فصل: بَابُ: جَامِعِ الأَيْمان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ جَامِعِ الأَيْمان

قَوْلُهُ‏:‏ يُرْجَعُ في الأيمان إلَى النِّيَّةِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم وقال الْقَاضِي يُقَدَّمُ عُمُومُ لَفْظِهِ على النِّيَّةِ احْتِيَاطًا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ يَرْجِعُ في الأيمان إلَى النِّيَّةِ مُقَيَّدٌ بان يَكُونَ الْحَالِفُ بها غير ظَالِمٍ نَصَّ عليه على ما تَقَدَّمَ وان يَحْتَمِلَهَا لَفْظُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ ابو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال في الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٌ وَيُقْبَلُ منه في الْحُكْمِ اذا قَرُبَ الِاحْتِمَالُ وان قوى بُعْدُهُ منه لم يُقْبَلْ وان تَوَسَّطَ فَرِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في اول بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ وَتَقَدَّمَ تَصْوِيرُ بَعْضِ مَسَائِلَ من ذلك وَذِكْرُ الْخُرُوجِ من مَضَايِقِ الأيمان مُسْتَوْفًى في بَابِ التَّأْوِيلِ في الْحَلِفِ في اوله واخره فَلْيُرَاجَعْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فان لم يَكُنْ له نِيَّةٌ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَالْوَجِيزُ وَتَذْكِرَةُ ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرُ وَمُنْتَخَبُ الادمى وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ السَّبَبَ على النِّيَّةِ الخرقى والارشاد وَالْمُبْهِجُ وَحَكَى رِوَايَةً وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي بِمُوَافَقَتِهِ لِلْوَضْعِ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ عُمُومُ لَفْظِهِ على سَبَبِ الْيَمِينِ احْتِيَاطًا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَعَلَى النِّيَّةِ ايضا انتهى‏.‏

وقال الزَّرْكَشِيُّ اعْتَمَدَ عَامَّةُ الأصحاب تَقْدِيمَ النِّيَّةِ على السَّبَبِ وَعَكَسَ ذلك الشِّيرَازِيُّ فَقَدَّمَ السَّبَبَ على النِّيَّةِ انتهى‏.‏

قُلْت وَقَطَعَ بِهِ في الارشاد وَقَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَقَدَّمَ الخرقى السَّبَبَ على النِّيَّةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وقال الزَّرْكَشِيُّ ايضا لَمَّا تَكَلَّمَ على كَلَامِ الخرقى اذا لم يَنْوِ شيئا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غير ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا اي اثارها فاذا حَلَفَ لَا ياوى مع امْرَأَتِهِ في هذه الدَّارِ وكان سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا من جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ من جِيرَانِهَا أو مِنَّةٍ حَصَلَتْ عليه بها وَنَحْوِ ذلك اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بها كما هو مُقْتَضَى اللَّفْظِ وان كان لِغَيْظٍ من الْمَرْأَةِ يقتضى جَفَاءَهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فيه تَعَدَّى ذلك إلَى كل دَارٍ لِلْمَحْلُوفِ عليها بِالنَّصِّ وما عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَاءِ التي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ وَكَذَلِكَ اذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ولا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ له الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ وَكَلَامُ الخرقى يَشْمَلُ ما اذا كان اللَّفْظُ خَاصًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كما مَثَّلْنَاهُ اولا أو كان اللَّفْظُ عَامًا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كما مَثَّلْنَاهُ ثَانِيًا وَلَا نِزَاعَ بين الأصحاب فِيمَا عَلِمْت في الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ المقتضى لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ في عَكْسِهِ فَقِيلَ فيه وَجْهَانِ وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فيه قَوْلَانِ أو ثَلَاثَةٌ احدها وهو الْمَعْرُوفُ عن الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وفي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ أصحابه الشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا يُؤْخَذُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو مُقْتَضَى نَصِّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ ابي مُحَمَّدٍ وحكى عن الْقَاضِي في مَوْضِعٍ يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ على السَّبَبِ وَيَكُونُ ذلك السَّبَبُ مَبْنِيًّا على ان الْعَامَّ اريد بِهِ خَاصٌّ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْبَلَدَ لِظُلْمٍ راه فيه وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا اذا دعى إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى أو حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ الا باذنه وَالْحَالُ يقتضى ما دَامَا كَذَلِكَ وقد اشار الْقَاضِي إلَى هذا التَّعْلِيقِ انتهى‏.‏

