فصل: فصل في ولاء الموالاة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب فسخ الإجارة

تفسخ بالقضاء أو الرضا ‏(‏بخيار شرط ورؤية‏)‏ كالبيع خلافا للشافعي ‏(‏و‏)‏ بخيار ‏(‏عيب‏)‏ حاصل قبل العقد أو بعده بعد القبض أو قبله ‏(‏يفوت النفع به‏)‏ صفة عيب ‏(‏كخراب الدار وانقطاع ماء الرحى و‏)‏ انقطاع ‏(‏ماء الأرض‏)‏ وكذا لو كانت تسقى بماء السماء فانقطع المطر فلا أجر خانية أي وإن لم تنفسخ على الأصح كما مر‏.‏

وفي الجوهرة لو جاء من الماء ما يزرع بعضها فالمستأجر بالخيار إن شاء فسخ الإجارة كلها أو ترك ودفع بحساب ما روى منها‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ لو استأجرها بغير شربها فانقطع ماء الزرع على وجه لا يرجى فله الخيار، وإن انقطع قليلا قليلا ويرجى منه السقي فالأجر واجب‏.‏

وفي لسان الحكام استأجر حماما في قرية ففزعوا ورحلوا سقط الأجر عنه، وإن نفر بعض الناس لا يسقط الأجر ‏(‏أو يخل‏)‏ عطف على يفوت ‏(‏به‏)‏ أي بالنفع بحيث ينتفع به في الجملة ‏(‏كمرض العبد ودبر الدابة‏)‏ أي قرحتها وبسقوط حائط دار‏.‏

وفي التبيين‏:‏ لو انقطع ماء الرحى والبيت مما ينتفع به لغير الطحن فعليه من الأجر بحصته لبقاء بعض المعقود عليه، فإذا استوفاه لزمته حصته ‏(‏فإن لم يخل العيب به أو أزاله المؤجر‏)‏ أو انتفع بالمخل ‏(‏سقط خياره‏)‏ لزوال السبب‏.‏

‏(‏وعمارة الدار‏)‏ المستأجرة ‏(‏وتطيينها وإصلاح الميزاب وما كان من البناء على رب الدار‏)‏ وكذا كل ما يخل بالسكنى ‏(‏فإن أبى صاحبها‏)‏ أن يفعل ‏(‏كان للمستأجر أن يخرج منها إلا أن يكون‏)‏ المستأجر ‏(‏استأجرها وهي كذلك وقد رآها‏)‏ لرضاه بالعيب‏.‏

‏(‏وإصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج على صاحب الدار‏)‏ لكن ‏(‏بلا جبر عليه‏)‏؛ لأنه لا يجبر على إصلاح ملكه ‏(‏فإن فعله المستأجر فهو متبرع‏)‏ وله أن يخرج إن أبى ربها خانية‏:‏ أي إلا إذا رآها كما مر وفي الجوهرة‏:‏ وله أن ينفرد بالفسخ بلا قضاء ولو استأجر دارين فسقطت أو تعيبت إحداهما فله تركهما لو عقد عليهما صفقة واحدة‏.‏ قلت‏:‏ وفي حاشية الأشباه معزيا للنهاية، إن العذر ظاهرا ينفرد، وإن مشتبها لا ينفرد وهو الأصح ‏(‏وبعذر‏)‏ عطف على بخيار شرط ‏(‏لزوم ضرر لم يستحق بالعقد إن بقي‏)‏ العقد كما في سكون ضرس استؤجر لقلعه وموت عرس أو اختلاعها استؤجر‏)‏ طباخ ‏(‏لطبخ وليمتها‏)‏

‏(‏و‏)‏ بعذر ‏(‏لزوم دين‏)‏ سواء كان ثابتا ‏(‏بعيان‏)‏ من الناس ‏(‏أو بيان‏)‏ أي بينة ‏(‏أو إقرار و‏)‏ الحال أنه ‏(‏لا مال له غيره‏)‏ أي غير المستأجر؛ لأنه يحبس به فيتضرر إلا إذا كانت الأجرة المعجلة تستغرق قيمتها أشباه ‏(‏و‏)‏ بعذر ‏(‏إفلاس مستأجر دكان ليتجر و‏)‏ بعذر ‏(‏إفلاس خياط يعمل بماله‏)‏ لا بإبرته‏.‏ ‏(‏استأجر عبدا ليخيط فترك عمله و‏)‏ بعذر ‏(‏بداء مكتري دابة من سفر‏)‏ ولو في نصف الطريق فله نصف الأجر إن استويا صعوبة وسهولة وإلا فبقدره شرح وهبانية وخانية ‏(‏بخلاف بداء المكاري‏)‏ فإنه ليس بعذر إذ يمكنه إرسال أجيره‏.‏

وفي الملتقى‏:‏ ولو مرض فهو عذر في رواية الكرخي دون رواية الأصل، قلت‏:‏ وبالأولى يفتى، ثم قال‏:‏ ولو استأجر دكانا لعمل الخياطة فتركه لعمل آخر فعذر وكذا لو استأجر عقارا ثم أراد السفر ا هـ‏.‏ وفي القهستاني‏:‏ سفر مستأجر دار للسكنى عذر دون سفر مؤجرها، ولو اختلفا فالقول للمستأجر فيحلف بأنه عزم على السفر‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ تحوله عن صنعته إلى غيرها عذر وإن لم يفلس حيث لم يمكنه أن يتعاطاها فيه‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ لا يلزم المكاري الذهاب معها ولا إرسال غلام وإنما يجب الأجر بتخليتها ‏(‏و‏)‏ بخلاف ‏(‏ترك خياطة مستأجر‏)‏ عبد ليخيط ‏(‏ليعمل‏)‏ متعلق بترك ‏(‏في الصرف‏)‏ لإمكان الجمع ‏(‏و‏)‏ بخلاف ‏(‏بيع ما آجره‏)‏ فإنه أيضا ليس بدون لحوق دين كما مر ويوقف بيعه إلى انقضاء مدتها هو المختار، لكن لو قضى بجوازه نفذ وتمامه في شرح الوهبانية‏.‏ وفيه معزيا للخانية‏:‏ لو باع الآجر المستأجر فأراد المستأجر أن يفسخ بيعه لا يملكه هو الصحيح، ولو باع الراهن الرهن للمرتهن فسخه‏.‏

‏(‏وتنفسخ‏)‏ بلا حاجة إلى الفسخ ‏(‏بموت أحد عاقدين‏)‏ عندنا لا بجنونه مطبقا ‏(‏عقدها لنفسه‏)‏ إلا لضرورة كموته في طريق مكة ولا حاكم في الطريق فتبقى إلى مكة، فيرفع الأمر إلى القاضي ليفعل الأصلح فيؤجرها له لو أمينا أو يبيعها بالقيمة ويدفع له أجرة الإياب إن برهن على دفعها وتقبل البينة هنا بلا خصم؛ لأنه يريد الأخذ من ثمن ما في يده أشباه

وفي الخانية‏:‏ استأجر دارا أو حماما أو أرضا شهرا فسكن شهرين هل يلزمه أجر الثاني‏:‏ إن معدا للاستغلال نعم، وإلا لا، وبه يفتى‏.‏ قلت‏:‏ فكذا الوقف ومال اليتيم، وكذا لو تقاضاه المالك وطالبه بالأجر فسكت يلزمه الأجر بسكناه بعده ولو سكن المستأجر بعد موت المؤجر هل يلزمه أجر ذلك‏؟‏ قيل‏:‏ نعم لمضيه على الإجارة وقيل هو كالمسألة الأولى، وينبغي أن لا يظهر الانفساخ هنا ما لم يطالب الوارث بالتفريغ أو بالتزام أجر آخر ولو معدا للاستغلال؛ لأنه فصل مجتهد فيه، وهل يلزم المسمى أو أجر المثل‏؟‏ ظاهر القنية الثاني، وتمامه في شرح الوهبانية‏.‏‏.‏ وفي المنية‏:‏ مات أحدهما والزرع بقل بقي العقد بالمسمى حتى يدرك، وبعد المدة بأجر المثل‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ لو رضي الوارث وهو كبير ببقاء الإجارة ورضي به المستأجر جاز ا هـ أي فيجعل الرضا بالبقاء إنشاء عقد‏:‏ أي لجوازها بالتعاطي فتأمله‏.‏

وفي حاشية الأشباه‏:‏ المستأجر والمرتهن والمشتري أحق بالعين من سائر الغرماء لو العقد صحيحا، ولو فاسدا فأسوة الغرماء فليحفظ‏.‏ ‏(‏فإن عقدها لغيره لا تنفسخ كوكيل‏)‏ أي بالإجارة‏.‏ وأما الوكيل بالاستئجار إذا مات تبطل الإجارة؛ لأن التوكيل بالاستئجار توكيل بشراء المنافع فصار كالتوكيل بشراء الأعيان فيصير مستأجرا لنفسه ثم يصير مؤجرا للموكل، فهو معنى قولنا‏:‏ إن الموكل بالاستئجار بمنزلة المالك، كذا نقله المصنف عن الذخيرة‏.‏ قلت‏:‏ ومثله في شرح المجمع والبزازية والعمادية، ثم قال المصنف قلت‏:‏ هذا يستقيم على ما ذكره الكرخي من أن الملك يثبت للوكيل ثم ينتقل إلى الموكل‏.‏ وأما على ما قاله أبو طاهر من أنه يثبت للموكل ابتداء، وبه جزم في الكنز، وهو الأصح كما في البحر لا يستقيم، والله - تعالى - أعلم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وتعقبه شيخنا بأنه غير مستقيم على ما ذكره الكرخي أيضا لاتفاقهم على عدم عتق قريب الوكيل؛ لأن ملكه غير مستقر والموجب للعتق والفساد الملك المستقر‏.‏ ثم قال‏:‏ والحاصل أن الأصح أن الإجارة لا تنفسخ بموت المستأجر والنقل به مستفيض ا هـ، والله أعلم‏.‏

‏(‏ووصي‏)‏ وأب وجد وقاض ‏(‏ومتولي الوقف‏)‏ لبقاء المستحق له والمستحق عليه، حتى لو مات المعقود له بطلت درر، إلا إذا كان متولي وقف خاص به وجميع غلاته له كما في وقف الأشباه معزيا للوهبانية‏.‏ قال‏:‏ وإطلاق المتون بخلافه‏.‏ قلت‏:‏ وبإطلاق المتون أفتى قارئ الهداية، فكان هو المذهب المعتمد كما قاله المصنف في حاشيته على الأشباه، ولذا قال في الأشباه بعد أربع أوراق‏:‏ لا تنفسخ الإجارة بموت مؤجر الوقف إلا في مسألتين فيما إذا آجرها الواقف ثم ارتد ثم مات لبطلان الوقف بردته، وفيما إذا آجر أرضه ثم وقفها على معين ثم مات تنفسخ‏.‏ وفي وقف فتاوى ابن نجيم سئل إذا آجر الناظر ثم مات فأجاب لا تنفسخ الإجارة في الوقف بموت المؤجر والمستأجر كذا رأيته في عدة نسخ لكنه مخالف لما في إجارة فتاوى قارئ الهداية فتنبه‏.‏ وفيها أيضا لا تنفسخ بموت المتولي ولو الغلة له بمفرده فتنبه‏.‏ وفي الفيض الواقف لو آجر الوقف بنفسه ثم مات، ففي الاستحسان لا تبطل؛ لأنه آجر لغيره ا هـ‏.‏ ومثله في البزازية‏.‏ وفي السراجية‏:‏ وحكم عزل القاضي والمتولي كالموت فلا تنفسخ‏.‏

‏(‏و‏)‏ تنفسخ أيضا ‏(‏بموت أحد مستأجرين أو مؤجرين في حصته‏)‏ أي حصة الميت لو عقدها لنفسه ‏(‏فقط‏)‏ وبقيت في حصة الحي‏.‏

‏[‏فرع في وقف الأشباه‏]‏

تخلية البعيد باطلة، فلو استأجر قرية وهو بالمصر لم يصح تخليتها على الأصح، فينبغي للمتولي أن يذهب إلى القرية مع المستأجر أو غيره، فيخلي بينه وبينها أو يرسل وكيله أو رسوله إحياء لمال الوقف فليحفظ‏.‏ قلت‏:‏ لكن نقل محشيها ابن المصنف في زواهر الجواهر عن بيوع فتاوى قارئ الهداية أنه متى مضى مدة يتمكن من الذهاب إليها والدخول فيها كان قابضا وإلا فلا فتنبه ا هـ‏.‏

