِذَةِ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ أَهْلِهَا كَانَ بِإِحْدَاثِهِ فِيهَا بِئْرًا أَوْ نَحْوَهَا شَاغِلًا لِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بِقَدْرِ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ وَفِي سَاحَةِ الدَّخْلَةِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِإِلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ وَالْأَوْسَاخِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَيَتَصَرَّفُونَ بِذَلِكَ كَذَلِكَ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ يُعَارِضُ الْبَقِيَّةَ فِي التَّصَرُّفِ بِالسَّاحَةِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ يُجْعَلُ حَدِيثًا وَكَانَ لِلْإِمَامِ رَفْعُهُ وَمَا كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ يُجْعَلُ قَدِيمًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ رَفْعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ تَوْحِيدِيٌّ عَلَى النُّقَايَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَعُلِمَ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ فَبِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى فِي دَارِهِ طَبَقَةً وَقَاعَةً مُلَاصِقَتَيْنِ لِقَاعَةٍ وَطَبَقَةٍ مِنْ جُمْلَةِ مَسَاكِنِ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ فَسَدَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ قَمَرِيَّتَيْنِ وَشِبَاكًا لِلضَّوْءِ قَدِيمَيْنِ لِلْقَاعَةِ وَالطَّبَقَةِ الْمَرْقُومَتَيْنِ وَمَنَعَ الضَّوْءَ عَنْهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَرَكِبَ بِجِسْرَيْنِ عَلَى حَائِطِ الْقَاعَةِ الْخَاصِّ بِهَا وَحَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ وَطَلَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ مَا سَدَّ بِهِ الْقَمَرِيَّتَيْنِ وَالشِّبَاكِ وَرَفْعَ الْجِسْرَيْنِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ فَهَلْ يُجَابُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَهَذَا أَعْنِي سَدَّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَنْعِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ وَنَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ قَائِلًا فِي ذَلِكَ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مُعْتَبَرَاتِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ النُّعْمَانِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ فَسِيحَ الْجَنَّاتِ مُمَتَّعًا بِالرُّوحِ وَالرَّيْحَانِ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ نَقْلَ عِبَارَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مُرَبَّعٌ فِي دَارِهِ وَلَهُ طَاقَاتٌ لِلضَّوْءِ فِي حَائِطِهِ تُسَمَّى بِالْقَمَارِيِّ يَأْتِي إلَيْهَا الضَّوْءُ مِنْ دَارِ جَارِهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَلِجَارِهِ فِي دَارِهِ مُرَبَّعٌ أَيْضًا أَسْفَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَسَطْحُهُ أَسْفَلُ مِنْ الْقَمَارِيِّ يُرِيدُ الْجَارُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مُرَبَّعِهِ الْمَزْبُورِ طَبَقَةً مُسَقَّفَةً بِسَقْفٍ فَوْقَ الْقَمَارِيِّ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَائِطُ وَالْقَمَارِيُّ دَاخِلَيْنِ فِيهَا وَيَنْسَدُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ الضَّوْءُ الْمَزْبُورُ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِزَيْدٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مَنْعَ الْجَارِ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، فَإِنْ سَدَّ الضَّوْءَ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ يَمْنَعَ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَالْكِتَابَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ لَهُ قَمَرِيَّتَانِ فَسَدَ ضَوْءُ إحْدَاهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْأُخْرَى لَا يُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَوْءَ الْبَابِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضْطَرُّ إلَى غَلْقِهِ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّبَّاكَ كَالْبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى زَيْدٌ فِي دَارِهِ عَلَى حَائِطِهِ الْخَاصِّ بِهِ طَبَقَةً تُجَاهَ طَبَقَةٍ لِجَارِهِ وَبَيْنَهُمَا فَاصِلٌ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ لِطَبَقَتِهِ شِبَاكًا مَنَعَ نِصْفَ إشْرَاقِهِ بِسَبَبِ طَبَقَةِ زَيْدٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي بِنَاءِ الطَّبَقَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْجَارِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَانُوتٌ قَدِيمٌ مُعَدٌّ لِحِيَاكَةِ عَبِيِّ الصُّوفِ وَبِحَائِطِ الْحَانُوتِ طَاقَةٌ قَدِيمَةٌ لِلضَّوْءِ وَلِدَارِ عَمْرٍو خَلْفَ الْحَائِطِ بَيْنَ مُحَاذٍ لِلطَّاقَةِ يُرِيدُ عَمْرٌو تَعْلِيَتَهُ إلَى فَوْقِ الطَّاقَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِزَيْدٍ لِانْسِدَادِ ضَوْءِ الطَّاقَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى فِي دَارِهِ قَصْرًا لَهُ شَبَابِيكُ مُطِلَّةٌ عَلَى سَاحَةِ دَارِ جَارِهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ قَرَارِ نِسَائِهِ وَجُلُوسِهِنَّ وَبَنَى سُلَّمًا مِنْ حَجَرٍ يَصْعَدُ مِنْهُ لِلْقَصْرِ مُشْرِفًا عَلَى السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ بَنَى طَبْلَةً عَلَى طَبْلَةِ جَارِهِ لِمَنْعِ الْإِشْرَافِ بِدُونِ إذْنِ جَارِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ الْجَارُ تَكْلِيفَ الرَّجُلِ رَفْعَ الطَّبْلَةِ وَسَدَّ الشَّبَابِيكِ وَمَنْعَهُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ سَاتِرًا فِي مِلْكِهِ يَمْنَعُ الْإِشْرَافَ وَفِي مَجْمُوعَةِ عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي نَقْلًا عَنْ حِيطَانِ الْمُضْمَرَاتِ وَالسَّاحَةُ إذَا كَانَتْ مَجْلِسَ النِّسَاءِ وَالْكُوَّةُ تُشْرِفُ عَلَيْهَا يُؤْمَرُ صَاحِبُهَا بِسَدِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمَّرَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ قَصْرًا جَعَلَ لَهُ شَبَابِيكَ يُكَلِّفُهُ جَارُهُ سَدَّهَا مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى مُشْرِقَةٍ فِي دَارِهِ وَعَلَى بَابِ قَصْرٍ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْرِقَةَ وَالْقَصْرَ لَيْسَا مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَائِهِ وَقَرَارِهِنَّ بَلْ فِي الدَّارِ سُفْلٌ فِيهِ صَحْنُهَا وَهُوَ مَحَلُّ قَرَارِهِنَّ وَجُلُوسِهِنَّ وَأَعْمَالِهِنَّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا يُجْبَرُ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ. (أَقُولُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْقَصْرُ الْمَذْكُورُ لَا يَجْلِسُ فِيهِ النِّسَاءُ أَصْلًا أَمَّا لَوْ كَانَ النِّسَاءُ يَسْكُنَّ فِيهِ فِي الصَّيْفِ مَثَلًا أَوْ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ تَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ جَارَيْنِ سَطْحُ بَيْتٍ فِي دَارِهِ مُسَاوٍ لِسَطْحِ الْآخَرِ وَصَارَ الْآنَ أَحَدُهُمَا يَصْعَدُ إلَى سَطْحِهِ، وَإِذَا صَعِدَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِ جَارِهِ عَلَى حَرِيمِهِ وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَهُ عَنْ الصُّعُودِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً فَهَلْ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ اشْتَرَى حُجْرَةً سَطْحُهَا مَعَ سَطْحِ جَارِهِ مُسْتَوِيَانِ فَآخَذَ الْمُشْتَرِي جَارَهُ حَتَّى يَتَّخِذَ حَائِطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَارِ قَالُوا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ صُعُودِ السَّطْحِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً قَالُوا إنْ كَانَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِ الْجَارِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِهِ لَكِنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا عَلَى السَّطْحِ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الصُّعُودِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَتَضَرَّرُ هُوَ يَتَضَرَّرُ الْآخَرُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ الثَّانِي فِي الْحَائِطِ وَعِمَارَتِهِ.
