فصل: باب الرضاع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الكفاءة

من‏:‏ كافأه؛ إذا ساواه‏.‏ والمراد هنا مساواة مخصوصة أو كون المرأة أدنى ‏(‏الكفاءة معتبرة‏)‏ في ابتداء النكاح للزومه أو لصحته ‏(‏من جانبه‏)‏ أي الرجل لأن الشريفة تأبى أن تكون فراشا للدنيء ولذا ‏(‏لا‏)‏ تعتبر ‏(‏من جانبها‏)‏ لأن الزوج مستفرش فلا تغيظه دناءة الفراش وهذا عند الكل في الصحيح، كما في الخبازية لكن في الظهيرية وغيرها هذا عنده وعندهما تعتبر في جانبها أيضا ‏(‏و‏)‏ الكفاءة ‏(‏هي حق الولي لا حقها‏)‏ فلو نكحت رجلا ولم تعلم فإذا هو عبد لا خيار لها بل للأولياء ولو زوجوها برضاها ولم يعلموا بعدم الكفاءة ثم علموا لا خيار لأحد إلا إذا شرطوا الكفاءة أو أخبرهم بها وقت العقد فزوجوها على ذلك ثم ظهر أنه غير كفء كان لهم الخيار ولوالجية فليحفظ‏.‏

‏(‏وتعتبر‏)‏ الكفاءة للزوم النكاح خلافا لمالك ‏(‏نسبا فقريش‏)‏ بعضهم ‏(‏أكفاء‏)‏ بعض ‏(‏و‏)‏ بقية ‏(‏العرب‏)‏ بعضهم ‏(‏أكفاء‏)‏ بعض واستثنى في الملتقى تبعا للهداية بني باهلة لخستهم، والحق الإطلاق قاله المصنف كالبحر والنهر والفتح والشرنبلالي ويعضده إطلاق المصنفين كالكنز والدرر وهذا في العرب

‏(‏و‏)‏ أما في العجم فتعتبر ‏(‏حرية وإسلاما‏)‏ فمسلم بنفسه أو معتق غير كفء لمن أبوها مسلم أو حر أو معتق وأمها حرة الأصل ومن أبوه مسلم أو حر غير كفء لذات أبوين ‏(‏وأبوان فيهما كالآباء‏)‏ لتمام النسب بالجد، وفي الفتح ولا يبعد مكافأة مسلم بنفسه لمعتق بنفسه وأما معتق الوضيع، فلا يكافئ معتقة الشريف‏.‏ وأما مرتد أسلم فكفء لمن لم يرتد، وأما الكفاءة بين الذميين فلا تعتبر إلا لفتنة

‏(‏و‏)‏ تعتبر في العرب والعجم ‏(‏ديانة‏)‏ أي تقوى فليس فاسق كفؤا لصالحة أو فاسقة بنت صالح معلنا كان أو لا على الظاهر نهر ‏(‏ومالا‏)‏ بأن يقدر على المعجل ونفقة شهر لو غير محترف، وإلا فإن كان يكتسب كل يوم كفايتها لو تطيق الجماع ‏(‏وحرفة‏)‏ فمثل حائك غير كفء لمثل خياط ولا خياط لبزاز وتاجر ولا هما لعالم وقاض، وأما أتباع الظلمة فأخس من الكل وأما الوظائف فمن الحرف فصاحبها كفء للتاجر لو غير دنيئة كبوابة وذو تدريس أو نظر كفء لبنت الأمير بمصر بحر

‏(‏و‏)‏ الكفاءة ‏(‏اعتبارها عند‏)‏ ابتداء ‏(‏العقد فلا يضر زوالها بعده‏)‏ فلو كان وقته كفؤا ثم فجر لم يفسخ، وأما لو كان دباغا فصار تاجرا فإن بقي عارها لم يكن كفؤا وإلا لا‏.‏ نهر بحثا

‏(‏العجمي لا يكون كفؤا للعربية ولو‏)‏ كان العجمي ‏(‏عالما‏)‏ أو سلطانا ‏(‏وهو الأصح‏)‏ فتح عن الينابيع وادعى في البحر أنه ظاهر الرواية وأقره المصنف لكن في النهر فسر الحسيب بذي المنصب والجاه فغير كفء للعلوية كما في الينابيع وإن بالعالم فكفء لأن شرف العلم فوق شرف النسب والمال كما جزم به البزازي وارتضاه الكمال وغيره والوجه فيه ظاهر ولذا قيل‏:‏ إن عائشة أفضل من فاطمة رضي الله عنهما ذكره القهستاني

والحنفي كفء لبنت الشافعي ومتى سألنا عن مذهبه أجبنا بمذهبنا كما بسطه المصنف معزيا لجواهر الفتاوى

‏(‏القروي كفء للمدني‏)‏ فلا عبرة بالبلد كما لا عبرة بالجمال الخانية، ولا بالعقل ولا بعيوب يفسخ بها البيع خلافا للشافعي، لكن في النهر عن المرغيناني المجنون ليس بكفء للعاقلة

‏(‏وكذا الصبي كفء بغنى أبيه‏)‏ أو أمه أو جده نهر عن المحيط ‏(‏بالنسبة إلى المهر‏)‏ يعني المعجل كما مر ‏(‏لا‏)‏ بالنسبة إلى ‏(‏النفقة‏)‏ لأن العادة أن الآباء يتحملون عن الأبناء المهر لا النفقة ذخيرة

‏(‏ولو نكحت بأقل من مهرها فللولي‏)‏ العصبة ‏(‏الاعتراض حتى يتم‏)‏ مهر مثلها ‏(‏أو يفرق‏)‏ القاضي بينهما دفعا للعار ‏(‏ولو طلقها‏)‏ الزوج ‏(‏قبل تفريق الولي قبل الدخول فلها نصف المسمى‏)‏ فلو فرق الولي بينهما قبل الدخول فلا مهر لها وإن بعده فلها المسمى وكذا لو مات أحدهما قبل التفريق فليس للولي المطالبة بالإتمام لانتهاء النكاح بالموت جواهر الفتاوى

‏(‏أمره بتزويج امرأة فزوجه أمة جاز وقالا‏:‏ لا يصح‏)‏ وهو استحسان ملتقى تبعا للهداية وفي شرح الطحاوي قولهما أحسن للفتوى واختاره أبو الليث، وأقره المصنف وأجمعوا أنه لو زوجه بنته الصغيرة أو موليته لم يجز كما لو أمره بمعينة أو بحرة أو أمة، فخالف أو أمرته بتزويجها ولم تعين فزوجها غير كفء لم يجز اتفاقا ‏(‏ولو‏)‏ زوجه المأمور بنكاح امرأة ‏(‏امرأتين في عقد واحد لا‏)‏ ينفذ للمخالفة وله أن يجيزهما أو إحداهما ولو في عقدين لزم الأول وتوقف الثاني؛ ولو أمره بامرأتين في عقدة فزوجه واحدة أو ثنتين في عقدتان جاز إلا إذا قال‏:‏ لا تزوجني إلا امرأتين في عقدة أو في عقدتين لم تجز المخالفة

‏(‏ولا يتوقف الإيجاب على قبول غائب عن المجلس في سائر العقود‏)‏ من نكاح وبيع وغيرهما، بل يبطل الإيجاب، ولا تلحقه الإجازة اتفاقا

‏(‏ويتولى طرفي النكاح واحد‏)‏ بإيجاب يقوم مقام القبول في خمس صور كأن كان وليا أو وكيلا من الجانبين أو أصيلا من جانب ووكيلا أو وليا من آخر، أو وليا من جانب وكيلا من آخر كزوجت بنتي من موكلي ‏(‏ليس‏)‏ ذلك الواحد ‏(‏بفضولي‏)‏ ولو ‏(‏من جانب‏)‏ وإن تكلم بكلامين على الراجح لأن قبوله غير معتبر شرعا لما تقرر أن الإيجاب لا يتوقف على قبول غائب

‏(‏ونكاح عبد وأمة بغير إذن السيد موقوف‏)‏ على الإجازة ‏(‏كنكاح الفضولي‏)‏ سيجيء في البيوع توقف عقوده كلها إن لها مجيز حالة العقد ولا تبطل‏.‏

‏(‏ولابن العم أن يزوج بنت عمه الصغيرة‏)‏ فلو كبيرة فلا بد من الاستئذان، حتى لو تزوجها بلا استئذان فسكتت أو أفصحت بالرضا لا يجوز عندهما‏.‏ وقال أبو يوسف‏:‏ يجوز وكذا المولى المعتق والحاكم والسلطان جوهرة به يفتي بخلاف الصغيرة كما مر فليحرر ‏(‏من نفسه‏)‏ فيكون أصيلا من جانب وليا من آخر ‏(‏كما للوكيل‏)‏ الذي وكلته أن يزوجها على نفسه فإن له ‏(‏ذلك‏)‏ فيكون أصيلا من جانب وكيلا من آخر ‏(‏بخلاف ما لو وكلته بتزويجها من رجل فزوجها من نفسه‏)‏ لأنها نصبته مزوجا لا متزوجا ‏(‏أو وكلته أن يتصرف في أمرها أو قالت له زوج نفسي ممن شئت‏)‏ لم يصح تزويجها من نفسه كما في الخانية والأصل أن الوكيل معرفة بالخطاب فلا يدخل تحت النكرة

‏(‏ولو أجاز‏)‏ من له الإجازة ‏(‏نكاح الفضولي بعد موته صح‏)‏ لأن الشرط قيام المعقود له وأحد العاقدين لنفسه فقط ‏(‏بخلاف إجازة بيعه‏)‏ فإنه يشترط قيام أربعة أشياء كما سيجيء‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

الفضولي قبل الإجازة لا يملك نقض النكاح

بخلاف البيع يشترط للزوم عقد الوكيل موافقته في المهر المسمى وحكم رسول كوكيل‏.‏

باب المهر

ومن أسمائه‏:‏ الصداق والصدقة، والنحلة، والعطية، والعقر‏.‏ وفي استيلاد الجوهرة العقر في الحرائر مهر المثل وفي الإماء عشر قيمة البكر ونصف عشر قيمة الثيب‏.‏

‏(‏أقله عشرة دراهم‏)‏ لحديث البيهقي وغيره‏:‏ «لا مهر أقل من عشرة دراهم» ورواية الأقل تحمل على المعجل ‏(‏فضة وزن سبعة‏)‏ مثاقيل كما في الزكاة ‏(‏مضروبة كانت أو لا‏)‏ ولو دينا أو عرضا قيمته عشرة وقت العقد، أما في ضمانها بطلاق قبل الوطء فيوم القبض ‏(‏وتجب‏)‏ العشرة ‏(‏إن سماها أو دونها و‏)‏ يجب ‏(‏الأكثر منها إن سمى‏)‏ الأكثر ويتأكد ‏(‏عند وطء أو خلوة صحت‏)‏ من الزوج ‏(‏أو موت أحدهما‏)‏ أو تزوج ثانيا في العدة أو إزالة بكارتها بنحو حجر بخلاف إزالتها بدفعة فإنه يجب النصف بطلاق قبل وطء ولو الدفع من أجنبي، فعلى الأجنبي أيضا نصف مهر مثلها إن طلقت قبل الدخول وإلا فكله نهر بحثا -

‏(‏و‏)‏ يجب ‏(‏نصفه بطلاق قبل وطء أو خلوة‏)‏ فلو كان نكاح على ما قيمته خمسة كان لها نصفه ودرهمان ونصف ‏(‏وعاد النصف إلى ملك الزوج بمجرد الطلاق إذا لم يكن مسلما لها، وإن‏)‏ كان ‏(‏مسلما‏)‏ لها لم يبطل ملكها منه بل ‏(‏توقف‏)‏ عوده إلى ملكه ‏(‏على القضاء أو الرضا‏)‏ فلهذا ‏(‏لا نفاذ لعتقه‏)‏ أي الزوج ‏(‏عيد المهر بعد طلاقها قبله‏)‏ أي قبل القضاء ونحوه لعدم ملكه قبله ‏(‏ونفذ تصرف المرأة‏)‏ قبله ‏(‏في الكل لبقاء ملكها‏)‏ وعليها نصف قيمة الأصل يوم القبض؛ لأن زيادة المهر المنفصلة تنتصف قبل القبض لا بعده ‏(‏ووجب مهر المثل في الشغار‏)‏ هو أن يزوجه بنته على أن يزوجه الآخر بنته أو أخته مثلا معاوضة بالعقدين وهو منهي عنه لخلوه عن المهر، فأوجبنا فيه مهر المثل فلم يبق شغارا‏.‏

‏(‏و‏)‏ في ‏(‏خدمة زوج حر‏)‏ سنة ‏(‏للإمهار‏)‏ لحرة أو أمة لأن فيه قلب الموضوع كذا قالوا ومفاده صحة تزوجها على أن يخدم سيدها أو وليها كقصة شعيب مع موسى كصحته على خدمة عبده أو أمته أو عبد الغير برضا مولاه أو حر آخر برضاه

‏(‏و‏)‏ في ‏(‏تعليم القرآن‏)‏ للنص بالابتغاء بالمال، وباء‏:‏ «زوجتك بما معك من القرآن» - للسببية أو للتعليل، لكن في النهر ينبغي أن يصح على قول المتأخرين ‏(‏ولها خدمته لو‏)‏ كان الزوج ‏(‏عبدا‏)‏ مأذونا في ذلك، أما الحر فخدمته لها حرام لما فيه من الإهانة والإذلال وكذا استخدامه عن نهر البدائع

‏(‏وكذا يجب‏)‏ مهر المثل ‏(‏فيما إذا لم يسم‏)‏ مهرا ‏(‏أو نفى إن وطئ‏)‏ الزوج ‏(‏أو مات عنها إذا لم يتراضيا على شيء‏)‏ يصلح مهرا ‏(‏وإلا فذلك‏)‏ الشيء ‏(‏هو الواجب، أو سمى خمرا أو خنزيرا أو هذا العبد وهو حر أو هذا العبد وهو حر‏)‏ لتعذر التسليم ‏(‏أو دابة‏)‏ أو ثوبا أو دارا و ‏(‏لم يبين جنسها‏)‏ لفحش الجهل

‏(‏و‏)‏ تجب ‏(‏متعة لمفوضة‏)‏ وهي من زوجت بلا مهر ‏(‏طلقت قبل الوطء، وهي درع وخمار وملحفة لا تزيد على نصفه‏)‏ أي نصف مهر المثل لو الزوج غنيا ‏(‏ولا تنقص عن خمسة دراهم‏)‏ لو فقيرا ‏(‏وتعتبر‏)‏ المتعة ‏(‏بحالهما‏)‏ كالنفقة به يفتى

‏(‏وتستحب المتعة لمن سواها‏)‏ أي المفوضة ‏(‏إلا من سمي لها مهر وطلقت قبل وطء‏)‏ فلا تستحب لها بل للموطوءة سمي لها مهر أو لا فالمطلقات أربع ‏(‏وما فرض‏)‏ بتراضيهما أو بفرض قاض مهر المثل ‏(‏بعد العقد‏)‏ الخالي عن المهر ‏(‏أو زيد‏)‏ على ما سمي فإنها تلزمه بشرط قبولها في المجلس أو قبول ولي الصغيرة ومعرفة قدرها وبقاء الزوجية على الظاهر نهر‏.‏

وفي الكافي‏:‏ جدد النكاح بزيادة ألف لزمه ألفان على الظاهر

وفي الخانية‏:‏ ولو وهبته مهرها ثم أقر بكذا من المهر وقبلت صح، ويحمل على الزيادة وفي البزازية‏:‏ الأشبه أنه لا يصح بلا قصد الزيادة ‏(‏لا ينصف‏)‏ لاختصاص التنصيف بالمفروض في العقد بالنص، بل تجب المتعة في الأول ونصف الأصل في الثاني‏.‏

‏(‏وصح حطها‏)‏ لكله أو بعضه ‏(‏عنه‏)‏ قبل أو لا، ويرتد بالرد كما في البحر

‏(‏والخلوة‏)‏ مبتدأ خبره قوله الآتي كالوطء ‏(‏بلا مانع حسي‏)‏ كمرض لأحدهما يمنع الوطء ‏(‏وطبعي‏)‏ كوجود ثالث عاقل ذكره ابن الكمال، وجعله في الأسرار من الحسي، وعليه فليس للطبعي مثال مستقل ‏(‏وشرعي‏)‏ كإحرام لفرض أو نفل‏.‏ ‏(‏و‏)‏ من الحسي ‏(‏رتق‏)‏ بفتحتين‏:‏ التلاحم ‏(‏وقرن‏)‏ بالسكون‏:‏ عظم ‏(‏وعفل‏)‏ بفتحتين‏:‏ غدة ‏(‏وصغر‏)‏ ولو بزوج ‏(‏لا يطاق معه الجماع و‏)‏ بلا ‏(‏وجود ثالث معهما‏)‏ ولو نائما أو أعمى ‏(‏إلا أن يكون‏)‏ الثالث ‏(‏صغيرا لا يعقل‏)‏ بأن لا يعبر عما يكون بينهما ‏(‏أو مجنونا أو مغمى عليه‏)‏ لكن في‏.‏ البزازية‏:‏ إن في الليل صحت لا في النهار، وكذا الأعمى في الأصح ‏(‏أو جارية أحدهما‏)‏ فلا تمنع به يفتى مبتغى

‏(‏والكلب يمنع إن‏)‏ كان ‏(‏عقورا‏)‏ مطلقا‏.‏ وفي الفتح‏:‏ وعندي أن كلبه لا يمنع مطلقا ‏(‏أو‏)‏ كان ‏(‏للزوجة وإلا‏)‏ يكن عقورا وكان له ‏(‏لا‏)‏ يمنع وبقي منه عدم صلاحية المكان كمسجد وطريق وحمام وصحراء وسطح وبيت بابه مفتوح، وما إذا لم يعرفها‏.‏