مسائل شتى ‏(‏أحرق حصائد‏)‏ أي بقايا أصول قصب محصود ‏(‏في أرض مستأجرة أو مستعارة‏)‏ ومثله أرض بيت المال المعدة لحط القوافل والأحمال ومرعى الدواب وطرح الحصائد قلت‏:‏ وحاصله أنه إن لم يكن له حق الانتفاع في الأرض يضمن ما أحرقته في مكانه بنفس الوضع لا ما نقلته الريح على ما عليه الفتوى قاله شيخنا ‏(‏فاحترق شيء من أرض غيره لم يضمن‏)‏؛ لأنه تسبب لا مباشرة ‏(‏إن لم تضطرب الرياح‏)‏ فلو كانت مضطربة ضمن؛ لأنه يعلم أنها لا تستقر في أرضه فيكون مباشرا

‏(‏وكذا كل موضع كان للواضع حق الوضع فيه‏)‏ أي في ذلك الموضع ‏(‏لا يضمن على كل حال إذا تلف بذلك الموضوع شيء‏)‏ سواء تلف به وهو في مكانه أو بعد ما زال عنه ‏(‏بخلاف ما إذا لم يكن للواضع فيه حق الوضع‏)‏ حيث يضمن الواضع إذا تلف به شيء وهو في مكانه، وكذا بعد ما زال، لا بمزيل كوضع جرة في الطريق ثم آخر أخرى فتدحرجتا فانكسرتا ضمن كل جرة صاحبه، وإن زال بمزيل كريح وسيل لا يضمن الواضع، هذا هو الأصل في هذه المسائل كما حققه في الخانية‏.‏

ثم فرع عليه بقوله ‏(‏فلو وضع جمرة في الطريق فاحترق بذلك شيء ضمن‏)‏ لتعديه بالوضع ‏(‏وكذا‏)‏ يضمن ‏(‏في كل موضع ليس له فيه حق المرور إلا إذا هبت به‏)‏ أي بالوضع ‏(‏الريح فلا ضمان‏)‏ لنسخها فعله، وكذا لو دحرج السيل الحجر ‏(‏وبه يفتى‏)‏ خانية، ولو أخرج الحداد الحديد من الكير في دكانه ثم ضربه بمطرقة فخرج الشرار إلى الطريق وأحرق شيئا ضمن، ولو لم يضربه وأخرجه الريح لا زيلعي

‏(‏سقى أرضه سقيا لا تحتمله فتعدى‏)‏ الماء ‏(‏إلى أرض جاره‏)‏ فأفسدها ‏(‏ضمن‏)‏؛ لأنه مباشر لا متسبب‏.‏ ‏(‏أقعد خياط أو صباغ في حانوته من يطرح عليه العمل بالنصف‏)‏ سواء اتحد العمل أو اختلف كخياط مع قصار ‏(‏صح‏)‏ استحسانا لأنه شركة الصنائع، فهذا بوجاهته يقبل وهذا بحذاقته يعمل ‏(‏كاستئجار جمل ليحمل عليه محملا وراكبين إلى مكة وله المحمل المعتاد ورؤيته أحب‏)‏ وكذا إذا لم ير الطراحة واللحاف‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ ولو تكارى إلى مكة إبلا مسماة بغير أعيانها جاز ويحمل المعقود عليه حملا في ذمة المكاري والإبل آلة وجهالتها لا تفسد‏.‏ قلت‏:‏ فما يفعله الحجاج من الإجارة للحمل أو الركوب إلى مكة بلا تعيين الإبل صحيح، والله تعالى أعلم

‏(‏استأجر جملا لحمل مقدار من الزاد فأكل منه رد عوضه‏)‏ من زاد ونحوه ‏(‏قال لغاصب داره فرغها وإلا فأجرتها كل شهر بكذا فلم يفرغ وجب‏)‏ على الغاصب ‏(‏المسمى‏)‏؛ لأن سكوته رضا ‏(‏إلا إذا أنكر الغاصب ملكه وإن أثبته ببينة‏)‏؛ لأنه إذا أنكره لم يكن راضيا بالإجارة ‏(‏أو أقر‏)‏ عطف على أنكر ‏(‏به‏)‏ أي يملكه ‏(‏ولكن لم يرض بالأجرة‏)‏؛ لأنه صرح بعدم الرضا، في الأشباه السكوت في الإجارة رضا وقبول، فلو قال للساكن‏:‏ اسكن بكذا وإلا فانتقل أو قال الراعي‏:‏ لا أرضى بالمسمى، بل بكذا فسكت لزم ما سمى‏.‏ بقي لو سكت ثم لما طالبه قال‏:‏ لم أسمع كلامك هل يصدق إن به صمم‏؟‏ نعم وإلا لا عملا بالظاهر

‏(‏للمستأجر أن يؤجر المؤجر‏)‏ بعد قبضه قيل وقبله ‏(‏من غير مؤجره، وأما من مؤجره فلا‏)‏ يجوز وإن تخلل ثالث به يفتى للزوم تمليك المالك، وهل تبطل الأولى بالإجارة للمالك‏؟‏ الصحيح لا وهبانية‏.‏ قلت‏:‏ وصححه قاضي خان وغيره‏.‏ وفي المضمرات‏:‏ وعليه الفتوى، وقدمنا عن البحر معزيا للجوهرة الأصح نعم، وأقره المصنف ثمة، ونقل هنا عن الخلاصة ما يفيد أنه إن قبضه منه بعد ما استأجره بطلب وإلا لا فليكن التوفيق فتأمل؛ وهل تسقط الأجرة ما دام في يد المؤجر‏؟‏ خلاف مبسوط في شرح الوهبانية‏.‏ ‏(‏وكله باستئجار عقار ففعل‏)‏ الوكيل ‏(‏وقبض ولم يسلمها‏)‏ أي لم يسلم الوكيل العين المؤجرة ‏(‏إليه‏)‏ أي إلى الموكل ‏(‏حتى مضت المدة‏)‏ فالأجر على الوكيل؛ لأنه أصيل في الحقوق و ‏(‏رجع الوكيل بالأجرة على الآمر‏)‏ لنيابته عنه في القبض فصار قابضا حكما ‏(‏وكذا‏)‏ الحكم ‏(‏إن شرط‏)‏ الوكيل ‏(‏تعجيل الأجر وقبض‏)‏ الدار ‏(‏ومضت المدة ولم يطلب الآمر‏)‏ الدار منه فإنه يرجع أيضا لصيرورة الآمر قابضا بقبضه ما لم يظهر المنع ‏(‏وإن طلب‏)‏ الآمر الدار ‏(‏وأبى‏)‏ الوكيل ‏(‏ليعجل‏)‏ الأجر ‏(‏لا‏)‏ يرجع؛ لأنه لما حبس الدار بحق لم تبق يده يد نيابة فلم يضر الموكل قابضا حكما فلا يلزمه الأجر‏.‏

‏(‏يستحق القاضي الأجر على كتب الوثائق‏)‏ والمحاضر والسجلات ‏(‏قدر ما يجوز لغيره كالمفتي‏)‏ فإنه يستحق أجر المثل على كتابة الفتوى؛ لأن الواجب عليه الجواب باللسان دون الكتابة بالبنان، ومع هذا الكف أولى احترازا عن القيل والقال وصيانة لماء الوجه عن الابتذال بزازية، وتمامه في قضاء الوهبانية وفي الصيرفية‏:‏ حكم وطلب أجرة ليكتب شهادته جاز، وكذا المفتي لو في البلدة غيره، وقيل مطلقا؛ لأن كتابته ليست بواجبة عليه‏.‏ وفيها‏:‏ استأجره ليكتب له تعويذا لأجل السحر جاز إن بين قدر الكاغد والخط وكذا المكتوب

‏(‏المستأجر لا يكون خصما لمدعي الإيجار والرهن والشراء‏)‏؛ لأن الدعوى لا تكون إلا على مالك العين ‏(‏بخلاف المشتري‏)‏ والموهوب له لملكهما العين، وهل يشترط حضور الآجر مع المشتري قولان‏.‏ ‏(‏وتصح الإجارة وفسخها والمزارعة والمعاملة والمضاربة والوكالة والكفالة والإيصاء والوصية والقضاء والإمارة‏)‏ والطلاق ‏(‏والعتاق والوقف‏)‏ حال كون كل واحد مما ذكر ‏(‏مضافا‏)‏ إلى الزمان المستقل كأجرتك أو فاسختك رأس الشهر صح بالإجماع ‏(‏لا‏)‏ يصح مضافا للاستقبال كل ما كان تمليكا للحال مثل ‏(‏البيع وإجازته وفسخه والقسمة والشركة والهبة والنكاح والرجعة والصلح عن مال وإبراء الدين‏)‏ وقد مر في متفرقات البيوع

‏(‏زاد أجر المثل في نفسه من غير أن يزيد أحد فللمتولي فسخها وما لم يفسخ كان على المستأجر المسمى‏)‏ به يفتى ‏(‏فسخ العقد بعد تعجيل البدل فللمعجل حبس المبدل حتى يستوفي ماله من المبدل‏)‏ وصحيحا كان العقد أو فاسدا لو العين في يد المستأجر فليحفظ‏.‏

‏(‏استأجر مشغولا وفارغا صح في الفارغ فقط‏)‏ لا المشغول كما مر، لكن حرر محشي الأشباه أن الراجح صحة إجارة المشغول، ويؤمر بالتفريغ والتسليم ما لم يكن فيه ضرر فله الفسخ فتنبه‏.‏

‏(‏استأجر شاة لإرضاع ولده أو جدية لم يجز‏)‏ لعدم العرف ‏(‏‏.‏ المستأجر فاسدا إذا آجر صحيحا جازت‏)‏ لو بعد قبضه في الأصح منية ‏(‏وقيل لا‏)‏ وتقدم الكل، والكل في الأشباه‏.‏

‏[‏فروع في المقاطعة بشروط الإجارة‏]‏

اعلم أن المقاطعة إذا وقعت بشروط الإجارة فهي صحيحة؛ لأن العبرة للمعاني وقدمناه في الجهاد‏.‏ صح استئجار قلم ببيان الأجر والمدة

استأجر شيئا لينتفع به خارج المصر فانتفع به في المصر، فإن كان ثوبا لزم الأجر، وإن كان دابة لا‏.‏ ساقها ولم يركبها لزم الأجر إلا لعذر بها

أخطأ الكاتب في البعض، إن الخطأ في كل ورقة خير إن شاء أخذه وأعطى أجر مثله أو تركه عليه وأخذ منه القيمة، وإن في البعض أعطاه بحسابه من المسمى‏.‏ الصيرفي بأجر، إذا ظهرت الزيافة في الكل استرد الأجرة، وفي البعض بحسابه‏.‏ إن دلني على كذا فله كذا فدله فله أجر مثله إن مشى لأجله من دلني على كذا فله كذا فهو باطل ولا أجر لمن دله إلا إذا عين الموضع

استأجره لحفر حوض عشرة في عشرة وبين العمق فحفر خمسة في خمسة كان له ربع الأجر الكل من الأشباه‏.‏ وفيها‏:‏ جاز استئجار طريق للمرور إن بين المدة‏.‏ قلت‏:‏ وفي حاشيتها هذا قولهما وهو المختار شرح مجمع وفي الاختيار‏:‏ من دلنا على كذا جاز؛ لأن الأجر يتعين بدلالته‏.‏ وفي الغاية‏:‏ داري لك إجارة هبة صحت غير لازمة فلكل فسخها ولو بعد القبض فليحفظ‏.‏ وفي لزوم الإجارة المضافة تصحيحان أريد عدم لزومها بأن عليه الفتوى‏.‏ وفي المجتبى لا تجوز إجارة البناء‏.‏ وعن محمد تجوز لو منتفعا به كجدار وسقف وبه يفتى ومنه إجارة بناء مكة وكره إجارة أرضها وفي الوهبانية‏.‏ وفي الكلب والبازي قولان والبنا كأم القرى أو أرضها ليس تؤجر ولو دفع الدلال ثوبا لتاجر يقلبه لو راح ليس يخسر ومن قال قصدي أن أسافر فافسخن فحلفه أو فاسأل رفاقا ليذكروا ويفسخ من ترك التجارة ما اكترى ولو كان في بعض الطريق ومؤجر له فسخها لو مات منها معين وأطلق يعقوب وبالضعف يذكر وإيجار ذي ضعف من الكل جائز ولو أن أجر المثل من ذاك أكثر ومن مات مديونا وأجر عقاره توفاه للمستأجر الحيس أجدر‏.‏

كتاب المكاتب

مناسبته للإجارة أن في كل منهما الرقبة لشخص والمنفعة لغيره‏.‏ ‏(‏الكتابة لغة من الكتب‏)‏ وهو جمع الحروف سمي به لأن فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة‏.‏ وشرعا ‏(‏تحرير المملوك يدا‏)‏ أي من جهة اليد ‏(‏حالا ورقبة مآلا‏)‏ يعني عند أداء البدل، حتى لو أداه حالا عتق حالا ‏(‏وركنها الإيجاب والقبول‏)‏ بلفظ الكتابة أو ما يؤدي معناه ‏(‏وشرطها كون البدل‏)‏ المذكور فيها ‏(‏معلوما‏)‏ قدره وجنسه، وكون الرق في المحل قائما لا كونه منجما أو مؤجلا لصحتها بالحال، وحكما في جانب العبد انتفاء الحجر في الحال، وثبوت الحرية في حق اليد لا الرقبة إلا بالأداء‏.‏ وفي جانب المولى ثبوت ولاية مطالبة البدل في الحال إن كانت حالة والملك في البدل إذا قبضه وعود ملكه إذا عجز‏.‏