كَلَامُ الزركشى وقال في القاعده الرابعه وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ المائه وَتَبِعَهُ في الْقَوَاعِدِ الاصوليه هل يُخَصُّ اللَّفْظُ الْعَامُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصِّ اذا كان السَّبَبُ هو المقتضى له أَمْ يُقْضَى بِعُمُومِ اللَّفْظِ فيه وَجْهَانِ احدهما الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ اختارة الْقَاضِي في الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وأبو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ واخذوه من نَصِّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ عَلِيِّ بن سَعِيدٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ من نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ قال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ المغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وما اشبهها كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فيه ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ في ذلك بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَّى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ اليها وَرَجَّحَهُ ابن عقِيلٍ في عُمَدِ الادلة وقال هو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشيخ ‏[‏الشيح‏]‏ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ قال في الْقَوَاعِدِ وَهَذَا احسن وقد يَكُونُ لَحَظَ هذا جَدُّهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ لم يَحْنَثْ اذا قَضَاهُ قبل الْغَدِ لم يَحْنَثْ اذا قَصَدَ ان لَا يُجَاوِزَهُ قَوْلًا واحد ‏[‏واحدا‏]‏ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ ايضا اذا كان السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ والا حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي وأصحابه لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كان السَّبَبُ لَا يَقْتَضِيهِ ايضا وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَنَقْلُهُ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ لَآكُلَنَّ شيئا غَدًا أو لابيعنه أو لافعلنه فاما ان حَلَفَ لاقضينه حَقَّهُ غَدًا وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ لم يَحْنَثْ بِالدُّخُولِ في غَيْرِهِ وَيُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ في الْحُكْمِ وَيَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان دعى إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى اُخْتُصَّتْ يَمِينُهُ بِهِ اذا قَصَدَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ على الاصح وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في الْكِفَايَةِ وَعَنْهُ يَحْنَثُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَشْرَبُ له الْمَاءَ من الْعَطَشِ يَقْصِدُ قَطْعَ الْمِنَّةَ أو كان السَّبَبُ قَطْعَ الْمِنَّةِ حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزِهِ واستعاره دَابَّتِهِ وَكُلِّ ما فيه المنه وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الأصحاب وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ لَا أَقَلَّ كَقُعُودِهِ في ضَوْءِ نَارِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا يَقْصِدُ قَطْعَ مِنَّتِهَا فَبَاعَهُ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ ثَوْبًا حَنِثَ وَكَذَا ان انْتَفَعَ بِثَمَنِهِ وَمَفْهُومُهُ انه لو انْتَفَعَ بِشَيْءٍ من مَالِهَا غَيْرِ الْغَزْلِ وَثَمَنِهِ انه لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِقَدْرِ مِنَّتِهِ فَأَزْيَدَ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وفي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا يَحْنَثُ بشئ ‏[‏بشيء‏]‏ منها لانه لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا الا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عنها مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً لِيَخْرُجَ مَجْرَى الْوَضْعِ العرفى وَكَذَا سِوَى الادمى الْبَغْدَادِيِّ في مُنْتَخَبِهِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التي قَبْلَهَا وانه يَحْنَثُ بِكُلِّ ما فيه مِنَّةٌ وقال في الرَّوْضَةِ ان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ له خُبْزًا وَالسَّبَبُ الْمِنَّةُ حَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ كَائِنًا ما كان وانه ان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا من غَزْلِهَا فَلَبِسَ عِمَامَةً أو عَكْسُهُ إنْ كانت امْتَنَّتْ بِغَزْلِهَا حَنِثَ بِكُلِّ ما يَلْبَسُهُ منه انتهى‏.‏

