فصل: باب الشهادة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الشامل



.باب الشهادة

شرط العدل أن يكون حراً، مسلماً، عاقلاً، بالغاً دون فسق وبدعة - ولو تأول أو جهل كَحَرُورِي وَقَدَرِي - ولا حَجْرٍ على الأصح، مجتنباً الكبائر وصغائر الخسة والسفاهة، وَلَعِبُ نَرْدٍ، وَشُرْبُ خَمْرٍ، وبيعه وعصره، وَأَكْلُ رباً، غير معروف بكذب، ذا أمانة، وحسن معاملة، ومروءة، بترك غير لائق به من لَعِبِ حَمَامٍ، وإن دون قمار على الأصح، وَعَمَلُ دِبَاغَةٍ وحجامة وحياكة اختياراً، أو سماع غناء بآلة لا بدونها، إلا أن يتكرر، وإدامة شطرنج، ولو مرة في العام.
وقيل: أكثر.
وهل يحرم أو يكره؟ قولان.
وثالثها: إن لعبه محترم مع الأوباش على طريق حَرُمَ.
وفي الخلوة مع نظرائه بلا إدمان وَتَرْكِ مُهِمٍ وَأَلْهَى عن عبادة جاز.
وقيل: إن ألهى عن الصلاة في وقتها حَرُمَ، وإلا جاز.
وَتُرَدُّ شهادة المغني والمغنية والنائح والنائحة وسامع العود على الأصح، إلا في عرس أو صَنِيعٍ ليس فيه شراب مسكر - فإنه مكروه فقط.
وانتفاء الصغيرة غير شرط إلا ما تقدم، والأظهر رَدُّ شهادة القارئ بالألحان كالبخيل الذي لا يؤدي زكاته.
وقيل: ولو أداها، وكأن أَخْرَجَ عبادة عن وقتها كصلاة وصيام وتركهما حتى فاتا، لا حَجٌ إلا لقرينة تهاونه به كتركه مدة طويلة مع تمكنه من فعله، وكأن حلف على ترك الوتر أو ركعتي الفجر أو تحية المسجد، إلا أن يتركه مرة أو مراراً لعذر، وكأن ترك الجمعة لا لعذر.
وهل بمرة أو ثلاث؟ روايتان.
فإن تركها جملة فاتفاق.
ولا يُقْبَلُ عَبْدٌ ولا كافر مطلقاً.
وَتُقْبَلُ من الأعمى في القول، والأصم في الفعل كشهادة مميز من شباب لبعضهم على بعض في قتل وجرح على الأصح.
وثالثها: في جرح فقط إن كان حُرَّاً لا عبداً على المعروف، مَحْكُوماً بإسلامه ذَكَرَاً على المشهور.
وعلى قبولها فاثنتين مع صبي، لا وحدهن على الأصح.
متعدداً، لا واحداً مع قسامة على الأصح.
قبل تفرقهم، إلا أن تشهد بينة على ما قبله من جماعة واحدة لا من أخرى على المعروف.
متفقي الشهادة، فلو شهد أن فلاناً شج فلاناً وشهد آخر: إنما شجه فلان - لِغَيْرِهِ - بطلت.
ولو لَعِبَ منهم ستة ببحر فغرق منهم واحدٌ، فقال ثلاثة: (إنما غرقه الاثنان) وعكس الاثنان فالدية على الخمسة.
وقيل: تبطل.
ولو شهد أن فلاناً قتل فلاناً، وقال آخران: (بل وقصته دابة) قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ القتل.
ولو شهدا بقتله له، وقال عدلان: (لم يقتله) فقولان.
وبطلت لصغير منهم على كبير، وعكسه على الأصح.
وثالثها: تبطل للصغير عليه، ولقريب، وعلى عدو على الأصح.
وثالثها: المنع بالقرابة فقط.
ولا يضر رجوعهم قبل بلوغهم ولا تجريحهم، بخلاف دخول كبير بينهم، خلافاً لسحنون.
لا إن كان عبداً أو فاسقاً أو كافراً على المنصوص.
ولو تأخر الحكم لبلوغهم فرجعوا بطلت لا إن شَكُّوا.
ولا تقبل من نساء بِعُرْسٍ، وَحَمَّامٍ، وَمَأْثَمٍ في قتل، ولا جُرْحٍ على الأصح.
واعتمد حاكم في جرح وضده على علمه.
ولا تُطْلَبُ التزكية إلا مممن شَكَّ فيه خاصة.
ولو شهد عنده مبرزان بشيء وهو يعلم خلافه لم يقض به.
وشهد عند من هو فوقه كهما، وكذا لو شهد عنده مُجَرَّحَانِ وهو يعلم صحة ما شهدا به.
ونحوه لابن كنانة وعبد الملك وسحنون.
ولا يقبل مجهول.
وأجاز ابن حبيب شهادة الغرباء على التوسم.
وبعض المتأخرين من أهل البلد فيما قَلَّ.
وَتُقْبَلُ ممن أسلم بإثر إسلامه.
وقيل: توقف لظهور حاله.
وثالثها: إن كان قبل إسلامه لم ينقص من أوصافها إلا الإسلام - قُبِلَتْ، وإلا وُقِفَتْ ولو أقر خَصْمٌ بِعَدَالَةِ من شهد عليه بعد أدائها قضى عليه بلا تزكية على المشهور.
ولا يتعدى لغيره إلا على المشهود له إن تضمنت حقاً عليه أيضاً.
ولو رضي ذمي شهادة مثله ببينة عادلة ثم قضى عليه حكامهم فقال عبد الملك: له الرجوع.
ابن القاسم: ولو رضي مسلوب شهادة مسخوطين فيما بينهم لزمهما، ولا رجوع لمن رضي بذلك، وكما لو رضي بدون شهادة.
ولو رُفِعَ ذلك لحاكم لم يحكم بشهادتهما.
ولو شهد لابنه بحق أو قام له شاهد فدفعه بلا حكم فلا رجوع، كمن أنفق على من أبانها بدعواها الحمل بلا حُكْمٍ ثم انْفَشَ.
مالك: ولو شاءوا لتثبتوا، ولا يقبل تعديل إلا من مبرز ظاهر العدالة فطن لا يخدع عارف بوجهه بطول صحبةٍ سفراً وحضراً ومعاشرةً وإن بحد على الأصح، أو لم يعرف اسمه لا بسماع ولا إن صحبه شهراً فلم يعلم إلا خيراً فأشهد أنه عدل رضي لا بأحدهما على الأصح.
وثالثها: إن لم يسأل عن الثانية، وإلا نظر فيها إن توقف عنها، وسئل عن السبب وعمل بمقتضاه.
وقيل: يكفي أشهد، أو أعلم أنه عدل رضي.
وقيل: أراه أو أعرفه، ولا يلزمه أن يقول: هو عند الله عدل رضي، ولا أرضاه لي وعليَّ، وليس قوله: لا أعلم إلا خيراً تزكية حتى يذكر ما قدمناه، ويكون من سوقه وأهل محلته إلا لعذر، معروفاً عند الحاكم إن كان المزكي بلديا لا غريبا، وإلا زكى المزكى معروفٌ، والمرأة كالغريب، ووجب إن تعين على الأصح؛ كجرح إن خيف ضيعة حق يتركه، واستحب تزكية سرٍ معها، وكفى سرٌّ، ولو من واحدٍ والاثنان أولى، وقيل: لابد من ثان، وهل خلاف أو لا؟ قولان.
وكفى الاثنان في العلانية مطلقاً.
وقيل: لابد من ثالث، وفي الزنا أربعة، وجاز تزكية النساء فيما يقبلن فيه، ولا يجب ذكر سببها بخلاف الجرح على الأصح.
وثالثها: إن جهل وجهه وجب.
ورابعها: يجب إن كان المزكي أو المجرح غير مبرز وإلا فلا، ولو شهد أخرى، ففي الاكتفاء بتزكيته أولاً، ثالثها: إن لم يغمز فيه شيء كفت.
ورابعها: إن كان مزكيه مبرزاً كفت.
وخامسها: إن كان بقربها كفت، وإلا كشف عنه ثانياً والسنة طول.
أشهب: وإن شهد بعد خمس سئل عنه العدل الأول، فإن مات زكى ثانياً، وإلا لم يقبل، وقدم جرحٌ ولو سراً إن عدل وجرح على الأصح، وثالثها: يصار للترجيح بعدالة أو عدد.
وقيل: بأن تقول بينة هو جائز الشهادة، وتقول الأخرى هو غير جائزها، وأما لو قيدت المجرحة، فقالت: رأيناه يشرب الخمر، أو يسرق؛ لقدمت اتفاقاً.
ولو عينوا ليلة، فقال المجرحون: رأيناه يشرب فيها خمراً، وقال المعدلون: رأيناه فيها قائماً يصلي قائماً للصباح صير إلى التجريح، ولو شهد شاهدٌ بخيانة رجلٍ وآخر بسرقته، ففي تلفيقهما قولان، ولو قام بتزكية تقدمت على شهادة ببلد آخر منع، وأخبر الحاكم ذا الحق بالمجرح إن سأل عنه، إلا لخوف منه، فقولان إن كان القاضي سأل عنه سرًّا على الأظهر، وأجل خصم ثم قضي عليه.
ومبطلها ثمانية: الأول: التغفل وإن من خير فاضل، إلا فيما لا يلبس؛ كقوله: رأيت فلاناً قتل فلاناً أو سمعته طلق امرأته.
الثاني: متأكد للقرابة كأصوله وإن علوا وفصوله وإن سفلوا.
سحنون: ولا تقبل شهادة ابن الملاعنة لمن نفاه، وفي شهادة الابن مع أبيها وكل منهما عند الآخر، أو على شهادته أو حكمه ثلاثة، الجواز لسحنون بشرط التبريز، والمنع لأصبغ، وقال عبد الملك: يجوز إلا في شهادته على حكمه بعد عزله، ويمنع تعديله له.
وقال عبد الملك: إن قام لإحياء شهادته جاز وإلا فلا، ولا تقبل من أحد الزوجين للآخر ولو في غير مال؛ كأن شهد أن سيد زوجته أعتقها ولو مع شاهد آخر لاتهامه، وهل يمكن من وطئها أم لا، لأنه سبب لإرقاق الولد وهو يعتقد حريته قولان، وعلى الأول يستبرئها قبل وطئه، ولها الخيار إن كان الزوج عبداً، فإن اختارت البقاء، ففي تمكينه من وطئها قولان، وتمنع شهادتهم بتوكيل غيرهم لهم لا العكس.
وفيها: جواز شهادة الأخ لأخيه.
وفيها: إن كان مبرزاً، وهل خلاف، أو لا؟ تأويلان.
وقيل: تجوز إن لم يتهم، وقيل: يجوز في اليسير إن لم يكن مبرزاً وإلا جاز مطلقاً، فإن كان أحدهما منفقاً على الآخر لم يجز، ويجوز تعديله له وتجريح من جرحه.
وقيل: لا واستظهر، وثالثها: جواز تعديله لا تجريح من جرحه، وقيد بعضهم الخلاف في تجريح بالإسفاه، قال: وأما بالعداوة فيجوز، ومال بعضهم لردها مطلقا كأن يكتسب بها شرفا، ويدفع بها معرة كشهادته لأخيه وهو نازل القدر أنه تزوج امرأة يتشرف بها، أو أن فلاناً قذفه أو شهد له بمال ينال به الشرف، ولا تقبل له في جرح عمد على المشهور.
والتبريز شرط هنا، وفي شهادة الأجير لمستأجره، والمولى لمعتقه، والصديق الملاطف لصديقه، والشريك المفاوض لشريكه في غير مال المفاوضة، ومن ذكر بعد شكه أو زاد ونقص في شهادته بعد أدائها والمزكي، وتجوز شهادته لصديقه، وإن كان في نفقة الشاهد لا عكسه، وقيل: لا، وثالثها: فيما قل.
وفي جوازها لزوجة ابنه، وزوج ابنته، أو أبوي زوجته وولدها من غيره، ثالثها: إن كان مبرزاً جاز.
وشهادة المرأة لابن زوجها كذلك.
وفي شهادته لأحد أبويه، أو أحد ولديه على الآخر قولان، فإن ظهر ميل للمشهود له بطلت باتفاق؛ كصغير على كبير، ولبارٍ على عاق.
وإن ظهر ميل للمشهود عليه جازت على المشهور.
وبطلت إن شهد مسلمان لأبيهما الذمي بعد موته بمال، أو شهد لولده الرقيق، أو لسيد ولده، أو سيد أبيه، أو شهد أن أباهما العبد جنى على رجل، أو أن سيده باعه، ولو شهدا لأبيهما على أمهما بطلاق أنكراه قبلت، لا إن كانت أمهما مقرة قائمة به، ولو أقر الأب به لم يحتج لشهادتهما، ولو شهدا باختلاعها من زوجها لم تقبل، أو شهدا أن أباهما طلق ضرة أمهما وهي منكرة وأمهما في عصمته، وكذا إن كانت مطلقة على الأصح، لا إن ماتت على المعروف، فلو كانت الضرة مقرة بلا طلاق قائمة به وأمهما في عصمة أبيهما، ففي قبولها قولان.
قيل: والقياس المنع مطلقاً.
الثالث: أن يجر بها نفعاً لنفسه، أو يدفع ضرراً عنها؛ كشهادة وصي بدين لموصيه ومحجوره صغير أو سفيه، وإلا جازت.
ولو شهد على صغير في ولايته جازت على المشهور.
وكشهادة المنفق عليه للمنفق لا عكسه.
وقيل: إلا أن يكون قريباً كالأخ ونحوه، وكمن شهد بزنا أو قتل عمد على موروثه المحصن الغني، فلو كان فقيراً قبلت على الأصح.
ولأشهب في أربعة عدول شهدوا على أبيهم الفقير بالزنا أنه يرجم، وحمل على أنهم ممن يعذروا بجهل، أو أنهم دعوا إلى شهادة عليه لحق وجب؛ كأن قذفه شخص يسقط الحد عنه بشهادتهم، فإن لم يجهلوا أو لم يدعوا؛ فذلك عقوق تبطل به.
وكمن شهد أن مورثه أعتق عبداً يتهم في ولائه لرغبة فيه وفي الورثة من لا حق له في ولائه؛ كبنت، وزوجة والتهمة ناجزة في الحال، فإن كان الولاء قد يرجع إليه يوماً ما جازت.
وكمن شهد أن مورثه جرحه فلان، إلا أن يشهد له بجرح خطأ وقد برئ فتجوز، ولو شهد له ولغيره في غير وصية في ذكر واحد؛ بطلت لهما وإن حظه يسيراً، وفي وصية وحظه كثيرٌ على المشهور فيهما.
وقيل: تصح لغيره وإن حظه يسيراً، وثالثها: تبطل له فقط.
ورابعها: إن كان معه شاهد آخر جازت لهما، وإلا بطلت له وجازت لغيره بيمين، ولو كان في ذكرين فالثالث، وعلى الثاني لو لم يشهد في الوصية غيره؛ حلف الموصى له مع شهادته وأخذ هو نصيبه دون يمين لأنه تبع، ولو شهد لفظاً دون كتاب وحظه يسيرٌ أخذ بلا يمين، وأخذ هو بيمين وإن حظه كثيراً بطلت له، وفي غيره قولان، ولو شهد كل لصاحبه جاز على المشهور، وثالثها: إن اتحد المشهود عليه مع المجلس لم يقبلا، ولو كان بمجلس ولو متقاربين، أو على رجلين ولو بمجلس واحد قبلا.
وقيل: إن اختلف المجلس جاز، وإلا فقولان.
وفيها: قبول شهادة بعض القافلة لبعض في قطع طريق للضرورة، ولو كانوا عدولاً جاز في القتل والمال وغيره، ولو شهد رب دين لمديانه بطلت على الأصح، وثالثها: إن كان معسراً.
ولو شهد عامل قراض لربه أو عكسه جازت عند ابن القاسم.
وقيل: إن حرك المال وإلا بطلت.
وقيل: إن كان غنياً جازت وإلا فلا.
والدفع كشهادة مديان معسر لربه إن حل أو قرب حلوله، فإن كان معسراً أو شهد له في غير مال قبلت، وخرج في قبولها إن بعد الأجل قولان، وكشهادة بعض العاقلة بفسق شهود القتل خطأ.
الرابع: الحرص على إزالة نقص أو على التأسي؛ كشهادته فيما رد فيه لرق أو صبا أو فسق أو كفر، فلو أدى ولم يرد حتى زال المانع قبلت إن أعادها، وكذا لو علم القاضي بحاله قبل الأداء، فقال: لا أجيز شهادته، ثم زال مانعه؛ فإنها تقبل بعد ذلك.
وعن سحنون وغيره: وفي عبد وصي وكافر أشهدوا عدولا على شهادتهم، ثم زالت موانعهم فماتوا أو غابوا فشهدوا على شهادتهم؛ أن ذلك لا يقبل، بخلاف ما لو شهدوا في الحال الثاني بما علموا في الأول.
وعن ابن القاسم: لو حكم بشهادة من ظن حريته ثم علم بذلك بعد عتقه رد الحكم وشهد الآن، وكشهادة ولد الزنا فيه وفيما يتعلق به؛ كاللعان، والقذف، والمنبوذ، وكشهادته فيما حدَّ فيه على المشهور.
وروي: تقبل، وبه قال ابن نافع، وابن كنانة وهو ظاهرها، وتقبل في غيره إن تاب، وزوال الفسق بما يغلب على الظن دون حدٍّ، فقد يظهر عن قرب أو عن بعدٍ لاختلاف فطنة وغور من مختَبِرٍ ومختبَرٍ.
وقيل: بسنة.
وقيل: بنصفها.
الخامس: الحرص على الأداء كالبداءة به قبل الطلب فيما تمحض لآدمي، لكن يلزمه أن يخبر ربه الحاضر به وإلا جرح.
وقيل: إن علم رب الحق بعلمه لم يضر.
وقيل: إن كتم فصالح ذو الحق عن بعضه فجرحة، والأظهر أنه جرحة إن علم بطلان الحق بكتمه، أو تحصل به مضرة أو معرة، وفي حق الله تعالى تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق، وطلاق، ووقفٍ، ورضاع، فإن كتمه بطلت على الأصح، إلا في زنا وشرب خمر، إلا على المشتهر بالفسق المجاهر.
