فصل: باب اليمين في الطلاق والعتاق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


كتاب الأيمان

مناسبته عدم تأثير الهزل والإكراه، وقدم العتاق لمشاركته للطلاق في الإسقاط والسراية‏.‏ ‏(‏اليمين‏)‏ لغة القوة‏.‏ وشرعا ‏(‏عبارة عن عقد قوي به عزم الحالف على الفعل أو الترك‏)‏ فدخل التعليق فإنه يمين شرعا إلا في خمس مذكورة في الأشباه، فلو حلف لا يحلف حنث بطلاق وعتاق‏.‏ وشرطها الإسلام والتكليف وإمكان البر‏.‏ وحكمها البر أو الكفارة‏.‏ وركنها اللفظ المستعمل فيها

وهل يكره الحلف بغير الله تعالى‏؟‏ قيل نعم للنهي وعامتهم لا وبه أفتوا لا سيما في زماننا، وحملوا النهي على الحلف بغير الله لا على وجه الوثيقة كقولهم بأبيك ولعمرك ونحو ذلك عيني

‏(‏وهي‏)‏ أي اليمين بالله لعدم تصور الغموس واللغو في غيره تعالى فيقع بهما الطلاق ونحوه عيني فليحفظ‏.‏ ولا يرد نحو هو يهودي لأنه كناية عن اليمين بالله وإن لم يعقل وجه الكناية بدائع ‏(‏غموس‏)‏ تغمسه في الإثم ثم النار، وهي كبيرة مطلقا، لكن إثم الكبائر متفاوت نهر ‏(‏إن حلف على كاذب عمدا‏)‏ ولو غير فعل أو ترك كوالله إنه حجز الآن في ماض ‏(‏كوالله ما فعلت‏)‏ كذا ‏(‏عالما بفعله أو‏)‏ حال ‏(‏كوالله ما له علي ألف عالما بخلافه والله إنه بكر عالما بأنه غيره‏)‏ وتقييدهم بالفعل والماضي اتفاقي أو أكثري ‏(‏ويأثم بها‏)‏ فتلزمه التوبة‏.‏

‏(‏و‏)‏ ثانيها ‏(‏لغو‏)‏ لا مؤاخذة فيها إلا في ثلاث طلاق وعتاق ونذر أشباه، فيقع الطلاق على غالب الظن إذا تبين خلافه، وقد اشتهر عن الشافعية خلافه ‏(‏إن حلف كاذبا يظنه صادقا‏)‏ في ماض أو حال فالفارق بين الغموس واللغو تعمد الكذب، وأما في المستقبل فالمنعقدة‏.‏ وخصه الشافعي بما جرى على اللسان بلا قصد، مثل لا والله وبلى والله ولو لآت، فلذا قال ‏(‏ويرجى عفوه‏)‏ أو تواضعا وتأدبا، وكاللغو حلفه على ماض صادقا كوالله إني لقائم الآن في حال قيامه

‏(‏و‏)‏ ثالثها ‏(‏منعقدة وهي حلفه على‏)‏ مستقبل ‏(‏آت‏)‏ يمكنه، فنحو‏:‏ والله لا أموت ولا تطلع الشمس من الغموس ‏(‏و‏)‏ هذا القسم ‏(‏فيه الكفارة‏)‏ لآية -‏:‏ ‏{‏واحفظوا أيمانكم‏}‏ - ولا يتصور حفظ إلا في مستقبل ‏(‏فقط‏)‏ وعند الشافعي يكفر في الغموس أيضا ‏(‏إن حنث، وهي‏)‏ أي الكفارة ‏(‏ترفع الإثم وإن لم توجد‏)‏ منه ‏(‏التوبة‏)‏ عنها ‏(‏معها‏)‏ أي مع الكفارة سراجية ‏(‏ولو‏)‏ الحالف ‏(‏مكرها‏)‏ أو مخطئا أو ذاهلا أو ساهيا ‏(‏أو ناسيا‏)‏ بأن حلف أن لا يحلف ثم نسي وحلف، فيكفر مرتين‏:‏ مرة لحنثه وأخرى إذا فعل المحلوف عليه عيني لحديث‏:‏ «ثلاث هزلهن جد» منها اليمين ‏(‏في اليمين أو الحنث‏)‏ فيحنث بفعل المحلوف عليه مكرها خلافا للشافعي ‏(‏وكذا‏)‏ يحنث ‏(‏لو فعله وهو مغمى عليه أو مجنون‏)‏ فيكفر بالحنث كيف كان‏.‏

‏(‏والقسم بالله تعالى‏)‏ ولو برفع الهاء أو نصبها أو حذفها كما يستعمله الأتراك، وكذا واسم الله كحلف النصارى وكذا باسم الله لأفعل كذا عند محمد ورجحه في البحر، بخلاف بله بكسر اللام إلا إذا كسر الهاء وقصد اليمين ‏(‏وباسم من أسمائه‏)‏ ولو مشتركا تعورف الحلف به أو لا على المذهب ‏(‏كالرحمن والرحيم‏)‏ والحليم والعليم ومالك يوم الدين والطالب الغالب ‏(‏والحق‏)‏ معرفا لا منكرا كما سيجيء‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ لو نوى بغير الله غير اليمين دين ‏(‏أو بصفة‏)‏ يحلف بها عرفا ‏(‏من صفاته تعالى‏)‏ صفة ذات لا يوصف بضدها ‏(‏كعزة الله وجلاله وكبريائه‏)‏ وملكوته وجبروته ‏(‏وعظمته وقدرته‏)‏ أو صفة فعل يوصف بها وبضدها كالغضب والرضا، فإن الأيمان مبنية على العرف، فما تعورف الحلف به فيمين وما لا فلا‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يقسم ‏(‏بغير الله تعالى كالنبي والقرآن والكعبة‏)‏ قال الكمال‏:‏ ولا يخفى أن الحلف بالقرآن الآن متعارف فيكون يمينا‏.‏ وأما الحلف بكلام الله فيدور مع العرف‏.‏ وقال العيني‏:‏ وعندي أن المصحف يمين لا سيما في زماننا‏.‏ وعند الثلاثة المصحف والقرآن وكلام الله يمين‏.‏ زاد أحمد والنبي أيضا، ولو تبرأ من أحدها فيمين إجماعا إلا من المصحف إلا أن يتبرأ مما فيه، بل لو تبرأ من دفتر فيه بسملة كان يمينا، ولو تبرأ من كل آية فيه أو من الكتب الأربعة فيمين واحدة؛ ولو كرر البراءة فأيمان بعددها، وبريء من الله وبريء من رسوله يمينان؛ ولو زاد‏:‏ والله ورسوله بريئان منه فأربع، وبريء من الله ألف مرة يمين واحدة، وبريء من الإسلام أو القبلة أو صوم رمضان أو الصلاة أو من المؤمنين أو أعبد الصليب يمين، لأنه كفر وتعليق الكفر بالشرط يمين وسيجيء أنه إن اعتقد الكفر به يكفر وإلا يكفر‏.‏ وفي البحر عن الخلاصة والتجريد‏:‏ وتتعدد الكفارة لتعدد اليمين، والمجلس والمجالس سواء؛ ولو قال‏:‏ عنيت بالثاني الأول ففي حلفه بالله لا يقبل، وبحجة أو عمرة يقبل‏.‏ وفيه معزيا للأصل‏:‏ هو يهودي هو نصراني يمينان، وكذا والله والله أو والله والرحمن في الأصح‏.‏ واتفقوا أن والله والرحمن يمينان، وبلا عطف واحدة‏.‏ وفيه معزيا للفتح‏.‏ قال الرازي‏:‏ أخاف على من قال بحياتي وحياتك وحياة رأسك أنه يكفر وإن اعتقد وجوب البر فيه يكفر، ولولا أن العامة يقولونه ولا يعلمونه لقلت إنه مشرك‏.‏ وعن ابن مسعود رضي الله عنه‏:‏ لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ يقسم ‏(‏بصفة لم يتعارف الحلف بها من صفاته تعالى كرحمته وعلمه ورضائه وغضبه وسخطه وعذابه‏)‏ ولعنته وشريعته ودينه وحدوده وصفته وسبحان الله ونحو ذلك لعدم العرف‏.‏

‏(‏و‏)‏ القسم أيضا ‏(‏بقوله لعمر الله‏)‏ أي بقاؤه ‏(‏وايم الله‏)‏ أي يمين الله ‏(‏وعهد الله‏)‏ ووجه الله وسلطان الله إن نوى به قدرته ‏(‏وميثاقه‏)‏ وذمته‏.‏

‏(‏و‏)‏ القسم أيضا بقوله ‏(‏أقسم أو أحلف أو أعزم أو أشهد‏)‏ بلفظ المضارع، وكذا الماضي بالأولى كأقسمت وحلفت وعزمت وآليت وشهدت ‏(‏وإن لم يقل بالله‏)‏ إذا علقه بشرط ‏(‏وعلي نذر‏)‏ فإن نوى بلفظ النذر قربة لزمته وإلا لزمته الكفارة، وسيتضح ‏(‏و‏)‏ علي ‏(‏يمين أو عهد وإن لم يضف‏)‏ إلى الله تعالى إذا علقه بشرط مجتبى

‏(‏و‏)‏ القسم أيضا بقوله ‏(‏إن فعل كذا فهو‏)‏ يهودي أو نصراني أو فاشهدوا علي بالنصرانية أو شريك للكفار أو ‏(‏كافر‏)‏ فيكفر بحنثه لو في المستقبل، أما الماضي عالما بخلافه فغموس‏.‏ واختلف في كفره ‏(‏و‏)‏ الأصح أن الحالف ‏(‏لم يكفر‏)‏ سواء ‏(‏علقه بماض أو آت‏)‏ إن كان عنده في اعتقاده أنه ‏(‏يمين وإن كان‏)‏ جاهلا‏.‏ و ‏(‏عنده أنه يكفر في الحلف‏)‏ بالغموس وبمباشرة الشرط في المستقبل ‏(‏يكفر فيهما‏)‏ لرضاه بالكفر، بخلاف الكافر فلا يصير مسلما بالتعليق لأنه ترك كما بسطه المصنف في فتاويه وهل يكفر بقوله الله يعلم أو يعلم الله أنه فعل كذا أو لم يفعل كذا كاذبا‏؟‏ قال الزاهدي‏:‏ الأكثر نعم‏.‏ وقال الشمني‏:‏ الأصح لا لأنه قصد ترويج الكذب دون الكفر؛ وكذا لو وطئ المصحف قائلا ذلك لأنه لترويج كذبه لا إهانة المصحف مجتبى‏.‏ وفيه‏:‏ أشهد الله لا أفعل يستغفر الله ولا كفارة، وكذا أشهدك وأشهد ملائكتك لعدم العرف‏.‏ وفي الذخيرة‏:‏ إن فعلت كذا فلا إله في السماء يكون يمينا ولا يكفر وفي فأنا بريء من الشفاعة ليس بيمين لأن منكرها مبتدع لا كافر، وكذا فصلاتي وصيامي لهذا الكافر‏:‏ وأما فصومي لليهود فيمين إن أراد به القربة لا إن أراد به الثواب

‏(‏وقوله‏)‏ مبتدأ خبره قوله الآتي لا ‏(‏وحقا‏)‏ إلا إذا أراد به اسم الله تعالى ‏(‏وحق الله‏)‏ واختار في الاختيار أنه يمين للعرف، ولو بالباء فيمين اتفاقا بحر ‏(‏وحرمته‏)‏ وبحرمة - شهد الله - وبحرمة - لا إله إلا الله - وبحق الرسول أو الإيمان أو الصلاة ‏(‏وعذابه وثوابه ورضاه ولعنة الله وأمانته‏)‏ لكن في الخانية أمانة الله يمين‏.‏ وفي النهر‏:‏ إن نوى العبادات فليس بيمين ‏(‏وإن فعله فعليه غضبه أو سخطه أو لعنة الله أو هو زان أو سارق أو شارب خمر أو آكل ربا لا‏)‏ يكون قسما لعدم التعارف، فلو تعورف هل يكون يمينا‏؟‏ ظاهر كلامهم نعم، وظاهر كلام الكمال لا، وتمامه في النهر‏.‏ وفي البحر‏:‏ ما يباح للضرورة لا يكفر مستحله كدم وخنزير ‏(‏إلا إذا أراد‏)‏ الحالف ‏(‏بقوله حقا اسم الله تعالى فيمين على المذهب‏)‏ كما صححه في الخانية‏.‏