وَكَذَا مَنَعَ ابن عقِيلٍ الْحَالِفَ على خُبْزِ غَيْرِهِ من لَحْمِهِ وَمَائِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا في دَارٍ يُرِيدُ جَفَاءَهَا ولم يَكُنْ لِلدَّارِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ فَأَوَى مَعَهَا في غَيْرِهَا حَنِثَ وَكَذَا لو حَلَفَ فقال لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لم يَرَهَا وَنَقَل ابن هَانِئٍ اقل الأيواء سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لِعَامِلٍ لَا يَخْرُجُ الا باذنه فَعُزِلَ أو على زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا أو على عَبْدِهِ فاعتقه وَنَحْوَهُ يُرِيدُ ما دَامَ كَذَلِكَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وان لم تَكُنْ له نيه انْحَلَّتْ يَمِينُهُ ايضا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لان الْحَالَ تَصْرِفُ الْيَمِينَ إلَيْهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا هذا اولى لان السَّبَبَ يَدُلُّ على النيه فَصَارَ كالمنوى سَوَاءً وَذَكَرَ الْقَاضِي ايضا في مَوْضِعٍ اخر ان السَّبَبَ اذا كان يقتضى التَّعْمِيمَ عَمَّمْنَاهَا بِهِ وان اقْتَضَى الْخُصُوصَ مِثْلُ من نَذَرَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ راة فيه فَزَالَ الظُّلْمُ فقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ النَّذْرُ يُوَفَّى بِهِ قال في الْفُرُوعِ وَمَعَ السَّبَبِ فيه رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزركشى وَصَاحِبِ الْقَوَاعِدِ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ وان لم يَكُنْ له فيه نيه فَكَلَامُ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ يقتضى رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَاهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا الا رَفَعْته إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي فَعُزِلَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ إنْ نَوَى ما دَامَ قَاضِيًا قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ فيه نَظَرٌ لان الْمَذْهَبَ عَوْدُ الصفه فَيُحْمَلُ على انه نَوَى تِلْكَ الْوِلَايَةَ وَذَلِكَ النِّكَاحَ وَنَحْوَهُ انتهى‏.‏

قوله وان لم يَنْوِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا احدهما تَنْحَلُّ يَمِينُهُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ اولا وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ قال في الْفُرُوعِ وَنَصُّهُ يَحْنَثُ قال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبِ الْقَوَاعِدِ لان هذه الْمَسَائِلَ من جُمْلَةِ الْقَاعِدَةِ وقال في التَّرْغِيبِ ان كان السَّبَبُ أو الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اُخْتُصَّ بها وان كانت تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ ان يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ اعلامه بِذَلِكَ لاجل قَرَابَتِهِ تَنَاوَلَ الْيَمِينُ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فَعَلَى الْوَجْهِ الاول لو رَأَى الْمُنْكَرَ في وِلَايَتِهِ فَأَمْكَنَهُ رَفْعُهُ فلم يَرْفَعْهُ إلَيْهِ حتى عُزِلَ لم يَبَرَّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ في حَالِ عَزْلِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ فيه وَجْهَانِ وأطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ احدهما يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ قُلْت وهو اولى وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ وان مَاتَ قبل امكان رَفْعِهِ إلَيْهِ حَنِثَ ايضا على الصَّحِيحِ قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ قُلْت وهو اولى وأطلقهما في الْفُرُوعِ واما على الْوَجْهِ الثَّانِي وهو كَوْنُ يَمِينِهِ لَا تَنْحَلُّ في اصل المساله لو رَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ بِذَلِكَ فائده اذا لم يُعَيِّنْ الْوَالِي اذن فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ في التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بين تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَتَابَعَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ ايضا لو عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ فَاتَ الْبِرُّ كما لو راة معه وَقِيلَ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الاول هو كَإِبْرَائِهِ من دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ وَكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ جَوَابًا لِقَوْلِهَا تَزَوَّجْتَ عَلَيَّ كُلُّ امْرَأَةٍ لي طَالِقٌ تَطْلُقُ على نَصِّهِ وَقَطَعَ بِهِ جماعه أَخْذًا بِالْأَعَمِّ من لَفْظٍ وَسَبَبٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فان عَدِمَ ذلك يَعْنِي النيه وَسَبَبَ الْيَمِينَ وما هَيَّجَهَا رَجَعَ إلَى التَّعْيِينِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ هُنَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى الْبَغْدَادِيِّ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِاسْمُ شَرْعًا أو عُرْفًا أو لغه على التَّعْيِينِ وقال في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة فَإِنْ عَدِمَ النيه وَالسَّبَبَ رَجَعْنَا إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ فَإِنْ اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَالتَّعْيِينُ أو الصفه وَالتَّعْيِينُ غَلَّبْنَا التَّعْيِينَ فَإِنْ اجْتَمَعَ الِاسْمُ وَالْعُرْفُ فقال في الْمُذْهَبِ والخلاصة فايهما يُغَلَّبُ فيه وَجْهَانِ قال في الْهِدَايَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ أصحابنا فَتَارَةً غَلَّبُوا الِاسْمَ وتاره غَلَّبُوا الْعُرْفَ قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ يُوسُفُ بن الجوزى النيه ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لغه انتهى‏.‏