‏(‏كاتب قنه ولو‏)‏ القن ‏(‏صغيرا يعقل بمال حال‏)‏ أي نقد كله ‏(‏أو مؤجل‏)‏ كله ‏(‏أو منجم‏)‏ أي مقسط على أشهر معلومة أو قال جعلت عليك ألفا تؤديه نجوما أولها كذا وآخرها كذا، فإن أديته فأنت حر، وإن عجزت فقن وقبل العبد ذلك صح وصار مكاتبا لإطلاق قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏فكاتبوهم‏}‏ - والأمر للندب على الصحيح، والمراد بالخيرية أن لا يضر بالمسلمين بعد العتق، فلو يضر فالأفضل تركه، ولو فعل صح‏.‏ ولو كاتب نصف عبده جاز ونصفه الآخر مأذون له في التجارة، ولو أراد منعه ليس له ذلك كي لا يبطل على العبد حق العتق، وتمامه في التتارخانية‏:‏ وإذا صحت الكتابة خرج من يده دون ملكه حتى يؤدي كل البدل لحديث أبي داود‏:‏ «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم»‏.‏

ثم فرع عليه بقوله ‏(‏وغرم المولى العقر إن وطئ مكاتبته‏)‏ لحرمته عليه ‏(‏أو جنى عليها‏)‏ فإنه يغرم أرشها ‏(‏أو جنى على ولدها أو أتلف‏)‏ المولى ‏(‏مالها‏)‏ لأنه بعقد الكتابة صار كل منهما كالأجنبي، نعم لا حد ولا قود على المولى للشبهة شمني

‏(‏ولو أعتقه عتق مجانا‏)‏ لإسقاط حقه

‏(‏و‏)‏ فسد ‏(‏إن‏)‏ كاتبه ‏(‏على خمر وخنزير‏)‏ لعدم ماليته في حق المسلم، فلو كانا ذميين جاز ‏(‏أو على قيمته‏)‏ أي قيمة نفس العبد لجهالة القدر ‏(‏أو على عين‏)‏ معينة ‏(‏لغيره‏)‏ لعجزه عن تسليم ملك الغير ‏(‏أو على مائة دينار ليرد سيده عليه وصيفا‏)‏ غير معين لجهالة القدر ‏(‏فهو‏)‏ أي عقد الكتابة ‏(‏فاسد‏)‏ في الكل لما ذكرنا ‏(‏فإن أدى‏)‏ المكاتب ‏(‏الخمر عتق‏)‏ بالأداء ‏(‏وكذا الخنزير‏)‏ لماليتهما في الجملة ‏(‏وسعى في قيمته‏)‏ بالغة ما بلغت، يعني قبل أن يترافعا للقاضي ابن كمال ‏(‏و‏)‏ اعلم أنه متى سمي مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه ‏(‏لم ينقص من المسمى بل يزاد عليه‏)‏

‏(‏ولو‏)‏ كاتبه ‏(‏على ميتة ونحوها‏)‏ كالدم ‏(‏بطل‏)‏ العقد لعدم ماليتهما أصلا عند أحد، فلا يعتق بالأداء إلا إذا علقه بالشرط صريحا فيعتق للشرط لا للعقد‏.‏

‏(‏وصح‏)‏ العقد ‏(‏على حيوان بين جنسه فقط‏)‏ أي لا نوعه وصفته ‏(‏ويؤدي الوسط أو قيمته‏)‏ ويجبر على قبولها ‏(‏و‏)‏ صح أيضا ‏(‏من كافر كاتب قنا كافرا مثله على خمر‏)‏ لماليته عندهم ‏(‏معلومة‏)‏ أي مقدرة ليعلم البدل ‏(‏وأي‏)‏ من المولى والعبد ‏(‏أسلم فله قيمة الخمر وعتق بقبضها‏)‏ لتعليق عتقه بأداء الخمر لكن مع ذلك يسعى في قيمته كما مر ‏(‏و‏)‏ صح أيضا ‏(‏على خدمته شهرا له‏)‏ أي للمولى ‏(‏أو لغيره أو حفر بئر أو بناء دار إذا بين قدر المعمول والآجر بما يرفع النزاع‏)‏ لحصول الركن والشرط‏.‏

‏(‏لا تفسد الكتابة بشرط‏)‏ لشبهها بالنكاح ابتداء لأنها مبادلة بغير مال وهو التصرف ‏(‏إلا أن يكون الشرط في صلب العقد‏)‏ فتفسد لشبهها بالبيع انتهاء لأنه في البدل هذا هو الأصل‏.‏

باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز

‏(‏للمكاتب البيع والشراء ولو بمحاباة‏)‏ يسيرة ‏(‏والسفر وإن شرط‏)‏ المولى ‏(‏عدمه وتزويج أمته وكتابة عبده والولاء له إن أدى‏)‏ الثاني ‏(‏بعد عتقه وإلا‏)‏ بأن أداه قبله أو أديا معا ‏(‏فلسيده لا التزوج بغير إذن مولاه و‏)‏ لا ‏(‏الهبة ولو بعوض، و‏)‏ لا ‏(‏التصدق إلا بيسير منهما و‏)‏ لا ‏(‏التكفل مطلقا‏)‏ ولو بإذن بنفس لأنه تبرع ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏الإقراض وإعتاق عبده ولو بمال، وبيع نفسه منه وتزويج عبده‏)‏ لنقصه بالمهر والنفقة ‏(‏وأب ووصي وقاض وأمينه في رقيق صغير‏)‏ تحت حجرهم ‏(‏كمكاتب‏)‏ فيما ذكر ‏(‏بخلاف مضارب ومأذون وشريك‏)‏ ولو مفاوضة على الأشبه لاختصاص تصرفهم بالتجارة‏.‏

‏(‏ولو اشترى أباه أو ابنه‏)‏ ‏(‏تكاتب عليه‏)‏ تبعا له، والمراد قرابة الولاد لا غير

‏(‏ولو‏)‏ اشترى ‏(‏محرما‏)‏ غير الولاد ‏(‏كالأخ والعم لا‏)‏ يكاتب عليه خلافا لهما‏.‏

‏(‏ولو اشترى أم ولده مع ولده منها‏)‏ وكذا لو شراها ثم شراه‏.‏ جوهرة ‏(‏لم يجز بيعها‏)‏ لتبعيتها لولدها ‏(‏ولكن لا تدخل في كتابته‏)‏ ثم فرع عليه بقوله ‏(‏فلا تعتق بعتقه ولا ينفسخ نكاحه‏)‏ لأنه لم يملكها ‏(‏فجاز له أن يطأها‏)‏ بملك النكاح فكذا المكاتبة إذا اشترت بعلها غير أن لها بيعه مطلقا لأن الحرية لم تثبت من جهتها ‏(‏ولو ملكها بدونه‏)‏ أي بدون الولد ‏(‏جاز له بيعها‏)‏ خلافا لهما

‏(‏وإن ولد له من أمته ولد‏)‏ فادعاه ‏(‏تكاتب عليه‏)‏ تبعا له ‏(‏و‏)‏ كان ‏(‏كسبه له‏)‏ لأنه كسب كسبه‏.‏

‏(‏زوج‏)‏ المكاتب ‏(‏أمته من عبده فكاتبهما فولدت دخل في كتابتها وكسبه‏)‏ وقيمته لو قتل ‏(‏لها‏)‏ لأن تبعيتها أرجح‏.‏

‏(‏مكاتب أو مأذون نكح أمة زعمت أنها حرة بإذن مولاه‏)‏ متعلق بنكح ‏(‏فولدت منه ثم استحقت فالولد رقيق‏)‏ فليس له أخذه بالقيمة خلافا لمحمد لأنه ولد المغرور، وخصا المغرور بالحر بإجماع الصحابة، واستشكله الزيلعي‏.‏

‏(‏ولو اشترى المكاتب أمة شراء ينظر فاسدا فوطئها ثم ردها للفساد‏)‏ لشرائها ‏(‏أو‏)‏ شراها ‏(‏صحيحا فاستحقت وجب عليه العقر في حالة الكتابة‏)‏ قبل عتقه لدخوله في كتابته، لأن الإذن بالشراء إذن بالوطء ‏(‏ولو‏)‏ وطئها ‏(‏بنكاح‏)‏ بلا إذنه ‏(‏أخذ به‏)‏ بالعقر ‏(‏منذ عتق‏)‏ أي بعد عتقه لعدم دخوله فيها كما مر ‏(‏والمأذون كالمكاتب فيهما‏)‏ في الفصلين‏.‏

‏(‏وإذا ولدت مكاتبة من سيدها‏)‏ فلها الخيار إن شاءت ‏(‏مضت على كتابتها‏)‏ وتأخذ العقر منه ‏(‏أو‏)‏ إن شاءت ‏(‏عجزت‏)‏ نفسها ‏(‏وهي أم ولده‏)‏ ويثبت نسبه بلا تصديقها لأنها ملكه رقبة‏.‏

‏(‏ولو كاتب شخص أم ولده أو مدبره صح وعتقت أم الولد‏)‏ مجانا بموته بالاستيلاد ‏(‏وسعى المدبر في ثلثي قيمته إن شاء أو سعى في كل البدل بموت سيده فقيرا‏)‏ لم يترك غيره

‏(‏ولو دبر مكاتبه صح فإن عجز بقي مدبرا وإلا سعى في ثلثي قيمته‏)‏ إن شاء ‏(‏أو في ثلثي البدل بموته‏)‏ أي المولى ‏(‏معسرا‏)‏ لم يترك غيره ‏(‏وإن كان‏)‏ مات ‏(‏موسرا بحيث يخرج‏)‏ المدبر ‏(‏من الثلث عتق‏)‏ بالتدبير ‏(‏وسقط عنه بدل الكتابة، كما لو أعتق المولى مكاتبه‏)‏ فإنه يعتق مجانا لقيام ملكه‏.‏

‏(‏كاتبه على ألف مؤجل ثم صالحه على نصفه حالا صح‏)‏ استحسانا‏.‏

‏(‏مريض كاتب عبده على ألفين إلى سنة فمات‏)‏ المريض ‏(‏و‏)‏ الحال أن ‏(‏قيمة المكاتب ألف‏)‏ درهم ‏(‏ولم تجز الورثة التأجيل‏)‏ ولم يترك غيره ‏(‏أدى‏)‏ المكاتب ‏(‏ثلثي البدل‏)‏ وعند محمد ثلثي القيمة حالا والباقي إلى أجله ‏(‏أو رد رقيقا‏)‏ لقيام البدل مقام الرقبة فتنفذ في ثلثه ‏(‏وإن كاتبه على ألف إلى سنة و‏)‏ الحال أن ‏(‏قيمته ألفان ولم يجيزوا أدى ثلثي القيمة حالا‏)‏ وسقط الباقي ‏(‏أو رد رقيقا‏)‏ اتفاقا لوقوع المحاباة في القدر والتأخير فتنفذ بالثلث‏.‏

‏(‏حر قال لمولى عبد كاتب عبدك فلانا‏)‏ الغائب ‏(‏على ألف درهم على أني إن أديت إليك ألفا فهو حر فكاتبه المولى على هذا الشرط وقبل‏)‏ المولى ‏(‏ثم أدى‏)‏ الحر ‏(‏ألفا عتق‏)‏ العبد بحكم الشرط، وكذا لو لم يقل إن أديت فأدى يعتق استحسانا لنفوذ تصرف الفضولي في كل ما ليس بضرر، ولا يرجع الحر على العبد لأنه متبرع ‏(‏وإذا بلغ العبد‏)‏ هذا الأمر ‏(‏فقبل صار مكاتبا‏)‏ إنما يحتاج لقبوله لأجل لزوم البدل عليه‏.‏

‏(‏قال عبد حاضر لسيده كاتبني على نفسي وعن فلان الغائب فكاتبهما فقبل العبد الحاضر صح‏)‏ العقد استحسانا في الحاضر أصالة والغائب تبعا ‏(‏وأيهما أدى بدل الكتابة عتقا جميعا‏)‏ بلا رجوع ‏(‏ويجبر المولى على القبول‏)‏ للبدل من أحدهما ‏(‏ولا يطالب‏)‏ العبد ‏(‏الغائب بشيء‏)‏ لعدم التزامه ‏(‏وقبوله‏)‏ للكتابة ‏(‏لغو‏)‏ لا يعتبر ‏(‏كرده إياها‏)‏ ولو حرره سقط عن الحاضر حصته، ولو حرر الحاضر أو مات أدى الغائب حصته حالا وإلا رد قنا، ولو أبرأ الحاضر أو وهبه له عتقا جميعا‏.‏