‏(‏وصوم التطوع والمنذور والكفارات والقضاء غير مانع لصحتها‏)‏ في الأصح، إذ لا كفارة بالإفساد ومفاده أنه لو أكل ناسيا فأمسك فخلا بها أن تصح وكذا كل ما أسقط الكفارة نهر ‏(‏بل المانع صوم رمضان‏)‏ أداء وصلاة الفرض فقط ‏(‏كالوطء‏)‏ فيما يجيء ‏(‏ولو‏)‏ كان الزوج ‏(‏مجبوبا أو عنينا أو خصيا‏)‏ أو خنثى إن ظهر حاله وإلا فنكاحه موقوف، وما في البحر والأشباه ليس على ظاهره كما بسطه في النهر‏.‏ وفيه عن شرح الوهبانية أن العنة قد تكون لمرض أو ضعف خلقة أو كبر سن ‏(‏في ثبوت النسب‏)‏ ولو من المجبوب ‏(‏و‏)‏ في ‏(‏تأكد المهر‏)‏ المسمى ‏(‏و‏)‏ مهر المثل بلا تسمية و ‏(‏النفقة والسكنى والعدة وحرمة نكاح أختها وأربع سواها‏)‏ في عدتها

‏(‏وحرمة نكاح الأمة ومراعاة وقت الطلاق في حقها‏)‏ وكذا في وقوع طلاق بائن آخر على المختار ‏(‏لا‏)‏ تكون كالوطء ‏(‏في حق‏)‏ بقية الأحكام كالغسل و ‏(‏الإحصان وحرمة البنات وحلها للأول والرجعة والميراث‏)‏ وتزويجها كالأبكار على المختار وغير ذلك كما نظمه صاحب النهر فقال‏:‏ وخلوة الزوج مثل الوطء في صور وغيره وبهذا العقد تحصيل تكميل مهر وإعداد كذا نسب إنفاق سكنى ومنع الأخت مقبول وأربع وكذا قالوا الإما ولقد راعوا زمان فراق فيه ترحيل وأوقعوا فيه تطليقا إذا لحقا وقيل لا والصواب الأول القيل أما المعاير فالإحصان يا أملي ورجعة وكذا التوريث معقول سقوط وطء وإحلال لها وكذا تحريم بنت نكاح البكر مبذول كذلك الفيء والتكفير ما فسدت عبادة وكذا بالغسل تكميل

‏(‏ولو افترقا فقالت بعد الدخول وقال الزوج قبل الدخول فالقول لها‏)‏ لإنكارها سقوط نصف المهر؛ وإن أنكر الوطء ولو لم تمكنه في الخلوة، فإن بكرا صحت وإلا لا لأن البكر إنما توطأ كرها كما بحثه الطرسوسي وأقره المصنف‏.‏

‏(‏ولو قال إن خلوت بك فأنت طالق فخلا بها طلقت‏)‏ بائنا لوجود الشرط ‏(‏ووجب نصف المهر‏)‏ ولا عدة عليها بزازية

‏(‏وتجب العدة في الكل‏)‏ أي كل أنواع الخلوة ولو فاسدا ‏(‏احتياطا‏)‏ أي استحسانا لتوهم الشغل ‏(‏وقيل‏)‏ قائله القدوري واختاره التمرتاشي وقاضي خان ‏(‏إن كان المانع شرعيا‏)‏ كصوم ‏(‏وتجب‏)‏ العدة ‏(‏وإن‏)‏ كان ‏(‏حسيا‏)‏ كصغر ومرض مدنف ‏(‏لا‏)‏ تجب والمذهب الأول لأنه نص محمد قاله المصنف‏.‏ وفي المجتبى‏:‏ الموت أيضا كالوطء في حق العدة والمهر فقط، حتى لو ماتت الأم قبل دخوله لها حلت بنتها

‏(‏قبضت ألف المهر فوهبته له وطلقت قبل وطء رجع‏)‏ عليها ‏(‏بنصفه‏)‏ لعدم تعين النقود في العقود ‏(‏وإن لم تقبضه أو قبضت نصفه فوهبته الكل‏)‏ في الصورة الأولى ‏(‏أو ما بقي‏)‏ وهو النصف في الثانية ‏(‏أو‏)‏ وهبت ‏(‏عرض المهر‏)‏ كثوب معين أو في الذمة ‏(‏قبل القبض أو بعده لا‏)‏ رجوع لحصول المقصود‏.‏

‏(‏نكحها بألف على أن لا يخرجها من البلد أو لا يتزوج عليها أو‏)‏ نكحها ‏(‏على ألف إن أقام بها وعلى ألفين إن أخرجها، فإن وفى‏)‏ بما شرطه في الصورة الأولى ‏(‏وأقام‏)‏ بها في الثانية ‏(‏فلها الألف‏)‏ لرضاها به‏.‏ فهنا صورتان‏:‏ الأولى تسمية المهر مع ذكر شرط ينفعها والثانية تسمية مهر على تقدير وغيره على تقدير ‏(‏وإلا‏)‏ يوف ولم يقم ‏(‏فمهر المثل‏)‏ لفوت رضاها بفوات النفع ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏لا يزاد‏)‏ المهر في المسألة الأخيرة ‏(‏على ألفين ولا ينقص عن ألف‏)‏ لاتفاقهما على ذلك، ولو طلقها قبل الدخول تنصف المسمى في المسألتين لسقوط الشرط‏.‏ وقالا الشرطان صحيحان ‏(‏بخلاف ما لو تزوجها على ألف إن كانت قبيحة وعلى ألفين إن كانت جميلة فإنه يصح الشرطان‏)‏ اتفاقا في الأصح لقلة الجهالة بخلاف ما لو ردد في المهر بين القلة والكثرة للثيوبة والبكارة، فإنها إن ثيبا لزمه الأقل وإلا فمهر المثل لا يزاد على الأكثر ولا ينقص عن الأقل فتح، ولو شرط البكارة فوجدها ثيبا لزمه الكل درر ورجحه في البزازية‏.‏

‏(‏ولو تزوجها على هذا العبد أو على هذا الألف‏)‏ أو الألفين ‏(‏أو على هذا العبد وهذا العبد‏)‏ أو على أحد هذين ‏(‏وأحدهما أوكس حكم‏)‏ القاضي ‏(‏مهر المثل‏)‏ فإن مثل الأرفع أو فوقه فلها الأرفع، وإن مثل الأوكس أو دونه فلها الأوكس وإلا فمهر المثل ‏(‏وفي الطلاق قبل الدخول يحكم بمتعة المثل‏)‏ لأنها الأصل، حتى لو كان نصف الأوكس أقل من المتعة وجبت المتعة فتح‏.‏

‏(‏ولو تزوجها على فرس‏)‏ أو عبد أو ثوب هروي أو فراش بيت أو على معلوم من نحو إبل ‏(‏فالواجب‏)‏ في كل جنس له وسط ‏(‏الوسط أو قيمته‏)‏ وكل ما لم يجز السلم فيه فالخيار للزوج وإلا فللمرأة ‏(‏وكذا الحكم‏)‏ وهو لزوم الوسط ‏(‏في كل حيوان ذكر جنسه‏)‏ هو عند الفقهاء المقول على كثيرين مختلفين في الأحكام ‏(‏دون نوعه‏)‏ هو المقول عامه على كثيرين متفقين فيها، بخلاف قول الجنس كثوب ودابة لأنه لا وسط له - ووسط العبيد في زماننا الحبشي ‏(‏وإن أمهرها العبدين و‏)‏ الحال أن ‏(‏أحدهما حر فمهرها العبد‏)‏ عند الإمام ‏(‏إن ساوى أقله‏)‏ أي عشرة دراهم ‏(‏وإلا كمل لها العشرة‏)‏ لأن وجوب المسمى وإن قل يمنع مهر المثل‏.‏ وعند الثاني لها قيمة الحر لو عبدا ورجحه الكمال كما لو استحق أحدهما‏.‏

‏(‏ويجب مهر المثل في نكاح فاسد‏)‏ وهو الذي فقد شرطا من شرائط الصحة كشهود ‏(‏بالوطء‏)‏ في القبل ‏(‏لا بغيره‏)‏ كالخلوة لحرمة وطئها ‏(‏ولم يزد‏)‏ مهر المثل ‏(‏على المسمى‏)‏ لرضاها بالحط، ولو كان دون المسمى لزم مهر المثل لفساد التسمية بفساد العقد، ولو لم يسم أو جهل لزم بالغا ما بلغ ‏(‏و‏)‏ يثبت ‏(‏لكل واحد منهما فسخه ولو بغير محضر عن صاحبه دخل بها أو لا‏)‏ في الأصح خروجا عن المعصية‏.‏ فلا ينافي وجوبه بل يجب على القاضي التفريق بينهما ‏(‏وتجب العدة بعد الوطء‏)‏ لا الخلوة للطلاق لا للموت ‏(‏من وقت التفريق‏)‏ أو متاركة الزوج وإن لم تعلم المرأة بالمتاركة في الأصح

‏(‏ويثبت النسب‏)‏ احتياطا بلا دعوة ‏(‏وتعتبر مدته‏)‏ وهي ستة أشهر ‏(‏من الوطء، فإن كانت منه إلى الوضع أقل مدة الحمل‏)‏ يعني ستة أشهر فأكثر ‏(‏يثبت‏)‏ النسب ‏(‏وإلا‏)‏ بأن ولدته لأقل من ستة أشهر ‏(‏لا‏)‏ يثبت، وهذا قول محمد وبه يفتى، وقالا‏:‏ ابتداء المدة من وقت العقد كالصحيح ورجحه في النهر بأنه أحوط وذكر من التصرفات الفاسدة إحدى وعشرين، ونظم منها العشرة التي في الخلاصة فقال‏:‏ وفاسد من العقود عشر إجارة وحكم هذا الأجر وجوب أدنى مثل أو مسمى أو كله مع فقدك المسمى والواجب الأكثر في الكتابة من الذي سماه أو من قيمة وفي النكاح المثل إن يكن دخل وخارج البذر لمالك أجل والصلح والرهن لكل نقضه أمانة أو كالصحيح حكمه ثم الهبة مضمونة يوم قبض وصح بيعه لعبد اقترض مضاربة وحكمها الأمانة والمثل في البيع وإلا القيمة

‏(‏و‏)‏ الحرة ‏(‏مهر مثلها‏)‏ الشرعي ‏(‏مهر مثلها‏)‏ اللغوي‏:‏ أي مهر امرأة تماثلها ‏(‏من قوم أبيها‏)‏ لا أمها إن لم تكن من قومه كبنت عمه‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ يعتبر بأخواتها وعماتها، فإن لم يكن فبنت الشقيقة وبنت العم انتهى ومفاده اعتبار الترتيب فليحفظ‏.‏ وتعتبر المماثلة في الأوصاف ‏(‏وقت العقد سنا وجمالا ومالا وبلدا وعصرا وعقلا ودينا وبكارة وثيوبة وعفة وعلما وأدبا وكمال خلق‏)‏ وعدم ولد‏.‏ ويعتبر حال الزوج أيضا، ذكره الكمال

قال‏:‏ ومهر الأمة بقدر الرغبة فيها

‏(‏ويشترط فيه‏)‏ أي في ثبوت مهر المثل لما ذكر ‏(‏إخبار رجلين أو رجل وامرأتين ولفظ الشهادة‏)‏ فإن لم يوجد شهود عدول فالقول للزوج بيمينه، وما في المحيط من أن للقاضي فرض المهر حمله في النهر على ما إذا رضيا بذلك ‏(‏فإن لم يوجد من قبيلة أبيها فمن الأجانب‏)‏ أي فمن قبيلة تماثل قبيلة أبيها ‏(‏فإن لم يوجد فالقول له‏)‏ أي للزوج في ذلك بيمينه كما مر‏.‏

‏(‏وصح ضمان الولي مهرها ولو‏)‏ المرأة ‏(‏صغيرة‏)‏ ولو عاقدا لأنه سفير، لكن بشرط صحته؛ فلو في مرض موته وهو وارثه لم يصح، وإلا صح من الثلث، وقبول المرأة أو غيرها في مجلس الضمان ‏(‏وتطلب أيا شاءت‏)‏ من زوجها البالغ، أو الولي الضامن ‏(‏فإن أدى رجع على الزوج إن أمر‏)‏ كما هو حكم الكفالة

‏(‏ولا يطالب الأب بمهر ابنه الصغير الفقير‏)‏ أما الغني فيطالب أبوه بالدفع من مال ابنه لا من مال نفسه ‏(‏إذا زوجه امرأة إلا إذا ضمنه‏)‏ على المعتمد ‏(‏كما في النفقة‏)‏ فإنه لا يؤخذ بها إلا إذا ضمن، ولا رجوع للأب إلا إذا أشهد على الرجوع عند الأداء

‏(‏ولها منعه من الوطء‏)‏ ودواعيه شرح مجمع ‏(‏والسفر بها ولو بعد وطء وخلوة رضيتهما‏)‏ لأن كل وطأة معقود عليها، فتسليم البعض لا يوجب تسليم الباقي ‏(‏لأخذ ما بين تعجيله‏)‏ من المهر كله أو بعضه ‏(‏أو‏)‏ أخذ ‏(‏قدر ما يعجل لمثلها عرفا‏)‏ به يفتى، لأن المعروف كالمشروط ‏(‏إن لم يؤجل‏)‏ أو يعجل ‏(‏كله‏)‏ فكما شرط لأن الصريح يفوق الدلالة إلا إذا جهل الأجل جهالة فاحشة فيجب حالا غاية، إلا التأجيل لطلاق أو موت فيصح للعرف بزازية‏.‏ وعن الثاني لها منعه إن أجله كله، وبه يفتى استحسانا ولوالجية وفي النهر‏:‏ لو تزوجها على مائة على حكم الحلول على أن يعجل أربعين لها منعه حتى تقبضه‏.‏ ‏(‏و‏)‏ لها ‏(‏النفقة‏)‏ بعد المنع ‏(‏و‏)‏ لها ‏(‏السفر والخروج من بيت زوجها للحاجة؛ و‏)‏ لها ‏(‏زيارة أهلها بلا إذنه ما لم تقبضه‏)‏ أي المعجل، فلا تخرج إلا لحق لها أو عليها أو لزيارة أبويها كل جمعة مرة أو المحارم كل سنة، ولكونها قابلة أو غاسلة لا فيما عدا ذلك، وإن أذن كانا عاصيين والمعتمد جواز الحمام بلا تزين أشباه وسيجيء في النفقة

‏(‏ويسافر بها بعد أداء كله‏)‏ مؤجلا ومعجلا ‏(‏إذا كان مأمونا عليها وإلا‏)‏ يؤد كله، أو لم يكن مأمونا ‏(‏لا‏)‏ يسافر بها وبه يفتى كما في شروح المجمع واختاره في ملتقى الأبحر ومجمع الفتاوى واعتمده المصنف وبه أفتى شيخنا الرملي، لكن في النهر‏:‏ والذي عليه العمل في ديارنا أنه لا يسافر بها جبرا عليها، وجزم به البزازي وغيره‏.‏ وفي المختار‏:‏ وعليه الفتوى‏.‏ وفي الفصول‏:‏ يفتى بما يقع عنده من المصلحة ‏(‏وينقلها فيما دون مدته‏)‏ أي السفر ‏(‏من المصر إلى القرية وبالعكس‏)‏ ومن قرية إلى قرية لأنه ليس بغربة، وقيده في التتارخانية بقرية يمكنه الرجوع قبل الليل إلى وطنه، وأطلقه في الكافي قائلا‏:‏ وعليه الفتوى -

‏(‏وإن اختلفا‏)‏ في المهر ‏(‏ففي أصله‏)‏ حلف منكر التسمية، فإن نكل ثبت، وإن حلف ‏(‏يجب مهر المثل‏)‏ وفي المهر يحلف ‏(‏إجماعا، و‏)‏ إن اختلفا ‏(‏وفي قدره حال قيام النكاح فالقول لمن شهد له مهر المثل‏)‏ بيمينه ‏(‏وأي أقام بينة قبلت‏)‏ سواء ‏(‏شهد مهر المثل له، أو لها، أو لا ولا، وإن أقاما البينة فبينتها‏)‏ مقدمة ‏(‏إن شهد مهر المثل له، وبينته‏)‏ مقدمة ‏(‏إن شهد‏)‏ مهر المثل ‏(‏لها‏)‏ لأن البينات لإثبات خلاف الظاهر ‏(‏وإن كان مهر المثل بينهما تحالفا، فإن حلفا أو برهنا قضي به، وإن برهن أحدهما قبل برهانه‏)‏ لأنه نور دعواه‏.‏

‏(‏وفي الطلاق قبل الوطء حكم متعة المثل‏)‏ لو المسمى دينا وإن عينا كمسألة العبد والجارية فلها المتعة بلا تحكيم إلا أن يرضى الزوج بنصف الجارية ‏(‏وأي أقام بينة قبلت فإن أقاما فبينتها‏)‏ أولى ‏(‏وإن شهدت له‏)‏ المتعة ‏(‏وبينته إن شهدت لها، وإن كانت‏)‏ المتعة ‏(‏بينهما تحالفا، وإن حلف وجب متعة المثل؛ وموت أحدهما كحياته في الحكم‏)‏ أصلا وقدرا لعدم سقوطه بموت أحدهما ‏(‏وبعد موتهما ففي القدر القول لورثته، و‏)‏ في الاختلاف ‏(‏في أصله‏)‏ القول لمنكر التسمية ‏(‏لم يقض بشيء‏)‏ ما لم يبرهن على التسمية ‏(‏وقالا يقضى بمهر المثل‏)‏ كحال حياة ‏(‏وبه يفتى وهذا‏)‏ كله ‏(‏إذا لم تسلم نفسها، فإن سلمت ووقع الاختلاف في الحالين‏)‏ الحياة وبعدها ‏(‏لا يحكم بمهر المثل‏)‏ لأنها لا تسلمه نفسها إلا بعد تعجيل شيء عادة ‏(‏بل يقال لها لا بد أن تقري بما تعجلت وإلا قضينا عليك بالمتعارف‏)‏ تعجيله ‏(‏ثم يعمل في الباقي بما ذكرنا‏)‏ وهذا إذا ادعى الزوج إيصال شيء إليها بحر‏.‏