‏(‏و‏)‏ من ‏(‏حروفه الواو والباء والتاء‏)‏ ولام القسم وحرف التنبيه وهمزة الاستفهام وقطع ألف الوصل والميم المكسورة والمضمومة كقوله لله وها الله وم الله‏.‏ ‏(‏وقد تضمر‏)‏ حروفه إيجازا فاختص اسم الله بالحركات الثلاث وغيره بغير الجر والتزم رفع ايمن ولعمر الله ‏(‏كقوله الله‏)‏ بنصبه بنزع الخافض، وجره الكوفيون مسكين ‏(‏لأفعلن كذا‏)‏ أفاد أن إضمار حرف التأكيد في المقسم عليه لا يجوز ثم صرح به بقوله ‏(‏الحلف‏)‏ بالعربية ‏(‏في الإثبات لا يكون إلا بحرف التأكيد وهو اللام والنون كقوله ووالله لأفعلن كذا‏)‏ والله لقد فعلت كذا مقرونا بكلمة التوكيد وفي النفي بحرف النفي، حتى لو قال والله أفعل كذا اليوم كانت يمينه على النفي وتكون لا مضمرة كأنه قال لا أفعل كذا لامتناع حذف حرف التوكيد في الإثبات لإضمار العرب في الكلام الكلمة لا بعض الكلمة من البحر عن المحيط‏.‏

‏(‏وكفارته‏)‏ هذه إضافة للشرط لأن السبب عندنا الحنث ‏(‏تحرير رقبة أو إطعام عشرة مساكين‏)‏ كما مر في الظهار ‏(‏أو كسوتهم بما‏)‏ يصلح للأوساط وينتفع به فوق ثلاثة أشهر، و ‏(‏يستر عامة البدن‏)‏ فلم يجز السراويل إلا باعتبار قيمة الإطعام‏.‏ ‏(‏ولو أدى الكل‏)‏ جملة أو مرتبا ولم ينو إلا بعد تمامها للزوم النية لصحة التكفير ‏(‏وقع عنها واحد هو أعلاها قيمة، ولو ترك الكل عوقب بواحد هو أدناها قيمة‏)‏ لسقوط الفرض بالأدنى ‏(‏وإن عجز عنها‏)‏ كلها ‏(‏وقت الأداء‏)‏ عندنا، حتى لو وهب ماله وسلمه ثم صام ثم رجع بهبة أجزأه الصوم مجتبى‏.‏ قلت‏:‏ وهذا يستثنى من قولهم الرجوع في الهبة فسخ من الأصل ‏(‏صام ثلاثة أيام ولاء‏)‏ ويبطل بالحيض، بخلاف كفارة الفطر‏.‏ وجوز الشافعي التفريق، واعتبر العجز عند الحنث مسكين ‏(‏والشرط استمرار العجز إلى الفراغ من الصوم، فلو صام المعسر يومين ثم‏)‏ قبل فراغه ولو بساعة ‏(‏أيسر‏)‏ ولو بموت مورثه موسرا ‏(‏لا يجوز له الصوم‏)‏ ويستأنف بالمال خانية، ولو صام ناسيا للمال ولم يجز على الصحيح مجتبى‏.‏ ولو نسي كيف حلف بالله أو بطلاق أو بصوم لا شيء عليه إلا أن يتذكر خانية ‏(‏ولم يجز‏)‏ التكفير ولو بالمال خلافا للشافعي ‏(‏قبل حنث‏)‏ ولا يسترده من الفقير لوقوعه صدقة‏.‏

‏(‏ومصرفها مصرف الزكاة‏)‏ فما لا فلا، قيل إلا الذمي خلافا للثاني، وبقوله يفتى كما مر في بابها

‏(‏ولا كفارة بيمين كافر وإن حنث مسلما‏)‏ بآية -‏:‏ ‏{‏إنهم لا أيمان لهم‏}‏ - وأما -‏:‏ ‏{‏وإن نكثوا أيمانهم‏}‏ - فيعني الصوري كتحليف الحاكم ‏(‏وهو‏)‏ أي الكفر ‏(‏يبطلها‏)‏ إذا عرض بعدها‏.‏ ‏(‏فلو حلف مسلما ثم ارتد‏)‏ والعياذ بالله تعالى ‏(‏ثم أسلم ثم حنث فلا كفارة‏)‏ أصلا، لما تقرر أن الأوصاف الراجعة للمحل يستوي فيها الابتداء والبقاء كالمحرمية في النكاح، وكذا لو نذر الكافر بما هو قربة لا يلزمه شيء

‏(‏ومن حلف على معصية كعدم الكلام مع أبويه أو قتل فلان‏)‏ وإنما قال ‏(‏اليوم‏)‏ لأن وجوب الحنث لا يتأتى إلا في اليمين المؤقتة‏.‏ أما المطلقة فحنثه في آخر حياته، فيوصى بالكفارة بموت الحالف ويكفر عن يمينه بهلاك المحلوف عليه غاية ‏(‏وجب الحنث والتكفير‏)‏ لأنه أهون الأمرين‏.‏ وحاصله أن المحلوف عليه إما فعل أو ترك، وكل منهما إما معصية وهي مسألة المتن، أو واجب كحلفه ليصلين الظهر اليوم وبره فرض، أو هو أولى من غيره أو غيره أولى منه كحلفه على ترك وطء زوجته شهرا ونحوه وحنثه أولى، أو مستويان كحلفه لا يأكل هذا الخبز مثلا وبره أولى، وآية -‏:‏ ‏{‏واحفظوا أيمانكم‏}‏ - تفيد وجوبه فتح فهي عشرة‏.‏

‏(‏ومن حرم‏)‏ أي على نفسه لأنه لو قال إن أكلت هذا الطعام فهو علي حرام فأكله لا كفارة خلاصة، واستشكله المصنف ‏(‏شيئا‏)‏ ولو حراما أو ملك غيره كقوله الخمر أو مال فلان علي حرام فيمين ما لم يرد الإخبار خانية ‏(‏ثم فعله‏)‏ بأكل أو نفقة، ولو تصدق أو وهب لم يحنث بحكم العرف زيلعي ‏(‏كفر‏)‏ ليمينه، لما تقرر أن تحريم الحلال يمين، ومنه قولها لزوجها أنت علي حرام أو حرمتك على نفسي، فلو طاوعته في الجماع أو أكرهها كفرت مجتبى‏.‏ وفيه قال‏:‏ لقوم كلامكم علي حرام أو كلام الفقراء أو أهل بغداد أو أكل هذا الرغيف علي حرام حنث بالبعض، وفي والله لا أكلمكم أو لا آكله لم يحنث إلا بالكل‏.‏ زاد في الأشباه إلا إذا لم يمكن أكله في مجلس واحد أو حلف لا يكلم فلانا وفلانا ونوى أحدهما أو لا يكلم إخوة فلان وله أخ واحد وتمامه فيها‏.‏ قلت‏:‏ وبه علم جواب حادثة حلف بالطلاق على أن أولاد زوجته لا يطلعون بيته فطلع واحد منهم لم يحنث‏.‏

‏(‏كل حل‏)‏ أو حلال الله أو حلال المسلمين ‏(‏علي حرام‏)‏ زاد الكمال‏:‏ أو الحرام يلزمني ونحوه ‏(‏فهو على الطعام والشراب، و‏)‏ لكن ‏(‏الفتوى‏)‏ في زماننا ‏(‏على أنه تبين امرأته‏)‏ بطلقة، ولو له أكثر بن جميعا بلا نية، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وإن قال لم أنو طلاقا لم يصدق قضاء لغلبة الاستعمال ولذا لا يحلف به إلا الرجال ظهيرية ‏(‏وإن لم تكن له امرأة‏)‏ وقت اليمين سواء نكح بعده أو لا ‏(‏فيمين‏)‏ فيكفر بأكله أو شربه لو يمينه على آت، ولو بالله على ماض فغموس أو لغو، ولو له امرأة وقتها فبانت بلا عدة فأكل فلا كفارة لانصرافها للطلاق وقد مر في الإيلاء‏.‏

‏(‏ومن نذر نذرا مطلقا أو معلقا بشرط وكان من جنسه واجب‏)‏ أي فرض كما سيصرح به تبعا للبحر والدرر ‏(‏وهو عبادة مقصودة‏)‏ خرج الوضوء وتكفين الميت ‏(‏ووجد الشرط‏)‏ المعلق به ‏(‏لزم الناذر‏)‏ لحديث‏:‏ «من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى» ‏(‏كصوم وصلاة وصدقة‏)‏ ووقف ‏(‏واعتكاف‏)‏ وإعتاق رقبة وحج ولو ماشيا فإنها عبادات مقصودة، ومن جنسها واجب لوجوب العتق في الكفارة والمشي للحج على القادر من أهل مكة والقعدة الأخيرة في الصلاة، وهي لبث كالاعتكاف، ووقف مسجد للمسلمين واجب على الإمام من بيت المال وإلا فعلى المسلمين ‏(‏ولم يلزم‏)‏ الناذر ‏(‏ما ليس من جنسه فرض كعيادة مريض وتشييع جنازة ودخول مسجد‏)‏ ولو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أو الأقصى لأنه ليس من جنسها فرض مقصود وهذا هو الضابط كما في الدرر‏.‏ وفي البحر شرائطه خمس فزاد‏:‏ أن لا يكون معصية لذاته فصح نذر صوم يوم النحر لأنه لغيره وأن لا يكون واجبا عليه قبل النذر فلو نذر حجة الإسلام لم يلزمه شيء غيرها وأن لا يكون ما التزمه أكثر مما يملكه أو ملكا لغيره، فلو نذر التصدق بألف ولا يملك إلا مائة لزمه المائة فقط خلاصة انتهى‏.‏ قلت‏:‏ ويزاد ما في زواهر الجواهر وأن لا يكون مستحيل الكون فلو نذر صوم أمس أو اعتكافه لم يصح نذره وفي القنية نذر التصدق على الأغنياء لم يصح ما لم ينو أبناء السبيل، ولو نذر التسبيحات دبر الصلاة لم يلزمه، ولو نذر أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كل يوم كذا لزمه وقيل لا ‏(‏ثم إن‏)‏ المعلق فيه تفصيل فإن ‏(‏علقه بشرط يريده كأن قدم غائبي‏)‏ أو شفي مريضي ‏(‏يوفي‏)‏ وجوبا ‏(‏إن وجد‏)‏ الشرط ‏(‏و‏)‏ إن علقه ‏(‏بما لم يرده كإن زنيت بفلانة‏)‏ مثلا فحنث ‏(‏وفى‏)‏ بنذره ‏(‏أو كفر‏)‏ ليمينه ‏(‏على المذهب‏)‏ لأنه نذر بظاهره يمين بمعناه فيخير ضرورة‏.‏

‏(‏نذر‏)‏ مكلف ‏(‏بعتق رقبة في ملكه وفى به وإلا‏)‏ يف ‏(‏أثم‏)‏ بالترك ‏(‏ولا يدخل تحت الحكم‏)‏ فلا يجبره القاضي‏.‏

‏(‏نذر أن يذبح ولده فعليه شاة‏)‏ لقصة الخليل عليه الصلاة والسلام وألغاه الثاني والشافعي كنذره بقتله ‏(‏ولغا لو كان يذبح نفسه أو‏)‏ عبده وأوجب محمد الشاة، ولو ‏(‏بذبح أبيه أو جده أو أمه‏)‏ لغا إجماعا لأنهم ليسوا كسبه‏.‏

‏(‏ولو قال إن برئت من مرضي هذا ذبحت شاة أو علي شاة أذبحها فبرئ لا يلزمه شيء‏)‏ لأن الذبح ليس من جنسه فرض بل واجب كالأضحية ‏(‏فلا يصح‏)‏ ‏(‏إلا إذا زاد وأتصدق بلحمها فيلزمه‏)‏ لأن الصدقة من جنسها فرض وهي الزكاة فتح وبحر ففي متن الدرر تناقض منح‏.‏

‏(‏ولو قال لله علي أن أذبح جزورا وأتصدق بلحمه فذبح مكانه سبع شياه جاز‏)‏ كذا في مجموع النوازل ووجهه لا يخفى‏.‏ وفي القنية إن ذهبت هذه العلة فعلى كذا فذهبت ثم عادت لا يلزمه شيء‏.‏

‏(‏نذر لفقراء مكة جاز الصرف لفقراء غيرها‏)‏ لما تقرر في كتاب الصوم أن النذر غير المعلق لا يختص بشيء

‏(‏نذر أن يتصدق بعشرة دراهم من الخبز فتصدق بغيره جاز إن ساوى العشرة‏)‏ كتصدقه بثمنه‏.‏

‏(‏نذر صوم شهر معين لزمه متتابعا لكن إن أفطر‏)‏ فيه ‏(‏يوما قضاه‏)‏ وحده وإن قال متتابعا ‏(‏بلا لزوم استقبال‏)‏ لأنه معين ولو نذر صوم الأبد فأكل لعذر فدى‏.‏

‏(‏نذر أن يتصدق بألف من ماله وهو يملك دونها لزمه‏)‏ ما يملك منها ‏(‏فقط‏)‏ هو المختار لأنه فيما لم يملك لم يوجد النذر في الملك ولا مضافا إلى سببه فلم يصح كما لو ‏(‏قال ما لي في المساكين صدقة ولا مال له لم يصح‏)‏ اتفاقا