‏(‏وإن كاتب الأمة على نفسها وعن ابنين صغيرين لها‏)‏ وقبلت ‏(‏صح‏)‏ استحسانا لما مر ‏(‏وأي أدى‏)‏ ممن ذكر ‏(‏لم يرجع‏)‏ على الآخر لأنه متبرع، ويجبر المولى على القبول إلى آخر ما مر‏.‏

‏[‏فرع في مكاتبة نصف العبد‏]‏

كاتب نصف عبده فأدى الكتابة عتق نصفه وسعى في بقية قيمته‏.‏ وقالا‏:‏ العبد كله مكاتب على ذلك المال، وبه نأخذ حاوي القدسي‏.‏

باب كتابة العبد المشترك

‏(‏عبد الشريكين أذن أحدهما لصاحبه‏)‏ في ‏(‏أن يكاتب حظه بألف ويقبض بدل الكتابة فكاتب الشريك المأذون له نفذ في حظه فقط‏)‏ عند الإمام لتجزي الكتابة عنده وليس لشريكه فسخه لإذنه ‏(‏وإذا أقبض بعضه‏)‏ بعض الألف ‏(‏فعجز فالمقبوض‏)‏ كله ‏(‏للقابض‏)‏ لأنه له بالقبض فيكون متبرعا، ولو قبض الألف عتق حظ القابض‏.‏

‏(‏أمة بين شريكين كاتباها فوطئها أحدهما فولدت فادعاه‏)‏ الواطئ ‏(‏ثم وطئها‏)‏ الشريك ‏(‏الآخر فولدت فادعاه‏)‏ الواطئ الثاني صحت دعوته لقيام ملكه ظاهرا خلافا لهما ‏(‏فإن عجزت‏)‏ بعد ذلك جعلت الكتابة كأن لم تكن، وحينئذ ‏(‏فهي‏)‏ في الحقيقة ‏(‏أم ولد للأول‏)‏ لزوال المانع من الانتقال ووطؤه سابق ‏(‏وضمن‏)‏ الأول ‏(‏لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها وضمن شريكه عقرها‏)‏ كاملا لوطئه أم ولد الغير حقيقة ‏(‏وقيمة الولد‏)‏ أيضا ‏(‏وهو ابنه‏)‏ لأنه بمنزلة المغرور ‏(‏وأي‏)‏ من الشريكين ‏(‏دفع العقر إلى المكاتبة صح‏)‏ أي قبل العجز لاختصاصها بمنافعها فإذا عجزت ترده للمولى ‏(‏وإن دبر الثاني ولم يطأها‏)‏ والمسألة بحالها ‏(‏فعجزت بطل التدبير وضمن الأول لشريكه نصف قيمتها ونصف عقرها، والولد للأول‏)‏ وهي أم ولده ‏(‏وإن كاتباها فحررها أحدهما موسرا فعجزت ضمن المعتق لشريكه نصف قيمتها ورجع الضامن به عليها‏)‏ لما تقرر أن الساكت إذا ضمن المعتق يرجع عنده لا عندهما ا هـ‏.‏

‏[‏فرع في عبد لرجلين‏]‏

عبد لرجلين دبره أحدهما ثم حرره الآخر غنيا أو عكسا أعتق المدبر إن شاء أو استسعى في الصورتين، أو ضمن شريكه في الأولى فقط، والله أعلم‏.‏

باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى

‏(‏مكاتب عجز عن أداء‏)‏ نجم ‏(‏إن كان له مال سيصل إليه لم يعجزه الحاكم إلى ثلاثة أيام‏)‏ لأنها مدة ضربت لإبلاء الأعذار ‏(‏وإلا عجزه‏)‏ الحاكم في الحال ‏(‏وفسخها بطلب مولاه أو فسخ مولاه برضاه، ولو‏)‏ كانت الكتابة ‏(‏فاسدة‏)‏ فالمولى ‏(‏له الفسخ بغير رضاه ويملك المكاتب فسخها مطلقا في الجائزة والفاسدة‏)‏ وإن لم يرض المولى ‏(‏وعاد رقه‏)‏ بفسخها ‏(‏وما في يده لمولاه‏)‏

‏(‏و‏)‏ المكاتب ‏(‏إذا مات وله مال‏)‏ يفي بالبدل ‏(‏لم تفسخ، وتؤدى كتابته من ماله وحكم بعتقه في آخر‏)‏ جزء من أجزاء ‏(‏حياته، كما يحكم بعتق أولاده‏)‏ المولودين في كتابته لا قبلها ‏(‏والباقي من ماله ميراث لورثته، ولو‏)‏ لم يترك مالا و ‏(‏ترك ولدا‏)‏ ولد ‏(‏في كتابته ولا وفاء بقيت كتابته وسعى‏)‏ الابن في كتابة أبيه ‏(‏على نجومه‏)‏ المقسطة ‏(‏فإذا أدى حكم بعتق أبيه قبل موته وبعتقه تبعا ولو ترك ولدا اشتراه‏)‏ في كتابته ‏(‏أدى البدل حالا أو رد إلى حاله رقيقا‏)‏ وسويا بينهما وأما الأبوان فيردان للرق كما مات وقالا‏:‏ إن أديا حالا عتقا وإلا لا‏.‏

‏(‏اشترى‏)‏ المكاتب ‏(‏ابنه فمات عن وفاء ورثه ابنه‏)‏ لموته حرا عن ابن حر كما مر ‏(‏وكذا‏)‏ يرثه ‏(‏لو كان هو‏)‏ أي المكاتب ‏(‏وابنه‏)‏ الكبير ‏(‏مكاتبين كتابة واحدة‏)‏ لصيرورتهما كشخص واحد ضرورة اتحاد العقد‏.‏

‏(‏فإن ترك‏)‏ المكاتب ‏(‏ولدا من حرة‏)‏ أي معتقة ‏(‏وترك دينا يفي ببدلها فجنى الولد فقضي به‏)‏ بما جنى ‏(‏على عاقلة أمه‏)‏ ضرورة أن الأب لم يعتق بعد ‏(‏لم يكن ذلك‏)‏ القضاء ‏(‏تعجيزا لأبيه‏)‏ لعدم المنافاة ولا رجوع، قيد بالدين لأن في العين لا يتأتى القضاء بالإلحاق بالأم لإمكان الوفاء في الحال‏.‏ ‏(‏ولو قضي به‏)‏ بالولاء ‏(‏لقوم أمه بعد خصومتهم مع قوم الأب في ولائه فهو‏)‏ أي القضاء بما ذكر ‏(‏تعجيز‏)‏ لأنه في فصل مجتهد فيه ‏(‏وطاب لسيده وإن لم يكن مصرفا‏)‏ للصدقة ‏(‏ما أدى إليه من الصدقات فعجز‏)‏ لتبدل الملك، وأصله حديث بريرة‏:‏ «هي لك صدقة ولنا هدية» ‏(‏كما في وارث‏)‏ شخص ‏(‏فقير مات عن صدقة أخذها وارثه الغني‏)‏ كما في ‏(‏ابن سبيل أخذها ثم وصل إلى ماله وهي في يده‏)‏ أي الزكاة، وكفقير استغنى، وهي في يده فإنها تطيب له، بخلاف فقير أباح لغني أو هاشمي عين زكاة أخذها لا يحل لأن الملك لم يتبدل‏.‏

‏(‏فإن جنى عبد وكاتبه سيده جاهلا بجنايته أو‏)‏ جنى ‏(‏مكاتب فلم يقض به‏)‏ بما جنى ‏(‏فعجز‏)‏ فإن شاء المولى ‏(‏دفع‏)‏ العبد ‏(‏أو فدى‏)‏ لزوال المانع بالعجز ‏(‏وإن قضي به عليه‏)‏ حال كونه ‏(‏مكاتبا فعجز بيع فيه‏)‏ لانتقال الحق من رقبته إلى قيمته بالقضاء، قيد بالعجز لأن جنايات المكاتب عليه في كسبه ويلزمه الأقل من قيمته ومن الأرش، وإن تكررت قبل القضاء فعليه قيمة واحدة، ولو بعده فقيم ولو أقر بجناية خطأ لزمته في كسبه بعد الحكم بها ولو لم يحكم عليه حتى عجز بطلت

‏(‏وإن مات السيد لم تنفسخ الكتابة كالتدبير، وأمومية الولد‏)‏ وكأجل الدين إذا مات الطالب ‏(‏ويؤدي المال إلى ورثته على نجومه‏)‏ كأجل الدين بخلاف المطلوب لخراب ذمته هذا إذا كاتبه وهو صحيح ولو في مرضه لا يصح تأجيله إلا من الثلث ‏(‏وإن حرروه‏)‏ أي كل الورثة ‏(‏في مجلس واحد عتق مجانا‏)‏ استحسانا، ويجعل إبراء اقتضاء ‏(‏فإن حرره بعضهم‏)‏ في مجلس والآخر في آخر ‏(‏لم ينفذ عتقه‏)‏ على الصحيح لأنه لم يملكه، ولو عجز بعد موت المولى، عاد رقه‏.‏

‏(‏مكاتب تحته أمة طلقها ثنتين فملكها لا يحل له أن يطأها حتى تنكح زوجا غيره‏)‏ وكذا الحر كما تقرر في محله‏.‏

‏(‏كاتبا عبدا كتابة واحدة‏)‏ أي بعقد واحد ‏(‏وعجز المكاتب لا يعجزه القاضي حتى يجتمعا‏)‏ لأنهما كواحد بخلاف الورثة لأن القاضي يعجزه بطلب أحدهم مجتبى وفيه‏:‏ كاتب عبديه بمرة فعجز أحدهما فرده المولى في الرق‏.‏ أو القاضي ولم يعلم بكتابة الآخر لم يصح فإن غاب هذا المردود وجاء الآخر ثم عجز فليس للآخر رده في الرق‏.‏

‏[‏فروع في الاختلاف في قدر البدل‏]‏

اختلف المولى والمكاتب في قدر البدل فالقول للمكاتب عندنا، ولا يحبس المكاتب في دين مولاه في الكتابة وفيما سوى دين الكتابة قولان سراجية قلت‏:‏ وفي عتاق الوهبانية‏:‏ وفي غير جنس الحق يحبس سيدا مكاتبه والعبد فيها مخير ولاء لأولاد لزوجين حررا لمولى أبيهم ليس للأم معبر توفي وما وفى فإما لميت من الولد بع والحي تسعى وتحضر‏.‏ أي وإن لم يكن معها ولد بيعت، وإن كان استسعيت على نجومه صغيرا كان ولدها أو كبيرا وعندهما تسعى مطلقا والله أعلم‏.‏

كتاب الولاء

‏(‏هو‏)‏ لغة‏:‏ النصرة والمحبة مشتق من الولي، وهو القرب، وشرعا‏:‏ ‏(‏عبارة عن التناصر بولاء العتاقة أو بولاء الموالاة‏)‏ زيلعي ‏(‏ومن آثاره الإرث والعقل‏)‏ وولاية النكاح وبهذا علم أن الولاء ليس نفس الميراث بل قرابة حكمية تصلح سببا للإرث ‏(‏وسببه العتق على ملكه‏)‏ لا الإعتاق لأن بالاستيلاد وإرث القريب يحصل العتق بلا إعتاق، وأما حديث‏:‏ «الولاء لمن أعتق» فجري على الغالب‏.‏

‏(‏من عتق‏)‏ أي حصل له عتق ‏(‏بإعتاق‏)‏ فولاؤه ولو من وصية ‏(‏أو بفرع له‏)‏ ككتابة وتدبير واستيلاد ‏(‏أو بملك قريب‏)‏ فولاؤه لسيده ‏(‏ولو امرأة أو ذميا أو ميتا حتى تنفذ وصاياه وتقضى ديونه‏)‏ منه ‏(‏ولو شرط عدمه‏)‏ لمخالفته للشرع فيبطل‏.‏

‏(‏ومن أعتق أمته و‏)‏ الحال ‏(‏أن زوجها قن‏)‏ الغير ‏(‏فولدت‏)‏ لأقل من نصف حول مذ عتقت ‏(‏لا ينتقل ولاء الحمل‏)‏ الموجود عند العتق ‏(‏عن موالي الأم أبدا وكذا لو ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر منه، وبينهما أقل من نصف حول‏)‏ ضرورة كونهما توأمين ‏(‏فإذا ولدته بعد عتقها لأكثر من نصف حول فولاؤه لموالي الأم‏)‏ أيضا لتعذر تبعيته للأب لرقه ‏(‏فإن عتق‏)‏ القن - وهو الأب - قبل موت الولد لا بعده ‏(‏جر ولاء ابنه إلى مواليه‏)‏ لزوال المانع هذا إذا لم تكن معتدة فلو معتدة فولدت لأكثر من نصف حول من العتق ولدون حولين من الفراق لا ينتقل لموالي الأب‏.‏