(سُئِلَ) عَنْ الذِّمِّيِّ إذَا بَنَى دَارًا عَالِيَةً بَيْنَ دُورِ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ لَهَا طَاقَاتٍ وَشَبَابِيكَ تُشْرِفُ عَلَى جِيرَانِهِ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ مَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي مِلْكِهِ جَازَ لَهُمْ وَمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْلِيَتِهِ بِنَاءَهُ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ لِجَارِهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَسْكُنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَسْكُنُونَ مُنْعَزِلِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الَّذِي أُفْتِي بِهِ أَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَأَفْتَى فِي سُؤَالٍ آخَرَ بِمَنْعِهِمْ مِنْ السُّكْنَى فِي مَحَلَّاتِ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَنْعِهِمْ مِنْ إحْدَاثِ بَيْتٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كَالْكَنِيسَةِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ يُرِيدُ فَتْحَ كُوَّةٍ فِي حَانُوتِهِ مُشْرِفَةٍ عَلَى دَارِ جَارِهِ الذِّمِّيِّ وَعَلَى عَوْرَاتِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْجَارِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عَفَا عَنْهُ وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مِنْ الْقَضَاءِ لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ لِوُجُودِهَا فِيهِمَا تَأَمَّلْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ فِي دَارِهِ لَهَا شُبَّاكٌ قَدِيمٌ مُشْرِفٌ عَلَى حَوْشِ هِنْدٍ وَأَسْطِحَتِهِ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بِنَاءَ حَائِطٍ فِي الْحَوْشِ مُلَاصِقٍ لِحَائِطِ الطَّبَقَةِ مُنْتَهِيًا إلَى حَافَّةِ الشُّبَّاكِ مِنْ أَسْفَلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى حَائِطِ الطَّبَقَةِ وَلَا تَسُدُّ شَيْئًا مِنْ الشُّبَّاكِ أَصْلًا وَيُعَارِضُهَا زَيْدٌ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ زَيْدٌ مِنْ مُعَارَضَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ بَيْتٌ لَهُ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ أَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَتَّخِذَ غُرْفَةً بِجَنْبِ الْبَيْتِ وَلَا يَضَعُ الْخَشَبَةَ عَلَى الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا يَبْنِي مُعْتَمِدًا عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بَلْ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ لَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ نَوْعٍ فِيمَنْ يُحْدِثُ عِمَارَةً تَضُرُّ بِصَاحِبِهِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى حَائِطًا فَوْقَ حَائِطٍ قَدِيمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ فِي دَارِهِ فَقَامَ جَارُهُ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ يَسُدُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْهُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ فَهَلْ يُمْنَعُ جَارُهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْمَرْحُومُ الْعَمُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ قَوْسَ حَجَرٍ مُلَاصِقًا لِجِدَارِ جَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَنِدَ لِلْجِدَارِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَضَعَ عَلَى الْقَوْسِ جُذُوعًا يَرْكَبُ عَلَيْهَا بِطَبَقَةٍ تَعْلُوهَا وَجَارُهُ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسُدُّ مِنْ دَارِهِ الْهَوَاءَ الْقِبْلِيَّ فَهَلْ يُمْنَعُ جَارُهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ عَالِيَةً فِي دَارِهِ وَلِلطَّبَقَةِ طَاقَاتٌ فَفَتَحَ بِحِذَائِهِنَّ طَاقَةً أُخْرَى فَقَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُهُ وَيُكَلِّفُهُ سَدَّهَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى بَابِ طَبَقَةٍ لَهُ فِي دَارِهِ إذَا صَعِدَ أَحَدٌ إلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّ مَا تُشْرِفُ الطَّاقَةُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَاءِ عَمْرٍو وَقَرَارِهِنَّ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ دُورٌ كَثِيرَةٌ لِلنَّاسِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ وَتَكْلِيفِهِ مَا ذُكِرَ؟
(الْجَوَابُ): الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْكُوَّةَ حَيْثُ كَانَتْ لِلنَّظَرِ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ النِّسَاءِ تُسَدُّ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الطَّرِيقِ الْفَاصِلِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ فَحَيْثُ كَانَتْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ وَتَكْلِيفِهِ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ طَبَقَةً عَلَى مُرَبَّعِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ أَخْذَ حِيطَانِ الطَّبَقَةِ إذَا بُنِيَتْ يَقَعُ تُجَاهَ شَبَابِيكِ قَصْرِهِ وَبَيْنَهُمَا فَاصِلٌ نَحْوُ ذِرَاعٍ وَنِصْفٍ فَيَقِلُّ الضَّوْءُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَحَدُ حِيطَانِهَا يَلْزَمُ مِنْهُ سَدُّ بَعْضِ الْهَوَاءِ وَالشَّمْسِ عَنْ دَارِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ الْجَارُ عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ ذِمِّيَّةٌ دَارًا فِيهَا قَصْرٌ لَهُ شَبَابِيكُ قَدِيمَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى أَسْطِحَةِ جَمَاعَةٍ يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّبَابِيكِ طَرِيقٌ عَامٌّ فَقَامَ رَجُلٌ يُكَلِّفُهَا سَدَّ جَمِيعِ الشَّبَابِيكِ الْمَزْبُورَةِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ بَعْضَهَا يُشْرِفُ عَلَى أَسْطِحَتِهِ وَعَلَى رَأْسِ دَرَجٍ لَهُ فِي دَارِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَائِهِ وَقَرَارِهِنَّ فَهَلْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ تَكْلِيفِ الذِّمِّيَّةِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يُعْلِيَ سَطْحَ مَطْبَخِهِ الَّذِي فِي دَارِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّلًا أَنَّ السَّطْحَ بِسَبَبِ التَّعْلِيَةِ يَقْرَبُ مِنْ سَطْحِ بَيْتِ الْجَارِ وَيُسَهِّلُ الصُّعُودَ إلَى سَطْحِ الْجَارِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّعْلِيَةِ الْمَزْبُورَةِ يَبْقَى بَيْنَ سَطْحِ الْمَطْبَخِ وَسَطْحِ الْجَارِ أَكْثَرُ مِنْ قَامَتَيْ رَجُلٍ فَهَلْ لَهُ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ كَمَا ذُكِرَ وَيُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي جُنَيْنَةِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ مُلَاصِقَةٍ لِحَوَانِيتِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَفَتَحَ نَاظِرُهُ شَبَابِيكَ لِلْحَوَانِيتِ مِظَلَّةً عَلَى الْجُنَيْنَةِ وَيُرِيدُ نَاظِرُ وَقْفِ الْجُنَيْنَةِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا تُجَاهَ الشَّبَابِيكِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِ غَلَّةِ الْبَيْتِ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ وَالْأَرْضُ مُتَّصِلَةٌ بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَسُوغُ لِنَاظِرِ وَقْفِ الْجُنَيْنَةِ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ أَرَادَ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بُيُوتًا يَسْتَغِلُّهَا بِالْإِجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِغْلَالَ أَرْضِ الْوَقْفِ يَكُونُ بِالزَّرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا فَيُؤَجِّرَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَائِطٌ مُخْتَصٌّ بِهِ فَاصِلٌ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ فِي أَعْلَى الْحَائِطِ الْمَزْبُورِ كُوَّةً لِيَضَعَ فِيهَا قَمَرِيَّةً لِلضَّوْءِ فَوْقَ قَامَةِ الرَّجُلِ وَلَا تَكْشِفُ عَلَى مَحَلِّ نِسَاءِ أَحَدٍ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي طَبْلَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلَةٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا انْهَدَمَتْ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْبِنَاءِ مَعَهُ؟
(الْجَوَابُ): إنْ كَانَ أَصْلُ الطَّبْلَةِ الْمَذْكُورَةِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُمْكِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ سُتْرَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الطَّبْلَةِ الْمَزْبُورَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُؤْمَرُ الْآبِي بِالْبِنَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي اللَّيْثِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْعِيَالِ أَنْ يَبْنِيَهُ وَأَبَى الْآخَرُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْبَرُ الْآبِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي زَمَانِنَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ أَصْلُ الْجِدَارِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ سُتْرَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ الْآبِي بِالْبِنَاءِ قَاضِي خَانْ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلٍ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ فَارْجِعْ إلَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي السُّؤَالِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَكُونُ أُسُّ الطَّبْلَةِ مُحْتَمِلًا لِلْقِسْمَةِ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي وَالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَقَالَ أَحَدُهُمْ نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا دَفْعًا لِاطِّلَاعِ الْبَاقِينَ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ وَلِدَفْعِ أَذِيَّتِهِمْ عَنْهُ فَهَلْ يَأْمُرُهُمْ الْقَاضِي بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمْ وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ؟
(الْجَوَابُ): قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا وَقَالَ أَحَدُهُمَا نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا فَلَيْسَ عَلَى الْآخَرِ إجَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُؤْذِي صَاحِبَهُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاطِّلَاعُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ. اهـ.
وَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ عَمْرٍو أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ خَشَبًا لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيُقَالُ لَهُ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ إنْ شِئْت هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ صَاعِدٍ النَّيْسَابُورِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ خَشَبًا عَلَى خَشَبِ صَاحِبِهِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ سُتْرَةً أَوْ يَفْتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَكَانَ لِصَاحِبِهِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِضَرُورَةِ أَنَّا لَوْ مَنَعْنَاهُ عَنْ وَضْعِ الْخَشَبِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ رُبَّمَا لَا يَأْذَنُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ فَتَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْحَائِطِ وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ مُنْعَدِمَةٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي عَدَدْنَاهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ فِي.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ طَبْلَةً بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا رِضًا مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ قَاضِي خَانْ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَضَرَّ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَضُرَّ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةَ حَمْلٍ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا وَلَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ فِي الْحَائِطِ كُوَّاتٍ وَيَضَعَ فِيهَا أَخْشَابًا زَائِدَةً عَلَى أَخْشَابِ جَارِهِ عَمْرٍو كُلُّ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ عَمْرٍو؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَلَوْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ.
فُصُولُ عِمَادِيَّةٍ فِي وَحَدُّ الْقَدِيمِ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْأَقْرَانُ وَرَاءَ هَذَا الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ يُجْعَلُ أَقْصَى الْوَقْتِ الَّذِي يَحْفَظُهُ النَّاسُ حَدُّ الْقَدِيمِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَدِّ الْقَدِيمِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقِدَمِ وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ مُحْدَثٌ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَشَهَادَةُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي هَذَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ خُلَاصَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إلَخْ أَيْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدَارَ جُذُوعِ الْآخَرِ أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ فَلَا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ، فَإِنْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ جُذُوعِ صَاحِبِهِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابٍ فِي دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ وَلَمْ يُقِمْ مُدَّعِي الْحُدُوثِ بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ وَجَحَدَ الْقِدَمَ وَثَبَتَ الْقِدَمُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ قَضَى بِهَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ بَعْدَ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ. اهـ.
قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِي لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ ثُمَّ رَقْمٌ لِآخَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ. اهـ.
وَفِي رِسَالَةِ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةً خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ. اهـ.
فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ فَذَاكَ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ صَدْرَ عِبَارَتِهِمَا فِي الْبِنَاءِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَفِي غَيْرِ الْبِنَاءِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا حَادِثًا فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ سَابِقًا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ وَقَالَ كَمَا هُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ فِي حَادِثَةِ الشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، فَإِنْ قَضَى بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَلَا يَقْضِي بِالثَّانِيَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجَسٌ فَتَحَرَّى وَصَلَّى بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيه عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ الشَّرْعِ فَلَا يُنْقَضُ بِوُقُوعِ التَّحَرِّي فِي الْآخَرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ إلَى أَنْ قَالَ، فَإِنْ قَضَى بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى وَنَقَلَهَا الْعَلَائِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ فُرُوعٌ وَتَعَارُضُ الْبَيِّنَاتِ إلَخْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةَ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي كِتَابِ الشُّرْبِ أَيْضًا وَقَدَّمْنَا مَا تَحَرَّرَ لَنَا فِيهَا وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَيَّدَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا، فَإِنْ أَرَّخَا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا هُوَ مَنْصُوصُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارٍ زَيْدٍ وَدَارِ هِنْدٍ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ ثَمَانِ خَشَبَاتٍ وَلِهِنْدٍ عَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ فَوَهِيَ الْحَائِطُ وَاحْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ فَهَلْ تَكُونُ عِمَارَتُهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى هِنْدٍ مَوْضِعَ خَشَبَتِهَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرَةُ جُذُوعٍ وَلِلْآخَرِ جِذْعٌ فَلِصَاحِبِ الْجِذْعِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ وَالْحَائِطُ لِلْآخَرِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الثَّانِي فِي الْحَائِطِ وَعِمَارَتِهِ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو وَلِزَيْدٍ عَلَيْهِ أَخْشَابٌ نَحْوُ الْعَشَرَةِ وَمُتَّصِلٌ بِحَائِطِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو عَلَيْهِ سِوَى جِذْعٍ وَاحِدٍ وَاحْتَاجَ لِلتَّعْمِيرِ وَتَنَازَعَا فِيهِ فَلِمَنْ يُقْضَى بِهِ وَعَلَى مَنْ يَكُونُ تَعْمِيرُهُ؟
(الْجَوَابُ): يُقْضَى بِهِ لِزَيْدٍ، وَلِعَمْرٍو مَوْضِعُ خَشَبَتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ دُونَ الثَّلَاثِ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَجْذَاعٍ أَوْ أَكْثَرُ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثِ وَلِصَاحِبِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَا إلَى الِاسْتِحْسَانِ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مَعْلُومٍ مُتَّصِلٍ بِدَارِ زَيْدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَلِهِنْدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالٍ فَهَلْ يَكُونُ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَلَا يَرْفَعُ جُذُوعَ هِنْدٍ؟
(الْجَوَابُ): إنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَلَا يَرْفَعُ جُذُوعَهَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ، فَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي فَقَدْ رُجِّحَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ عَلَى صَاحِبِ الْجُذُوعِ؛ لِأَنَّ لِلتَّرْبِيعِ سَبْقًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ عِمَادِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِزَيْدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَسْفَلِهِ، يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُسْفِلَ جُذُوعَهُ وَلَا يَضُرَّ بِالْحَائِطِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَعْلَى أَنْ يُسْفِلَ جُذُوعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْحَائِطِ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا.
وَفِي الْحَاوِي: حَائِطٌ بَيْنَهُمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْفِلَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ جُذُوعٌ فَلِلَّذِي هُوَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَرْفَعَهُ بِحِذَاءِ صَاحِبِ الْأَعْلَى إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْحَائِطِ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَحُمُولَةُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ حُمُولَةِ الْآخَرِ وَأَرَادَ هُوَ أَنْ يَرْفَعَ حُمُولَتَهُ وَيَضَعَهَا بِإِزَاءِ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ، قَالَ: لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَتْ حُمُولَةُ أَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الْجِدَارِ وَحُمُولَةُ الْآخَرِ فِي أَعْلَاهُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَوْسَطِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَتَهُ فِي أَعْلَى الْجِدَارِ، فَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى أَعْلَاهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُدْخِلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى مَضَرَّةً فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا مَرَّ أَنَّ صَاحِبَ الْأَوْسَطِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَرَّ بِالْحَائِطِ.
أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسْفِلَ الْجُذُوعَ مِنْ أَعْلَى الْحَائِطِ إلَى أَسْفَلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا مِنْ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَيْسَرِ أَوْ مِنْ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَيْمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ خُلَاصَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي حَائِطَيْنِ فَاصِلَيْنِ بَيْنَ دَارَيْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَهُمَا عَلَى أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ رُكُوبٌ وَالْحَائِطُ الْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِبِنَاءِ زَيْدٍ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ مِنْ جَانِبِ دَارِ زَيْدٍ وَاتِّصَالَ مُلَازَقَةٍ مِنْ جَانِبِ دَارِ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَاحِدَةٌ لِعَمْرٍو، وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِرُكُوبٍ آخَرَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْحَائِطُ وَأَنْ يَرْكَبَ عَلَى جَمِيعِ الْآخَرِ بِأَخْشَابٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا رِضَاهُ، فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرَةُ جُذُوعٍ وَلِلْآخَرِ جِذْعٌ فَلِصَاحِبِ الْجِذْعِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ وَالْحَائِطُ لِلْآخَرِ بَزَّازِيَّةٌ وَفِيهَا أَيْضًا جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةَ حَمْلٍ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ. اهـ.
وَفِيهَا أَيْضًا جِدَارٌ بَيْنَهُمَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ سَقْفًا آخَرَ وَغُرْفَةً يُمْنَعُ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ السُّلَّمِ يُمْنَعُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ كَذَلِكَ. اهـ.
وَإِنْ كَانَ كِلَا الِاتِّصَالَيْنِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ اتِّصَالَ مُجَاوَرَةٍ يُقْضَى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَرْبِيعٌ وَلِلْآخَرِ مُلَازَقَةٌ يُقْضَى لِصَاحِبِ التَّرْبِيعِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَرْبِيعٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى ثُمَّ فِي اتِّصَالِ التَّرْبِيعِ هَلْ يَكْفِي مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَعَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ يَكْفِي وَهَذَا أَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُشْتَرَطُ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُمَا وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَائِطُ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا.
هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَلَيْسَ ثَمَّةَ مَنْ يُنَازِعُهُمَا فِيهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا إلَخْ عِمَادِيَّةٌ. (أَقُولُ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ وَجُذُوعُ الْآخَرِ فِي النِّصْفِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ جُذُوعُهُ وَمَا بَيْنَ النِّصْفَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. اهـ.
