فصل: فصل في التصرف في المبيع والثمن قبل القبض والزيادة والحط فيهما وتأجيل الديون

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب البيع الفاسد

المراد بالفاسد الممنوع مجازا عرفيا فيعم الباطل والمكروه، وقد يذكر فيه بعض الصحيح تبعا، وكل ما أورث خللا في ركن البيع فهو مبطل، وما أورثه في غيره فمفسد

‏(‏بطل بيع ما ليس بمال‏)‏ والمال ما يميل إليه الطبع ويجري فيه البذل والمنع درر، فخرج التراب ونحوه ‏(‏كالدم‏)‏ المسفوح فجاز بيع كبد وطحال ‏(‏والميتة‏)‏ سوى سمك وجراد، ولا فرق في حق المسلم بين التي ماتت حتف أنفها أو بخنق ونحوه ‏(‏والحر والبيع به‏)‏ أي جعله ثمنا بإدخال الباء عليه؛ لأن ركن البيع مبادلة المال بالمال ولم يوجد‏.‏

‏(‏والمعدوم كبيع حق التعلي‏)‏ أي علو سقط؛ لأنه معدوم‏.‏

، ومنه بيع ما أصله غائب كجزر وفجل، أو بعضه معدوم كورد وياسمين وورق فرصاد‏.‏ وجوزه مالك لتعامل الناس، وبه أفتى بعض مشايخنا عملا بالاستحسان، هذا إذا نبت ولم يعلم وجوده، فإذا علم جاز وله خيار الرؤية وتكفي رؤية البعض عندهما وعليه الفتوى شرح مجمع‏.‏

‏(‏والمضامين‏)‏ ما في ظهور الآباء من المني ‏(‏والملاقيح‏)‏ جمع ملقوحة‏:‏ ما في البطن من الجنين ‏(‏والنتاج‏)‏ بكسر النون‏:‏ حبل الحبلة أي نتاج النتاج لدابة أو آدمي

‏(‏وبيع أمة تبين أنه‏)‏ ذكر الضمير لتذكير الخبر ‏(‏عبد وعكسه‏)‏ بخلاف البهائم، والأصل أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان حكما فيبطل، وفي سائر الحيوانات جنس واحد فيصح ويتخير لفوات الوصف‏.‏

‏(‏ومتروك التسمية عمدا‏)‏ ولو من كافر بزازية، وكذا ما ضم إليه؛ لأن حرمته بالنص

‏(‏وبيع الكراب وكري الأنهار‏)‏؛ لأنه ليس بمال متقوم، بخلاف بناء وشجر فيصح إذا لم يشترط تركها ولوالجية‏.‏

‏(‏وما في حكمه‏)‏ أي حكم ما ليس بمال ‏(‏كأم الولد والمكاتب والمدبر المطلق‏)‏ فإن بيع هؤلاء باطل‏:‏ أي بقاء، فلم يملكوا بالقبض لابتداء فصح بيعهم من أنفسهم وبيع قن ضم إليهم درر، وقول ابن الكمال بيع هؤلاء باطل موقوف، ضعفه في البحر بأن المرجح اشتراط رضا المكاتب قبل البيع وعدم نفاذ القضاء ببيع أم الولد وصحح في الفتح نفاذه‏.‏ قلت‏:‏ الأوجه توقفه على قضاء آخر إمضاء أو ردا عيني ونهر، فليكن التوفيق‏.‏ وفي السراج‏:‏ ولد هؤلاء كهم، وبيع مبعض كحر‏.‏

‏(‏و‏)‏ بطل ‏(‏بيع مال غير متقوم‏)‏ أي غير مباح الانتفاع به ابن كمال فليحفظ‏.‏ ‏(‏كخمر وخنزير وميتة لم تمت حتف أنفها‏)‏ بل بالخنق ونحوه فإنها مال عند الذمي كخمر وخنزير، وهذا إن بيعت ‏(‏بالثمن‏)‏ أي بالدين كدراهم ودنانير ومكيل وموزون بطل في الكل، وإن بيعت بعين كعرض بطل في الخمر وفسد في العرض فيملكه بالقبض بقيمته ابن كمال‏.‏

‏(‏و‏)‏ بطل ‏(‏بيع قن ضم إلى حر وذكية ضمت إلى ميتة ماتت حتف أنفها‏)‏ قيد به لتكون كالحر ‏(‏وإن سمى ثمن كل‏)‏ أي فصل الثمن خلافا لهما، ومبنى الخلاف أن الصفقة لا تتعدد بمجرد تفصيل الثمن بل لا بد من تكرار لفظ العقد عنده خلافا لهما، وظاهر النهاية يفيد أنه فاسد ‏(‏بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر‏)‏ أو نحوه فإنه يصح ‏(‏أو‏)‏ ‏(‏قن غيره وملك ضم إلى وقف‏)‏ غير المسجد العامر فإنه كالحر بخلاف الغامر‏:‏ بالمعجمة الخراب فكمدبر أشباه‏.‏ من قاعدة‏:‏ إذا اجتمع الحرام والحلال ‏(‏ولو محكوما به‏)‏ في الأصح خلافا لما أفتى به المنلا أبو السعود فيصح بحصته في القن وعبده والملك؛ لأنها مال في الجملة‏.‏

ولو باع قرية ولم يستثن المساجد والمقابر لم يصح عيني‏.‏

‏(‏كما بطل‏)‏ ‏(‏بيع صبي لا يعقل ومجنون‏)‏ شيئا

وبول ‏(‏ورجيع آدمي لم يغلب عليه التراب‏)‏ فلو مغلوبا به جاز كسرقين وبعر، واكتفى في البحر بمجرد خلطه بتراب ‏(‏وشعر الإنسان‏)‏ لكرامة الآدمي ولو كافرا ذكره المصنف وغيره في بحث شعر الخنزير‏.‏

‏(‏وبيع ما ليس في ملكه‏)‏ لبطلان بيع المعدوم وما له خطر العدم‏.‏ ‏(‏لا بطريق السلم‏)‏ فإنه صحيح؛ لأنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان، ورخص في السلم»

‏(‏و‏)‏ بطل ‏(‏بيع صرح بنفي الثمن فيه‏)‏ لانعدام الركن وهو المال‏.‏

‏(‏و‏)‏ البيع الباطل ‏(‏حكمه عدم ملك المشتري إياه‏)‏ إذا قبضه ‏(‏فلا ضمان لو هلك‏)‏ المبيع ‏(‏عنده‏)‏؛ لأنه أمانة وصحح في القنية ضمانه، قيل وعليه الفتوى‏.‏ وفيها بيع الحربي أباه أو ابنه، قيل باطل، وقيل فاسد‏.‏ وفي وصاياها بيع الوصي مال اليتيم بغبن فاحش باطل وقيل فاسد ورجح‏.‏

وفي النتف‏:‏ بيع المضطر وشراؤه فاسد‏.‏

‏(‏وفسد‏)‏ بيع ‏(‏ما سكت‏)‏ أي وقع السكوت ‏(‏فيه عن الثمن‏)‏ كبيعه بقيمته

‏(‏و‏)‏ فسد ‏(‏بيع عرض‏)‏ هو المتاع القيمي، ابن كمال ‏(‏بخمر وعكسه‏)‏ فينعقد في العرض لا الخمر كما مر

‏(‏و‏)‏ فسد ‏(‏بيعه‏)‏ أي العرض ‏(‏بأم الولد والمكاتب والمدبر‏)‏ ‏(‏حتى لو تقابضا ملك المشتري‏)‏ للعرض ‏(‏العرض‏)‏ لما مر أنهم مال في الجملة

‏(‏و‏)‏ فسد ‏(‏بيع سمك لم يصد‏)‏ لو بالعرض وإلا فباطل لعدم الملك صدر الشريعة ‏(‏أو‏)‏ ‏(‏صيد ثم ألقي في مكان لا يؤخذ منه إلا بحيلة‏)‏ للعجز عن التسليم ‏(‏وإن أخذ بدونها صح‏)‏ وله خيار الرؤية ‏(‏إلا إذا دخل بنفسه ولم يسد مدخله‏)‏ فلو سده ملكه‏.‏

ولم تجز إجارة بركة ليصاد منها السمك بحر

‏(‏و‏)‏ بيع ‏(‏طير في الهواء‏)‏ ‏(‏لا يرجع‏)‏ بعد إرساله من يده، أما قبل صيده فباطل أصلا لعدم الملك ‏(‏وإن‏)‏ كان ‏(‏يطير ويرجع‏)‏ كالحمام ‏(‏صح‏)‏ وقيل لا ورجحه في النهر

‏(‏و‏)‏ بيع ‏(‏الحمل‏)‏ أي الجنين، وجزم في البحر ببطلانه كالنتاج ‏(‏وأمة إلا حملها‏)‏ لفساده بالشرط، بخلاف هبة ووصية ‏(‏ولبن في ضرع‏)‏ وجزم البرجندي ببطلانه

‏(‏ولؤلؤ في صدف‏)‏ للغرر ‏(‏وصوف على ظهر غنم‏)‏ وجوزه الثاني ومالك‏.‏ وفي السراج‏:‏ لو سلم الصوف واللبن بعد العقد لم ينقلب صحيحا، وكذا كل ما اتصاله خلقي كجلد حيوان ونوى تمر وبن وبطيخ، لما مر أنه معدوم عرفا، وإنما صححوا بيع الكراث وشجر الصفصاف وأوراق التوت بأغصانها للتعامل‏.‏ وفي القنية‏:‏ باع أوراق توت لم تقطع قبله بسنة جاز وبسنتين لا؛ لأنه يشتبه موضع قطعه عرفا ‏(‏وجذع‏)‏ معين ‏(‏في سقف‏)‏ أما غير المعين فلا ‏(‏وذراع من ثوب يضره التبعيض‏)‏ فلو قطع وسلم قبل فسخ المشتري عاد صحيحا، ولو لم يضره القطع ككرباس جاز لانتفاء المانع

‏(‏وضربة القانص‏)‏ بقاف ونون الصائد ‏(‏والغائص‏)‏ بغين معجمة الغواص، والبيع فيهما باطل للغرر بحر ونهر والكمال وابن الكمال‏.‏ قال المصنف‏:‏ وقد نظمه منلا خسرو في سلك المقاصد فتبعته في المختصر، ويجب أن يراد به الباطل؛ لأنه مما ليس في ملكه كما مر

‏(‏والمزابنة‏)‏ هي بيع الرطب على النخل بتمر مقطوع مثل كيله تقديرا شروح مجمع، ومثله العنب بالزبيب عناية للنهي ولشبهة الربا‏.‏ قال المصنف‏:‏ فلو لم يكن رطبا جاز لاختلاف الجنس ‏(‏والملامسة‏)‏ للسلعة ‏(‏والمنابذة‏)‏ أي نبذها للمشتري ‏(‏وإلقاء الحجر‏)‏ عليها، وهي من بيوع الجاهلية فنهي عنها كلها عيني لوجود القمار، فكانت فاسدة إن سبق ذكر الثمن بحر

‏(‏و‏)‏ بيع ‏(‏ثوب من ثوبين‏)‏ أو عبد من عبدين لجهالة المبيع، فلو قبضهما وهلكا معا ضمن نصف قيمة كل‏.‏ إذ الفاسد معتبر بالصحيح ولو مرتبين، فقيمة الأول لتعذر رده والقول للضامن، وهذا إذا لم يشترط خيار التعيين، فلو شرط أخذ أيهما شاء جاز لما مر

‏(‏والمراعي‏)‏ أي الكلأ ‏(‏وإجارتها‏)‏ أما بطلان بيعها فلعدم الملك لحديث‏:‏ «الناس شركاء في ثلاث في الماء والكلأ والنار» وأما بطلان إجارتها فلأنها على استهلاك عين ابن كمال، وهذا إذا نبت بنفسه وإن أنبته بسقي وتربية ملكه وجاز بيعه عيني، وقيل لا

قال وبيع القصيل والرطبة على ثلاثة أوجه‏:‏ إن ليقطعه أو ليرسل دابته فتأكل جاز وإن ليتركه لم يجز، وحيلته أن يستأجر الأرض لضرب فسطاطه أو لإيقاف دوابه أو لمنفعة أخرى كمقيل ومراح، وتمامه في وقف الأشباه‏.‏

‏(‏ويباع دود القز‏)‏ أي الإبريسم ‏(‏وبيضه‏)‏ أي بزره، وهو بزر الفيلق الذي فيه الدود ‏(‏والنحل‏)‏ المحرز، وهو دود العسل، وهذا عند محمد، وبه قالت الثلاثة، وبه يفتى عيني وابن ملك وخلاصة وغيرها‏.‏ وجوز أبو الليث بيع العلق، وبه يفتى للحاجة مجتبى ‏(‏بخلاف غيرهما من الهوام‏)‏ فلا يجوز اتفاقا كحيات وضب وما في بحر كسرطان، إلا السمك وما جاز الانتفاع بجلده أو عظمه‏.‏ والحاصل أن جواز البيع يدور مع حل الانتفاع مجتبى، واعتمده المصنف وسيجيء في المتفرقات‏.‏