السادس: الحرص على القبول؛ كأن شهد وحلف على المنصوص، وإن في حق الله تعالى، واختير القبول ممن يجهل ذلك، وكأن خاصم مشهوداً عليه في حق آدمي، وكذا في حق الله تعالى، فلابن القاسم في أربعة تعلقوا بمن شهدوا عليه بزنا لا تقبل شهادتهم.
وقيل: تقبل ورجح.
ولا يبطلها حرصه على تحملها؛ كمن اختفى لذلك إن لم يكن المشهود عليه مخدوعاً ولا خائفاً، وإلا بطلت وحلف ما أقر إلا لذلك، وقيد إن استوعب جميع كلامه وإلا بطلت.
السابع: العداوة بسبب أمرٍ دنيوي من مالٍ، أو جاهٍ، أو منصبٍ، أو خصامٍ لا ديني، إلا إذا زادت على القدر الواجب زيادة تبطل الشهادة، ومثله لو شهد المشهود عليه على الشاهد ولو بعد شهرين، قاله سحنون.
وعن أصبغ: لو قال الشاهد للمشهود عليه بعد الأداء بالحضرة تشتمني وتُشَبِهُني بالمجانين، في البطلان قولان.
وقيل: إن كان على جهة الشكوى لم تبطل، وعلى طلب خصامه تبطل، واستحسن قبولها من مبرز بقليل، وهل يجب عليه إخبار الحاكم بالعداوة وهو قول مالك، أو لا وصحح؟ قولان.
ولو حدث بين مسلم وذمي عداوة دنيوية لم تقبل شهادة المسلم عليه على الأصح، وفي قبول شهادة خصم على وكيل خصام ومخاصم عن غيره في اليسير أو ردها قولان، لا في الكثير.
ولو شهد على ابن عدوه بمالٍ وما لا يلحق الأب منه معرة؛ بطلت على الأصح، وثالثها: إن كان في ولاية أبيه.
ورابعها: إن كان الأب حيًّا وإلا قبلت فيها، فلو شهد عليه بزنا أو سرقة ونحوها مما فيه معرة بطلت باتفاق، وتقبل شهادته على صبي أو سفيه في ولاية عدوه على الأصح، وزوالها كالفسق، ومن بطلت عليه لم يجرح شاهده، ولا يزكى من شهد عليه، ومن بطلت له بالعكس.
الثامن: الاستبعاد، كشهادة بدوي لحضري في الحضر، وقيد إن لم يكن مخالطاً لهما، بخلاف ما لو كانوا في سفر أو سمعه أو مر به، أو الشهادة بقتل، أو جرح، أو قذف وشبهه مما لا يقصد الإشهاد عنه.
وفي شهادة الحضري على البدوي قولان، ومنع ابن وهب عكسها، وقيد إن شهد لبدوي مثله، وبطلت من عالم ونحوه على مثله؛ كمن يأكل عند العمال ونحوهم، أو يأخذ منهم، بخلاف الخلفاء.
وكسائل في كثيرٍ.
اللخمي: إلا أن يقول مررت به فسمعته يقر لفلان بكذا، وأما في اليسير فيقبل كمن لا يسأل، وإن قبل ما يدفع له، أو سأل الأغنياء، أو الرجل الشريف، أو الإمام، أو لم يشتهر بالمسألة، وكذا إن سأل لمصيبة نزلت به، أو ديةٍ؛ وقفت عليه عند ابن كنانة، وسواء القليل في هذا أو الكثير، وقال ابن كنانة: لا يقبل في خمسمائة دينار ونحوها، وقيده اللخمي بها إذا كان بوثيقة، وأما إن قال: مررت به فسمعته يقر لفلان بكذا؛ فإنه يقبله في الكثير أيضاً.
وقال ابن وهب: في رجل حسن الحال يسأل الصدقة مما يدفع لأهل الحاجة، أو يسأل الرجل الشريف، أو يتصدق عليه وهو معروف ولا يتكفف الناس؛ أن شهادته ترد، إلا أن يكون إنما يطلب من الإمام إذا فرق وصية رجل واستند الشاهد في الإعسار على طول صحبة وقرينة؛ كصبر على جوع ونحوه كضرر الزوجين، ولا يقبل مفتٍ على مستفتيه فيما ينوَّى وإلا رفع، ولا من شهد باستحقاق، وقال: أنا بعته له، ولا من تعصب لرشوة أو لقن خصماً، ولا من لعب بنيروز؛ ولاسيما مع الأرذال والأوباش ومن لا يليق به، ولا من مَطِلٍ مع غناً، وحالف بعتق وطلاق، ولا من جاء مجلس قاض ثلاثة مرات دون عذر، ولا من تاجر لأرض حرب على الأصح.
وثالثها: إن لم يعذر بجهل وإلا فلا، ولا من سكن داراً غصبها، أو مع ولد، أو أخ شريب، أو من وطئ قبل استبراء وإن صغيرة ويؤدب، ولا من يلتفت في صلاته.
ابن كنانة: ولا يقيم صلبه في ركوع وسجود، أو اقترض حجارة مسجد، وقال: رددتها، إلا أن يعذر بجهل.
ابن كنانة: ولا تقبل ممن لم يُحكِم الوضوء والصلاة.
مطرف: ومن عرف بتضييع الوضوء أو الزكاة؛ لا تقبل شهادته ولا يعذر في ذلك بجهل.
سحنون: ومن لم يعرف التيمم وقد سافر ولزمه فرضه وهو لا يعرفه؛ لا شهادة له.
قال: وكذلك من لم يعرف الزكاة في كَمْ تجب من المال في ذهب وفضة وهو ممن تلزمه الزكاة؛ فلا شهادة له.
قال: وكذلك كثير المال القادر على الحج ولم يحج فهو جرحة، ولو كان بالأندلس.
وكذلك من باع نرداً، أو طنبوراً، أو مزماراً، أو عوداً، أو نحو ذلك، أو حلَّفَ أباه عالماً بحرمة ذلك لا جاهلا على الأصح، ولا تبطل بطروء تُهْمَةِ جَرٍّ ودفعٍ وعداوةٍ بعد الأداء؛ كمن شهد لامرأة ثم تزوجها إلا بظهور وجهٍ مانعٍ؛ كأن شهد عليه أنه كان يخطبها قبله، وكما لو شهد على رجل أنه كان طلق امرأته البتة ثم تزوجها وثبت أنه خطبها قبل ذلك؛ فإنها تبطل فيهما، كحدوث فسق بعد الأداء.
وقيل: إلا بنحو قتل وجرح، ولو بان أنه قضى بصبيين أو كافرين نقض اتفاقاً، وكذا بعبدين على المنصوص، أو بفاسقين على الأصح وهما روايتان، وخرج عليهما نقضه بقريبين أو عدوين على الأصح.
وعن سحنون: وبمولى عليه، واختار اللخمي خلافه.
ولو بان المانع بأحدهما نقض أيضاً، إلا أن يحلف ذو الحق مع الباقي، فإن نكل حلف الآخر ورد له ماله، فإن نكل فلا شيء له.
وحلف في قصاص مع عاصب خمسين يميناً، فإن نكل ردت وغرم الشاهد أو المشهود في قصاص ورجع.
وقيل: إن علموا، وإلا غرم الحاكم.
وقيل: إن علموا بهم وبأنهم لا يقبلون غرموا، وإلا فهدر.
وقيل: على عاقلة الإمام.
وقيل: هدر.
وفيها: إن علموا فالدية، وإلا فعلى عاقلة الإمام.
وفي القطع إن حلف تمت، وإلا حلف الآخر أنها باطلة وبرئ، ولا غرم على عبدٍ.
وقيل: إلا أن يعلم فعليه كحدِّ القذف، ولا يثبت بشاهد منفرد حكمٌ، والقاسم نائب كشاهد حيازة، والقائف مخبر عن علم، والمرأة في الرضاع مع فشو، واليمين مع الشاهد في طلاق وعتاق ونسب.
وهي أقسام: منها ما يثبت بامرأتين؛ وهو ما لا يظهر للرجال؛ كحيض أمة وعيب بفرجها على الأظهر، فإن كان في غير فرج مما هو عورة، ففي بقر الثوب لينظرها الرجال أو الاكتفاء بامرأتين قولان، ولا يثبت بواحدة إلا أن يرسلها قاض فقولان، فإن غابت الأمة أو ماتت؛ فلابد من امرأتين، وكولادة وإن غاب المولود على المشهور وكاستهلال، ويثبت الإرث والنسب له وعليه دون يمين على المنصوص، ولا يثبت بشاهد وامرأتين لرفع الضرورة بحضور الرجال خلافاً لابن حبيب، وفي قبولهما وأن المولود ذكر قولان.
وثالثها: إن طال وتغير في قبره وورثه بيتُ المال أو رجل بعيد؛ قبلت وإلا فلا.
وقيد: إن تعذر تأخيره للرجال قبلا باتفاق.
ومنها ما يثبت برجل وامرأتين أو أحدهما مع يمين؛ وهو المال وما يئول إليه، كأجل، وخيار، وشفعة، وإجارة، وجرح، وقتل خطأ، وجرح مأمومة وجائفة، وفسخ عقد بإقالة وفساد، ودفع نجوم كتابة، وكذا إيصاء بصرف مال ولو في حياة موصيه على المشهور، وكذا من أقيم عليه شاهد أنه اشترى زوجته، وكسبق دين لعتق وقصاص لا جرح على الأصح، وأن المقذوف عبد، وكذا بأن القاضي قضى له عليه بمال وشهر خلافه وأنكر، ويثبت المال دون القطع إن شهدوا بسرقة؛ كعدل مع يمين الطالب.
وفيها: وإن شهد امرأتان مع رجل على موت ميتٍ، فإن لم تكن له زوجة ولا أوصى بعتق عبدٍ ونحوه وليس إلا قسمة المال؛ جازت شهادتهما.
وقال غيره: لا تجوز.
ولو شهدوا بقتل عبد عمداً ثبت المال دون القصاص، أو على نكاح بعد موتٍ أو موت وارثٍ قبل آخر خلافا لأشهب.
ومنها ما لا يثبت إلا بعدلين، وهو ما ليس بزنا ولا مال ولا آيل إليه، ولا ما يختص بالنساء؛ كنكاح، ورجعة، وطلاق، وإيلاء، وظهار، واستيلاد، وإحلال، وإحصان، وعتق، وإسلام، وبلوغ، وردة، وشرب، وقذف، وحرابة، وسرقة، وولاء، وعدد، وعفو عن قصاص وثبوته، ونسب، وموتٍ، وكتابة، وتدبير، وجَرحٍ وكذا تعديل.
وعن ابن نافع وعبد الملك: جواز تزكية النساء للرجال فيما تجوز فيه شهادتهن.
ومنها ما لا يثبت إلا بشهادة أربعة عدول؛ وهو الزنا، واللواط يشهدون في وقت، وزنا متحدين على المشهور فيهما أنه أدخل فرجه في فرجها كمرْود في مكحلة، ولكل تعمد النظر للعورة على المشهور قصداً للتحمل، ويستحب للحاكم أن يسألهم كالسرقة ما هي، وكيف أخذها، ومن أين، وإلى أين، فإن شهد ثلاثة ثم سألوا الإمام أن ينظرهم ليأتوا بالرابع، فقيل: يجب عليه ذلك، والأظهر خلافه.
ابن المواز: فإن مات الأربعة أو غابوا غيبة بعيدة قبل أن يسألهم الإمام، أو كانوا أكثر فغاب منهم أربعة؛ لم يسأل من بقي وأقام الحد فيهم، وقيده اللخمي بما إذا غاب العالم بما يوجب الحد، وقيل: يسأل من بقي وفرقهم خلافا لأشهب إلا لريبة.
وفي قبول اثنتين في إقرار به أو على حكم قاض على رجل بزنا قولان، ووقف مدعي فيه بعدل أو اثنين مزكيان إن طلبه.
وقيل: والواحد كذلك.
وقيل: إنما يوقف بعدلين ويمنع بالواحد من بناء وبيع وغيره.
وقيل: يكفي شاهد واحد فيما يغاب عليه لا في الأصول، وحيلولة الأمة على ذلك وإن بغير طلب، وإن لم يؤمن من عليها.
وقال أصبغ: إلا الرائعة فمطلقاً.
قال: والوخش كالعبد، والحيلولة في ذي الخراج يوقفه، وليس له عقد كراءٍ ولا يمنع من قبضه فيما تقدم، وفي الدار أو بعضها يمنع بغلقها، وفي الأرض كذلك يمنع حرثها.
وقيل: يوقف من الكراء ما يقابل الحصة، وأجله سحنون في الإخلاء كيومين.
وإن سأل ترك ما يعسر نقله منها مكِّن، ثم يغلق ويختم ويأخذ مفتاحها، وبعث أميناً يغلقها إن كانت ببادية وبيع ما يفسد من طعام وغيره، ووقف ثمنه مع مجهولين ومع عدلٍ واحدٍ يحلف وتبقى بيده، وإن طلب ذو العدل أو بينة سماع، وضع قيمة الدابة ليذهب لمن يشهد على عينها مكِّن، لا إن فقد أو طلب وقفه لمجيء بينته وإن لكيومين، إلا بدعوى بينة حاضرةٍ أو سماعٍ يفيد؛ فيوقف ويوكل به في كيومين.
وفيها: وكذلك في العروض والعبيد والأمة، إلا أنه في الأمة إن كان أميناً دفعت إليه، وإلا فعليه أن يستأجر معها أميناً.
قال مالك: ويطبع في أعناقهم، فإن رجع بذلك وقد أصابه في الحيوان والرقيق عورٌ أو كسرٌ أو عجف؛ فهو لها ضامنٌ، ولا يضمن إن نقص سوق ذلك كله، وله رده وأخذ القيمة التي وضع، والنفقة على من قضى له به، والغلة للمدعى عليه بالقضاء.
وقيل: لثبوت الحق.
وقيل: للمدعي.
وفي جوازها على خط المقر أو خط الشاهد إن مات أو غاب ببعد أو خط نفسه طريقان:
الأولى: في الجميع أربعة.
ثالثها: يجوز في الأول فقط.
ورابعها: وفي الثاني لا على خط حاضر أو قريب غيبة، وهل البعد مسافة قصر، أو ما بين مكة والعراق، أو ما يشق؟ أقوال.
الثانية: الجواز على خط المقر على المشهور كإقراره، وعلى الأول فهل يختص بالمال، أو يجوز فيه وفي الحبس والطلاق والعتاق ونحوه وعليه الأكثر؟ خلاف.
ولو كتب ذكر حق عليه بخطه ولم يكتب شهادته فهو إقرار، فإن كتبها فأقوى، وخطئ من أفتى بعدم الجواز، وهل يجبر على الكتب إن طلب منه ليقابل بما أنكره، أو لا؟ خلاف.
وبكل أفتى، وفي قبول شاهد على ذلك روايتان؛ بناء على أنه يحلف مع الشاهدين أم لا، وعلى القبول فيحلف يمينين، وفي جوازها على خط الميت أو الغائب روايتان شُهِّرا، وضعف محمد القبول بأن غاية خطه كلفظه، وهو لو سمعه يذكر شهادته لم يجز له نقلها عنه، وصوبه ابن رشد في غير حبس ونحوه، وفرق بأنه قد يتساهل في لفظه لا في خطه، وشرطه يتيقن خط الشاهد، وأنه كان يعرف المشهود عليه، وأنه تحمل الشهادة عدلاً ولم يزل على ذلك حتى مات، وفي جوازها على خط نفسه وأدائها ولا يحكم ستة، ثالثها: غير جائزة، لكنه يؤديها ولا يحكم بها.
ورابعها: إن كانت في كاغَدٍ لم تجز، وإن كانت في رَقٍّ جازت، يريد إن كانت في باطنه.
وخامسها: إن لم يكن بخطه إلا رسم شهادته فقط لم تجز، وإن كان الكل بخطه جازت.
وعن مالك: إن لم يكن محو ولا ريبة فليشهد وإلا فلا، ثم رجع فقال: لا يشهد حتى يذكرها، وصوب المرجوع عنه للضرورة، وعليه يشهد ولا يخبر الحاكم بحاله، فإن أخبره لم يفده على الأصح، وعلى الثاني يخبره ولا ينفعه، ومن لا يعرف فلا يشهد على شخصه، وكرهه إلا بمعرفة بعضهم فليشهد معه.
وقيل: يكتب اسمه ونسبه وقبيلته ومسكنه، وردَّ بأنه قد يكذب في ذلك كله، والأحسن أن يذكر حليته وصفته، فإن حضر عند الأداء قطع عليه الشهادة وإلا فعلى صفته، وكشف منتقبة ليعينها عند الأداء، ولو عرفها شاهدان فلا يشهد إلا على شهادتهما إن تعذرا.
وقيل: يشهد.
والمختار إن سألهما الشاهد عنها فأخبراه فليشهد، لا إن أحضرهما المشهود له ليخبراه.
أما لو حصل العلم ولو بامرأة كفى، فإن قالوا: شهدنا عليها منتقبة وبه نعرفها؛ قلدوا ولزمهم تعيينها من نساء أدخلت فيهن إن طلب منهم ذلك، ولا يفيد قولهم: لا ندري هل نعرفها الآن أو قد تغير حالها، ولا قولهم: لا نتكلف ذلك، فإن شكوا أو أيقنوا أنها بنت فلان وليس له إلا هي إلى حين الأداء جازت.
ابن كنانة: وإن عرفوا اسمها ونسبها فقط، وقالوا: إن كانت فلانة بنت فلان فقد أشهدتنا، فثبت أنها فلانة بنت فلان؛ حلف الطالب وثبت حقه، وليسجل على من ثبت أنها بنت زيد لابن عمها فقط، والرجل كذلك، فيقال: قال أنه فلان بن فلان.
وجازت شهادة سماع فاش عن الثقات وغيرهم.
وقيل: عن العدول.
وقيل: وغيرهم.
ولا يسمون من سمعوا منه، فيكون نقل شهادة، ولابد من طول زمان، وحلف دون ريبة من اثنين فصاعدا.
وقيل: لابد من أربعة.
مالك: ولا تجوز في ملك بخمس سنين.
ابن القاسم: وإنما تجوز فيما أتت عليه أربعون سنة، أو خمسون.