(سُئِلَ) فِي جِدَارٍ بَيْنَ دَارَيْ رَجُلَيْنِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَجُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ جُذُوعِ الْآخَرِ فَأَرَادَ هُوَ رَفْعَ جُذُوعِهِ وَوَضْعَهَا بِإِزَاءِ جُذُوعِ صَاحِبِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ مَكَانِ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَبَيْنَ دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِحَائِطَيْنِ آخَرَيْنِ لِلْمَكَانِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا حُمُولَةٌ لِلْمَكَانِ فِي وَسَطِهِ وَلِلدَّارِ الْمَزْبُورَةِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَتَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفَيْنِ فَلِمَنْ يُقْضَى بِهِ؟
(الْجَوَابُ): يُقْضَى بِهِ لِمَنْ كَانَ لَهُ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَعَلَيْهِ حُمُولَةٌ فِي وَسَطِهِ لَا لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَلَا تُرْفَعُ جُذُوعُ الْأَعْلَى كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ.
وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ، فَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي فَقَدْ رَجَّحَ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ عَلَى صَاحِبِ الْجُذُوعِ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْحَائِطِ يَدُ اسْتِعْمَالٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالتَّرْبِيعِ سَابِقٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِالْجُذُوعِ لِأَنَّ التَّرْبِيعَ يَكُونُ حَالَةَ الْبِنَاءِ وَالْبِنَاءُ يَكُونُ سَابِقًا عَلَى وَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ. اهـ.
خُصُوصًا وَلَهُ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فِي وَسَطِهِ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ وَجُذُوعُ الْآخَرِ أَعْلَى بِطَبَقَةٍ وَتَنَازَعَا فِي الْحَائِطِ، فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ لِسَبْقِ يَدِهِ وَلَا تُرْفَعُ جُذُوعُ الْأَعْلَى. اهـ.
وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَيْتٌ يَعْلُوهُ مُشْرِقَةٌ لِعَمْرٍو يَنْتَفِعُ بِهَا عَمْرٌو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ، وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَبْنِيَ مَكَانَ الْمُشْرِقَةِ طَبَقَةً وَيَمْنَعَ عَمْرًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَشْجَارٌ تَدَلَّتْ أَغْصَانُهَا إلَى أَرْضِ عَمْرٍو وَأَضَرَّتْ بِهَا وَطَلَبَ عَمْرٌو تَحْوِيلَهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ زَيْدٌ بِتَحْوِيلِهَا عَنْ أَرْضِ عَمْرٍو وَتَفْرِيغِ هَوَائِهِ بِحَبْلٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ إنْ أَبَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَعِبَارَتُهُ: بَاعَ ضَيْعَةً وَلِلْبَائِعِ أَشْجَارٌ فِي ضَيْعَةٍ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي الْمَبِيعَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِتَفْرِيغِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُتَدَلِّيَةِ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهَا وَفِي جَنْبِهَا ضَيْعَةٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمُوَرِّثِهِ فَلَهُ تَفْرِيغُ ضَيْعَتِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَغْصَانِ فَكَذَا وَارِثُهُ.
فِيهِ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ مُتَدَلِّيَةً إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ يُجْبَرُ صَاحِبُهَا عَلَى قَطْعِ الْأَغْصَانِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ يُتْرَكُ كَذَلِكَ.
وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ خَرَجَ شِعْبُ نَخْلَتِهِ إلَى جَارِهِ فَلِلْجَارِ قَطْعُهَا لِتَفْرِيغِ هَوَائِهِ.
قَالُوا هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: فَلَوْ كَانَ تَفْرِيغُهُ بِشَدِّ الشِّعْبِ عَلَى النَّخْلَةِ أَوْ تَفْرِيغِ بَعْضِهِ بِشَدِّ بَعْضِهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَبَّ النَّخْلَةِ بِالشَّدِّ لَا بِالْقَطْعِ فِيمَا أَمْكَنَ التَّفْرِيغُ بِشَدِّهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهُ إلَّا بِقَطْعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ رَبَّهَا فَيَقْطَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِهِ وَلَوْ أَبَى يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَطْعِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ خَرِبَةً فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَهَا بَابٌ قَدِيمٌ فِي السِّكَّةِ فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً وَجَعَلَهَا دَارًا وَأَخَذَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ أُخْرَى بَابُهَا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى وَضَمَّهُ لِلدَّارِ الَّتِي بَنَاهَا وَفَتَحَ لَهُ بَابًا فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَصَارَ يَدْخُلُ مِنْهُ فِي دَارِهِ وَيَسْتَطْرِقُ مِنْ دَارِهِ إلَى السِّكَّةِ الْأُولَى فَقَامَ بَعْضُ أَصْحَابِ السِّكَّةِ الْمَزْبُورَةِ يُعَارِضُونَ زَيْدًا فِي فَتْحِ الْبَابِ الْمَرْقُومِ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّ الْبَيْتَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ بُيُوتِ أَهْلِ السِّكَّةِ فَهَلْ لَهُ الْفَتْحُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ؟
(الْجَوَابُ): لَهُ فَتْحُ بَابٍ لِدَارِهِ الَّتِي كَانَتْ خَرِبَةً كَمَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ وَمِنْهَا إلَى الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ لَا تَنْفُذُ فَشَرَى بِجَنْبِ دَارِهِ بَيْتًا ظَهْرُهُ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ، قِيلَ: لَهُ أَنْ يَفْتَحَ مِنْ ظَهْرِهِ بَابًا فِي السِّكَّةِ وَقِيلَ: لَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِلْبَيْتِ فِي دَارِهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ فِي دَارِهِ وَيَتَطَرَّقَ مِنْ دَارِهِ إلَى السِّكَّةِ، فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ لِلْبَيْتِ بَابًا فِي السِّكَّةِ يَصِيرُ طَرِيقُ السِّكَّةِ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ إذْ الدُّخُولُ فِي الْبَيْتِ يَكُونُ مِنْ طَرِيقِ السِّكَّةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ السِّكَّةِ إذْ رَبُّ الدَّارِ مَتَى بَاعَ هَذَا الْبَيْتَ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ هَذَا الطَّرِيقُ فِي الْبَيْعِ فَيَزْدَادُ شَرِيكًا آخَرَ فِي طَرِيقِ السِّكَّةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَضِيقَ الطَّرِيقُ بِكَثْرَةِ الْمَارَّةِ، وَفِي الْمَآلِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُشْتَبَهُ مَقَادِيرُ الْأَنْصِبَاءِ فِي الطَّرِيقِ بِطُولِ الْعَهْدِ فَيَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةِ الطَّرِيقِ فَيَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُصِيبُ مُشْتَرِي الْبَيْتِ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ فَيَنْقُصُ حَقُّ أَهْلِ السِّكَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فَتَحَ لِلْبَيْتِ بَابًا فِي دَارِهِ فَطَرِيقُ السِّكَّةِ لَا يَصِيرُ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ إذْ لَا يَدْخُلُ لِلْبَيْتِ مِنْ طَرِيقِ السِّكَّةِ إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ دَارِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِحُكْمِ الطَّرِيقِ فَلَا يَصِيرُ طَرِيقُ الدَّارِ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ إذَا بِيعَ بِحُقُوقِهِ فَلَا يَزْدَادُ الشَّرِيكُ فِي الطَّرِيقِ بِبَيْعِ الْبَيْتِ فُصُولَيْنِ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَبَابُهَا فِي أَعْلَى الدَّخْلَةِ وَلِهِنْدٍ دَارٌ بَابُهَا فِي الْجِهَةِ السُّفْلَى لَيْسَ تَحْتَهُ بَابٌ لِأَحَدٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَحْوِيلَ بَابِهِ لِلْجِهَةِ السُّفْلَى مِنْ الدَّخْلَةِ تُجَاهَ بَابِ هِنْدٍ بِدُونِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ مَنْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا مِنْ أَهْلِ الْجِهَةِ السُّفْلَى وَيُرِيدُ أَيْضًا بِنَاءَ طَبْلَةٍ فَوْقَ الْبَابِ الَّذِي يُرِيدُ فَتْحَهُ وَإِخْرَاجَ بُرُوزٍ لَهَا إلَى الدَّخْلَةِ تُجَاهَ بَابِ هِنْدٍ بِدُونِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّخْلَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي مَسْأَلَةِ السِّكَّةِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَى الْجِدَارِ أَعْلَى مِنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَسْفَلَ مِنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ وَرَاءَ بَابِ دَارِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ عِمَادِيَّةٌ فِي وَهَكَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي وَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ، وَإِنْ رُمْت اسْتِقْصَاءَهُ فَعَلَيْكَ بِهِمَا وَبِمَا ذَكَرْنَا أَجَابَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْحِيطَانِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ وَالْفَتْوَى وَلَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَلَوْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الظُّلَّةَ مُحْدَثَةٌ فَهَذَا وَمَا إذَا كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ سَوَاءٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الدَّارِ وَطُرُقِهَا وَهُوَ إنَّمَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا أَنْ يَهْدِمَهَا عِمَادِيَّةٌ فِي.