فصل: أبو ذؤيب الهذلي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (نسخة منقحة)



.أبو ذؤيب الهذلي:

الشاعر. كان مسلمًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يره ولا خلاف أنه جاهلي إسلامي. قيل اسمه خويلد بن خالد ابن محرث بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد ابن هذيل. وقال ابن الكلبي: هو خويلد بن محرث من بني مازن بن سويد ابن تميم بن سعد بن هذيل.
ذكر محمد بن إسحاق بن يسار قال: حدثني أبو الآكام الهذلي عن الهرماس بن صعصعة الهذلي عن أبيه أن أبا ذؤيب الشاعر حدثه قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرت حزنًا وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت فهتف بي هاتف وهو يقول:
خطب أجل أناخ بالإسلام ** بين النخيل ومعقد الآطام

قبض النبي محمد فعيوننا ** تذري الدموع عليه بالتسجام

قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعًا فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح فتفاءلت به ذبحًا يقع في العرب. وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض وهو ميت من علته فركبت ناقتي وسرت. فلما أصبحت طلبت شيئًا أزجر به فعن شيهم يعني القنفذ وقد قبض على صل يعني الحية فهي تلتوي عليه والشيهم يقضمها حتى أكلها فزجرت ذلك فقلت الشيهم شيء مهم والتواء الصل التواء الناس عن الحق على القائم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أولت أكل الشيهم إياها غلبه القائم بعده على الأمر فحثثت ناقتي حتى إذا كنت بالغاية فزجرت الطائر فأخبرني بوفاته ونعب غراب سانح فنطق بمثل ذلك، فتعوذت بالله من شر ما عن لي في طريقي وقدمت المدينة ولها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام. فقلت: مه. قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت إلى المسجد فوجدته خاليًا، فأتيت بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبت بابه مرتجًا، وقيل هو مسجى وقد خلا به أهله فقلت: أين الناس؟ فقيل: في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار. فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح وسالمًا جماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن عبادة بن دليم وفيهم شعراء وهم: حسان بن ثابت وكعب بن مالك وملأ منهم فآويت إلى قريش وتكلمت الأنصار فأطالوا الخطاب وأكثروا الصواب وتكلم أبو بكر فلله دره من رجل لا يطيل الكلام ويعلم مواضع فصل الخصام والله لقد تكلم بكلام لا يسمعه سامع إلا انقاد له ومال إليه. ثم تكلم عمر بعده بدون كلامه ومد يده فبايعه وبايعوه ورجع أبو بكر ورجعت معه. قال أبو ذؤيب: فشهدت الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم وشهدت دفنه صلى الله عليه وسلم ثم أنشد أبو ذؤيب يبكي النبي صلى الله عليه وسلم:
لما رأيت الناس في عسلاتهم ** ما بين ملحود له ومضرح

متبادرين لشرجع بأكفهم ** نص الرقاب لفقد أبيض أروح

فهناك صرت إلى الهموم ومن يبت ** جار الهموم يبيت غير مروح

كسفت لمصرعه النجوم وبدرها ** وتزعزعت آطام بطن الأبطح

وتزعزعت أجبال يثرب كلها ** ونخيلها لحلول خطب مفدح

ولقد زجرت الطير قبل وفاته ** بمصابه وزجرت سعد الأذبح

وزجرت أن نعب المشحج سانحًا ** متفائلًا فيه بفأل الأقبح

قال: ثم انصرف أبو ذؤيب إلى باديته فأقام بها وتوفي أبو ذؤيب في خلافة عثمان بن عفان بطريق مكة قريبا منها ودفنه ابن الزبير. وغزا أبو ذؤيب مع عبد الله بن الزبير إفريقية ومدحه. وقيل: إنه مات في غزوة إفريقية بمصر منصرفًا بالفتح مع ابن الزبير فدفنه ابن الزبير ونفذ بالفتح وحده. وقيل: إن أبا ذؤيب مات غازيًا بأرض الروم ودفن هناك وإنه لا يعلم لأحد من المسلمين قبر وراء قبره. وكان عمر ندبه إلى الجهاد فلم يزل مجاهدًا حتى مات بأرض الروم قدس الله روحه. ودفنه هناك ابنه أبو عبيد وعند موته قال له:
أبا عبيد رفع الكتاب ** واقترب الموعد والحساب

في أبيات. قال محمد بن سلام: قال أبو عمرو: وسئل حسان بن ثابت من أشعر الناس فقال حيًّا أم رجلًا؟ قالوا حيًّا. قال: هذيل أشعر الناس حيًّا. قال محمد بن سلام وأقول إن أشعر هذيل أبو ذؤيب. وقال عمر بن شبة: تقدم أبو ذؤيب على جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه. وقال الأصمعي: أبرع بيت قالته العرب بيت أبو ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها ** وإذا ترد إلى قليل تقنع

وهذا البيت من شعره المفضل الذي يرثي فيه بنيه وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد وفيه حكم وشواهد وله حيث يقول:
أمن المنون وريبها تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع

قالت أمامة ما لجسمك شاحبًا ** منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع

أم ما لجنبك لا يلائم مضجعًا ** إلا أقض عليك ذاك المضجع

فأجبتها أن ما بجسمي أنه ** أودى بني من البلاد فودعوا

أودى بني فأعقبوني حسرة ** بعد الرقاد وعبرة لا تقلع

فالعين بعدهم كأن حداقها ** كحلت بشوك فهي عورى تدمع

سبقوا هواي وأعنقوا لهواهم ** فتخرموا ولكل جنب مصرع

فغبرت بعدهم بعيش ناصب ** وإخال أني لاحق مستتبع

ولقد حرصت بأن أدافع عنهم ** فإذا المنية أقبلت لا تدفع

وإذا المنية أنشبت أظفارها ** ألفيت كل تميمة لا تنفع

وتجلدي للشامتين أريهم ** أني لريب الدهر لا أتضعضع

حتى كأني للحوادث مروة ** بصفا المشقر كل يوم تقرع

والدهر لا يبقى على حدثانه ** جون السحاب له جدائد أربع

.أبو ذباب:

والد عبد الله بن أبي ذباب له في إسلامه خبر ظريف حسن وكان شاعرًا.