قيل: وهو ظاهرها.
وعنه: عشرون سنة.
قيل: وبه العمل بقرطبة لا خمس عشرة.
وقيل: طول.
وقيل: في الوباء، وهل خلاف للأول، أو قيد فيه؟ قولان في الملك لحائزٍ يتصرف طويلاً دون نزاع، وتقول البينة أنه حازه لحقه وأنه ملكه.
وأما من ابتاع شيئا من سوق ونحوه؛ فلا يشهد له بالملك، إذ يبتاعه من غير ملكه، وهل يشترط استفاضة الخبر؟ خلاف.
وقدمت بينة ملك على حيازة، إلا بسماع أنها اشتراها هو أو مورثه من القائم، أو مورثه أو ممن صارت إليه، فإن قالوا: سمعنا أنها ابتاعها لكن لا ندري ممن لم تنفعه ولا ينتفع بها، ولا ينتزع بها من يد حائز على الأصح، وفي قبولها فيما ليس بيد حائز كعفو من أرض قولان.
والحبس كأن كانت بيد حائز لا مشتر فشهدت بينة السماع أنها حبس عليه وعلى عقبه، أو لا يد عليهما لأحدٍ فشهد أنها حبس على بني فلان، أو لله تعالى مع طول زمان، والموت فيما بعد عن بلد ميت لا فيما قرب أو بلده، فإنما هي شهادة بتٍّ ولو كان أصلها السماع، وكسفهٍ، وجَرْحٍ، وعزلٍ، وكفرٍ ومقابلها، ونكاح اتفق عليه الزوجان على المشهور وإلا فلا، وطلاقٍ، وخلعٍ، وضرر زوج، وبيع، وصدقة، ورضاع، وحملٍ، وقسمة، وهبة، ووصية، وولادة، ويسار، وعُدمٍ، وحرابة، وإباق، وأسر، وعتق، ولوثٍ موجب لقسامة، وكذا في نسب وولاء على المشهور.
وقيل: إنما يثبت المال فقط، ومن السماع ما يفيد العلم؛ مثل: أن نافعا مولى ابن عمر، وابن عبد الرحمن ابن القاسم وإن لم يعلم لذلك أصل.
والتحمل إن افتقر إليه فرض كفاية، وتعين الأداء من كبر بدين على واحد انفرد أو اثنين كذلك، ولا تحل إحالته على اليمين، وعلى ثالث إن لم يجتز الحاكم بأقل، وكذا حتى يثبت الحق لا من أبعد، والأصل في ذلك اعتبار المشقة، وجرح إن انتفع منه بشيء فيما يلزمه، إلا في ركوب دابة إن عسر مشيه ولا دابة له.
سحنون: ولو أخبر الحاكم بذلك لكان حسناً، وله أن ينتفع فيما لا يلزمه بركوبه، وكذا نفقته ما أقام معه، ولا يكون جرحة على المشهور، وطولب مدعى عليه بشاهد في طلاق وعتق بأن يقر أو يحلف ويبرأ، فإن أبى حبس على الأخيرة.
وروي: يقضي عليه بالنكول مع الشاهد، وعلى حبسه.
فروي: إن طال دين وأطلق.
وروي: سنة.
وروي: أبداً إلا في نكاح على الأصح.
وفي كتاب محمد: إذا ادعت امرأة على رجل نكاحاً، أو ادعى هو عليها أن اليمين ساقطة ما لم يقم بذلك شاهد.
وعن عبد الملك: إذا أقام شاهداً على رجل أنه زوجه ابنته البكر؛ حلف الأب، فإن أبى سجن حتى يحلف، ولا مقال للابنة، فإن كانت ثيباً؛ فلا يمين عليه.
وقال أصبغ: لا يمين على الأب بحال، وإن وكل رجلاً أو امرأة فزوجه أحدهما وادعى الوكالة فأنكرها حلف، وحلف عبد قام له شاهدٌ اتفاقاً، وكذا سفيه على المشهور.
وقيل: إنما الخلاف إذا نكل فحلف المطلوب ثم رشد، فلا تعاد اليمين خلافاً لمطرف، وعلى حلفه فهل يقبض الناظر عليه ما وجب له، أو يقبضه هو ثم يسلمه للناظر؟ قولان.
ولا يحلف صبي مع شاهده على المعروف، ولا أبوه على المشهور.
وقيل: إلا أن يكون الابن فقيراً وهو ينفق عليه، وحلف المطلوب الآن على المنصوص، ثم في وقف المعين قولان.
وعلى وقفه؛ يسجلها الحاكم عنده، فإذا بلغ الصبي حلف وأخذه، أو قيمته إن فات لوارثه قبله، إلا أن يكون قد نكل أولاً، ففي حلفه لحصة الصبي، أو لا شيء له؟ قولان.
فلو بلغ الصبي فنكل عن اليمين، أو وارثه بعد موته؛ اكتفى بيمين المطلوب الأولى على المشهور.
ولو حلف بعد نكول الطالب ثم وجد الطالب شاهداً آخر؛ لم يضم للأول على المشهور.
وقيل: إنما الضم في المرأة تقيم شاهداً بطلاقها، فيحلف الزوج، ثم تجد شاهداً آخر إذا لم يوجد منها نكول، وعلى عدم الضم، ففي تمكين الطالب من اليمين مع الشاهد الثاني قولان.
وعلى تمكينه لو نكل، فهل يحلف المطلوب مرة أخرى ويسقط الحق دون يمين؟ قولان.
وهل يقضى له إن وجد شاهدين بعد نكوله؟ قولان.
وحلف لرد شاهدٍ عليه بوقف للفقراء، وإلا فحبس، فإن تعذرت من بعض كشاهدٍ بوقف على بنيه وعقبهم، فروي: يثبت الجميع بحلف الجل، وروي: بحلف واحد.
وقيل: نصيبه فقط.
وقيل: كمسألة الفقراء، وعلى الثالث: لو مات الحالف عما بيده، ففي تعيين مستحقه من بقية الأولين، أو البطن الثاني، أو من حلف أبوه ترددٌ، ثم في أخذه دون يمين قولان، ولو قال الحاكم: ثبت عندي لفلان كذا، لم يشهد عليه إلا بإشهاد؛ كقول شاهد لمثله: اشهد على شهادتي، وكذا إن رآه يؤديها عند حاكم على الأصح، لا إن سمعه يخبر بها غيره، وسمى من نقل عنه إن كان رجل مات، أو مرض مرضاً يشق الحضور معه، أو غاب بموضع لا يلزمه الأداء منه، ولا يكفي الثلاثة الأيام في الحدود.
وفيها: ولا في غيرها.
وقيل: البعيد كمسافة القصر، وينقل عن النساء بحضرتهن، فلو طرأ على الأصل فسق، أو عداوة، أو ردة؛ امتنعت لا جنون، وإن كذبه أصله قبل الحكم بطلت، وإلا مضت على الأصح، ولا غرم على المنصوص.
وقال محمد: في رجلين نقلا عن أربعة أنهم أشهدوهم على رجلٍ بالزنا، فلم يحد الناقلان حتى قدم الأربعة فأنكروا أن يكونوا أشهدوهم، فإن الأربعة يحدون، فأثبت النقل وجعل إنكار الأربعة رجوعاً، وينقل عن كل واحد منهما أو عنهما معاً اثنان ليس أحدهما شاهد أصل.
وقيل: لابد من أربعة عنهما، أو عن كل واحد اثنان، وفي الزنا أربعة عن كل واحد، أو عن كل اثنين اثنان على المشهور، لا إن شهد ثلاثة على ثلاثة وواحد على الأربعة.
وقيل: لابد من ستة عشر، عن كل واحد أربعة.
وقيل: يكفي اثنان كغير الزنا.
وعن عبد الملك: يكفي أربعة عن كل واحدٍ، أو عن كل اثنين اثنان، فإن تفرقوا فثمانية عن كل واحد اثنان، وعنه: ثمانية دون تفصيل.
ولو شهد اثنان بالرؤية، ونقل عن اثنين اثنان، ونقل عن واحد اثنان، وشهد ثلاثة بالرؤية؛ لفقت فيهما.
وجازت تزكية ناقل لأصله، ونقل عن مجهول حالٍ وكشف عنه الحاكم، لا من علمت جرحته، وتنقل المرأتان مع رجل فيما تجوز فيه شهادة النساء على الأصح.
وللرجوع أحوال: قبل الحكم فيمنعه، وإن قالا وهمنا بل هو هذا سقطتا، ولو سئل عن شهادة، فقال: لا أذكرها، ثم قال: تذكرتها، فقال مالك: تقبل إن كان مبرزاً.
وقيل: مطلقاً.
وقيل: لا مطلقاً.
وكذا إن قال: أنا أتذكر فيها، ثم قال: تذكرتها.
سحنون: واختلف قول مالك: إن قال لا أعلمها، ثم قال: تذكرتها، فأجرى المازري الشك بعد الأداء على ذلك ورجح القبول مطلقاً.
الثاني: بين الحكم والاستيفاء فيستوفى المال اتفاقاً، وكذلك الدم عند ابن القاسم خلافا لغيره كحرمته، وعلى الثاني ففي وجوب الدية قولان، وعلى وجوبها فهل دية من وجب عليه القصاص، أو المشهود بقتله، أو اختلفا في ذكورة وأنوثة؟ تردد.
وعليه لو رجع شاهد الإحصان بجلد البكر، وعن ما وجب إن رجعا بعد الاستيفاء على الأصح، فإن تعمدا فالدية لا القصاص على الأشهر.
وقال محمد: اتفق أصحاب مالك على تغريمهم ما تعمدوا تلفه.
وفيها: لو أقر الحاكم أنه رجم، أو قطع اليد، أو جلد تعمداً للجور؛ أقيد منه.
وقيل: إن حكم عالماً بكذبهم فكحكمهم إذا لم يباشر القتل، ونقض بثبوت كذبهم إن أمكن، وأدبا في كقذف بلا غرم، ولو شهدا بقتل عمداً ثم ثبت أنه حيٌّ؛ فالغرم اتفاقاً، وبدأ بالشهود إن وجدهم أملياء، وإلا فالقاتل.
وقيل: يخير الولي، وهل يرجعون على الولي بما أدوا، أو لا؟ قولان.
فلو غرمت العاقلة الدية للولي في قتل خطأ ثم جاء حياً رجعت على الولي، فإن أعسر فعلى الشهود، وقيل: يبدءون بالشهود فيأخذوا منهم ما أخذه الولي، فإن عدموا فالولي، ولا رجوع لغارم على الشهود ولا العكس، وقيل: تخير العاقلة، فإن وجدوا الشهود فقراء فعلى الولي، وإن بدأت بالولي لم ترجع على الشهود، وإن وجدته فقيراً فعلى الشهود، ثم رجعوا عليه.
ولو ثبت بعد رجمه أنه مجبوب فالدية على الشهود مع أدبٍ وسجن طويل، وقيل: الدية على عاقلة الإمام، فإن قالوا رأيناه يزني بعد جَبِّهِ صدقوا، ولا حد عليهم بحال.
وحد شهود الزنا برجوعهم في كل حال كالأربعة إن وجدوا أحدهم عبداً أو كافراً أو ولد زنا، أو مولى عليه، وكذا إن رجع أحدهم قبل الحكم لا بعده على المشهور، ولا الراجع وحده، ولو رجع من ستة اثنان حدا، وقيل: لا، واختير حدهما إن كذبا الشهود وإلا فلا حد كالأربعة، فإن ظهر أن أحدهم عبد حد هو والراجعان، وفيها: يحد الجميع، ويغرم الراجعان ربع الدية دون العبد، ولو رجع ثالث من الأربعة غرم هو والراجعان ربعها، فإن رجع رابع فنصفها، وعلى ذلك ولو رجع من ستة واحد بعد فقء عين مرجوم وثان بعد موضحة فلا غرم عليهما وكذا لا حد على الأصح، ثم إن رجع ثالث بعد موته غرم الأول سدس دية العين، والثاني مثله، وخمس الدية موضحة، والثالث: ربع دية النفس فقط لا مع سدس وخمس على الأصح.
واختص أربعة الزنا بالغرم دون شاهدي الإحصان إن رجع الكل على الأصح كرجوع مزكٍ، وعلى الثاني ففي تنصيفها أو تثليثها قولان.
ومكن مدع رجوعاً من بينة كيمين إن أتى بلطخٍ، وبطل رجوعٌ عن رجوع، ولو رجعاً عن عفو قصاص أدباً، وجلد القاتل مائة وحبس سنة ولا غرم عليهما على الأصح كرجوعهما عن طلاق مدخول بها، وإلا فنصف الصداق على الأصح كرجوعهما عن دخول مطلقة، واختص الراجعان عن شهادة دخول بالغرم عن شاهدي الطلاق على الأصح ورجعا على الزوج بموتهما إن أنكر طلاقها، ورجع هو على شاهدي الطلاق بما فوتاه من إرث، لا ما غرم، وهي بما فوتاها من إرث وصداق وإن لم يدخل، وهما منكرا الطلاق، ولو جرحا أو غلطا شهادي طلاق أمة ثم رجعا غرما للسيد ما نقص بردها زوجة، ولو رجعا عن شهادة بخلع بثمرة لم تطب غرما القيمة الآن كالإتلاف بلا تأخير للحصول على الأصح، وإن كان بآبق أو بعير شارد غرما قيمتها على أقرب صفة لا بعد حصوله، وإن قرب على المنصوص، فإن ظهر أن بهما عيب وكان عند الخلع رجعا بما يقابله، وقيل: لا بخراجه إلا بعد قبضها كالجنين إن وقع عليه الخلع، ولو شهد بزوجية منكرة فلها الرجوع إن طلقت قبل بناء، ولو ادعت البينونة فلها الرجوع إن مات وترثه ولو رجعا عن عتق ناجز غرما القيمة، والولاء لسيده، وهل عليها في المؤجل القيمة والمنفعة لهما للأجل إن لم يستوفياها قبله أو تسقط منها المنفعة على ضررها، ويستوفيها السيد ويخير في إسلام خدمته، والتمسك بها، ويدفع لها قيمتها وقتاً بعد وقت، أقوال.
وخرج حراً بحلول الأجل، ولا شيء لهما فيما بقي مما غرماه إلا أن يموت مطلقاً وله مال أو يقتل فتؤخذ قيمته فلهما ذلك، وإن استوفيا ما غرماه قبل الأجل خدم سيده إليه ثم هو حر، وإن كان يعتق لموت فلان، غرما قيمة خدمته إلى أقصى عمري العبد وسيده، وقيل: قيمة رقبته، ولو رجعا عن تدبير غرما قيمته ناجزاً واستوفيا من خدمته كما تقدم ولا شيء لهما إن عتق بموت سيده، وإن رده أو بعضه دين قدما كالجناية، ولا يربحان وإن كانا معسرين قضي عليهما بما بين قيمته، مدبراً ممنوعاً بيعه، ومجوزاً ذلك، ورجع السيد عليهما إذا أيسرا، وقيل: إذا استوفى السيد قيمته من خدمته ثم يبقى بيده مدبراً، فإن مات قبل الاستيفاء غرما القيمة، أو ما بقي منها، واختير إغرامهما ما بين القيمتين مطلقاً، ولو كان موضع المدبر أمةً لا حرفة لها، ولا تستأجر قضى عليهما بالقيمة، ونجز عتقها إلا أن يتطوعا بالنفقة رجاء أن ترق فلهما ذلك، ويتطوع السيد بذلك، وإن كان بكتابة غرما القيمة وأخذاها من نجومه إن وفت، وخرج حرّاً وإن نقصت فلا شيء لهما، وإن زادت فالفاضل للسيد وإن رق أخذاهما من ثمن رقبته، فإن لم يف فلا شيء لهما فيما نقص، وقيل: تجعل القيمة بيد عدل حتى يستوفيا من نجومه مثلها، فيرد عليهما، وقيل: تباع الكتابة بعرض، فإن وفى القيمة وإلا أتماها، وإن كان باستيلاد غرما قيمتها على المشهور، وقيل: وتخفف لما بقي فيها من الاستمتاع، وأخذ ما غرسا من أرش الجناية عليهما، وما زاد فللسيد، ولا شيء لهما في نقص، وفي أخذهما مما استفادته قولان، والحامل كغيرها، ولو شهد أنه أقر بولدها ثم رجعا غرما قيمته وإن كان
بعتقها فلا غرم على الأصح، وعلى الغرم فيها يخفف قولان، وإن كان بعتق مكاتبة أو مكاتب غرما ما عليه في الكتابة من عين أو عرض، ولا غرم عليهما إن كان ببنوة ولم يمت الأب وإلا غرما للعصبة أو بيت المال ما فوتاه، وإن كان عبداً فعليهما قيمته أولاً، ثم إن مات الأب وكان معه ولد غيره اختص بالقيمة التي أخذها الأب أو قدرها من التركة وغرما له نصف ما بقي، فإن طرأ دين محيط غرم كل ولد نصفه وكمل من القيمة التي أخذها الأول ورجعا عليه بما غرمه الملحق للغريم، ولو كانت القيمة خمسين والتركة بها مائة أخذ الملحق إن لم يكن غيره خمسين والعصبة أو بيت المال خمسين ثم غرما لهما الخمسين التي فوتاها، فلو طرأ دين خمسين أخذت من الملحق ورجعا بمثلها على من غرماها له، وإن كان برق لمدعي حرية فلا غرم عليهما في الرقبة على المنصوص بخلاف ما أتلفاه للعبد من استعمال ومال انتزع ولا يأخذه المشهود له وورث بحرية فقط، وللعبد التصرف فيه بعتق وعطية لا تزويج، ولو شهد بمائة لزيد وعمرو ثم قالا هي لزيد غرما للمشهود عليه خمسين لا لزيدٍ، ومتى رجع أحدهما فعليه النصف، وعن بعضه فنصف البعض ولا شيء على من يثبت الحق بدونه إن رجع على المشهور، إلا أن يرجع غيره فيغرم معه، وقيل: يغرم الراجع مطلقاً من ثلاثة الثلث، ومن أربعة الربع، وعلى الراجع مع النساء النصف، ولو رجع معه واحدة من ثلاث على المشهور، فلو رجع ثمان من عشرة لم يغرمن شيئاً، وقيل: على كل من رجعت مطلقاً نصف سدس، فإن رجعت تاسعة فعليهن الربع، والأظهر أن عليهن النصف لأن الباقية شهادتها مطروحة، فلو كان مما يقبل فيه امرأتان، ورجع الكل فعلى الرجل سدس، وكل امرأة نصفه، فلو رجعوا إلا امرأتين فلا غرم لاستقلالهما، فلو بقيت واحدة فالنصف على من رجع، وقياس الشاذ خلافه، وللمحكوم عليه مطالبة الشهود بالدفع للمحكوم له، ولمن حكم له ذلك إذا تعذر الأخذ من المحكوم عليه، وقيل: لا غرم على الشهود إلا بعد غرم المحكوم عليه، وحيث أمكن الجمع بين البينتين صير إليه، فإن تنافتا فالترجيح إن أمكن وإلا بطلتا وبقي الحق بيد حائزه، وفيها: ويحلف، فإن كان بيد غيرهما فلمن أقر له منهما، وقيل: يقسم بينهما، لأن البينتين قد اتفقتا على إخراجه عن ملك ادعاه الحائز، فإن ادعاه لنفسه نزع منه، وقسم بينهما، وقيل: يترك بيده، فإن أقر به لغيرهما، فهل يكون له أو يقسم بينهما؟ خلاف، وعلى القسم فإن كان بيد غيرهما فعلى قدر الدعوى اتفاقاً بعد أيمانهما، فإن اختلفا في البداءة قدم الحاكم من شاء، وقيل: يقرع، وهل يحلف على نفي دعوى خصمه فقط أو مع إثبات دعواه؟ تردد، وإن كان بيدهما فعلى قدر الدعوى لا نصفين على المشهور، وفي الاكتفاء بالبينة فيما ليس بيد أحد كعفو من أرض أو لا بد من اليمين قولان.