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلِدَارِهِ بَابٌ فِي الدَّخْلَةِ الْمَزْبُورَةِ فِي أَسْفَلِهَا يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ لَهَا بَابًا آخَرَ فِي وَسَطِ الدَّخْلَةِ أَعْلَى مِنْ بَابِهِ الْأَوَّلِ فِي جِدَارِهِ الْخَاصِّ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَهَا بَابٌ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهَا بَابًا آخَرَ أَسْفَلَ مِنْ بَابِهَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا آخَرَ أَعْلَى مِنْ بَابِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ فِي شَارِعٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ فَفَتَحَ لَهَا بِحِذَائِهِ بَابًا آخَرَ فِي الشَّارِعِ النَّافِذِ الْمَذْكُورِ وَصَارَ يَنْتَفِعُ بِهِ مُدَّةً قَامَ رَجُلٌ يُكَلِّفُهُ سَدَّهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ تَكْلِيفُهُ بِسَدِّهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ إلَخْ إلَى أَنْ قَالَ: بِخِلَافِ النَّافِذَةِ، فَإِنَّ الْمُرُورَ فِيهَا حَقُّ الْعَامَّةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ إلَخْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى: رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لِدَارِهِ بَابًا آخَرَ إنْ كَانَ أَعْلَى مِمَّا كَانَ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ أَسْفَلَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الزُّقَاقُ نَافِذًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ ثَابِتٌ لِلْعَامَّةِ وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا آخَرَ كَيْفَمَا كَانَ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ قَدِيمٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَسَدَّهُ وَفَتَحَ لَهَا بَابًا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ سَدَّ الْجَدِيدِ وَفَتْحَ الْقَدِيمِ وَأَهْلُ السِّكَّةِ مُقِرُّونَ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ دَارًا بَابُهَا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَقَدْ كَانَ بَابُ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْقَدِيمِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَفْتَحَ بَابًا إلَى تِلْكَ السِّكَّةِ وَمَنَعَهُ الْجِيرَانُ عَنْ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ أَهْلُ السِّكَّةِ بِذَلِكَ الْبَابِ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ وَيَمُرَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَفْتَحَ ذَلِكَ الْبَابَ فَكَذَا لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَإِنْ جَحَدَ أَهْلُ السِّكَّةِ ذَلِكَ الْبَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ الْيَمِينِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ، وَإِذَا حَلَّفَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ سَقَطَ الْأَيْمَانُ عَنْ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ وَلَوْ نَكَلُوا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ؛ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَهُ لَمَّا حَلَفَ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ، فَإِنْ نَكَلُوا جُمْلَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ مِنْهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فُصُولٌ عِمَادِيَّةٌ فِي.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ عَلَى طَرِيقٍ عَامٍّ فَاسْتَخْرَجَ زَيْدٌ مِنْ دَارِهِ الْمَزْبُورَةِ حَانُوتًا وَفَتَحَ بَابَهَا تُجَاهَ بَابِ عَمْرٍو وَيُعَارِضُهُ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ حَيْثُ كَانَ الطَّرِيقُ عَامًّا وَلَيْسَ لِعَمْرٍو مُعَارَضَتُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِي سُفْلٍ انْهَدَمَ وَامْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ بِنَائِهِ وَعُلُوُّهُ طَبَقَةٌ يُرِيدُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ الْبِنَاءَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟
(الْجَوَابُ): يُقَالُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ لَيْسَ لَك طَرِيقٌ إلَى حَقِّكَ سِوَى أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِك إنْ شِئْت وَتَحْبِسَهُ عَنْ صَاحِبِهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَك قِيمَةَ الْبِنَاءِ.
وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ: لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى بِنَائِهِ أَمَّا صَاحِبُ الْعُلُوِّ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِعُلُوِّهِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِمَالِكٍ، وَأَمَّا صَاحِبُ السُّفْلِ فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِذِي الْعُلُوِّ لَيْسَ لَك طَرِيقٌ إلَى حَقِّك سِوَى أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِك إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك وَامْنَعْ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلَك السُّكْنَى فِي عُلُوِّك وَالسُّفْلُ كَالرَّهْنِ فِي يَدِك حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ بِنَاءِ السُّفْلِ وَقَالَ الْخَصَّافُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا أَنْفَقَ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْبِنَاءِ لَا وَقْتَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْعَيْنِيِّ عَلَى الْكَنْزِ وَالْمُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ مُفَصَّلًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(أَقُولُ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ السُّفْلِ الِانْتِفَاعَ بِسُفْلِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ؟ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ هَذَا لَوْ بَنَى ذُو الْعُلُوِّ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَوْ بِإِذْنِهِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ حِصَّتِهِ وَيُحْبَسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَإِذْنِهِ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدُّيُونِ تَأَمَّلْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي سُفْلٍ هَدَمَهُ صَاحِبُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ وَلِزَيْدٍ جَارِهِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِعُلُوِّ ذَلِكَ السُّفْلِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ لِتَعَدِّيهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَفِي شَهَادَاتِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ لَوْ هَدَمَاهُ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْبِنَاءِ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ نَصِيبَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي خُلَاصَةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ أَخَذَ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا. اهـ.
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلُوِّ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلُوِّ بِنَاءَ عُلُوِّهِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي إلَخْ بَحْرٌ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ الْكَلَامَ عَلَى عِبَارَةِ الْبَحْرِ هَذِهِ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي عُلُوِّهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَدِيمِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَيُرِيدُ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): إذَا أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي السُّفْلِ تَصَرُّفًا نَحْوُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ بَابًا أَوْ يَنْقُبَ فِيهِ كُوَّةً أَوْ يُدْخِلَ فِيهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ سَوَاءٌ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ صَاحِبَ الْعُلُوِّ أَوْ لَا يَضُرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا فِيمَا لَا يَضُرُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلُوِّ بِنَاءً أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ فِيهِ كَنِيفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ عِمَادِيَّةٌ فِي مَسَائِلِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ وَأَطَالَ فِي دَلِيلِهِمَا مُؤَخِّرًا دَلِيلَ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ ذُو الْعُلُوِّ فِيهِ بِنَاءً يَضُرُّ بِالسُّفْلِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ ذُو السُّفْلِ هَدْمَ الْبِنَاءِ لِإِضْرَارِهِ بِسُفْلِهِ فَهَلْ يُجَابُ وَيُهْدَمُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْحِيطَانِ: إذَا ثَبَتَ حُدُوثُهُ وَوَضْعُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ هَدْمُهُ وَيَحْكُمُ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَالِكِ الْعُلُوِّ فَهَلْ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ إنْ عُلِمَ يَقِينًا، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُهُ يَقِينًا لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ أُشْكِلَ يُمْنَعُ إلَّا بِرِضَا ذِي السُّفْلِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ فِي ذَلِكَ وَالسَّقْفُ السُّفْلِيُّ وَجُذُوعُهُ وَهَرَاوِيهِ وَبِوَارِيهِ وَطِينُهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ سَكَنَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَتَطْيِينُهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا ذُو الْعُلُوِّ فَلِعَدَمِ وُجُوبِ إصْلَاحِ مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا ذُو السُّفْلِ فَلِعَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنْ زَالَ الطِّينُ عَنْهُ بِتَعَدِّي السَّاكِنِ وَجَبَ الضَّمَانُ وَإِلَّا لَا، كَذَا أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
(سُئِلَ) فِي سُفْلٍ لِهِنْدٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِدَعْدٍ أَرَادَتْ هِنْدٌ أَنْ تَجْعَلَ السُّفْلَ حَانُوتًا وَتَفْتَحَ لَهُ فِي السُّفْلِ بَابًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبَةِ الْعُلُوِّ وَهُوَ يَضُرُّ بِالْعُلُوِّ فَهَلْ لَيْسَ لِهِنْدٍ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَشَارَ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ إلَى مَنْعِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَوَضْعِ الْجِذْعِ وَهَدْمِ سُفْلِهِ. اهـ.
وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْحَائِطِ الْمَائِلِ.