‏[‏فرع في الشركة في القز‏]‏

إنما تجوز الشركة في القز إذا كان البيض منهما والعمل منهما وهو بينهما أنصافا لا أثلاثا، فلو دفع بزر القز أو بقرة أو دجاجا لآخر بالعلف مناصفة فالخارج كله للمالك لحدوثه من ملكه وعليه قيمة العلف وأجر مثل العامل عيني ملخصا، ومثله دفع البيض كما لا يخفى‏.‏

‏(‏والآبق‏)‏ ولو لطفله أو ليتيم في حجره، ولو وهبه لهما صح عيني؛ وما في الأشباه تحريف نهر ‏(‏إلا ممن يزعم أنه‏)‏ أي الآبق ‏(‏عنده‏)‏ فحينئذ يجوز لعدم المانع وهل يصير قابضا إن قبضه لنفسه أو قبضه ولم يشهد‏؟‏ نعم وإن أشهد لا؛ لأنه قبض أمانة فلا ينوب عن قبض الضمان؛ لأنه أقوى عناية، وإلا إذا أبق من الغاصب فباعه المالك منه فإنه يصح لعدم لزوم التسليم ذخيرة ‏(‏ولو باعه ثم عاد‏)‏ وسلمه ‏(‏يتم البيع‏)‏ على القول بفساده، ورجحه الكمال ‏(‏وقيل لا‏)‏ يتم ‏(‏على‏)‏ القول ببطلانه وهو ‏(‏الأظهر‏)‏ من الرواية واختاره في الهداية وغيرها، وبه كان يفتي البلخي وغيره بحر وابن كمال

‏.‏ ‏(‏ولبن امرأة‏)‏ ولو ‏(‏في وعاء ولو أمة‏)‏ على الأظهر؛ لأنه جزء آدمي والرق مختص بالحي ولا حياة في اللبن فلا يحله الرق

‏(‏وشعر الخنزير‏)‏ لنجاسة عينه فيبطل بيعه ابن كمال ‏(‏و‏)‏ إن ‏(‏جاز الانتفاع به‏)‏ لضرورة الخرز؛ حتى لو لم يوجد بلا ثمن جاز الشراء للضرورة وكره البيع فلا يطيب ثمنه ويفسد الماء على الصحيح خلافا لمحمد، قيل هذا في المنتوف، أما المجزوز فطاهر عناية‏.‏ وعن أبي يوسف يكره الخرز به؛ لأنه نجس، ولذا لم يلبس السلف مثل هذا الخف ذكره القهستاني ولعل هذا في زمانهم، وأما في زماننا فلا حاجة إليه كما لا يخفى

‏(‏وجلد ميتة قبل الدبغ‏)‏ لو بالعرض، ولو بالثمن فباطل، ولم يفصله ههنا اعتمادا على ما سبق قاله الواني فليحفظ‏.‏ ‏(‏وبعده‏)‏ أي الدبغ ‏(‏يباع‏)‏ إلا جلد إنسان وخنزير وحية ‏(‏وينتفع به‏)‏ لطهارته حينئذ ‏(‏لغير الأكل‏)‏ ولو جلد مأكول على الصحيح سراج، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حرمت عليكم الميتة‏}‏ - وهذا جزؤها‏.‏ وفي المجمع‏:‏ ونجيز بيع الدهن المتنجس والانتفاع به في غير الأكل بخلاف الودك ‏(‏كما ينتفع بما لا تحله حياة منها‏)‏ كعصبها وصوفها كما مر في الطهارة‏.‏

‏(‏و‏)‏ فسد ‏(‏شراء ما باع بنفسه أو بوكيله‏)‏ من الذي اشتراه ولو حكما كوارثه ‏(‏بالأقل‏)‏ من قدر الثمن الأول ‏(‏قبل نقد‏)‏ كل ‏(‏الثمن‏)‏ الأول‏.‏ صورته‏:‏ باع شيئا بعشرة ولم يقبض الثمن ثم شراه بخمسة لم يجز وإن رخص السعر للربا خلافا للشافعي ‏(‏وشراء من لا تجوز شهادته له‏)‏ كابنه وأبيه ‏(‏كشرائه بنفسه‏)‏ فلا يجوز أيضا خلافا لهما في غير عبده ومكاتبه ‏(‏ولا بد‏)‏ لعدم الجواز ‏(‏من اتحاد جنس الثمن‏)‏ وكون المبيع بحاله ‏(‏فإن اختلف‏)‏ جنس الثمن أو تعيب المبيع ‏(‏جاز مطلقا‏)‏ كما لو شراه بأزيد أو بعد النقد‏.‏

‏(‏والدراهم والدنانير جنس واحد‏)‏ في ثمان مسائل منها ‏(‏هنا‏)‏ وفي قضاء دين وشفعة وإكراه ومضاربة ابتداء وانتهاء وبقاء وامتناع مرابحة، ويزاد زكاة وشركات وقيم المتلفات وأروش جنايات كما بسطه المصنف معزيا للعمادية

وفي الخلاصة‏:‏ كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه لم يجز التصرف فيه قبل قبضه

‏(‏وصح‏)‏ البيع ‏(‏فيما ضم إليه‏)‏ كأن باع بعشرة ولم يقبضها ثم اشتراه مع شيء آخر بعشرة فسد في الأول وجاز في الآخر فيقسم الثمن على قيمتهما ولا يشيع الفساد؛ لأنه طارئ‏.‏ ولمكان الاجتهاد

‏(‏و‏)‏ بيع ‏(‏زيت على أن يزنه بظرفه ويطرح عنه بكل ظرف كذا رطلا‏)‏ لأن مقتضى العقد طرح مقدار وزنه كما أفاده بقوله ‏(‏بخلاف شرط طرح وزن الظرف‏)‏ فإنه يجوز كما لو عرف قدر وزنه ‏(‏ولو اختلفا في نفس الظرف وقدره‏)‏ ‏(‏فالقول للمشتري‏)‏ بيمينه؛ لأنه قابض أو منكر‏.‏

‏(‏وصح بيع الطريق‏)‏ وفي الشرنبلالية عن الخانية‏:‏ لا يصح ومن قسمة الوهبانية‏:‏ وليس لهم قال الإمام تقاسم بدرب ولم ينفذ كذا البيع يذكر وفي معاياتها وارتضاه في ألغاز الأشباه‏:‏ ومالك أرض ليس يملك بيعها لغير شريك ثم لو منه ينظر ‏(‏حد‏)‏ أي بين له طول وعرض ‏(‏أولا وهبته‏)‏ وإن لم يبين يقدر بعرض باب الدار العظمى‏.‏

‏(‏لا بيع مسيل الماء وهبته‏)‏ لجهالته، إذ لا يدري قدر ما يشغله من الماء‏.‏ ‏(‏وصح بيع حق المرور تبعا‏)‏ للأرض ‏(‏بلا خلاف و‏)‏ مقصودا ‏(‏وحده في رواية‏)‏ وبه أخذ عامة المشايخ شمني وفي أخرى لا، وصححه أبو الليث

‏(‏وكذا‏)‏ بيع ‏(‏الشرب‏)‏ وظاهر الرواية فساده إلا تبعا خانية وشرح وهبانية، وسنحققه في إحياء الموات ‏(‏لا‏)‏ يصح ‏(‏بيع حق التسييل وهبته‏)‏ سواء كان على الأرض لجهالة محله كما مر أو على السطح لأنه حق التعلي، وقد مر بطلانه

‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏البيع‏)‏ بثمن مؤجل ‏(‏إلى النيروز‏)‏ هو أول يوم من الربيع تحل فيه الشمس برج الحمل وهذا نيروز السلطان، ونيروز المجوس يوم تحل في الحوت، وعده البرجندي سبعة فإذا لم يبينا فالعقد فاسد ابن كمال ‏(‏والمهرجان‏)‏ هو أول يوم من الخريف تحل فيه الشمس برج الميزان ‏(‏وصوم النصارى‏)‏ فطرهم ‏(‏وفطر اليهود‏)‏ وصومهم فاكتفي بذكر أحدهما سراج ‏(‏إذا لم يدره المتعاقدان‏)‏ النيروز وما بعده، فلو عرفاه جاز ‏(‏بخلاف فطر النصارى بعد ما شرعوا في صومهم‏)‏ للعلم به وهو خمسون يوما ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏إلى قدوم الحاج والحصاد‏)‏ للزرع ‏(‏والدياس‏)‏ للحب ‏(‏والقطاف‏)‏ للعنب؛ لأنها تتقدم وتتأخر‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏باع مطلقا عنها‏)‏ أي عن هذه الآجال ‏(‏ثم أجل الثمن‏)‏ الدين، أما تأجيل المبيع أو الثمن العيني فمفسد ولو إلى معلوم شمني ‏(‏إليها صح‏)‏ التأجيل ‏(‏كما لو كفل إلى هذه الأوقات‏)‏؛ لأن الجهالة اليسيرة متحملة في الدين والكفالة لا الفاحشة ‏(‏أو أسقط‏)‏ المشتري ‏(‏الأجل‏)‏ في الصور المذكورة ‏(‏قبل حلوله‏)‏ وقبل فسخه ‏(‏و‏)‏ قبل ‏(‏الافتراق‏)‏ حتى لو تفرقا قبل الإسقاط تأكد الفساد ولا ينقلب جائزا اتفاقا‏.‏ ابن كمال وابن ملك‏:‏ كجهالة فاحشة كهبوب الريح ومجيء مطر فلا ينقلب جائزا وإن أبطل الأجل عيني

‏(‏أو أمر المسلم ببيع خمر أو خنزير أو شرائهما‏)‏ أي وكل المسلم ‏(‏ذميا أو‏)‏ أمر ‏(‏المحرم غيره‏)‏ أي غير المحرم ‏(‏ببيع صيده‏)‏ يعني صح ذلك عند الإمام مع أشد كراهة كما صح ما مر؛ لأن العاقد يتصرف بأهليته وانتقال الملك إلى الآمر أمر حكمي‏.‏ وقالا‏:‏ لا يصح، وهو الأظهر شرنبلالية عن البرهان

‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏بيع بشرط‏)‏ عطف على إلى النيروز يعني الأصل الجامع في فساد العقد بسبب شرط ‏(‏لا يقتضيه العقد ولا يلائمه وفيه نفع لأحدهما أو‏)‏ فيه نفع ‏(‏لمبيع‏)‏ هو ‏(‏من أهل الاستحقاق‏)‏ للنفع بأن يكون آدميا، فلو لم يكن كشرط أن لا يركب الدابة المبيعة لم يكن مفسدا كما سيجيء ‏(‏ولم يجر العرف به و‏)‏ لم ‏(‏يرد الشرع بجوازه‏)‏ أما لو جرى العرف به كبيع نعل مع شرط تشريكه، أو ورد الشرع به كخيار شرط فلا فساد ‏(‏كشرط أن يقطعه‏)‏ البائع ‏(‏ويخيطه قباء‏)‏ مثال لما لا يقتضيه العقد وفيه نفع للمشتري ‏(‏أو يستخدمه‏)‏ مثال لما فيه نفع للبائع، وإنما قال ‏(‏شهرا‏)‏ لما مر أن الخيار إذا كان ثلاثة أيام جاز أن يشترط فيه الاستخدام درر‏.‏ ‏(‏أو يعتقه‏)‏ فإن أعتقه صح إن بعد قبضه ولزم الثمن عنده وإلا لا، شرح مجمع ‏(‏أو يدبره أو يكاتبه أو يستولدها أو لا يخرج القن عن ملكه‏)‏ مثال لما فيه نفع لمبيع يستحقه الثمن

ثم فرع على الأصل بقوله ‏(‏فيصح‏)‏ البيع ‏(‏بشرط يقتضيه العقد‏)‏ ‏(‏كشرط الملك للمشتري‏)‏ وشرط حبس المبيع لاستيفاء الثمن ‏(‏أو لا يقتضيه ولا نفع فيه لأحد‏)‏ ولو أجنبيا ابن ملك، فلو شرط أن يسكنها فلان أو أن يقرضه البائع أو المشتري كذا فالأظهر الفساد ذكره أخي زاده وظاهر البحر ترجيح الصحة ‏(‏كشرط أن لا يبيع‏)‏ عبر ابن الكمال بيركب ‏(‏الدابة المبيعة‏)‏ فإنها ليست بأهل للنفع ‏(‏أو لا يقتضيه لكن‏)‏ يلائمه كشرط رهن معلوم وكفيل حاضر ابن ملك، أو ‏(‏جرى العرف به كبيع نعل‏)‏ أي صرم سماه باسم ما يئول عيني ‏(‏على أن يحذوه‏)‏ البائع ‏(‏ويشركه‏)‏ أي يضع عليه الشراك وهو السير ومثله تسمير القبقاب ‏(‏استحسانا للتعامل بلا نكير‏)‏، هذا إذا علقه بكلمة على، وإن بكلمة إن بطل البيع إلا في بعت إن رضي فلان، ووقته كخيار الشرط أشباه من الشرط والتعليق، وبحر من مسائل شتى‏.‏