واستؤني قليلاً بكطعام وحيوان، وفيها: في الدار تترك بيده حتى يأتي أحدهما بأعدل مما جاء به صاحبه، فإن طال ولم يأت بذلك فقال ابن القاسم: يقسم، وروي: يوقف أبداً حتى يأتي بذلك، وإذا قسم على الدعوى فكالعدل، وقيل: يختص مدعي الأكثر بما سلم له، فعلى الأول إذا تداعى اثنان الكل والنصف تعول بالنصف وتقسم من ثلاثة، وعلى الثاني يختص مُدَّعِي الكل بالنصف، ويقسم الباقي بينهما نصفين، وعليه لو زاد وأعلى اثنين فهل يختص مدعي الأكثر بما زاد على الدعوتين جميعاً - وصوب - أو بما زاد على أكثرهما؟ قولان، وعلى الأول منهما يأخذ مدعي الأكثر السدس ثم نصف ما بقي، ومدعي النصف نصف السدس، ويقسمان ما بقي، وعلى الثاني يأخذ مدعي الكل النصف ثم نصف السدس، ومدعي النصف نصف السدس ثم يقتسمان الباقي، ورجح بمزيد عدالة لا عدد على المشهور فيهما مع يمين صاحبها على الأصح، أما لو كثرا جداً فلا ترجيح بعددٍ اتفاقاً.
وبعدلين على عدلٍ مع يمين أو مع امرأتين على الأظهر، فلو كان العدل أعدل من كل منهما فقولان، لا بزيادة عدالة المزكين على الأصح، وبيد إن استوت بينتهما مع يمين الحائز على المشهور فيهما، فإن ترجحت إحداهما قضي لصاحبها، وهل بيمين وهو الراجح؟ قولان، وبملك عن حوز وإن سبق كأن شهدت بينة أنه ملكه منذ سنة، وآخر أنه بيده منذ سنتين خلافاً للتونسي.
وبتاريخ على غيره على المعروف إلا أن يقول من لم يؤرخ أن القاضي قضى به لمن شهدت له، وبتقدمه، وإن كانت الأخرى أعدل، وفيها: ولا أبالي بيد من كانت الأمة إلا أن يحوزها الأقرب تاريخاً بالوطء والخدمة، والادعاء لها بحضرة الآخر فقد أبطل دعواه.
وبسبب ملك عليه كنسج ثوب، وقيد إن كان ينسج لنفسه لا للناس، وإلا لم تنفعه بينته، وقيل: تقدم بينة الملك، ويقضى للنساج بقيمة عمله مع يمينه أنه لم يعمله بلا شيء.
وكنتاج وإن لم يكن بيده على ملك إلا بملك من المقاسم، فإنه أحق به إلا أن يدفع له الثمن الذي خرج من يده، ولو شهدت بينة على إقرار أحدهما بأنه كان ملكاً للآخر استصحب كقوله: كان بالأمس ملكاً له، وكما لو شهدت أنه ابتاعه منه لا إن شهدت أنه كان بالأمس بيده، وإن شهدت أنه غصبه منه جعل زائداً.
ورجح نقل على استصحاب كدعوى ابن داراً وزوجة أنها أخذتها صداقاً أو بيعاً وصحة الملك بإشهاد بتصرف وعدم منازع وطول حوز كعشرة أشهر، وهل وإن لم يخرج من ملكه في علمهم، أو هو شرط كمال؟ تأويلان.
واختير إن كان على ميت فشرط صحة وإلا فكمال.
ولو ادعى أخ أسلم أن أباه أسلم قبل موته فالقول للنصراني، فإن أقاما بينتين قدمت بينة المسلم إلا أن تقول الأخرى تنصر ثم مات إن جهل أصله فيقسم كمجهول دين دون بينة لهما، وقيل تقدم بينة المسلم مع يمينه على نفي دعوى النصراني، ولو كانوا جماعة قسم على الجهتين بالسوية، وإن اختلف عددهم، فإن كان مع الولدين أخ صغير، فهل يحلفان، ويوقف ثلث ما بيد كل واحد لبلوغه، فمن وافقه اختصه، ورد للآخر ما وقف له من حصته، وإن مات حلفا وقسم بينهما، أو للصغير النصف ويجبر على الإسلام قولان.
وقال أصبغ: يوقف النصف لا الثلث، سحنون: فإن مات أحدهما قبل بلوغ الصغير وله ورثة يعرفون فهم أحق بميراثه، ولا يرد، فإن بلغ فادعاه أخذه ومن قدر على أخذ حقه جاز إن لم تكن عقوبة وأمن فتنة، ونسبة لرذيلة، فإن كان غيره فثالثها: إن اتحدا جنساً جاز، وإنكار من عليه شيء لمن أنكره بمثله على ذلك، وفي حلفه مؤديا تردد.
والمدعى عليه من تمسك باستصحاب حال، والمدعي من يريد النقل عن ذلك، ولهذا قبل مدعي رد الوديعة حرية الأصل مطلقاً، ما لم يثبت عليه حوز ملك لا مدعي العتق، ولا يسمع لي عليه شيء حتى يكون معلوماً محققاً يلزم المقر به حكمه لا دعوى هبة على عدم لزومها بالقول، وكفي بعت واشتريت وتزوجت، ويحمل على الصحيح، ولا يحلف مع بينته إلا أن يدعى عليه قضاء أو براءة فيحلف حينئذ، فإن نكل حلف المطلوب وبرئ.
ولو قال احلف أنك ما تعلم فسق شهودك وأنت ما حلفتني قبل هذا الوقت لزمه ذلك، وإن قال أبرأني موكلك الغائب أنظر ولا يحلف الوكيل، وقال ابن كنانة: إن كان الطالب قريباً على مثل يومين، كتب إلى الحاكم فحلفه، وإن كان بعيداً حلف الوكيل ما علمت أنه قبض شيئاً وقضي عليه، وحمل على الوفاق لابن القاسم، وقال محمد: يقضى عليه وترجى له اليمين، ومن استمهل لإقامة بينة أو دفعها أمهل بالاجتهاد وقيل كجمعة وقيل كيومين بكفيل بمال إن قصد الدفع أو إقامة شاهد ثان أو بإقامة بينة فبالوجه، وفيها: ولا يلزمه ذلك، وهل خلاف أو المراد من يلازمه أو إن لم يعرف شخصه؟ تأويلان.
وحبس مدعى عليه أمسك عن إقرار وإنكار - وبه العمل - ويؤدب، وأفتي بضربه حتى يجيب، فإن تمادى حكم عليه، وقيل: كالناكل يقضى عليه مع يمين الطالب إن لم تثبت دعواه إلا ببينة، وكذا إن كانت مما يثبت بالنكول واليمين وإلا حكم عليه.
ابن المواز: بلا يمين، وقال اللخمي: يخير بين الثلاثة، فإن اختار الحكم بلا يمين بقي خصمه على حجته، وله أن يسأل المدعي عن السبب وقيل دعوى نسيانه بلا يمين، وقيل: القياس بيمين، وإن أنكر المعاملة بينهما الطالب.
ويجيب العبد عن دعوى القصاص والسيد عن الأرش إلا بما يدل لصدق العبد ففيها: في عبد على برذون مشى على صبي فقطع أصبعه فتعلق به وهي تدمي، يقول فعل بي هذا فصدقه العبد أن الأرش يتعلق برقبته، وفيها: وإذا صدق العبد في دعوى القصاص فعفا ولي الدم على أن يأخذه فليس له للتهمة بإرادة الفرار من سيده بإقرار على هذا الوجه.
واليمين في كل شيء بالله الذي لا إله إلا هو فقط على المشهور، وفي الاكتفاء بلفظ صفة مفردة أو الموصوف تردد، وعن مالك: يزاد في ربع دينار والقسامة واللعان عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، وزيد في اللعان أشهد بالله، وفيه بالله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، وزيد في القسامة الذي أمات وأحيا وعالم الغيب والشهادة مقتصراً من غير ذكر الرحمن الرحيم، قيل: وبه العمل ولا يزاد على اليهودي الذي أنزل التوراة، ولا على النصراني الذي أنزل الإنجيل على المشهور، وحلف في كنيسته وحيث يعظم، والمجوسي في بيت ناره وحيث يعظم، وهل يقول في يمينه الذي لا إله إلا هو - وهو ظاهر قول مالك - أو يحلف بالله فقط؟ خلاف، وفيها: ولا يحلف يهودي ونصراني إلا بالله، وهل على ظاهره أو لا يلزمهم تمام شهادة لا يعتقدونها أو يلزمهم ذلك؟
وجوابه: إنما خرج على سؤال هل يزيدون التوراة أو الإنجيل، فقال: لا، إنما يحلفون بالله إلى تمام اليمين، أو اليهودي يلزمه ذلك دون غيره؟ تأويلات، وقيل: يلزمهم ذلك اعتقدوه أم لا، رضوا به أم كرهوه، ولا يعد ذلك إسلاماً.
وغلظت على مسلم في دم، ولعان، بجامع ووقت صلاة اتفاقاً وفيما له بال بالأول، وقيل: بهما، ولا يقوم مقام الجامع مسجدٌ آخر، ولو ذا جماعة وقبائل على المعروف، وعلى يهودي ونصراني ومجوسي ببيعته وكنيسته وبيت ناره.
ولا تغلظ بمنبر على الأصح إلا بمنبره عليه السلام، ومن أبى أن يحلف عنده عُدَّ نَاكِلا، وبمكة عند الركن، ولا يحلف في أقل من ربع دينار في مسجد، وقيل: إلا في غير المدينة، وخرجت مخدرة فيما تطلب به لمسجد حرة أم ولدٍ ليلاً، وقيل: فيما كثر كدينار، فإن كانت لا تخرج أصلاً ففي بيتهما على الأظهر، وفيما تستحق به حقها لموضع اليمين باتفاق، وهل المكاتبة والمدبرة، وقيل: والأمة ومن فيها بقية رق كالرجل أو المرأة؟ تأويلان، وحلفت في أقل بينتها، وكفى في تحليفها الواحد والاثنان أولى.
ويمين المسجد قائماً، ولا يلزم باستقبال على الأصح، وثالثها: إلا في لعان وقسامة، وشرطها من المطلوب مطابقة إنكاره، ولا يكفي ليس لك عليَّ حق على الأصح، وثالثها: إن كان متهماً، وإلا كفى، ومن الطالب موافقة شاهده بأنه أقر، ولا تقبل منه أن عليه كذا وزاد إن غاب، وأنه باق عليه إلى الآن، ولو ادعى قضاء لميت حلف على نفي العلم من ورثته من يظن به العلم، وقضى لجميعهم، وحلف في النقص على البت اتفاقاً، وفي الغش ونحوه على نفي العلم على الأصح، وثالثها: إن كان غير صيرفي وإلا فعلى البت أيضاً، واستند في البت إلى ظن قوي كخط أبيه أو قريبه، وقيل: لا بد من اليقين، ولا تفيد تورية ولا استثناء، إذ هي على نية الحاكم، ويمين المطلوب ماله عندي كذا ولا شيء منه ونفى سببا عين وغيره كتسلف ونحوه على المشهور، وقيل: يكفي ذكر السبب، وعن مالك: يكفي ما له عندي حق ثم رجع، فإن قضاه نوى سلفاً يجب رده الآن، وإن قال المدعى عليه هو لفلان، فإن غاب المقر له غيبة بعيدة لزم المقر اليمين أو البينة، وانتقل الحكم إليه، فإن نكل أخذه دون يمين وإن صدقه المقر له بعد قدومه أخذه وإن كذبه ففي تركه بيد المقر أو أخذه لبيت المال، وهو ظاهر الروايات تردد.
ولو ادعى عليه في شيء بيده، فقال هو لزيد، فإن حضر زيد ادعى عليه فإن أقام بينة فواضح، وإن حلف فللمدعي تحليف المقر ما أقر إلا بالحق وبرئ، فإن نكل حلف المدعي وغرم له المقر قيمة ما أتلف عليه أو مثله في المثلي، وإن قال: هو وقف أو لولدي لم يمنع مدع من بينة، وانتقلت الحكومة لمستحق الوقف أو ناظره، أو للولد الكبير أو لولي الصغير، ولا يثبت حقٌّ بنكول مجرد في غير تهمة، إلا مع يمين مدع فيما يثبت بشاهد ويمين، ولا يمكن منها بعده بخلاف مدعى عليه التزمها ثم رجع على الأصوب.
ويتم النكول بقوله لا أحلف وشبهه، أو أنا ناكلٌ أو احلف أنت أو يتمادى على امتناعه، وإن ردت على مدع فسكت زمناً فله الحلف، وإن أبى الآخر.
وليبين الحاكم للناكل حكم النكول، ولو نكل مدع عن يمين ردت عليه سقط الحق وعكسه لو ادعى القضاء فنكل الطالب ثم نكل المطلوب لزمه، وإن حلف برئ، ومن استمهل الحساب ونحوه أمهل كما تقدم، ومن أشبهت دعواه على مثل المدعى عليه سمعت دون خلطة كعلى صانع وتاجر بسوق لا لبعضهم على بعض، أو من يجتمع في مسجد مع غيره لصلاة، أو درس وحديث ونحوه إلا بها، وكوديعة يملك مثلها وهو غريب، والمدعى عليه يودع مثلها وثم ما يوجب الإيداع كمسافر في رفقة، ومدع لسلعة بعينها بيد غيره، وقيل: لا يحلفه حتى يثبتها بخلاف مدع شراء سلعة ممن وقفها بسوق، فيحلفه بدونها وكدعوى على متهم بسرقة أو عند موته على شخص منكر، أو دعوى مبتاع من مأذون أن سيده قبض منه كذا فيحلف له السيد بدونها وإن لم يشبه عرفاً كدعوى حاضر ساكت بلا مانع على أجنبي غير شريك متصرف، وإن بلا هدم وبناء على المشهور عشر سنين، وقيل: ثمان، وقيل: ما يعد طولاً لم يسمع ولا بينته، وفي يمين الحائز حينئذ قولان بخلاف هدمه لخوف سقوط أو إصلاح خف، فإن كان غائباً غيبة بعيدة كالسبعة الأيام سمعت، وفيما قرب كأربعة أيام إن ثبت عذره عن القدوم قولان، ولو نازعه في المدة أو بعضها أو كان وارثاً وادعى نفي العلم فله القيام كأن شهدت بينة أنه أسكن الحائز أو ساقاه أو أعمره ونحو ذلك، وحلف لرد دعوى الحائز أنه باعه ونحوه، وإن تمسك بالحيازة فقط فلا يمين له، وتصرف الشريك الأجنبي بكهدم وبناء كتصرف غيره، وفي شريك قريب هدم، وبنى في العشر سنين، قيل: حيازة، وقيل: حتى تطول كأربعين سنة، وقيل: خمسين فأكثر، وتكون بالتفويت ببيع وهبة وصدقة وعتق وكتابة ووطء وإن لم تطل من أجنبي أو قريب، وإن أبا وابنه، فأما لو بنى الأب أو الابن أو هدم في حياة الآخر، أو بعد موته فلا يتم الحوز بذلك على المشهور، إلا بطول تهلك فيه البينات وينقطع معه العلم، ولا فرق في حيازة الورثة بين الرباع والأصول، وتفترق من غيرها في الأجنبي ففي الدابة وأمة الخدمة السنتان، ويزاد في عرض وعبد، فإن بنى قريب غير شريك أو مولى عليه وصهر شريك، أو هدم، ففي كونه حيازة له ثالثها: للصهر دون القريب، وفي كون السكنى وَالازْدِرَاعِ في العشر سنين حيازة لمولى، وصهر غير شريك أو إن هدم، وبنى أو إن طال جداً أقوال.
وهل يكلف حائز لبيان ملكه، ثالثها: إن كان معروفاً بغصب واستطالة وقدرة بين وإلا فلا، وصدق إن شهد له عرف كنقد وحمولة ومعاقد قمط ونحوه، فإن توسطت كدعوى دين سمعت، ومكن من بينته، ولا يمين بدون خلطة على المعروف، وعليه أهل المدينة.
والخلطة المبايعة بدين ولو مرة، وبنقد مراراً، وقيل: لا تكون إلا ببيع وشراء، وقيل: هي الدعوى بما يشبه، وهل تحصل بالسلف؟ قولان، وعلى اعتباره فهل المراد السلم أو القرض؟ قولان، وهل تبقى وإن انقطع البيع أو السلف؟ قولان.