وقال في الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ النيه ثُمَّ السَّبَبُ ثُمَّ التَّعْيِينُ ثُمَّ إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ وَإِنْ كان لِلَّفْظِ عُرْفٌ غَالِبٌ حُمِلَ كَلَامُ الْحَالِفِ عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فإذا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هذه فَدَخَلَهَا وقد صَارَتْ فَضَاءً أو حَمَّامًا أو مَسْجِدًا أو بَاعَهَا أو لَا لَبِسْت هذا الْقَمِيصَ فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ أو رِدَاءً أو عِمَامَةً وَلَبِسَهُ أو لَا كَلَّمْت هذا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أو امراة فُلَانٍ أو صَدِيقَهُ فُلَانًا أو غُلَامَهُ سَعْدًا فَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ وَزَالَتْ الصداقه وَعَتَقَ الْعَبْدُ وَكَلَّمَهُمْ أو لَا أَكَلْت لَحْمَ هذا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا أو لَا أَكَلْت هذا الرُّطَبَ فَصَارَ تَمْرًا أو دِبْسًا نَصَّ عليه أو خَلًّا أو لَا اكلت هذا اللَّبَنَ فَتَغَيَّرَ أو عُمِلَ منه شَيْءٌ فاكله حَنِثَ في ذلك كُلِّهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الأصحاب منهم ابن عقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو اصح قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ ان ذَكَرَ ذلك كُلَّهُ وَغَيْرَهُ اذا فَعَلَ ذلك وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ وَاخْتَارَهُ ابن عقِيلٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ انه لو حَلَفَ لَا أَكَلْت هذه الْبَيْضَةَ فَصَارَتْ فَرْخًا أو لَا اكلت هذه الْحِنْطَةَ فَصَارَتْ زَرْعًا فاكله انه لَا يَحْنَثُ قَالَا وَعَلَى قِيَاسِهِ لو حَلَفَ لَا شَرِبْت هذا الْخَمْرَ فَصَارَ خَلًّا فَاسْتَثْنَوْا هذه الْمَسَائِلَ من اصل هذه الْقَاعِدَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَنْ ابن عقِيلٍ انه طَرَدَ الْقَوْلَ حتى في الْبَيْضَةِ وَالزَّرْعِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّهُ اظهر قُلْت وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ ولم يَقُلْ هذه أو لَا اكلت التَّمْرَ الحديث فَعَتَقَ أو الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ أو لَا دَخَلْت هذه السَّفِينَةَ فَنُقِضَتْ ثُمَّ اعيدت فَفَعَلَ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك الا ان في السَّفِينَةِ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْحِنْثِ قوله فان عُدِمَ ذلك يَعْنِي النِّيَّةَ وَسَبَبُ الْيَمِينِ وما هَيَّجَهَا وَالتَّعْيِينُ رَجَعْنَا إلَى ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُقَدَّمُ ما يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ على التَّعْيِينِ وَتَقَدَّمَ ذلك وَتَقَدَّمَ كَلَامُ يُوسُفِ ابن الجوزي فانه يُقَدِّمُ النِّيَّةَ ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لُغَةً‏.‏