‏(‏نذر التصدق بهذه المائة يوم كذا على زيد فتصدق بمائة أخرى قبله‏)‏ أي قبل ذلك اليوم ‏(‏على فقير آخر جاز‏)‏ لما تقرر فيما مر

‏(‏قال علي نذر ولم يزد عليه ولا نية له فعليه كفارة يمين‏)‏ ولو نوى صياما بلا عدد لزمه ثلاثة أيام ولو صدقة فإطعام عشرة مساكين كالفطرة ولو نذر ثلاثين حجة لزمه بقدر عمره‏.‏

‏(‏وصل بحلفه إن شاء الله بطل‏)‏ يمينه ‏(‏وكذا يبطل به‏)‏ أي بالاستثناء المتصل ‏(‏كل ما تعلق بالقول عبادة أو معاملة‏)‏ لو بصيغة الإخبار ولو بالأمر أو النهي كأعتقوا عبدي بعد موتي إن شاء الله، لم يصح وبع عبدي هذا إن شاء الله لم يصح الاستثناء ‏(‏بخلاف المتعلق بالقلب‏)‏ كالنية كما مر في الصوم‏.‏

باب اليمين في الدخول والخروج والسكنى والإتيان والركوب وغير ذلك

الأصل أن الأيمان مبنية عند الشافعي على الحقيقة اللغوية، وعند مالك على الاستعمال القرآني، وعند أحمد على النية، وعندنا على العرف ما لم ينو ما يحتمله اللفظ فلا حنث في لا يهدم إلا بالنية فتح‏.‏ ‏(‏الأيمان مبنية على الألفاظ لا على الأغراض فلو‏)‏ اغتاظ على غيره و ‏(‏حلف أن لا يشتري له شيئا بفلس فاشترى له بدرهم‏)‏ أو أكثر ‏(‏شيئا لم يحنث كمن حلف لا يخرج من الباب أو لا يضربه أسواطا أو ليغدينه اليوم بألف فخرج من السطح وضرب بعضها وغدى برغيف‏)‏‏.‏ اشتراه بألف أشباه ‏(‏لم يحنث‏)‏ لأن العبرة لعموم اللفظ إلا في مسائل حلف لا يشتريه بعشر حنث بأحد عشر بخلاف البيع أشباه‏.‏

‏(‏لا يحنث بدخول الكعبة والمسجد والبيعة‏)‏ للنصارى ‏(‏والكنيسة‏)‏ لليهود ‏(‏والدهليز والظلة‏)‏ التي على الباب إذا لم يصلحا للبيتوتة بحر ‏(‏في حلفه لا يدخل بيتا‏)‏ لأنها لم تعد للبيتوتة ‏(‏و‏)‏ لذا ‏(‏يحنث في الصفة‏)‏ والإيوان ‏(‏على المذهب‏)‏ لأنه يبات فيه صيفا وإن لم يكن مسقفا فتح‏.‏

‏(‏وفي لا يدخل دارا‏)‏ لم يحنث ‏(‏بدخولها خربة‏)‏ لا بناء بها أصلا ‏(‏وفي هذه الدار يحنث وإن‏)‏ صارت صحراء أو ‏(‏بنيت دارا أخرى بعد الانهدام‏)‏ لأن الدار اسم للعرصة والبناء وصف والصفة إنما تعتبر في المنكر لا المعين إلا إذا كانت شرطا أو داعية لليمين كحلفه على هذا الرطب فيتقيد بالوصف ‏(‏وإن جعلت‏)‏ بعد الانهدام بستانا أو مسجدا أو حماما أو بيتا أو غلب عليها الماء فصارت ‏(‏نهرا لا‏)‏ يحنث وإن بنيت بعد ذلك ‏(‏كهذا البيت‏)‏ وكذا بيت بالأولى ‏(‏فهدم أو بني‏)‏ بيتا ‏(‏آخر ولو بنقص‏)‏ الأول لزوال اسم البيت ‏(‏ولو هدم السقف دون الحيطان فدخله حنث في المعين‏)‏ لأنه كالصفة ‏(‏لا في المنكر‏)‏ لأن الصفة تعتبر فيه كما مر وعزاه في البحر إلى البدائع، لكن نظر فيه في النهر بأنه لا فرق حيث صلح للبيتوتة‏.‏ قيد بهذه الدار لأنه لو أشار ولم يسم بأن قال‏:‏ هذه حنث بدخولها على أي صفة كانت كهذا المسجد فخرب لبقائه مسجدا إلى يوم القيامة به يفتى، ولو زيد فيه حصة فدخلها لم يحنث ما لم يقل مسجد بني فلان فيحنث وكذلك الدار لأنه عقد يمينه على الإضافة، وذلك موجود في الزيادة بدائع بحر‏.‏

‏(‏ولو حلف لا يجلس إلى هذه الأسطوانة أو إلى هذا الحائط فهدما ثم بنيا‏)‏ ولو ‏(‏بنقضهما‏)‏ أو لا يركب هذه السفينة فنقضت، ثم أعيدت بخشبها ‏(‏لم يحنث كما لو حلف لا يكتب بهذا القلم فكسره ثم براه فكتب به‏)‏ لأن غير المبري لا يسمى قلما، بل أنبوبا فإذا كسره فقد زال الاسم ومتى زال بطلت اليمين ‏(‏والواقف على السطح داخل‏)‏ عند المتقدمين خلافا للمتأخرين، ووفق الكمال بحمل الحنث على سطح له ساتر وعدمه على مقابله‏:‏ وقال ابن الكمال‏:‏ إن الحالف من بلاد العجم لا يحنث قال مسكين وعليه الفتوى، وفي البحر وأفاد أنه لو ارتقى شجرة أو حائطا حنث وعلى قول المتأخرين لا والظاهر قول المتأخرين في الكل، لأنه لا يسمى داخلا عرفا كما لو حفر سردابا أو قناة لا ينتفع بها أهل الدار قال وعم إطلاقه المسجد فلو فوقه مسكن فدخله لم يحنث لأنه ليس بمسجد بدائع ولو قيد الدخول بالباب حنث بالحادث ولو نقبا إلا إذا عينه بالإشارة بدائع ‏(‏و‏)‏ الواقف بقدميه ‏(‏في طاق الباب‏)‏ أي عتبته التي بحيث ‏(‏لو أغلق الباب كان خارجا لا‏)‏ يحنث ‏(‏وإن كان بعكسه‏)‏ بحيث لو أغلق كان داخلا ‏(‏حنث‏)‏ في حلفه لا يدخل ‏(‏ولو كان المحلوف عليه الخروج انعكس الحكم‏)‏ لكن في المحيط‏:‏ حلف لا يخرج فرقى شجرة فصار بحال لو يسقط سقط في الطريق لم يحنث لأن الشجرة كبناء الدار ‏(‏وهذا‏)‏ الحكم المذكور ‏(‏إذا كان‏)‏ الحالف ‏(‏واقفا بقدميه في طاق الباب فلو وقف بإحدى رجليه على العتبة وأدخل الأخرى، فإن استوى الجانبان، أو كان الجانب الخارج أسفل لم يحنث وإن كان الجانب الداخل أسفل حنث‏)‏ زيلعي ‏(‏وقيل لا يحنث مطلقا هو الصحيح‏)‏ ظهيرية لأن الانفصال التام لا يكون إلا بالقدمين ‏(‏ودوام الركوب واللبس والسكنى لإنشاء‏)‏ فيحنث بمكث ساعة ‏(‏لا دوام الدخول والخروج والتزوج والتطهير‏)‏ والضابط أن ما يمتد فلدوامه حكم الابتداء وإلا فلا، وهذا لو اليمين حال الدوام‏.‏ أما قبله فلا؛ فلو قال‏:‏ كلما ركبت فأنت طالق أو فعلي درهم ثم ركب ودام لزمه طلقة ودرهم، ولو كان راكبا لزمه في كل ساعة يمكنه النزول طلقة ودرهم‏.‏ قلت‏:‏ في عرفنا لا يحنث إلا في ابتداء الفعل في الفصول كلها وإن لم ينو وإليه مال أستاذنا مجتبى‏.‏

‏(‏حلف لا يسكن هذه الدار أو البيت أو المحلة‏)‏ يعني الحارة ‏(‏فخرج وبقي متاعه وأهله‏)‏ حتى لو بقي وتد ‏(‏حنث‏)‏ واعتبر محمد نقل ما تقوم به السكنى، وهو أرفق وعليه الفتوى قاله العيني، ولو إلى سكة أو مسجد على الأوجه، قاله الكمال وأقره في النهر، وهذا لو يمينه بالعربية ولو بالفارسية بر بخروجه بنفسه كما لو كان سكناه تبعا وكما لو أبت المرأة النقلة وغلبته أو لم يمكنه الخروج ولو بدخول ليل أو غلق باب أو اشتغل بطلب دار أخرى أو دابة، وإن بقي أياما أو كان له أمتعة كثيرة فاشتغل بنقلها بنفسه، وإن أمكنه أن يستكري دابة لم يحنث‏.‏ ولو نوى التحول ببدنه دين‏.‏ وعند الشافعي يكفي خروجه بنية الانتقال ‏(‏بخلاف المصر‏)‏ والبلد ‏(‏والقرية‏)‏ فإنه يبر بنفسه فقط‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

حلف لا يساكن فلانا فساكنه في عرصة دار، أو هذا في حجرة، وهذا في حجرة حنث إلا أن تكون دارا كبيرة‏.‏ ولو تقاسماها بحائط بينهما إن عين الدار في يمينه حنث وإن نكرها لا‏.‏ ولو دخلها فلان غصبا إن أقام معه حنث علم أو لا، وإن انتقل فورا وكما لو نزل ضيفا، وكذا لو سافر الحالف فسكن فلان مع أهله به يفتى لأنه لم يساكنه حقيقة، ولو قيد المساكنة بشهر حنث بساعة لعدم امتدادها بخلاف الإقامة بحر‏.‏ وفي خزانة الفتاوى‏:‏ حلف لا يضربها فضربها من غير قصد لا يحنث

‏(‏وحنث في لا يخرج‏)‏ من المسجد ‏(‏إن حمل وأخرج‏)‏ مختارا ‏(‏بأمره وبدونه‏)‏ بأن حمل مكرها ‏(‏لا‏)‏ يحنث ‏(‏ولو راضيا بالخروج‏)‏ في الأصح ‏(‏ومثله لا يدخل أقساما وأحكاما وإذا لم يحنث‏)‏ بدخوله بلا أمره أو بزلق أو بعثر أو هبوب ريح أو جمح دابة على الصحيح ظهيرية ‏(‏لا تنحل يمينه‏)‏ لعدم فعله ‏(‏على المذهب‏)‏ الصحيح فتح وغيره، وفي البحر عن الظهيرية به يفتى لكنه خالف في فتاويه فأفتى بانحلالها أخذا بقول أبي شجاع لأنه أرفق لكنك علمت المعتمد‏.‏

‏(‏ولا يحنث في قوله لا يخرج إلا إلى جنازة إن خرج إليها‏)‏ قاصدا عند انفصاله من باب داره مشى معها أم لا لما في البدائع إن خرجت إلا إلى المسجد فأنت طالق فخرجت تريد المسجد ثم بدا لها فذهبت لغير المسجد لم تطلق ‏(‏ثم أتى أمرا آخر‏)‏ لأن الشرط في الخروج والذهاب والرواح والعيادة والزيارة النية عند الانفصال لا الوصول إلا في الإتيان‏.‏

فلو حلف ‏(‏لا يخرج أو لا يذهب‏)‏ أو لا يروح بحر بحثا ‏(‏إلى مكة فخرج يريدها ثم رجع عنها‏)‏ قصد غيرها أم لا نهر ‏(‏حنث إذا جاوز عمران مصره على قصدها‏)‏ إن بينه وبينها مدة سفر وإلا حنث بمجرد انفصاله فتح بحثا، وفيه حلف ليخرجن مع فلان العام إلى مكة فخرج معه حتى جاوز البيوت، وفي لا يخرج من بغداد فخرج مع جنازة والمقابر خارج بغداد حنث ‏(‏وفي لا يأتيها لا‏)‏ يحنث إلا بالوصول كما مر والفرق لا يخفى ‏(‏كما‏)‏ لا يحنث ‏(‏لو حلف أن لا تأتي امرأته عرس فلان فذهبت قبل العرس وكانت ثمة حتى مضى‏)‏ العرس لأنها ما أتت العرس بل العرس أتاها ذخيرة‏.‏

حلف ‏(‏ليأتينه‏)‏ فهو أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أم لا ‏(‏فلو لم يأته حتى مات‏)‏ أحدهما ‏(‏حنث في آخر حياته‏)‏ وكذا كل يمين مطلقة أما المؤقتة فيعتبر آخرها فإن مات قبل مضيه فلا حنث وقوله‏:‏ حنث يفيد أنه لو ارتد ولحق لا يحنث لبطلان يمينه بالله تعالى بمجرد الردة كما مر فتدبر‏.‏

