فصل: أبو كليب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)



.أبو كلاب بن أبي صعصعة:

الأنصاري المازني. وقتل هو وأخوه جابر بن صعصعة يوم مؤتة وهما أخوا الحارث وقيس بن أبي صعصعة.

.أبو كليب:

ذكره بعضهم في الصحابة لا أعرفه.

.باب اللام:

.أبو لاس الخزاعي:

ويقال: الحارثي. قيل: اسمه عبد الله. وقيل: اسمه زياد له صحبة يعد في أهل المدينة روى عنه عمر بن الحكم ابن ثوبان.

.أبو لبابة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مذكور في مواليه صلى الله عليه وسلم.

.أبو لبابة بن عبد المنذر:

الأنصاري. قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب. اسمه بشير بن عبد المنذر وكذلك قال ابن هشام وخليفة. وقال أحمد بن زهير سمعت أحمد بن حنبل ويحيى بن معين يقولان: أبو لبابة اسمه رفاعة بن عبد المنذر وقال ابن إسحاق: اسمه رفاعة بن المنذر بن زبير ابن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس كان نقيبًا شهد العقبة وشهد بدرًا قال ابن إسحاق وزعم قوم أن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فرجعهما وأمر أبا لبابة على المدنية وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر. قال ابن هشام: ردهما من الروحاء.
قال أبو عمر: قد استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا لبابة على المدينة أيضًا حين خرج إلى غزوة السويق وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا وما بعدها من المشاهد وكانت معه راية بني عمرو بن عوف في غزوة الفتح.
مات أبو لبابة في خلافة علي رضي الله عنهما روى ابن وهب عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا لبابة ارتبط بسلسلة ربوض والربوض الثقيلة بضع عشرة ليلة حتى ذهب سمعه فما يكاد يسمع وكاد أن يذهب بصره وكانت ابنته تحله اذا حضرت الصلاة أو أراد أن يذهب لحاجة وإذا فرغ أعادته إلى الرباط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو جاءني لاستغفرت له».
قال أبو عمر: اختلف في الحال التي أوجبت فعل أبي لبابة هذا بنفسه وأحسن ما قيل في ذلك ما رواه معمر عن الزهري قال: كان أبو لبابة ممن تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فربط نفسه بسارية وقال: والله لا أحل نفسي منها ولا أذوق طعامًا ولا شرابًا حتى يتوب الله علي أو أموت. فمكث سبعة أيام لا يذوق طعامًا ولا يشرب شرابًا حتى خر مغشيًا عليه ثم تاب الله عليه فقيل له قد تاب الله عليك يا أبا لبابة فقال والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني. قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحله بيده ثم قال أبو لبابة: يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله قال: «يجزئك يا أبا لبابة الثلث».
وروى عن ابن عباس من وجوه في قول الله تعالى: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا}. [التوبة 103]. الآية. أنها نزلت في أبي لبابة ونفر معه سبعة أو ثمانية أو تسعة سواه تخلفوا عن غزوة تبوك ثم ندموا وتابوا وربطوا أنفسهم بالسواري فكان عملهم الصالح توبتهم وعملهم السيء تخلفهم عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: قد قيل إن الذنب الذي أتاه أبو لبابة كان إشارته إلى حلفائه من بني قريظة أنه الذبح إن نزلتم على حكم سعد بن معاذ وأشار إلى حلقه فنزلت فيه: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم}. [الأنفال 27]. ثم تاب الله عليه فقال: يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأنخلع من مالي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجزئك من ذلك الثلث».

.أبو لبابة الأسلمي:

لا يوقف له على اسم له صحبة حديثه عند الكوفيين.

.أبو لبيبة الأنصاري:

الأشهلي. من بني عبد الأشهل روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكره وكيع وابن أبي فديك قالا: أخبرنا الحسين بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استحل بدرهم في النكاح فقد استحل». وله أحاديث بغير هذا الإسناد ليست بالقوية لم يرو عنه غير ابنه عبد الرحمن.

.أبو لفيظ:

ذكره بعضهم في موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعرفه.

.أبو ليلى عبد الرحمن:

بن كعب بن عمرو الأنصاري المازني له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم كان ممن شهد أحدًا وما بعدها مات في آخر خلافة عمر أو أول خلافة عثمان فيما ذكره الواقدي وهو أخو عبد الله بن كعب الأنصاري المازني.