‏(‏وإذا قبض المشتري المبيع برضا‏)‏ عبر ابن الكمال بإذن ‏(‏بائعه صريحا أو دلالة‏)‏ بأن قبضه في مجلس العقد بحضرته ‏(‏في البيع الفاسد‏)‏ وبه خرج الباطل وتقدم مع حكمه وحينئذ فلا حاجة لقول الهداية والعناية‏:‏ وكل من عوضيه مال كما أفاده ابن الكمال، لكن أجاب سعدي بأنه لما كان الفاسد يعم الباطل مجازا كما مر حقق إخراجه بذلك فتنبه‏.‏ ‏(‏ولم ينهه‏)‏ البائع عنه ولم يكن فيه خيار شرط ‏(‏ملكه‏)‏ إلا في ثلاث في بيع الهازل وفي شراء الأب من ماله لطفله أو بيعه له كذلك فاسدا لا يملكه حتى يستعمله‏.‏

والمقبوض في يد المشتري أمانة لا يملكه به‏.‏ وإذا ملكه تثبت كل أحكام الملك إلا خمسة‏:‏ لا يحل له أكله، ولا لبسه، ولا وطؤها، ولا أن يتزوجها منه البائع، ولا شفعة لجاره لو عقارا أشباه‏.‏ وفي الجوهرة وشرح المجمع‏:‏ ولا شفعة بها فهي سادسة ‏(‏بمثله إن مثليا وإلا فبقيمته‏)‏ يعني إن بعد هلاكه أو تعذر رده ‏(‏يوم قبضه‏)‏؛ لأن به يدخل في ضمانه فلا تعتبر زيادة قيمته كالمغصوب‏.‏

‏(‏والقول فيها للمشتري‏)‏ لإنكاره الزيادة ‏(‏و‏)‏ يجب ‏(‏على كل واحد منهما فسخه قبل القبض‏)‏ ويكون امتناعا عنه ابن الملك ‏(‏أو بعده ما دام‏)‏ المبيع بحاله جوهرة ‏(‏في يد المشتري إعداما للفساد‏)‏؛ لأنه معصية فيجب رفعها بحر ‏(‏و‏)‏ لذا ‏(‏لا يشترط فيه قضاء قاض‏)‏؛ لأن الواجب شرعا لا يحتاج للقضاء درر ‏(‏وإذا أصر‏)‏ أحدهما ‏(‏على إمساكه وعلم به القاضي فله فسخه‏)‏ جبرا عليهما حقا للشرع بزازية

‏(‏وكل مبيع فاسد رده المشتري على بائعه بهبة أو صدقة أو بيع أو بوجه من الوجوه‏)‏ كإعارة وإجارة وغصب ‏(‏ووقع في يد بائعه فهو متاركة‏)‏ للبيع ‏(‏وبرئ المشتري من ضمانه‏)‏ قنية‏.‏ والأصل أن المستحق بجهة إذا وصل إلى المستحق بجهة أخرى اعتبر واصلا بجهة مستحقة إن وصل إليه من المستحق عليه، وإلا فلا، وتمامه في جامع الفصولين

‏(‏فإن باعه‏)‏ أي باع المشتري المشترى فاسدا ‏(‏بيعا صحيحا باتا‏)‏ فلو فاسدا أو بخيار لم يمتنع الفسخ ‏(‏لغير بائعه‏)‏ فلو منه كان نقضا للأول كما علمت ‏(‏وفساده بغير الإكراه‏)‏ فلو به ينقض كل تصرفات المشتري ‏(‏أو وهبه وسلم أو أعتقه‏)‏ أو كاتبه أو استولدها ولو لم تحبل ردها مع عقرها اتفاقا سراج ‏(‏بعد قبضه‏)‏ فلو قبله لم يعتق بعتقه بل بعتق البائع بأمره، وكذا لو أمره بطحن الحنطة أو ذبح الشاة فيصير المشتري قابضا اقتضاء فقد ملك المأمور ما لا يملكه الآمر وما في الخانية على خلاف هذا إما رواية أو غلط من الكاتب كما بسطه العمادي ‏(‏أو وقفه‏)‏ وقفا صحيحا، لأنه استهلكه حين وقفه وأخرجه عن ملكه‏.‏ وما في جامع الفصولين على خلاف هذا غير صحيح كما بسطه المصنف ‏(‏أو رهنه أو أوصى‏)‏ أو تصدق ‏(‏به‏)‏ نفذ البيع الفاسد في جميع ما مر وامتنع الفسخ لتعلق حق العبد به إلا في أربع مذكورة في الأشباه، وكذا كل تصرف قولي غير إجارة ونكاح وهل يبطل نكاح الأمة بالفسخ، المختار نعم السجاعي، ومتى زال المانع كرجوع هبة وعجز مكاتب وفك رهن عاد حق الفسخ لو قبل القضاء بالقيمة لا بعده ‏(‏ولا يبطل حق الفسخ بموت أحدهما‏)‏ فيحلفه الوارث به يفتى ‏(‏و‏)‏ بعد الفسخ ‏(‏لا يأخذه‏)‏ بائعه ‏(‏حتى يرد ثمنه‏)‏ المنقود، بخلاف ما لو شرى من مديونه بدينه شراء فاسدا فليس للمشتري حبسه لاستيفاء دينه كإجارة ورهن وعقد صحيح، والفرق في الكافي ‏(‏فإن مات‏)‏ أحدهما أو المؤجر أو المستقرض أو الراهن فاسدا عيني وزيلعي بعد الفسخ ‏(‏فالمشتري‏)‏ ونحوه ‏(‏أحق به‏)‏ من سائر الغرماء بل قبل تجهيزه فله حق حبسه حتى يأخذ ماله ‏(‏فيأخذ‏)‏ المشتري ‏(‏دراهم الثمن بعينها لو قائمة، ومثلها لو هالكة‏)‏ بناء على تعين الدراهم في البيع الفاسد وهو الأصح ‏(‏و‏)‏ إنما ‏(‏طاب للبائع ما ربح‏)‏ في الثمن لا على الرواية الصحيحة المقابلة للأصح، بل على الأصح أيضا لأن الثمن في العقد الثاني غير متعين، ولا يضر تعيينه في الأول كما أفاده سعدي ‏(‏لا‏)‏ يطيب ‏(‏للمشتري‏)‏ ما ربح في بيع يتعين بالتعيين بأن باعه بأزيد لتعلق العقد بعينه فتمكن الخبث في الربح فيتصدق به ‏(‏كما طاب ربح مال ادعاه‏)‏ على آخر فصدقه على ذلك ‏(‏فقضى له‏)‏ أي أوفاه إياه ‏(‏ثم ظهر عدمه بتصادقهما‏)‏ أنه لم يكن عليه شيء لأن بدل المستحق مملوكا ملكا فاسدا، والخبث لفساد الملك إنما يعمل فيما يتعين لا فيما لا يتعين، وأما الخبث لعدم الملك كالغصب فيعمل فيهما كما بسطه خسرو وابن الكمال‏.‏ وقال الكمال‏:‏ لو تعمد الكذب في دعواه الدين لا يملكه أصلا، وقواه في النهر‏.‏ وفيه‏:‏ الحرام ينتقل، فلو دخل بأمان وأخذ مال حربي بلا رضاه وأخرجه إلينا ملكه وصح بيعه، لكن لا يطيب له ولا للمشتري منه، بخلاف البيع الفاسد فإنه لا يطيب له لفساد عقده ويطيب للمشتري منه لصحة عقده‏.‏ وفي حظر الأشباه‏:‏ الحرمة تتعدد مع العلم بها إلا في حق الوارث، وقيده في الظهيرية بأن لا يعلم أرباب الأموال، وسنحققه ثمة‏.‏

‏(‏بنى أو غرس فيما اشتراه فاسدا‏)‏ شروع فيما يقطع حق الاسترداد من الأفعال الحسية بعد الفراغ من القولية ‏(‏لزمه قيمتهما‏)‏ وامتنع الفسخ‏.‏ وقالا‏:‏ ينقضهما ويرد المبيع، ورجحه الكمال، وتعقبه في النهر لحصولهما بتسليط البائع، وكذا كل زيادة متصلة غير متولدة كصبغ وخياطة وطحن حنطة ولت سويق وغزل قطن وجارية علقت منه فلو منفصلة كولد أو متولدة كسمن فله الفسخ، ويضمنها باستهلاكها سوى منفصلة غير متولدة جوهرة‏.‏

وفي جامع الفصولين‏:‏ لو نقص في يد المشتري بفعل المشتري أو المبيع أو بآفة سماوية أخذه البائع مع الأرش، ولو بفعل البائع صار مستردا ولو بفعل أجنبي خير البائع‏.‏

‏(‏وكره‏)‏ تحريما منع الصحة ‏(‏البيع عند الأذان الأول‏)‏ إلا إذا تبايعا يمشيان فلا بأس به لتعليل النهي بالإخلال بالسعي، فإذا انتفى انتفى، وقد خص منه من لا جمعة عليه ذكره المصنف‏.‏

‏(‏و‏)‏ كره ‏(‏النجش‏)‏ بفتحتين ويسكن‏:‏ أن يزيد ولا يريد الشراء أو يمدحه بما ليس فيه ليروجه ويجري في النكاح وغيره‏.‏ ثم النهي محمول على ما ‏(‏إذا كانت السلعة بلغت قيمتها، أما إذا لم تبلغ لا‏)‏ يكره لانتفاء الخداع عناية ‏(‏والسوم على سوم غيره‏)‏ ولو ذميا أو مستأمنا، وذكر الأخ في الحديث ليس قيدا بل لزيادة التنفير نهر، وهذا ‏(‏بعد الاتفاق على مبلغ الثمن‏)‏ أو المهر ‏(‏وإلا لا‏)‏ يكره؛ لأنه بيع من يزيد‏:‏ «وقد باع عليه الصلاة والسلام قدحا وحلسا ببيع من يزيد» ‏(‏وتلقي الجلب‏)‏ بمعنى المجلوب أو الجالب، وهذا ‏(‏إذا كان يضر بأهل البلد أو يلبس السعر‏)‏ على الواردين لعدم علمهم به فيكره للضرر والغرر ‏(‏أما إذا انتفيا فلا‏)‏ يكره‏.‏

‏(‏و‏)‏ كره ‏(‏بيع الحاضر للبادي‏)‏ وهذا ‏(‏في حالة قحط وعوز وإلا لا‏)‏ لانعدام الضرر، قيل الحاضر المالك والبادي المشتري والأصح كما في المجتبى أنهما السمسار والبائع لموافقته آخر الحديث‏:‏ «دعوا الناس يرزق بعضهم بعضا» ولذا عدي باللام لا بمن‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يكره ‏(‏بيع من يزيد‏)‏ لما مر ويسمى بيع الدلالة ‏(‏ولا يفرق‏)‏ عبر بالنفي مبالغة في المنع‏:‏ «للعنه عليه الصلاة والسلام من فرق بين والد وولده وأخ وأخيه» رواه ابن ماجه وغيره عيني‏.‏ وعن الثاني فساده مطلقا، وبه قال زفر والأئمة الثلاثة ‏(‏بين صغير‏)‏ غير بالغ ‏(‏وذي رحم محرم منه‏)‏ أي محرم من جهة الرحم لا الرضاع كابن عم هو أخ رضاعا فافهم‏.‏ ‏(‏إلا إذا كان‏)‏ التفريق بإعتاق وتوابعه ولو على مال، أو ببيع ممن حلف بعتقه، أو كان المالك كافرا لعدم مخاطبته بالشرائع، أو متعددا ولو الآخر لطفله أو مكاتبه فلا بأس به، أو تعدد محارمه فله بيع ما سوى واحد غير الأقرب والأبوين والملحق بهما فتح، أو ‏(‏بحق مستحق‏)‏ كخروجه مستحقا، و ‏(‏كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين‏)‏ أو بإتلاف مال الغير ‏(‏ورده بعيب‏)‏؛ لأن النظر في دفع الضرر عن الغير لا في الضرر بالغير ‏(‏بخلاف الكبيرين والزوجين‏)‏ فلا بأس به خلافا لأحمد، فالمستثنى أحد عشر‏.‏ ‏(‏وكما يكره التفريق ببيع‏)‏ وغيره من أسباب الملك كصدقة ووصية ‏(‏يكره‏)‏ بشراء إلا من حربي ابن ملك، و ‏(‏بقسمة في الميراث والغنائم‏)‏ جوهرة‏.‏ اعلم أن فسخ المكروه واجب على كل واحد منهما أيضا بحر وغيره لرفع الإثم مجمع‏.‏ وفيه‏:‏ وتصحح شراء كافر مسلما ومصحفا مع الإجبار على إخراجهما عن ملكه وسيجيء في المتفرقات‏.‏