(سُئِلَ) فِي سَطْحِ بَيْتٍ سُفْلِيٍّ هُوَ مَحَلُّ انْتِفَاعِ زَيْدٍ ذِي الْعُلُوِّ قَامَ ذُو السُّفْلِ يُطَالِبُ زَيْدًا بِتَطْيِينِهِ لِدَفْعِ وَكْفِ الْمَطَرِ عَنْهُ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ ذُو الْعُلُوِّ عَلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الْخَاصِّ بِهِ رُكُوبًا بِأَخْشَابٍ عَدِيدَةٍ بِدُونِ إذْنِ الْجَارِ وَلَا رِضًا مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُطَالِبُهُ الْجَارُ بِرَفْعِ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ هِنْدٍ وَإِخْوَتِهَا وَلِهِنْدٍ زَوْجٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ زَوْجَاتِ الْإِخْوَةِ تُرِيدُ هِنْدٌ إدْخَالَهُ الدَّارَ عَلَى الْأَجَانِبِ بِدُونِ إذْنِ الْإِخْوَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَكُلُّهُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُدْخِلُونَ الْأَجَانِبَ فِيهَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ.
(الْجَوَابُ): نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ وَبِنْتِهَا دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَعَمَّرَ زَوْجُ هِنْدٍ فِي الدَّارِ بُيُوتًا بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُمَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ، وَرَفْعُ الْعِمَارَةِ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ الْعِمَارَةُ لِلْمُعَمِّرِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ بِطَلَبِهِمَا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ مِنْ الْعِدَّةِ: كُلُّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ يَعْنِي إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَمْرٍ، أَمَّا إذَا بَنَى لِرَبِّ الْأَرْضِ بِدُونِ الْأَمْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَطَوِّعًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.
وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمَّرَهَا لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ: الْعِمَارَةُ لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ لِزَيْدٍ خَاصٍّ بِهِ عَمَدَ جَارُهُ عَمْرٌو وَرَكِبَ عَلَى الْحَائِطِ بِعِضَادَتَيْنِ مِنْ الْأَحْجَارِ الثِّقَالِ وَأَدْخَلَهُمَا فِي بَاطِنِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَوَهَى الْحَائِطُ وَآلَ إلَى السُّقُوطِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ عَمْرٌو؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ هَدَمَ بَيْتَهُ وَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا لَزِيقَ الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ، فَإِنْ كَانَ اللَّبِنُ مُشْرِفًا عَلَى الْحَائِطِ مُتَّصِلًا بِهِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْوَهْنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ فِعْلِهِ ضَمِنَ فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ فِي ضَمَانِ الْبِئْرِ وَالْجِدَارِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ: هَدَمَ بَيْتَهُ وَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا لَزِيقَ جِدَارِ جَارِهِ وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا حَتَّى انْهَدَمَ جِدَارُ الْجَارِ إنْ دَخَلَ الْوَهْنُ بِسَبَبِ مَا أَلْقَى وَحَمَلَ ضَمِنَ هَدْمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ هَدَمَ حَائِطَ جَارِهِ مُتَعَدِّيًا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟
(الْجَوَابُ): الْجَارُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ كَذَا فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ وَفِي الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ: وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. (أَقُولُ) الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَا يَشْمَلُ الْوَقْفَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَرَاجِعْهُ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ وَقْفٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ رُكُوبٌ فَوَهَنَ وَتَلِفَ وَسَقَطَ وَطَلَبَ زَيْدٌ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ النَّاظِرُ مِنْ تَعْمِيرِهِ مَعَ زَيْدٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَهَلْ يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى تَعْمِيرِهِ مَعَ زَيْدٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَبْنِيَ إنْ كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ عَرِيضًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْآبِي، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ يُجْبَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَعْنَى الْجَبْرِ إذَا كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَلَا يُوَافِقُهُ الشَّرِيكُ، لَهُ أَنْ يُنْفِقَ هُوَ فِي الْعِمَارَةِ وَيَرْجِعَ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ.
وَفِي النَّوَادِرِ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَانْهَدَمَ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَبَنَاهُ الْآخَرُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ، وَإِنْ بَنَى بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَمْ يَبْنِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَتَهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي طَاحُونَةٍ مُشْتَرَكَةٍ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ، أَحَدُ شَرِيكَيْ زَرْعٍ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ لَكِنْ يُقَالُ لِلْآخَرِ أَنْفِقْ أَنْتَ وَارْجِعْ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِك جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَجَمَاعَةٍ قَرِيبٍ مِنْ حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو الْمَذْكُورَيْنِ: تَعَطَّلَ الْمَجْرَى وَاحْتَاجَ لِلتَّعْمِيرِ وَالْإِصْلَاحِ وَتَوَافَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى تَعْمِيرِهِ وَأَذِنَ زَيْدٌ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِعَمْرٍو بِحَفْرِ الْأَرْضِ وَتَعْمِيرِهِ فَحَفَرَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ عَمْرٍو، وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ مَنْزِلُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ عِمَادِيَّةٌ وَفُصُولَيْنِ وَمُؤَيَّدَةٌ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ: أَرَادَ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَا أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ بَيْتِك وَضَمِنَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَانْهَدَمَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ضَمِنْت لَك مَا هَلَكَ مِنْ مَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِلْآخَرِ بِالرُّكُوبِ عَلَى حَائِطِهِ وَرَكِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَائِطِ الْآخَرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَجَعَ زَيْدٌ عَنْ الْإِذْنِ وَرَفَعَ رُكُوبَ عَمْرٍو وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَيْضًا الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ وَتَكْلِيفَ زَيْدٍ رَفْعَ رُكُوبِهِ فَهَلْ يَسُوغُ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَ عَلَى حَائِطِهِ وَأَنْ يُلْقِيَ الدَّابَّةَ الْمَيِّتَةَ فِي أَرْضِهِ كَانَ هَذَا إعَارَةً مِنْهُ فَمَتَى بَدَا لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالرَّفْعِ عَنْ أَرْضِهِ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ الْحَقِّ وَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ صَالَحَ عَنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ آجَرَ الْأَرْضَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
بِيرِيٌّ مِنْ الْأَمَانَاتِ عَنْ الولوالجية مِنْ الْقَضَاءِ: وَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ حَفَرَ سِرْدَابًا فِي دَارِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ الْجَارُ دَارِهِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ وَسِرْدَابَه لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ وَالْوَارِثُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي لَكِنْ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ بِكُلِّ حَالٍ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ هِنْدٍ ثُمَّ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا وَغَلَقًا بِدُونِ إذْنِ هِنْدٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِمَا فَعَلَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ قَلْعَ ذَلِكَ وَقَلْعُهُ لَا يَضُرُّ فَهَلْ لَهُ قَلْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَجَصَّصَهَا أَوْ فَرَشَهَا بِآجُرٍّ أَوْ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلَقًا أَوْ نَحْوَهُ وَأَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَهُ فَلَهُ قَلْعُهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، لَا لَوْ أَضَرَّ فَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَجْرَى مَاءٍ مَطَرٍ عَلَى سَطْحِ دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَخَرِبَ السَّطْحُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُكَلِّفَ زَيْدًا بِتَكْلِيسِ الْمَسِيلِ الَّذِي فِي سَطْحِهِ وَإِصْلَاحِهِ فَهَلْ يَكُونُ إصْلَاحُ السَّطْحِ عَلَى صَاحِبِهِ عَمْرٍو مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ عَلَيْهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ عَلَى سَطْحِ دَارٍ فَخَرِبَ السَّطْحُ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى رَبِّ السَّطْحِ كَالسُّفْلِ وَالْعُلُوِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيُقَالُ لِلَّذِي لَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ ضَعْ نَاوِقًا فِي مَقَامِ الْجَرْيِ عَلَى سَطْحِ الْجَارِ لِيَنْفُذَ الْمَاءُ إلَى مَصَبِّهِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي إصْلَاحِ الْمَسِيلِ وَالْمَجْرَى مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ وَالنَّاوِقُ مُعَرَّبٌ وَالْجَمْعُ النَّاوِقَاتُ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الْمَنْقُورَةُ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَاءُ فِي الدَّوَالِيبِ أَوْ تُعْرَضُ عَلَى النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَمَسِيلُ مَاءٍ سَطْحُهَا عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ عَمْرٍو فَأَرَادَ عَمْرٌو رَفْعَ بِنَائِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْيِيلِ مَاءِ سَطْحِهِ إلَى طَرَفِ الْمِيزَابِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ دَارَانِ لِجَارَيْنِ سَطْحُ إحْدَاهُمَا أَعْلَى وَمَسِيلُ مَاءٍ الْعُلْيَا عَلَى الْأُخْرَى فَأَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَرْفَعَ سَطْحَهُ أَوْ يَبْنِيَ عَلَى سُفْلِهِ، لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ لَكِنْ يُطَالِبُهُ حَتَّى يَسِيلَ مَاؤُهُ إلَى طَرَفِ الْمِيزَابِ، وَإِنْ انْهَدَمَ السُّفْلُ أَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُكَلِّفَهُ بِالْعِمَارَةِ لِأَجْلِ إسَالَةِ الْمَاءِ لَكِنْ يَبْنِي هُوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ نَوْعِ مَسِيلِ الْمَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ قَبْلَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ أَنَّ صَاحِبَ السُّفْلِ لَوْ هَدَمَ سُفْلَهُ فَلِمَنْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِي عُلُوِّهِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى بِنَاءِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقَّ الِانْتِفَاعِ الْمُلْحَقِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ بِدُونِ فِعْلِهِ.