‏(‏ولو بعث إلى امرأته شيئا ولم يذكر جهة عند الدفع غير‏)‏ جهة ‏(‏المهر‏)‏ كقوله لشمع أو حناء ثم قال إنه من المهر لم يقبل قنية لوقوعه هدية فلا ينقلب مهرا ‏(‏فقالت هو‏)‏ أي المبعوث ‏(‏هدية وقال هو من المهر‏)‏ أو من الكسوة أو عارية ‏(‏فالقول له‏)‏ بيمينه والبينة لها، فإن حلف والمبعوث قائم فلها أن ترده - وترجع بباقي المهر ذكره ابن الكمال‏.‏ ولو عوضته ثم ادعاه عارية فلها أن تسترد العوض من جنسه زيلعي ‏(‏في غير المهيإ للأكل‏)‏ كثياب وشاة حية وسمن وعسل وما يبقى شهرا أخي زاده ‏(‏و‏)‏ القول ‏(‏لها‏)‏ بيمينها ‏(‏في المهيإ له‏)‏ كخبز ولحم مشوي لأن الظاهر يكذبه، ولذا قال الفقيه‏:‏ المختار أنه يصدق فيما لا يجب عليه كخف وملاءة لا فيما يجب كخمار ودرع، يعني ما لم يدع أنه كسوة لأن الظاهر معه‏.‏

‏(‏خطب بنت رجل وبعث إليها أشياء ولم يزوجها أبوها فما بعث للمهر يسترد عينه قائما‏)‏ فقط وإن تغير بالاستعمال ‏(‏أو قيمته هالكا‏)‏ لأنه معاوضة ولم تتم فجاز الاسترداد ‏(‏وكذا‏)‏ يسترد ‏(‏ما بعث هدية وهو قائم دون الهالك والمستهلك‏)‏ لأنه في معنى الهبة‏.‏

‏(‏ولو ادعت أنه‏)‏ أي المبعوث ‏(‏من المهر وقال هو وديعة فإنه كان من جنس المهر فالقول لها، وإن كان من خلافه فالقول له‏)‏ بشهادة الظاهر‏.‏

‏(‏أنفق‏)‏ رجل ‏(‏على معتدة الغير بشرط أن يتزوجها‏)‏ بعد عدتها ‏(‏إن تزوجته لا رجوع مطلقا، وإن أبت فله الرجوع إن كان دفع لها، وإن أكلت معه فلا مطلقا‏)‏ بحر عن العمادية‏.‏

وفيه عن المبتغى ‏(‏جهز ابنته بجهاز وسلمها ذلك ليس له الاسترداد منها ولا لورثته بعد أن سلمها ذلك وفي صحته‏)‏ بل تختص به ‏(‏وبه يفتى‏)‏ وكذا لو اشتراه لها في صغرها ولوالجية‏.‏ والحيلة أن يشهد عند التسليم إليها أنه إنما سلمه عارية والأحوط أن يشتريه منها ثم تبرئه درر‏.‏

‏(‏أخذ أهل المرأة شيئا عند التسليم فللزوج أن يسترده‏)‏ لأنه رشوة‏.‏

‏(‏جهز ابنته ثم ادعى أن ما دفعه لها عارية وقالت هو تمليك أو قال الزوج ذلك بعد موتها ليرث منه وقال الأب‏)‏ أو ورثته بعد موته ‏(‏عارية ف‏)‏ المعتمد أن ‏(‏القول للزوج ولها إذا كان العرف مستمرا أن الأب يدفع مثله جهازا لا عارية، و‏)‏ أما ‏(‏إن مشتركا‏)‏ كمصر والشام ‏(‏فالقول للأب‏)‏ كما لو أكثر مما يجهز به مثلها

‏(‏والأم كالأب في تجهيزها‏)‏ وكذا ولي الصغيرة شرح وهبانية‏.‏ واستحسن في النهر تبعا لقاضي خان أن الأب إن كان من الأشراف لم يقبل قوله أنه عارية‏.‏

‏(‏ولو دفعت في تجهيزها لابنتها أشياء من أمتعة الأب بحضرته وعلمه وكان ساكتا وزفت إلى الزوج فليس للأب أن يسترد ذلك من ابنته‏)‏ لجريان العرف به ‏(‏وكذا لو أنفقت الأم في جهازها ما هو معتاد والأب ساكت لا تضمن‏)‏ الأم، وهما من المسائل السبع والثلاثين بل الثمان والأربعين على ما في زواهر الجواهر التي السكوت فيها كالنطق

‏[‏فرع‏]‏

لو زفت إليه بلا جهاز يليق به فله مطالبة الأب بالنقد قنية، زاد في البحر عن المبتغى إلا إذا سكت طويلا فلا خصومة له، ولكن في النهر عن البزازية‏:‏ الصحيح أنه لا يرجع على الأب بشيء لأن المال في النكاح غير مقصود‏.‏

‏(‏نكح ذمي‏)‏ أو مستأمن ‏(‏ذمية أو حربي حربية ثمة بميتة أو بلا مهر بأن سكتا عنه أو نفياه و‏)‏ الحال أن ‏(‏ذا جائز عندهم فوطئت أو خلقت قبله أو مات عنها فلا مهر لها‏)‏ لو أسلما أو ترافعا إلينا لأنا أمرنا بتركهم وما يدينون ‏(‏وتثبت‏)‏ بقية ‏(‏أحكام النكاح في حقهم كالمسلمين من وجوب النفقة في النكاح ووقوع الطلاق ونحوهما‏)‏ كعدة ونسب وخيار بلوغ وتوارث بنكاح صحيح وحرمة مطلقة ثلاثا ونكاح محارم‏.‏

‏(‏وإن نكحها بخمر أو خنزير عين‏)‏ أي مشار إليه ‏(‏ثم أسلما أو أسلم أحدهما قبل القبض فلها ذلك‏)‏ فتخلل الخمر وتسيب الخنزير، ولو طلقها قبل الدخول فلها نصفه ‏(‏و‏)‏ لها ‏(‏في غير عين‏)‏ قيمة الخمر ومهر المثل في الخنزير، إذ أخذ قيمة القيمي كأخذ عينه

‏[‏فروع في الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن حد أو مهر‏]‏

الوطء في دار الإسلام لا يخلو عن حد أو مهر إلا في مسألتين‏:‏ صبي نكح بلا إذن وطاوعته، وبائع أمته قبل تسليم، ويسقط من الثمن ما قبل البكارة وإلا فلا‏.‏

تدافعت جارية مع أخرى فأزالت بكارتها لزمها مهر المثل‏.‏ لأبي الصغيرة المطالبة بالمهر، وللزوج المطالبة بتسليمها إن تحملت الرجل‏.‏ قال البزازي‏:‏ ولا يعتبر السن، فلو تسلمها فهربت لم يلزمه طلبها، خدع امرأة وأخذها حبس إلى أن يأتي بها ويعلم موتها‏.‏

المهر مهر السر، وقيل العلانية‏.‏ المؤجل إلى الطلاق يتعجل بالرجعي ولا يتأجل بمراجعتها‏.‏

ولو وهبته المهر على أن يتزوجها فأبى فالمهر باق نكحها أو لا‏.‏ ولو وهبته لأحد ووكلته بقبضه صح‏.‏ ولو أحالت به إنسانا ثم وهبته للزوج لم تصح، وهذه حيلة من يريد أن يهب ولا تصح‏.‏

باب نكاح الرقيق

هو المملوك كلا أو بعضا، والقن المملوك كلا‏.‏ ‏(‏توقف نكاح قن وأمة ومكاتب ومدبر وأم ولد على إجازة المولى، فإن أجاز نفذ، وإن رد بطل‏)‏ فلا مهر ما لم يدخل فيطالب بمهر المثل بعد عتقه، ثم المراد بالمولى من له ولاية تزويج الأمة كأب وجد وقاض ووصي ومكاتب ومفاوض ومتول، وأما العبد فلا يملك تزويجه إلا من يملك إعتاقه درر

‏(‏فإن‏)‏ ‏(‏نكحوا بالإذن فالمهر والنفقة عليهم‏)‏ أي على القن وغيره لوجود سبب الوجوب منه ‏(‏ويسقطان بموتهم‏)‏ لفوات محل الاستيفاء ‏(‏وبيع قن فيهما لا‏)‏ يباع ‏(‏غيره‏)‏ كمدبر بل يسعى، ولو مات مولاه لزمه جملة إن قدر نهر وقنية ‏(‏ولكنه يباع في النفقة مرارا‏)‏ إن تجددت ‏(‏وفي المهر مرة‏)‏ ويطالب بالباقي بعد عتقه إلا إذا باعه منها خانية‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏زوج‏)‏ المولى ‏(‏أمته من عبده‏)‏ ‏(‏لا يجب المهر‏)‏ في الأصح ولوالجية‏.‏ وقال البزازي‏:‏ بل يسقط، ومحل الخلاف إذا لم تكن الأمة مأذونة مديونة، فإن كانت بيع أيضا لأنه يثبت لها ثم ينتقل للمولى نهر

‏(‏فلو باعه سيده بعدما زوجه امرأة فالمهر برقبته يدور معه أينما دار كدين الاستهلاك‏)‏ لكن للمرأة فسخ البيع لو المهر عليه لأنه دين فكانت كالغرماء منح

‏(‏وقوله لعبده طلقها رجعية إجازة‏)‏ للنكاح ‏(‏الموقوف، لا طلقها أو فارقها‏)‏ لأنه يستعمل للمتاركة، حتى لو أجازه بعد ذلك لا ينفذ، بخلاف الفضولي

‏(‏وإذنه لعبده في النكاح ينتظم جائزه وفاسده، فيباع العبد لمهر من نكحها فاسدا بعد إذنه فوطئها‏)‏ خلافا لهما، ولو نوى المولى الصحيح فقط تقيد به، كما لو نص عليه، ولو نص على الفاسد صح وصح الصحيح أيضا نهر‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏نكحها ثانيا‏)‏ صحيحا ‏(‏أو‏)‏ نكح أخرى ‏(‏بعدها صحيحا‏)‏ ‏(‏وقف على الإجازة‏)‏ لانتهاء الإذن بمرة وإن نوى مرارا، ولو مرتين صح لأنهما كل نكاح العبد، وكذا التوكيل بالنكاح ‏(‏بخلاف التوكيل به‏)‏ فإنه لا يتناول الفاسد فلا ينتهي وبه يفتى‏.‏ والوكيل بنكاح فاسد لا يملك الصحيح، بخلاف البيع ابن مالك‏.‏ وفي الأشباه من قاعدة الأصل في الكلام الحقيقة الإذن في النكاح والبيع والتوكيل بالبيع يتناول الفاسد، وبالنكاح لا، واليمين على نكاح وصلاة وصوم وحج وبيع، إن كانت على الماضي يتناوله، وإن على المستقبل لا‏.‏

‏(‏ولو زوج عبدا له مأذونا مديونا صح وساوت‏)‏ المرأة ‏(‏الغرماء في مهر مثلها‏)‏ والأقل ‏(‏والزائد‏)‏ عليه ‏(‏تطالب به‏)‏ بعد استيفاء الغرماء ‏(‏كدين الصحة مع‏)‏ دين ‏(‏المرض‏)‏ إلا إذا باعه منها كما مر‏.‏

‏(‏ولو زوج بنته مكاتبه ثم مات لا يفسد النكاح‏)‏ لأنها لم تملك المكاتب بموت أبيها ‏(‏إلا إذا عجز فرد في الرق‏)‏ فحينئذ يفسد التنافي‏.‏ ‏(‏زوج أمته‏)‏ أو أم ولده ‏(‏لا تجب‏)‏ عليه ‏(‏تبوئتها‏)‏ وإن شرطها في العقد أما لو شرط الحر حرية أولادها فيه صح وعتق كل من ولدته في هذا النكاح لأن قبول المولى الشرط والتزويج على اعتباره هو معنى تعليق الحرية بالولادة فيصح فتح، ومفاده أنه لو باعها أو مات عنها قبل الوضع فلا حرية‏.‏ ولو ادعى الزوج الشرط ولا بينة له حلف المولى نهر ‏(‏لكن لا نفقة ولا سكنى لها إلا بها‏)‏ بأن يدفعها إليه ولا يستخدمها ‏(‏وتخدم المولى ويطأ الزوج إن ظفر بها فارغة‏)‏ عن خدمة المولى؛ ويكفي في تسليمها قوله متى ظفرت بها وطئتها نهر ‏(‏فإن‏)‏ ‏(‏بوأها ثم رجع‏)‏ عنها ‏(‏صح‏)‏ رجوعه لبقاء حقه ‏(‏وسقطت‏)‏ النفقة‏.‏ ‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏خدمته‏)‏ أي السيد بعد التبوئة ‏(‏بلا استخدامه‏)‏ أو استخدمها نهارا وأعادها لبيت زوجها ليلا ‏(‏لا‏)‏ تسقط لبقاء التبوئة‏.‏

‏(‏وله‏)‏ أي المولى ‏(‏السفر بها‏)‏ أي بأمته ‏(‏وإن أبى الزوج‏)‏ ظهيرية ‏(‏وله إجبار قنه وأمته‏)‏ ولو أم ولد، ولا يلزمه الاستبراء بل يندب، فلو ولدت لأقل من نصف حول فهو من المولى والنكاح فاسد بحر من الاستيلاد وثبوت النسب ‏(‏على النكاح‏)‏ وإن لم يرضيا لا مكاتبه ومكاتبته، بل يتوقف على إجازتهما ولو صغيرين إلحاقا بالبالغ، فلو أديا وعتقا عاد موقوفا على إجازة المولى لا على إجازتهما لعدم أهليتهما إن لم يكن عصبة غيره، ولو عجزا توقف نكاح المكاتب على رضا المولى ثانيا لعود مؤن النكاح عليه وبطل نكاح المكاتبة لأنه طرأ حل بات على موقوف فأبطله، والدليل يعمل العجائب، وبحث الكمال هنا غير صائب‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏قتل‏)‏ المولى ‏(‏أمته قبل الوطء‏)‏ ولو خطأ فتح ‏(‏وهو مكلف‏)‏ فلو صبيا لم يسقط على الراجح ‏(‏سقط المهر‏)‏ لمنعه المبدل كحرة ارتدت ولو صغيرة ‏(‏لا لو فعلت ذلك‏)‏ القتل ‏(‏امرأة‏)‏ ولو أمة على الصحيح خانية ‏(‏بنفسها‏)‏ أو قتلها وارثها أو ارتدت الأمة أو قبلت ابن زوجها كما رجحه في النهر، إذ لا تفويت من المولى ‏(‏أو فعله بعده‏)‏ أي الوطء لتقرره به، ولو فعله بعبده أو مكاتبته أو مأذونته المديونة لم يسقط اتفاقا‏.‏

‏(‏والإذن في العزل‏)‏ وهو الإنزال خارج الفرج ‏(‏لمولى الأمة لا لها‏)‏ لأن الولد حقه، وهو يفيد التقييد بالبالغة وكذا الحرة نهر‏.‏

‏(‏ويعزل عن الحرة‏)‏ وكذا المكاتبة نهر بحثا ‏(‏بإذنها‏)‏ لكن في الخانية أنه يباح في زماننا لفساده قال الكمال‏:‏ فليعتبر عذرا مسقطا لإذنها، وقالوا يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر ولو بلا إذن الزوج ‏(‏وعن أمته بغير إذنها‏)‏ بلا كراهة، فإن ظهر بها حبل حل نفيه إن لم يعد قبل بول

‏(‏وخيرت أمة‏)‏‏.‏ ولو أم ولد ‏(‏ومكاتبة‏)‏ ولو حكما كمعتقة بعض ‏(‏عتقت تحت حر أو عبد ولو كان النكاح برضاها‏)‏ دفعا لزيادة الملك عليها بطلقة ثالثة، فإن اختارت نفسها فلا مهر لها أو زوجها فالمهر لسيدها، ولو صغيرة تؤخر لبلوغها، وليس لها خيار بلوغ في الأصح ‏(‏أو‏)‏ ‏(‏كانت‏)‏ الأمة ‏(‏عند النكاح حرة ثم صارت أمة‏)‏ بأن ارتدا ولحقا بدار الحرب ثم سبيا معا فأعتقت خيرت عند الثاني خلافا للثالث مبسوط ‏(‏والجهل بهذا الخيار‏)‏ خيار العتق ‏(‏عذر‏)‏ فلو لم تعلم به حتى ارتدا ولحقا فعلمت ففسخت صح إلا إذا قضى باللحاق وليس هذا حكما بل فتوى كافي ‏(‏ولا يتوقف على القضاء‏)‏ ولا يبطل بسكوت ولا يثبت لغلام ويقتصر على مجلس كخيار مخيرة، بخلاف خيار البلوغ في الكل خانية‏.‏

‏(‏نكح عبد بلا إذن فعتق‏)‏ أو باعه فأجاز المشتري ‏(‏نفذ‏)‏ لزوال المانع ‏(‏وكذا‏)‏ حكم ‏(‏الأمة ولا خيار لها‏)‏ لكون النفوذ بعد العتق فلم تتحقق زيادة الملك، وكذا لو اقترنا بأن زوجها فضولي وأعتقها فضولي وأجازهما المولى، وكذا مدبرة عتقت بموته وكذا أم الولد إن دخل بها الزوج، وإلا لم ينفذ لأن عدتها من المولى تمنع نفاذ النكاح