فصل في الفضولي

مناسبته ظاهرة، وذكره في الكنز بعد الاستحقاق؛ لأنه من صوره‏.‏ ‏(‏هو‏)‏ من يشتغل بما لا يعنيه فالقائل لمن يأمر بالمعروف‏:‏ أنت فضولي يخشى عليه الكفر فتح‏.‏ واصطلاحا ‏(‏من يتصرف في حق غيره‏)‏ بمنزلة الجنس ‏(‏بغير إذن شرعي‏)‏ فصل خرج به نحو وكيل ووصي ‏(‏كل تصرف صدر منه‏)‏ تمليكا كان كبيع وتزويج، وإسقاطا كطلاق وإعتاق ‏(‏وله مجيز‏)‏ أي لهذا التصرف من يقدر على إجازته ‏(‏حال وقوعه انعقد موقوفا‏)‏ وما لا يجيز له حالة العقد لا ينعقد أصلا‏.‏ بيانه‏:‏ صبي باع مثلا ثم بلغ قبل إجازة وليه فأجازه بنفسه جاز؛ لأن له وليا يجيزه حالة العقد، بخلاف ما لو طلق مثلا ثم بلغ فأجازه بنفسه لم يجز؛ لأنه وقت العقد لا مجيز له فيبطل ما لم يقل أوقعته فيصح إنشاء لا إجازة كما بسطه العمادي‏.‏ ‏(‏وقف بيع مال الغير‏)‏ لو الغير بالغا عاقلا، فلو صغيرا أو مجنونا لم ينعقد أصلا كما في الزواهر معزيا للحاوي وهذا إن باعه على أنه ‏(‏لمالكه‏)‏ أما لو باعه على أنه لنفسه أو باعه من نفسه أو شرط الخيار فيه لمالكه المكلف أو باع عرضا من غاصب عرض آخر للمالك به فالبيع باطل‏.‏ والحاصل أن بيعه موقوف إلا في هذه الخمسة فباطل، قيد بالبيع؛ لأنه لو اشترى لغيره نفذ عليه إلا إذا كان المشتري صبيا أو محجورا عليه فيوقف، هذا إذا لم يضفه الفضولي إلى غيره، فلو أضافه بأن قال بع هذا العبد لفلان فقال لبائع بعته لفلان توقف بزازية وغيرها

‏(‏و‏)‏ وقف ‏(‏بيع العبد والصبي المحجورين‏)‏ على إجازة المولى والولي وكذا المعتوه‏.‏ وفي العمادية وغيرها‏:‏ لا تنعقد أقارير العبد ولا عقوده، وسنحققه في الحجر ‏(‏و‏)‏ وقف ‏(‏بيع ماله من فاسد عقل غير رشيد‏)‏ على إجازة القاضي‏.‏

‏(‏و‏)‏ وقف ‏(‏بيع المرهون والمستأجر والأرض في مزارعة الغير‏)‏ على إجازة مرتهن ومستأجر ومزارع

‏(‏و‏)‏ وقف ‏(‏بيع شيء برقمه‏)‏ أي بالمكتوب عليه، فإن علمه المشتري في مجلس البيع نفذ وإلا بطل‏.‏ قلت‏:‏ وفي مرابحة البحر أنه فاسد له عرضية الصحة لا بالعكس هو الصحيح، وعليه فتحرم مباشرته، وعلى الضعيف لا، وترك المصنف قول الدرر وبيع المبيع من غير مشتريه لدخوله في بيع مال الغير‏.‏‏.‏

‏(‏وبيع المرتد والبيع بما باع فلان والبائع يعلم والمشتري لا يعلم والبيع بمثل ما يبيع الناس به أو بمثل ما أخذ به فلان‏)‏ إن علم في المجلس صح وإلا بطل‏.‏ ‏(‏وبيع الشيء بقيمته‏)‏ فإن بين في المجلس صح، وإلا بطل ‏(‏وبيع فيه خيار المجلس‏)‏ كما مر

‏(‏و‏)‏ وقف ‏(‏بيع الغاصب‏)‏ على إجازة المالك؛ يعني إذا باعه لمالكه لا لنفسه على ما مر عن البدائع‏.‏ ووقف أيضا بيع المالك المغصوب على البينة، أو إقرار الغاصب، وبيع ما في تسلمه ضرر على تسليمه في المجلس، وبيع المريض لوارثه على إجازة الباقي، وبيع الورثة التركة المستغرقة على إجازة الغرماء، وبيع أحد الوكيلين أو الوصيين أو الناظرين إذا باع بحضرة الآخر توقف على إجازته أو بغيبته فباطل، وأوصله في النهر‏:‏ إلى نيف وثلاثين

‏(‏وحكمه‏)‏ أي بيع الفضولي لو له مجيز حال وقوعه كما مر ‏(‏قبول الإجازة‏)‏ من المالك ‏(‏إذا كان البائع والمشتري والمبيع قائما‏)‏ بأن لا يتغير المبيع بحيث يعد شيئا آخر؛ لأن إجازته كالبيع حكما ‏(‏وكذا‏)‏ يشترط قيام ‏(‏الثمن‏)‏ أيضا ‏(‏لو‏)‏ كان عرضا ‏(‏معينا‏)‏ لأنه مبيع من وجه فيكون ملكا للفضولي، وعليه مثل المبيع لو مثليا وإلا فقيمته، وغير العرض ملك للمجيز أمانة في يد الفضولي ملتقى ‏(‏و‏)‏ كذا يشترط قيام ‏(‏صاحب المتاع أيضا‏)‏ فلا تجوز إجازة وارثه لبطلانه بموته ‏(‏و‏)‏ حكمه أيضا ‏(‏أخذ‏)‏ المالك ‏(‏الثمن أو طلبه‏)‏ من المشتري ويكون إجازة عمادية، وهل للمشتري الرجوع على الفضولي بمثله لو هلك في يده قبل الإجازة الأصح نعم إن لم يعلم أنه فضولي وقت الأداء لا إن علم قنية، واعتمده ابن الشحنة وأقره المصنف، وجزم الزيلعي وابن مالك بأنه أمانة مطلقا ‏(‏وقوله‏)‏ أسأت نهر ‏(‏بئسما صنعت أو أحسنت أو أصبت‏)‏ على المختار فتح‏.‏ ‏(‏وهبة الثمن من المشتري والتصدق عليه به إجازة‏)‏ لو المبيع قائما عمادية ‏(‏وقوله لا أجيز رد له‏)‏ أي للبيع الموقوف، فلو أجازه بعده لم يجز؛ لأن المفسوخ لا يجاز، بخلاف المستأجر لو قال لا أجيز بيع الآجر ثم أجاز جاز، وأفاد كلامه جواز الإجازة بالفعل وبالقول، وأن للمالك الإجازة والفسخ وللمشتري الفسخ لا الإجازة، وكذا للفضولي قبلها في البيع لا النكاح؛ لأنه معبر محض بزازية وفي المجمع‏:‏ لو أجاز أحد المالكين خير المشتري في حصته وألزمه محمد بها‏.‏

‏(‏سمع أن فضوليا باع ملكه فأجاز، ولم يعلم مقدار الثمن فلما علم رد البيع فالمعتبر إجازته‏)‏ لصيرورته بالإجازة كالوكيل حتى يصح حطه من الثمن مطلقا بزازية‏.‏

‏(‏اشترى من غاصب عبدا فأعتقه‏)‏ المشتري ‏(‏أو باعه فأجاز المالك‏)‏ بيع الغاصب ‏(‏أو أدى الغاصب‏)‏ الضمان إلى المالك على الأصح هداية ‏(‏أو‏)‏ أدى ‏(‏المشتري الضمان إليه‏)‏ على الصحيح زيلعي ‏(‏نفذ الأول‏)‏ وهو العتق ‏(‏لا الثاني‏)‏ وهو البيع لأن الاعتقاق إنما يفتقر للملك وقت نفاذه لا وقت ثبوته قيد بعتق المشتري؛ لأن عتق الغاصب لا ينفذ بأداء الضمان لثبوت ملكه به زيلعي ‏(‏ولو قطعت يده‏)‏ مثلا ‏(‏عند مشتريه فأجيز‏)‏ البيع ‏(‏فأرشه‏)‏ أي القطع ‏(‏له‏)‏ وكذا كل ما يحدث من المبيع ‏(‏كالكسب والولد والعقر‏)‏ ولو ‏(‏قبل الإجازة‏)‏ يكون للمشتري؛ لأن الملك تم له من وقت الشراء، بخلاف الغاصب لما مر ‏(‏وتصدق بما زاد على نصف الثمن وجوبا‏)‏ لعدم دخله في ضمانه فتح‏.‏

‏(‏باع عبد غيره بغير أمره‏)‏ قيد اتفاقي ‏(‏فبرهن المشتري‏)‏ مثلا ‏(‏على إقرار البائع‏)‏ الفضولي ‏(‏أو‏)‏ على إقرار ‏(‏رب العبد أنه لم يأمره بالبيع‏)‏ للعبد ‏(‏وأراد‏)‏ المشتري ‏(‏رد المبيع ردت‏)‏ بينته ولم يقبل قوله للتناقض ‏(‏كما لو أقام‏)‏ البائع ‏(‏البينة أنه باع بلا أمر أو برهن على إقرار المشتري بذلك‏)‏ وأصله أن من سعى في نقض ما تم من جهته لا تقبل إلا في مسألتين ‏(‏وإن أقر البائع‏)‏ المذكور ولو عند غير القاضي بحر ‏(‏بأن رب العبد لم يأمره بالبيع ووافقه عليه‏)‏ أي على عدم الأمر ‏(‏المشتري انتقض‏)‏ البيع؛ لأن التناقض لا يمنع صحة الإقرار لعدم التهمة فإن توافقا بطل ‏(‏في حقهما لا في حق المالك‏)‏ للعبد ‏(‏إن كذبهما‏)‏ وادعى أنه كان بأمره فيطالب البائع بالثمن؛ لأنه وكيل لا المشتري خلافا للثاني‏.‏

‏(‏باع دار غيره بغير أمره‏)‏ وأقبضها المشتري نهر‏.‏ وأما إدخالها في بناء المشتري فقيد اتفاقا درر ‏(‏ثم اعترف البائع‏)‏ الفضولي ‏(‏بالغصب وأنكر المشتري لم يضمن البائع قيمة الدار‏)‏ لعدم سراية إقراره على المشتري ‏(‏فإن برهن المالك أخذها‏)‏ لأنه نور دعواه بها‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

باعه فضولي وآجره آخر أو زوجه أو رهنه فأجيزا معا ثبت الأقوى فتصير مملوكة لا زوجة فتح‏.‏ سكوت المالك عند العقد ليس بإجازة خانية من آخر فصل الإقالة‏.‏

باب الإقالة

هي لغة‏:‏ الرفع من أقال أجوف يائي، وشرعا ‏(‏رفع البيع‏)‏ وعمم في الجوهرة فعبر بالعقد ‏(‏ويصح بلفظين ماضيين و‏)‏ هذا ركنها ‏(‏أوأحدهما مستقبل‏)‏ كأقلني فقال أقلتك لعدم المساومة فيها فكانت كالنكاح وقال محمد كالبيع قال البرجندي وهو المختار ‏(‏و‏)‏ تصح أيضا ‏(‏بفاسختك وتركت وتاركتك ورفعت وبالتعاطي‏)‏ ولو من أحد الجانبين ‏(‏كالبيع‏)‏ هو الصحيح بزازية وفي السراجية لا بد من التسليم والقبض من الجانبين‏.‏

‏(‏وتتوقف على قبول الآخر‏)‏ في المجلس ولو كان القبول ‏(‏فعلا‏)‏ كما لو قطعه أو قبضه فور قول المشتري أقلتك؛ لأن من شرائطها اتحاد المجلس ورضا المتعاقدين أو الورثة أو الوصي وبقاء المحل القابل للفسخ بخيار فلو زاد زيادة تمنع الفسخ لم تصح خلافا لهما وقبض بدلي الصرف في إقالته وأن لا يهب البائع الثمن للمشتري قبل قبضه، وأن لا يكون البيع بأكثر من القيمة في بيع مأذون ووصي ومتول‏.‏

‏(‏وتصح إقالة المتولي إن خيرا‏)‏ للوقف ‏(‏وإلا لا‏)‏ الأصل أن من ملك البيع ملك إقالته إلا في خمس‏:‏ الثلاثة المذكورة والوكيل بالشراء قيل وبالسلم أشباه