حلف ‏(‏ليأتينه غدا إن استطاع فهي‏)‏ استطاعة الصحة لأنه المتعارف فتقع ‏(‏على رفع الموانع‏)‏ كمرض أو سلطان وكذا جنون أو نسيان بحر بحثا ‏(‏وإن نوى‏)‏ بها ‏(‏القدرة‏)‏ الحقيقية المقارنة للفعل ‏(‏صدق ديانة‏)‏ لا قضاء على الأوجه فتح لأنه خلاف الظاهر، وقد أظهر الزاهدي اعتزاله هنا في المجتبى أظهره في القنية في موضعين من ألفاظ التكفير‏.‏

‏(‏لا تخرجي‏)‏ بغير إذني أو ‏(‏إلا بإذني‏)‏ أو بأمري أو بعلمي أو برضاي ‏(‏شرط‏)‏ للبر ‏(‏لكل خروج إذن‏)‏ إلا لغرق أو حرق أو فرقة ولو نوى الإذن مرة دين وتنحل يمينه بخروجها مرة بلا إذن، ولو قال‏:‏ كلما خرجت فقد أذنت لك سقط إذنه، ولو نهاها بعد ذلك صح عند محمد وعليه الفتوى والولوالجية‏.‏ وفي الصيرفية‏:‏ حلف بالطلاق لا ينقل أهله لبلد كذا فرفع الأمر للحاكم فبعث رجلا بإذنه فنقل أهله لا يحنث ‏(‏بخلاف‏)‏ قوله ‏(‏إلا إن أو حتى‏)‏ آذن لك لأنه للغاية ولو نوى التعدد صدق‏.‏

‏(‏حلف لا يدخل دار فلان يراد به نسبة السكنى إليه‏)‏ عرفا ولو تبعا أو بإعارة باعتبار عموم المجاز ومعناه كون محل الحقيقة فردا من أفراد المجاز ‏(‏أو‏)‏ حلف ‏(‏لا يضع قدمه في دار فلان حنث بدخولها مطلقا‏)‏ ولو حافيا أو راكبا لما تقرر أن الحقيقة متى كانت متعذرة أو مهجورة صير إلى المجاز، حتى لو اضطجع ووضع قدميه لم يحنث

‏(‏وشرط للحنث في‏)‏ قوله ‏(‏إن خرجت مثلا‏)‏ فأنت طالق أو إن ضربت عبدك فعبدي حر ‏(‏لمريد الخروج‏)‏ والضرب ‏(‏فعله فورا‏)‏ لأن قصده المنع عن ذلك الفعل عرفا ومدار الأيمان عليه، وهذه تسمى يمين الفور تفرد أبو حنيفة رحمه الله بإظهارها ولم يخالفه أحد‏.‏

‏(‏و‏)‏ كذا ‏(‏في‏)‏ حلفه ‏(‏إن تغديت‏)‏ فكذا ‏(‏بعد قول الطالب‏)‏ تعال ‏(‏تغد معي‏)‏ شرط للحنث ‏(‏تغديه معه‏)‏ ذلك الطعام المدعو إليه ‏(‏وإن ضم‏)‏ إلى إن تغديت ‏(‏اليوم أو معك‏)‏ فعبدي حر ‏(‏حنث بمطلق التغدي‏)‏ لزيادته على الجواب فجعل مبتدئا وفي طلاق الأشباه إن للتراخي إلا بقرينة الفور ومنه طلب جماعها فأبت فقال‏:‏ إن لم تدخلي معي البيت فدخلت بعد سكون شهوته حنث‏.‏ وفي البحر عن المحيط طول التشاجر لا يقطع الفور، وكذا لو خافت فوت الصلاة فصلت أو اشتغلت بالوضوء لصلاة المكتوبة أو اشتغلت بالصلاة المكتوبة لأنه عذر شرعا وكذا عرفا‏.‏

‏(‏مركب العبد المأذون‏)‏ والمكاتب ‏(‏ليس لمولاه في حق اليمين إلا‏)‏ بشرطين ‏(‏إذا لم يكن دينه مستغرقا و‏)‏ قد ‏(‏نواه‏)‏ فحينئذ يحنث ‏(‏حلف لا يركب فاليمين على ما يركبه الناس‏)‏ عرفا من فرس وحمار ‏(‏فلو ركب ظهر إنسان‏)‏ أو بعيرا أو بقرة أو فيلا ‏(‏لا يحنث‏)‏ استحسانا إلا بالنية ظهيرية‏.‏ قلت‏:‏ وينبغي حنثه بالبعير في مصر والشام وبالفيل في الهند للتعارف قاله المصنف، ولو حمل على الدابة مكرها فلا حنث كحلفه لا يركب فرسا فركب برذونا أو بعكسه لأن الفرس اسم للعربي والبرذون اسم للعجمي، والخيل يعم هذا لو يمينه بالعربية، ولو بالفارسية حنث بكل حال، ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركبا حنث بكل مركب سفينة أو محملا أو دابة سوى الآدمي، وسيجيء ما لو حلف لا يركب حيوانا أو دابة‏.‏

باب اليمين في الأكل والشرب واللبس والكلام

‏(‏ثم الأكل إيصال ما يحتمل المضغ بفيه إلى الجوف‏)‏ كخبز وفاكهة ‏(‏مضغ أو لا‏)‏ أي وإن ابتلعه بغير مضغ ‏(‏والشرب إيصال ما لا يحتمل الأكل من المائعات إلى الجوف‏)‏ كماء وعسل، ففي حلف لا يأكل بيضة حنث ببلعها وفي لا يأكل عنبا مثلا لا يحنث بمصه لأن المص نوع ثالث، ولو عصره وأكل قشره حنث بدائع لكن في تهذيب القلانسي حلف لا يأكل سكرا لا يحنث بمصه وفي عرفنا يحنث، وأما الذوق فعمل الفم لمجرد معرفة الطعم وصل إلى الجوف أم لا فكل أكل وشرب ذوق ولا عكس، ولو تمضمض للصلاة لا يحنث ولو عنى بالذوق الأكل لم يصدق إلا لدليل‏.‏

‏(‏حلف لا يأكل من هذه النخلة‏)‏ أو الكرمة ‏(‏تقيد حنثه بأكله من ثمرها‏)‏ بالمثلثة أي ما يخرج منها بلا تغير بصنعة جديدة فيحنث بالعصير لا بالدبس المطبوخ، ولا بوصل غصن منها بشجرة أخرى ‏(‏وإن لم يكن‏)‏ للشجرة ثمرة ‏(‏تنصرف‏)‏ يمينه ‏(‏إلى ثمنها فيحنث إذا اشترى به مأكولا وأكله، ولو أكل من عين النخلة لا يحنث‏)‏ وإن نواها لأن الحقيقة مهجورة ولوالجية‏.‏ وفي المحيط لو نوى أكل عينها لم يحنث بأكل ما يخرج منها لأنه نوى حقيقة كلامه قال المصنف تبعا لشيخه وينبغي أن لا يصدق قضاء لتعين المجاز‏.‏ زاد في النهر فإن قلت‏:‏ ورق الكرم مما يؤكل عرفا فينبغي صرف اليمين لعينه‏.‏ قلت‏:‏ أهل العرف إنما يأكلونه مطبوخا ‏(‏وفي الشاة يحنث باللحم خاصة‏)‏ لا باللبن لأنها مأكولة فتنعقد اليمين عليها‏.‏

‏(‏ولا يحنث في‏)‏ حلفه ‏(‏لا يأكل من هذا البسر أو الرطب أو اللبن بأكل رطبه وتمره وشيرازه‏)‏ لأن هذه صفات داعية إلى اليمين فتتقيد بها ‏(‏بخلاف لا يكلم هذا الصبي أو هذا الشاب فكلمه بعدما شاخ أو لا يأكل هذا الحمل‏)‏ بفتحتين ولد الشاة ‏(‏فأكله بعدما صار كبشا‏)‏ فإنه يحنث لأنها غير داعية والأصل في أن المحلوف عليه إذا كان بصفة داعية إلى اليمين تقيد به في المعرف والمنكر فإذا زالت زالت اليمين وما لا يصلح داعية اعتبر في المنكر دون المعرف‏.‏ وفي المجتبى حلف لا يكلم هذا المجنون فبرأ أو هذا الكافر فأسلم لا يحنث لأنها صفة داعية وفي لا يكلم رجلا فكلم صبيا حنث وقيل لا كلا يكلم صبيا وكلم بالغا لأنه بعد البلوغ يدعى شابا وفتى إلى الثلاثين فكهل إلى خمسين فشيخ ‏(‏أو لا يأكل هذا العنب فصار زبيبا‏)‏ هذا وما بعده معطوف على قوله من هذا البسر مما لا يحنث به ‏(‏أو لا يأكل هذا اللبن فصار جبنا أو لا يأكل من هذه البيضة فأكل فراريجها‏)‏ كذا في نسخ الشرح، وفي نسخ المتن فرخها ‏(‏أو لا يذوق من هذا الخمر فصار خلا أو من زهر هذه الشجرة فأكل بعد ما صار لوزا‏)‏ أو مشمشا لم يحنث، بخلاف حلفه لا يأكل تمرا، فأكل حيسا فإنه يحنث لأنه تمر مفتت، وإن ضم إليه شيء من السمن أو غيره بحر وفيه الأصل فيما إذا حلف لا يأكل معينا فأكل بعضه أن كل شيء يأكله الرجل في مجلس أو يشربه في شربة فالحلف على كله وإلا فعلى بعضه‏.‏

‏(‏وكذا‏)‏ لا يحنث ‏(‏لو حلف لا يأكل بسرا فأكل رطبا أو لا يأكل عنبا فأكل زبيبا‏)‏ بخلاف نحو لوز وجوز فإن الاسم يتناول الرطب أيضا ‏(‏ولو حلف لا يأكل رطبا أو بسرا أو‏)‏ حلف ‏(‏لا يأكل رطبا ولا بسرا حنث ب‏)‏ أكل ‏(‏المذنب‏)‏ بكسر النون لأكله المحلوف عليه وزيادة ‏(‏ولا حنث في شراء كباسة‏)‏ بكسر الكاف أي عرجون ويقال عنقود ‏(‏بسر فيها رطب في حلفه لا يشتري رطبا‏)‏ لأن الشراء يقع على الجملة والمغلوب تابع بخلاف حلفه على الأكل لوقوعه شيئا فشيئا‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ حنث ‏(‏في‏)‏ حلفه ‏(‏لا يأكل لحما بأكل‏)‏ مرقه أو ‏(‏سمك‏)‏ إلا إذا نواهما ‏(‏ولا في لا يركب دابة فركب كافرا أو لا يجلس على وتد فجلس على جبل‏)‏ مع تسميتها في القرآن لحما ودابة وأوتادا للعرف، وما في التبيين من حنثه في لا يركب حيوانا بركوب الإنسان رده في النهر بأن العرف العملي مخصص عندنا كالعرف القولي‏.‏

‏(‏ولحم الإنسان والكبد والكرش‏)‏ والرئة والقلب والطحال ‏(‏والخنزير لحم‏)‏ هذا في عرف أهل الكوفة أما في عرفنا فلا كما في البحر عن الخلاصة وغيرها ومنه علم أن العجمي يعتبر عرفه قطعا، وفي الخانية‏:‏ الرأس والأكارع لحم في يمين الأكل لا في يمين الشراء، وفي لا يأكل من هذا الحمار يقع في كرائه، ومن هذا الكلب لا يقع على صيده ولا يعم البقر الجاموس، ولا يحنث بأكل النيء هو الأصح‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ يحنث ‏(‏بشحم الظهر‏)‏ وهو اللحم السمين ‏(‏في‏)‏ حلفه ‏(‏لا يأكل شحما‏)‏ خلافا لهما بل بشحم البطن والأمعاء اتفاقا لا بما في العظم اتفاقا فتح ‏(‏واليمين على شراء الشحم‏)‏ وبيعه ‏(‏كهي على أكله‏)‏ حكما وخلافا زيلعي ‏(‏ولا‏)‏ يحنث ‏(‏بألية في‏)‏ حلفه ‏(‏لا يأكل‏)‏ أو لا يشتري ‏(‏شحما أو لحما‏)‏ لأنها نوع ثالث‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ يحنث ‏(‏بخبز أو دقيق أو سويق في‏)‏ حلفه لا يأكل ‏(‏هذا البر إلا بالقضم من عينها‏)‏ لو مقلية كالبليلة في عرفنا أما لو قضمها نيئة فلا حنث إلا بالنية فتح وفي النهر عن الكشف المسألة على ثلاثة أوجه‏:‏ أحدها‏:‏ أن يقول هذه الحنطة ويشير لصبرة وهي مسألة المختصر‏.‏ الثانية‏:‏ أن يقول هذه بلا ذكر حنطة فيحنث بأكلها كيف كان ولو نيئة أو خبزا‏.‏ الثالثة‏:‏ أن يقول حنطة فيحنث بأكلها ولو نيئة لا بنحو الخبز ولو زرعه لم يحنث بالخارج ‏(‏وفي هذا الدقيق حنث بما يتخذ منه كالخبز ونحوه‏)‏ كعصيدة وحلوى ‏(‏لا بسفه‏)‏ في الأصح كما مر في أكل عين النخلة ‏(‏والخبز ما اعتاده أهل بلد الحالف‏)‏ فالشامي بالبر واليمني بالذرة والطبري بخبز الأرز، وبعض أهل القرى بالشعير، فلو دخل بلد البر واستمر لا يأكل إلا الشعير لم يحنث إلا بالشعير لأن العرف الخاص معتبر فتح‏.‏