.أبو ليلى النابغة الجعدي:

الشاعر. واسمه قيس بن عبد الله بن عمرو بن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة له صحبة. روينا عنه من وجوه أنه قال أنشدت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا ** وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلى أين يا أبا ليلى». فقلت إلى الجنة فقال: «إن شاء الله». فلما بلغت:
ولا خير في حلم إذا لم يكن له ** بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

ولا خير في أمر إذا لم يكن له ** حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحسنت يا أبا ليلى لا يفضض الله فاك». قال فأتى عليه أكثر من مائة سنة وكان أحسن الناس ثغرًا.
قال أبو عمر: قد عاش نحو مائتي سنة فيما ذكر عمر بن شبة وابن قتيبة وقد ذكرناه عيون أخباره في باب النون من هذا الكتاب يقال إن مولده قبل مولد النابغة الذيباني وعاش حتى مدح ابن الزبير وهو خليفة دخل عليه المسجد الحرام فأنشده:
حكيت لنا الصديق لما وليتنا ** وعثمان والفاروق فأتاح معدم

وسويت بين الناس في الحق فاستووا ** فعاد صباحًا حالك الليل مظلم

أتاك أبو ليلى يجوب به الدجى ** دجى الليل جواب الفلاة عثمثم

لتجبر منه جانبًا زعزعت به ** صروف الليالي والزمان المصمم

وقد ذكرت هذا الخبر بتمامه وغيره من أخباره وذكرت الاختلاف في اسمه ونسبه الى جعدة في باب اسمه من هذا الكتاب.

.أبو ليلى الأشعري:

له صحبة من حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تمسكوا بطاعة أئمتكم». مدار حديثه هذا على محمد بن سعيد المصلوب وهو متروك عن سليمان بن حبيب عن عامر عنه ولا يصح.

.أبو ليلى الأنصاري:

والد عبد الرحمن بن أبي ليلى اختلف في اسمه فقيل: يسار بن نمير وقيل: أوس بن خولى وقيل: داود بن بليل بن بلال بن أحيحة وقيل: يسار بن بلال بن أحيحة بن الجلاح وقيل: بلال بن بليل وقال ابن الكلبي: أبو ليلى الأنصاري اسمه داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس صحب النبي صلى الله عليه وسلم وشهد معه أحدًا وما بعدها من المشاهد ثم انتقل إلى الكوفة وله بها دار في جهينة يلقب بالأيسر روى عنه ابنه عبد الرحمن وشهد هو وابنه عبد الرحمن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه مشاهده كلها.

.أبو ليلى الغفاري:

لا يوقف له على اسم من حديثه ما رواه إسحاق بن بشر عن خالد بن الحارث عن عوف عن الحسن عن أبي ليلى الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيامة هو الصديق الأكبر وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب المنافقين». وإسحاق بن بشر ممن لا يحتج بنقله إذا انفرد لضعفه ونكارة حديثه.

.باب الميم:

.أبو مالك الأشعري:

ويقال: الأشجعي قيل اسمه عمرو بن الحارث ابن هانئ روى عنه عطاء بن يسار وسعيد بن أبي هلال ولم يسمع منه سعيد بن أبي هلال ورواية عطاء بن يسار عنه محفوظة من حديث عبيد الله ابن عمر الرقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض».
وذكر البخاري، أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أربع يبقين في أمتي من أمر الجاهلية». الحديث هكذا ذكره البخاري بهذا الإسناد قال فيه أبو مالك الأشجعي، وزهير كثير الخطأ والله أعلم.
وأما أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق بن أشيم الكوفي فليس لهذا ذكر في الصحابة وإنما هو تابعي يروي عن أنس وابن أبي أوفى ونبيط بن شريط الأشجعي ويروى عن أبيه أيضًا روى له مسلم مشهور في علماء التابعين بتفسير القرآن والرواية روى عنه أبو حصين عثمان بن عاصم الأسدي وأبو سعد البقال وروى عنه الثوري وطبقته.

.أبو مالك الأشعري:

له صحبة ورواية اختلف في اسمه فقيل كعب بن مالك وقيل كعب بن عاصم. وقيل: اسمه عبيد وقيل: اسمه عمرو يعد في الشاميين روى عنه عبد الرحمن بن غنم وربما روى شهر بن حوشب عنه وعن عبد الرحمن بن غنم عنه وروى عنه أبو سلام.