‏(‏فلو‏)‏ ‏(‏وطئ‏)‏ الزوج الأمة ‏(‏قبله‏)‏ أي العتق ‏(‏فالمهر المسمى له‏)‏ أي للمولى ‏(‏أو بعده فلها‏)‏ لمقابلته بمنفعة ملكتها‏.‏

‏(‏ومن وطئ قنة ابنه فولدت‏)‏ فلو لم تلد لزم عقرها وارتكب محرما، ولا يحد قاذفه ‏(‏فادعاه الأب‏)‏ وهو حر مسلم عاقل ‏(‏ثبت نسبه‏)‏ بشرط بقاء ملك ابنه من وقت الوطء إلى الدعوة، وبيعها لأخيه مثلا لا يضر نهر بحثا ‏(‏وصارت أم ولده‏)‏ لاستناد الملك لوقت العلوق ‏(‏وعليه قيمتها‏)‏ ولو فقيرا لقصور حاجة بقاء نسله عن بقاء نفسه ولذا يحل له عند الحاجة الطعام لا الوطء ويجبر على نفقة أبيه لا على دفع جارية لتسريه ‏(‏لا عقرها وقيمة ولدها‏)‏ ما لم تكن مشتركة فتجب حصة الشريك وهذا إذا ادعاه وحده، فلو مع الابن، فإن شريكين قدم الأب وإلا فالابن ولو ادعى ولد أم ولده المنفي أو مدبرته أو مكاتبته شرط تصديق الابن ‏(‏وجد صحيح كأب بعد زوال ولايته بموت وكفر وجنون ورق فيه‏)‏ أي في الحكم المذكور ‏(‏لا‏)‏ يكون كالأب ‏(‏قبله‏)‏ أي قبل زوال المذكورة، ويشترط ثبوت ولايته من الوطء إلى الدعوة‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏تزوجها‏)‏ ولو فاسدا ‏(‏أبوه‏)‏ ولو بالولاية ‏(‏فولدت‏)‏ ‏(‏لم تصر أم ولده‏)‏ لتولده من نكاح ‏(‏ويجب المهر لا القيمة وولدها حر‏)‏ بملك أخيه له، ومن الحيل أن يملك أمته لطفله ثم يتزوجها‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏وطئ جارية امرأته أو والده أو جده فولدت وادعاه لا يثبت النسب إلا بتصديق المولى‏)‏ فلو كذبه ثم ملك الجارية وقتا ما ثبت النسب وسيجيء في الاستيلاد

‏(‏حرة‏)‏ متزوجة برقيق ‏(‏قالت لمولى زوجها‏)‏ الحر المكلف ‏(‏أعتقه عني بألف‏)‏ أو زادت ورطل من خمر إذ الفاسد هنا كالصحيح ‏(‏ففعل فسد النكاح‏)‏ لتقدم الملك اقتضاء كأنه قال بعته منك وأعتقته عنك، لكن لو قال كذلك وقع العتق عن المأمور لعدم القبول كما في الحواشي السعدية؛ ومفاده أنه لو قال قبلت وقع عن الآمر ‏(‏والولاء لها‏)‏ ولزمها الألف وسقط المهر ‏(‏ويقع‏)‏ العتق ‏(‏عن كفارتها إن نوته‏)‏ عنها ‏(‏ولو لم تقل بألف لا‏)‏ يفسد لعدم الملك ‏(‏والولاء له‏)‏ لأنه المعتق، والله أعلم‏.‏

باب نكاح الكافر

يشمل المشرك والكتابي‏.‏ وهاهنا ثلاثة أصول‏:‏ الأول أن ‏(‏كل نكاح صحيح بين المسلمين فهو صحيح بين أهل الكفر‏)‏ خلافا لمالك، ويرده قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏وامرأته حمالة الحطب‏}‏ - وقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «ولدت من نكاح لا من سفاح»

‏(‏و‏)‏ الثاني أن ‏(‏كل نكاح حرم بين المسلمين لفقد شرطه‏)‏ لعدم شهود ‏(‏يجوز في حقهم إذا اعتقدوه‏)‏ عند الإمام ‏(‏ويقرون عليه بعد الإسلام‏.‏‏)‏

‏(‏و‏)‏ الثالث ‏(‏أن‏)‏ ‏(‏كل نكاح حرم لحرمة المحل‏)‏ كمحارم ‏(‏يقع جائزا‏)‏‏.‏ ‏(‏وقال مشايخ العراق‏:‏ لا‏)‏ بل فاسدا، والأول أصح وعليه فتجب النفقة ويحد قاذفه‏.‏ وأجمعوا على أنهم لا يتوارثون لأن الإرث ثبت بالنص على خلاف القياس في النكاح الصحيح مطلقا فيقتصر عليه ابن مالك‏.‏

‏(‏أسلم المتزوجان بلا‏)‏ سماع ‏(‏شهود أو في عدة كافر معتقدين ذلك‏)‏ ‏(‏أقرا عليه‏)‏ لأنه أمرنا بتركهم وما يعتقدون ‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏كانا‏)‏ أي المتزوجان اللذان أسلما ‏(‏محرمين أو أسلم أحد المحرمين أو ترافعا إلينا وهما على الكفر‏)‏ ‏(‏فرق‏)‏ القاضي أو الذي حكماه ‏(‏بينهما‏)‏ لعدم المحلية ‏(‏وبمرافعة أحدهما لا‏)‏ يفرق لبقاء حق الآخر، بخلاف إسلامه لأن الإسلام يعلو ولا يعلى ‏(‏إلا إذا طلقها ثلاثا وطلبت التفريق فإنه يفرق بينهما‏)‏ إجماعا

‏(‏كما لو‏)‏ ‏(‏خالعها ثم أقام معها من غير عقد أو تزوج كتابية في عدة مسلم‏)‏ أو تزوجها قبل زوج آخر وقد طلقها ثلاثا، فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة بحر عن المحيط خلافا للزيلعي والحاوي من اشتراط المرافعة‏.‏

‏(‏وإذا‏)‏ ‏(‏أسلم أحد الزوجين المجوسيين أو امرأة الكتابي عرض الإسلام على الآخر، فإن أسلم‏)‏ فيها ‏(‏وإلا‏)‏ بأن أبى أو سكت ‏(‏فرق بينهما، ولو كان‏)‏ الزوج ‏(‏صبيا مميزا‏)‏ اتفاقا على الأصح ‏(‏والصبية كالصبي‏)‏ فيما ذكر والأصل أن كل من صح منه الإسلام إذا أتى به صح منه الإباء إذا عرض عليه

‏(‏وينتظر عقل‏)‏ أي تمييز ‏(‏غير المميز، ولو‏)‏ كان ‏(‏مجنونا‏)‏ لا ينتظر لعدم نهايته بل ‏(‏يعرض‏)‏ الإسلام ‏(‏على أبويه‏)‏ فأيهما أسلم تبعه فيبقى النكاح، فإن لم يكن له أب نصب القاضي عنه وصيا فيقضي عليه بالفرقة باقاني عن البهنسي عن روضة العلماء للزاهدي‏.‏

‏(‏ولو أسلم الزوج وهي مجوسية فتهودت أو تنصرت بقي نكاحها كما لو كانت في الابتداء كذلك‏)‏ لأنها كتابية مآلا ‏(‏والتفريق‏)‏ بينهما ‏(‏طلاق‏)‏ ينقص العدد ‏(‏لو أبى لا لو أبت‏)‏ لأن الطلاق لا يكون من النساء

‏(‏وإباء المميز وأحد أبوي المجنون طلاق‏)‏ في الأصح، وهو من أغرب المسائل حيث يقع الطلاق من صغير ومجنون زيلعي، وفيه نظر، إذ الطلاق من القاضي وهو عليهما لا منهما فليسا بأهل للإيقاع بل للوقوع، كما لو ورث قريبه‏.‏ ولو قال‏:‏ إن جننت فأنت طالق فجن لم يقع، بخلاف إن دخلت الدار فدخلها مجنونا وقع‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏أسلم أحدهما‏)‏ أي أحد المجوسيين أو امرأة الكتابي ‏(‏ثمة‏)‏ أي في دار الحرب وملحق بها كالبحر الملح ‏(‏لم تبن حتى تحيض ثلاثا‏)‏ أو تمضي ثلاثة أشهر ‏(‏قبل إسلام الآخر‏)‏ إقامة لشرط الفرقة مقام السبب، وليست بعدة لدخول غير المدخول بها‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏أسلم زوج الكتابية‏)‏ ولو مآلا كما مر ‏(‏فهي له، و‏)‏ المرأة ‏(‏تبين بتباين الدارين‏)‏ حقيقة وحكما ‏(‏لا‏)‏ ب ‏(‏السبي، فلو‏)‏ ‏(‏خرج‏)‏ أحدهما ‏(‏إلينا مسلما‏)‏ أو ذميا أو أسلم أو صار ذا ذمة في دارنا ‏(‏أو أخرج مسبيا‏)‏ وأدخل في دارنا ‏(‏بانت‏)‏ بتباين الدار، إذ أهل الحرب كالموتى، ولا نكاح بين حي وميت

‏(‏وإن‏)‏ ‏(‏سبيا‏)‏ أو خرجا إلينا ‏(‏معا‏)‏ ذميين أو مسلمين أو ثم أسلما أو صارا ذميين ‏(‏لا‏)‏ تبين لعدم التباين‏.‏ حتى لو كانت المسبية منكوحة مسلم أو ذمي لم تبن، ولو نكحها ثمة ثم خرج قبلها بانت وإن خرجت قبله لا، وما في الفتح عن المحيط تحريف نهر‏.‏

‏(‏ومن‏)‏ ‏(‏هاجرت إلينا‏)‏ مسلمة أو ذمية ‏(‏حائلا‏)‏ ‏(‏بانت بلا عدة‏)‏ فيحصل تزوجها، أما الحامل فحتى تضع على الأظهر لا للعدة بل لشغل الرحم بحق الغير

‏(‏وارتداد أحدهما‏)‏ أي الزوجين ‏(‏فسخ‏)‏ فلا ينقص عددا ‏(‏عاجل‏)‏ بلا قضاء ‏(‏فللموطوءة‏)‏ ولو حكما ‏(‏كل مهرها‏)‏ لتأكده به ‏(‏ولغيرها نصفه‏)‏ لو مسمى أو المتعة

‏(‏لو‏)‏ ‏(‏ارتد‏)‏ وعليه نفقة العدة ‏(‏ولا شيء من المهر والنفقة سوى السكنى‏)‏ ‏(‏به يفتى‏)‏ ‏(‏لو ارتدت‏)‏ لمجيء الفرقة منها قبل تأكده ولو ماتت في العدة ورثها زوجها المسلم استحسانا، وصرحوا بتعزيرها خمسة وسبعين، وتجبر على الإسلام وعلى تجديد النكاح زجرا لها بمهر يسير كدينار وعليه الفتوى ولوالجية‏.‏ وأفتى مشايخ بلخ بعدم الفرقة بردتها زجرا وتيسيرا لا سيما التي تقع في المكفر ثم تنكر، قال في النهر‏:‏ والإفتاء بهذا أولى من الإفتاء بما في النوادر لكن قال المصنف‏:‏ ومن تصفح أحوال نساء زماننا وما يقع منهن من موجبات الردة مكررا في كل يوم لم يتوقف في الإفتاء برواية النوادر‏.‏ قلت‏:‏ وقد بسطت في القنية والمجتبى والفتح والبحر‏:‏ وحاصلها أنها بالردة تسترق وتكون فيئا للمسلمين عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى، ويشتريها الزوج من الإمام أو يصرفها إليه لو مصرفا‏.‏ ولو استولى عليها الزوج بعد الردة ملكها وله بيعها ما لم تكن ولدت منه فتكون كأم الولد، ونقل المصنف في كتاب الغصب أن عمر رضي الله عنه هجم على نائحة فضربها بالدرة حتى سقط خمارها، فقيل له‏:‏ يا أمير المؤمنين قد سقط خمارها، فقال إنها لا حرمة لها‏.‏ ومن هنا قال الفقيه أبو بكر البلخي حين مر بنساء على شط نهر كاشفات الرءوس والذراع فقيل له كيف تمر‏؟‏ فقال، لا حرمة لهن إنما الشك في إيمانهن كأنهن حربيات

‏(‏وبقي النكاح إن‏)‏ ‏(‏ارتدا معا‏)‏ بأن يعلم السبق فيجعل كالغرقى ‏(‏ثم أسلما كذلك‏)‏ استحسانا ‏(‏وفسد إن أسلم أحدهما قبل الآخر‏)‏ ولا مهر قبل الدخول لو المتأخر هي، ولو هو فنصفه أو متعة‏.‏

‏(‏والولد يتبع خير الأبوين دينا‏)‏ إن اتحدت الدار ولو حكما، بأن كان الصغير في دارنا والأب ثمة، بخلاف العكس ‏(‏والمجوسي، ومثله‏)‏ كوثني وسائر أهل الشرك ‏(‏شر من الكتابي‏)‏ والنصراني شر من اليهودي في الدارين لأنه لا ذبيحة له بل يخنق كمجوسي وفي الآخرة أشد عذابا‏.‏ وفي جامع الفصولين‏:‏ لو قال النصرانية خير من اليهودية أو المجوسية كفر لإثباته الخير لما قبح بالقطعي‏.‏ لكن ورد في السنة أن المجوس أسعد حالة من المعتزلة لإثبات المجوس خالقين فقط وهؤلاء خالقا لا عدد له بزازية ونهر

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏تمجس أبو صغيرة نصرانية تحت مسلم‏)‏ بانت بلا مهر ولو كان ‏(‏قد ماتت الأم نصرانية‏)‏ مثلا وكذا عكسه ‏(‏لم تبن‏)‏ لتناهي التبعية بموت أحدهما ذميا أو مسلما أو مرتدا فلم تبطل بكفر الآخر‏.‏ وفي المحيط‏:‏ لو ارتدا لم تبن ما لم يلحقا، ولو بلغت عاقلة مسلمة ثم جنت فارتدا لم تبن مطلقا‏.‏ مسلم تحته نصرانية فتمجسا أو تنصرا بانت‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ يصلح ‏(‏أن ينكح مرتد أو مرتدة أحدا‏)‏ من الناس مطلقا‏.‏

‏(‏أسلم‏)‏ الكافر ‏(‏وتحته خمس نسوة فصاعدا أو أختان أو أم وبنتها‏)‏ ‏(‏بطل نكاحهن إن تزوجهن بعقد واحد، فإن رتب فالآخر‏)‏ باطل‏.‏ وخيره محمد والشافعي عملا بحديث فيروز‏.‏ قلنا‏:‏ كان تخييره في التزوج بعد الفرقة بلغت المسلمة المنكوحة ولم تصف الإسلام بانت ولا مهر قبل الدخول وينبغي أن يذكر الله تعالى بجميع صفاته عندها وتقر بذلك، وتمامه في الكافي‏.‏

باب القسم

بفتح القاف‏:‏ القسمة‏:‏ وبالكسر‏:‏ النصيب ‏(‏يجب‏)‏ وظاهر الآية أنه فرض نهر ‏(‏أن يعدل‏)‏ أي أن لا يجور ‏(‏فيه‏)‏ أي في القسم بالتسوية في البيتوتة ‏(‏وفي الملبوس والمأكول‏)‏ والصحبة ‏(‏لا في المجامعة‏)‏ كالمحبة بل يستحب‏.‏ ويسقط حقها بمرة ويجب ديانة أحيانا ولا يبلغ الإيلاء إلا برضاها، ويؤمر المتعبد بصحبتها أحيانا، وقدره الطحاوي بيوم وليلة من كل أربع لحرة وسبع لأمة‏.‏ ولو تضررت من كثرة جماعه لم تجز الزيادة على قدر طاقتها، والرأي في تعيين المقدار للقاضي بما يظن طاقتها نهر بحثا

‏(‏بلا فرق بين فحل وخصي وعنين ومجبوب ومريض وصحيح‏)‏ وصبي دخل بامرأته وبالغ لم يدخل بحر بحثا، وأقره المصنف، ومريضة وصحيحة ‏(‏وحائض وذات نفاس ومجنونة لا تخاف ورتقاء وقرناء‏)‏ وصغيرة يمكن وطؤها ومحرمة ومظاهر ومولى منها ومقابلاتهن، وكذا مطلقة رجعية إن قصد رجعتها وإلا لا بحر

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏أقام عند واحدة شهرا في غير سفر ثم خاصمته الأخرى‏)‏ في ذلك ‏(‏يؤمر بالعدل بينهما في المستقبل وهدر ما مضى وإن أثم به‏)‏ لأن القسمة تكون بعد الطلب ‏(‏وإن‏)‏ ‏(‏عاد إلى الجور بعد نهي القاضي إياه‏)‏ ‏(‏عزر‏)‏ بغير حبس جوهرة لتفويته الحق، وهذا إذا لم يقل إنما فعلت ذلك، لأن خيار الدور إلي، فحينئذ يقضي القاضي بقدره نهر بحثا ‏(‏والبكر والثيب والجديدة والقديمة والمسلمة والكتابية سواء‏)‏ لإطلاق الآية‏.‏

‏(‏وللأمة والمكاتبة وأم الولد والمدبرة‏)‏ والمبعضة ‏(‏نصف ما للحرة‏)‏ أي من البيتوتة والسكنى معها‏.‏ أما النفقة فبحالهما‏.‏