‏(‏حلف لا يأكل من خبز فلانة فانصرف إلى‏)‏ الخابزة ‏(‏التي تضربه في التنور لا لمن عجنته وهيأته للضرب‏)‏ ظهيرية ومنه الرقاق لا الفطائر والثريد أو بعدما دقه أو فته لأنه لا يسمى خبزا وحنث في لا يأكل طعاما من طعام فلان بأكل خله أو زيته أو ملحه ولو بطعام نفسه لا لو أخذ من نبيذه أو مائه فأكل به خبزا وفي لا يأكل سمنا فأكل سويقا ولا نية له إن بحيث لو عصر سال السمن حنث وإلا لا جوهرة وفي البدائع لا يأكل طعاما فاضطر لميتة فأكل لم يحنث‏.‏

‏(‏والشواء والطبيخ‏)‏ يقعان ‏(‏على اللحم‏)‏ المشوي والمطبوخ بالماء هذا في عرفهم أما في عرفنا فاسم الطبيخ يقع على كل مطبوخ بالماء ولو بودك أو زيت أو سمن كما نقله المصنف عن المجتبى‏.‏ وفي النهر‏:‏ الطعام يعم ما يؤكل على وجه التطعم كجبن وفاكهة لكن في عرفنا لا ‏(‏والرأس ما يباع في مصره‏)‏ أي مصر الحالف اعتبارا للعرف‏.‏

‏(‏والفاكهة والتفاح والبطيخ والمشمش‏)‏ ونحوها ‏(‏لا العنب والرمان والرطب‏)‏ خلافا لهما خلاف عصر والعبرة للعرف فيحنث بكل ما يعد فاكهة عرفا‏.‏ ذكره الشمني وأقره المصنف‏.‏

‏(‏والحلوى ما ليس من جنسه حامض فيحنث بأكل خبيص وعسل وسكر‏)‏ لكن المرجع فيه إلى عادات الناس، ففي بلادنا لا حنث في فانيذ وعسل وسكر كما نقله المصنف عن الظهيرية‏.‏

‏(‏والإدام ما يصطبغ به الخبز‏)‏ إذا اختلط به ‏(‏كخل وزيت وملح‏)‏ لذوبه في الفم ‏(‏لا اللحم والبيض والجبن‏.‏ وقال محمد‏:‏ هو ما يؤكل مع الخبز غالبا‏)‏ به يفتى كما في البحر عن التهذيب‏.‏ وفيه‏:‏ فما يؤكل وحده غالبا كتمر وزبيب وجوز وعنب وبطيخ وبقل وسائر الفواكه ليس إداما إلا في موضع يؤكل تبعا للخبز غالبا اعتبارا للعرف‏.‏ وفي البدائع‏:‏ والجوز رطبه فاكهة ويابسه إدام‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

حلف لا يأكل لحما والآخر بصلا والآخر فلفلا فطبخ حشو فيه كل ذلك فأكلوا لم يحنثوا إلا صاحب الفلفل لأنه لا يؤكل إلا كذا وهذا إن وجد طعمه، ويزاد في الزعفران رؤية عينه، وفي لا يأكل لبنا فطبخه بأرز أو لا ينظر إلى فلان فنظر إلى يده أو رجله أو أعلى رأسه لم يحنث وإلى رأسه وظهره وبطنه حنث، وفي المس يحنث بمس اليد والرجل‏.‏

عرض عليه اليمين فقال‏:‏ نعم كان حالفا في الصحيح كذا في الصيرفية وغيرها‏.‏ قال المصنف‏:‏ هذا هو المشهور لكن في فوائد شيخنا عن التتارخانية أنه بنعم لا يصير حالفا هو الصحيح، ثم فرع أن ما يقع من التعاليق في المحاكم أن الشاهد يقول للزوج تعليقا فيقول نعم لا يصح على الصحيح‏.‏

‏(‏التغدي الأكل المترادف الذي يقصد به الشبع‏)‏ وكذا التعشي ولا بد أن يأكل أكثر من نصف الشبع في غداء وعشاء وسحور ‏(‏في وقت خاص وهو ما بعد طلوع الفجر‏)‏ وفي البحر عن الخلاصة عند طلوع الشمس قال‏:‏ وينبغي اعتماده للعرف، زاد في النهر وأهل مصر يسمونه فطورا إلى ارتفاع الضحى الأكبر فيدخل وقت الغداء فيعمل بعرفهم‏.‏ قلت‏:‏ وكذلك أهل الشام ‏(‏إلى زوال الشمس‏)‏ ثم لا بد أن يكون ‏(‏مما يتغدى به‏)‏ أهل بلده عادة وغداء كل بلدة ما تعارفه أهلها، حتى لو شبع بشرب اللبن يحنث البدوي لا الحضري زيلعي ‏(‏والتعشي منه‏)‏ أي الزوال‏:‏ وفي البحر عن الإسبيجابي‏:‏ وفي عرفنا وقت العشاء بعد صلاة العصر ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهو عرف مصر والشام ‏(‏إلى نصف الليل، والسحور هو الأكل بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر قال إن أكلت أو‏)‏ قال إن ‏(‏شربت أو لبست‏)‏ أو نكحت ونحو ذلك فعبدي حر ‏(‏ونوى معينا‏)‏ أي خبزا أو لبنا أو قطنا مثلا ‏(‏لم يصدق أصلا‏)‏ فيحنث بأي شيء أكل أو شرب وقيل يدين كما لو نوى كل الأطعمة أو كل مياه العالم حتى لا يحنث أصلا لنيته محتمل كلامه ‏(‏ولو ضم‏)‏ لإن أكلت ‏(‏طعاما أو‏)‏ شربت ‏(‏شرابا أو‏)‏ لبست ‏(‏ثوبا دين‏)‏ إذا قال عنيت شيئا دون شيء لأنه ذكر اللفظ العام القابل للتخصيص لأنه نكرة في سياق الشرط فتعم كالنكرة في النفي، والأصل أن النية إنما تصح في الملفوظ إلا في ثلاث فيدين في فعل الخروج والمساكنة وتخصيص الجنس كحبشية أو عربية لا الصفة ككوفية أو بصرية فتح‏.‏

‏(‏نية تخصيص العام تصح ديانة‏)‏ إجماعا، فلو قال‏:‏ كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثم قال‏:‏ نويت من بلد كذا ‏(‏لا‏)‏ يصدق ‏(‏قضاء‏)‏ وكذا من غصب دراهم إنسان فلما حلفه الخصم عاما نوى خاصا ‏(‏به يفتى‏)‏ خلافا للخصاف‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ متى حلفه ظالم وأخذ بقول الخصاف، فلا بأس‏.‏

وقالوا‏:‏ النية للحالف لو بطلاق أو عتاق وكذا بالله لو مظلوما وإن ظالما فللمستحلف ولا تعلق للقضاء في اليمين بالله‏.‏

حلف ‏(‏لا يشرب من‏)‏ شيء يمكن فيه الكرع نحو ‏(‏دجلة‏)‏ فيمينه ‏(‏على الكرع‏)‏ منه حتى لو شرب من نهر أخذ منه لم يحنث‏.‏ وفي البحر عن الظهيرية‏:‏ الكرع لا يكون إلا بعد الحوض في الماء لكن في القهستاني عن الكشف أنه ليس بشرط ‏(‏بخلاف من ماء دجلة‏)‏ فيحنث بغير الكرع أيضا ‏(‏وفيما لا يتأتى فيه الكرع‏)‏ كالبئر والحب يحنث ‏(‏ب‏)‏ الشرب ب ‏(‏الإناء مطلقا‏)‏ سواء قال من البئر أو من ماء البئر لتعين المجاز ‏(‏ولو تكلف الكرع فيما لا يتأتى فيه ذلك‏)‏ أي الكرع ‏(‏لا يحنث‏)‏ في الأصح لعدم العرف‏.‏

‏(‏إمكان تصور البر في المستقبل شرط انعقاد اليمين‏)‏ ولو بطلاق ‏(‏وبقائها‏)‏ إذ لا بد من تصور الأصل لتنعقد في حق الخلف وهو الكفارة ثم فرع عليه ‏(‏ففي‏)‏ حلفه ‏(‏لأشربن ماء هذا الكوز اليوم ولا ماء فيه أو كان فيه‏)‏ ماء ‏(‏وصب‏)‏ ولو بفعله أو بنفسه ‏(‏في يومه‏)‏ قبل الليل ‏(‏أو أطلق‏)‏ يمينه عن الوقت ‏(‏ولا ماء فيه لا يحنث‏)‏ سواء علم وقت الحلف أن فيه ماء أو لا في الأصح لعدم إمكان البر ‏(‏وإن‏)‏ أطلق و ‏(‏كان‏)‏ فيه ماء ‏(‏فصب حنث‏)‏ لوجوب البر في المطلقة كما فرغ وقد فات بصبه، أما الموقتة ففي آخر الوقت، وهذا الأصل فروعه كثيرة‏.‏‏.‏

منها إن لم تصل الصبح غدا فأنت كذا لا يحنث بحيضها بكرة في الأصح‏.‏

ومنها إن لم تردي الدينار الذي أخذتيه من كيسي فأنت طالق فإذا الدينار في كيسه لم تطلق لعدم تصور البر‏.‏

ومنها‏:‏ إن لم تهبيني صداقك اليوم فأنت طالق وقال أبوها إن وهبتيه فأمك طالق فالحيلة أن تشتري منه بمهرها ثوبا ملفوفا وتقبضه فإذا مضى اليوم لم يحنث أبوها لعدم الهبة ولا الزوج لعجزها عن الهبة عند الغروب لسقوط المهر بالبيع ثم إذا أرادت الرجوع ردته بخيار الرؤية‏.‏

‏(‏وفي‏)‏ حلفه والله ‏(‏ليصعدن السماء أو ليقلبن هذا الحجر ذهبا حنث للحال‏)‏ لإمكان البر حقيقة ثم يحنث للعجز عادة، ولو وقت اليمين لم يحنث ما لم يمض ذلك الوقت، وفي حيرة الفقهاء قال لامرأته إن لم أعرج إلى السماء هذه الليلة فأنت كذا ينصب سلما ثم يعرج إلى سماء البيت لقوله تعالى -‏:‏ ‏{‏فليمدد بسبب إلى السماء‏}‏ - أي سماء البيت قال الباقاني والظاهر خروجها عن قاعدة مبنى الأيمان‏.‏

‏(‏وكذا‏)‏ الحكم لو حلف ‏(‏ليقتلن فلانا عالما بموته‏)‏ إذ يمكن قتله بعد إحياء الله تعالى فيحنث ‏(‏وإن لم يكن عالما‏)‏ بموته ‏(‏فلا‏)‏ يحنث لأنه عقد يمينه على حياة كانت فيه، ولا يتصور كمسألة الكوز وكقوله إن تركت مس السماء فعبدي حر لأن الترك لا يتصور في غير المقدور‏.‏‏.‏

‏(‏حلف لا يكلمه فناداه وهو نائم فأيقظه‏)‏ فلو لم يوقظه لم يحنث، وهو المختار ولو مستيقظا حنث لو بحيث يسمع بشرط انفصاله عن اليمين، فلو قال موصولا‏:‏ إن كلمتك فأنت طالق فاذهبي أو واذهبي لا تطلق ما لم يرد الاستئناف ولو قال اذهبي طلقت لأنه مستأنف، ولو قال‏:‏ يا حائط اسمع أو اصنع كذا وكذا وقصد إسماع المحلوف عليه، لم يحنث زيلعي‏.‏ وفي السراجية‏:‏ سأل محمد حال صغره أبا حنيفة فيمن قال لآخر والله لا أكلمك ثلاث مرات فقال أبو حنيفة ثم ماذا‏؟‏ فتبسم محمد وقال انظر حسنا يا شيخ فنكس أبو حنيفة ثم قال حنث مرتين فقال محمد‏:‏ أحسنت فقال أبو حنيفة‏:‏ لا أدري أي الكلمتين أوجع لي‏؟‏ قوله حسنا أو أحسنت‏.‏