ولا إقالة في نكاح وطلاق وعتاق جوهرة وإبراء بحر من باب التحالف‏.‏

‏(‏وهي‏)‏ مندوبة للحديث وتجب في عقد مكروه وفاسد بحر‏.‏ وفيما إذا غره البائع يسيرا نهر بحثا فلو فاحشا له الرد كما سيجيء وحكمها أنها ‏(‏فسخ في حق المتعاقدين فيما هو من موجبات‏)‏ بفتح الجيم أي أحكام ‏(‏العقد‏)‏ أما لو وجب بشرط زائد كانت بيعا جديدا في حقهما أيضا كأن شرى بدينه المؤجل عينا ثم تقايلا لم يعد الأجل فيصير دينه حالا كأنه باعه منه، ولو رده بخيار بقضاء عاد الأجل؛ لأنه فسخ ولو كان به كفيل لم تعد الكفالة فيهما خالية ثم ذكر لكونها فسخا فروعا ‏(‏ف‏)‏ الأول أنها ‏(‏تبطل بعد ولادة المبيعة‏)‏ لتعذر الفسخ بالزيادة المنفصلة بعد القبض حقا للشرع لا قبله مطلقا ابن مالك ‏(‏و‏)‏ الثاني ‏(‏تصح بمثل الثمن الأول وبالسكوت عنه‏)‏ ويرد مثل المشروط ولو المقبوض أجود أو أردأ ولو تقايلا وقد كسدت رد الكاسد ‏(‏إلا إذا باع المتولي أو الوصي للوقف أو للصغير شيئا بأكثر من قيمته أو اشتريا شيئا بأقل منها للوقف أو للصغير‏)‏ لم تجز إقالته، ولو بمثل الثمن الأول وكذا المأذون كما مر ‏(‏وإن‏)‏ وصلية ‏(‏شرط غير جنسه أو أكثر منه أو‏)‏ أجله وكذا في ‏(‏الأقل‏)‏ إلا مع تعيبه فتكون فسخا بالأقل لو بقدر العيب لا أزيد ولا أنقص قيل إلا بقدر ما يتغابن الناس فيه‏.‏

‏(‏و‏)‏ الثالث ‏(‏لا تفسد بالشرط‏)‏ الفاسد ‏(‏وإن لم يصح تعليقها به‏)‏ كما سيجيء ‏(‏و‏)‏ الرابع ‏(‏جاز للبائع بيع المبيع منه‏)‏ ثانيا بعدها ‏(‏قبل قبضه‏)‏ ولو كان بيعا في حقهما لبطل كبيعه من غير المشتري عيني‏.‏

‏(‏و‏)‏ الخامس ‏(‏جاز قبض المكيل والموزون منه‏)‏ بعدها ‏(‏بلا إعادة‏)‏ كيله ووزنه ‏(‏و‏)‏ السادس ‏(‏جاز هبة البيع منه بعد الإقالة قبل القبض‏)‏ ولو كان بيعا في حقهما لما جاز كل ذلك ‏(‏و‏)‏ إنما ‏(‏هي بيع في حق ثالث‏)‏ أي لو بعد القبض بلفظ الإقالة فلو قبله فهي فسخ في حق الكل في غير العقار ولو بلفظ مفاسخة أو متاركة أو تراد لم تجعل بيعا اتفاقا أو لو بلفظ البيع فبيع إجماعا‏.‏

وثمرته في مواضع ‏(‏ف‏)‏ الأول ‏(‏لو كان المبيع عقارا فسلم الشفيع الشفعة ثم تقايلا قضي له بها‏)‏ لكونها بيعا جديدا فكان الشفيع ثالثهما ‏(‏و‏)‏ الثاني ‏(‏لا يرد البائع الثاني على الأول بعيب علمه بعدها‏)‏ لأنه بيع في حقه ‏(‏و‏)‏ الثالث ‏(‏ليس للواهب الرجوع إذا باع الموهوب له الموهوب من آخر ثم تقايلا‏)‏ لأنه كالمشتري من المشترى منه ‏(‏و‏)‏ الرابع ‏(‏المشتري إذا باع المبيع من آخر قبل نقد الثمن جاز‏)‏ للبائع شراؤه منه بالأقل ‏(‏و‏)‏ الخامس ‏(‏إذا اشترى بعروض التجارة عبدا للخدمة بعدما حال عليها الحول ووجد به عيبا فرده بغير قضاء واسترد العروض فهلكت في يده لم تسقط الزكاة‏)‏ فالفقير ثالثهما إذ الرد بعيب بلا قضاء إقالة ويزاد التقابض في الصرف ووجوب الاستبراء؛ لأنه حق الله تعالى فالله ثالثهما صدر الشريعة والإقالة بعض الإجارة والرهن فالمرتهن ثالثهما نهر فهي تسعة‏.‏

‏(‏و‏)‏ الإقالة ‏(‏يمنع صحتها هلاك المبيع‏)‏ ولو حكما كإباق ‏(‏لا الثمن‏)‏ ولو في بدل الصرف ‏(‏وهلاك بعضه يمنع‏)‏ الإقالة ‏(‏بقدره‏)‏ اعتبارا للجزء بالكل وليس منه ما لو شرى صابونا فجف فتقايلا لبقاء كل المبيع فتح‏.‏

‏(‏وإذا هلك أحد البدلين في المقايضة‏)‏ وكذا في السلم ‏(‏صحت‏)‏ الإقالة ‏(‏في الباقي منهما وعلى المشتري قيمة الهالك إن قيميا ومثله إن مثليا ولو هلكا بطلت‏)‏ إلا في الصرف‏.‏

‏(‏تقايلا فأبق العبد من يد المشتري وعجز عن تسليمه أو هلك المبيع بعدها قبل القبض بطلت‏)‏ بزازية‏.‏

‏(‏وإن اشترى‏)‏ أرضا مشجرة فقطعه أو ‏(‏عبدا فقطعت يده وأخذ أرشها ثم تقايلا صحت ولزمه جميع الثمن ولا شيء لبائعه من أرش الشجر واليدان عالما به‏)‏ بقطع اليد والشجر ‏(‏وقت الإقالة وإن غير عالم خير بين الأخذ بجميع ثمنه أو الترك‏)‏ قنية وفيها شرى أرضا مزروعة ثم حصده ثم تقايلا صحت في الأرض بحصتها ولو تقايلا بعد إدراكه لم يجز وفيها تقايلا ثم علم أن المشتري كان وطئ المبيعة ردها وأخذ ثمنها وفيها مؤنة الرد على البائع مطلقا‏.‏

‏(‏ويصح إقالة الإقالة فلو تقايلا البيع ثم تقايلاها‏)‏ أي الإقالة ‏(‏ارتفعت وعاد‏)‏ البيع ‏(‏إلا إقالة السلم‏)‏ فإنها لا تقبل الإقالة لكون المسلم فيه دينا سقط، والساقط لا يعود أشباه وفيها رأس المال بعد الإقالة كهو قبلها فلا يتصرف فيه بعدها كقبلها إلا في مسألتين لو اختلفا فيه بعدها فلا تحالف، ولو تفرقا قبل قبضه جاز إلا في الصرف وفيها اختلف المتبايعان في الصحة والبطلان فالقول لمدعي البطلان وفي الصحة والفساد لمدعي الصحة‏.‏ قلت‏:‏ إلا في مسألة إذا ادعى المشتري بيعه من بائعه بأقل من الثمن قبل النقد وادعى البائع الإقالة فالقول للمشتري مع دعواه الفساد ولو بعكسه تحالفا بشرط قيام المبيع إلا إذا استهلكه في يد البائع غير المشتري، ورأيت معزيا للخلاصة‏:‏ باع كرما وسلمه فأكل مشتريه نزله سنة ثم تقايلا لم يصح‏.‏

باب المرابحة والتولية

لما بين الثمن شرع في المثمن ولم يذكر المساومة والوضيعة لظهورهما‏.‏ ‏(‏المرابحة‏)‏ مصدر رابح وشرعا ‏(‏بيع ما ملكه‏)‏ من العروض ولو بهبة أو إرث أو وصية أو غصب فإنه إذا ثمنه ‏(‏بما قام عليه وبفضل‏)‏ مؤنة وإن لم تكن من جنسه كأجر قصار ونحوه، ثم باعه مرابحة على تلك القيمة جاز مبسوط‏.‏ ‏(‏والتولية‏)‏ مصدر ولى غيره جعله واليا وشرعا ‏(‏بيعه بثمنه الأول‏)‏ ولو حكما يعني بقيمته، وعبر عنها به؛ لأنه الغالب‏.‏ ‏(‏وشرط صحتهما كون العوض مثليا أو‏)‏ قيميا ‏(‏مملوكا للمشتري و‏)‏ كون ‏(‏الربح شيئا معلوما‏)‏ ولو قيميا مشارا إليه كهذا الثوب لانتفاء الجهالة حتى لو باعه بربح ده يازده أي العشرة بأحد عشر لم يجز إلا أن يعلم بالثمن في المجلس فيخير شرح مجمع للعيني‏.‏

‏(‏ويضم‏)‏ البائع ‏(‏إلى رأس المال‏)‏ ‏(‏أجر القصار والصبغ‏)‏ بأي لون كان ‏(‏والطراز‏)‏ بالكسر علم الثوب ‏(‏والفتل وحمل الطعام‏)‏ وسوق الغنم وأجرة الغسل والخياطة ‏(‏وكسوته‏)‏ وطعام المبيع بلا سرف وسقي الزرع والكرم وكسحها وكري المسناة والأنهار وغرس الأشجار وتجصيص الدار ‏(‏وأجرة السمسار‏)‏ هو الدال على مكان السلعة وصاحبها ‏(‏المشروطة في العقد‏)‏ على ما جزم به في الدرر ورجح في البحر الإطلاق وضابطه كل ما يزيد في المبيع أو في قيمته يضم درر واعتمد العيني وغيره عادة التجار بالضم ‏(‏ويقول قام علي بكذا ولا يقول اشتريته‏)‏ لأنه كذب وكذا إذا قوم الموروث ونحوه أو باع برقمه لو صادقا في الرقم فتح‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يضم ‏(‏أجر الطبيب‏)‏ والمعلم درر ولو للعلم والشعر وفيه ما فيه؛ ولذا علله في المبسوط بعدم العرف ‏(‏والدلالة‏)‏ والراعي ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏نفقة نفسه‏)‏ ولا أجر عمل بنفسه أو تطوع به متطوع ‏(‏وجعل الآبق وكراء بيت الحفظ‏)‏ بخلاف أجرة المخزن فإنها تضم كما صرحوا به وكأنه للعرف وإلا فلا فرق يظهر فتدبر ‏(‏وما يؤخذ في الطريق من الظلم إلا إذا جرت العادة بضمه‏)‏ هذا هو الأصل كما علمت فليكن المعول عليه كما يفيده كلام الكمال‏.‏

‏(‏فإن‏)‏ ‏(‏ظهر خيانته في مرابحة بإقراره أو برهان‏)‏ على ذلك ‏(‏أو بنكوله‏)‏ عن اليمين ‏(‏أخذه‏)‏ المشتري ‏(‏بكل ثمنه أو رده‏)‏ لفوات الرضا ‏(‏وله الحط‏)‏ قدر الخيانة ‏(‏في التولية‏)‏ لتحقيق التولية‏.‏

‏(‏ولو هلك المبيع‏)‏ أو استهلكه في المرابحة ‏(‏قبل رده أو حدث به ما يمنع منه‏)‏ من الرد ‏(‏لزمه بجميع الثمن‏)‏ المسمى ‏(‏وسقط خياره‏)‏ وقدمنا أنه لو وجد المولى بالمبيع عيبا ثم حدث آخر لم يرجع بالنقصان ‏(‏شراه ثانيا‏)‏ بجنس الثمن الأول ‏(‏بعد بيعه بربح فإن رابح طرح ما ربح‏)‏ قبل ذلك ‏(‏وإن استغرق‏)‏ الربح ‏(‏ثمنه لم يرابح‏)‏ خلافا لهما وهو أرفق وقوله أوثق بحر، ولو بين ذلك أو باع بغير الجنس أو تخلل ثالث جاز اتفاقا فتح‏.‏

‏(‏رابح‏)‏ أي جاز أن يبيع مرابحة لغيره ‏(‏سيد شرى من‏)‏ مكاتبه أو ‏(‏مأذونه‏)‏ ولو ‏(‏المستغرق دينه لرقبته‏)‏ فاعتبار هذا القيد لتحقيق الشراء فغير المديون بالأولى ‏(‏على ما شرى المأذون كعكسه‏)‏ نفيا للتهمة وكذا كل من لا تقبل شهادته له كأصله وفرعه ولو بين ذلك رابح على شراء نفسه ابن كمال‏.‏