‏(‏ولا قسم في السفر‏)‏ دفعا للحرج ‏(‏فله السفر بمن شاء منهن والقرعة أحب‏)‏ تطييبا لقلوبهن‏.‏ ‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏تركت قسمها‏)‏ بالكسر‏:‏ أي نوبتها ‏(‏لضرتها‏)‏ ‏(‏صح، ولها الرجوع في ذلك‏)‏ في المستقبل، لأنه ما وجب فما سقط، ولو جعلته لمعينة هل له جعله لغيرها‏؟‏ ذكر الشافعي لا‏.‏ وفي البحر بحثا نعم، ونازعه في النهر‏.‏

‏(‏ويقيم عند كل واحدة منهن يوما وليلة‏)‏ لكن إنما تلزمه التسوية في الليل، حتى لو جاء للأولى بعد الغروب وللثانية بعد العشاء فقد ترك القسم، ولا يجامعها في غير نوبتها، وكذا لا يدخل عليها إلا لعيادتها ولو اشتد‏:‏ ففي الجوهرة‏:‏ لا بأس أن يقيم عندها حتى تشفى أو تموت انتهى، يعني إذا لم يكن عندها من يؤنسها‏.‏ ولو مرض هو في بيته دعا كلا في نوبتها لأنه لو كان صحيحا وأراد ذلك ينبغي أن يقبل‏.‏ نهر ‏(‏وإن شاء ثلاثا‏)‏ أي ثلاثة أيام ولياليها ‏(‏ولا يقيم عند إحداهما أكثر إلا بإذن الأخرى‏)‏ خاصة زاد في الخانية ‏(‏والرأي في البداءة‏)‏ في القسم ‏(‏إليه‏)‏ وكذا في مقدار الدور هداية وتبيين‏.‏ وقيده في الفتح بحثا بمدة الإيلاء أو جمعة، وعممه في البحر، ونظر فيه في النهر‏.‏ قال المصنف‏:‏ وظاهر بحثهما أنهما لم يطلعا على ما في الخلاصة من التقييد بالثلاثة أيام كما عولنا عليه في المختصر، والله أعلم‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

لو كان عمله ليلا كالحارس ذكر الشافعية أنه يقسم نهارا وهو حسن، وحقه عليها أن تطيعه في كل مباح يأمرها به، وله منعها من الغزل ومن أكل ما يتأذى من رائحته، بل ومن الحناء والنقش وإن تأذى برائحته نهر وتمامه فيما علقته على الملتقى‏.‏

باب الرضاع

‏(‏هو‏)‏ لغة بفتح وكسر‏:‏ مص الثدي‏.‏ وشرعا ‏(‏مص من ثدي آدمية‏)‏ ولو بكرا أو ميتة أو آيسة، وألحق بالمص الوجور والسعوط ‏(‏في وقت مخصوص‏)‏ هو ‏(‏حولان ونصف عنده وحولان‏)‏ فقط ‏(‏عندهما وهو الأصح‏)‏ فتح وبه يفتى كما في تصحيح القدوري عن العون، لكن في الجوهرة أنه في الحولين ونصف، ولو بعد الفطام محرم وعليه الفتوى‏.‏ واستدلوا لقول الإمام بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وحمله وفصاله ثلاثون شهرا‏}‏ أي مدة كل منهما ثلاثون غير أن النقص في الأول قام بقول عائشة‏:‏ لا يبقى الولد أكثر من سنتين ومثله لا يعرف إلا سماعا، والآية مؤولة لتوزيعهم الأجل على الأقل والأكثر فلم تكن دلالتها قطعية، على أن الواجب على المقلد العمل بقول المجتهد وإن لم يظهر دليله كما أفاده في رسم المفتى، لكن في آخر الحاوي‏:‏ فإن خالفا قيل يخير المفتي، والأصح أن العبرة لقوة الدليل، ثم الخلاف في التحريم‏.‏ أما لزوم أجر الرضاع للمطلقة فمقدر بحولين بالإجماع ‏(‏ويثبت التحريم‏)‏ في المدة فقط ولو ‏(‏بعد الفطام والاستغناء بالطعام على‏)‏ ظاهر ‏(‏المذهب‏)‏ وعليه الفتوى فتح وغيره‏.‏ قال في المصنف كالبحر‏:‏ فما في الزيلعي خلاف المعتمد لأن الفتوى متى اختلفت رجح ظاهر الرواية ‏(‏ولم يبح الإرضاع بعد موته‏)‏ لأنه جزء آدمي والانتفاع به لغير ضرورة حرام على الصحيح شرح الوهبانية‏.‏ وفي البحر‏:‏ لا يجوز التداوي بالمحرم في ظاهر المذهب، أصله بول المأكول كما مر‏.‏

‏(‏وللأب إجبار أمته على فطام ولدها منه قبل الحولين إن لم يضره‏)‏ أي الولد ‏(‏الفطام‏)‏، ‏(‏كما له‏)‏ أيضا ‏(‏إجبارها‏)‏ أي أمته ‏(‏على الإرضاع، وليس له ذلك‏)‏ يعني الإجبار بنوعيه ‏(‏مع زوجته الحرة‏)‏ ولو ‏(‏قبلهما‏)‏ لأن حق التربية لها جوهرة

‏(‏ويثبت به‏)‏ ولو بين الحربيين بزازية ‏(‏وإن قل‏)‏ إن علم وصوله لجوفه من فمه أو أنفه لا غير، فلو التقم الحلمة ولم يدر أدخل اللبن في حلقه أم لا لم يحرم لأن في المانع شكا ولوالجية‏.‏ ولو أرضعها أكثر أهل قرية ثم لم يدر من أرضعها فأراد أحدهم تزوجها، إن لم تظهر علامة ولم يشهد بذلك جاز خانية ‏(‏أمومية المرضعة للرضيع، و‏)‏ يثبت ‏(‏أبوة زوج مرضعة‏)‏ إذا كان ‏(‏لبنها منه‏)‏ ‏(‏له‏)‏ وإلا لا كما سيجيء‏.‏

‏(‏فيحرم منه‏)‏ أي بسببه ‏(‏ما يحرم من النسب‏)‏ رواه الشيخان، واستثنى بعضهم إحدى وعشرين صورة وجمعها في قوله‏:‏ يفارق النسب الإرضاع في صور كأم نافلة أو جدة الولد وأم أخت وأخت ابن وأم أخ وأم خال وعمة ابن اعتمد ‏(‏إلا أم أخيه وأخته‏)‏ استثناء منقطع لأن حرمة من ذكر بالمصاهرة لا بالنسب فلم يكن الحديث متنا ولا لما استثناه الفقهاء فلا تخصيص بالعقل كما قيل، فإن حرمة أم أخته وأخيه نسبا لكونها أمه أو موطوءة أبيه وهذا المعنى مفقود في الرضاع‏.‏ ‏(‏و‏)‏ قس عليه ‏(‏أخت ابنه‏)‏ وبنته ‏(‏وجدة ابنه‏)‏ وبنته ‏(‏وأم عمه وعمته وأم خاله وخالته، وكذا عمة ولده وبنت عمته وبنت أخت ولده وأم أولاد أولاده‏)‏ فهؤلاء من الرضاع حلال للرجل وكذا أخو ابن المرأة لها، فهذه عشر صور تصل باعتبار الذكورة والأنوثة إلى عشرين، وباعتبار ما يحل له أو لها إلى أربعين مثلا يجوز تزوجه بأم أخيه وتزوجها بأبي أخيها، وكل منها يجوز أن يتعلق الجار والمجرور أعني من الرضاع تعلقا معنويا بالمضاف كالأم كأن تكون له أخت نسبية لها أم رضاعية، أو بالمضاف إليه كالأخ كأن يكون له أخ نسبي له أم رضاعية، أو بهما كأن يجتمع مع آخر على ثدي أجنبية ولأخيه رضاعا أم أخرى رضاعية فهي مائة وعشرون وهذا من خواص كتابنا‏.‏

‏(‏وتحل أخت أخيه رضاعا‏)‏ يصح اتصاله بالمضاف كأن يكون له أخ نسبي له أخت رضاعية، وبالمضاف إليه كأن يكون لأخيه رضاعا أخت نسبا وبهما وهو ظاهر‏.‏ ‏(‏و‏)‏ كذا ‏(‏نسبا‏)‏ بأن يكون لأخيه لأبيه أخت لأم، فهو متصل بهما لا بأحدهما للزوم التكرار كما لا يخفى‏.‏

‏(‏ولا حل بين رضيعي امرأة‏)‏ لكونهما أخوين وإن اختلف الزمن والأب ‏(‏ولا‏)‏ حل ‏(‏بين الرضيعة وولد مرضعتها‏)‏ أي التي أرضعتها ‏(‏وولد ولدها‏)‏ لأنه ولد الأخ

‏(‏ولبن بكر بنت تسع سنين‏)‏ فأكثر ‏(‏محرم‏)‏ وإلا لا جوهرة ‏(‏وكذا‏)‏ يحرم ‏(‏لبن ميتة‏)‏ ولو محلوبا، فيصير ناكحها محرما للميتة فييممها ويدفنها بخلاف وطئها، وفرق بوجود التغذي لا اللذة‏.‏

‏(‏ومخلوط بماء أو دواء أو لبن أخرى أو لبن شاة إذا غلب لبن المرأة وكذا إذا استويا‏)‏ إجماعا لعدم الأولوية جوهرة، وعلق محمد الحرمة بالمرأتين مطلقا، قيل‏:‏ وهو الأصح ‏(‏لا‏)‏ يحرم ‏(‏المخلوط بطعام‏)‏ مطلقا وإن حساه حسوا وكذا لو جبنه لأن اسم الرضاع لا يقع عليه بحر

‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏الاحتقان والإقطار في أذن‏)‏ وإحليل ‏(‏وجائفة وآمة، و‏)‏ لا ‏(‏لبن رجل‏)‏ ومشكل إلا إذا قال‏:‏ النساء إنه لا يكون على غزارته إلا للمرأة وإلا لا جوهرة ‏(‏و‏)‏ لا لبن ‏(‏شاة‏)‏ وغيرها لعدم الكرامة‏.‏

‏(‏ولو‏)‏ ‏(‏أرضعت الكبيرة‏)‏ ولو مبانة ‏(‏ضرتها‏)‏ الصغيرة وكذا لو أوجره رجل في فيها ‏(‏حرمتا‏)‏ أبدا إن دخل بالأم أو اللبن منه وإلا جاز تزوج الصغيرة ثانيا ‏(‏ولا مهر للكبيرة إن لم توطأ‏)‏ لمجيء الفرقة منها ‏(‏وللصغيرة نصفه‏)‏ لعدم الدخول ‏(‏ورجع‏)‏ الزوج ‏(‏به على الكبيرة‏)‏ وكذا على الموجر ‏(‏إن تعمدت الفساد‏)‏ بأن تكون عاقلة طائعة متيقظة عالمة بالنكاح وبإفساد الإرضاع ولم تقصد دفع جوع أو هلاك ‏(‏وإلا لا‏)‏ لأن التسبب يشترط فيه التعدي، والقول لها إن لم يظهر منها تعمد الفساد معراج‏.‏

‏(‏طلق ذات لبن فاعتدت وتزوجت‏)‏ بآخر ‏(‏فحبلت وأرضعت‏)‏ ‏(‏فحكمه من الأول‏)‏ لأنه منه بيقين فلا يزول بالشك ويكون ربيبا للثاني ‏(‏حتى تلد‏)‏ فيكون اللبن من الثاني، والوطء بشبهة كالحلال، قيل‏:‏ وكذا الزنا والأوجه لا فتح‏.‏

‏(‏قال‏)‏ لزوجته ‏(‏هذه رضيعتي ثم رجع‏)‏ عن قوله ‏(‏صدق‏)‏ لأن الرضاع مما يخفى فلا يمنع التناقض فيه ‏(‏ولو ثبت عليه، بأن قال‏)‏ بعده ‏(‏هو حق كما قلت ونحوه‏)‏ هكذا فسر الثبات في الهداية وغيرها ‏(‏فرق بينهما وإن‏)‏ ‏(‏أقرت‏)‏ المرأة بذلك ‏(‏ثم أكذبت نفسها وقالت‏:‏ أخطأت وتزوجها‏)‏ ‏(‏جاز كما لو تزوجها قبل أن تكذب نفسها‏)‏ وإن أصرت عليه لأن الحرمة ليست إليها، قالوا‏:‏ وبه يفتى في جميع الوجوه بزازية‏.‏ ومفاده أنها لو أقرت بالثلاث من رجل حل لها تزوجه ‏(‏أو‏)‏ ‏(‏أقرا بذلك جميعا ثم أكذبا أنفسهما وقالا‏)‏ جميعا ‏(‏أخطأنا ثم تزوجها‏)‏ جاز

‏(‏وكذا‏)‏ الإقرار ‏(‏في النسب ليس يلزمه إلا ما ثبت عليه‏)‏ فلو قال‏:‏ هذه أختي أو أمي وليس نسبها معروفا ثم قال‏:‏ وهمت صدق، وإن ثبت عليه فرق بينهما ‏(‏و‏)‏ الرضاع ‏(‏حجته حجة المال‏)‏ وهي شهادة عدلين أو عدل وعدلتان، لكن لا تقع الفرقة إلا بتفريق القاضي لتضمنها حق العبد ‏(‏وهل يتوقف ثبوته على دعوى المرأة؛ الظاهر لا‏)‏ لتضمنها حرمة الفرج وهي من حقوقه تعالى ‏(‏كما في الشهادة بطلاقها‏)‏‏.‏ ولو شهد عندها عدلان على الرضاع بينهما أو طلاقها ثلاثا وهو يجحد ثم ماتا أو غابا قبل الشهادة عند القاضي لا يسعها المقام معه ولا قتله به يفتى، ولا التزوج بآخر‏.‏ وقيل لها التزوج ديانة شرح وهبانية‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

قضى القاضي بالتفريق برضاع بشهادة امرأتين لم ينفذ‏.‏ مص رجل ثدي زوجته لم تحرم‏.‏ تزوج صغيرتين فأرضعت كلا امرأة ولبنهما من رجل لم يضمنا وإن تعمدتا الفساد لعروضه بالأختية قبل الابن زوجة أبيه وقال‏:‏ تعمدت الفساد غرم المهر‏.‏ ولو وطئها وقال ذلك لا للزوم الحد فلم يلزم المهر‏.‏

كتاب الطلاق

‏(‏هو‏)‏ لغة رفع القيد لكن جعلوه في المرأة طلاقا وفي غيرها إطلاقا، فلذا كان أنت مطلقة بالسكون كناية وشرعا ‏(‏رفع قيد النكاح في الحال‏)‏ بالبائن ‏(‏أو المآل‏)‏ بالرجعي ‏(‏بلفظ مخصوص‏)‏ هو ما اشتمل على الطلاق، فخرج الفسوخ كخيار، عتق وبلوغ وردة فإنه فسخ لا طلاق، وبهذا علم أن عبارة الكنز والملتقى منقوضة طردا وعكسا بحر ‏(‏وإيقاعه مباح‏)‏ عند العامة لإطلاق الآيات أكمل ‏(‏وقيل‏)‏ قائله الكمال ‏(‏الأصح حظره‏)‏ ‏(‏أي منعه‏)‏ ‏(‏إلا لحاجة‏)‏ كريبة وكبر والمذهب الأول كما في البحر، وقولهم الأصل فيه الحظر، معناه أن الشارع ترك هذا الأصل فأباحه، بل يستحب لو مؤذية أو تاركة صلاة غاية، ومفاده أن لا إثم بمعاشرة من لا تصلي ويجب لو فات الإمساك بالمعروف ويحرم لو بدعيا‏.‏

ومن محاسنه التخلص به من المكاره وبه يعلم أن طلاق الدور بنحو‏:‏ إن طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا واقع إجماعا كما حرره المصنف معزيا لجواهر الفتاوى، حتى لو حكم بصحة الدور حاكم لا ينفذ أصلا

‏(‏وأقسامه ثلاثة‏:‏ حسن، وأحسن، وبدعي يأثم به‏)‏

وألفاظه‏:‏ صريح، وملحق به وكناية

‏(‏ومحله المنكوحة‏)‏

وأهله زوج عاقل بالغ مستيقظ

وركنه لفظ مخصوص خال عن الاستثناء ‏(‏طلقة‏)‏ رجعية ‏(‏فقط في طهر لا وطء فيه‏)‏ وتركها حتى تمضي عدتها ‏(‏أحسن‏)‏ بالنسبة إلى البعض الآخر ‏(‏وطلقة لغير موطوءة ولو في حيض ولموطوءة تفريق الثلاث في ثلاثة أطهار لا وطء فيها ولا حيض قبلها ولا طلاق فيه فيمن تحيض و‏)‏ في ثلاثة ‏(‏أشهر في‏)‏ حق ‏(‏غيرها‏)‏ حسن وسني فعلم أن الأول سني بالأولى ‏(‏وحل طلاقهن‏)‏ أي الآيسة والصغيرة والحامل ‏(‏عقب وطء‏)‏ لأن الكراهة فيمن تحيض لتوهم الحبل وهو مفقود هنا

‏(‏والبدعي ثلاث متفرقة أو ثنتان بمرة أو مرتين‏)‏ في طهر واحد ‏(‏لا رجعة فيه، أو واحدة في طهر وطئت فيه، أو‏)‏ واحدة في ‏(‏حيض موطوءة‏)‏ لو قال والبدعي ما خالفهما لكان أوجز وأفيد

‏(‏وتجب رجعتها‏)‏ على الأصح ‏(‏فيه‏)‏ أي في الحيض رفعا للمعصية ‏(‏فإذا طهرت‏)‏ طلقها ‏(‏إن شاء‏)‏ أو أمسكها، قيد بالطلاق لأن التخيير والاختيار والخلع في الحيض لا يكره مجتبى والنفاس كالحيض جوهرة‏.‏