‏(‏أو‏)‏ حلف لا يكلمه ‏(‏إلا بإذنه فأذن له ولم يعلم‏)‏ بالإذن فكلمه ‏(‏حنث‏)‏ لاشتقاق الإذن من الأذان فيشترط العلم بخلاف لا يكلمه إلا برضاه فرضي ولم يعلم لأن الرضا من أعمال القلب فيتم به ‏(‏الكلام‏)‏ والتحديث ‏(‏لا يكون إلا باللسان‏)‏ فلا يحنث بإشارة وكتابة كما في النتف‏.‏ وفي الخانية‏:‏ لا أقول له كذا فكتب إليه حنث ففرق بين القول والكلام، لكن نقل المصنف بعد مسألة شم الريحان عن الجامع أنه كالكلام خلافا لابن سماعة ‏(‏والإخبار والإقرار والبشارة تكون بالكتابة لا بالإشارة والإيماء، والإظهار والإنشاء والإعلام يكون‏)‏ بالكتابة و ‏(‏بالإشارة أيضا‏)‏ ولو قال لم أنو الإشارة دين، وفي لا يدعوه أو لا يبشره يحنث بالكتابة ‏(‏إن أخبرتني‏)‏ أو أعلمتني ‏(‏أن فلانا قدم ونحوه يحنث بالصدق والكذب ولو قال بقدومه ونحوه ففي الصدق محاصة‏)‏ لإفادتها إلصاق الخبر بنفس القدوم كما حققناه في بحث الباء من الأصول، وكذا إن كتبت بقدوم فلان كما سيجيء في الباب الآتي‏.‏ وسأل الرشيد محمدا عمن حلف لا يكتب إلى فلان فأومأ بالكتابة هل يحنث‏؟‏ فقال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين، إن كان مثلك‏.‏

‏(‏لا يكلمه شهرا فمن حين حلفه‏)‏ ولو عرفه فعلى باقيه ‏(‏بخلاف لأعتكفن‏)‏ أو لأصومن ‏(‏شهرا فإن التعيين إليه‏)‏ والفرق أن ذكر الوقت فيما يتناول الأبد لإخراج ما وراءه وفيما لا يتناول للمد إليه زيلعي‏.‏

‏(‏حلف لا يتكلم فقرأ القرآن أو سبح في الصلاة لا يحنث‏)‏ اتفاقا ‏(‏وإن فعل ذلك خارجها حنث على الظاهر‏)‏ كما رجحه في البحر ورجح في الفتح عدمه مطلقا للعرف وعليه الدرر والملتقى بل في البحر عن التهذيب أنه لا يحنث بقراءة الكتب في عرفنا انتهى وقواه في الشرنبلالية قائلا ولا عليك من أكثرية التصحيح له مع مخالفته العرف ويقاس عليه إلقاء درس ما لكن يعكر عليه ما في الفتح، وأما الشعر فيحنث به لأنه كلام منظوم انتهى، فغير المنظوم أولى فتأمل‏.‏

‏(‏حلف لا يقرأ القرآن اليوم يحنث بالقراءة في الصلاة أو خارجها ولو قرأ البسملة فإن نوى ما في النمل حنث وإلا لا‏)‏ لأنهم لا يريدون به القرآن ولو حلف لا يقرأ سورة كذا أو كتاب فلان لا يحنث بالنظر فيه وفهمه به يفتى واقعات‏.‏‏.‏

‏(‏حلف لا يكلم فلانا اليوم فعلى الجديدين‏)‏ لقرانه اليوم بفعل لا يمتد فعم ‏(‏فإن نوى النهار صدق‏)‏ لأنه الحقيقة ‏(‏ولو قال ليلة‏)‏ أكلم فلانا فكذا ‏(‏فهو على الليل خاصة‏)‏ لعدم استعماله مفردا في مطلق الوقت قال ‏(‏إن كلمته‏)‏ أي عمرا ‏(‏إلا أن يقدم زيد أو حين أو إلا أن يأذن أو حتى يأذن فكذا فكلمه قبل قدومه أو‏)‏ قبل ‏(‏إذنه حنث و‏)‏ لو ‏(‏بعدهما لا يحنث‏)‏ لجعله القدوم والإذن غاية لعدم الكلام ‏(‏وإن مات زيد قبلهما سقط الحلف‏)‏ قيد بتأخير الجزاء لأنه لو قدمه فقال امرأته طالق إلا أن يقدم زيد لم يكن للغاية بل للشرط لأن الطلاق مما لا يحتمل التأقيت فلا تطلق بقدومه بل بموته ‏(‏كما لو قال‏)‏ لغيره ‏(‏والله لا أكلمك حتى يأذن لي فلان أو قال لغريمه والله لا أفارقك حتى تقضي حقي‏)‏ أو حلف ليوفينه اليوم ‏(‏فمات فلان قبل الإذن أو برئ من الدين‏)‏ فاليمين ساقطة‏.‏ والأصل أن الحالف إذا جعل ليمينه غاية وفاتت الغاية بطل اليمين خلافا للثاني‏.‏

‏(‏كلمة ما زال ومادام وما كان غاية تنتهي اليمين بها‏)‏ فلو حلف لا يفعل كذا ما دام ببخارى، فخرج منها ثم رجع ففعل لا يحنث لانتهاء اليمين، وكذا لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان فباع فلان بعضه لا يحنث بأكل باقيه لانتهاء اليمين ببيع البعض وكذا لا أفارقك حتى تقضيني حقي اليوم أو حتى أقدمك إلى السلطان اليوم لا يحنث بمضي اليوم بل بمفارقته بعده ولو قدم اليوم لا يحنث وإن فارقه بعده بحر‏.‏ وكذا لو حلف أن يجره إلى باب القاضي ويحلفه فاعترف الخصم أو ظهر شهود سقط اليمين لتقيده من جهة المعنى بحال إنكاره كما سيجيء في باب اليمين في الضرب‏.‏

‏(‏وفي‏)‏ حلفه ‏(‏لا يكلم عبده‏)‏ أي عبد فلان ‏(‏أو عرسه أو صديقه أو لا يدخل داره‏)‏ أو لا يلبس ثوبه أو لا يأكل طعامه أو لا يركب دابته ‏(‏إن زالت إضافته‏)‏ ببيع أو طلاق أو عداوة ‏(‏وكلمه لم يحنث في العبد‏)‏ ونحوه مما يملك كالدار ‏(‏أشار إليه‏)‏ بهذا ‏(‏أولا‏)‏ على المذهب لأن العبد ساقط الاعتبار عند الأحرار فكان كالثوب والدار ‏(‏وفي غيره‏)‏ أي في تكليم غير العبد من العرس والصديق لا الدار لأنها لا تكلم فتكون الدار مسكوتا عنها للعلم بأنها كالعبد بالطريق الأولى فتنبه‏.‏ ‏(‏إن أشار‏)‏ بهذا أو عين ‏(‏حنث‏)‏ لأن الحر يهجر لذاته ‏(‏وإلا‏)‏ يشر ولم يعين ‏(‏لا‏)‏ يحنث ‏(‏وحنث بالتجدد‏)‏ بأن اشترى عبدا أو تزوج بعد اليمين‏.‏

‏(‏لا يكلم صاحب هذا الطيلسان‏)‏ مثلا ‏(‏فكلمه بعدما باعه حنث‏)‏ لأن الإضافة للتعريف ولذا لو كلم المشتري لم يحنث‏.‏

‏(‏الحين والزمان ومنكرهما ستة أشهر‏)‏ من حين حلفه لأنه الوسط ‏(‏وبها‏)‏ أي بالنية ‏(‏ما نوى‏)‏ فيهما على الصحيح بدائع‏.‏

‏(‏وغرة الشهر ورأس الشهر أو ليلة منه‏)‏ وما يومها ‏(‏وأوله إلى ما دون النصف وآخره إذا مضى خمسة عشر يوما‏)‏ فلو حلف أن يصوم أول يوم من آخر الشهر وآخر يوم من أول الشهر صام الخامس عشر والسادس عشر، والصيف من حين إلقاء الحشو إلى لبسه ضد الشتاء بدائع‏.‏

‏(‏و‏)‏ في حلفه لا يكلمه ‏(‏الدهر أو الأبد‏)‏ هو ‏(‏العمر‏)‏ أي مدة حياة الحالف عند عدم النية ‏(‏ودهر‏)‏ منكر ‏(‏لم يدر وقالا هو كالحين‏)‏ وغير خاف أنه إذا لم يرد عن الإمام شيء في مسألة وجب الإفتاء بقولهما وفي السراج توقف الإمام في أربع عشرة مسألة ونقل لا أدري عن الأئمة بل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جبريل أيضا ‏(‏الأيام وأيام كثيرة والشهور والسنون‏)‏ والجمع والأزمنة والأحايين والدهور ‏(‏عشرة‏)‏ من كل صنف لأنه أكثر ما يذكر بلفظ الجمع، ففي لا يكلمه الأزمنة خمس سنين ‏(‏ومنكرها ثلاثة‏)‏ لأنه أقل الجمع ما لم يوصف بالكثرة كما مر‏.‏

‏(‏حلف لا يكلم‏)‏ عبيدا أو ‏(‏عبيد فلان أو لا يركب دوابه أو لا يلبس ثيابه ففعل بثلاثة منها حنث إن كان له‏)‏ أي لفلان ‏(‏أكثر من ثلاثة‏)‏ من كل صنف ‏(‏وإلا‏)‏ بأن كلم أقل من ثلاثة ‏(‏لا‏)‏ يحنث وتصح نية الكل‏.‏

‏(‏وإن كانت يمينه على زوجاته أو أصدقائه أو إخوته لا يحنث ما لم يكلم الكل مما سمي‏)‏ لأن المنع لمعنى في هؤلاء فتعلقت اليمين بأعيانهم، ولو لم يكن له إلا أخ واحد فإن كان يعلم به حنث وإلا لا كما في الواقعات، وألحق في النهر الأصدقاء والزوجات‏.‏ قلت‏:‏ وهي من المسائل الأربع التي يكون فيها الجمع لواحد كما في الأشباه‏.‏ وأما الأطعمة والثياب والنساء فيقع على الواحد إجماعا لانصراف المعرف للعهد إن أمكن وإلا فللجنس، ولو نوى الكل صح والله تعالى أعلم‏.‏

باب اليمين في الطلاق والعتاق

الأصل فيه أن الولد الميت ولد في حق غيره لا في حق نفسه وأن الأول اسم لفرد سابق، والأخير لفرد لاحق والوسط لفرد بين العددين المتساويين وأن المتصف بأحدها لا يتصف بالآخر للتنافي ولا كذلك الفعل لعدمه لأن الفعل الثاني غير الأول‏.‏ فلو قال آخر تزوج أتزوج فالتي أتزوجها طالق طلقت المتزوجة مرتين لأنه جعل الآخر وصفا للفعل وهو العقد وعقدها هو الآخر‏.‏‏.‏

‏(‏أول عبد أشتريه حر فاشترى عبدا عتق‏)‏ لما مر أن الأول اسم لفرد سابق وقد وجد ‏(‏ولو اشترى عبدين معا ثم آخر فلا‏)‏ عتق ‏(‏أصلا‏)‏ لعدم الفردية ‏(‏فإن زاد‏)‏ كلمة ‏(‏وحده‏)‏ أو أسود أو بالدنانير ‏(‏عتق الثالث‏)‏ عملا بالوصف ‏(‏ولو قال‏:‏ أول عبد أشتريه واحدا فاشترى عبدين ثم اشترى واحدا لا يعتق الثالث‏)‏ وأشار إلى الفرق بقوله ‏(‏للاحتمال‏)‏ أي لأن قوله واحدا يحتمل أن يكون حالا من العبد والمولى فلا يعتق بالشك وجوز في البحر جره صفة للعبد فهو كوحده وفي النهر رفعه خبر مبتدأ محذوف فهو كواحد‏.‏

‏(‏ولو قال‏:‏ أول عبد أملكه فهو حر فملك عبدا ونصف عبد عتق الكامل‏)‏ وكذا الثياب بخلاف المكيلات والموزونات للمزاحمة زيلعي‏.‏

‏(‏قال‏:‏ آخر عبد أملكه فهو حر فملك عبدا فمات الحالف لم يعتق‏)‏ إذ لا بد للآخر من الأول بخلاف العكس كالبعد لا بد له من قبل بخلاف القبل ‏(‏فلو اشترى‏)‏ الحالف المذكور ‏(‏عبدا ثم عبدا ثم مات‏)‏ الحالف ‏(‏عتق‏)‏ الثاني ‏(‏مستندا إلى وقت الشراء‏)‏ فيعتبر من كل المال لو الشراء في الصحة وإلا فمن الثلث، وعليه فلا يصير فارا لو علق البائن بالآخر خلافا لهما‏.‏ وأما الوسط ففي البدائع‏:‏ أنه لا يكون إلا في وتر فثاني الثلاثة وسط وكذا ثالث الخمسة وهكذا‏.‏