‏(‏ولو كان مضاربا‏)‏ معه عشرة ‏(‏بالنصف‏)‏ اشترى بها ثوبا وباعه من رب المال بخمسة عشر ‏(‏باع‏)‏ الثوب ‏(‏مرابحة رب المال باثني عشر ونصف‏)‏ لأن نصف الربح ملكه وكذا عكسه كما سيجيء في بابه وتحقيقه في النهر يرابح مريدها ‏(‏بلا بيان‏)‏ أي من غير بيان ‏(‏أنه اشتراه سليما‏)‏ أما بيان نفس العيب فواجب ‏(‏فتعيب عنده بالتعيب‏)‏ بآفة سماوية أو بصنع المبيع ‏(‏ووطئ الثيب ولم ينقصها الوطء‏)‏ كقرض فأر وحرق نار للثوب المشترى، وقال أبو يوسف وزفر والثلاثة لا بد من بيانه قال أبو الليث‏:‏ وبه نأخذ ورجحه الكمال وأقره المصنف ‏(‏و‏)‏ يربح ببيان ‏(‏بالتعييب‏)‏ ولو بفعل غيره بغير أمره وإن لم يأخذ الأرش وقيد أخذه في الهداية وغيرها اتفاقي فتح ‏(‏ووطئ البكر كتكسره‏)‏ بنشره وطيه لصيرورة الأوصاف مقصودة بالإتلاف؛ ولذا قال ولم ينقصها الوطء

‏(‏اشتراه بألف نسيئة وباع بربح مائة بلا بيان‏)‏ خير المشتري ‏(‏فإن تلف‏)‏ المبيع بتعيب أو تعيب ‏(‏فعلم‏)‏ بالأجل ‏(‏لزمه كل الثمن حالا وكذا‏)‏ حكم ‏(‏التولية‏)‏ في جميع ما مر وقال أبو جعفر‏:‏ المختار للفتوى الرجوع بفضل ما بين الحال والمؤجل بحر ومصنف

‏(‏ولى رجلا شيئا‏)‏ أي باعه تولية ‏(‏بما قام عليه أو بما اشتراه‏)‏ به ‏(‏ولم يعلم المشتري بكم قام عليه فسد‏)‏ البيع لجهالة الثمن ‏(‏وكذا‏)‏ حكم ‏(‏المرابحة وخير‏)‏ المشتري بين أخذه وتركه ‏(‏لو علم في مجلسه‏)‏ وإلا بطل‏.‏ ‏(‏و‏)‏ اعلم أنه ‏(‏لا رد بغبن فاحش‏)‏ هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين ‏(‏في ظاهر الرواية‏)‏ وبه أفتى بعضهم مطلقا كما في القنية ثم رقم وقال ‏(‏ويفتى بالرد‏)‏ رفقا بالناس وعليه أكثر روايات المضاربة وبه يفتى ثم رقم وقال ‏(‏إن غره‏)‏ أي غر المشتري البائع أو بالعكس أو غره الدلال فله الرد ‏(‏وإلا لا‏)‏ وبه أفتى صدر الإسلام وغيره ثم قال ‏(‏وتصرفه في بعض المبيع‏)‏ قبل علمه بالغبن ‏(‏غير مانع منه‏)‏ فيرد مثل ما أتلفه ويرجع بكل الثمن على الصواب ا هـ ملخصا بقي ما لو كان قيميا لم أره قلت‏:‏ وبالأخير جزم الإمام علاء الدين السمرقندي في تحفة الفقهاء وصححه الزيلعي وغيره وفي كفالة الأشباه عن بيوع الخانية من فصل الغرور‏:‏ الغرور لا يوجب الرجوع إلا في ثلاث منها‏:‏ هذه، وضابطها أن يكون في عقد يرجع نفعه إلى الدافع كوديعة وإجارة، فلو هلكا ثم استحقا رجع على الدافع بما ضمنه ولا رجوع في عارية وهبة لكون القبض لنفسه‏.‏ الثانية‏:‏ أن يكون في ضمن عقد معاوضة كبايعوا عبدي أو ابني فقد أذنت له ثم ظهر حرا أو ابن الغير رجعوا عليه للغرور وإن كان الأب حرا وإلا فبعد العتق وهذا إن أضافه إليه وأمر بمبايعته ومنه لو بنى المشتري أو استولد ثم استحقا رجع على البائع بقيمة البناء والولد ومنه ما يأتي في باب الاستحقاق اشترني فأنا عبد بخلاف ارتهني‏.‏ الثالثة‏:‏ إذا كان الغرور بالشروط كما لو زوجه امرأة على أنها حرة ثم استحقت رجع على المخبر بقيمة الولد المستحق وسيجيء آخر الدعوى‏.‏

‏[‏فرع هل ينتقل الرد بالتغرير إلى الوارث‏]‏

هل ينتقل الرد بالتغرير إلى الوارث استظهر المصنف لا لتصريحهم بأن الحقوق المجردة لا تورث‏.‏ قلت‏:‏ وفي حاشية الأشباه لابن المصنف وبه أفتى شيخنا العلامة علي المقدسي مفتي مصر‏.‏ قلت‏:‏ وقدمناه في خيار الشرط معزيا للدرر لكن ذكر المصنف في شرح منظومته الفقهية ما يخالفه ومال إلى أنه يورث كخيار العيب ونقله عنه ابنه في كتابه معونة المفتي في كتاب الفرائض وأيده بما في بحث القول في الملك من الأشباه قبيل التاسعة أن الوارث يرد بالعيب ويصير مغرورا بخلاف الوصي فتأمل، وقدمنا عن الخانية أنه متى عاين ما يعرف بالعيان انتفى الغرر فتدبر‏.‏

فصل في التصرف في المبيع والثمن قبل القبض والزيادة والحط فيهما وتأجيل الديون

‏(‏صح بيع عقار لا يخشى هلاكه قبل قبضه‏)‏ من بائعه لعدم الغرر لندرة هلاك العقار، حتى لو كان علوا أو على شط نهر ونحوه كان كمنقول ف ‏(‏لا‏)‏ يصح اتفاقا ككتابة وإجارة و ‏(‏بيع منقول‏)‏ قبل قبضه ولو من بائعه كما سيجيء ‏(‏بخلاف‏)‏ عتقه وتدبيره و ‏(‏هبته والتصدق به وإقراضه‏)‏ ورهنه وإعارته ‏(‏من غير بائعه‏)‏ فإنه صحيح ‏(‏على‏)‏ قول محمد وهو ‏(‏الأصح‏)‏ والأصل أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل قبضه فالتصرف فيه غير جائز وما لا فجائز عيني ‏(‏و‏)‏ المنقول ‏(‏لو وهبه من البائع قبل قبضه فقبله‏)‏ البائع ‏(‏انتقض البيع ولو باعه منه قبله لم يصح‏)‏ هذا البيع ولم ينتقض البيع الأول؛ لأن الهبة مجاز عن الإقالة بخلاف بيعه قبله فإنه باطل مطلقا جوهرة‏.‏ قلت‏:‏ وفي المواهب وفسد بيع المنقول قبل قبضه انتهى ونفي الصحة يحتملهما فتدبر‏.‏

‏(‏اشترى مكيلا بشرط الكيل حرم‏)‏ أي كره تحريما ‏(‏بيعه وأكله حتى يكيله‏)‏ وقد صرحوا بفساده وبأنه لا يقال لآكله إنه أكل حراما لعدم التلازم كما بسطه الكمال لكونه أكل ملكه ‏(‏ومثله الموزون والمعدود‏)‏ بشرط الوزن والعد لاحتمال الزيادة، وهي للبائع بخلافه مجازفة؛ لأن الكل للمشتري وقيد بقوله ‏(‏غير الدراهم والدنانير‏)‏ لجواز التصرف فيهما بعد القبض قبل الوزن كبيع التعاطي فإنه لا يحتاج في الموزونات إلى وزن المشتري ثانيا؛ لأنه صار بيعا بالقبض بعد الوزن قنية وعليه الفتوى خلاصة ‏(‏وكفى كيله من البائع بحضرته‏)‏ أي المشتري ‏(‏بعد البيع‏)‏ لا قبله أصلا أو بعده بغيبته فلو كيل بحضرة رجل فشراه فباعه قبل كيله لم يجز وإن اكتاله الثاني لعدم كيل الأول فلم يكن قابضا فتح ‏(‏ولو كان‏)‏ المكيل أو الموزون ‏(‏ثمنا جاز التصرف فيه قبل كيله ووزنه‏)‏ لجوازه قبل القبض فقبل الكيل أولى‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يحرم ‏(‏المذروع‏)‏ قبل ذرعه ‏(‏وإن اشتراه بشرطه إلا إذا أفرد لكل ذراع ثمنا‏)‏ ‏(‏فهو‏)‏ في حرمة ما ذكر ‏(‏كموزون‏)‏ والأصل ما مر مرارا أن الذرع وصف لا قدر فيكون كله للمشتري إلا إذا كان مقصودا واستثنى ابن الكمال من الموزون ما يضره التبعيض؛ لأن الوزن حينئذ فيه وصف

‏(‏وجاز‏)‏ ‏(‏التصرف في الثمن‏)‏ بهبة أو بيع أو غيرهما لو عينا أي مشارا إليه ولو دينا فالتصرف فيه تمليك ممن عليه الدين ولو بعوض ولا يجوز من غيره ابن مالك ‏(‏قبل قبضه‏)‏ سواء ‏(‏تعين بالتعيين‏)‏ كمكيل ‏(‏أو لا‏)‏ كنقود فلو باع إبلا بدراهم أو بكر بر جاز أخذ بدلهما شيئا آخر ‏(‏وكذا الحكم في كل دين قبل قبضه كمهر وأجرة وضمان متلف‏)‏ وبدل خلع وعتق بمال وموروث وموصى به‏.‏ والحاصل‏:‏ جواز التصرف في الأثمان والديون كلها قبل قبضها عيني ‏(‏سوى صرف وسلم‏)‏ فلا يجوز أخذ خلاف جنسه لفوات شرطه ‏(‏وصح الزيادة فيه‏)‏ ولو من غير جنسه في المجلس أو بعده من المشتري أو وارثه خلاصة‏.‏ ولفظ ابن مالك أو من أجنبي ‏(‏إن‏)‏ في غير صرف و ‏(‏قبل البائع‏)‏ في المجلس فلو بعده بطلت خلاصة وفيها لو ندم بعدما زاد أجبر ‏(‏وكان المبيع قائما‏)‏ فلا تصح بعد هلاكه ولو حكما على الظاهر بأن باعه ثم شراه ثم زاده‏.‏ زاد في الخلاصة وكونه محلا للمقابلة في حق المشتري حقيقة فلو باع بعد القبض أو دبر أو كاتب أو ماتت الشاة فزاد لم يجز لفوات محل البيع بخلاف ما لو أجر أو رهن أو جعل الحديد سيفا أو ذبح الشاة لقيام الاسم والصورة وبعض المنافع‏.‏

‏(‏و‏)‏ صح ‏(‏الحط منه‏)‏ ولو بعد هلاك المبيع وقبض الثمن ‏(‏والزيادة‏)‏ والحط ‏(‏يلتحقان بأصل العقد‏)‏ بالاستناد فبطل حط الكل وأثر الالتحاق في تولية ومرابحة وشفعة واستحقاق وهلاك وحبس مبيع وفساد صرف لكن إنما يظهر في الشفعة الحط فقط ‏(‏و‏)‏ صح ‏(‏الزيادة في المبيع‏)‏ ولزم البائع دفعها ‏(‏إن‏)‏ في غير سلم زيلعي و ‏(‏قبل المشتري وتلتحق‏)‏ أيضا ‏(‏بالعقد فلو هلكت الزيادة قبل قبض سقط حصتها من الثمن‏)‏ وكذا لو زاد في الثمن عرضا فهلك قبل تسليمه انفسخ العقد بقدره قنية ‏(‏ولا يشترط للزيادة هنا قيام المبيع‏)‏ فتصح بعد هلاكه بخلافه في الثمن كما مر‏.‏