‏(‏قال لموطوءة وهي‏)‏ حال كونها ممن تحيض ‏(‏أنت طالق ثلاثا‏)‏ أو ثنتين ‏(‏للسنة وقع عند كل طهر طلقة‏)‏ وتقع أولاها في طهر لا وطء فيه، فلو كانت غير موطوءة أو لا تحيض تقع واحدة للحال ثم كلما نكحها أو مضى شهر تقع ‏(‏وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو‏)‏ أن تقع عند رأس ‏(‏كل شهر واحدة صحت نيته‏)‏ لأنه محتمل كلامه

‏(‏ويقع طلاق كل زوج بالغ عاقل‏)‏ ولو تقديرا بدائع، ليدخل السكران ‏(‏ولو عبدا أو مكرها‏)‏ فإن طلاقه صحيح لا إقراره بالطلاق

وقد نظم في النهر ما يصح مع الإكراه فقال‏:‏ طلاق وإيلاء ظهار ورجعة نكاح مع استيلاد عفو عن العمد رضاع وأيمان وفيء ونذره قبول لإيداع كذا الصلح عن عمد طلاق على جعل يمين به أتت كذا العتق والإسلام تدبير للعبد وإيجاب إحسان وعتق فهذه صح مع الإكراه عشرين في العد‏.‏

‏(‏أو هازلا‏)‏ لا يقصد حقيقة كلامه ‏(‏أو سفيها‏)‏ خفيف العقل

‏(‏أو سكران‏)‏ ولو بنبيذ أو حشيش أو أفيون أو بنج زجرا، وبه يفتى تصحيح القدوري واختلف التصحيح فيمن سكر مكرها أو مضطرا، ونعم لو زال عقله بالصداع أو بمباح لم يقع‏.‏ وفي القهستاني معزيا للزاهدي أنه لو لم يميز ما يقوم به الخطاب كان تصرفه باطلا‏.‏ ا هـ‏.‏ واستثنى في الأشباه من تصرفات السكران سبع مسائل‏:‏ منها الوكيل بالطلاق صاحيا، لكن قيده البزازي بكونه على مال وإلا وقع مطلقا؛ ولم يوقع الشافعي طلاق السكران واختاره الطحاوي والكرخي، وفي التتارخانية عن التفريق‏:‏ والفتوى عليه

‏(‏أو أخرس‏)‏ ولو طارئا إن دام للموت به يفتى، وعليه فتصرفاته موقوفة‏.‏ واستحسن الكمال اشتراط كتابته ‏(‏بإشارته‏)‏ المعهودة فإنها تكون كعبارة الناطق استحسانا

‏(‏أو مخطئا‏)‏ بأن أراد التكلم بغير الطلاق فجرى على لسانه الطلاق أو تلفظ به غير عالم بمعناه أو غافلا أو ساهيا - أو بألفاظ مصحفة يقع قضاء فقط، بخلاف الهازل واللاعب فإنه يقع قضاء وديانة لأن الشارع جعل هزله به جدا فتح

‏(‏أو مريضا أو كافرا‏)‏ لوجود التكليف‏.‏ وأما طلاق الفضولي والإجازة قولا وفعلا فكالنكاح بزازية

‏(‏و‏)‏ بناء على اعتبار الزوج المذكور ‏(‏لا يقع طلاق المولى على امرأة عبده‏)‏ لحديث ابن ماجه‏:‏ «الطلاق لمن أخذ بالساق» إلا إذا قال زوجتها منك على أن أمرها بيدي أطلقها كما شئت فقال العبد‏:‏ قبلت، وكذا إذا قال العبد‏:‏ إذا تزوجتها فأمرها بيدك أبدا كان كذلك خانية - -

‏(‏والمجنون‏)‏ إلا إذا علق عاقلا ثم جن فوجد الشرط، أو كان عنينا أو مجبوبا أو أسلمت وهو كافر وأبى أبواه الإسلام وقع الطلاق أشباه

‏(‏والصبي‏)‏ ولو مراهقا أو أجازه بعد البلوغ، أما لو قال‏:‏ أوقعته وقع لأنه ابتداء إيقاع وجوزه الإمام أحمد ‏(‏والمعتوه‏)‏ من العته، وهو اختلال في العقل ‏(‏والمبرسم‏)‏ من البرسام بالكسر علة كالجنون ‏(‏والمغمى عليه‏)‏ هو لغة المغشي ‏(‏والمدهش‏)‏ فتح‏.‏ وفي القاموس‏:‏ دهش الرجل تحير ودهش بالبناء للمفعول فهو مدهوش وأدهشه الله ‏(‏والنائم‏)‏ لانتفاء الإرادة، ولذا لا يتصف بصدق ولا كذب ولا خبر ولا إنشاء ولو قال‏:‏ أجزته أو أوقعته لا يقع لأنه أعاد الضمير إلى غير معتبر جوهرة‏.‏ ولو قال‏:‏ أوقعت ذلك الطلاق أو جعلته طلاقا وقع بحر

‏(‏وإذا ملك أحدهما الآخر‏)‏ كله ‏(‏أو بعضه بطل النكاح، ولو حررته حين ملكته فطلقها في العدة أو خرجت الحربية‏)‏ إلينا ‏(‏مسلمة ثم خرج زوجها كذلك‏)‏ مسلما فطلقها في العدة ألغاه الثاني في المسألتين ‏(‏وأوقعه الثالث‏)‏ فيهما

‏(‏واعتبار عدده بالنساء‏)‏ وعند الشافعي بالرجال ‏(‏فطلاق حرة ثلاث، وطلاق أمة ثنتان‏)‏ مطلقا‏.‏

‏(‏ويقع الطلاق بلفظ العتق بنية‏)‏ أو دلالة حال ‏(‏لا عكسه‏)‏ لأن إزالة الملك أقوى من إزالة القيد‏.‏

‏[‏فروع في كتب الطلاق‏]‏

كتب الطلاق، وإن مستبينا على نحو لوح وقع إن نوى، وقيل مطلقا، ولو على نحو الماء فلا مطلقا‏.‏ ولو كتب على وجه الرسالة والخطاب، كأن يكتب يا فلانة‏:‏ إذا أتاك كتابي هذا فأنت طالق طلقت بوصول الكتاب جوهرة‏.‏ وفي البحر‏:‏ كتب لامرأته‏:‏ كل امرأة لي غيرك وغير فلانة طالق ثم محا اسم الأخيرة وبعثه لم تطلق، هذه حيلة عجيبة وسيجيء ما لو استثنى بالكتابة‏.‏

باب الصريح

‏(‏صريحه ما لم يستعمل إلا فيه‏)‏ ولو بالفارسية ‏(‏كطلقتك وأنت طالق ومطلقة‏)‏ بالتشديد قيد بخطابها، لأنه لو قال‏:‏ إن خرجت يقع الطلاق أو لا تخرجي إلا بإذني فإني حلفت بالطلاق فخرجت لم يقع لتركه الإضافة إليها ‏(‏ويقع بها‏)‏ أي بهذه الألفاظ وما بمعناها من الصريح، ويدخل نحو طلاغ وتلاغ وطلاك وتلاك أو ‏"‏ ط ل ق ‏"‏ أو ‏"‏ طلاق باش ‏"‏ بلا فرق بين عالم وجاهل، وإن قال تعمدته تخويفا لم يصدق قضاء إلا إذا أشهد عليه قبله وبه يفتى؛ ولو قيل له‏:‏ طلقت امرأتك فقال‏:‏ نعم أو بلى بالهجاء طلقت بحر ‏(‏واحدة رجعية، وإن نوى خلافها‏)‏ من البائن أو أكثر خلافا للشافعي ‏(‏أو لم ينو شيئا‏)‏ ولو نوى به الطلاق عن وثاق دين إن لم يقرنه بعدد؛ ولو مكرها صدق قضاء أيضا كما لو صرح بالوثاق أو القيد، وكذا لو نوى طلاقها من زوجها الأول على الصحيح خانية؛ ولو نوى عن العمل لم يصدق أصلا؛ ولو صرح به دين، فقط‏.‏

‏(‏وفي أنت الطلاق‏)‏ أو طلاق ‏(‏أو أنت طالق الطلاق أو أنت طالق طلاقا يقع واحدة رجعية إن لم ينو شيئا أو نوى‏)‏ يعني بالصدر لأنه لو نوى بطالق واحدة وبالطلاق أخرى وقعتا رجعتين لو مدخولا بها كقوله‏:‏ أنت طالق أنت طالق زيلعي ‏(‏واحدة أو ثنتين‏)‏ لأنه صريح مصدر لا يحتمل العدد ‏(‏فإن نوى ثلاثا فثلاث‏)‏ لأنه فرد حكمي ‏(‏ولذا‏)‏ كان ‏(‏الثنتان في الأمة‏)‏ وكذا في حرة تقدمها واحدة جوهرة، لكن جزم في البحر أنه سهو ‏(‏بمنزلة الثلاث في الحرة‏)‏‏.‏

ومن الألفاظ المستعملة‏:‏ الطلاق يلزمني، والحرام يلزمني، وعلي الطلاق، وعلي الحرام فيقع بلا نية للعرف، فلو لم يكن له امرأة يكون يمينا فيكفر بالحنث تصحيح القدوري، وكذا علي الطلاق من ذراعي بحر‏.‏

ولو قال‏:‏ طلاقك علي لم يقع‏.‏ ولو زاد واجب أو لازم أو ثابت أو فرض هل يقع‏؟‏ قال البزازي‏:‏ المختار لا‏.‏ وقال القاضي الخاصي‏:‏ المختار نعم ولو قال‏:‏ طلقك الله هل يفتقر لنية‏؟‏ قال الكمال‏:‏ الحق نعم، ولو قال لها‏:‏ كوني طالقا أو اطلقي أو يا مطلقة بالتشديد وقع، وكذا يا طال بكسر اللام وضمها لأنه ترخيم أو أنت طال بالكسر وإلا توقف على النية، كما لو تهجى به أو بالعتق‏.‏ وفي النهر عن التصحيح‏:‏ الصحيح عدم الوقوع برهنتك طلاقك ونحوه‏.‏

‏(‏وإذا أضاف الطلاق إليها‏)‏ كأنت طالق ‏(‏أو‏)‏ إلى ‏(‏ما يعبر به عنها كالرقبة والعنق والروح والبدن والجسد‏)‏ الأطراف داخلة في الجسد دون البدن‏.‏ ‏(‏والفرج والوجه والرأس‏)‏ وكذا الاست، بخلاف البضع والدبر والدم على المختار خلاصة ‏(‏أو‏)‏ أضافه ‏(‏إلى جزء شائع منها‏)‏ كنصفها وثلثها إلى عشرها ‏(‏وقع‏)‏ لعدم تجزئه‏.‏

ولو قال نصفك الأعلى طالق واحدة ونصفك الأسفل ثنتين وقعت ببخارى فأفتى بعضهم بطلقة، وبعضهم بثلاث عملا بالإضافتين خلاصة‏.‏

‏(‏وإذا قال الرقبة منك أو الوجه أو وضع يده على الرأس والعنق‏)‏ أو الوجه ‏(‏قال هذا العضو طالق لم يقع في الأصح‏)‏ لأنه لم يجعله عبارة عن الكل بل عن البعض؛ حتى لو لم يضع يده بل قال‏:‏ هذا الرأس طالق وأشار إلى رأسها وقع في الأصح، ولو نوى تخصيص العضو ينبغي أن يدين فتح‏.‏ ‏(‏كما‏)‏ لا يقع ‏(‏لو أضافه إلى اليد‏)‏ إلا بنية المجاز ‏(‏والرجل والدبر والشعر والأنف والساق والفخذ والظهر والبطن واللسان والأذن والفم والصدر والذقن والسن والريق والعرق‏)‏ وكذا في الثدي والدم جوهرة لأنه لا يعبر به عن الجملة، فلو عبر به قوم عنها وقع، وكذا كل ما كان من أسباب الحرمة لا الحل اتفاقا‏.‏

‏(‏وجزء الطلقة‏)‏ ولو من ألف جزء ‏(‏تطليقة‏)‏ لعدم التجزؤ، فلو زادت الأجزاء، وقع أخرى وهكذا ما لم يقل نصف طلقة وثلث طلقة وسدس طلقة فيقع الثلاث، ولو بلا واو فواحدة‏.‏ ولو قال طلقة ونصفها فثنتان على المختار جوهرة، وكذا لو كان مكان السدس ربعا فثنتان على المختار، وقيل واحدة قهستاني، وسيجيء أن استيناء بعض التطليق لغو بخلاف إيقاعه

‏(‏و‏)‏ يقع بقوله ‏(‏من واحدة إلى ثنتين أو ما بين واحدة إلى ثنتين، واحدة‏)‏ بقوله من واحدة أو ما بين واحدة ‏(‏إلى ثلاث ثنتان‏)‏ الأصل فيما أصله الحظر دخول الغاية الأولى فقط عند الإمام، وفيما مرجعه الإباحة كخذ من مالي من مائة إلى ألف الغايتين اتفاقا

‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏بثلاثة أنصاف طلقتين ثلاثة‏)‏ وقيل ثنتان ‏(‏وبثلاثة أنصاف طلقة أو نصفي طلقتين طلقتان، وقيل يقع ثلاث‏)‏ والأول أصح ‏(‏وبواحدة في ثنتين واحدة إن لم ينو أو نوى الضرب‏)‏ لأنه يكثر الأجزاء لا الأفراد ‏(‏وإن نوى واحدة وثنين فثلاث‏)‏ لو مدخولا بها‏.‏ ‏(‏وفي غير الموطوءة واحدة ك‏)‏ قوله لها ‏(‏واحدة وثنتين‏)‏ لأنه لم يبق للثنتين محل ‏(‏وإن نوى مع الثنتين فثلاث‏)‏ مطلقا

‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏بثنتين‏)‏ في ثنتين ولو ‏(‏بنية الضرب ثنتان‏)‏ لما مر، ولو نوى معنى الواو أو مع فكما مر

‏(‏و‏)‏ بقوله ‏(‏من هنا إلى الشام واحدة رجعية‏)‏ ما لم يصفها بطول أو كبر فبائنة

‏(‏و‏)‏ أنت طالق ‏(‏بمكة أو في مكة أو في الدار أو الظل أو الشمس أو ثوب كذا تنجيز‏)‏ يقع للحال ‏(‏كقوله أنت طالق مريضة أو مصلية‏)‏ أو أنت مريضة أو أنت تصلين ‏(‏ويصدق‏)‏ في الكل ‏(‏ديانة‏)‏ لا قضاء ‏(‏ولو قال عنيت إذا‏)‏ دخلت أو إذا ‏(‏لبست أو إذا مرضت‏)‏ ونحو ذلك؛ فيتعلق به كقوله‏:‏ إلى سنة أو إلى رأس الشهر أو الشتاء‏.‏ ‏(‏وإذا دخلت مكة تعليق‏)‏ وكذا في دخولك الدار أو في لبسك ثوب كذا أو في صلاتك ونحو ذلك لأن الظرف يشبه الشرط، ولو قال لدخولك أو لحيضك تنجيز؛ ولو بالباء تعلق، وفي حيضك وهي حائض فحتى تحيض أخرى، وفي حيضتك فحتى تحيض وتطهر، وفي ثلاثة أيام تنجيز، وفي مجيء ثلاثة أيام تعليق بمجيء الثالث سوى يوم حلفه لأن الشروط تعتبر في المستقبل، ويوم القيامة لغو، وقبله تنجيز‏.‏

وفي طالق تطليقة حسنة في دخولك الدار إن رفع حسنة تنجز وإن نصبها تعلق‏.‏ وسأل الكسائي محمدا عمن قال لامرأته‏:‏ فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم كم يقع‏؟‏ فقال‏:‏ إن رفع ثلاثا فواحدة، وإن نصبها فثلاث، وتمامه في المغني وفيما علقناه على الملتقى

‏(‏وب‏)‏ قوله ‏(‏أنت طالق غدا أو في غد يقع عند‏)‏ طلوع ‏(‏الصبح، وصح في الثاني نية العصر‏)‏ أي آخر النهار ‏(‏قضاء وصدق فيهما ديانة‏)‏ ومثله أنت طالق شعبان أو في شعبان

‏(‏وفي أنت طالق اليوم غدا أو غدا اليوم اعتبر اللفظ الأول‏)‏ ولو عطف بالواو يقع في الأول واحدة وفي الثاني ثنتان، كقوله‏:‏ أنت طالق بالليل والنهار أو أول النهار وآخره وعكسه، أو اليوم ورأس الشهر، والأصل أنه متى أضاف الطلاق لوقتين كائن ومستقبل بحرف عطف، فإن بدأ بالكائن اتحد أو بالمستقبل تعدد، وفي أنت طالق اليوم وإذا جاء غدا أو أنت طالق لا بل غدا طلقت واحدة للحال وأخرى في الغد

‏(‏أنت طالق واحدة أولا أو مع موتى أو مع موتك لغو‏)‏ أما الأول فلحرف الشك، وأما الثاني فلإضافته لحالة منافية للإيقاع أو الوقوع ‏(‏كذا أنت طالق قبل أن أتزوجك أو أمس و‏)‏ قد ‏(‏نكحها اليوم‏)‏ ولو نكحها قبل أمس وقع الآن لأن الإنشاء في الماضي إنشاء في الحال، ولو قال أمس واليوم تعدد، وبعكسه اتحد، وقيل‏:‏ بعكسه ‏(‏أو أنت طالق قبل أن أطلق أو قبل أن تخلقي أو طلقتك وأنا صبي أو نائم‏)‏ أو مجنون وكان معهودا كان لغوا‏.‏ ‏(‏بخلاف‏)‏ قوله ‏(‏أنت حرة قبل أن أشتريك أو أنت حرة أمس وقد اشتراه اليوم فإنه يعتق كما‏)‏ يعتق ‏(‏ولو أقر لعبد ثم اشتراه‏)‏ لإقراره بحريته