.أبو مالك النخعي:

الدمشقي، قيل: إن له صحبة حديثه عند معاوية ابن صالح عن عبد الله بن دينار البهراني الحمصي عن أبي مالك النخعي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسخط لأبويه. والمرأة تصلي بغير خمار. والذي يؤم قومًا وهم له كارهون لا تقبل لواحد منهم صلاة. والصحيح أن حديثه مرسل ولا صحبة له.

.أبو مالك سليك بن الأعز:

مذكور في الصحابة.

.أبو محجن الثقفي:

اختلف في اسمه فقيل: اسمه مالك بن حبيب وقيل: عبد الله بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة ابن عوف بن قسي وهو ثقيف الثقفي. وقيل: اسمه كنيته. أسلم حين أسلمت ثقيف وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه حدث عنه أبو سعد البقال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي ثلاث: إيمان النجوم، وتكذيب بالقدر، وحيف الأئمة».
وكان أبو محجن هذا من الشجعان الأبطال في الجاهلية والإسلام من أولي البأس والنجدة ومن الفرسان البهم، وكان شاعرًا مطبوعًا كريمًا إلا أنه كان منهمكًا في الشراب لا يكاد يقلع عنه ولا يردعه حد ولا لوم لائم، وكان أبو بكر الصديق يستعين به وجلده عمر بن الخطاب في الخمر مرارًا، ونفاه إلى جزيرة في البحر وبعث معه رجلًا فهرب منه ولحق بسعد بن أبي وقاص بالقادسية، وهو محارب للفرس وكان قد هم بقتل الرجل الذي بعثه معه عمر فأحس الرجل بذلك فخرج فارًا فلحق بعمر فأخبره خبره فكتب عمر إلى سعد بن أبي وقاص بحبس أبي محجن فحبسه فلما كان يوم قس الناطف بالقادسية والتحم القتال سأل أبو محجن امرأة سعد أن تحل قيده وتعطيه فرس سعد، وعاهدها أنه إن سلم عاد إلى حاله من القيد والسجن وإن استشهد فلا تبعة عليه فخلت سبيله وأعطته الفرس فقاتل أيام القادسية وأبلى فيها بلاءً حسنًا ثم عاد إلى محبسه.
وكانت القادسية أيام مشهورة منها يوم قس الناطف ومنها يوم أرماث ويوم أغوات ويوم الكتائب وغيرها وكانت قصة أبي محجن في يوم منها ويومئذ قال:
كفى حزنًا أن ترتدي الخيل بالقنا ** وأترك مشدودًا علي وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وغلقت ** مصارع دوني قد تصم المناديا

وقد كنت ذا مال كثير وإخوة ** فقد تركوني واحدًا لا أخا ليا

وقد شف جسمي أنني كل شارق ** أعالج كبلًا مصمتًا قد برانيا

فلله دري يوم أترك موثقًا ** ويذهل عني أسرتي ورجاليا

حبسنا عن الحرب العوان وقد بدت ** وأعمال غيري يوم ذاك العواليا

فلله عهد لا أخيس بعهده ** لئن فرجت ألا أزور الحوانيا

حدثنا خلف بن سعد حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أحمد بن خالد حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: بلغني أن عمر بن الخطاب حد أبا محجن بن حبيب بن عمير الثقفي في الخمر سبع مرات.
وقال قبيصة بن ذؤيب: ضرب عمر بن الخطاب أبا محجن الثقفي في الخمر ثماني مرات وذكر ذلك عبد الرزاق في باب من حد من الصحابة في الخمر قال: وأخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا من المسلمين فأرسل الى أم ولد سعد أو إلى امرأة سعد يقول لها: إن أبا محجن يقول لك إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحًا ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل وأنشأ يقول:
كفى أن تلتقي الخيل بالقنا ** وأترك مشدودًا علي وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وغلقت ** مصارع دوني قد تصم المناديا