فائدة‏:‏

الِاسْمُ يَتَنَاوَلُ العرفى والشرعى وَاللُّغَوِيَّ فَيُقَدَّمُ اللَّفْظُ الشَّرْعِيُّ وَالْعُرْفِيُّ على اللُّغَوِيِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ يُقَدَّمُ الِاسْمُ عُرْفًا ثُمَّ شَرْعًا ثُمَّ لُغَةً فَأَفَادَنَا تَقْدِيمَ الْعُرْفِيِّ على الشَّرْعِيِّ وَقَدَّمَ وَلَدُ ابن الجوزي الْعُرْفَ ثُمَّ اللُّغَةَ كما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ وَتَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ منه فاذا حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا أو لَا يَنْكِحُ فَنَكَحَ نِكَاحًا فَاسِدًا لم يَحْنَثْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وفي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ من الاوجه وَعَنْهُ يَحْنَثُ في الْبَيْعِ وَحْدَهُ وَقِيلَ يَحْنَثُ في بَيْعٍ وَنِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه وَاخْتَارَه ابن ابي مُوسَى‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ انه يَحْنَثُ اذا بَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ وهو كَذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لو بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ هل يَحْنَثُ يَنْبَنِي على نَقْلِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ وانكر ذلك الْمَجْدُ عليه ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ حَجًّا فَاسِدًا حَنِثَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الا ان يُضِيفَ الْيَمِينَ إلَى شَيْءٍ لَا يُتَصَوَّرُ فيه الصِّحَّةُ مِثْلُ ان يَحْلِفَ لَا يَبِيعُ الْخَمْرَ أو الْحُرَّ فَيَحْنَثُ بِصُورَةِ الْبَيْعِ هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا اولى قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَنْ قال لِامْرَأَتِهِ ان سَرَقْت مِنِّي شيئا وبعتينيه ‏[‏وبعتنيه‏]‏ فانت طَالِقٌ فَفَعَلَتْ لم تَطْلُقْ وقال الْقَاضِي ايضا لو قال ان طَلَّقْت فُلَانَةَ الاجنبية فانت طَالِقٌ فَوُجِدَ لم تَطْلُقْ

فائدتان‏:‏

احداهما الشِّرَاءُ مِثْلُ الْبَيْعِ في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَخَالَفَ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في سَرَقْت مِنِّي شيئا وبعتينيه ‏[‏وبعتنيه‏]‏ كما لو حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا تَسَرَّيْت فَوَطِئَ جَارِيَتَهُ حَنِثَ ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وقال الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ حتى يُنْزِلَ فَحْلًا كان أو خَصِيًّا وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ ان حَلَفَ وَلَيْسَتْ في مِلْكِهِ حَنِثَ بِالْوَطْءِ وان حَلَفَ وقد مَلَكَهَا حَنِثَ بِالْوَطْءِ بِشَرْطِ ان لَا يَعْزِلَ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ ان عَزَلَ لم يَحْنَثْ وَعَنْهُ في مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِهِ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَصُومُ لم يَحْنَثْ حتى يَصُومَ يَوْمًا هذا احد الْوُجُوهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وقال قَالَهُ الأصحاب وَقِيلَ يَحْنَثُ بِالشُّرُوعِ الصَّحِيحِ ان قُلْنَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ

فائدتان‏:‏

احداهما لو حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا لم يَحْنَثْ حتى يَصُومَ يَوْمًا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا يَحُجُّ حَنِثَ باحرامه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ الا بِفَرَاغِهِ من اركانه قوله وان حَلَفَ لَا يصلى لم يَحْنَثْ حتى يصلى رَكْعَةً يَعْنِي بِسَجْدَتَيْهَا هذا احد الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا اصح وقال الْقَاضِي ان حَلَفَ لَا صَلَّيْت صَلَاةً لم يَحْنَثْ حتى يَفْرُغَ مِمَّا يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّلَاةِ وان حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِالتَّكْبِيرِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَقِيلَ يَحْنَثُ ان قُلْنَا حَنِثَ بِفِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ حتى تَفْرُغَ الصَّلَاةُ كَقَوْلِهِ صَلَاةً أو صَوْمًا وَكَحَلِفِهِ لَيَفْعَلَنَّهُ اخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يَحْنَثُ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وهو رِوَايَةٌ في الشَّرْحِ لانه اقل ما يَقَعُ عليه اسْمُ الصَّلَاةِ على رِوَايَةٍ وقال في التَّرْغِيبِ على الاول وَالثَّانِي يُخَرَّجُ اذا افسده‏.‏

فوائد‏:‏

الاولى لو كان حَالَ حَلِفِهِ صَائِمًا أو حَاجًّا فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ وأطلقهما في الرِّعَايَةِ قال في الْفُرُوعِ وفي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ يَعْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالْحَجَّ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ شَمِلَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ لَا يصلى صَلَاةَ الْجِنَازَةِ ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَالطَّوَافُ ليس بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَا مُضَافَةٍ فَلَا يُقَالُ صَلَاةُ الطَّوَافِ وفي كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ الطَّوَافُ صَلَاةٌ وقال ابو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ عن قَوْلِهِ عليه أفضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ يُوجِبُ ان يَكُونَ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ في جَمِيعِ الاحكام الا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ وهو النُّطْقُ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الطَّوَافُ ليس بِصَلَاةٍ في الْحَقِيقَةِ لانه ابيح فيه الْكَلَامُ والاكل وهو مَبْنِيٌّ على الْمَشْيِ فَهُوَ كَالسَّعْيِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَهَبُ زَيْدًا شيئا وَلَا يُوصِي له وَلَا يَتَصَدَّقُ عليه فَفَعَلَ ولم يَقْبَلْ زَيْدٌ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ اعلمه لَكِنْ قال في الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ في الْبَيْعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَاَلَّذِي رَأَيْته في الْمُسْتَوْعِبِ فان حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ ولم يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي لم يَحْنَثْ وقال الْقَاضِي مِثْلَ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُوجِزِ وَالتَّبْصِرَةِ في ان بِعْتُك فانت حُرٌّ وقال في التَّرْغِيبِ ان قال لاخر ان اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ عَتَقَ من بَائِعِهِ سَابِقًا لِلْقَبُولِ وَجَزَمَ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ انه اذا حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يُؤَجِّرُ وَلَا يُزَوِّجُ فاوجب ولم يَقْبَلْ الاخر انه لَا يَحْنَثُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ عليه فَوَهَبَهُ لم يَحْنَثْ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْنَثُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عليه حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ وأطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في صدقه التَّطَوُّعِ اما الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَالنَّذْرُ وَالْكَفَّارَةُ وَالضِّيَافَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان أَعَارَهُ لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في المغنى وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْنَثُ قَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان وَقَفَ عليه حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ كَصَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَتَضْيِيفِهِ وابرائه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان اوصى له لم يَحْنَثْ بِلَا نِزَاعٍ اعلمه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان بَاعَهُ وَحَابَاهُ حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ وهو لابي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وأطلقهما في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو اهدى إلَيْهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابو الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ واذا حَلَفَ لَا ياكل اللَّحْمَ فاكل الشَّحْمَ أو الْمُخَّ أو الْكَبِدَ أو الطِّحَالَ أو الْقَلْبَ أو الْكَرِشَ أو الْمُصْرَانَ أو الالية أو الدِّمَاغَ أو الْقَانِصَةَ لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ باكل الشَّحْمِ الذي على الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ وفي تَضَاعِيفِ اللَّحْمِ وهو لَحْمٌ وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ من حَلَفَ لَا ياكل شَحْمًا على ما ياتي وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ في انه لَا يَحْنَثُ باكله الْكُلْيَةَ وَالْكَارِعَ فَلَا يَحْنَثُ في ذلك كُلِّهِ الا ان يَنْوِيَ اجْتِنَابَ الدَّسَمِ فإذا نوي ذلك حَنِثَ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِهِ انه لو اكل لَحْمَ الراس أو لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ انه يَحْنَثُ وهو احد الْوَجْهَيْنِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ قال ابو الْخَطَّابِ يَحْنَثُ باكل لَحْمِ الْخَدِّ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ في الْهِدَايَةِ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا ياكل راسا لم يَحْنَثْ الا باكل راس جَرَتْ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا فَغَلَّبَ الْعُرْفَ قال في الْخُلَاصَةِ يَحْنَثُ باكل لَحْمِ الراس في الاصح وأطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي في اكل لَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى انه يَحْنَثُ باكل كل لَحْمٍ فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ وهو اشهر الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ ابو مُحَمَّدٍ انتهى‏.‏

وَجَزَمَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ انه يَحْنَثُ بِلَحْمِ الراس وَبِلَحْمِ غَيْرِ ماكول قال في الْمُذْهَبِ حَنِثَ باكل الراس في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ حتى يَنْوِيَهُ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي انه لَا يَحْنَثُ باكل خَدِّ الراس وحكى عن ابن أبي موسى في ذلك كُلِّهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا لو اكل اللِّسَانَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وأطلقهما في النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعَ قال الزَّرْكَشِيُّ لَا يَحْنَثُ باكل اللِّسَانِ على اظهر الِاحْتِمَالَيْنِ وقال في الْكَافِي لو حَلَفَ لَا ياكل لَحْمًا تَنَاوَلَتْ يَمِينُهُ اكل اللَّحْمِ الْمُحَرَّمِ وقال ابو الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ باكل راس لم تَجْرِ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا وقال في المغنى ان اكل راسا أو كَارِعًا فَقَدْ رُوِيَ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ ما يَدُلُّ على انه لَا يَحْنَثُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ قال الْقَاضِي لان اسْمَ اللَّحْمُ لَا يَتَنَاوَلُ الرُّءُوسَ وَالْكَوَارِعَ وياتي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الْفَصْلِ الاتي اذا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان اكل الْمَرَقَ لم يَحْنَثْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ في الاصح وَصَحَّحَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وقد قال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ صَالِحٍ لَا يُعْجِبُنِي لان طَعْمَ اللَّحْمِ قد يُوجَدُ في الْمَرَقِ قال ابو الْخَطَّابِ هذا على سَبِيلِ الْوَرَعِ قال وَالْأَقْوَى لَا يَحْنَثُ انتهى‏.‏