‏(‏إن ولدت فأنت كذا حنث بالميت‏)‏ ولو سقطا مستبين الخلق وإلا لا ‏(‏بخلاف فهو حر فولدت ميتا ثم آخر حيا عتق الحي وحده‏)‏ لبطلان الرق بالموت بخلاف الولد أو الولادة‏.‏ ‏(‏البشارة عرفا اسم لخبر سار‏)‏ خرج الضار، فليس ببشارة عرفا بل لغة ومنه -‏:‏ ‏{‏فبشرهم بعذاب أليم‏}‏ - ‏(‏صدق‏)‏ خرج الكذب فلا يعتبر ‏(‏ليس للمبشر به علم‏)‏ فيكون من الأول دون الباقين‏.‏

‏(‏فلو قال كل عبد بشرني بكذا فهو حر فبشره ثلاثة متفرقون عتق الأول فقط‏)‏ لما قلنا، وتكون بكتابة ورسالة ما لم ينو المشافهة فتكون كالحديث، ولو أرسل بعض عبيده عبدا آخر إن ذكر الرسالة عتق المرسل وإلا الرسول ‏(‏وإن بشروه معا عتقوا‏)‏ لتحققها من الكل بدليل -‏:‏ ‏{‏وبشروه بغلام عليم‏}‏ - ‏(‏و‏)‏ البشارة ‏(‏لا فرق فيها بين‏)‏ ذكر الباء وعدمها بخلاف الخبر فإنه يختص بالصدق مع الباء كما مر في الباب قبله ‏(‏والكتابة كالخبر‏)‏ فيما ذكر ‏(‏والإعلام‏)‏ لا بد فيه من الصدق ولو بلا باء ‏(‏كالبشارة‏)‏ لأن الإعلام إثبات العلم والكذب لا يفيده بدائع‏.‏

قاعدة ‏(‏النية إذا قارنت علة العتق‏)‏ الاختيارية كالشراء مثلا بخلاف الإرث لأنه جبري ‏(‏و‏)‏ الحال أن ‏(‏رق المعتق كامل صح التكفير وإلا‏)‏ بأن لم تقارن العلة أو قارنتها والرق غير كامل كأم الولد ‏(‏لا‏)‏ يصح التكفير‏.‏ ثم فرع عليها بقوله ‏(‏فصح شراء أبيه للكفارة‏)‏ للمقارنة ‏(‏لا شراء من حلف بعتقه‏)‏ لعدمها ‏(‏ولا شراء مستولدة بنكاح علق عتقها عن كفارته بشرائها‏)‏ لنقصان رقها ‏(‏بخلاف ما إذا قال لقنة‏:‏ إن اشتريتك فأنت حرة عن كفارة يميني فاشتراها‏)‏ حيث تجزيه عنها للمقارنة كاتهاب ووصية ناويا عند القبول، بخلاف إرث لما مر زيلعي‏.‏

‏(‏وعتقت بقوله إن تسريت أمة فهي حرة من تسراها وهي ملكه حينئذ‏)‏ أي حين حلفه لمصادفتها الملك ‏(‏لا‏)‏ يعتق ‏(‏من شراها فتسراها‏)‏ ويثبت التسري بالتحصين والوطء، وشرط الثاني عدم العزل فتح ‏(‏ولو قال إن تسريت أمة فأنت طالق أو عبدي حر فتسرى بمن في ملكه أو من اشتراها بعد التعليق طلقت وعتق‏)‏ وأفاد الفرق بقوله ‏(‏لوجود الشرط‏)‏ بلا مانع لصحة تعليق طلاق المنكوحة بأي شرط كان فليحفظ‏.‏

‏(‏كل مملوك لي حر عتق عبيده ومدبروه‏)‏ ويدين في نية الذكور لا الإناث ‏(‏وأمهات أولاده‏)‏ لملكهم يدا ورقبة ‏(‏لا مكاتبه إلا بالنية ومعتق البعض كالمكاتب‏)‏ لعدم الملك يدا، وفي الفتح‏:‏ ينبغي في كل مرقوق لي حر أن يعتق المكاتب لا أم الولد إلا بالنية‏.‏

‏(‏هذه طالق أو هذه وهذه طلقت الأخيرة وخير في الأولين وكذا العتق والإقرار‏)‏ لأن أو لأحد المذكورين، وقد أدخلها بين الأولين وعطف الثالث على الواقع منهما فكان كإحداكما طالق وهذه ولا يصح عطف هذه على هذه الثانية للزوم الإخبار عن المثنى بالمفرد وهذا إذا لم يذكر للثاني والثالث خبر ‏(‏فإن‏)‏ ذكر بأن ‏(‏قال هذه طالق أو هذه وهذه طالقتان أو قال هذا حر أو هذا وهذا حران‏)‏ فإنه ‏(‏يعتق‏)‏ أحد ‏(‏ولا تطلق‏)‏ بل يخير ‏(‏إن اختار‏)‏ الإيجاب ‏(‏الأول عتق‏)‏ الأول ‏(‏وحده وطلقت‏)‏ الأولى ‏(‏وحدها وإن اختار الإيجاب الثاني عتق الأخيران وطلقت الأخيرتان‏)‏ حلف لا يساكن فلانا فسافر الحالف فسكن فلان مع أهل الحالف حنث عنده لا عند الثاني وبه يفتى‏.‏

قال لعبده إن لم تأت الليلة حتى أضربك فأتى فلم يضربه حنث عند الثاني لا عند الثالث وبه يفتى اختلف في إلحاق الشرط باليمين المعقود بعد السكوت فصححه الثاني وأبطله الثالث وبه يفتى فلا حنث في إن كان كذا فكذا وسكت ثم قال ولا كذا ثم ظهر أنه كان كذا خانية‏.‏

باب اليمين في البيع والشراء والصوم والصلاة وغيرها

الأصل فيه أن كل فعل تتعلق حقوقه بالمباشر كبيع وإجارة لا حنث بفعل مأموره وكل ما تتعلق حقوقه بالآمر كنكاح وصدقة وما لا حقوق له كإعارة وإبراء يحنث بفعل وكيله أيضا لأنه سفير ومعبر ‏(‏يحنث بالمباشرة‏)‏ بنفسه ‏(‏لا بالأمر إذا كان ممن يباشر بنفسه في البيع‏)‏ ومنه الهبة بعوض ظهيرية ‏(‏والشراء‏)‏ ومنه السلم والإقالة قيل والتعاطي شرح وهبانية ‏(‏والإجارة والاستئجار‏)‏ فلو حلف لا يؤجر وله مستغلات آجرتها امرأته وأعطته الأجرة لم يحنث كتركها في أيدي الساكنين وكأخذه أجرة شهر قد سكنوا فيه بخلاف شهر لم يسكنوا فيه ذخيرة ‏(‏والصلح عن مال‏)‏ وقيده بقوله ‏(‏مع الإقرار‏)‏ لأنه مع الإنكار سفير والقسمة ‏(‏والخصومة وضرب الولد‏)‏ أي الكبير لأن الصغير يملك ضربه فيملك التفويض فيحنث بفعل وكيله كالقاضي

‏(‏وإن كان‏)‏ الحالف ‏(‏ذا سلطان‏)‏ كقاضي وشريف ‏(‏لا يباشر هذه الأشياء‏)‏ بنفسه حنث بالمباشرة ‏(‏وبالأمر أيضا‏)‏ لتقيد اليمين بالعرف وبمقصود الحالف ‏(‏وإن كان يباشر مرة ويفوض أخرى اعتبر الأغلب‏)‏ وقيل تعتبر السلعة، فلو مما يشتريها بنفسه لشرفها لا يحنث بوكيله وإلا حنث‏.‏ ‏(‏ويحنث بفعله وفعل مأموره‏)‏ لم يقل وكيله لأن من هذا النوع الاستقراض والتوكيل به غير صحيح ‏(‏في النكاح‏)‏ لا الإنكاح ‏(‏والطلاق والعتاق‏)‏ الواقعين بكلام وجد بعد اليمين لا قبله كتعليق بدخول دار زيلعي ‏(‏والخلع والكتابة والصلح عن دم العمد‏)‏ أو إنكار كما مر ‏(‏والهبة‏)‏ ولو فاسدة أو بعوض ‏(‏والصدقة والقرض والاستقراض‏)‏ وإن لم يقبل ‏(‏وضرب العبد‏)‏‏.‏ قيل والزوجة ‏(‏والبناء والخياطة‏)‏ وإن لم يحسن ذلك خانية ‏(‏والذبح والإيداع والاستيداع، و‏)‏ كذا ‏(‏الإعارة والاستعارة‏)‏ إن أخرج الوكيل الكلام مخرج الرسالة وإلا فلا حنث تتارخانية ‏(‏وقضاء الدين وقبضه، والكسوة‏)‏ وليس، منها التكفين إلا إذا أراد الستر دون التمليك سراجية ‏(‏والحمل‏)‏ وذكر منها في البحر نيفا وأربعين وفي النهر عن شارح الوهبانية نظم والدي ما لا حنث فيه بفعل الوكيل لأنه الأقل مشيرا إلى حنثه فيما بقي فقال‏:‏ بفعل وكيل ليس يحنث حالف ببيع شراء صلح مال خصومة إجارة استئجار الضرب لابنه كذا قسمة والحنث في غيرها اثبت ‏(‏ولام دخل‏)‏ مبتدأ خبره اقتضى الآتي ‏(‏على فعل‏)‏ أراد بدخولها عليه قربها منه ابن كمال ‏(‏تجري فيه النيابة‏)‏ للغير ‏(‏كبيع وشراء وإجارة وخياطة وصباغة وبناء اقتضى‏)‏ أي اللام ‏(‏أمره‏)‏ أي توكيله ‏(‏ليخصه به‏)‏ أي بالمحلوف عليه إذ اللام للاختصاص ولا يتحقق إلا بأمره المفيد للتوكيل ‏(‏فلم يحنث في إن بعت لك ثوبا إن باعه بلا أمر‏)‏ لانتفاء التوكيل سواء ‏(‏ملكه‏)‏ أي المخاطب ذلك الثوب ‏(‏أو لا‏)‏ بخلاف ما لو قال ثوبا لك فإنه يقتضي كونه ملكا له كما سيجيء‏.‏ ‏(‏فإن دخل‏)‏ اللام ‏(‏على عين‏)‏ أي ذات ‏(‏أو‏)‏ على ‏(‏فعل لا يقع‏)‏ ذلك الفعل ‏(‏عن غيره‏)‏ أي لا يقبل النيابة ‏(‏كأكل وشرب ودخول وضرب الولد‏)‏ بخلاف العبد فإنه يقبل النيابة ‏(‏اقتضى‏)‏ دخول اللام ‏(‏ملكه‏)‏ أي ملك المخاطب للمحلوف عليه لأنه كمال الاختصاص ‏(‏فحنث في إن بعت ثوبا لك إن باع ثوبه بلا أمره‏)‏ هذا نظير الدخول على العين وهو الثوب لأن تقديره إن بعت ثوبا هو مملوكك وأما نظير دخوله على فعل لا يقع عن غيره فذكره بقوله ‏(‏وكذا‏)‏ أي مثل ما مر من اشتراط كون المحلوف عليه ملك المخاطب قوله ‏(‏إن أكلت لك طعاما‏)‏ أو شربت لك شرابا ‏(‏اقتضى أن يكون الطعام‏)‏ والشراب ‏(‏ملك المخاطب‏)‏ كما في إن أكلت طعاما لك لأن اللام هنا أقرب إلى الاسم من الفعل والقرب من أسباب الترجيح، وأما ضرب الولد فلا يتصور فيه حقيقة الملك بل يراد الاختصاص به ‏(‏وإن نوى غيره‏)‏ أي ما مر ‏(‏صدق فيما‏)‏ فيه تشديد ‏(‏عليه‏)‏ قضاء وديانة ودين فيما له، ثم الفرق بين الديانة والقضاء لا يتأتى في اليمين بالله لأن الكفارة لا مطالب لها كما مر

‏(‏قال إن بعته أو ابتعته فهو حر فعقد‏)‏ عليه بيعا ‏(‏بالخيار لنفسه‏)‏ حنث ‏(‏لوجود الشرط‏)‏ ولو بالخيار لغيره لا وإن أجيز بعد ذلك في الأصح كما لو قال‏:‏ إن ملكته فهو حر لعدم ملكه عند الإمام‏.‏ ‏(‏و‏)‏ قيد بالخيار لأنه ‏(‏لو قال إن بعته فهو حر فباعه بيعا صحيحا بلا خيار لا يعتق‏)‏ لزوال ملكه وتنحل اليمين لتحقق الشرط زيلعي ‏(‏ويحنث‏)‏ الحالف في المسألتين ‏(‏ب‏)‏ البيع أو الشراء ‏(‏الفاسد والموقوف لا الباطل‏)‏ لعدم الملك وإن قبضه، ولو اشترى مدبرا أو مكاتبا لم يحنث إلا بإجازة قاض أو مكاتب‏.‏ ‏[‏فرع‏]‏