فذهبت الأخرى فقالت ذلك لامرأة سعد فحلت عنه قيوده وحمل على فرس كان في الدار وأعطى سلاحًا ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق صلبه فنظر إليه سعد فجعل منه يتعجب ويقول: من ذلك الفارس فلم يلبثوا إلا يسيرًا حتى هزمهم الله ورد السلاح وجعل رجليه في القيود كما كان فجاء سعد فقالت له امرأته أو أم ولده: كيف كان قتالكم فجعل يخبرها ويقول: لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلًا على فرس أبلق لولا أني تركت أبا محجن في القيود لظننت أنها بعض شمائل أبي محجن فقالت: والله إنه لأبو محجن كان من أمره كذا وكذا فقصت عليه قصته فدعا به وحل قيوده وقال: والله لا نجلدك على الخمر أبدًا. قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدًا كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم. قال: فلم يشربها بعد ذلك.
وروى ابن الأعرابي عن المفضل الضبي قال: قال أبو محجن في تركه الخمر:
رأيت الخمر صالحة وفيها ** خصال تهلك الرجل الحليما

فلا والله أشربها حياتي ** ولا أشفي بها أبدًا سقيما

وأنشد غيره هذه الأبيات لقيس بن عاصم.
ومن رواية أهل الأخبار أن ابنًا لأبي محجن الثقفي دخل على معاوية فقال له معاوية: أبوك الذي يقول:
إذا مت فادفني إلى جنب كرمة ** تروي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفني بالفلاة فإنني ** أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها

فقال له ابن أبي محجن: لو شئت ذكرت أحسن من هذا من شعره فقال وما ذاك قال قوله:
لا تسأل الناس عن مالي وكثرته ** وسائل الناس عن حزمي وعن خلقي

القوم أعلم أني من سراتهم ** إذا تطيش يد الرعديدة الفرق

قد أركب الهول مسدولًا عساكره ** وأكتم السر فيه ضربة العنق

أعطي السنان غداة الروع حصته ** وحامل الرمح أرويه من العلق

وزاد بعضهم في هذه الأبيات:
وأطعن الطعنة النجلاء لو علموا ** وأحفظ السر فيه ضربة العنق

عف المطالب عما لست نائله ** وإن ظلمت شديد الحقد والحنق

وقد أجود وما مالي بذي فنع ** وقد أكر وراء المحجر الفرق

والقوم أعلم أني من سراتهم ** إذا سما بصر الرعديدة الشفق

قد يعسر المرء حينًا وهو ذو كرم ** وقد يثوب سوام العاجز الحمق

سيكثر المال يومًا بعد قلته ** ويكتسي العود بعد اليبس بالورق

فقال له معاوية: لئن كنا أسأنا القول لنحسنن لك الصفد وأجزل جائزته. وقال إذا ولدت النساء فلتلدن مثلك. وزعم هيثم بن عدي أنه أخبره من رأى قبر أبي محجن الثقفي بأذربيجان أو قال في نواحي جرجان، وقد نبتت عليه ثلاثة أصول كرم وقد طالت وأنمرت وهي معروشة على قبره، ومكتوب على القبر: هذا قبر أبي محجن الثقفي. قال: فجعلت أتعجب وأذكر قوله إذا مت فادفني إلى جنب كرمة وذكر البيت.
حدثنا أحمد بن عبد الله: قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن يونس قال: حدثنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن عمرو بن مهاجر عن إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: لما كان يوم القادسية أتي سعد بأبي محجن وهو سكران من الخمر فأمر به إلى القيد وكان سعد به جراحة فلم يخرج يومئذ على الناس واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة ورفع سعد فوق العذيب لينظر الى الناس فلما التقى الناس قال أبو محجن:
كفى حزنًا أن ترتدي الخيل بالقنا ** وأترك مشدودًا علي وثاقيا

فقال لابنة خصفة امرأة سعد: ويحك حليني ولك عهد الله علي إن سلمني الله أن أجيء حتى أضع رجلي في القيد وإن قتلت استرحتم مني فحلته فوثب على فرس لسعد يقال لها البلقاء ثم أخذ الرمح ثم انطلق حتى أتى الناس فجعل لا يحمل في ناحية إلا هزمهم فجعل الناس يقولون: هذا ملك وسعد ينظر فجعل سعد يقول: الضبر ضبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن وأبو محجن في القيد فلما هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد فأخبرت ابنه حصفة سعدًا بالذي كان من أمره، فقال: والله ما أبلى أحد من المسلمين ما أبلى في هذا اليوم، لا أضرب رجلًا أبلى في المسلمين ما أبلى. قال: فخلى سبيله. قال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها فأما إذ بهرجتني فوالله لا أشربها أبدًا.