‏(‏ويصح الحط من المبيع إن‏)‏ كان المبيع ‏(‏دينا وإن عينا لا‏)‏ يصح؛ لأنه إسقاط وإسقاط العين لا يصح بخلاف الدين فيرجع بما دفع في براءة الإسقاط لا في براءة الاستيفاء اتفاقا ولو أطلقها فقولان وأما الإبراء المضاف إلى الثمن فصحيح ولو بهبة أو حط فيرجع المشتري بما دفع على ما ذكره السرخسي فليتأمل عند الفتوى بحر قال في النهر‏:‏ وهو المناسب للإطلاق، وفي البزازية باعه على أن يهبه من الثمن كذا لا يصح ولو على أن يحط من ثمنه كذا جاز للحوق الحط بأصل العقد دون الهبة ‏(‏والاستحقاق‏)‏ لبائع أو مشتر أو شفيع ‏(‏يتعلق بما وقع عليه العقد و‏)‏ يتعلق ‏(‏بالزيادة‏)‏ أيضا فلو رد بنحو عيب رجع المشتري بالكل ‏(‏ولزم تأجيل كل دين‏)‏ إن قبل المديون ‏(‏إلا‏)‏ في سبع على ما في مدينات الأشباه بدلي صرف وسلم وثمن عند إقالة وبعدها وما أخذ به الشفيع ودين الميت، والسابع ‏(‏القرض‏)‏ فلا يلزم تأجيله ‏(‏إلا‏)‏ في أربع ‏(‏إذا‏)‏ كان مجحودا أو حكم مالكي بلزومه بعد ثبوت أصل الدين عنده أو أحاله على آخر فأجله المقرض أو أحاله على مديون مؤجل دينه؛ لأن الحوالة مبرئة والرابع الوصية‏.‏

‏(‏أوصى بأن يقرض من ماله ألف درهم فلانا إلى سنة‏)‏ فيلزم من ثلثه ويسامح فيها نظرا للموصي‏.‏

‏(‏أو أوصى بتأجيل قرضه‏)‏ الذي له ‏(‏على زيد سنة‏)‏ فيصح ويلزمه‏.‏ والحاصل‏:‏ أن تأجيل الدين على ثلاثة أوجه باطل في بدلي صرف وسلم وصحيح غير لازم في قرض وإقالة وشفيع ودين ميت ولازم فيما عدا ذلك وأقره المصنف وتعقبه في النهر بأن الملحق بالقرض تأجيله باطل‏.‏ قلت‏:‏ ومن حيل تأجيل القرض كفالته مؤجلا فيتأخر عن الأصل؛ لأن الدين واحد بحر ونهر فهي خامسة فلتحفظ، وفي حيل الأشباه‏:‏ حيلة تأجيل دين الميت أن يقر الوارث بأنه ضمن ما على الميت في حياته مؤجلا إلى كذا ويصدقه الطالب أنه كان مؤجلا عليهما ويقر الطالب بأن الميت لم يترك شيئا وإلا لأمر الوارث بالبيع للدين وهذا على ظاهر الرواية من أن الدين إذا حل بموت المديون لا يحل على كفيله‏.‏ قلت‏:‏ وسيجيء آخر الكتاب أنه لو حل لموته أو أداه قبل حلوله ليس له من المرابحة إلا بقدر ما مضى من الأيام وهو جواب المتأخرين‏.‏

فصل في القرض

‏(‏هو‏)‏ لغة‏:‏ ما تعطيه لتتقاضاه، وشرعا‏:‏ ما تعطيه من مثلي لتتقاضاه وهو أخصر من قوله ‏(‏عقد مخصوص‏)‏ أي بلفظ القرض ونحوه ‏(‏يرد على دفع مال‏)‏ بمنزلة الجنس ‏(‏مثلي‏)‏ خرج القيمي ‏(‏لآخر ليرد مثله‏)‏ خرج نحو وديعة وهبة‏.‏

‏(‏وصح‏)‏ القرض ‏(‏في مثلي‏)‏ هو كل ما يضمن بالمثل عند الاستهلاك ‏(‏لا في غيره‏)‏ من القيميات كحيوان وحطب وعقار وكل متفاوت لتعذر رد المثل‏.‏ واعلم أن المقبوض بقرض فاسد كمقبوض ببيع فاسد سواء فيحرم الانتفاع به لا بيعه لثبوت الملك جامع الفصولين ‏(‏فيصح استقراض الدراهم والدنانير وكذا‏)‏ كل ‏(‏ما يكال أو يوزن أو يعد متقاربا فصح استقراض جوز وبيض‏)‏ وكاغد عددا ‏(‏ولحم‏)‏ وزنا وخبز وزنا وعددا كما سيجيء ‏(‏استقرض من الفلوس الرائجة والعدالي فكسدت فعليه مثلها كاسدة‏)‏ و ‏(‏لا‏)‏ يغرم ‏(‏قيمتها‏)‏ وكذا كل ما يكال ويوزن لما مر أنه مضمون بمثله فلا عبرة بغلائه ورخصه ذكره في المبسوط من غير خلاف وجعله في البزازية وغيرها قول الإمام وعند الثاني عليه قيمتها يوم القبض وعند الثالث قيمتها في آخر يوم رواجها وعليه الفتوى‏.‏

قال وكذا الخلاف إذا ‏(‏استقرض طعاما بالعراق فآخذه صاحب القرض بمكة فعليه قيمته بالعراق يوم اقتراضه عند الثاني وعند الثالث يوم اختصما وليس عليه أن يرجع‏)‏ معه ‏(‏إلى العراق فيأخذ طعامه ولو استقرض الطعام ببلد الطعام فيه رخيص فلقيه المقرض في بلد الطعام فيه غال فأخذه الطالب بحقه فليس له حبس المطلوب ويؤمر المطلوب بأن يوثق له‏)‏ بكفيل ‏(‏حتى يعطيه طعامه في البلد الذي أخذه منه استقرض شيئا من الفواكه كيلا أو وزنا فلم يقبضه حتى انقطع فإنه يجبر صاحب القرض على تأخيره إلى مجيء الحديث إلا أن يتراضيا على القيمة‏)‏ لعدم وجوده بخلاف الفلوس إذا كسدت وتمامه في صرف الخانية ‏(‏ويملك‏)‏ المستقرض ‏(‏القرض بنفس القبض عندهما‏)‏ أي الإمام ومحمد خلافا للثاني فله رد المثل ولو قائما خلافا له بناء على انعقاده بلفظ القرض وفيه تصحيحان وينبغي اعتماد الانعقاد لإفادته الملك للحال بحر‏.‏

فجاز شراء المستقرض القرض ولو قائما من المقرض بدراهم مقبوضة فلو تفرقا قبل قبضها بطل لأنه افتراق عن دين بزازية فليحفظ‏.‏

‏(‏أقرض صبيا‏)‏ محجورا ‏(‏فاستهلكه الصبي لا يضمن‏)‏ خلافا للثاني ‏(‏وكذا‏)‏ الخلاف لو باعه أو أودعه ومثله ‏(‏المعتوه ولو‏)‏ كان المستقرض ‏(‏عبدا محجورا لا يؤاخذ به قبل العتق‏)‏ خلافا للثاني ‏(‏وهو كالوديعة‏)‏ سواء خانية‏.‏

وفيها ‏(‏استقرض من آخر دراهم فأتاه المقرض بها فقال المستقرض ألقها في الماء فألقاها‏)‏ قال محمد ‏(‏لا شيء على المستقرض‏)‏ وكذا الدين والسلم بخلاف الشراء الوديعة فإنه بالإلقاء يعد قابضا والفرق أن له إعطاء غيره في الأول لا الثاني وعزاه لغريب الرواية ‏(‏و‏)‏ فيها ‏(‏القرض لا يتعلق بالجائز من الشروط فالفاسد منها لا يبطله ولكنه يلغو شرط رد شيء آخر فلو استقرض الدراهم المكسورة على أن يؤدي صحيحا كان باطلا‏)‏ وكذا لو أقرضه طعاما بشرط رده في مكان آخر ‏(‏وكان عليه مثل ما قبض‏)‏ فإن قضاه أجود بلا شرط جاز ويجبر الدائن على قبول الأجود وقيل لا بحر وفي الخلاصة القرض بالشرط حرام والشرط لغو بأن يقرض على أن يكتب به إلى بلد كذا ليوفي دينه‏.‏

وفي الأشباه كل قرض جر نفعا حرام فكره للمرتهن سكنى المرهونة بإذن الراهن‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

استقرض عشرة دراهم وأرسل عبده لأخذها فقال المقرض دفعته إليه وأقر العبد به وقال دفعتها إلى مولاي فأنكر المولى قبض العبد العشرة فالقول له ولا شيء عليه ولا يرجع المقرض على العبد لأنه أقر أنه قبضها بحق انتهي‏.‏ عشرون رجلا جاءوا واستقرضوا من رجل وأمروه بالدفع لأحدهم فدفع ليس له أن يطلب منه إلا حصته‏.‏ قلت‏:‏ ومفاده صحة التوكيل بقبض القرض لا بالاستقراض قنية وفيها استقراض العجين وزنا يجوز وينبغي جوازه في الخميرة بلا وزن‏:‏ «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خميرة يتعاطاها الجيران أيكون ربا فقال ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح» وفيها شراء الشيء اليسير بثمن غال لحاجة القرض يجوز ويكره وأقره المصنف‏.‏ قلت‏:‏ وفي معروضات المفتي أبي السعود لو ادان زيد العشرة باثني عشر أو بثلاثة عشر بطريق المعاملة في زماننا بعد أن ورد الأمر السلطاني وفتوى شيخ الإسلام بأن لا تعطى العشرة بأزيد من عشرة ونصف ونبه على ذلك فلم يمتثل ماذا يلزمه‏؟‏ فأجاب يعزر ويحبس إلى أن تظهر توبته وصلاحه فيترك وفي هذه الصورة هل يرد ما أخذه من الربح لصاحبه‏؟‏ فأجاب‏:‏ إن حصله منه بالتراضي ورد الأمر بعدم الرجوع لكن يظهر أن المناسب الأمر بالرجوع وأقبح من ذلك السلم حتى أن بعض القرى قد خرجت بهذا الخصومة ا هـ‏.‏

باب الربا

هو لغة‏:‏ مطلق الزيادة وشرعا ‏(‏فضل‏)‏ ولو حكما فدخل ربا النسيئة والبيوع الفاسدة فكلها من الربا فيجب رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه لأنه يملك بالقبض قنية وبحر ‏(‏خال عن عوض‏)‏‏.‏

خرج مسألة صرف الجنس بخلاف جنسه ‏(‏بمعيار شرعي‏)‏ وهو الكيل والوزن فليس الذرع والعد بربا مشروط‏)‏ ذلك الفضل ‏(‏لأحد المتعاقدين‏)‏ أي بائع أو مشتر فلو شرط لغيرهما فليس بربا بل بيعا فاسدا ‏(‏في المعاوضة‏)‏ فليس الفضل في الهبة بربا فلو شرى عشرة دراهم فضة بعشرة دراهم وزاد دانقا إن وهبه منه انعدم الربا ولم يفسد الشراء وهذا إن ضرها الكسر لأنها هبة مشاع لا يقسم كما في المنح عن الذخيرة عن محمد‏.‏ وفي صرف المجمع أن صحة الزيادة والحط قول الإمام وأن محمدا أجاز الحط وجعله هبة مبتدأة كحط كل الثمن وأبطل الزيادة قال ابن ملك والفرق بينهما خفي عندي قال وفي الخلاصة لو باع درهما بدرهم وأحدهما أكثر وزنا فحلله زيادته جاز لأنه هبة مشاع لا يقسم ولو باع قطعة لحم بلحم أكثر وزنا فوهبه الفضل لم يجز لأنه هبة مشاع يقسم قلت‏:‏ وما قدمنا عن الذخيرة عن محمد صريح في عدم الفرق بينهما وعليه فالكل من الزيادة والحط والعقد صحيح عند محمد وكذا عند الإمام سوى العقد فيفسد لعدم التساوي فليحفظ فإني لم أر من نبه على هذا‏.‏

‏(‏وعلته‏)‏ أي علة تحريم الزيادة ‏(‏القدر‏)‏ المعهود بكيل أو وزن ‏(‏مع الجنس فإن وجدا حرم الفضل‏)‏ أي الزيادة ‏(‏والنساء‏)‏ بالمد التأخير فلم يجز بيع قفيز بر بقفيز منه متساويا وأحدهما نساء ‏(‏وإن عدما‏)‏ بكسر الدال من باب علم ابن مالك ‏(‏حلا‏)‏ كهروي بمرويين لعدم العلة فبقي على أصل الإباحة ‏(‏وإن وجد أحدهما‏)‏ أي القدر وحده أو الجنس ‏(‏حل الفضل وحرم النساء‏)‏ ولو مع التساوي، حتى لو باع عبدا بعبد إلى أجل لم يجز لوجود الجنسية واستثنى في المجمع والدرر إسلام منقود في موزون كي لا ينسد أكثر أبواب السلم، ونقل ابن الكمال عن الغاية جواز إسلام الحنطة في الزيت‏.‏ قلت‏:‏ ومفاده أن القدر بانفراده لا يحرم النساء بخلاف الجنس فليحرر وقد مر في السلم أن حرمة النساء تتحقق بالجنس وبالقدر المتفق قنية‏.‏