‏(‏عجمي له مولى موالاة‏)‏ أو لم يكن له ذلك، وقيد بالعجمي لأن ولاء الموالاة لا يكون في العرب لقوة أنسابهم‏.‏ ‏(‏نكح معتقته‏)‏ ولو لعربي ‏(‏فولدت منه فولاء ولدها لمولاها‏)‏ لقوة ولاء العتاقة حتى اعتبر فيه الكفاءة لا في العجم وولاء الموالاة

‏(‏والمعتق مقدم على الرد و‏)‏ مقدم ‏(‏على ذوي الأرحام مؤخر عن العصبة النسبية‏)‏ لأنه عصبة سببية ‏(‏فإن مات المولى ثم المعتق ولا وارث له‏)‏ نسبي ‏(‏فميراثه لأقرب عصبة المولى‏)‏ الذكور وسنحققه في بابه‏.‏

‏(‏وليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن‏)‏ كما في الحديث المذكور في الدرر وغيرها لكن قال العيني وغيره‏:‏ إنه حديث منكر لا أصل له وسيجيء الجواب عنه في الفرائض‏.‏ ثم فرع على الأصل المذكور بقوله ‏(‏فلو مات المعتق ولم يترك إلا ابنة معتقه فلا شيء لها‏)‏ أي لابنة المعتق ‏(‏ويوضع ماله في بيت المال‏)‏ هذا ظاهر الرواية وذكر الزيلعي معزيا للنهاية‏:‏ أن بنت المعتق ترث في زماننا لفساد بيت المال وكذا ما فضل عن فرض أحد الزوجين يرد عليه وكذا المال يكون للابن أو البنت رضاعا كذا في فرائض الأشباه وأقره المصنف وغيره

‏(‏وإذا ملك الذمي عبدا‏)‏ ولو مسلما ‏(‏وأعتقه فولاؤه له‏)‏ لأن الولاء كالنسب فيتوارثون به عند عدم الحاجب كالمسلمين فلو مسلما لا يرثه ولا يعقل عنه، وبهذا اتضح فساد القول بأن الولاء هو الميراث حق الاتضاح‏.‏

‏(‏ولو أعتق حربي في دار الحرب عبدا حربيا لا يعتق‏)‏ بمجرد إعتاقه ‏(‏إلا أن يخلي سبيله فإذا خلاه عتق حينئذ ولا ولاء له‏)‏ حتى لو خرجا إلينا مسلمين لا يرثه خلافا للثاني ‏(‏وكان له أن يوالي من شاء لأنه لا ولاء لأحد‏)‏ عليه‏.‏

‏(‏ولو دخل مسلم في دار الحرب فاشترى عبدا ثمة وأعتقه بالقول عتق بلا تخلية لو كان العبد مسلما فأعتقه مسلم أو حربي‏)‏ في دار الإسلام ‏(‏فولاؤه له‏)‏ أي لمعتقه‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

ادعيا ولاء ميت وبرهن كل أنه أعتقه يقضى بالميراث والولاء لهما‏.‏ المولى يستحق الولاء أولا حتى تنفذ منه وصاياه وتقضى منه ديونه‏.‏ الكفاءة تعتبر في ولاء العتاقة فمعتقة التاجر كفء لمعتق العطار دون الدباغ‏.‏ الأم إذا كانت حرة الأصل بمعنى عدم الرق في أصلها فلا ولاء على ولدها والأب إذا كان كذلك فلو عربيا لا ولاء عليه مطلقا، ولو عجميا لا ولاء عليه لقوم الأب ويرثه معتق الأم وعصبته خلافا لأبي يوسف، والله أعلم‏.‏

فصل في ولاء الموالاة

‏(‏أسلم رجل‏)‏ مكلف ‏(‏على يد آخر ووالاه أو‏)‏ والى ‏(‏غيره‏)‏ الشرط كونه عجميا لا مسلما على ما مر وسيجيء ‏(‏على أن يرثه‏)‏ إذا مات ‏(‏ويعقل عنه‏)‏ إذا جنى ‏(‏صح‏)‏ هذا العقد ‏(‏وعقله عليه وإرثه له‏)‏ وكذا لو شرط الإرث من الجانبين‏.‏

‏(‏ولو والى صبي عاقل بإذن أبيه أو وصيه صح‏)‏ لعدم المانع ‏(‏كما لو والى العبد بإذن سيده آخر‏)‏ فإنه يصح ويكون وكيلا عن سيده بعقد الموالاة ‏(‏وأخر‏)‏ إرثه ‏(‏عن‏)‏ إرث ‏(‏ذي الرحم‏)‏ لضعفه ‏(‏وله النقل عنه بمحضره إلى غيره إن لم يعقل عنه أو عن ولده، فإن عقل عنه أو عن ولده لا ينتقل‏)‏ لتأكيده ‏(‏ولا يوالي معتق أحدا‏)‏ للزوم ولاء العتاقة‏.‏

‏(‏امرأة والت ثم ولدت‏)‏ مجهول النسب ‏(‏يتبعها المولود فيما عقدت‏)‏ وكذا لو أقرت بعقد الموالاة أو أنشأته والولد معها لأنه نفع محض في حق صغير لم يدر له أب‏.‏

‏(‏و‏)‏ عقد الموالاة ‏(‏شرطه أن يكون حرا مجهول النسب‏)‏ بأن لا ينسب إلى غيره أما نسبة غيره إليه فغير مانع، عناية ‏(‏و‏)‏ الثاني‏:‏ ‏(‏أن لا يكون عربيا و‏)‏ الثالث‏:‏ ‏(‏أن لا يكون له ولاء عتاقة ولا ولاء موالاة مع أحد وقد عقل عنه‏)‏ والرابع‏:‏ أن لا يكون عقل عنه بيت المال، والخامس‏:‏ أن يشترط العقل والإرث، وأما الإسلام فليس بشرط فتجوز موالاة المسلم الذمي وعكسه والذمي الذمي وإن أسلم الأسفل لأن الموالاة كالوصية كما بسط في البدائع، وفي الوهبانية‏:‏ ومعتق عبد عن أبيه ولاؤه له وأبوه بالمشيئة يؤجر يعني أعتق عبده عن أبيه الميت، فالولاء له والأجر للأب إن شاء الله تعالى من غير أن ينقص من أجر الابن شيء وكذا الصدقات والدعوات لأبويه وكل مؤمن يكون الأجر لهم من غير أن ينقص من أجر الابن شيء مضمرات‏.‏

كتاب الإكراه

‏(‏هو لغة حمل الإنسان على‏)‏ شيء يكرهه وشرعا ‏(‏فعل يوجد من المكره فيحدث في المحل معنى يصير به مدفوعا إلى الفعل الذي طلب منه‏)‏ وهو نوعان تام وهو الملجئ بتلف نفس أو عضو أو ضرب مبرح وإلا فناقص وهو غير الملجئ‏.‏ ‏(‏وشرطه‏)‏ أربعة أمور‏:‏ ‏(‏قدرة المكره على إيقاع ما هدد به سلطانا أو لصا‏)‏ أو نحوه ‏(‏و‏)‏ الثاني ‏(‏خوف المكره‏)‏ بالفتح ‏(‏إيقاعه‏)‏ أي إيقاع ما هدد به ‏(‏في الحال‏)‏ بغلبة ظنه ليصير ملجأ ‏(‏و‏)‏ الثالث‏:‏ ‏(‏كون الشيء المكره به متلفا نفسا أو عضوا أو موجبا غما يعدم الرضا‏)‏ وهذا أدنى مراتبه وهو يختلف باختلاف الأشخاص فإن الأشراف يغمون بكلام خشن، والأراذل ربما لا يغمون إلا بالضرب المبرح ابن كمال ‏(‏و‏)‏ الرابع‏:‏ ‏(‏كون المكره ممتنعا عما أكره عليه قبله‏)‏ إما ‏(‏لحقه‏)‏ كبيع ماله ‏(‏أو لحق‏)‏ شخص ‏(‏آخر‏)‏ كإتلاف مال الغير ‏(‏أو لحق الشرع‏)‏ كشرب الخمر والزنا

‏(‏فلو أكره بقتل أو ضرب شديد‏)‏ متلف لا بسوط أو سوطين إلا على المذاكير والعين بزازية ‏(‏أو حبس‏)‏ أو قيد مديدين بخلاف حبس يوم أو قيده أو ضرب غير شديد إلا لذي جاه درر ‏(‏حتى باع أو اشترى أو أقر أو آجر فسخ‏)‏ ما عقد ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما ولا بموت المشتري، ولا بالزيادة المنفصلة، وتضمن بالتعدي وسيجيء أنه يسترد وإن تداولته الأيدي ‏(‏أو أمضى‏)‏ لأن الإكراه الملجئ، وغير الملجئ يعدمان الرضا، والرضا شرط لصحة هذه العقود وكذا لصحة الإقرار فلذا صار له حق الفسخ والإمضاء ثم إن تلك العقود نافذة عندنا ‏(‏و‏)‏ حينئذ ‏(‏يملكه المشتري إن قبض فيصح إعتاقه‏)‏ وكذا كل تصرف لا يمكن نقضه ‏(‏ولزمه قيمته‏)‏ وقت الإعتاق ولو معسرا، زاهدي لإتلافه بعقد فاسد‏.‏

‏(‏فإن قبض ثمنه أو سلم‏)‏ المبيع ‏(‏طوعا‏)‏ قيد للمذكورين ‏(‏نفذ‏)‏ يعني لزم لما مر أن عقود المكره نافذة عندنا، والمعلق على الرضا والإجازة لزومه لإنفاذه إذ اللزوم أمر وراء النفاذ كما حققه ابن الكمال‏.‏ قلت‏:‏ والضابط أن ما لا يصح مع الهزل ينعقد فاسدا فله إبطاله وما يصح فيضمن الحامل كما سيجيء ‏(‏وإن‏)‏ ‏(‏قبض‏)‏ الثمن ‏(‏مكرها لا‏)‏ يلزم ‏(‏ورده‏)‏ ولم يضمن إن هلك الثمن لأنه أمانة درر ‏(‏إن بقي‏)‏ في يده لفساد العقد ‏(‏لكنه يخالف البيع الفاسد في أربع صور يجوز بالإجازة‏)‏ القولية والفعلية ‏(‏و‏)‏ الثاني‏:‏ أنه ‏(‏ينقض تصرف المشتري منه‏)‏ وإن تداولته الأيدي ‏(‏و‏)‏ الثالث‏:‏ ‏(‏تعتبر القيمة وقت الإعتاق دون وقت القبض و‏)‏ الرابع‏:‏ ‏(‏الثمن والمثمن أمانة في يد المكره‏)‏ لأخذه بإذن المشتري فلا ضمان بلا تعد بخلافها في الفاسد بزازية‏.‏

‏(‏أمر السلطان إكراه وإن لم يتوعده، وأمر غيره لا إلا أن يعلم المأمور بدلالة الحال أنه لو لم يمتثل أمره يقتله أو يقطع يده أو يضربه ضربا يخاف على نفسه أو تلف عضوه‏)‏ منية المفتي، وبه يفتى‏.‏ وفي البزازية‏:‏ الزوج سلطان زوجته فيتحقق منه الإكراه‏.‏

‏(‏أكره المحرم على قتل صيد فأبى حتى قتل كان مأجورا‏)‏ عند الله تعالى أشباه‏.‏

‏(‏ولو أكره البائع‏)‏ على البيع ‏(‏لا المشتري وهلك المبيع في يده ضمن قيمته للبائع‏)‏ بقبضه بعقد فاسد ‏(‏و‏)‏ البائع المكره ‏(‏له أن يضمن أيا شاء‏)‏ من المكره - بالكسر - والمشتري ‏(‏فإن ضمن المكره رجع على المشتري بقيمته، وإن ضمن المشتري نفذ‏)‏ يعني جاز لما مر ‏(‏كل شراء بعده ولا ينفذ ما قبله‏)‏ لو ضمن المشتري الثاني مثلا لصيرورته ملكه فيجوز ما بعده لا ما قبله فيرجع المشتري الضامن بالثمن على بائعه بخلاف ما إذا أجاز المالك أحد البياعات حيث يجوز الجميع ويأخذ الثمن من المشتري الأول لزوال المانع بالإجازة‏.‏

‏(‏فإن أكره على أكل ميتة أو دم أو لحم خنزير أو شرب خمر بإكراه‏)‏ غير ملجئ ‏(‏بحبس أو ضرب أو قيد لم يحل‏)‏ إذ لا ضرورة في إكراه غير ملجئ‏.‏ نعم لا يحد للشرب للشبهة