.أبو ذر الغفاري:

ويقال: أبو الذر والأول أكثر وأشهر واختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا فقيل: جندب بن جنادة وهو أكثر وأصح ما قيل فيه إن شاء الله تعالى وقيل: برير بن عبد الله وبرير بن جنادة وبرير بن عشرقة وقيل: برير بن جندب وقيل: جندب بن عبد الله وقيل: جندب بن السكن والمشهور جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار وقيل: جندب بن سفيان بن جنادة بن عبيد بن الواقفة بن الحرام بن غفار ابن مليل بن ضمرة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار الغفاري وأمه رملة بنت الوقيعة من بني غفار بن مليل أيضًا.
كان من كبار الصحابة قديم الإسلام. يقال: أسلم بعد أربعة فكان خامسًا ثم انصرف إلى بلاد قومه فأقام بها حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وله في إسلامه خبر حسن يروى من حديث ابن عباس ومن حديث عبد الله بن الصامت عنه.
فأما حديث ابن عباس فأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا المثنى بن سعيد عن أبي جمرة عن ابن عباس قال: لما بلغ أبا ذر مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قال لأخيه أنيس: اركب إلى هذا الوادي واعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني. فانطلق الأخ حتى قدم مكة وسمع من قوله ثم رجع الى أبي ذر فقال: رأيته يأمر بمكة بمكارم الأخلاق وسمعت منه كلامًا ما هو بالشعر فقال: ما شفيتني فيما أردت فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة فأتى المسجد فالتمس النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعرفه وكره أن يسأل عنه حتى أدركه الليل فاضطجع فرآه علي بن أبي طالب فقال: كأن الرجل غريب. قال نعم. قال: انطلق إلى المنزل فانطلقت معه لا يسألني عن شيء ولا أسأله قال فلما أصبحت من الغد رجعت إلى المسجد فبقيت يومي حتى أمسيت وسرت الى مضجعي فمر بي علي فقال: أما آن للرجل أن يعرف منزله فأقامه وذهب به ومعه وما يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى إذا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك فأقامه علي معه ثم قال له: ألا تحدثني ما الذي أقدمك هذا البلد قال: إن أعطيتني عهدًا وميثاقًا لترشدني فعلت ففعل فأخبره علي رضي الله عنه أنه نبي وأن ما جاء به حق وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أصبحت فاتبعني فإني إن رأيت شيئًا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل معي مدخلي قال: فانطلقت أقفوه حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت معه وحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحية الإسلام فقلت: السلام عليك يا رسول الله فكنت أول من حياه بتحية الإسلام. فقال: «وعليك السلام من أنت؟» قلت رجل من بني غفار. فعرض علي الإسلام فأسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجع إلى قومك فأخبرهم واكتم أمرك عن أهل مكة فإني أخشاهم عليك». فقلت: والذي نفسي بيده لأصوتن بها بين ظهرانيهم.
فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله فثار القوم إليه فضربوه حتى أضجعوه وأتى العباس فأكب عليه وقال: ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجارتكم إلى الشام عليهم وأنقذه منهم ثم عاد من الغد إلى مثلها وثاروا إليه فضربوه فأكب عليه العباس فأنقذه ثم لحق بقومه فكان هذا أول إسلام أبي ذر رضي الله تعالى عنه.
وأخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن سلمة المرادي، قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني الليث ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب، قال: قدم أبو ذر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فأسلم ثم رجع إلى قومه فكان يسخر بآلهتهم ثم إنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وهم في اسمه فقال: «أنت أبو نملة». فقال: أنا أبو ذر. قال: «نعم أبو ذر». وقد تقدم في باب جندب من خبره ما لم يقع هنا.
وتوفي أبو ذر رضي الله عنه بالربذة سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود ثم مات رضي الله عنه بعده في ذلك العام وقد قيل: توفي سنة أربع وعشرين والأول أصح إن شاء الله تعالى. وقال علي رضي الله عنه: وعى أبو ذر علمًا عجز الناس عنه ثم أوكأ عليه فلم يخرج شيئًا منه.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبو ذر في أمتي على زهد عيسى ابن مريم».
وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علمًا.
حدثنا أبو عثمان سعيد بن نصر، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ حدثنا ابن وضاح حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا حماد بن سلمة حدثنا علي بن زيد بن جدعان عن بلال بن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر». وقد ذكرنا من أخباره في باب الجيم من الأسماء ما هو أتم من هذا والحمد لله تعالى.
ذكر سيف بن عمر عن القعقاع بن الصلت عن رجل من كليب بن الحلحال عن الحلحال بن دري الضبي، قال: خرجنا حجاجًا مع ابن مسعود سنة أربع وعشرين ونحن أربعة عشر راكبًا حتى أتينا على الربذة فشهدنا أبا ذر فغسلناه وكفناه ودفناه هناك.

.أبو ذرة:

اسمه الحارث بن معاذ بن زرارة الأنصاري الظفري هو أخو أبي نملة الأنصاري شهد هو وأخوه أبو نملة مع أبيهما معاذ أحدًا ذكره الطبري.