فَقَوْلُهُ هُنَا: أَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ حَيْثُ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الْهَدْمِ وَالِانْهِدَامِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا قَوْلًا آخَرَ أَوْ يَخُصَّ مَا مَرَّ بِغَيْرِ الْمَسِيلِ فَتَأَمَّلْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ سُفْلٌ فَوْقَهُ عُلُوٌّ لِعَمْرٍو مُشْتَمِلٌ عَلَى مَطْبَخٍ وَمُشْرِفَةٍ فِي طَرَفِهَا مُرْتَفَقٌ قَدِيمٌ لِعَمْرٍو وَتَنْزِلُ أَوْسَاخُهُ فِي قَسَاطِلَ قَدِيمَةٍ دَاخِلَ حَائِطِ السُّفْلِ وَلِزَيْدٍ أَيْضًا مِيَاهٌ تَنْزِلُ فِي الْقَسَاطِلِ الْمَذْكُورَةِ وَالْآنَ قَامَ زَيْدٌ يُعَارِضُ عَمْرًا فِي الْمُرْتَفَقِ الْمَذْكُورِ وَيُكَلِّفُهُ رَفْعَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ دَرَجٌ مِنْ حَجَرٍ مَبْنِيٌّ فِي أَرْضِ دَارِهَا وَلِزَيْدٍ طَرِيقُ مَاءٍ تَحْتَ الدَّرَجِ أَرَادَ تَعْمِيرَهُ فَهَدَمَ الدَّرَجَ بِدُونِ إذْنِهَا فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): هِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْهُ قِيمَتَهُ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ النَّقْضَ وَضَمَّنَتْهُ النُّقْصَانَ كَمَا فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ. (أَقُولُ) وَجْهُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْنِيَ لَهَا مِثْلَهُ وَيُعِيدَهُ كَمَا كَانَ بَلْ هُوَ قِيَمِيٌّ فَيَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَوْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ إصْلَاحِ طَرِيقِ مَائِهِ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَلَا يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ فِي بَطْنِ النَّهْرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إمَّا أَنْ تَدَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْأَرْضَ وَيُصْلِحَ مِلْكَهُ أَوْ تُصْلِحَهُ أَنْتَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِهَذَا نَأْخُذُ،.
وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْحَائِطِ قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْمَاءِ: رَجُلٌ لَهُ حَائِطٌ وَوَجْهُهُ فِي دَارِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ حَائِطَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِ دَارِ جَارِهِ وَصَاحِبُهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَوَقَعَ الطِّينُ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ وَيَبُلَّ الطِّينَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ حَفْرَهُ وَإِصْلَاحَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِ دَارِهِ وَهُوَ يَمْنَعُهُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَتْرُكَهُ يَدْخُلَ وَيُصْلِحَ أَوْ يَفْعَلَ صَاحِبُ الدَّارِ بِمَالِهِ خُلَاصَةٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي. اهـ.
فَحَيْثُ امْتَنَعَ صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ إصْلَاحِهِ مِنْ مَالِهِ وَأَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يُمَكِّنَ الْآخَرَ مِنْ الدُّخُولِ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى إصْلَاحِ مَا خَرَّبَهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ مِنْ حَفْرٍ أَوْ هَدْمٍ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يُجْبَرَ صَاحِبُ الدَّارِ عَلَى تَمْكِينِ الْآخَرِ مِنْ إفْسَادِ دَارِهِ وَإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوَاعِد الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ قَالُوا: الضَّرَرُ الْخَاصُّ يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَلَا يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْخَاصِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ، فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ جُنَيْنَةً مُلَاصِقَةً لِجِدَارِ دَارِ جَارِهِ وَصَارَ يَسْقِيهَا بِالْمَاءِ وَيَتَعَدَّى الضَّرَرُ إلَى الْجِدَارِ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِ الْأَرْضِ رَخْوَةً وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً لَهُ مَنْعُهُ.
غَرْسٌ بِجَنْبِ دَارِ جَارِهِ يُبَاعِدُ عَنْ حَائِطِ الْجَارِ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّهُ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِالْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَالُوعَةٌ فِي دَارِهِ انْهَدَمَ بَعْضُ حَافَّتَيْ الْبَالُوعَةِ وَصَارَ يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِ دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو وَحِيطَانِهَا وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ إصْلَاحَهَا وَحَسْمَهَا وَمَنْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): لِلْمَالِكِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمُخْتَارُ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مِنْ الْقِسْمَةِ فَيُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الولوالجية مِنْ آخِرِ الصُّلْحِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ فِي دَارِهِ بُسْتَانًا لَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً وَلَا يَتَعَدَّى ضَرَرُ الْمَاءِ إلَى جِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً ذَاتَ نَزْوٍ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى جِدَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
نَهْرٌ جَرَى فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْبَثَقَ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرَاضِيِ لِمُلَّاكِ الْأَرَاضِيِ مُطَالَبَةُ أَرْبَابِ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِ نَهْرِهِمْ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرَاضِيِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الشُّرْبِ وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ النَّوَازِلِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ مَجْرَى أَوْسَاخٍ قَدِيمٍ لِدُورِهِمْ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ فِي طَرِيقِ مَحَلَّتِهِمْ وَانْهَدَمَتْ إحْدَى حَافَّتَيْهِ وَصَارَ الْوَسَخُ يَنْزِلُ إلَى بِئْرِ مَاءٍ لِذِمِّيٍّ فِي دَارِهِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَجْرَى وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ مَنْعَ ذَلِكَ عَنْ بِئْرِهِ وَحَسْمَهُ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ يُجَابُ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ النَّفَقَةِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَّرَ فِي دَارِهِ حَانُوتًا وَأَعَدَّهُ لِحِيَاكَةِ عَبِيِّ الصُّوفِ دَائِمًا وَجَعَلَ فِيهِ لِذَلِكَ أَنْوَالًا فِي الْأَرْضِ بِجَانِبِ حِيطَانِ جَارِهِ وَصَارَ عُمَّالُ الرَّجُلِ يَحِيكُونَ الْعَبِيَّ الْمَزْبُورَةَ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهَنٌ لِبِنَاءِ حَائِطِ الْجَارِ وَدَارِهِ بِكَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْعَنِيفِ الْمُوهِنِ لِلْبِنَاءِ الْمُضِرِّ لِلْجَارِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَ الرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ أَوْ مِدَقَّةً لِلْقَصَّارِينَ يُمْنَعُ عَنْهُ لِتَضَرُّرِ جِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا مُؤَيَّدُ زَادَهْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فِي مَحَلَّةٍ لِصَبْغِ الثِّيَابِ وَأَحْدَثَ فِي الْحَانُوتِ مِدَقَّةً لِلثِّيَابِ وَصَارَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ فِي الْحَانُوتِ وَتَضَرَّرَ جِيرَانُهُ بِذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا فَاحِشًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْمُوهِنِ لِبِنَاءِ دُورِهِمْ ضَرَرًا بَيِّنًا فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَرَبَطَ فِي الْإِصْطَبْلِ دَوَابَّ وَجَعَلَ حَوَافِرَهَا إلَى دَارِ الْجَارِ الْمُلَاصِقَةِ لِدَارِ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِحَائِطِ الْجَارِ فَهَلْ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ النَّوَازِلِ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَانِ جَعَلَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجَارِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا إلَيْهِ فَلِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَهُ ثُمَّ إذَا أَدْخَلَ الدَّوَابَّ فِي الْإِصْطَبْلِ وَخَرَّبَتْ الدَّوَابُّ جِدَارَ الْجَارِ بِحَوَافِرِهَا هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّوَابِّ؟ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاشِرٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّوَابِّ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جُبَارٌ فَلَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِدْخَالِ الدَّوَابِّ فِي الْإِصْطَبْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى التَّخْرِيبِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهَا فِي مِلْكِهِ وَالتَّسَبُّبُ إنَّمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَ التَّعَدِّي عِمَادِيَّةٌ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي مَحَلَّةٍ يَجْرِي فِيهِ مَاءُ أَوْسَاخِ دُورِهِمْ فَأَحْدَثَ زَيْدٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ وَسِخَ دَارِهِ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ وَصَارَ يَنْزِلُ مِنْ دَارِهِ عَلَى الْمَجْرَى الْمُشْتَرَكِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَيُرِيدُ الْجَمَاعَةُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا اتَّخَذَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ بَالُوعَةً فَنَزَلَ مِنْ مَاءَهَا حَائِطُ جَارِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ تَحْوِيلَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): حَيْثُ كَانَتْ فِي مِلْكِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمَنْ اتَّخَذَ بِئْرًا أَوْ بَالُوعَةً فِي دَارِهِ فَنَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ وَطَلَبَ جَارُهُ تَحْوِيلَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْهُ لَا يَضْمَنُهُ مُلْتَقًى مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ.
(أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّحِيفَةِ السَّابِقَةِ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لِمَالِكِ السَّاحَةِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا حَمَّامًا أَوْ تَنُّورًا أَوْ بَالُوعَةً أَوْ بِئْرَ مَاءٍ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَا يُمْنَعُ عَنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِجَارِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِجَارِهِ لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي مَحَلٍّ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا.
وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يُخْرِجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ.
وَلَوْ كَانَ يَمْتَنِعُ الضَّرَرُ بِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ بِالْمُؤَنِ وَالْكِلْسِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ أُمِرَ بِرَفْعِهِ.
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فَلَوْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِيهَا ضَمِنَ وَلَوْ يَسْتَقِرُّ فِيهَا ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ. اهـ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَقُولُ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى اتَّخَذَ فِي دَارِهِ بَالُوعَةً أَوْهَنَتْ بِنَاءَ جَارِهِ لِسَرَيَانِ الْمَاءِ إلَى أُسِّهِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ بِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ حَتَّى لَا يَسْرِيَ الْمَاءُ. اهـ.
(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيد أَنْ يَحْفِرَ فِي أَرْضِ دَارِهِ بِئْرًا لِأَجْلِ الْمَطْهَرَةِ وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ جَارُهُ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ حَائِطَهُ يَنَزُّ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ الْمَذْكُورِ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّنْوِيرِ. (أَقُولُ) وَفِيهِ مَا عَلِمْت آنِفًا.
(سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَوَرَثَةِ أَخِيهِ فَاحْتَاجَتْ لِلْعِمَارَةِ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ بِدُونِ إذْنِ وَرَثَةِ أَخِيهِ وَلَا أَمْرِ الْقَاضِي وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْوَرَثَةِ الْمَرْقُومِينَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ إذَا اسْتَرَمَّتْ فَأَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَمَّتِهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ صُوَرُ الْمَسَائِلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ فِي النَّفَقَاتِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ.
(أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَتْ أَوْ بَيْتٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْسِمَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْبِنَاءِ وَالْبَيْتُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ إذَا خَرِبَ وَصَارَ سَاحَةً وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ أَرَادَ بِهِ إذَا امْتَلَأَتْ مِنْ الْحَمْأَةِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُطَالِبْهُ وَأَصْلَحَهَا وَفَرَّغَهَا كَانَ مُتَبَرِّعًا. اهـ.
وَمُفَادُ هَذَا أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُضْطَرًّا إلَى الْبِنَاءِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْسِمَ حِصَّتَهُ مِنْهَا ثُمَّ يَبْنِيَ فِي حِصَّتِهِ، فَإِذَا بَنَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلِذَا قَيَّدَ الْحَمَّامَ بِمَا إذَا خَرِبَ وَصَارَ سَاحَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، فَإِذَا لَمْ يُقْسَمْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لَكِنْ فِي الْبِئْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُتَبَرِّعًا لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ.
لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ أَيْ فَيُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا أُجْبِرَ لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُضْطَرًّا فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ مَا اُضْطُرَّ إلَى بِنَائِهِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ أَوْ مِمَّا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى بِنَائِهِ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ هَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ مَنْ لَهُ حُمُولَةٌ عَلَى حَائِطٍ لَوْ بَنَى الْحَائِطَ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى حَقِّهِ إلَّا بِهِ مَعَ أَنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ أَيْضًا كَالْبِئْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَ حُكْمُهُمَا.
ثُمَّ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الِاضْطِرَارَ يَثْبُتُ فِيمَا لَا يُجْبَرُ صَاحِبُهُ كَمَا سَيَجِيءُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ التَّبَرُّعُ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا يُخَلِّصُك عَنْ التَّحَيُّرِ بِمَا وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَيُرْشِدُك إلَى الصَّوَابِ. اهـ.
لَكِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِبِنَاءِ الدَّارِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إلَى الْبِنَاءِ إذَا أَبَى شَرِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ اسْتِئْذَانُ الْقَاضِي وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ طَلَبُ الْبِنَاءِ مِنْهُ وَلَا الْقِسْمَةُ مَعَهُ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ بَنَى وَإِلَّا قَسَمَهَا جَبْرًا عَلَيْهِ ثُمَّ بَنَى فِي حِصَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِئْذَانُهُ يَبْنِي بِإِذْنِ الْقَاضِي وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ فِي غَيْرِ مُحْتَمِلِ الْقِسْمَةِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يُؤَجِّرَ ثُمَّ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْغَلَّةِ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لَوْ بَنَى بِأَمْرِ قَاضٍ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ. اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُحَرَّرُ كَمَا قَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي السُّفْلِ إذَا انْهَدَمَ وَعِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ مُطْلَقَةٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ فَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يُضْطَرُّ فِيهِ أَحَدُهُمَا إلَى الْبِنَاءِ كَالسُّفْلِ وَالْجِدَارِ وَالرَّحَى وَالْحَمَّامِ وَالْبَيْتِ وَالدَّارِ الصَّغِيرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(سُئِلَ) فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا رِضَاهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ، جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَضَرَّ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ خَانِيَّةٌ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَصْرٌ فِي دَارِهِ لَهُ طَاقَةٌ غَيْرُ مُشْرِفَةٍ عَلَى مَحَلِّ نِسَاءِ أَحَدٍ مِنْ مَحَلَّتِهِ وَلِعَمْرٍو الَّذِي مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ دَارٌ فِيهَا طَبْلَةٌ حَاجِزَةٌ عَنْ النَّظَرِ مِنْ دَارِهَا فَأَزَالَهَا عَمْرٌو حَتَّى صَارَ زَيْدٌ يُشْرِفُ مِنْ طَاقَةِ قَصْرِهِ الْمَزْبُورِ عَلَى دَرَجِ قَصْرِ عَمْرٍو وَلَيْسَ الدَّرَجُ مَحَلَّ قَرَارِ نِسَاءِ عَمْرٍو وَجُلُوسِهِنَّ فَقَامَ عَمْرٌو يُكَلِّفُ زَيْدًا عَمَلَ حَاجِزٍ يَمْنَعُ النَّظَرَ تُجَاهَ قَصْرِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ زَيْدًا ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ مُلَاصِقَةٌ لِدَارِ عَمْرٍو وَفِي دَارِ زَيْدٍ قَاعَةٌ لَهَا مِيزَابَانِ فِي سَطْحِهَا يَصُبَّانِ فِي سَطْحِ إيوَانٍ فِي دَارِ عَمْرٍو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَرَفَعَ عَمْرٌو الْمِيزَابَيْنِ وَعَمِلَ عِوَضَهُمَا سَيَّالَتَيْنِ يَصُبُّ مَاؤُهُمَا عَلَى جِدَارِ الْقَاعَةِ ثُمَّ عَلَى سَطْحِ الْإِيوَانِ وَرَكَّبَ عَلَى جِدَارِ الْقَاعَةِ بِخَشَبَتَيْنِ وَعَمِلَ عَلَى سَطْحِ الْإِيوَانِ مُشْرِفَةً لِأَجْلِ الْجُلُوسِ وَصَارَ إذَا جَلَسَ يَرَى دَاخِلَ الْقَاعَةِ مِنْ قِمَارَيْهَا وَهُوَ مَحَلُّ جُلُوسِ نِسَاءِ زَيْدٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَضَرَّرَ زَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ مَنْعَ عَمْرٍو مِنْ ذَلِكَ وَإِعَادَةَ الْمِيزَابَيْنِ وَرَفْعَ الْخَشَبَتَيْنِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ؟
(الْجَوَابُ): نَعَمْ.