وحلف متهم بدون خلطة على الأصح، ويثبت بشاهد أو امرأة بلا يمين على الأصح، ولا يحلف مدعى عليه إن رد بينة مدع بعداوة أو جرحة على المشهور، ولا يمين بمجرد دعوى لا تثبت إلا بعدلين كنكاح وطلاق وعتق ونسب وولاء ورجعة وقتل عمد، ولا ترد ولو استحلف خصمه مع حضور بينة يعلمها تاركا لها لم تسمع على الأصح، وهل يكفي في الترك الإعراض، أو لا بد من التصريح؟ قولان، فإن لم يعلم ببينة فله القيام بها، وصدق في نفي العلم بيمينه، ولو حلف خصمه بدون حاكم، وله بينة بعيدة فله القيام، لا إن صالحه على شيء لبعدها.

.باب الجراح

الجراح موجبها قَوَدٌ في نَفْسٍ فما دونها، وَدِيَة، وقيمةٌ، وأدبٌ، وكفارةٌ في نفس، والنظر فيها في القَوَدِ في القتل والقتيل والمقاتل.
فشرط القتل كونه عمداً، محضاً، حراماً؛ وهو: قصد الضارب إلى الضرب بما يقتل مثله - وإن لم يقصد القتل عَلَى الْمَشْهُورِ- بمباشرة أو سبب.
فالمباشرة كقتله بحديدة أو بشيء مُحَدَّدٍ، أو بمثقل، وكعصر أنثييه، وخنقه، وحرقه، وتغريقه، ومنعه من أكل أو شرب لموته، وكذا إن لطمه، أو وكزه، أو ضربه بعصا، أو رماه بحجر عمداً، إلا لأدب ولعب.
وقال اللخمي في اللطمة وما بعدها: إن قام معها دليل العمد كضربة من رجل شديد لمريض أو ضعيف فكذلك، وإلا فشبه عمد، فإن كان في لَعِبٌ فخطأٌ على الأصح.
وثالثها: إن تلاعبا معاً فكذلك، وإن ضربه ولم يلاعبه الآخر فالقود.
وقيل: هو قيد في القولين يرجع بهما إلى وفاق.
وقيل: هو شبه عمدٍ، فإن مات مغموراً لم يتكلم فالقود.
وفيها: بقسامة كموته بعده، فإن أنفذ له مقتلاً فلا قسامة.
وفيها: وإن طرح رجلاً في نهر ولم يدر أنه لا يحسن العوم فمات فإن كان على وجه العداوة والقتل قتل به، وإن كان على غير ذلك ففيه الدية - يريد: على العاقلة - مُخَمَّسَة لا مغلظة على الأصح، وإن كان على وجه اللعب فكما تقدم.
ولَوْ جَرَحَهُ أَوْ أَوْضَحَهُ أَوْ أَمَّهُ أَوْ قَطَعَ فَخِذَهُ فكطرح النهر.
ومن جاز له فِعْلٌ بضرب وشبهه حُمِلَ على الخطأ حتى يثبت العمد؛ كأب وزوج ومعلم وطبيب وخاتن.
وقيل: هو شبه عمد فلا قود فيه.
وقيل: فيه ما تقدم في اللعب.
وروي: شبه العمد في غير الأب باطل.
وهل يصدق في دعوى الخطأ؟ قولان.
وعلى تصديقه فيمين.
وقال اللخمي: شبه العمد أربعة؛ إما أن يحصل القتل بآلة لا تقتل كسوط ولطمة ووكزة وعصى وبندقة، أو بما يقتل لكن لا يتهم على القتل كفعل المدلجي بولده، أو يباح له الفعل بمثل ذلك كمعلم وطبيب، أو يكون على صفة يراد بها القتل، ويتقدمه بساط يعلم أنه لم يقصده كالمتصارعين.
والتسبب كحفر بئر حيث لا يحل له، أو وضع سيف أو سكين، أو مُزَلِّقٍ كزئبق وقشر بطيخ؛ قصداً للضرر.
فإن هلك المقصود فالقود إن تكافئا أو المقتول أرفع، وإلا فالدية.
وفي كعبد ودابة القيمة.
ولو ربط دابة بطريق؛ لقصد ضرر معين فهلك فالقود.
وأما لو وقفها بباب دار عند قدومه ودخل لحاجته أو بباب مسجد أو أمير أو سوق فلا ضمان.
ولو اتخذ كلباً عقوراً أو ترك جداراً مائلاً؛ قصداً لضرر معين وأنذر فالقود إن هلك، وإلا فالضمان إن أنذر على الأصح.
وثالثها: إن نهاه السلطان.
وقيل: يضمن مطلقاً.
وقيل: إن اتخذه في موضع لا يجوز له ضمن اتفاقاً.
وله فعل ما يجوز له ولم يقصد ضرراً فلا ضمان كحفر بئر أو شرب للماء في أرضه أو داره لضرورة أو رشٍّ تَبَرُّدَاً أو تَنَظُّفَاً.
ولو جعل في باب داره أو جنانه شوكاً أو مساميراً أو عيداناً؛ ليعطب بها سارق أو غيره - ضَمِنَ دون قودٍ، وكإكراه وتقديم طعام مسموم عالماً به، وكرمي حَيَّةٍ عليه يعلم أنها قاتلة كجاد على غير وجه لعب ويقتل، ولا يُصَدَّقُ في إرادة اللعب، ولا أنه لم يُرِدْ قتله.
وإن كان كفعل الشباب بعضهم مع بعض فخطأ، وكإشارته بسيف ونحوه ففر منه وهو يتبعه حتى مات وبينهما عداوة؛ فإن سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ.
وقيل: تلزمه الدية فيهما دون القود.
وموته من إشارته فقط خَطَأٌ فيه دِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ.
وروى اللخمي: مغلظة، وكإمساك لقتل بأن يرى القاتل وبيده سيف أو رمح وهو يطلبه فأمسكه فقتله - فإنهما يقتلان معاً.
وقيل: إن لم يقدر إلا به، فلو أمسكه ليضربه ضرباً معتاداً ولم يدر أنه يقصد قتله، ولا رأى معه سيفاً ولا رمحاً -قُتِلَ المباشر وحده، وعوقب الآخر، وحبس سنة.
وقيل: باجتهاد الحاكم.
وقيل: يجلد مائة فقط.
ولو تمالأ جماعة على قتل واحد سليماً أو ناقصاً وَإِنْ بِسَوْطٍ سَوْطٍ أو مباشرون أو متسببون قتلوا جميعاً كمكرِه ومكرَه إلا مكرَه أب فإنه يقتل دون الأب؛ للشبهة، وعلى غير المكلف منهما نصف الدية على عاقلته.
وَقَتْلُ أب ومعلم أَمرا ولداً صغيراً فَقَتَلَ بحضرتهما، وكذا إن كانا غائبين على الأصح.
ولا قصاص على الصبي، وإن كان كبيراً قُتِلَ وحده.
وَقُتِلَ سيد أَمَرَ عبده مطلقاً على الأصح.
وثالثها: إن كان العبد أعجمياً وإلا عوقب سيده.
وفي العبد إن كان كبيراً ثالثها: يقتل إن كان فصيحاً، وإلا فلا.
فإن لم يَخَفْ المأمور قُتِلَ وحده، وعوقب الآمر وحبس سنة.
وهل يُقْتَلُ الحافر لإهْلاكِ مُعَيَّنٍ ومن رَدَّاه، أو المردي فقط؟ قولان.
وَقُتِلَ شريك صبي إن تمالأ وَعَلِمَ قصد القتل، لا إن رماه كل منهما عمداً ولم يعلم بالآخر وجهل المصيب.
وكذا لو كانا مكلفين أو كان المكلف مخطئاً دون الصبي أو هما مخطئان، وتنتصف الدية عليهما.
ولو كان الكبير متعمداً وحده فكذلك.
وقيل: يُقْتَلُ.
وقيل: إن ادعى الأولياء أنه المصيب قُتِلَ بقسامة، وإلا فالدية.
وهل يقتل شريك مخطئ ومجنون وسبع وحربي وجارح نفسه، ومريض بعد جرحه، أو عليه نصف الدية؟ قولان.
ولو جرحه فضربته دابة أو سقط من علوٍ فجرح أيضاً، وجهل من أيهما حصل القتل فنصف الدية.
وقيل: بقسامة كمرض المجروح بعد الجرح.
ابن المواز: ولو طرحه شخص على ظهر البيت بعد جرح الأول - أقسموا على أيهما شاءوا وقتلوه، وضرب الآخر مائة وحبس عاماً.
ولو تصادم أو تجاذب بصير وضرير أو مِثْلانِ أو راكب وماشٍ أو مِثْلانِ عمداً فماتا أو أحدهما - فالقود على الحي، وحملا على الاختيار والقدرة عند الإشكال، عكس السفينة على الأصح.
أما لو جمح فرساهما وتحقق عجز الصرف فلا ضمان.
وكذا في السفينة، لا لخوف غَرَقٍ أو ظُلْمَةٍ، وإن لم يتعمدا فدية كُلٍّ على عاقلة الآخر.
وقيل: نصفها فقط، وفرس كُلٍّ في مال الآخر كقيمة العبد.
وما تلف بيده في مال الحر ودية الحر، وما تلف بيده في رقبة العبد، فإن زاد ثمن العبد في الخطأ على الدية شيء فهو لسيده، وإن نقص فلا شيء عليه.
وقيل: إن كان للعبد مال كمل منه.
وقيل: يخير السيد بين أن يُسْلِمَهُ أو يفديه بالدية منجمة.
ولو كان أحدهما متعمداً دون الآخر فالقود عليه إن مات صاحبه.
وإن مات هو فديته على عاقلة الآخر.
ولو سقط أحد المتجاذبين فأتلف متاعاً أو قتل شخصاً ضمنا معاً، ولو وقع الأعمى على قائده فقتله فالدية على عاقلة الأعمى.
ولو سقط ولده من يده فمات فلا شيء عليه.
وإن سقط منه شيء عليه فمات فالدية على عاقلة الأب، وما دون الثلث ففي ماله.
ولو رفع غريقاً ثم خاف على نفسه فتركه فلا شيء عليه.
ولو سقط من دابة على آخر فقتله فالدية على عاقلة الساقط.
ولو انكسرت سِنُّ كلٍّ منهما فعلى الساقط دية سن الآخر، ولا شيء على الآخر.
ولو حفر بئراً فانهدمت عليهما فماتا فنصف دية كل منهما على عاقلة الآخر، وكذا في الحي منهما.
ولو تعدد مباشرون وتمالئوا قُتِلُوا جميعاً إن مات مكانه، فإن عاش وأكل وشرب -أَقْسَمَ في العمد على واحد فقط.
ولا قصاص في الجراح إلا مع قصد المُثْلَة.
وإن لم يتمالئوا وعرفت ضربة كل واحد: قُدِّمَ الأقوى كأن جرحه واحد، وقطع آخر رقبته، وضربه ثالث - فيقتص من الأول، ويقتل الثاني، ويعاقب الثالث.
وإن لم تعرف ضربة كُلٍّ فقيل: يُقْتَلُ الجميع إن مات مكانه.
وقيل: لا، والدية في أموالهم.
ولو أنفذ واحد مقتله، ثم أجهز عليهم ثان قُتِلَ، وعوقب الأول.
وقيل: بالعكس.
والقتل بلا قسامة، وعلى الثاني فقيل: لا تجوز وصاياه إذ هو كميتٍ.
ابن رشد: ولو قيل: بقتلهما معاً لكان له وجهٌ.
وشرط القتيل أن يكون معصوم الدم إلى حين التلف والإصابة بإسلام أو أمان أو جزية، ولو قاتلاً من غير المستحق، لا مرتد وزنديق وزان محصن، لكن يؤدب قاتله افتئاتاً.
ولو قتل المرتد نصرانياً فكذلك، قاله سحنون.
فلو قتل أجنبي من وجب عليه القصاص عمداً قدَّمه لولي الأول.
وروي لا شيء له كموته.
فلو أرضاه ولي الثاني استحقه، فإن قتله خطأ ففي الدية القولان.
ولو قَطَعَ أجنبي يَمِيْنَ قَاطِعِ اليمين فكذلك.
ولو قطع الأول من المنكب، والثاني من الكوع فللمقطوع من المَنْكِبِ قطع الأول كذلك، أو قطع الثاني من الكوع، ولا شيء له غير ذلك فيهما.
وقال محمد: له قطع الثاني من الكوع مع قطع ما بقي من يد الأول إلى المنكب، واستحسنه اللخمي، واستبعده غيره.
ولا حَقَ للولي في الأطراف، وحكمها للقاتل كقطع يده وفَقْءِ عَيْنه وشبه ذلك عمداً أو خطأً.
وكذا لو كان الولي هو القاطع عَلَى الْمَشْهُورِ، ولو بعد إسلامه له، فلو سُلِّمَ له ليقتله فجرحه فمات بنفسه فلا شيء عليه.
أما لو قصد ذلك اقْتُصَّ منه.
ولو غاب عليه فَوُجِدَ مقطوع اليدين أو الرجلين فقال: أردت قتله فاضطرب فحصل ذلك فإنه يصدق.
ولو قطع رِجْلَ غيره عمداً، ثم قتل فصالح وليه على ما أخذه فلا شيء لمن قطع يده على الأصح.
وشرط القاتل أن يكون مكلفاً - وإن رقيقاً أو سكراناً - غير حربي، ولا زائد حرية مع إسلامهما، أو إسلام مطلقاً عن قتيل حين القتل، إلا لغيلة أو حرابة، لا صبي.
وفي المميز خلاف ومجنون وإن عمداً، والدية على عاقلتهما مطلقاً إن بلغت الثلث، وإلا ففي مالهما أو ذمتهما.
وقيل: المجنون هدر في دم ومال وفي حال إفاقته كالصحيح، فإن أيس من إفاقته فهل يُسَلَّمُ للقتل، أو تؤخذ الدية من ماله؟ قولان.
وقال اللخمي: يُخَيَّرُ الولي في أيهما شاء.
ولو ارتدَّ ثم جُنَّ لم يقتل حتى يصح.
وَيُقْتَلُ الأدنى بالأعلى كَحُرٍّ كتابي بعبد مسلم على الأصح، والقيمة هنا كالدية.
والكافر من كتابي ومجوسي وذي أمان بمثله.
وهم متكافئون ولا أثر لشائبة حرية؛ فلا يقتل حُرٌّ بمكاتب ومدبر وأم ولد ومعتق لأجل أو بعضه وإن قَلَّ جُزْءُ رِقْهِ، ويقتلون به.
وكلهم متكافئون يقتص لبعضهم من بعض مطلقاً.
وَيُقْتَلُ الذكر والصحيح وسليم الأعضاء والبصير والعدل والشريف بضدهم.
وإِنْ ثَبَتَ قَتْلُ عَبْدٍ حُرَّاً عَمْدَاً بِبَيِّنَةٍ أو قَسَامَةٍ -خُيِّرَ ولي الدم في قتله؛ فإن استحياه فداه سيده بالدية أو أسلمه.
وفي الخطأ يُخَيَّرُ في الدية أو إسلامه.
فإن قَتَلَ العَبْدُ حُرَّاً ذِمِيَّاً خُيِّرَ أيضاً سيده في فدائه بدية الذمي أو إسلامه، فيباع لولي الدم، وله ما زاده لسيده على الأصح.
ولو رمى الأب ابنه بحديدة فمات وادعى أَدَبَهُ وأنه لم يُرِدْ قتله صُدِّقَ، بخلاف الأجنبي؛ للشبهة، والدية مغلظة، والإثم كذلك.
أما لو ذبحه أو شق بطنه أو قطع يده أو وضع أصبعه في عينه فأخرجها وانتفت الشبهة، أو اعترف بالقصد -اقتص منه.
وقال أشهب: لا يُقْتَلُ الأب بابنه مطلقاً.
وأصول الأب والأم والابن كهما.
وقيل: إلا من جهة الأم فكالأجانب.
وشرط القَوَدِ كون القائم بالدم غير ولد القاتل، ولو أسلم كافر وأعتق عبد بعد قتل مكافئ - لم يسقط.
وقيل: الأولى العفو عن المسلم إن صار الأمر للإمام، فلو زال التكافؤ بين السبب والمسبب كعتق أحدهما أو إسلامه بعد الرمي وَقَبْلَ الإصابة وبين الجرح والموت فالمعتبر في القصاص حال الإصابة والموت اتفاقاً.
وكذا في الضمان لا حال الرمي على الأصح.
ولو رمى حُرٌّ عبداً مطلقاً أو رمى عبد حراً خطأً فعتقا قبل الإصابة فالدية فيهما على الأول، والقيمة على الثاني في الأولى، والجناية في رقبته في الثانية.
ولو أسلم مرتد أو حربي بين الرمي والإصابة فدية مُسْلِمٍ على الأول، وَهَدَرٌ على الثاني.
ولو أسلم مرتد رمى مسلماً خَطَأً بينهما فالدية على العاقلة على الأول، وفي ماله على الثاني.
ولو جرح مسلم نصرانياً ثم أسلم أو تمجس، أو مجوسياً ثم أسلم أو تنصر فدية ما صار إليه على الأول، وما كانا عليه على الثاني.
ولو ارتد مسلم بعد قطع يده ثم ترامى جُرْحُهُ فمات فالقصاص في اليد فقط باتفاق منهما.
والجرح كالنفس في الفعل والفاعل والمفعول، إلا أدنى جَرَحَ أعلى فلا يُقْتَصُ له منه عَلَى الْمَشْهُورِ، كعبد قطع يد حر، أو كافر قطع يد مسلم.
وقيل: يُخَيَّرُ المُسْلِمُ بين القصاص والدية.
وخرج في العبد مثله.
وقيل: يجتهد الحاكم.
ووقف فيه مالك.
ورجح القصاص لعموم قوله تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:45].
وتقطع الأيدي بالواحدة فإن تميزت جناية كُلٍّ ولم يتمالئوا اقتص منه بقدرها بالمساحة، وإن تمالئوا قطعوا جميعاً.
واقتص في عمد دَامِيَةٍ سال دمها - وتسمى دامعة بعين مهملة - وحَارِصَةٍ شَقَّتِ الْجِلْدَ - وسميت بالرامية - وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ وتسمى بالحارصة، وَبَاضِعَةٍ شَقًتِ اللَّحْمَ، وَمُتَلاحِمَةٍ غاصَتْ فِيهِ في مواضع.