‏(‏أنت طالق قبل موتي بشهرين أو أكثر ومات قبل مضي شهرين لم تطلق‏)‏ لانتفاء الشرط ‏(‏وإن مات بعده طلقت مستندا‏)‏ لأول المدة لا عند الموت ‏(‏و‏)‏ فائدته أنه ‏(‏لا ميراث لها‏)‏ لأن العدة تنقضي بشهرين بثلاث حيض

‏(‏قال لها أنت طالق كل يوم‏)‏ أو كل جمعة أو رأس كل شهر ‏(‏ولا نية له تقع واحدة‏)‏ فإنه نوى كل يوم - أو قال في كل يوم أو مع أو عند أو كلما مضى يوم يقع ثلاث في أيام ثلاثة والأصل أنه متى ترك كلمة الطرف اتحد وإلا تعدد‏.‏ وفي الخلاصة أنت طالق مع كل يوم تطليقة وقع ثلاث للحال

‏(‏قال أطولكما عمرا طالق الآن لا تطلق حتى تموت إحداهما فتطلق الأخرى‏)‏ لوجود شرطه حينئذ‏.‏

‏(‏قال‏:‏ أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم بعد شهر وقع الطلاق مقتصرا‏)‏‏.‏ - -

اعلم أن طريق ثبوت الأحكام أربعة‏:‏ الانقلاب، والاقتصار، والاستناد، والتبيين فالانقلاب‏:‏ صيرورة ما ليس بعلة علة كالتعليق‏.‏ والاقتصار‏:‏ ثبوت الحكم في الحال‏.‏ والاستناد‏:‏ ثبوت في الحال مستندا إلى ما قبله بشرط بقاء المحل كل المدة، كلزوم الزكاة حين الحول مستندا لوجود النصاب‏.‏ والتبيين‏:‏ أن يظهر في الحال تقدم الحكم كقوله إن كان زيد في الدار فأنت طالق وتبين في الغد وجوده فيها تطلق من حين القول فتعتد منه ‏(‏أنت طالق ما لم أطلقك أو متى لم أطلقك أو متى ما لم أطلقك وسكت طلقت‏)‏ للحال بسكوته ‏(‏وفي إن لم أطلقك لا‏)‏ تطلق بالسكوت بل يمتد النكاح ‏(‏حتى يموت أحدهما قبله‏)‏ أي قبل تطليقه فتطلق قبيل الموت لتحقق الشرط ويكون فارا‏.‏ ‏(‏وإذا ما وإذا بلا نية مثل إن عنده و‏)‏ مثل ‏(‏متى عندهما‏)‏ وقد مر حكمها‏.‏ ‏(‏وإن نوى الوقت أو الشرط اعتبرت‏)‏ نيته اتفاقا ما لم تقم قرينة الفور فعلى الفور‏.‏

‏(‏وفي‏)‏ قوله ‏(‏أنت طالق ما لم أطلقك أنت طالق مع الوصل‏)‏ بقوله ما لم أطلقك ‏(‏طلقت ب‏)‏ المنجزة ‏(‏الأخيرة‏)‏ فقط استحسانا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

قال‏:‏ إن لم أطلقك اليوم ثلاثا فأنت طالق ثلاثا فحيلته أن يطلقها على ألف ولا تقبل المرأة، فإن مضى اليوم لا تطلق به يفتى خانية لأن التطليق المقيد يدخل تحت المطلق

‏(‏أنت طالق يوم أتزوجك فنكحها ليلا حنث بخلاف الأمر باليد‏)‏ أي أمرك بيدك يوم يقدم زيد فقدم ليلا لم تتخير ولو نهارا بقي للغروب، والأصل أن اليوم متى قرن بفعل ممتد يستوعب المدة يراد به النهار كالأمر باليد فإنه يصح جعله بيدها يوما أو شهرا، ومتى قرن بفعل لا يستوعبها يراد به مطلق الوقت كإيقاع الطلاق، فإنه لو قال‏:‏ طلقتك شهرا كان ذكر المدة لغوا وتطلق للحال

‏(‏أنا منك طالق‏)‏ أو بريء ‏(‏ليس بشيء ولو نوى‏)‏ به الطلاق ‏(‏وتبين في البائن والحرام‏)‏ أي أنا منك بائن أو أنا عليك حرام ‏(‏إن نوى‏)‏ لأن الإبانة لإزالة الوصلة والتحريم لإزالة الحل وهما مشتركان فتصح الإضافة إليه، حتى لو لم يقل منك أو عليك لم يقع بخلاف أنت بائن أو حرام حيث يقع إذا نوى وإن لم يقل مني، نعم لو جعل أمرها بيدها شرط قولها بائن مني‏.‏ ويقع بأبرأتك عن الزوجية بلا نية

‏(‏أنت طالق ثنتين مع عتق مولاك إياك فأعتق‏)‏ سيدها طلقت ثنتين ‏(‏وله الرجعة‏)‏ لوجود التطليق بعد الإعتاق لأنه شرط‏.‏ ونقل ابن الكمال أن كلمة مع إذا أقحم بين جنسين مختلفين يحل محل الشرط‏.‏

‏(‏ولو علق‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏عتقها وطلاقها بمجيء الغد فجاء‏)‏ الغد ‏(‏لا رجعة له‏)‏ لتعلقهما بشرط واحد ‏(‏وعدتها‏)‏ في المسألتين ‏(‏ثلاث حيض‏)‏ احتياطا‏.‏ ‏(‏ولو‏)‏ كان الزوج ‏(‏مريضا لا ترث منه‏)‏ لوقوعه وهي أمة فلا ترث مبسوط

‏(‏أنت طالق هكذا مشيرا بالأصابع‏)‏ المنشورة ‏(‏وقع بعدده‏)‏ بخلاف مثل هذا، فإنه إن نوى ثلاثا وقعن وإلا فواحدة لأن الكاف للتشبيه في الذات ومثل للتشبيه في الصفات، ولذا قال أبو حنيفة‏:‏ إيماني كإيمان جبريل لا مثل إيمان جبريل بحر ‏(‏وتعتبر المنشورة‏)‏ لا المضمومة إلا ديانة ككف والمعتمد في الإشارة في الكف نشر كل الأصابع‏.‏ ونقل القهستاني أنه يصدق قضاء بنية الإشارة بالكف وهي واحدة، ولو لم يقل هكذا يقع واحدة لفقد التشبيه‏.‏ ولو قال أنت هكذا مشيرا ولم يقل طالق لم أره‏.‏ ‏(‏ولو أشار بظهورها فالمضمومة‏)‏ للعرف، ولو كان رءوسها نحو المخاطب فإن نشر عن ضم فالعبرة للنشر، وإن ضما عن نشر فالضم ابن كمال‏.‏

‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏ب‏)‏ قوله ‏(‏أنت طالق بائن أو ألبتة‏)‏ وقال الشافعي‏:‏ يقع رجعيا لو موطوءة ‏(‏أو أفحش الطلاق أو طلاق الشيطان أو البدعة، أو أشر الطلاق، أو كالجبل أو كألف، أو ملء البيت، أو تطليقة شديدة، أو طويلة، أو عريضة أو أسوه، أو أشده، أو أخبثه‏)‏ أو أخشنه ‏(‏أو أكبره أو أعرضه أو أطوله، أو أغلظه أو أعظمه واحدة بائنة‏)‏ في الكل لأنه وصف الطلاق بما يحتمله ‏(‏إن لم ينو ثلاثا‏)‏ في الحرة وثنتين في الأمة، فيصح لما مر، كما لو نوى بطالق واحدة وبنحو بائن أخرى فيقع ثنتان بائنتان؛ ولو عطف وقال وبائن أو ثم بائن ولم ينو شيئا فرجعية؛ ولو بالفاء فبائنة ذخيرة‏.‏

‏(‏كما‏)‏ يقع البائن ‏(‏لو قال‏:‏ أنت طالق طلقة تملكي بها نفسك‏)‏ لأنها لا تملك نفسها إلا بالبائن ولو قال أنت طالق على أن لا رجعة لي عليك له الرجعة؛ وقيل‏:‏ لا جوهرة‏.‏ ورجح في البحر الثاني، وخطأ من أفتى بالرجعي في التعاليق، وقول الموثقين تكون طالقا طلقة تملك بها نفسها إلخ؛ لكن في البزازية وغيرها قال للمدخولة‏:‏ إن طلقتك واحدة فهي بائنة أو ثلاثا ثم طلقها يقع رجعيا، الوصف لا يسبق الموصوف، وكذا لو قال‏:‏ إن دخلت الدار فكذا ثم قبل دخولها الدار قال جعلته بائنا أو ثلاثا لا يصح لعدم وقوع الطلاق عليها انتهى، ومفاده وقوع الطلاق الرجعي في‏:‏ متى تزوجت عليك فأنت طالق طلقة تملكين بها نفسك، إذ غايته مساواته لأنت بائن، والوصف لا يسبق الموصوف‏.‏ كذا حرره المصنف هنا وفي الكنايات‏:‏ ‏(‏بخلاف‏)‏ أنت طالق ‏(‏أكثره‏)‏ أي الطلاق ‏(‏بالتاء المثناة من فوق فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين في‏)‏ إرادة ‏(‏الواحدة‏)‏ كما لو قال أكثر الطلاق أو أنت طالق مرارا أو ألوفا أو لا قليل ولا كثير فثلاث هو المختار كما في الجوهرة‏.‏ ولو قال‏:‏ أقل الطلاق فواحدة؛ ولو قال عامة الطلاق أو أجله أو لونين منه أو أكثر الثلاث أو كبير الطلاق فثنتان، وكذا لا كثير ولا قليل على الأشبه مضمرات‏.‏ وفي القنية‏:‏ طلقتك آخر الثلاث تطليقات فثلاث وطالق آخر، ثلاث تطليقات فواحدة‏.‏ والفرق دقيق حسن‏.‏

‏[‏فروع في وقوع الطلاق‏]‏

يقع بأنت طالق كل التطليقة واحدة، وكل تطليقة ثلاث، وعدد التراب واحدة، وعدد الرمل ثلاث، وعدد شعر إبليس أو عدد شعر بطن كفي واحدة، وعدد شعر ظهر كفي أو ساقي أو ساقك أو فرجك أو عدد ما في هذا الحوض من السمك وقع بعدده إن وجد وإلا لا

لست لك بزوج أو لست لي بامرأة‏.‏ أو قالت له لست لي بزوج فقال صدقت طلاق إن نواه خلافا لهما‏.‏ ولو أكد بالقسم أو سئل ألك امرأة‏؟‏ فقال لا تطلق اتفاقا، وإن نوى لأن اليمين والسؤال قرينتا إرادة النفي فيهما‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ قيل له‏:‏ ألست طلقتها‏؟‏ تطلق ببلى لا بنعم‏.‏ وفي الفتح‏:‏ ينبغي عدم الفرق للعرف‏.‏ وفي البزازية قالت له‏:‏ أنا امرأتك، فقال لها‏:‏ أنت طالق كان إقرارا بالنكاح، وتطلق لاقتضاء الطلاق النكاح وضعا‏.‏

علم أنه حلف ولم يدر بطلاق أو غيره لغا كما لو شك أطلق أم لا‏.‏ ولو شك أطلق واحدة أو أكثر بنى على الأقل‏.‏ وفي الجوهرة طلق المنكوحة فاسدا ثلاثا له تزوجها بلا محلل ولم يحك خلافا‏.‏

باب طلاق غير المدخول بها

‏(‏قال لزوجته غير المدخول بها أنت طالق‏)‏ يا زانية ‏(‏ثلاثا‏)‏ فلا حد ولا لعان لوقوع الثلاث عليها وهي زوجته ثم بانت بعده وكذا أنت طالق ثلاثا يا زانية إن شاء الله تعالى تعلق الاستثناء بالوصف بزازية ‏(‏وقعن‏)‏ لما تقرر أنه متى ذكر العدد كان الوقوع به، وما قيل من أنه لا يقع لنزول الآية في الموطوءة باطل محض منشؤه الغفلة عما تقرر أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وحمله في غرر الأذكار على كونها متفرقة فلا يقع إلا الأولى فقط‏.‏ ‏(‏وإن فرق‏)‏ بوصف أو خبر أو جمل بعطف أو غيره ‏(‏بانت بالأولى‏)‏ لا إلى عدة ‏(‏و‏)‏ لذا ‏(‏لم تقع الثانية‏)‏ بخلاف الموطوءة حيث يقع الكل وعم التفريق، قوله ‏(‏وكذا أنت طالق ثلاثا متفرقات‏)‏ أو ثنتين مع طلاق إياك ‏(‏ف‏)‏ طلقها واحدة وقع ‏(‏واحدة‏)‏ كما لو قال نصفا وواحدة على الصحيح جوهرة ولو قال‏:‏ واحدة ونصفا فثنتان اتفاقا لأنه جملة واحدة ولو قال‏:‏ واحدة وعشرين أو وثلاثين فثلاث لما مر‏.‏

‏(‏والطلاق يقع بعدد قرن به لا به‏)‏ نفسه عن ذكر العدد، وعند عدمه الوقوع بالصيغة‏.‏ ‏(‏فلو ماتت‏)‏ يعم الموطوءة وغيرها ‏(‏بعد الإيقاع قبل‏)‏ تمام ‏(‏العدد لغا‏)‏ لما تقرر‏.‏ ‏(‏ولو مات‏)‏ الزوج أو أخذ أحد فمه قبل ذكر العدد ‏(‏وقع واحدة‏)‏ عملا بالصيغة لأن الوقوع بلفظه لا بقصده‏.‏ ‏(‏ولو قال‏)‏ لغير الموطوءة ‏(‏أنت طالق واحدة وواحدة‏)‏ بالعطف ‏(‏أو قبل واحدة أو بعدها واحدة يقع واحدة‏)‏ بائنة، ولا تلحقها الثانية لعدم العدة‏.‏ ‏(‏وفي‏)‏ أنت طالق واحدة ‏(‏بعد واحدة أو قبلها واحدة أو مع واحدة أو معها واحد ثنتان‏)‏، الأصل أنه متى أوقع بالأول لغا الثاني، أو بالثاني اقترنا، لأن الإيقاع في الماضي إيقاع في الحال‏.‏ ‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏بأنت طالق واحدة وواحدة إن دخلت الدار ثنتان لو دخلت‏)‏ لتعلقهما بالشرط دفعة‏.‏ ‏(‏و‏)‏ تقع ‏(‏واحدة إن قدم الشرط‏)‏ لأن المعلق كالمنجز ‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏في الموطوءة ثنتان‏)‏ في كلها لوجود العدة؛ ومن مسائل قبل وبعد ما قيل‏:‏ ما يقول الفقيه أيده الله ولا زال عنده الإحسان في فتى علق الطلاق بشهر قبل ما بعد قبله رمضان وينشد على ثمانية أوجه، فيقع بمحض قبل في ذي الحجة، وبمحض بعد في جمادى الآخرة وبقبل أولا أو وسطا أو آخرا في شوال، ويبعد كذلك في شعبان لإلغاء الطرفين فيبقى قبله أو بعده رمضان‏.‏

‏(‏ولو قال امرأتي طالق وله امرأتان أو ثلاث تطلق واحدة منهن وله خيار التعيين‏)‏ اتفاقا‏.‏ وأما تصحيح الزيلعي فإنما هو في غير الصريح كامرأتي حرام كما حرره المصنف وسيجيء في الإيلاء

‏(‏قال لنسائه الأربع بينكن تطليقة طلقت كل واحدة تطليقة، وكذا لو قال بينكن تطليقات أو ثلاث أو أربع، إلا أن ينوي قسمة كل واحدة بينهن فتطلق كل واحدة ثلاثا؛ ولو قال بينكن خمس تطليقات يقع على كل واحدة طلاقان هكذا إلى ثمان تطليقات فإن زاد عليها طلقت كل واحدة ثلاثا‏)‏ ومثله قوله أشركتكن في تطليقة خانية‏.‏ وفيها ‏(‏قال لامرأتين لم يدخل بواحدة منهما امرأتي طالق ثم قال أردت واحدة منهما لا يصدق، ولو مدخولتين فله إيقاع الطلاق على إحداهما‏)‏ لصحة تفريق الطلاق على المدخولة لا على غيرها‏.‏

‏(‏قال‏:‏ امرأته طالق ولم يسم وله امرأة‏)‏ معروفة طلقت امرأته استحسانا، فإن قال‏:‏ لي امرأة أخرى إياها عنيت لا يقبل قوله إلا ببينة، ولو كان ‏(‏له امرأتان كلتاهما معروفة له صرف إلى أيهما شاء‏)‏ خانية ولم يحك خلافا‏.‏

‏[‏فروع في تكرار لفظ الطلاق‏]‏

كرر لفظ الطلاق وقع الكل، وإن نوى التأكيد دين‏.‏ كان اسمها طالقا أو حرة فناداها إن نوى الطلاق أو العتاق وقعا وإلا لا‏.‏ قال لامرأته‏:‏ هذه الكلبة طالق طلقت، أو لعبده هذا الحمار حر عتق‏.‏ قال‏:‏ أنت طالق أو أنت حر وعنى الإخبار كذبا وقع قضاء، إلا إذا أشهد على ذلك؛ وكذا المظلوم إذا أشهد عند استحلاف الظالم بالطلاق الثلاث أنه يحلف كاذبا صدق قضاء وديانة شرح وهبانية‏.‏ وفي النهر قال‏:‏ فلانة طالق واسمها كذلك وقال عنيت غيرها دين؛ ولو غيره صدق قضاء وعلى هذا لو حلف لدائنه بطلاق امرأته فلانة واسمها غيره لا تطلق‏.‏