‏(‏و‏)‏ إن أكره بملجئ ‏(‏بقتل أو قطع‏)‏ عضو أو ضرب مبرح ابن كمال ‏(‏حل‏)‏ الفعل بل فرض ‏(‏فإن صبر فقتل أثم‏)‏ إلا إذا أراد مغايظة الكفار فلا بأس به وكذلك لو لم يعلم الإباحة بالإكراه لا يأثم لخفائه فيعذر بالجهل، كالجهل بالخطاب في أول الإسلام أو في دار الحرب ‏(‏كما في المخمصة‏)‏ كما قدمناه في الحج‏.‏

‏(‏و‏)‏ إن أكره ‏(‏على الكفر‏)‏ بالله تعالى أو سب النبي صلى الله عليه وسلم مجمع، وقدوري ‏(‏بقطع أو قتل رخص له أن يظهر ما أمر به‏)‏ على لسانه، ويوري ‏(‏وقلبه مطمئن بالإيمان‏)‏ ثم إن ورى لا يكفر وبانت امرأته قضاء لا ديانة وإن خطر بباله التورية ولو يور كفر، وبانت ديانة وقضاء، نوازل، وجلالية ‏(‏ويؤجر لو صبر‏)‏ لتركه الإجراء المحرم ومثله سائر حقوقه تعالى كإفساد صوم وصلاة وقتل صيد حرم أو في إحرام وكل ما ثبتت فرضيته بالكتاب اختيار ‏(‏ولم يرخص‏)‏ الإجراء ‏(‏بغيرهما‏)‏ بغير القطع والقتل يعني بغير الملجئ ابن كمال إذ التكلم بكلمة الكفر لا يحل أبدا‏.‏

‏(‏ورخص له إتلاف مال مسلم‏)‏ أو ذمي اختيار ‏(‏بقتل أو قطع‏)‏ ويؤجر لو صبر ابن مالك ‏(‏وضمن رب المال المكره‏)‏ بالكسر لأن المكره - بالفتح - كالآلة ‏(‏لا‏)‏ يرخص ‏(‏قتله‏)‏ أو سبه أو قطع عضوه وما لا يستباح بحال اختيار‏.‏

‏(‏ويقاد في‏)‏ القتل ‏(‏العمد المكره‏)‏ بالكسر لو مكلفا على ما في المبسوط خلافا لما في النهاية ‏(‏فقط‏)‏ لأن القاتل كالآلة وأوجبه الشافعي عليهما ونفاه أبو يوسف عنهما للشبهة

‏(‏ولو أكره على الزنا لا يرخص له‏)‏ لأن فيه قتل النفس بضياعها لكنه لا يحد استحسانا، بل يغرم المهر - ولو طائعة - لأنهما لا يسقطان جميعا‏.‏ شرح وهبانية ‏(‏وفي جانب المرأة يرخص‏)‏ لها الزنا ‏(‏بالإكراه الملجئ‏)‏ لأن نسب الولد لا ينقطع فلم يكن في معنى القتل من جانبها بخلاف الرجل ‏(‏لا بغيره لكنه يسقط الحد في زناها لا زناه‏)‏ لأنه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غير الملجئ شبهة له‏.‏

‏[‏فرع في حكم اللواطة‏]‏

ظاهر تعليلهم أن حكم اللواطة كحكم المرأة لعدم الولد فترخص بالملجئ إلا أن يفرق بكونها أشد حرمة من الزنا لأنها لم تبح بطريق ما ولكون قبحها عقليا ولذا لا تكون في الجنة على الصحيح قاله المصنف‏.‏

‏(‏وصح نكاحه وطلاقه وعتقه‏)‏ لو بالقول لا بالفعل كشراء قريبه ابن كمال ‏(‏ورجع بقيمة العبد ونصف المسمى إن لم يطأ ونذره، ويمينه، وظهاره، ورجعته، وإيلاؤه وفيؤه فيه‏)‏ أي في الإيلاء بقول أو فعل ‏(‏وإسلامه‏)‏ ولو ذميا كما هو إطلاق كثير من المشايخ وما في الخانية من التفصيل فقياس، والاستحسان صحته مطلقا فليحفظ‏.‏ ‏(‏بلا قتل لو رجع‏)‏ للشبهة، كما مر في باب المرتد ‏(‏وتوكيله بطلاق وعتاق‏)‏ وما في الأشباه من خلافه فقياس والاستحسان وقوعه، والأصل عندنا أن كل ما يصح مع الهزل يصح مع الإكراه لأن ما يصح مع الهزل لا يحتمل الفسخ وكل ما لا يحتمل الفسخ لا يؤثر فيه الإكراه وعدها أبو الليث في خزانة الفقه ثمانية عشر وعديناها في باب الطلاق نظما عشرين‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يصح مع الإكراه ‏(‏إبراؤه مديونه أو‏)‏ إبرائه ‏(‏كفيله‏)‏ بنفس أو مال لأن البراءة لا تصح مع الهزل، وكذا لو أكره الشفيع أن يسكت عن طلب الشفعة فسكت لا تبطل شفعته ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏ردته‏)‏ بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ‏(‏فلا تبين زوجته‏)‏ لأنه لا يكفر به والقول له استحسانا‏.‏ قلت‏:‏ وقدمنا على النوازل خلافه فلعله قياس فتأمل‏.‏

‏(‏أكره القاضي رجلا ليقر بسرقة أو بقتل رجل بعمد أو‏)‏ ليقر ‏(‏بقطع يد رجل بعمد فأقر بذلك فقطعت يده أو قتل‏)‏ على ما ذكر ‏(‏إن كان المقر موصوفا بالصلاح اقتص من القاضي وإن متهما بالسرقة معروفا بها وبالقتل لا‏)‏ يقتص من القاضي استحسانا للشبهة خانية‏.‏

‏(‏قيل له‏:‏ إما أن تشرب هذا الشراب أو تبيع كرمك فهو إكراه إن كان شرابا لا يحل‏)‏ كالخمر ‏(‏وإلا فلا‏)‏ قنية قال‏:‏ وكذا الزنا وسائر المحرمات‏.‏

‏(‏صادره السلطان ولم يعين بيع ماله فباعه صح‏)‏ لعدم تعينه، والحيلة أن يقول‏:‏ من أين أعطي ولا مال لي‏؟‏ فإذا قال الظالم‏:‏ بع كذا فقد صار مكرها فيه بزازية‏.‏

‏(‏خوفها الزوج بالضرب حتى وهبته مهرها لم تصح‏)‏ الهبة ‏(‏إن قدر الزوج على الضرب‏)‏ وإن هددها بطلاق أو تزوج عليها أو تسر فليس بإكراه خانية وفي مجمع الفتاوى‏:‏ منع امرأته المريضة عن المسير إلى أبويها إلا أن تهبه مهرها فوهبته بعض المهر فالهبة باطلة، لأنها كالمكره‏.‏ قلت‏:‏ ويؤخذ منه جواب حادثة الفتوى‏:‏ وهي زوج بنته البكر من رجل فلما أرادت الزفاف منعها الأب إلا أن يشهد عليها أنها استوفت منه ميراث أمها فأقرت ثم أذن لها بالزفاف فلا يصح إقرارها لكونها في معنى المكرهة وبه أفتى أبو السعود مفتي الروم قاله المصنف في شرح منظومته تحفة الأقران في بحث الهبة‏.‏

‏(‏المكره بأخذ المال لا يضمن‏)‏ ما أخذه ‏(‏إذا نوى‏)‏ الآخذ وقت الأخذ ‏(‏أنه يرد على صاحبه وإلا يضمن وإذا اختلفا‏)‏ أي المالك والمكره ‏(‏في النية فالقول للمكره مع يمينه‏)‏ ولا يضمن مجتبى‏.‏ وفيه المكره على الأخذ والدفع إنما يبيعه ما دام حاضرا عنده المكره، وإلا لم يحل لزوال القدرة والإلجاء بالبعد منه وبهذا تبين أنه لا عذر لأعوان الظلمة في الأخذ عند غيبة الأمير أو رسوله فليحفظ‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

أكره على أكل طعام نفسه إن جائعا لا رجوع وإن شبعانا رجع بقيمته على المكره لحصول منفعة الأكل له في الأول لا الثاني‏.‏ قال أهل الحرب لنبي أخذوه‏:‏ إن قلت لست بنبي تركناك وإلا قتلناك لا يسعه قول ذلك وإن قيل لغير نبي‏:‏ إن قلت هذا ليس بنبي تركنا نبيك وإن قلت نبي قتلناه وسعه لامتناع الكذب على الأنبياء‏.‏ قال حربي لرجل‏:‏ إن دفعت جاريتك لأزني بها دفعت لك ألف أسير لم يحل‏.‏ أقر بعتق عبده مكرها لم يعتق في الأصح، وهل الإكراه بأخذ المال معتبر شرعا‏؟‏ ظاهر القنية نعم وفي الوهبانية‏:‏ إن يقل المديون إني مرافع لتبرئ فالإكراه معنى مصور وصح قوله إني مرافع إلخ قد غيرت بيت الوهبانية إلى قولي‏:‏ وإن يقل المديون إن لم تهبه لي أرافعك فالإكراه معنى مصور في الاستحسان إسلام مكره ولا قتل إن يرتد بعد ويجبر ا هـ منه‏.‏

كتاب الحجر

‏(‏هو‏)‏ لغة‏:‏ المنع مطلقا وشرعا‏:‏ ‏(‏منع من نفاذ تصرف قولي‏)‏ لا فعلي لأن الفعل بعد وقوعه لا يمكن رده فلا يتصور الحجر عنه‏.‏ قلت‏:‏ يشكل عليه الرقيق لمنع نفاذ فعله في الحال بل بعد العتق كما صرح به في البدائع اللهم إلا أن يقال‏:‏ الأصل فيه ذلك لكنه أخر لعتقه لقيام المانع فتأمل‏.‏ ‏(‏وسببه صغر وجنون‏)‏ يعم القوي والضعيف كما في المعتوه وحكمه كمميز كما سيجيء في المأذون ‏(‏ورق فلا يصح طلاق صبي ومجنون مغلوب‏)‏ أي لا يفيق بحال وأما الذي يجن ويفيق فحكمه كمميز نهاية ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏إعتاقهما وإقرارهما‏)‏ نظرا لهما‏.‏

‏(‏وصح طلاق عبد وإقراره في حق نفسه فقط‏)‏ لا سيده ‏(‏فلو أقر بمال أخر إلى عتقه‏)‏ لو لغير مولاه ولو له هدر ‏(‏وبحد وقود أقيم في الحال‏)‏ لبقائه على أصل الحرية في حقهما‏.‏

‏(‏ومن عقد‏)‏ عقدا يدور بين نفع وضر كما سيجيء في المأذون ‏(‏منهم‏)‏‏.‏ من هؤلاء المحجورين ‏(‏وهو يعقله‏)‏ يعرف أن البيع سالب للملك والشراء جالب ‏(‏أجاز وإليه، أو رد‏)‏ وإن لم يعقله فباطل نهاية‏.‏

‏(‏وإن أتلفوا‏)‏ أي هؤلاء المحجورين سواء عقلوا أو لا درر ‏(‏شيئا‏)‏ مقوما من مال أو نفس ‏(‏ضمنوا‏)‏ إذ لا حجر في الفعلي لكن ضمان العبد بعد العتق على ما مر‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ الصبي المحجور مؤاخذ بأفعاله فيضمن ما أتلفه من المال للحال وإذا قتل فالدية على عاقلته إلا في مسائل‏:‏ لو أتلف ما اقترضه وما أودع عنده بلا إذن وليه وما أعير له وما بيع منه بلا إذن ويستثنى من إيداعه ما إذا أودع صبي محجور مثله - وهي ملك غيرهما - فللمالك تضمين الدافع والآخذ‏.‏

‏(‏ولا يحجر حر مكلف بسفه‏)‏ هو تبذير المال وتضييعه على خلاف مقتضى الشرع أو العقل درر ولو في الخير كأن يصرفه في بناء المساجد ونحو ذلك فيحجر عليه عندهما وتمامه في فوائد شتى في الأشباه ‏(‏وفسق ودين‏)‏ وغفلة ‏(‏بل‏)‏ يمنع ‏(‏مفت ماجن‏)‏ يعلم الحيل الباطلة كتعليم الردة لتبين من زوجها أو لتسقط عنها الزكاة ‏(‏وطبيب جاهل ومكار مفلس وعندهما يحجر على الحر بالسفه و‏)‏ الغفلة و ‏(‏به‏)‏ أي بقولهما ‏(‏يفتى‏)‏ صيانة لماله وعلى قولهما المفتى به ‏(‏فيكون في أحكامه كصغير‏)‏ ثم هذا الخلاف في تصرفات تحتمل الفسخ ويبطلها الهزل وأما ما لا يحتمله ولا يبطله الهزل فلا يحجر عليه بالإجماع فلذا قال ‏(‏إلا في نكاح وطلاق وعتاق واستيلاد وتدبير ووجوب زكاة‏)‏ وفطرة ‏(‏وحج وعبادات وزوال ولاية أبيه أو جده وفي صحة إقراره بالعقوبات وفي الإنفاق وفي صحة وصاياه بالقرب من الثلث فهو‏)‏ أي في هذه ‏(‏كبالغ‏)‏ وفي كفارة كعبد أشباه‏.‏ والحاصل أن كل ما يستوي فيه الهزل والجد ينفذ من المحجور وما لا فلا إلا بإذن القاضي خانية‏.‏