وقيل: هي الباضعة.
ومِلْطَاة قريبة لِلْعَظْمِ، ومُوضِحَةٍ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ والْجبهة وَالْخَدَّيْنِ، وَإِنْ قَدْر إِبْرَةٍ، وَأَدِّبَ.
وإن كان خطأً فلا شيء فيه إن برئ على غير عثم.
وَاقْتُصَ في ضربة سوط عَلَى الْمَشْهُورِ.
وقيل: لا كلطمة، وضربة عصى.
وفي جراح الجسد هَاشِمَةٍ ومُنَقِّلَةٍ القصاص، وكذا ظُفْرٌ إن أمكن.
وروي: يجتهد فيه.
وهل بالمساحة أو بنسبة العضو؟ قولان لابن القاسم وأشهب ما لم يَعْظُمُ الخَطَرْ كَعَظْمِ صَدْرٍ وَعُنُقٍ وَصُلْبٍ وَفَخِذٍ وَقَطْعٍ بِجَوْفٍ.
وقيل: يقتص في جميعها كَعَضُدٍ وَتَّرْقُوةٍ.
والخطر عمداً إن برئ على غير عَثَمٍ فالأدب فقط.
وفي عمد غيره القصاص.
وإن برئ على غير عثم فالأدب فقط.
واقتص من كطبيب بقدر ما زاد على الواجب عمداً، فإن برئ على غير عثم فالأدب، وإلا فمع الحكومة في ماله مطلقاً.
وإن زاد خطأً فالعقل في ماله فيما دون ثلث الدية، وإلا فعلى عاقلته.
فإن نقص عما وجب فلا يقتص ثانياً.
وقيل: إن بَعُدَ وبرئ ونبت اللحم، وإلا عاود.
وقيل: إن نقص يسيراً وإلا عاود -إن كان بالفور- وإلا فلا، ويكون في الباقي العقل كشَلَّاءٍ بلا نفع بصحيحة، وعكسه.
وقيل: يُخَيَّرُ المجني عليه في القصاص والعقل، وأما ما بها نفع فكالصحيحة.
وقال أشهب: إن بقي الأكثر وَكَلِسَانِ أَبْكَمٍ وَعَيْنِ أعمى وَذَكَرٍ بِلا حَشَفَةٍ وَجَرَاحٍ برأس مِنْ بَعْدِ موضحة كهاشمة هشمت العظم.
وقيل: فيها القصاص.
ومنقلة أطارت فراش العظم من الدواء.
ومأمومة أفضت للدماغ، ودامغة خرقت خريطته.
وعند ابن القاسم: لا بد للهاشمة أن تصير مُنَقِّلَةً، وإذا قيل: بالقصاص فيها فعل، فإن أدى إلى الهشم، وإلا أخذ أرش الزائد.
وصوبه محمد إذا كان الأول موضحة ثم تهشمت، وأما إن كانت الضربة هشمته فلا قود فيها.
اللخمي: إلا أن تكون بسيف أو سكين فتشق اللحم ثم تبلغ العظم فتهشمه.
ويقتص في يَدٍ وَرِجْلٍ وعين وجفنٍ وأذن وأنف وشفة وسن وذَكَرٍ، وكذا في لسان إن أمكن ولم يكن متلفاً، وإلا فلا.
وقيل: فيه روايتان.
وفيها في رض الأنثيين: أخاف أن يكون متلفاً، ولا أدري ما قول مالك فيه.
وإن ذهب سمع أو بصر ونحوهما بِسِرَايَةِ ما فيه القصاص اقتص منه، فإن حصل أو زاد، وإلا فدية ما ذهب في ماله لا على عاقلته على الأصح، وإن ذهب والعين قائمة فإن أمكن اقتص وإلا فالعقل.
فإن عطبت يده أو رجله أو نحوهما بسراية ذلك فكالعين، لا إن ضربه في رأسه فشلت يده.
وعليه دية اليد في ماله على الأصح.
ولا قصاص في شفر عين وحاجب ولحية، وعمده كالخطأ إلا في الأدب.
وقال أشهب: فيه القصاص.
وعلى الأول فإن لم ينبت الشعر فيها فحكومة.
وعن المغيرة: لا قود في لحية وشارب وشعر رأس إلا الأدب، وإن عمداً.
وعنه تصويب القود في الكامل، وفي البعض الأدب.
وإذا قيل بالقصاص فهل بالمساحة أو النسبة أو بالوزن؟ أقوال.
ولو قطع بضعة ففيها القصاص.
ولا تقطع يمنى بيسرى، ولا بالعكس مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وعَيْنٍ، ولا سبابة بوسطى، أو رباعية بثنية، ولا سفلى بعليا، ولا بالعكس.
ومتى تعذر فالدية في ماله.
وإن قُطِعَتْ يد قاطع عمداً بسماوي أو سرقة أو قصاص لغيره فهدر.
وإن قَطَعَ مَقْطُوْعَ الحَشَفَةِ ذَكَرَاً مِنْ أصله أو قَطَعَ أَقْطَعَ الكَفِّ يد غيره من المنكب خُيِّرَ المجني عليه بين القصاص والدية.
ولو قطع جماعة فليس لهم إلا قطعه لهم أو لأحدهم وإن أخيراً.
وَقُطِعَتْ يَدٌ نقصت إصبعاً بكاملةٍ، ولا غرم على الإصبع عَلَى الْمَشْهُورِ.
وقيل: يُخَيَّرُ المجني عليه في أخذ الدية، أو القصاص ولا شيء له.
فإن نقصت أصبعين أو ثلاثاً خُيِّرَ أيضاً، ولا يتعين العقل عَلَى الْمَشْهُورِ.
وثالثها: يَقْتَصُ، ويأخذ عقل ما نقص.
وإن نقصت يد المجني عليه أصبعين تعين العقل اتفاقاً، أو أصبعاً فالقصاص، خلافاً لأشهب.
وثالثها: إن كانت غير إبهام وإلا فالعقل.
أشهب: وله أربعة أخماس الدية.
قال: والأنملتان كالأصبع، واستحسن في الأنملة القصاص، ولا يجوز بكوع لذي مرفق وإن رضيا.
وتؤخذ عَيْنٌ سليمة بضعيفة أو مِنْ كِبَرٍ وبجدري أو رمية وشبهها فالقصاص في العمد.
وقيل: لا، وله فيما بقي بحسابه.
وثالثها: إن قَلَّ، وإلا فالقود، وإن كان خطأً فبحسابه.
ولو فقأ صحيح عين أعور فله القود، أو أخذ ألف دينار من ماله.
ولو فقأ الأعور من الصحيح مثل سالمته فله القصاص أو دية ما ترك له، وعنه: رجع.
وعنه: خمسمائة دينار.
وعنه: القود فقط.
ولو فقأ غيرها فنصف الدية في ماله.
ولو فقأ العينين فالقود ونصف الدية.
وقيل: إن فقأهما معاً أو بدأ بغير مماثلة فكذلك، وإلا فالقود، أو الدية كاملة.
وإن قُلِعَتْ سن عمداً فَرُدَّتْ فَثَبَتَتْ فَالقَوَدْ، وفي الخطأ له أخذ العقل خلافاً لأشهب.
أما إن قبضه لم يلزمه رده اتفاقاً.
وهل لا شيء له في أَشْرَافِ الأذنين بعد الرد أو فيهما العقل؟ تردد؛ بناءً على أن الواجب فيهما حكومة أو دية.
والاستيفاء للأقرب فالأقرب من العصبة الذكور.
والجد مع الأخ سيان، إلا أنه يحلف ثلث الأيمان.
وهل مطلقاً أو هو كالعمد؟ تأويلان.
وقيل: الأخ وابنه مقدمان على الجد.
وانتظر إفاقة مجنون ومغمى عليه ومبرسم لا مطبق وصبي مع كبير فأكثر، لا مع واحد، وإلا حلف الكبير خمساً وعشرين واستؤني بالصغير لبلوغه.
وقيل: ينتظر.
وقيل: لا، ولم يقيد.
أو قيل: ينتظر المراهق فقط.
وفيها: انتظار الغائب.
وهل إن قربت غيبته وهو الأصح أو مطلقاً؟ تأويلان.
وكتب إليه إن أمكن.
فإن أيس منه لم ينتظر كأسير وشبهه، والنساء إن ورثن ولا عاصب في درجتهن.
ولا تدخل بنت مع ابن، ولا أخت مع أخ إلا الشقيقة مع الأخ للأب.
وقيل: لا يدخلن بحال.
وعن مالك وابن القاسم: تدخل الأم خلافاً لأشهب.
ومن مع العاصب غير المساوي سواء، فلكل منهم القتل.
ولا عفو إلا للجميع.
وقيل: إن ثبت ببينة فكذلك، وبقسامة فلا حق لهن.
وروي: إن ثبت ببينة فهن أولى بالعفو، وإلا فلا عفو إلا بالجميع.
ولو حزب الميراث دون العاصب وثبت الدم بقسامة فكذلك.
وقيل: العاصب أولى مطلقاً.
وإن ثبت ببينة فلا حق للعاصب.
ولا تدخل أم على بنت.
وقيل: تدخل.
ولا على ابن وأب، ولا أخت على أم، بخلاف بنت على أب وجد على الأصح.
وينزل الوارث منزلة موروثه.
وللصغير إن عَفَوا نصيبه من دية عمد، ولا يلزمه ما نقص.
فإن انفرد فلوليه القتل، أو أخذ الدية كاملة، لا أقل إلا لعسر.
وقال أشهب: ويجوز بأقل.
وَقُيِّدَ بأن لا يتهم بمحاباة لِقِلَتِهِ.
والأحب أخذ المال في قتل عبده.
وله النظر في الجناية عليه إلا القتل فلعاصبه كما مَرَ.
وللمحجور صغيراً أوكبيراً العفو عن دمه عمداً أو خطأً، ويكون من ثلثه.
وهل له ذلك في جرح وشتم أو لا؟ قولان لابن القاسم، ومطرف وغيره.
وإن قال: اقتلني فقد وهبت لك دمي قُتِلَ به على الأحسن.
وثالثها: تؤخذ ديته من ماله، ولا قود.
وسقطت لعفوه بعد علمه بقتله.
ولو أذن له فقطع يده عوقب، ولا قود.
وَتُقَسَّمُ الدية كالإرث.
ولا قَوَدَ على من ورث قصاصاً على نفسه أو قِسْطَاً منه كأربعة إخوة قتل أحدهم أباه ثم مات أحد الباقين فلا قصاص، ولمن بقي نصيبه من الدية، ويضرب القاتل مائة ويحبس عاماً.
أو قتل الثاني الكبير، والثالث الصغير -فيسقط القتل عن الثاني، ويثبت له على الثالث.
فإن عفا قَاصَّهُ بنصف الدية.
ولو قتل أحد الشقيقين أباه والآخر أمه فَلِكُلٍّ القود، ويجتهد الحاكم في البداءة.
وقيل: لا قود، وعلى كل واحد دية من قِبَلِ الآخر، ويضرب مائة، ويحبس عاماً، وإرثه كالمال لا كالاستيفاء على الأصح.
وكره لابْنٍ قِصَاصٌ مِنْ أَبٍ كتحليفه، وحمل على المنع، وعليه ضرب مائة وحبس عام.
ومن لزمه قصاص مِنْ نَفْسٍ وطرف كفى قتله.
وَيَقْتَصُ له عارف من أهل العدل بأجرة من جَانٍ لا من مستحق عَلَى الْمَشْهُورِ.
وللحاكم رده للمستحق عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَيُنْهَى عن العبث، وَأُدِبَ إن تولاه بغير إذنه.
وقال عبد الملك: إن قتله قبل الإعذار ثم جُرِحَتْ البينة قُتِلَ به، وإن لم تُجْرَح أدب.
وإن كان له وليان فاقتص أحدهما فقال أصبغ: لا يقتل، ويغرم للآخر نصف الدية؛ لأنه أبطل حقه بتقدير عفوه عنه.
ولا يمكن فيما دون النفس.
وَأُخِّرَ القصاص فيما دون النفس لمرض الجاني كَبَرْدٍ وَحَرٍّ مفرطين - للبرء.
ولو زاد على سنة على الأصح، أو نقص عنها على الأكثر.
ودية جرح الخطأ كذلك.
ولا شيء فيه إن برئ على غير شين، وإلا فحكومة.
وكذا ما لا يقاد منه كعظم صدر وعنق وصلب، ولا شيء فيه إن برئ بلا شين إلا الأدب، وإلا فحكومة.
فإن كان فيه شيء مقدر كجائفة ومأمومة أُخِّرَ أيضاً خلافاً لأشهب إلا فيما نقص عن الثلث كموضحة ومنقلة.
ويؤخذ المقدر فيه وإن برئ بلا شين اتفاقاً، وإذا أُخِّرَ في العمد، فإن ترامى للنفس قُتِلَ الجاني بقسامةٍ إن شاء الولي دون قطع وجرح وإن لم يقصد المُثْلَة، وإن شاء اقتص من الجرح دون قسامة، وإن زاد لما دون النفس أو لم يزد اقتص، فإن سرى لمثله أو أزيد كفى، وإلا أخذ أرش الزائد، وإن برئ المارن بشين فحكومة.
وقيل: بحسابه.
وهل خلاف؟ تردد.
وَأُخِّرَتْ حامل وإن بجرح مخيف، وَيَنْظُرُهَا النساء فإن صدقتها فكذلك، لا بدعواها، وحبست كالحدود، فإن بادر الولي فقتلها فلا غرة إن لم يزايلها الجنين قبل موتها، وإلا فالغرة.
وإن خرج واستهل فالدية بقسامة.
والمرضع كذلك؛ لوجود مرضع يقبلها.
وَأُخِّرَت موالاة طرفين أو حدين فأكثر في غير حرام إن خيف جمعهما في فور واحد كحد زنى وخمر.
ويبدأ منهما بالأكثر وهو حد الزنى، فإن خيف من المائة دون الثمانين بدأ بها إلا لضعف فيحد الزنى فيضرب بقدر طاقته، ويستكمل وقتاً بعد وقت للتمام، ثم يجلد للخمر كذلك.
فإن كان الحقان لآدميين كقطع وقذف اقترعا في التبدية، ثم جمعا عليه إن قوي، وإلا فبما يقوى عليه ولو الأخف بلا قرعة.
ويبدأ بحق الله تعالى إلا إذا لم يقو إلا على حق الآدمي فيه، فإن سرق وقطع شمال رجل قطعت يمينه للسرقة وشماله قصاصاً.
وإن كان إنما قَطَعَ يمينه قُطِعَ للسرقة ولا شيء عليه.
ولا يؤخر لدخول الحَرَمِ، ولكن يخرج من المسجد.
ويسقط القود بعفو رجل من أولاد أو إخوة كباقيهم، وكذا من أعمام.
وروي: لا يسقط، ولمن بقي القتل.
فإن ثبت الدم بقسامة ونكل أحدهم أقسم من العشيرة مكانه.
وقيل: إن أكذب أحد الأولياء نفسه أو عفا، وثبت الدم ببينة أو قسامة فثالثها فيها: لابن القاسم إن عفا فلمن بقي حظه من الدية، وإن أكذب نفسه فلا شيء لهم ويردوا ما قبضوه.
وفي بطلان الدية بعفو أحدهم عن الدم ثالثها لابن القاسم: إن عفا قبل ثبوت الدم، وإلا فلمن بقي حظه من الدية.
وقدمت بنت في عفو وضده على أخت.
ونظر الحاكم في عفو واحدة من بناته بالاجتهاد إن كان عدلاً، وإلا فمع جماعة عدول.
فإن كان الأولياء رجالاً ونساءً لم يسقط إلا بهما أو ببعض كل صنف لا إن عفا أحد الصنفين أو بعضه دون الصنف الآخر.
وقيل: القول للعصبة.
وقيل: القول لمن أراد العفو منهما.
ومتى سقط بعض القَوَدِ بعفو من له ذلك فلمن بقي نصيبه من دية عمد، وكذا لو عفا بعضهم أو جميعهم على الدية.
وجاز صلح جَانٍ في عمد بذهب أو ورق أو عرض بأقل من الدية أو أكثر نقداً أو مؤجلاً، ولا يمضي على عاقلة، ولا بالعكس.
واعتبر في الخطأ منع دين بمثله، إلا أنه لا يصح بورق عن ذهب مؤخر كعكسه.
وهو من العاقلة فسخ دين في دين، فإن عفا مجني عليه بوصية فإن حملها الثلث، وإلا وقف ما زاد على رضا الوارث.
ويحاص موصى له مع عاقلة في ثلثه من مال أو دية.
ويدخل في ثلث الدية من أوصى له بعد سببها ولو بشيء معين إذا عاش ما يمكنه فيه التغيير فلم يفعل.
ولا مدخل لوصية في عَمْدٍ وإن ورث كَمَالِهِ أو غرم الدين منه.
ولو قال: إن قَبِلَ أولادي الدية فوصيتي فيها، أو أوصى بثلثها -لم يجز.
ولا يدخل منها في ثلثه شيء إلا إذا أنفذ مقتله، وَقَبِلَ أولاده الدية، وَعَلِمَ بها.
وإن عفا عن جرحه أو صالح عليه الجاني فتراما به فمات فلأوليائه القسامة مع القتل في العمد، والدية في الخطأ، ورجع الجاني بما أخذ منه.
وقيل: ينقض إلا أن يرضى القاتل.
وقيل: يخيرون في العمد فقط، فإن زادوا عما ترامى إليه في كموضحة مُنِعَ وِفَاقَاً في الخطأ.
فإن بلغ ثلث الدية فَخُرِّجَ في جوازه قولان.
وإن كان فيما فيه القصاص جاز.
وقيل: يمنع كعمد لا قود فيه.
وهل يجوز الصلح مع ما ترامى إليه دون النفس، أو إنما يجوز الصلح عليه وحده؟ قولان.
فإن لم يكن فيه شيء ومسمى لم يجز إلا بعد البرء.
ولو ادعى القاتل على ولي الدم أنه عفا عنه استحلفه عَلَى الْمَشْهُورِ، فإن نكل حلف يميناً واحدة وبرئ، وإن نكل قُتِلَ.
وتلوم له في بينة غائبة.
وقال أشهب: لا يمين على ولي الدم لأنها لا تكون إلا خمسين.