قال لأمته‏:‏ إن بعت منك شيئا فأنت حرة فباع نصفها من زوج ولدت منه أو من أبيها لم يقع عتق المولى، ولو من أجنبي وقع والفرق في الظهيرية ‏(‏و‏)‏ إنما قيد بالبيع لأنه ‏(‏في حلفه لا يتزوج‏)‏ امرأة أو ‏(‏هذه المرأة فهو على الصحيح دون الفاسد‏)‏ في الصحيح

‏(‏وكذا لو حلف لا يصلي أو لا يصوم‏)‏ أو لا يحج لأن المقصود منها الثواب ومن النكاح الحل ولا يثبت بالفاسد فلا تنحل به اليمين بخلاف البيع لأن المقصود منه الملك وأنه يثبت بالفاسد والهبة والإجارة كبيع ‏(‏ولو كان‏)‏ ذلك كله ‏(‏في الماضي‏)‏ كإن تزوجت أو صمت ‏(‏فهو عليهما‏)‏ أي الصحيح والفاسد لأنه إخبار ‏(‏فإن عنى به الصحيح صدق‏)‏ لأنه النكاح المعنوي بدائع ‏(‏إن لم أبع هذا الرقيق فكذا فأعتق‏)‏ المولى ‏(‏أو دبر‏)‏ رقيقه تدبيرا ‏(‏مطلقا‏)‏ فلا يحنث بالمقيد فتح ‏(‏أو استولد‏)‏ الأمة ‏(‏حنث‏)‏ لتحقق الشرط بفوات محلية البيع، حتى لو قال‏:‏ إن لم أبعك فأنت حر فدبر أو استولد عتق ولا يعتبر تكرار الرق بالردة لأنه موهوم‏.‏

‏(‏قالت له‏)‏ امرأته ‏(‏تزوجت علي فقال كل امرأة لي طالق طلقت المحلفة‏)‏ بكسر اللام وعن الثاني لا وصححه السرخسي، وفي جامع قاضي خان وبه أخذ عامة مشايخنا وفي الذخيرة إن في حال غضب طلقت وإلا لا‏.‏

‏(‏ولو قيل له ألك امرأة غير هذه المرأة فقال كل امرأة لي فهي كذا لا تطلق هذه المرأة‏)‏ لأن قوله غير هذه المرأة لا يحتمل هذه المرأة فلم تدخل تحت كل بخلاف الأول‏.‏

‏[‏فروع فيما يتفرع على الحنث لفوات المحل‏]‏

يتفرع على الحنث لفوات المحل نحو‏:‏ إن لم تصبي هذا في هذا الصحن فأنت كذا فكسرته أو إن لم تذهبي فتأتي بهذا الحمام فأنت كذا فطار الحمام طلقت‏.‏ قال لمحرمة‏:‏ إن تزوجتك فعبدي حر فتزوجها حنث لأن يمينه تنصرف إلى ما يتصور‏.‏ حلف لا يتزوج بالكوفة عقد خارجها لأن المعتبر مكان العقد‏.‏ إن تزوجت ثيبا فهي كذا فطلق امرأته ثم تزوجها ثانيا لا تطلق اعتبارا للغرض، وقيل تطلق‏.‏ حلف لا يتزوج من بنات فلان وليس لفلان بنت لا يحنث بمن ولدت له بحر ‏(‏النكرة تدخل تحت النكرة والمعرفة لا‏)‏ تدخل تحت النكرة، فلو قال‏:‏ إن دخل هذه الدار أحد فكذا والدار له أو لغيره فدخلها الحالف حنث لتنكيره ولو قال‏:‏ داري أو دارك لا حنث بالحالف لتعريفه وكذا لو قال‏:‏ إن مس هذا الرأس أحد وأشار إلى رأسه لا يحنث الحالف بمسه لأنه متصل به خلقة، فكان معرفة أقوى من ياء الإضافة بحر وذكره المصنف قبيل باب اليمين في الطلاق معزيا للأشباه ‏(‏إلا‏)‏ بالنية و ‏(‏في العلم‏)‏ كإن كلم غلام محمد بن أحمد أحد، فكذا دخل الحالف لو هو كذلك لجواز استعمال العلم في موضع النكرة فلم يخرج الحالف من عموم النكرة بحر، قلت‏:‏ وفي الأشباه المعرفة لا تدخل تحت النكرة إلا المعرفة في الجزاء‏:‏ أي فتدخل في النكرة التي هي في موضع الشرط كإن دخل داري هذه أحد فأنت طالق فدخلت هي طلقت ولو دخلها هو لم يحنث لأن المعرفة لا تدخل تحت النكرة وتمامه في القسم الثالث من أيمان الظهيرية‏.‏

‏(‏ويجب حج أو عمرة ماشيا‏)‏ من بلده ‏(‏في قوله علي المشي إلى بيت الله تعالى أو الكعبة وأراق دما إن ركب لإدخاله النقص، ولو أراد ببيت الله بعض المساجد لم يلزمه شيء ولا شيء بالخروج أو الذهاب بعلي بيت الله أو المشي‏)‏ إلى ‏(‏الحرم أو‏)‏ إلى ‏(‏المسجد الحرام‏)‏ أو باب الكعبة أو ميزابها ‏(‏أو الصفا أو المروة‏)‏ أو مزدلفة أو عرفة لعدم العرف‏.‏

‏(‏لا يعتق عبد قيل له إن لم أحج العام فأنت حر‏)‏ ثم قال حججت وأنكر العبد وأتي بشاهدين ‏(‏فشهدا بنحره‏)‏ لأضحيته ‏(‏بكوفة‏)‏ لم تقبل لقيامها على نفي الحج إذ التضحية لا تدخل تحت القضاء‏.‏ وقال محمد‏:‏ يعتق ورجحه الكمال‏.‏

‏(‏حلف لا يصوم حنث بصوم ساعة بنية‏)‏ وإن أفطر لوجود شرطه ‏(‏ولو قال‏)‏ لا أصوم ‏(‏صوما أو يوما حنث بيوم‏)‏ لأنه مطلق فيصرف إلى الكامل‏.‏ ‏(‏حلف ليصومن هذا اليوم وكان بعد أكله أو بعد الزوال صحت‏)‏ اليمين ‏(‏وحنث للحال‏)‏ لأن اليمين لا تعتمد الصحة بل التصور كتصوره في الناسي وهو ‏(‏كما لو قال لامرأته إن لم تصلي اليوم فأنت كذا فحاضت من ساعتها أو بعد ما صلت ركعة‏)‏ فإن اليمين تصح وتطلق في الحال لأن درور الدم لا يمنع كما في الاستحاضة بخلاف مسألة الكوز‏.‏ محل الفعل وهو الماء غير قائم أصلا فلا يتصور بوجه‏.‏

‏(‏وحنث في لا يصلي بركعة‏)‏ بنفس السجود بخلاف إن صليت ركعة فأنت حر لا يعتق إلا بأولى شفع لتحقق الركعة ‏(‏وفي‏)‏ لا يصلي ‏(‏صلاة بشفع‏)‏ وإن لم يقعد بخلاف لا يصلي الظهر مثلا فإنه يشترط التشهد‏.‏

‏(‏و‏)‏ حنث ‏(‏في لا يؤم أحدا باقتداء قوم به بعد شروعه وإن‏)‏ وصلية ‏(‏قصد أن لا يؤم أحدا‏)‏ لأنه أمهم ‏(‏وصدق ديانة‏)‏ فقط ‏(‏إن نواه‏)‏ أي أن لا يؤم أحدا ‏(‏وإن أشهد قبل شروعه‏)‏ أنه لا يؤم أحدا ‏(‏لا يحنث مطلقا‏)‏ لا ديانة ولا قضاء وصح الاقتداء ولو في الجمعة استحسانا ‏(‏كما‏)‏ لا حنث ‏(‏لو أمهم في صلاة الجنازة أو سجدة التلاوة‏)‏ لعدم كمالها ‏(‏بخلاف النافلة‏)‏ فإنه يحنث وإن كانت الإمامة في النافلة منهيا عنها‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

إن صليت فأنت حر فقال صليت وأنكر المولى لم يعتق لإمكان الوقوف عليها بلا حرج‏.‏ قال‏:‏ إن تركت الصلاة فطالق فصلتها قضاء طلقت على الأظهر ظهيرية‏.‏ حلف ما أخر صلاة عن وقتها وقد نام فقضاها استظهر الباقاني عدم حنثه لحديث‏:‏ «فإن ذلك وقتها»‏.‏ اجتمع حدثان فالطهارة منهما‏.‏ حلف ليصلين هذا اليوم خمس صلوات بالجماعة ويجامع امرأته، ولا يغتسل يصلي الفجر والظهر والعصر بجماعة ثم يجامعها ثم يغتسل كلما غربت ويصلي المغرب والعشاء بجماعة فلا يحنث‏.‏

‏(‏حلف لا يحج فعلى الصحيح منه‏)‏ فلا يحنث بالفاسد ‏(‏ولا يحنث حتى يقف بعرفة عن الثالث‏)‏ أي محمد ‏(‏أو حتى يطوف أكثر الطواف‏)‏ المفروض ‏(‏عن الثاني‏)‏ وبه جزم في المنهاج للعلامة عمر بن محمد العقيلي الأنصاري كان من كبار فقهاء بخارى ومات بها سنة سبعين وخمسمائة ولا يحنث في العمرة حتى يطوف أكثرها‏.‏

‏(‏إن لبست من مغزولك فهو هدي‏)‏ أي صدقة أتصدق به بمكة ‏(‏فملك‏)‏ الزوج ‏(‏قطنا‏)‏ بعد الحلف ‏(‏فغزلته‏)‏ ونسج ‏(‏ولبس فهو هدي‏)‏ عند الإمام، وله التصدق بقيمته بمكة لا غير وشرطا ملكه يوم حلف ويفتى بقولهما في ديارنا لأنها إنما تغزل من كتان نفسها أو قطنها وبقوله في الديار الرومية لغزلها من كتان الزوج نهر‏.‏

‏(‏حلف لا يلبس من غزلها فلبس تكة منه لا يحنث‏)‏ عند الثاني وبه يفتى لأنه لا يسمى لابسا عرفا ‏(‏كلا يلبس ثوبا من نسج فلان فلبس من نسج غلامه‏)‏ لا يحنث ‏(‏إذا كان فلان يعمل بيده وإلا حنث‏)‏ لتعين المجاز ‏(‏كما حنث بلبس خاتم ذهب‏)‏ ولو رجلا بلا فص ‏(‏أو عقد لؤلؤ أو زبرجد أو زمرد‏)‏ ولو غير مرصع عندهما وبه يفتى‏.‏

‏(‏في حلفه لا يلبس حليا‏)‏ للعرف ‏(‏لا‏)‏ يحنث ‏(‏بخاتم فضة‏)‏ بدليل حله للرجال ‏(‏إلا إذا كان مصوغا على هيئة خاتم النساء‏)‏ بأن كان له فص فيحنث هو الصحيح زيلعي، ولو كان مموها بذهب ينبغي حنثه به نهر كخلخال وسوار‏.‏

‏(‏حلف لا يجلس على الأرض فجلس على‏)‏ حائل منفصل كخشب أو جلد أو ‏(‏بساط أو حصير أو‏)‏ حلف ‏(‏لا ينام على هذا الفراش فجعل فوقه آخر فنام عليه أو لا يجلس على هذا السرير فجعل فوقه آخر لا يحنث‏)‏ في الصور الثلاث كما لو أخرج الحشو من الفراش للعرف، ولو نكر الأخيرين حنث مطلقا للعموم، وما في القدوري من تنكير السرير حمله في الجوهرة على المعرف ‏(‏بخلاف ما لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراش‏)‏ لم يحنث لأنه لم ينم على الألواح بحر كذا في نسخ الشرح‏.‏ لكن ينبغي التعبير بأداة التشبيه نحو كما لو إلى آخر الكلام أو تأخيره عن مقالة القرام ليصح المرام كما لا يخفى على ذوي الأفهام كما هو الموجود في غالب نسخ المتن بديارنا دمشق الشام فتنبه ‏(‏ولو جعل على الفراش قرام‏)‏ بالكسر الملاءة ‏(‏أو‏)‏ جعل ‏(‏على السرير بساط أو حصير حنث‏)‏ لأنه يعد نائما أو جالسا عليهما عرفا بخلاف ما مر ‏(‏بخلاف ما لو حلف لا ينام على ألواح هذا السرير أو ألواح هذه السفينة ففرش على ذلك فراش‏)‏ فإنه لا يحنث لأنه لم ينم على الألواح‏.‏

‏(‏حلف لا يمشي على الأرض فمشى عليها بنعل أو خف‏)‏ أو مشى على أحجار ‏(‏حنث وإن‏)‏ مشى ‏(‏على بساط لا‏)‏ يحنث‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

إن نمت على ثوبك أو فراشك فكذا اعتبر أكثر بدنه، والله أعلم‏.‏