وقد كثر في زماننا قول الرجل‏:‏ أنت طالق على الأربعة مذاهب‏.‏ قال المصنف‏:‏ وينبغي الجزم بوقوعه قضاء وديانة‏.‏ ولو قال‏:‏ أنت طالق في قول الفقهاء أو فلان القاضي أو المفتي دين‏.‏ قال‏:‏ نساء الدنيا أو نساء العالم طوالق لم تطلق امرأته، بخلاف نساء المحلة والدار والبيت‏:‏ وفي نساء القرية والبلدة خلاف الثاني وكذا العتق

قالت لزوجها‏:‏ طلقني فقال فعلت طلقت، فإن قالت زدني فقال فعلت طلقت أخرى‏.‏ ولو قالت‏:‏ طلقني طلقني طلقني، فقال طلقت فواحدة إن لم ينو الثلاث؛ ولو عطفت بالواو فثلاث‏.‏

ولو قالت‏:‏ طلقت نفسي فأجاز طلقت اعتبارا بالإنشاء، كذا أبنت نفسي إذا نوى ولو ثلاثا بخلاف الأول‏.‏ وفي اخترت لا يقع لأنه لم يوضع إلا جوابا‏.‏

وفي البزازية قال بين أصحابه‏:‏ من كانت امرأته عليه حراما فليفعل هذا الأمر ففعله واحد منهم فهو إقرار منه بحرمتها، وقيل لا، انتهى‏.‏ وسئل أبو الليث عمن قال لجماعة‏:‏ كل من له امرأة مطلقة فليصفق بيده فصفقوا فقال طلقن، وقيل ليس هو بإقرار‏.‏ جماعة يتحدثون في مجلس فقال رجل منهم‏:‏ من تكلم بعد هذا فامرأته طالق ثم تكلم الحالف طلقت امرأته لأن كلمة ‏(‏من‏)‏ للتعميم والحالف لا يخرج نفسه عن اليمين فيحنث

باب الكنايات

‏(‏كنايته‏)‏ عند الفقهاء ‏(‏ما لم يوضع له‏)‏ أي الطلاق ‏(‏واحتمله‏)‏ وغيره ‏(‏ف‏)‏ الكنايات ‏(‏لا تطلق بها‏)‏ قضاء ‏(‏إلا بنية أو دلالة الحال‏)‏ وهي حالة مذاكرة الطلاق أو الغضب، فالحالات ثلاث‏:‏ رضا وغضب ومذاكرة والكنايات ثلاث ما يحتمل الرد أو ما يصلح للسب، أو لا ولا ‏(‏فنحو اخرجي واذهبي وقومي‏)‏ تقنعي تخمري استتري انتقلي انطلقي اغربي اعزبي من الغربة أو من العزوبة ‏(‏يحتمل ردا، ونحو خلية برية حرام بائن‏)‏ ومرادفها كبتة بتلة ‏(‏يصلح سبا، ونحو اعتدي واستبرئي رحمك، أنت واحدة، أنت حرة، اختاري أمرك بيدك سرحتك، فارقتك لا يحتمل السب والرد، ففي حالة الرضا‏)‏ أي غير الغضب والمذاكرة ‏(‏تتوقف الأقسام‏)‏ الثلاثة تأثيرا ‏(‏على نية‏)‏ للاحتمال والقول له بيمينه في عدم النية ويكفي تحليفها له في منزله، فإن أبى رفعته للحاكم فإن نكل فرق بينهما مجتبى‏.‏ ‏(‏وفي الغضب‏)‏ توقف ‏(‏الأولان‏)‏ إن نوى وقع وإلا لا ‏(‏وفي مذاكرة الطلاق‏)‏ يتوقف ‏(‏الأول فقط‏)‏ ويقع بالأخيرين وإن لم ينو لأن مع الدلالة لا يصدق قضاء في نفي النية لأنها أقوى لكونها ظاهرة، والنية باطنة ولذا تقبل بينتها على الدلالة لا على النية إلا أن تقام على إقراره بها عمادية، ثم في كل موضع تشترط النية فلو السؤال بهل يقع بقول نعم إن نويت، ولو بكم يقع بقول واحدة ولا يتعرض لاشتراط النية بزازية فليحفظ‏.‏

‏(‏وتقع رجعية بقوله اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة‏)‏ وإن نوى أكثر، ولا عبرة بإعراب واحدة في الأصح ‏(‏و‏)‏ يقع ‏(‏بباقيها‏)‏ أي باقي ألفاظ الكنايات المذكورة، فلا يرد وقوع الرجعي ببعض الكنايات أيضا نحو‏:‏ أنا بريء من طلاقك، وخليت سبيل طلاقك، وأنت مطلقة بالتخفيف، وأنت أطلق من امرأة فلان، وهي مطلقة، وأنت ط ا ل ق وغير ذلك مما صرحوا به ‏(‏خلا اختاري‏)‏ فإن نية الثلاث لا تصح فيه أيضا، ولا تقع به ولا بأمرك بيدك ما لم تطلق المرأة نفسها كما يأتي ‏(‏البائن إن نواها أو الثنتين‏)‏ لما تقرر أن الطلاق مصدر لا يحتمل محض العدد ‏(‏وثلاث إن نواه‏)‏ للواحدة الجنسية ولذا صح في الأمة نية الثنتين

‏(‏قال اعتدي ثلاثا ونوى بالأول طلاقا وبالباقي حيضا صدق‏)‏ قضاء لنيته حقيقة كلامه ‏(‏وإن لم ينو به‏)‏ أي بالباقي ‏(‏شيئا فثلاث‏)‏ لدلالة الحال بنية الأول؛ حتى لو نوى بالثاني فقط فثنتان أو بالثالث فواحدة، ولو لم ينو بالكل لم يقع، وأقسامها أربعة وعشرون ذكرها الكمال ويزاد لو نوى بالكل واحدة فواحدة ديانة وثلاث قضاء؛ ولو قال‏:‏ أنت طالق اعتدي أو عطفه بالواو أو الفاء، فإن نوى واحدة فواحدة أو ثنتين وقعتا، وإن لم ينو ففي الواو ثنتان وفي الفاء قيل واحدة وقيل ثنتان‏.‏

‏(‏طلقها واحدة‏)‏ بعد الدخول ‏(‏فجعلها ثلاثا صح كما لو طلقها رجعيا فجعله‏)‏ قبل الرجعة ‏(‏بائنا‏)‏ أو ثلاثا، وكذا لو قال في العدة‏:‏ ألزمت امرأتي ثلاث تطليقات بتلك التطليقة أو ألزمتها بتطليقتين بتلك التطليقة فهو كما قال؛ ولو قال إن طلقتك فهي بائن أو ثلاث ثم طلقها يقع رجعيا لأن الوصف لا يسبق الموصوف كما مر فتذكر

‏(‏الصريح يلحق الصريح و‏)‏ يلحق ‏(‏البائن‏)‏ بشرط العدة ‏(‏والبائن يلحق الصريح‏)‏ الصريح ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا فتح، فمنه الطلاق الثلاث فيلحقهما، وكذا الطلاق على مال فيلحق الرجعي ويجب المال، والبائن ولا يلزم المال كما في الخلاصة فالمعتبر فيه اللفظ لا المعنى على المشهور

‏(‏لا‏)‏ يلحق البائن ‏(‏البائن‏)‏ إذا أمكن جعله إخبارا عن الأول‏:‏ كأنت بائن بائن، أو أبنتك بتطليقة فلا يقع لأنه إخبار فلا ضرورة في جعله إنشاء، بخلاف أبنتك بأخرى أو أنت طالق بائن، أو قال نويت البينونة الكبرى لتعذر حمله على الإخبار فيجعل إنشاء، ولذا وقع المعلق كما قال ‏(‏إلا إذا كان‏)‏ البائن ‏(‏معلقا بشرط‏)‏ أو مضافا ‏(‏قبل‏)‏ إيجاد ‏(‏المنجز البائن‏)‏ كقوله‏:‏ إن دخلت الدار فأنت بائن ناويا ثم أبانها ثم دخلت بانت بأخرى لأنه لا يصلح إخبارا، ومثله المضاف كأنت بائن غدا ثم أبانها ثم جاء الغد يقع أخرى‏.‏ وفي البحر عن الوهبانية‏:‏ أنت بائن كناية معلقا كان أو منجزا فيغتفر للنية، ولو قال‏:‏ إن دخلت الدار فأنت بائن، ثم قال إن كلمت زيدا فأنت بائن ثم دخلت وبانت ثم كلمت يقع أخرى ذخيرة‏.‏ وفي البزازية‏:‏ إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال كذلك لأمر آخر ففعل أحدهما بانت، وكذا لو فعل الثاني على الأشبه فليحفظ، قيد بالقبلية لأنه لو أبانها أولا ثم أضاف البائن أو علقه لم يصح كتنجيزه بدائع‏.‏ ويستثنى ما في البزازية‏:‏ كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة، ولو قال إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على معتدة البائن، ويضبط الكل ما قيل‏:‏ كلا أجز لا بائنا مع مثله إلا إذا علقته من قبله إلا بكل امرأة وقد خلع والحق الصريح بعد لم يقع

‏(‏كل فرقة هي فسخ من كل وجه‏)‏ كإسلام وردة مع لحاق وخيار بلوغ وعتق ‏(‏لا يقع الطلاق في عدتها‏)‏ مطلقا ‏(‏وكل فرقة هي طلاق يقع‏)‏ الطلاق ‏(‏في عدتها‏)‏ على ما بينا

‏[‏فروع لحوق الطلاق لمعتدة الطلاق‏]‏

إنما يلحق الطلاق لمعتدة الطلاق، أما المعتدة للوطء فلا يلحقها خلاصة‏.‏ وفي القنية‏:‏ زوج امرأته من غيره لم يكن طلاقا ثم رقم، إن نوى طلقت اذهبي وتزوجي تقع واحدة بلا نية اذهبي إلى جهنم يقع إن نوى خلاصة، وكذا اذهبي عني وأفلحي وفسخت النكاح، وأنت علي كالميتة أو كلحم الخنزير أو حرام كالماء لأنه تشبيه بالسرعة، ولا يقع بأربعة طرق عليك مفتوحة وإن نوى ما لم يقل خذي أي طريق شئت‏.‏

باب تفويض الطلاق

لما ذكر ما يوقعه بنفسه بنوعيه ذكر ما يوقعه غيره بإذنه‏.‏ وأنواعه ثلاثة‏:‏ تفويض، وتوكيل، ورسالة وألفاظ التفويض ثلاثة‏:‏ تخيير وأمر بيد، ومشيئة‏.‏ ‏(‏قال لها اختاري أو أمرك بيدك ينوي‏)‏ تفويض ‏(‏الطلاق‏)‏ لأنها كناية فلا يعملان بلا نية ‏(‏أو طلقي نفسك فلها أن تطلق في مجلس علمها به‏)‏ مشافهة أو إخبارا ‏(‏وإن طال‏)‏ يوما أو أكثر ما لم يوقته ويمضي الوقت قبل علمها ‏(‏ما لم تقم‏)‏ لتبدل مجلسها حقيقة ‏(‏أو‏)‏ حكما بأن ‏(‏تعمل ما يقطعه‏)‏ مما يدل على الإعراض لأنه تمليك فيتوقف على قبول في المجلس لا توكيل، فلم يصح رجوعه، حتى لو خيرها ثم حلف أن لا يطلقها فطلقت لم يحنث في الأصح ‏(‏لا‏)‏ تطلق ‏(‏بعده‏)‏ أي المجلس ‏(‏إلا إذا زاد‏)‏ في قوله طلقي نفسك وأخواته ‏(‏متى شئت أو متى ما شئت أو إذا شئت أو إذا ما شئت‏)‏ فلا يتقيد بالمجلس ‏(‏ولم يصح رجوعه‏)‏ لما مر‏.‏

‏(‏و‏)‏ أما في ‏(‏طلقي ضرتك أو‏)‏ قوله لأجنبي ‏(‏طلق امرأتي‏)‏ ف ‏(‏يصح رجوعه‏)‏ منه ولم يقيد بالمجلس لأنه توكيل محض، وفي طلقي نفسك وضرتك كان تمليكا في حقها توكيلا في حق ضرتها جوهرة ‏(‏إلا إذا علقه بالمشيئة‏)‏ فيصير تمليكا لا توكيلا‏.‏ والفرق بينهما في خمسة أحكام‏:‏ ففي التمليك لا يرجع ولا يعزل ولا يبطل بجنون الزوج ويتقيد بمجلس لا بعقل، فيصح تفويضه لمجنون وصبي لا يعقل، بخلاف التوكيل بحر، نعم لو جن بعد التفويض لم يقع فهنا تسومح ابتداء لا بقاء عكس القاعدة فليحفظ‏.‏ ‏(‏وجلوس القائمة واتكاء القاعدة وقعود المتكئة ودعاء الأب‏)‏ أو غيره ‏(‏للمشورة‏)‏ بفتح فضم المشاورة ‏(‏و‏)‏ دعاء ‏(‏شهود للإشهاد‏)‏ على اختيارها الطلاق إذا لم يكن عندها من يدعوهم، سواء تحولت عن مكانها أو لا في الأصح خلاصة ‏(‏وإيقاف دابة هي راكبتها لا يقطع‏)‏ المجلس، ولو أقامها أو جامعها مكرهة بطل لتمكنها من الاختيار ‏(‏والفلك لها كالبيت وسير دابتها كسيرها‏)‏ حتى لا يتبدل المجلس بجري الفلك، ويتبدل بسير الدابة لإضافته إليه إلا أن تجيب مع سكوته أو يكون في محل يقودهما الجمال فإنه كالسفينة‏.‏ ‏(‏وفي اختاري نفسك لا تصح نية الثلاث‏)‏ لعدم تنوع الاختيار؛ بخلاف أنت بائن أو أمرك بيدك ‏(‏بل تبين‏)‏ بواحدة ‏(‏إن قالت اخترت‏)‏ نفسي ‏(‏أو‏)‏ أنا ‏(‏أختار نفسي‏)‏ استحسانا، بخلاف قوله طلقي نفسك فقالت أنا طالق أو أنا أطلق نفسي لم يقع لأنه وعد جوهرة، ما لم يتعارف أو تنو الإنشاء فتح ‏(‏وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط‏)‏ صحة الوقوع بالإجماع ‏(‏ويشترط ذكرها متصلا، فإن كان منفصلا فإن في المجلس صح‏)‏ لأنها تملك فيه الإنشاء ‏(‏وإلا لا‏)‏ إلا أن يتصادقا على اختيار النفس فيصح وإن خلا كلامهما عن ذكر النفس درر والتاجية وأقره البهنسي والباقاني، لكن رده الكمال ونقله الأكمل بقيل، والحق ضعفه نهر‏.‏

‏(‏فلو قال اختاري اختيارة أو طلقة‏)‏ أو أمك ‏(‏وقع لو قالت اخترت‏)‏ فإن ذكر الاختيارة كذكر النفس إذ التاء فيه للوحدة، وكذا ذكر التطليقة وتكرار لفظ اختاري وقولها اخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج يقوم مقام ذكر النفس والشرط، ذكر ذلك في كلام أحدهما كما مثلنا، فلم يختص اختياره بكلام الزوج كما ظن، ولو قالت اخترت نفسي وزوجي أو نفسي لا بل زوجي وقع، وما في الاختيار من عدم الوقوع سهو، نعم لو عكست لم يقع اعتبار للمقدم وبطل أمرها كما لو عطفت بأو، أو أرشاها لتختاره فاختارته أو قالت ألحقت نفسي بأهلي‏.‏

‏(‏ولو كررها‏)‏ أي لفظة اختاري ‏(‏ثلاثا‏)‏ بعطف أو غيره ‏(‏فقالت‏)‏ اخترت أو ‏(‏اخترت اختيارة أو اخترت الأولى أو الوسطى أو الأخيرة يقع بلا نية‏)‏ من الزوج لدلالة التكرار ‏(‏ثلاثا‏)‏ وقالا‏:‏ يقع في اخترت الأولى إلى آخره واحدة بائنة واختاره الطحاوي بحر وأقره الشيخ علي المقدسي وفي الحاوي القدسي‏:‏ وبه نأخذ انتهى، فقد أفاد أن قولهما هو المفتى به لأن قولهم وبه نأخذ من الألفاظ المعلم بها على الإفتاء، كذا بخط الشرف الغزي محشي الأشباه‏.‏ ‏(‏ولو قالت‏)‏ في جواب التخيير المذكور ‏(‏طلقت نفسي أو اخترت نفسي بتطليقة‏)‏ أو اخترت الطلقة الأولى ‏(‏بانت بواحدة في الأصح‏)‏ لتفويضه بالبائن فلا تملك غيره ‏(‏أمرك بيدك في تطليقة أو اختاري تطليقة فاختارت نفسها طلقت رجعية‏)‏ لتفويضه إليها بالصريح، والمفيد للبينونة إذا قرن بالصريح صار رجعيا كعكسه قيد بفي ومثلها الباء بخلاف لتطلقي نفسك أو حتى تطلقي فهي بائنة كما لو جعل أمرها بيدها لو لم تصل نفقتي إليك فطلقي نفسك متى شئت فلم تصل فطلقت كان بائنا لأن لفظة الطلاق لم تكن في نفس الأمر‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

قال الرجل خير امرأتي فلم تختر ما لم يخيرها، بخلاف أخبرها بالخيار لإقراره به‏.‏ قال لها‏:‏ أنت طالق إن شئت واختاري فقالت شئت واخترت وقع ثنتان‏.‏ قال اختاري اليوم وغدا اتحد، ولو واختاري غدا تعدد‏.‏ قال اختاري اليوم أو أمرك بيدك هذا الشهر خيرت في بقيتهما، وإن قال يوما أو شهرا فمن ساعة تكلم إلى مثلها من الغد وإلى تمام ثلاثين يوما، ولو جعله لها رأس الشهر خيرت في الليلة الأولى ويومها، ولا يبطل المؤقت بالإعراض بل بمضي الوقت علمت أو لا‏.‏