أشهب: ولو قال: تحلف لي يميناً واحدة لم يجز.
ومن قَتَلَ بشيء قُتِلَ به، ولو ناراً عَلَى الْمَشْهُورِ، لا بخمرٍ ولا لِوَاطٍ وسِحْرٍ؛ فالسيف كقتله بقسامة، وكذا ما يطول قتله على الأصح.
وهل يقتل بالسم أو يجتهد في قدره؟ تأويلان.
فَيُغَرَّقُ وَيُخْنَقُ وَيُحَجَّرُ بلا عدد.
قال عبد الملك: ويكون الحجر مما يشدخ.
قال: ولا يقتل بنبل ولا يرمى بحجر.
أشهب: وإن كان إذا كُتِّفَ لا يَغْرَقْ فإنه يُثَقَّلُ.
ولو قتله بعصوين ضُرِبَ بالعصا حتى يموت.
وروي: إن كانت الضربة تجهزه فله أن يقتص بها أو بالسيف.
فأما أن يضربه بها ضربات فلا.
أشهب: فإن رأى أنه إن زِيْدَ مثل الضربتين مات فَعَلَ ذلك.
اللخمي: فإن لم يمت بذلك فبالسيف.
وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌ عَدَلَ إليه مُطْلَقَاً، إلا أن يكون غيره أخف فلا.
واندرج ما دون النفس فيها إن تعمده كأن قطع يد واحدٍ، وفقأ عين ثانٍ، وقتل ثالثا -فإنه يُقْتَلُ ولا شيء عليه في غيره إن لم يقصد المُثْلَة، وإلا فُعِلَ به ذلك.
اللخمي: والقياس مطلقاً، فلو فعل ما قَبْلَ النفس خطأً، ثم قتل عمداً -قُتِلَ والدية باقية.
وقطع من الكف إن قطع الأصابع عمداً، ثم الكف إلا لِمُثْلَةٍ، أو يقطع الأصابع خطأً فكما تقدم.
وَتَعَيَّنَ قَوَدٌ في عَمْدٍ دون تخيير بينه وبين الدية عَلَى الْمَشْهُورِ، وهما روايتان.
وجراح العمد باتفاقهما.
وقيل: يخير.
وعلى المشهور لو عفا عن القود أو أطلق سقط الطلب، إلا أن يتبين أنه أراد الدية فيحلف.
ولو عفا عن العبد وقال: قصدت أخذه، أو قيمته، أو دية الحُرِ - لم يكن له ذلك، إلا أن يتبين له ذلك فيحلف، ثم لسيده إسلامه، ولو دفع دية الحر وهي منجمة تأويلان.
الدية
ودية المسلم الذكر الحر في الخطأ على بَادٍ مائة مُخَمَّسة من كل نوع؛ من بنت مخاض وولدي لبون - ذكر وأنثى - وحقة وجذعة عشرون.
وفي العمد مُرَبَّعة، خمس وعشرون من كل نوع سوى ابن اللبون.
وفي أب ولو مجوسياً على الأصح في عمد لم يُقْتَلْ به مُثَلَّثَة ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة دون تحديد سن.
وقيل: ما بين ثنية إلى بازل عامها، لا في خطإ.
وَغُلِّظَتْ أيضاً في جراح العمد على الأصح.
وثالثها: إن كان الجرح يقتص فيه من الأجنبي غُلِّظَتْ، وإلا فلا.
ورابعها: إن بلغ ثلث الدية، وإلا فلا.
وعلى التغليظ في المأمومة والجائفة ثُلُثُ الدية المغلظة، وكذا غيرهما بالنسبة.
والأم كالأب وكذا الأجداد والجدات بخلاف الأعمام ونحوهم.
وغُلِّظَتْ أيضاً بحلولها في ماله لا على العاقلة عَلَى الْمَشْهُور.
وثالثها: إن كان له مال فعليه.
وعلى أنها على العاقلة فهل حَالَّة أو منجمة؟ قولان.
وعلى شامي ومصري ومغربي ومن ألحق بهم ألف دينار، وعلى عراقي وفارسي وخراساني اثنا عشر ألف درهم، وأهل المدينة أهل ذهب، وكذا أهل مكة، وقيل: أهل إبل كالحجاز.
ابن حبيب: وأهل الأندلس أهل وَرِقٍ.
وغلظت في ذهب وَوَرِقٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فَيُقَوَّمُ الدينار ثم يزاد نسبة ما بينهما على المشهور.
وقيل: ما لم يزد على ثلث الدية.
وقيل: ما بين القيمتين من العدد بلا النسبة.
وقيل: قيمة المُثَلَثَة هي الدية ما لم تنقص عن قدر الذهب والورق.
وَقُوِّمَت المغلظة حَالَّة دون المخمس على الأظهر.
وفي تغليظ المربعة قولان.
ودية الذمي والمعاهد نصف دية مسلم.
والمجوسي ثلث خمسها، وكذا مرتد.
وقيل: دية ما صار إليه.
وقيل: هَدَرٌ.
وأنثى كل ذكر كنصفه.
وجروحهم من ديتهم كجرح المسلم من ديته.
وفي الرقيق قيمته وإن زادت على دية حر.
وفي الجنين ذكر أو أنثى، وإن علقة على الأصح، عمداً أو خطأً - عُشْرُ قيمة أمه حُرَّةً أو أمة مسلمة أو كافرة حَالَّةً في مال الجاني.
وقيل: على عاقلته بضرب بَطْنٍ أو ظَهْرٍ، أو تَخْوِيفٍ بِأَمرٍ يُخَافُ منه وتشهد البينة أنها لزمت الفراش حتى أسقطت.
ويشهد النساء على السقط أو غرة عبد أو وليدة تساوي العشر من الحُمْر.
وفيها: إن قَلُّوا فمن السُّودان.
وقيل: من الوسط.
وقيل: من البيض.
وقيل: من خياره وأحسنه.
وقيل: من رقيق الخدمة لا مِنْ عَلِيِّهِ، ولزم قبول خمسين ديناراً أو ستمائة درهم إن أبدلت، لا أقل إلا بتراض.
وقيل: في جنين الأمة ما نقصها، ولا يؤخذ فيها إبلٌ.
وقيل: يؤخذ بنت مخاض، وولدي لبون، وحقة، وجذعة.
ولا عبرة بحرية أب ورقه؛ إذ هو تابع لأمه إلا في ولده من أمته فكجنين حُرَّة، وكذا جنين ذمية من عبد مسلم.
وقيل: عُشْرُ ديتها.
وفي جنين الذمية من مجوسي وبالعكس حكم الأب لا الأم على الأصح إن خرج ميتاً قبل موتها.
وقيل: وبعده، فلو خرج بعضه في حياتها فلا شيء عليه على الأصح، وإن خرج حَيَّاً ولو بعد موتها في الخطأ فالدية بقسامة ولو مات عاجلاً.
وقيل: بلا قسامة.
وعلى الأول لو نكل الولي فالغرة، والأظهر لا شيء له، وإن كان عمداً فكذلك عَلَى الْمَشْهُورِ.
وفيها: القود بقسامة.
وهل إن ضربها في رأسها فلا قَوَد كَفِي رِجْلٍ ونحوها، أو فيها القود؟ قولان.
وتعدد الواجب من غرة ودية بتعدد الجنين، وورث على الفرائض.
وقيل: لأبويه على الثلث والثلثين، ولأحدهما إن انفرد.
وقيل: للأم خاصة.
ولو استهل صارخاً بعد موتها ورثها، وورث غرة ما ألقته قبل موتها قبله وبعده.
وفي الجراح حكومة؛ أن يُقَوَّم المجني عليه بعد البرء عبداً صحيحاً بمائة، وبالجناية بتسعين فيجب عُشْرُ الدية.
وقيل: هي باجتهاد الإمام ومن حضره، إلا موضحة فنصف عشر الدية.
ومنقلة عُشْرٌ ونصفه، وجائفة ومأمومة فثلث الدية.
وهل في الملطاة نصف الموضحة، أو كموضحة وحكومة؟ وهل الهاشمة كالمنقلة فَعُشْرٌ وَنِصْفُ عُشْرٍ وهو الأصح، أو عُشْرٌ فقط، أو كموضحة فإن صارت منقلة أو جائفة فكحكمها أقوال.
واختصت جائفة ببطن وظهر، والبواقي إن كن برأس أو لِحْيٍ أعلى، وإلا فالاجتهاد.
ولا أثر للشين في جميعها إلا الموضحة ففي شينها ثالثها: إن كان كثيراً زِيْدَ فيها لأجله، وإلا فلا.
وإن نفذت جائفة تعدد الواجب كموضحة ومنقلة ومأمومة على الأصح لم تتصل، وإلا فلا، ولو بفور أو ضربة أو ضربات.
وفي العقل الدية، وما نقص منه فبحسابه كأن جن في كل شهر يوماً أو ليلة أو أياماً بلياليها.
وتعدد إن ذهب بما فيه دية كقطع يديه أونحوهما، وهو في القلب لا في الرأس على الأصح، فلو أَمَّهُ فذهب عقله فدية وثلثٌ على الأول، ودية فقط على الثاني.
وفي السمع الدية وما نقص فبحسابه كبصر.
وفي أحدهما النصف.
وفي قوة الجماع كذهاب نسله - فالدية، ولو بقي إنعاظه.
وكذا نطق وصوت، إلا أن يذهبا معاً بضربة فدية واحدة وفي الذوق الدِّيَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وقيل: حكومة.
ولو فعل بها ما أجذمه، أو أبرصه، أو سَوَّدَ جِلْدَهُ فالدية، كإبطال قيامه وجلوسه معاً.
وقيل: في كل واحد منهما دية كما لو ضرب صلبه.
وفي هدم عظام الصدر الدية.
وقيل: حكومة.
وفي الشوى الدية كالأذنين على الأصح.
وفيها: إذا ذهبا مع السمع لا إن انفردا.
وفي العينين الدية، وكذا في عين الأعور الدية بخلاف كل زوج؛ فإن في أحدهما نصفها إن كان فيهما منفعة وجمال لا جمال وحده، كالحاجب - فحكومة.
ولو أذهب بصر عين بضربة وأذهب الأخرى بضربة فله في الثانية نصف الدية.
وقال أشهب: الثلثان.
وكذا إن قَلَّ الباقي من الأولى على الأول.
والضعيفة خلقة أو بمرض أو كبر كالصحيحة.
وقيل: إن لم يأت الضعف على أكثرها، وإلا فبحسابِ ما بقي، وإلا فالدية كاملة.
وفي العين القائمة حكومة كَيَدٍ شَلاء.
وفي اليدين الدية قطعاً وشللاً، وإن من المنكب كالرجلين، وإن مع الورك.
واغتفر عرج خَفَّ إن لم يأخذ له أرشاً على الأصح، وإلا فبحساب ما بقي.
فإن لم يبق فيهما منفعة فالاجتهاد.
وفي الإصبع مطلقاً عُشْرٌ.
وفي الأنملة من الإبهام نصفه، ومن غيرها ثلثه، وفي أقل بحسابه.
وفي الأنف الدية اتفاقاً، كمارنه عَلَى الْمَشْهُورِ.
وفي بعض المارن بحسابه منه، لا من جميع الأنف كبعض الحشفة.
وفي الشَّمِ الدية.
واندرج في الأنف كأذن مع سمع على الأصح فيهما، وكبصر مع عين.
وفي الأنثيين الدية، وكذلك الذكر، ولو قطعا بضربة واحدة.
وقيل: دية واحدة.
وقيل: وحكومة في الثاني.
وقيل: في الذكر الدية مطلقاً، وكذا الأنثيين إن قطعا أولاً، وإلا فحكومة.
وفي ذَكَرِ من ضعف عن الجماع لِكِبَرٍ ونحوه الدية، وكذا العنين.
وقيل: حكومة كعسيب ذَكَرٍ لا بحساب ما بقي على المنصوص، وككف بلا أصابع، أو يَدٍ شلاء، وساعد، وسن مضطربة جداً وحاجب وهدب، وكذا ظفر، وفيه القصاص، وكذا أليتي المرأة.
وقال أشهب: فيهما الدية.
وفي شفريها إن بدا العظم الدية، وكذا في ثدييها أو حلمتيها إن بطل اللبن.
وقيل: وإن لم يبطل.
وقيل: تجب الدية في إبطاله أو فساده وإن لم يقطع منهما شيئاً، وَرُدَّ إن عاد.
وقال أشهب: إن قطع منهما أو من حلمتهما ما فيه شداد لصدرها فالدية، وإلا فبقدر شينها.
واستؤني بالعقل في الخطأ، والقود في العمد إن كانت صغيرة كسن صغير لم يثغر للإياس، أو مرور سنة.
وَقُيِّدَ بكون الجاني غير مأمون، وإلا لم يوقف.
وعلى الوقف فهل الجميع وهو الظاهر، أو قدر ما إذا نقص لم يقتص منه؟ قولان.
وسقط إن ثبت، ورد للجاني ما وقف، واستحق وارثه ما كان له، وإن نقصت فبحسابها.
وقيل في العمد: إن عاد ما فيه نفع وإلا اقتص له.
واختبر عقل بخلوة، وسمع بصياح من مواضع مع سَدِّ الصحيحة، فإن اتفق قوله سُدَّتِ الناقصة ثم صِيحَ، وأخذ بالنسبة من الدية مع يمينه على الأصح.
وإن لم يكن له سمع آخر نسب لسمع وسط، وإن اختلف قوله بيسير فكذلك، وإلا فلا شيء له.
وقيل: له الأقل مع يمينه.
وإن صح أن أحدهما يسمع كهما فكالبصر عند أشهب.
وبصر بإغلاق صحيحة كما مر، وشم برائحة منفرة للطبع، ومتى ظهر صدقه عمل عليه، وإلا فلا شيء له.
ونطق باجتهاد أهل المعرفة في كلامه، لا بعدد الحروف على الأصح؛ لرخو بعضها، وشدة بعض، وخلو اللسان عن بعض كحاء وهاء وفاء ونحوها، فإن شك أهل المعرفة أخذ بالزائد.
وَذَوْقٌ بِصَبِرٍ وَحَادٍّ مرورة.
وصدق بيمين في دعوى زوال شم ونطق وذوق وسمع وبصرٍ، وإن أمكن جرب فيهما بما سبق.
وفي لسان الناطق الدية.
وإن قطع منه ما لا يمنع للنطق فحكومة كلسان الأخرس.
وفي الإفضاء حكومة، وقيل: دية، ولا يندرج في مهر بخلاف بكارة إلا بكأصبع، والحكومة فيه في مال الزوج، إلا إذا بلغت الثلث فعلى العاقلة.
وفي مال الأجنبي مطلقاً إن اغتصبها إلا إن طاوعته على الأصح، وفي كل أصبع عشر من الإبل.
وفي الأنملة ثلثها، إلا أنملة الإبهام فنصفها، وروي: كغيرها.
والأصبع الزائدة إن كانت قوية ففيها عُشْرٌ، ولو عمداً؛ إذ لا قود فيها لعدم المماثل.
وإن قطعت اليد فستون، وإن كانت ضعيفة فحكومة إن قطعت وحدها، وإلا فلا شيء فيها.
وقيل: حكومة.
وقيل: إن قطعت عمداً اقتص.
وله في الزائدة إن كانت قوية عُشْرٌ.
وفي السن مطلقاً خُمُسٌ وإن سوداء خلقة أو بجناية، وإن اسودت فكقلعها، ولا تتعدد بهما، وإن اصفرت أو اخضرت أو احمرت وعرف أنه كالسواد فقد تم عقلها كاضطرابها جداً.
ابن القاسم: ويستأني بها سنة، وقاله أشهب في تحركها، فإن اشتد اضطرابها تم عقلها، وإن خف فبحسابه منها كاسوداد بعضها بضربةٍ، ولو انكسر النصف فاسود الباقي أو اشتد اضطرابه فقد تم عقلها، وفي قطع نصفها بحسابه، ولو انكسر نصفها واسود نصف ما بقي أو اضطرب وذهب نصف قوته فثلاثة أرباع العقل.
وإن قلعت سن كبير ثم رُدَّتْ فثبتت أخذ العقل، وقيل: لا شيء له.
وفي الأُذُنِ تثبت قولان.
ولو أخذ دية سمعه أو بصره ثم عاد - رَدَّهَا اتفاقاً إن كان بغير قضاء، وإلا فكذلك على الأصح.
وثالثها: إن لم يكن بعد استيناء وإلا لم يرد.
وفي عود العقل خلاف.
ولو جَبَّهُ أُدِّبَ في العمد وإلا غرم إن لم ينقصه.
والمرأة مسلمة أو كافرة تساوي كَرَجُلٍ دِيَتُهَا في موضحة ومنقلة وهاشمة وغيرها ما لم تبلغ ثلث ديته فترجع لعقلها؛ فلها في ثَلاثِ أَصَابِعٍ ثلاثون، وفي أَرْبَعٍ عشرون، وفي الْمَأْمُومَةِ والْجَائِفَةِ على النصف منه، واليد والرجل في ذلك سواء.
وإذا اتحد الفعل أو ما في حكمه أو المحل ضُمَّ وإن تعدد الآخر، فلو قطع لها أربعاً من كُلِّ يَدٍ أصبعين أو ثلاثاً من يد، وأصبع من الآخر في ضربة ونحوها - أخذت عشرين.
ولو قطع لها ثلاثاً من يد بضربة أو ضربات أخذت ثلاثين.
ثم إن قطع منها رابعاً فلها في كل أصبع خمس فقط، فلو تعدد الفعل والمحل معاً فلا ضم، كأن قطع لها ثلاثاً من يد فأخذت ثلاثين، ثم ثلاثاً من اليد الأخرى فتأخذ أيضا ثلاثين، فإن قطع لها بعد ذلك أصبعاً من أي يد كانت فليس لها إلا خمساً على الأصح، وكذا البواقي.
وقيل: لا يضم شيء لما قبله كالمشهور في الأسنان، والمعروف في مواضح ومناقل تعددت، وكخطأ وعمدٍ - خلافاً لأشهب، اقْتَصَتْ أو عَفَتْ، فتأخذ لرابعٍ وخَامِسٍ عشرين، وعنده عشرة فقط.