‏(‏فإن بلغ‏)‏ الصبي ‏(‏غير رشيد لم يسلم إليه ماله حتى يبلغ خمسا وعشرين سنة فصح تصرفه قبله‏)‏ أي قبل المقدار المذكور من المدة ‏(‏وبعده يسلم إليه‏)‏ وجوبا يعني لو منعه منه بعد طلبه ضمن وقبل طلبه لا ضمان كما يفيده كلام المجتبى وغيره قاله شيخنا ‏(‏وإن لم يكن رشيدا‏)‏ وقالا‏:‏ لا يدفع حتى يؤنس رشده ولا يجوز تصرفه فيه ‏(‏والرشد‏)‏ المذكور في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن آنستم منهم رشدا‏}‏ ‏(‏هو كونه مصلحا في ماله فقط‏)‏ ولو فاسقا قاله ابن عباس‏.‏

‏(‏والقاضي يحبس الحر المديون ليبيع ماله لدينه وقضى دراهم دينه من دراهمه‏)‏ يعني بلا أمره، وكذا لو كان دنانير ‏(‏وباع دنانيره بدراهم دينه وبالعكس استحسانا‏)‏ لاتحادهما في الثمنية ‏(‏لا‏)‏ يبيع القاضي ‏(‏عرضه ولا عقاره‏)‏ للدين ‏(‏خلافا لهما وبه‏)‏ أي بقولهما ببيعهما للدين ‏(‏يفتى‏)‏ اختيار وصححه في تصحيح القدوري، ويبيع كل ما لا يحتاجه في الحال ولو أقر بمال يلزمه بعد الديون ما لم يكن ثابتا ببينة أو علم قاض فيزاحم الغرماء كمال استهلكه إذ لا حجر في الفعل كما مر‏.‏‏.‏

‏(‏أفلس ومعه عرض شراه فقبضه بالإذن‏)‏ من بائعه ولم يؤد ثمنه ‏(‏فباعه أسوة الغرماء‏)‏ في ثمنه ‏(‏فإن أفلس قبل قبضه أو بعده‏)‏ لكن ‏(‏بغير إذن بائعه كان له استرداده‏)‏ وحبسه ‏(‏بالثمن‏)‏ وقال الشافعي‏:‏ للبائع الفسخ‏.‏

‏(‏حجر القاضي عليه ثم رفع إلى‏)‏ قاض ‏(‏آخر فأطلقه‏)‏ وأجاز ما صنع المحجور كذا في الخانية وهو ساقط من الدرر والمنح ‏(‏جاز إطلاقه‏)‏ وما صنع المحجور في ماله من بيع أو شراء قبل إطلاق الثاني أو بعده كان جائزا لأن حجر الأول مجتهد فيه فيتوقف على إمضاء قاض آخر‏.‏

‏[‏فروع في الحجر على الغائب‏]‏

يصح الحجر على الغائب لكن لا ينحجر ما لم يعلم خانية، ولا يرتفع الحجر بالرشد بل بإطلاق القاضي، ولو ادعى الرشد وادعى خصمه بقاءه على السفه وبرهنا ينبغي تقديم بينة بقاء السفه أشباه، وفي الوهبانية‏:‏ ومن يدعي إقراره قبل يحجر فمن يدعيه وقته فهو أجدر ولو باع والقاضي أجاز وقال لا تؤد فما أداه من بعد يخسر‏.‏

فصل ‏[‏في بلوغ الغلام بالاحتلام والإحبال والإنزال‏]‏

‏(‏بلوغ الغلام بالاحتلام والإحبال والإنزال‏)‏ والأصل هو الإنزال ‏(‏والجارية بالاحتلام والحيض والحبل‏)‏ ولم يذكر الإنزال صريحا لأنه قلما يعلم منها ‏(‏فإن لم يوجد فيهما‏)‏ شيء ‏(‏فحتى يتم لكل منهما خمس عشرة سنة به يفتى‏)‏ لقصر أعمار أهل زماننا ‏(‏وأدنى مدته له اثنتا عشرة سنة ولها تسع سنين‏)‏ هو المختار كما في أحكام الصغار ‏(‏فإن راهقا‏)‏ بأن بلغا هذا السن ‏(‏فقالا‏:‏ بلغنا؛ صدقا إن لم يكذبهما الظاهر‏)‏ كذا قيده في العمادية وغيرها فبعد ثنتي عشرة سنة يشترط شرط آخر لصحة إقراره بالبلوغ وهو أن يكون بحال يحتلم مثله وإلا لا يقبل قوله شرح وهبانية ‏(‏وهما‏)‏ حينئذ ‏(‏كبالغ حكما‏)‏ فلا يقبل جحوده البلوغ بعد إقراره مع احتمال حاله فلا تنقض قسمته ولا بيعه وفي الشرنبلالية‏:‏ يقبل قول المراهقين ‏"‏ قد بلغنا ‏"‏ مع تفسير كل بماذا بلغ بلا يمين‏.‏ وفي الخزانة أقر بالبلوغ فقبل اثنتي عشرة سنة لا تصح البينة وبعده تصح ا هـ‏.‏

كتاب المأذون

‏(‏الإذن‏)‏ لغة‏:‏ الإعلام وشرعا ‏(‏فك الحجر‏)‏ أي في التجارة لأن الحجر لا ينفك عن العبد المأذون في غير باب التجارة ابن كمال ‏(‏وإسقاط الحق‏)‏ المسقط هو المولى لو المأذون رقيقا والولي لو صبيا وعند زفر والشافعي هو توكيل وإنابة ‏(‏ثم يتصرف‏)‏ العبد ‏(‏لنفسه بأهليته فلا يتوقت‏)‏ بوقت ولا يتخصص بنوع تفريع على كونه إسقاطا ‏(‏ولا يرجع بالعهدة على سيده‏)‏ لفكه الحجر ‏(‏فلو أذن لعبده‏)‏ تفريع على فك الحجر ‏(‏يوما‏)‏ أو شهرا ‏(‏صار مأذونا مطلقا حتى يحجر عليه‏)‏؛ لأن الإسقاطات لا تتوقت ‏(‏ولم يتخصص بنوع فإذا أذن في نوع عم إذنه في الأنواع كلها‏)‏ لأنه فك الحجر لا توكيل‏.‏ ثم اعلم أن الإذن بالتصرف النوعي إذن بالتجارة وبالشخصي استخدام

‏(‏ويثبت‏)‏ الإذن ‏(‏دلالة فعبد رآه سيده يبيع ملك أجنبي‏)‏ فلو ملك مولاه لم يجز حتى يأذن بالنطق بزازية ودرر عن الخانية لكن سوى بينهما الزيلعي وغيره وجزم بالتسوية ابن الكمال وصاحب الملتقى ورجحه في الشرنبلالية بأن ما في المتون والشروح أولى بما في كتب الفتاوى فليحفظ‏.‏ ‏(‏ويشتري‏)‏ ما أراد ‏(‏وسكت‏)‏ السيد ‏(‏مأذون‏)‏ خبر المبتدأ إلا إذا كان المولى قاضيا أشباه ولكن ‏(‏لا‏)‏ يكون مأذونا ‏(‏في‏)‏ بيع ‏(‏ذلك الشيء‏)‏ أو شرائه فلا ينفذ على المولى بيع ذلك المتاع؛ لأنه يلزم أن يصير مأذونا قبل أن يصير مأذونا وهو باطن‏.‏ قلت‏:‏ لكن قيده القهستاني معزيا للذخيرة بالبيع دون الشراء من مال مولاه‏.‏ أي فيصح فيه أيضا وعليه فيفتقر إلى الفرق والله تعالى الموفق‏.‏

‏(‏و‏)‏ يثبت ‏(‏صريحا فلو أذن مطلقا‏)‏ بلا قيد ‏(‏صح كل تجارة منه إجماعا‏)‏ أما لو قيد فعندنا يعم خلافا للشافعي ‏(‏فيبيع ويشتري ولو بغبن فاحش‏)‏ خلافا لهما ‏(‏ويوكل بهما ويرهن ويرتهن ويعير الثوب والدابة‏)‏؛ لأنه من عادة التجار

‏(‏ويصالح عن قصاص وجب على عبده ويبيع من مولاه بمثل القيمة و‏)‏ أما ‏(‏بأقل‏)‏ منها ف ‏(‏لا و‏)‏ يبيع ‏(‏مولاه منه بمثل القيمة أو أقل وللمولى حبس المبيع لقبض ثمنه‏)‏ من العبد ‏(‏ويبطل الثمن‏)‏ خلافا لما صححه شارح المجمع معزيا للمحيط ‏(‏لو سلم‏)‏ المبيع ‏(‏قبل قبضه‏)‏؛ لأنه لا يجب له على عبده دين فخرج مجانا حتى لو كان الثمن عرضا لم يبطل لتعينه بالعقد، وهذا كله لو المأذون مديونا وإلا لم يجز بينهما بيع نهاية ‏(‏ولو باع المولى منه بأكثر منه حط الزائد أو فسخ العقد‏)‏ أي يؤمر السيد بأن يفعل واحدا منهما لحق الغرماء ‏(‏فيما كان من التجارة وتقبل الشهادة عليه‏)‏ أي على العبد المأذون بحق ما ‏(‏وإن لم يحضر مولاه‏)‏ ولو محجورا لا تقبل يعني لا تقبل على مولاه بل عليه فيؤاخذ به بعد العتق ولو حضرا معا فإن الدعوى باستهلاك مال أو غصبه قضى على المولى وإن باستهلاك وديعة أو بضاعة على المحجور تسمع على العبد‏.‏ وقيل على المولى ولو شهدوا على إقرار العبد بحق لم يقض على المولى مطلقا وتمامه في العمادية

‏(‏ويأخذ الأرض إجارة ومساقاة ومزارعة ويشتري بذرا يزرعه‏)‏ ويؤاجر ويزارع ‏(‏ويشارك عنانا‏)‏ لا مفاوضة ويستأجر ويؤجر ولو نفسه ويقر بوديعة وغصب ودين ولو عليه دين ‏(‏لغير زوج وولد ووالد‏)‏ وسيد فإن إقراره لهم بالدين باطل عنده خلافا لهما درر ولو بعين صح إن لم يكن مديونا وهبانية

‏(‏ويهدي طعاما يسيرا‏)‏ بما لا يعد سرفا ومفاده أنه لا يهدي من غير المأكول أصلا ابن كمال وجزم به ابن الشحنة والمحجور لا يهدي شيئا وعن الثاني‏:‏ إذا دفع للمحجور قوت يومه فدعا بعض رفقائه للأكل معه فلا بأس بخلاف ما لو دفع إليه قوت شهر، ولا بأس للمرأة أن تتصدق من بيت سيدها أو زوجها باليسير كرغيف ونحوه ملتقى، ولو علم منه عدم الرضا لم يجز ‏(‏ويضيف من يطعمه‏)‏ ويتخذ الضيافة اليسيرة بقدر ماله

‏(‏ويحط من الثمن بعيب قدر ما يحط التجار‏)‏ ويحابي ويؤجل مجتبى ‏(‏ولا يتزوج‏)‏ إلا بإذن ‏(‏ولا يتسرى‏)‏ وإن أذن له المولى

‏(‏ولا يزوج رقيقه‏)‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يزوج الأمة ‏(‏ولا يكاتبه‏)‏ إلا أن يجيزه المولى ولا دين عليه وولاية القبض للمولى ‏(‏ولا يعتق بمال‏)‏ إلا أن يجيزه المولى إلى آخر ما مر ‏(‏ولا بغيره ولا يقرض ولا يهب ولو بعوض ولا يكفل مطلقا‏)‏ بنفس أو مال ‏(‏ولا يصالح عن قصاص وجب عليه ولا يعفو عن القصاص‏)‏ ويصالح عن قصاص وجب على عبده خزانة الفقه

‏(‏وكل دين وجب عليه بتجارة أو بما هو في معناها‏)‏ أمثلة الأول ‏(‏كبيع وشراء وإجارة واستئجار و‏)‏ أمثلة الثاني ‏(‏غرم وديعة وغصب وأمانة جحدهما‏)‏ عبارة الدرر وغيرها جحدها بلا ميم فتنبه‏.‏