ثم فرع على الأصل الأول بقوله فحرم بيع كيلي ووزني بجنسه متفاضلا ولو غير مطعوم‏)‏ خلافا للشافعي ‏(‏كجص‏)‏ كيلي ‏(‏وحديد‏)‏ وزني ثم اختلاف الجنس يعرف باختلاف الاسم الخاص واختلاف المقصود كما بسطه الكمال ‏(‏وحل‏)‏ بيع ذلك ‏(‏متماثلا‏)‏ لا متفاضلا ‏(‏وبلا معيار شرعي‏)‏ فإن الشرع لم يقدر المعيار بالذرة وبما دون نصف صاع ‏(‏كحفنة بحفنتين‏)‏ وثلاث وخمس ما لم يبلغ نصف صاع ‏(‏وتفاحة بتفاحتين وفلس بفلسين‏)‏ أو أكثر ‏(‏بأعيانهما‏)‏ لو أخره لكان أولى لما في النهر أنه قيد في الكل، فلو كانا غير معينين أو أحدهما لم يجز اتفاقا ‏(‏وتمرة بتمرتين‏)‏ وبيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين وسيف بسيفين ودواة بدواتين وإناء بأثقل منه ما لم يكن من أحد النقدين فيمتنع التفاضل، فتح، وإبرة بإبرتين ‏(‏وذرة من ذهب وفضة مما لا يدخل تحت الوزن بمثليها‏)‏ فجاز الفضل لفقد القدر، وحرم النساء لوجود الجنس حتى لو انتفى كحفنة بن بحفنتي شعير فيحل مطلقا لعدم العلة وحرم الكل محمد وصحح كما نقله الكمال‏.‏

‏(‏وما نص‏)‏ الشارع ‏(‏على كونه كيليا‏)‏ كبر وشعير وتمر وملح ‏(‏أو وزنيا‏)‏ كذهب وفضة ‏(‏فهو كذلك‏)‏ لا يتغير ‏(‏أبدا فلم يصح بيع حنطة بحنطة وزنا كما لو باع ذهبا بذهب أو فضة بفضة كيلا‏)‏ ولو ‏(‏مع التساوي‏)‏ لأن النص أقوى من العرف فلا يترك الأقوى بالأدنى ‏(‏وما لم ينص عليه حمل على العرف‏)‏ وعن الثاني اعتبار العرف مطلقا ورجحه الكمال‏.‏

وخرج عليه سعدي أفندي استقراض الدراهم عددا وبيع الدقيق وزنا في زماننا يعني بمثله وفي الكافي الفتوى على عادة الناس بحر وأقره المصنف ‏(‏والمعتبر تعيين الربوي في غير الصرف‏)‏ ومصوغ ذهب وفضة ‏(‏بلا شرط تقابض‏)‏ حتى لو باع برا ببر بعينها وتفرقا قبل القبض جاز خلافا للشافعي في بيع الطعام ولو أحدهما دينا فإن هو الثمن وقبضه قبل التفرق جاز وإلا لا كبيعه ما ليس عنده سراج‏.‏

‏(‏وجيد مال الربا‏)‏ لا حقوق العبد ‏(‏ورديئه سواء‏)‏ إلا في أربع مال وقف ويتيم ومريض وفي القلب الرهن إذا انكسر أشباه ‏(‏باع فلوسا بمثلها أو بدراهم أو بدنانير فإن نقد أحدهما جاز‏)‏ وإن تفرقا بلا قبض أحدهما لم يجز لما مر ‏(‏كما جاز بيع لحم بحيوان ولو من جنسه‏)‏ لأنه بيع الموزون بما ليس بموزون فيجوز كيفما كان بشرط التعيين أما نسيئة فلا وشرط محمد زيادة المجانس ولو باع مذبوحة بحية أو بمذبوحة جاز اتفاقا وكذا المسلوختين إن تساويا وزنا ابن مالك وأراد بالمسلوخة المفصولة عن السقط ككرش وأمعاء بحر‏.‏

‏(‏و‏)‏ كما جاز بيع ‏(‏كرباس بقطن وغزل مطلقا‏)‏ كيفما كان لاختلافهما جنسا ‏(‏كبيع قطن بغزل‏)‏ القطن ‏(‏في‏)‏ قول محمد وهو ‏(‏الأصح‏)‏ حاوي‏.‏ وفي القنية لا بأس بغزل قطن بثياب قطن يدا بيد لأنهما ليسا بموزونين ولا جنسين ‏(‏وكذلك غزل كل جنس بثيابه إذا لم توزن و‏)‏ كبيع ‏(‏رطب برطب أو بتمر متماثلا‏)‏ كيلا لا وزنا خلافا للعيني في الحال لا المآل خلافا لهم فلو باع مجازفة أو موازنة لم يجز اتفاقا ابن مالك ‏(‏وعنب‏)‏ بعنب ‏(‏أو بزبيب‏)‏ متماثلا ‏(‏كذلك‏)‏ وكذا كل ثمرة تجف كتين ورمان يباع رطبها برطبها وبيابسها كبيع بر رطبا أو مبلولا بمثله وباليابس وكذا بيع تمر أو زبيب منقوع بمثله أو باليابس منهما خلافا لمحمد زيلعي وفي العناية كل تفاوت خلقي كالرطب والتمر والجيد والرديء فهو ساقط الاعتبار وكل تفاوت بصنع العباد كالحنطة بالدقيق والحنطة المقلية بغيرها يفسد كما سيجيء‏.‏

‏(‏و‏)‏ كبيع ‏(‏لحوم مختلفة بعضها ببعض متفاضلا‏)‏ يدا بيد ‏(‏ولبن بقر وغنم وخل دقل‏)‏ بفتحتين رديء التمر وخصه باعتبار العادة ‏(‏بخل عنب وشحم بطن بألية‏)‏ بالفتح ما يسميه العوام لية ‏(‏أو لحم وخبز‏)‏ ولو من بر ‏(‏ببر أو دقيق‏)‏ ولو منه وزيت مطبوخ بغير المطبوخ ودهن مربى بالبنفسج بغير المربى منه ‏(‏متفاضلا‏)‏ أو وزنا كيف كان لاختلاف أجناسها فلو اتحد لم يجز متفاضلا إلا في لحم الطير لأنه لا يوزن عادة حتى لو وزن لم يجز زيلعي وفي الفتح لحم الدجاج والإوز وزني في عامة مصر وفي النهر لعلة في زمنه أما في زماننا فلا والحاصل أن الاختلاف باختلاف الأصل أو المقصود أو بتبدل الصفة فليحفظ، وجاز الأخير لو الخبز نسيئة به يفتى درر إذا أتى بشرائط السلم لحاجة الناس، والأحوط المنع إذ قلما يقبض من جنس ما سمى وفي القهستاني معزيا للخزانة الأحسن أن يبيع خاتما مثلا من الخباز بقدر ما يزيد من الخبز ويجعل الخبز الموصوف بصفة معلومة ثمنا حتى يصير دينا في ذمة الخباز ويسلم الخاتم ثم يشتري الخاتم بالبر وفيه معزيا للمضمرات يجوز السلم في الخبز وزنا وكذا عددا وعليه الفتوى وسيجيء جواز استقراضه أيضا‏.‏

‏(‏و‏)‏ جاز بيع ‏(‏اللبن بالجبن‏)‏ لاختلاف المقاصد والاسم حاوي ‏(‏لا‏)‏ يجوز ‏(‏بيع البر بدقيق أو سويق‏)‏ هو المجروش ولا بيع دقيق بسويق ‏(‏مطلقا‏)‏ ولو متساويا لعدم المسوى فيحرم لشبهة الربا خلافا لهما وأما بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيلا إذا كانا مكبوسين فجائز اتفاقا ابن مالك كبيع سويق بسويق وحنطة مقلية بمقلية وأما المقلية بغيرها ففاسد كما مر ‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏الزيتون بزيت والسمسم بخل‏)‏ بمهملة الشيرج ‏(‏حتى يكون الزيت والخل أكثر مما في الزيتون والسمسم‏)‏ ليكون قدره بمثله والزائد بالثفل، وكذا كل ما لثفله قيمة كجوز بدهنه ولبن بسمنه وعنب بعصيره فإنه لا قيمة له كبيع تراب ذهب بذهب فسد بالزيادة لربا الفضل‏.‏

ويستقرض الخبز وزنا وعددا‏)‏ عند محمد وعليه الفتوى ابن مالك واستحسنه الكمال واختاره المصنف تيسيرا‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ باع رغيفا نقدا برغيفين نسيئة جاز وبعكسه لا وجاز بيع كسيراته كيف كان‏.‏

‏(‏ولا ربا بين سيد وعبده‏)‏ ولو مدبرا لا مكاتبا ‏(‏إذا لم يكن دينه مستغرقا لرقبته وكسبه‏)‏ فلو مستغرقا يتحقق الربا اتفاقا ابن مالك وغيره لكن في البحر عن المعراج التحقيق الإطلاق وإنما يرد الزائد لا للربا بل لتعلق حق الغرماء ‏(‏ولا‏)‏ ربا ‏(‏بين متفاوضين وشريكي عنان إذا تبايعا من مالها‏)‏ أي مال الشركة زيلعي ولا بين حربي ومسلم‏)‏ مستأمن ولو بعقد فاسد أو قمار ‏(‏ثمة‏)‏ لأن ماله ثمة مباح فيحل برضاه مطلقا بلا غدر خلافا للثاني والثلاثة‏.‏

‏(‏و‏)‏ حكم ‏(‏من أسلم في دار الحرب ولم يهاجر كحربي‏)‏ فللمسلم الربا معه خلافا لهما لأن ماله غير معصوم فلو هاجر إلينا ثم عاد إليهم فلا ربا جوهرة‏.‏ قلت‏:‏ ومنه يعلم حكم من أسلما ثمة ولم يهاجرا‏.‏ والحاصل أن الربا حرام إلا في هذه الست مسائل‏.‏

باب الحقوق في البيع

أخرها لتبعيتها ولتبعيته ترتيب الجامع الصغير ‏(‏اشترى بيتا فوقه آخر لا يدخل فيه العلو‏)‏ مثلث العين ‏(‏ولو قال بكل حق‏)‏ هو له أو بكل قليل وكثير ‏(‏ما لم ينص عليه‏)‏ لأن الشيء لا يستتبع مثله ‏(‏وكذا لا يدخل‏)‏ العلو ‏(‏بشراء منزل‏)‏ هو ما لا إصطبل فيه ‏(‏إلا بكل حق هو له أو بمرافقه‏)‏ أي حقوقه كطريق ونحوه وعند الثاني المرافق المنافع أشباه ‏(‏أو بكل قليل أو كثير هو فيه أو منه ويدخل‏)‏ العلو ‏(‏بشراء دار وإن لم يذكر شيئا‏)‏ ولو الأبنية بتراب أو بخيام أو قباب وهذا التفصيل عرف الكوفة وفي عرفنا يدخل العلو بلا ذكر في الصور كلها فتح وكافي سواء كان المبيع بيتا فوقه علو أو غيره إلا دار الملك فتسمى سراي نهر ‏(‏ك‏)‏ ما يدخل في شراء الدار ‏(‏الكنيف وبئر الماء والأشجار التي في صحنها و‏)‏ كذا ‏(‏البستان الداخل‏)‏ وإن لم يصرح بذلك ‏(‏لا‏)‏ البستان ‏(‏الخارج إلا إذا كان أصغر منها‏)‏ فيدخل تبعا ولو مثلها أو أكبر فلا إلا بالشرط زيلعي وعيني‏.‏

‏(‏والظلة لا تدخل في بيع الدار‏)‏ لبنائها على الطريق فأخذت حكمه ‏(‏إلا بكل حق ونحوه‏)‏ مما مر وقالا إن مفتحها في الدار تدخل كالعلو ‏(‏ويدخل الباب الأعظم في بيع بيت أو دار مع ذكر المرافق‏)‏ لأنه من مرافقها خانية ‏(‏لا‏)‏ يدخل ‏(‏الطريق والمسيل والشرب إلا بنحو كل حق‏)‏ ونحوه مما مر ‏(‏بخلاف الإجارة‏)‏ لدار وأرض فتدخل بلا ذكر لأنها تعقد للانتفاع لا غير ‏(‏والرهن والوقف‏)‏ خلاصة‏.‏

‏(‏ولو أقر بدار أو صالح عليها أو أوصى بها ولم يذكر حقوقها ومرافقها لا يدخل الطريق‏)‏ كالبيع ولا يدخل في القسمة وإن ذكر الحقوق والمرافق إلا برضا صريح نهر عن الفتح وفي الحواشي اليعقوبية ينبغي أن يكون الرهن كالبيع إذ لا يقصد به الانتفاع‏.‏ قلت‏:‏ هو جيد لولا مخالفته للمنقول كما مر، ولفظ الخلاصة ويدخل الطريق في الرهن والصدقة الموقوفة كالإجارة واعتمده المصنف تبعا للبحر‏.‏ نعم ينبغي أن تكون الهبة والنكاح والخلع والعتق على مال كالبيع والوجه فيها لا يخفى ا هـ‏.‏