ونُجِّمَتْ دية حر في خطأ على عاقلة جِانٍ، وعليه على الأصح إن بلغت ثلث ديته أو دية مجني عليه.
وقيل: دية المجني عليه فقط.
وثمرته تظهر في امرأة وكتابي ومجوسي.
وقيل: دية الرجل منهما.
وألحق بالخطأ ما لا قصاص فيه كجائفة ومأمومة وكسر فخذ إن بلغ الثلث لا في ماله على الأصح.
وثالثها: يبدأ به فإن عجز تممت من العاقلة.
ولا تحمل جناية عبد، ولا صلح، ولا قاتل نفسه، ولا عمد، وكذا اعتراف به، ويكون في ماله.
وقيل: عليهم بقسامة.
وقيل: ما لم يتهم بإغناء الورثة.
وقيل: إن كان عدلاً.
وقيل: تبطل.
وقيل: عليه وعليهم، ويبطل منابهم، وما نقص عن الثلث ففي ماله حَالاً، وكذا في العمد عَلَى الْمَشْهُورِ.
وقيل: مُنَجَمَاً.
وإن ذهب سمعه وعقله بموضحة خطأ فعليهم ديتان وَنِصْفُ عُشْرٍ كموضحة ومأمومة بضربة، فلو كانتا بضربتين حَمَلَت المأمومة دون الموضحة؛ لنقصها عن الثلث، وتكون في ماله كالدية المغلظة عَلَى الْمَشْهُورِ، والمأخوذ عن ساقط لعدم المماثل له.
وهي العصبة وإن بعدوا، وَقُدِّمَ الديوان وإن من قبائل شتى إن أعطوا، وإلا فلا.
وفيها: إنما العقل على القبائل.
فإن اضطر لمعونة الديوان أعانهم عصبتهم.
وقيل: يُعَيِّنُهُم مِنْ قومه مَنْ ليس معهم في ديوان.
وقيل: لا يلزمهم.
وقيل: يختص بقومه، ثم العصبة الأقرب فالأقرب.
وعن سحنون: إِنَّ حَدَّ العاقلة سبعمائة ينتمون لرجل واحد.
وعنه: إن كانوا ألفاً فهم قليل.
ويضم إليهم أقرب القبائل لهم، ثم الموالي الأعلون ثم الأسفلون.
وقيل: لا يدخلون.
ثم بيت المال لِجَانٍ مسلم لا لذمي على المنصوص، لكن أهل ملته ممن يحمل معهم الخراج الواحد لا نصراني مع يهودي ولا عكسه.
وضمت البلاد المصرية بعضها مع بعض كالشامية، لا مصري مع شامي كعكسه، ولا بدوي مع حضري خلافاً لأشهب قال: ويخرج أهل البادية ما يلزمهم إبلاً بقيمتها، وغيرهم ما يلزمهم عيناً.
وعنه: أن الأقل يتبع الأكثر، فإن كانا متناصفين أو قربا -حَمَلَ كل فريق على ما هو أهله، وإن كان الجاني صُلْحِيَاً فعلى أهل صلحه.
أو حربياً فعلى الحربيين.
وقال أشهب: في ماله.
وعنه: يُحْبَسُ، وَيُبْعَثُ لبلده بخبره وما يلزمهم، فإن أدوا عنه، وإلا فعليه ما كان يلزمه معهم فقط، ووزعت على قدر الطاقة بلا ضرر.
وَعُقِلَ عن خمسة - ولا يعقلون - فقيرٌ، وصبي، ومجنون، وامرأة، وَمِدْيَانٌ عليه قدر ما بيده، أو يفضل له ما يكون به في عداد الفقراء، وإن لم يكن بيده شيء فهو فقير، واعتبر وقت توزيعها؛ فلا يُرْجَعُ على من زال مانعه.
كما لا يسقط لعسر اتفاقاً، ولا بموته على الأصح.
وفي ضم مثل فسطاط مصر إليها قولان لابن القاسم وأشهب.
والكاملة على مسلم وغيره في ثلاث سنين أثلاثاً من يوم الحكم، والثلث والثلثان بالنسبة.
وقيل: حَالَّة، وفي النصف والثلاثة الأرباع روي: يجتهد الإمام.
وروي: في سنتين.
وفيها: الروايتان في النصف.
وقال في الأولى: إن شاء جَعَلَهُ في سنتين وهو اختيار ابن القاسم، أو في سنة ونصف، ثم قال فيها: والثلاثة الأرباع في ثلاث سنين.
وفي خمسة أسداسها يجتهد الإمام في السدس الباقي؛ أي: فإن شاء جعله في أول السنة الثالثة أو وسطها أو آخرها.
وقيل: إن زاد على الثلثين كثيراً فكالكاملة.
وإلا فكَلَا شيء.
وقال أشهب: يقطع الزائد على ذلك في ثلاث سنين كل سنة ثلثه إن كان له مال، وإلا ففي سنتين.
والأولى في آخر الثانية.
وإن كان يسيراً ففي سنة، وفي النصف يؤخذ الثلث بمضي سنة، والسدس بمضي الثانية.
وَنُجِّمَ ما وجب بجناية واحدة على عواقل كما سبق كتعدد الجنايات على عاقلة واحدة.
ويجب على القاتل الحر المسلم عتق رقبة مسلمة خالية من عيب، وشرك، وشائبة حرية، وإن صبياً أو مجنوناً في مالهما، أو شريكاً بقتل حر مسلم معصوم خطأً.
وإن لم يجد صام شهرين متتابعين كالظهار، فإن لم يستطع انتظر أحدهما.
ولا كفارة على قتل صائل كقاتل نفسه.
وتستحب في جنين على الأصح كعمد عفا عنه فيه، وفي رقيق وذمي.
ومن عفي عنه في العمد أو قتل من لا يكافئه كمسلم مع كافر وكذا حر مع عبد ولو ملكه- ضَْرُب مائة وَحَبسُ عامٍ، ولو عبداً أو امرأة على الأصح.
وكذا من عفي عنه قبل قسامة، وقبل أن يتحقق الولي الدم وظهر من حاله العداء، وإلا فلا.
ولو نكل الولي فحلف وبرئ فكذلك.
وقيل: لا شيء عليه.
ولو اتهم ولم يتم ما تجب به القسامة ولا القتل -لم يجلد، ولكن يطال سجنه.
وعن أشهب: يجلد مائة، ويحبس عاماً.
ويبدأ الحاكم بالجلد قبل السجن.
وقال أشهب: بما شاء.
قال عبد الملك: ويقيد ما دام اللطخ الذي سجن فيه، فإذا توجه الحكم عليه فك عنه وجلد حينئذ مائة وحبس عاماً.
يريد: من يوم الجلد، ولا يحتسب بما مضى.
وقاله ابن القاسم.
وتثبت القسامة في قتل حر مسلم في لَوْثٍ كقول حر مسلم بالغ: (قتلني فلان) ذكراً أو أنثى، حراً أو عبداً، مسلماً أو ذمياً، صبياً أو بالغاً، ولو خطأً، أو مَسخوطاً على وَرِعٍ على المشهور فيهما.
وهل يقتل بغير جرح وهو ظاهرها، أو لا بد منه.
قيل: وبه العمل، أو إن أقام له شاهد لا بقوله؟ أقوال.
لا عبداً، وعن ابن القاسم: يحلف المدعى عليه يميناً واحدة ويبرأ، فإن نكل غرم قيمته مع الضرب والسجن.
وقيل: يحلف خمسين يميناً.
وهل إن نكل لا شيء عليه، أو يؤدب بلا سجن أو يحلف السيد يميناً واحدة ويغرمه قيمته مع ضرب مائة وسجن عام؟ أقوال.
ولا كافراً على الأصح.
وقيل: يحلف وليه يمينا واحدة.
وقيل: خمسين، ويأخذون الدية.
وثالثها: إن قال: (قتلني فلان) فلا قسامة، بخلاف ما لو قام له شاهد فيحلف ولاته يميناً واحدة، ويأخذون ديته مع الضرب والسجن سنة.
وروي: يحلف المدعى عليه خمسين يميناً ويبرأ.
وعن مالك وابن القاسم: إن قام له شاهدان على جرح فنزى فيه فمات - حلف ولاته يميناً واحدة وأخذوا ديته، فإن نكلوا أخذوا عقل جرحه إن كان مما فيه عقل.
ولا صبيّاً ولو مراهقاً على المشهور، وكقول ولد أنَّ أباه ذبحه على المنصوص، وزوجة على زوجها على - الأصح.
وَبَيَّنَ الأولياء ما أطلقه المقتول من عمد وخطأ، وحلفوا عليه، واستحقوا في العمد القصاص، والدية في الخطأ.
وقال ابن القاسم: أحب إلي ألا يقسموا إلا في الخطأ.
وعنه: إن ظهر لهم أمرٌ واضح اعتمدوا عليه، فإن خالفوا المقتول فلا قسامة ولو رجعوا لقوله بعد ذلك.
وعن ابن القاسم: لهم ذلك، ولا قسامة إن قال بعضهم: قتله عمداً، وقال بعضهم: لا ندري، أو نكلوا، أو قال الكُلُّ: عمداً، ونكلوا.
وعن ابن القاسم: يحلف من ادعى العمد ويأخذ نصيبه من الدية، وحلف من ادعى الخطأ.
وأخذ نصيبه إن قال غيره: لا ندري، أو نكلوا.
وقيل: القياس عدم الحلف، وأنكر.
فإن قال بعضهم: عمداً، وبعضهم: خطأً، فإن استووا كبنين وإخوة حلف الجميع وأخذوا الدية.
وقال أشهب: لمن حلف على العمد نصيبه من مال الجاني، وغيره من العاقلة.
فإن نكل مدعوا الخطأ فلا شيء لغيرهم.
فإن لم يستووا كابنة وعصبة بأن قالت الابنة: خطأ، والعصبة: عمداً فهدر، لكن يحلف المدعى عليه ما قتله عمداً، ويحرز دمه.
وقال محمد: يحلف الورثة خمسين يميناً ويأخذون نصيبهم من الدية إن ادعوا الخطأ وقالت البنت: عمداً.
وإن ادعى العصبة العمد لم ينظر إلى قول النساء؛ إذ لا عفو لهن.
وكشاهدين على جرح أو ضرب عمداً أو خطأً أو على قول المقتول قتلني فلان عمداً أو خطأً، وتأخر موته يوماً فأكثر، ولو أكل أو شرب.
وكشاهد بذلك على الأصح في عمد أو خطأ إن ثبت الموت أو على
قوله: إن فلانا قتله عمداً.
وقيل: لا قسامة حتى يشهد شاهدان على قوله، وكشاهد على إقرار قاتل في خطأ دون تهمة بإغناء ورثته كما سبق.
وبطل باختلاف شاهديه في صفة قتله.
وقيل: يقسم الولاة مع شهادة أحدهما، ما لم يدعوا أولاً شهادتهما معاً، وكعدل بمعاينة قتل، لا غير عدل على المشهور.
ولا عبد وصبي على المعروف.
والمرأة دون العبد.
والذمي ليس بلوثٍ اتفاقاً.
أو برؤيته يتشحط في دمه والمتهم قربه عليه آثار القتل.
وقيل: ليس بلوث.
قيل: وبه جرى العمل.
ولا قسامة قبل ثبوت الموت على الأصح.
وثالثها: يقسم ويقتل قاتله، ولا يحكم بالتوريث في زوجته ورقيقه، وَضُعِّفَ.
ولو تعدد اللوث فلابد منها.
ولا قسامة في جرح وطرف وعبد وكافر.
ويحلف المدعي في ذلك يميناً واحدة ويأخذ الدية، فإن نكل حلف الجارح وبرئ، وإلا حبس.
وليس من اللوث وجود قتيل بدار قوم أو قريتهم ولو مسلماً بقرية كفر على الأصح، كموته بزحمة.
ولو قتل ودخل في جماعة حلف كل واحد خمسين يميناً أنه لم يقتله والدية عليهم، أو على كل من نكل دون يمين على الولي.
ولو انفصلت بغاة عن قتل وَجُهِلَ القاتل فروي: عقل كل قتيل من طائفة على الأخرى، وعليها إن كان من غيرهما.
وروي: القسامة.
وفيها نفيه وإليه رجع ابن القاسم.
وهل لا قسامة ولو مع شاهد أو تدمية أو إن تجرد عنهما وهو قول أشهب ومطرف وابن الماجشون وأصبغ، أو عن شاهد فقط؟ تأويلان.
أما لو ثبت اللوث فلا بد من القسامة، فإن كانت إحدى الطائفتين زاحفة فدمها هدر، ودم الدافعة قصاص كمتأولة مع غيرها، فإن كانتا متأولتين معاً فهدر عنهما.
وهي أن يحلف المكلف من الورثة في الخطأ خمسين يميناً ولاءً بتّاً، واحداً أو جماعة، ذكراً أو أنثى، ولو غائباً أو أعمى.
ووزعت على قدر ميراث، وجبرت على أكثر كسرها، كابن مع بنت فتحلفها البنت.
وقيل: على كل واحد منهما يمين.
وقيل: يحلفها الابن، فإن تساوى الكسر كثلاثة بنين حلف كل واحد يميناً لكسره، ويحتمل أن يحلفها واحد فقط.
وقيل: يقرع بينهم على من يحلفها.
ولا يأخذ أحد شيئاً حتى يحلف خمسين يميناً إن نكل غيره أو غاب، ثم من حضر حلف حصته فقط.
وقيل: إن نكلوا أو بعضهم في الخطأ حلف كل واحد من العاقلة يميناً ولو ألوفاً وبرءوا.
ومن نكل لزمه حصته، وهو الأصح.
وقيل: يحلف منهم خمسون رجلاً يميناً يميناً ويبرأ الجميع.
وإن حلف بعضهم برئ، ولزم مَنْ بقي الدية كاملة.
وقيل: لا حق لمن نكل من الأولياء، ولا يمين على العاقلة.
وقيل: ترد اليمين على المتهم، فإن حلف برئ، وإن نكل فلا شيء على العاقلة.
ولا يحلف في عمد دون رجلين عصبة للقتيل وإن لم يرثوا.
فلو عدموا فمواليه الأعلون.
فإن عدموا ردت على المتهم.
فإن حلف برئ من القتل، وضرب مائة، وحبس عاماً.
وإن نكل حبس حتى يحلف خمسين يميناً، وإن طال.
ولا مدخل لامرأة في عمد.
واجتزئ بحلف خمسين من أكثر على الأصح.
وإن نقصوا عنها وزعت كما سبق، كولدين يحلف كل واحد خمساً وعشرين يميناً.
فإن قصد أحدهما أن يحلف الأكثر منع.
ولو وجب على كل واحد يمين وثلثان كثلاثين أخاً حلف كل واحد يمينين.
وقيل: يميناً ثم يقال لهم: ايتوا بعشرين رجلاً منكم يحلف كل واحد يميناً، واكتفي بحلف اثنين طاعا من أكثر.
وقيل: لا بد من حلف الجميع.
وللولي أن يستعين بعصبته، فلو وجد منهم اثنين حلف كل واحد من الثلاثة سبع عشرة يميناً، وليس للمعين أن يحلف أكثر من نصيبه، وللولي ذلك ما لم يزد على النصف.
وللوليين الاستعانة أيضاً، فلو حلفا ما نابهما بالقسمة فلبعض من أعانهما أن يحلف أكثر من بعض، ولو حلف أحدهما خمساً وعشرين ثم وجد صاحبه معيناً قسم ما يحلف المعين بينهما على الأصح.
ولا عبرة بنكول المعين بخلاف الولي فيسقط القود إن كانوا كلهم أولاداً وإخوة ونحوهم اتفاقاً، وكذا الأعمام وبنوهم ومن بعدهم على المشهور.
وقيل: لا يسقط إلا بالجميع.
وقيل: إن كان على وجه العفو حلف من بقي وأخذ الدية، وإن كان على وجه الورع حلفوا وقتلوا.
وهل وفاق أو لا؟ خلاف.
وقيل: إن كان العفو بعد القسامة بطل القتل دون الدية، وإلا بطلا معاً.
وقيل: يبطلان مطلقاً، فإن ادعى الولي على جماعة، ونكل عن اليمين رُدَّتْ عليهم؛ فيحلف كل واحد خمسين، ومن نكل حبس حتى يحلف وإن طال.
وقيل: لا تُرَدُّ.
ولمن بقي إن كانوا جماعة أن يحلف ويأخذ حظه من الدية.
وإن كان المدعى عليه واحداً حلف الخمسين وحده.
وقيل: تؤخذ الدية من ماله، ولا استعانة هنا على الأصح.
وثالثها: تخير العاقلة بين أن يحلف الجميع، أو يحلفها المتهم وحده.
وليس لهم أن يحلفوا البعض، وهو الباقي.
ولو وجب القود بحلف الولاة ثم أكذب بعضهم نفسه بطل.
وإن عفا فلمن بقي نصيبه من الدية.
وانتظر مغمى عليه ومبرسم، لا صغير وإن قرب بلوغه على الأصح، إلا إذا لم يوجد غيره فيحلف الكبير حصته بحضرة الصغير.
وفيها: انتظار الغائب.
وقيل: إن قرب.
وحكمها الدية في الخطأ والقود في العمد.
ولا يقتل بها غير واحدٍ على المشهور، فلو قُدِّمَ للقتل فأقر غيره به خيروا في قتل واحد منهما، وعلى المشهور تعين باليمين ولو من جماعة.
وقال أشهب: أو يختارونه بعد اليمين على الجميع.
ولا يقسم في الخطأ إلا على الجميع، وتوزع الدية على عواقلهم في ثلاث سنين.
سحنون: ولو قتل جماعة واحداً بصخرة فالقسامة على جميعهم في العمد والخطأ، وإن كان الضرب مفترقاً أقسموا على واحد فقط، وابن القاسم على ما مر.
وَحَمَلَ ابن رشد قول سحنون على الوفاق.
والجنين كالجرح لا قسامة فيه، ولذلك لو ألقت جنيناً وقالت: (دمي وجنيني عند فلان) ففيها القسامة، ولا شيء في الجنين وإن استهل.
فلو ثبت موتها بعدل وخرج الجنين ميتاً ففيها القسامة.
ويحلف ولي الجنين يميناً واحدة ويأخذ ديته، وإن استهل ففيه القسامة أيضاً.