‏(‏وعقر وجب بوطء مشرية بعد الاستحقاق‏)‏ كل ذلك ‏(‏يتعلق برقبته‏)‏ كدين الاستهلاك والمهر ونفقة الزوجة ‏(‏يباع فيه‏)‏ ولهم استسعاؤه أيضا زيلعي ومفاده أن زوجته لو اختارت استسعاءه لنفقة كل يوم أن يكون لها ذلك أيضا بحر من النفقة ‏(‏بحضرة مولاه‏)‏ أو نائبه لاحتمال أن يفديه بخلاف بيع الكسب، فإنه لا يحتاج لحضور المولى؛ لأن العبد خصم فيه ‏(‏ويقسم ثمنه بالحصص و‏)‏ يتعلق ‏(‏بكسب حصل قبل الدين أو بعده‏)‏ ويتعلق ‏(‏بما وهب له وإن لم يحضر‏)‏ مولاه هذا قيد للكسب والإنهاب لكن يشترط حضور العبد؛ لأنه الخصم في كسبه، ثم إنما يبدأ بالكسب وعند عدمه يستوفى من الرقبة‏.‏ قلت‏:‏ وأما الكسب الحاصل قبل الإذن فحق للمولى فله أخذه مطلقا‏.‏ قال شيخنا‏:‏ ومفاده أنه لو اكتسب المحجور شيئا وأودعه عند آخر وهلك في يد المودع للمولى تضمينه؛ لأنه كمودع الغاصب فتأمله ‏(‏لا‏)‏ يتعلق الدين ‏(‏بما أخذه مولاه منه قبل الدين وطولب‏)‏ المأذون ‏(‏بما بقي‏)‏ من الدين زائدا عن كسبه وثمنه ‏(‏بعد عتقه‏)‏ ولا يباع ثانيا‏.‏

‏(‏ولمولاه أخذ غلة مثله بوجود دينه وما زاد للغرماء‏)‏ يعني لو كان المولى يأخذ من العبد كل شهر عشرة دراهم مثلا قبل لحوق الدين كان له أن يأخذها بعد لحوقه استحسانا؛ لأنه لو منع منها يحجر عليه فينسد باب الاكتساب‏.‏

‏(‏وينحجر بحجره إن علم هو‏)‏ نفسه لدفع الضرر عنه ‏(‏وأكثر أهل سوقه إن كان‏)‏ الإذن ‏(‏شائعا، أما إذا لم يعلم به‏)‏ أي بالإذن ‏(‏إلا العبد‏)‏ وحده ‏(‏كفى في حجره علمه‏)‏ به ‏(‏فقط‏)‏ ولا يشترط مع ذلك علم أكثر أهل سوقه لانتفاء الضرر‏.‏ وفي البزازية‏:‏ باع عبده المأذون إن لم يكن عليه دين صار محجورا عليه علم أهل سوقه ببيعه أم لا لصحة البيع وإن عليه دين لا ما لم يقبضه المشتري لفساد البيع، وهل للغرماء فسخه إن ديونهم حالة‏؟‏ نعم إلا إذا كان بالثمن وفاء أو أبرءوا العبد أو أدى المولى وتمامه في السراجية ‏(‏وبموت سيده وجنونه مطبقا ولحوقه‏)‏ وكذا بجنون المأذون ولحوقه أيضا ‏(‏بدار الحرب مرتدا وإن لم يعلم أحد به‏)‏؛ لأنه موت حكما ‏(‏و‏)‏ ينحجر حكما ‏(‏بإباقه‏)‏ وإن لم يعلم أحد كجنونه ‏(‏ولو عاد منه‏)‏ أو أفاق من جنونه ‏(‏لم يعد الإذن‏)‏ في الصحيح زيلعي وقهستاني

‏(‏وباستيلادها‏)‏ بأن ولدت منه فادعاه كان حجرا دلالة ما لم يصرح بخلافه ‏(‏لا‏)‏ تنحجر ‏(‏بالتدبير وضمن بهما قيمتهما‏)‏ فقط ‏(‏للغرماء لو عليهما دين‏)‏ محيط‏.‏ ‏(‏إقراره‏)‏ مبتدأ ‏(‏بعد حجره إن ما معه أمانة أو غصب أو دين عليه‏)‏ لآخر ‏(‏صحيح‏)‏ خبر ‏(‏فيقبضه منه‏)‏ وقال لا يصح‏.‏

‏(‏أحاط دينه بماله ورقبته لم يملك سيده ما معه فلم يعتق عبد من كسبه بتحرير مولاه‏)‏ وقالا يملكه فيعتق وعليه قيمته موسرا ولو معسرا فلهم أن يضمنوا العبد المعتق ثم يرجع على المولى ابن كمال ‏(‏ولو اشترى ذا رحم محرم من المولى لم يعتق‏)‏ ولو ملكه لعتق ‏(‏ولو أتلف المولى ما في يده من الرقيق ضمن‏)‏ ولو ملكه لم يضمن خلافا لهما بناء على ثبوت الملك وعدمه ‏(‏وإن لم يحط‏)‏ دينه بماله ورقبته ‏(‏صح تحريره‏)‏ إجماعا

‏(‏و‏)‏ صح ‏(‏إعتاقه‏)‏ حال كون ‏(‏المأذون مديونا‏)‏ ولو بمحيط ‏(‏وضمن المولى للغرماء الأقل من دينه وقيمته‏)‏ وإن شاءوا اتبعوا العبد بكل ديونهم وباتباع أحدهما لا يبرأ الآخر فهما ككفيل مع مكفول عنه ‏(‏وطولب بما بقي‏)‏ من دينهم إذا لم تف به قيمته ‏(‏بعد عتقه‏)‏ لتقرره في ذمته وصح تدبيره ولا ينحجر ويخير الغرماء كعتقه إلا أن من اختار أحد الشيئين ليس له الرجوع شرح تكملة‏.‏ وفي الهداية‏:‏ ولو كان المأذون مدبرا أو أم ولد لم يضمن قيمتهما؛ لأن حق الغرماء لم يتعلق برقبتهما؛ لأنهما لا يباعان بالدين، ولو أعتقه المولى بإذن الغرماء فلهم تضمين مولاه زيلعي

‏(‏و‏)‏ المأذون ‏(‏إن باعه سيده‏)‏ بأقل من الديون ‏(‏وغيبه المشتري‏)‏ قيد به؛ لأن الغرماء إذا قدروا على العبد كان لهم فسخ البيع كما مر ‏(‏ضمن الغرماء البائع قيمته‏)‏ لتعديه ‏(‏فإن رد‏)‏ العبد ‏(‏عليه بعيب قبل القبض‏)‏ مطلقا أو بخيار رؤية أو شرط ‏(‏أو بعده بقضاء رجع‏)‏ السيد ‏(‏بقيمته على الغرماء وعاد حقهم في العبد‏)‏ لزوال المانع ‏(‏وإن رد بعد القبض لا بقضاء فلا سبيل لهم على العبد للمولى ولا لعبد على القيمة‏)‏؛ لأن الرد بالتراضي إقالة وهي بيع في حق غيرهما ‏(‏وإن فضل من دينهم شيء رجعوا به على العبد بعد الحرية‏)‏ كما مر ‏(‏أو ضمنوا مشتريه‏)‏ عطف على البائع أي إن شاءوا ضمنوا المشتري ويرجع المشتري بالثمن على البائع ‏(‏أو أجازوا البيع وأخذوا الثمن‏)‏ لا قيمة العبد

‏(‏وإن باعه‏)‏ السيد ‏(‏معلما بدينه‏)‏ يعني مقرا به لا منكرا كما سيجيء لتحقق المخاصمة ويسقط خيار المشتري لا الغرماء ‏(‏فللغرماء رد البيع‏)‏ إن لم يصل ثمنه إليهم؛ لأن قبضهم الثمن دليل الرضا للبيع إلا إذا كان فيه محاباة فإما أن ترفع أو ينقض البيع ابن كمال وقال المصنف‏:‏ هذا إذا كان الدين حالا وكان البيع بلا طلب الغرماء والثمن لا يفي بدينهم وإلا فالبيع نافذ لزوال المانع ‏(‏وإن غاب المانع‏)‏ وقد قبضه المشتري ‏(‏فالمشتري ليس بخصم لهم‏)‏ أو منكرا دينه خلافا للثاني ولو مقرا فخصم كما مر ‏(‏ولو بقلبه‏)‏ بأن غاب المشتري والبائع حاضر ‏(‏فالحكم كذلك‏)‏ أي لا خصومة ‏(‏إجماعا‏)‏ يعني حتى يحضر المشتري لكن لهم تضمين البائع قيمته أو إجازة البيع وأخذ الثمن‏.‏

‏(‏عبد قدم مصرا وقال أنا عبد فلان مأذون في التجارة فباع واشترى‏)‏ فهو مأذون وحينئذ ‏(‏لزمه كل شيء من التجارة وكذا‏)‏ الحكم ‏(‏لو اشترى‏)‏ العبد ‏(‏وباع ساكتا عن إذنه وحجره‏)‏ كان مأذونا استحسانا لضرورة التعامل وأمر المسلم محمول على الصلاح فيحمل عليه ضرورة شرح الجامع ومفاده تقييد المسألة بالمسلم ابن كمال ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏لا يباع لدينه‏)‏ إذا لم يف كسبه ‏(‏إلا إذا أقر مولاه به‏)‏ أي بالإذن أو أثبته الغريم بالبينة

‏(‏وتصرف الصبي والمعتوه‏)‏ الذي يعقل البيع والشراء ‏(‏إن كان نافعا‏)‏ محضا ‏(‏كالإسلام والاتهاب صح بلا إذن وإن ضارا كالطلاق والعتاق‏)‏ والصدقة والقرض ‏(‏لا وإن أذن به وليهما وما تردد‏)‏ من العقود ‏(‏بين نفع وضرر كالبيع والشراء توقف على الإذن‏)‏ حتى لو بلغ فأجازه نفذ ‏(‏فإن أذن لهما الولي فهما في شراء وبيع كعبد مأذون‏)‏ في كل أحكامه‏.‏ ‏(‏والشرط‏)‏ لصحة الإذن ‏(‏أن يعقلا البيع سالبا للملك‏)‏ عن البائع ‏(‏والشراء جالبا له‏)‏ زاد الزيلعي‏:‏ وأن يقصد الربح ويعرف الغبن اليسير من الفاحش وهو ظاهر

‏(‏ووليه أبوه ثم وصيه‏)‏ بعد موته ثم وصي وصيه كما في القهستاني عن العمادية ‏(‏ثم‏)‏ بعدهم ‏(‏جده‏)‏ الصحيح وإن علا ‏(‏ثم وصيه‏)‏ ثم وصي وصيه قهستاني زاد القهستاني والزيلعي ثم الوالي بالطريق الأولى ‏(‏ثم القاضي أو وصيه‏)‏ أيهما تصرف يصح فلذا لم يصح ثم ‏(‏دون الأم أو وصيها‏)‏ هذا في المال بخلاف النكاح كما مر في بابه‏.‏

‏(‏رأى القاضي الصبي أو المعتوه أو عبدهما‏)‏ أو عبد نفسه كما مر ‏(‏يبيع ويشتري فسكت لا يكون‏)‏ سكوته ‏(‏إذنا في التجارة و‏)‏ القاضي ‏(‏له أن يأذن لليتيم والمعتوه إذا لم يكن له ولي ولعبدهما إذا كان لكل واحد منهما‏)‏ من الصبي والمعتوه ‏(‏ولي وامتنع‏)‏ الولي من ‏(‏الإذن عند طلب ذلك منه‏)‏ أي من القاضي زيلعي‏.‏ قلت‏:‏ وفي البرجندي عن الخزانة لو أبى أبوه أو وصيه صح إذن القاضي له زاد شارح الوهبانية ولا ينحجر بعد ذلك أصلا؛ لأنه حكم إلا بحجر قاض آخر فتدبر‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

لو أقر الإنسان بما معهما من كسب أو إرث صح على الظاهر كمأذون درر‏.‏

المأذون لا يكون مأذونا قبل العلم به إلا في مسألة ما إذا قال بايعوا عبدي فإني أذنت له فبايعوه وهو لا يعلم صار مأذونا، بخلاف قوله بايعوا ابني الصغير لا يصح الإذن للآبق والمغصوب المجحود ولا بينة، ولا يصير محجورا بما على الصحيح أشباه وفي الوهبانية‏:‏ ولو أذن القاضي لطفل وقد أبى أبوه يصح الإذن منه فيتجر وضمن يعقوب الصغير وديعة وتحليفه يفتى به حيث ينكر ولو رهن المحجور أو باع أو شرى وجوزه المولى فما يتغير لتوقف تصرف المحجور على الإجازة فلو لم يجز بل أذن له في التجارة فأجازها العبد جاز استحسانا ولو لم يأذن له فأعتقه فأجازها لم تصح إجازته قال وكذا الصبي المميز‏.‏ قلت‏:‏ ولا يخفى أن ما هو تبرع ابتداء ضار فلا يصح بإذن ولي الصغير كالقرض انتهى، والله أعلم‏.‏