وقال ابن ابي مُوسَى وَالْقَاضِي يَحْنَثُ قال الزَّرْكَشِيُّ فَنَاقَضَ الْقَاضِي وأطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا ياكل الشَّحْمَ فاكل شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وابي الْخَطَّابِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال الزَّرْكَشِيُّ هو اخْتِيَارُ اكثر الأصحاب وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وقال الشَّحْمُ هو الذي يَكُونُ في الْجَوْفِ من شَحْمِ الْكُلَى أو غَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وقال الْقَاضِي ايضا وان اكل من كل شَيْءٍ من الشَّاةِ من لَحْمِهَا الاحمر والابيض والالية وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْقَلْبِ فقال شَيْخُنَا يَعْنِي بِه ابن حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ لان اسْمَ الشَّحْمُ لَا يَقَعُ عليه قال في الْفُرُوعِ وَهَلْ بَيَاضُ اللَّحْمِ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامٍ لَحْمٌ أو شَحْمٌ فيه وَجْهَانِ وأطلق الْوَجْهَيْنِ في اصل الْمَسْأَلَةِ في النَّظْمِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا ياكل شَحْمًا حَنِثَ باكل الالية لَا اللَّحْمِ الاحمر على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وقال الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ لَيْسَتْ الالية شَحْمًا وَلَا لَحْمًا وقال الْخِرَقِيُّ يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر وقال غَيْرُهُ من الأصحاب لَا يَحْنَثُ وهو الْمَذْهَبُ كما تَقَدَّمَ وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الخرقى في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا ياكل لَبَنًا فاكل زُبْدًا أو سَمْنًا أو كِشْكًا أو مَصْلًا أو جبنا ‏[‏جنبا‏]‏ لم يَحْنَثْ وَكَذَا لو اكل اقطا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب وَنَصَّ عليه في اكل الزُّبْدِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وقال الْقَاضِي يَحْتَمِلُ ان يُقَالَ في الزُّبْدِ ان ظَهَرَ فيه لَبَنٌ حَنِثَ باكله والا فَلَا كما لو حَلَفَ لَا ياكل سَمْنًا فَأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في قَوْلِهِ اذا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا في غَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ ان اكل الْجُبْنَ أو الاقط أو الزُّبْدَ حَنِثَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ على الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ فاكل لَبَنًا لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في شَرْحِ ابن منجا وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ان اكل لَبَنًا لم يَظْهَرْ فيه الزُّبْدُ لم يَحْنَثْ وان كان الزُّبْدُ فيه ظَاهِرًا حَنِثَ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَأَكَلَ حَلِيبًا أو مَخِيضًا أو جَامِدًا لم يَظْهَرْ زُبْدُهُ لم يَحْنَثْ‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا ياكل زُبْدًا فاكل سَمْنًا لم يَحْنَثْ وفي عَكْسِهِ وَجْهَانِ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ في الْكَافِي انه لَا يَحْنَثُ ايضا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ على الْفَاكِهَةِ فاكل من ثَمَرِ الشَّجَرِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالرُّمَّانِ حَنِثَ إنْ أَكَلَ من ثَمَرِ الشَّجَرِ رُطَبًا حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ اكل منه يَابِسًا كَحَبِّ الصَّنَوْبَرِ وَالْعُنَّابِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ وَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ الْيَابِسِ والاجاص وَنَحْوِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ هذا الاصح وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ ذلك وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالشَّرْحِ كَالْحُبُوبِ

فائدتان‏:‏

احداهما الزَّيْتُونُ ليس من الفاكهه وَكَذَلِكَ الْبَلُّوطُ وَسَائِرُ ثَمَرِ الشَّجَرِ البرى الذي يُسْتَطَابُ كَالزُّعْرُورِ الاحمر وَثَمَرِ الْقَيْقَبِ وَالْعَفَصِ وَحَبِّ الْآسِ ونحوة قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ وَجْهًا في الزَّيْتُونِ وَالْبَلُّوطِ وَالزُّعْرُورِ انه فاكهه قُلْت وَحَبُّ الاس وَالْقَيْقَبِ كَذَلِكَ وَالْبُطْمُ ليس بفاكهه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ انه منها ذكرة الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ الثَّمَرَةُ تُطْلَقُ على الرطبه واليابسه شَرْعًا ولغه قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ في السرقه منها وغيرة وفي طريقه لِبَعْضِ الأصحاب في السَّلَمِ اسْمُ الثَّمَرَةِ اذا أطلق للرطبه وَلِهَذَا لو أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ ثَمَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَمَرَةً يابسه لم تَلْزَمْهُ وَكَذَا في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا الثَّمَرُ اسْمٌ لِلرُّطَبِ قوله وان اكل الْبِطِّيخَ حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ اختارة الْقَاضِي وغيرة وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَحْنَثُ باكل الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ باكل الْقَرْعِ وَالْبَاذِنْجَانِ لانهما من الْخُضَرِ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ باكل ما يَكُونُ في الارض كَالْجَزَرِ وَاللِّفْتِ وَالْفُجْلِ وَالْقُلْقَاسِ وَالسَّوْطَلِ وَنَحْوِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا فَأَكَلَ مُذَنَّبًا وهو الذي بَدَأَ فيه الْإِرْطَابُ من ذَنَبِهِ وَبَاقِيهِ بُسْرٌ حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ ابن عقِيلٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان أَكَلَ تَمْرًا أو بُسْرًا أو حَلَفَ لَا ياكل تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا أو دِبْسًا أو نَاطِفًا لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأصحاب وَذَكَرَ في الْمُبْهِجِ رِوَايَةً بِأَنَّهُ يَحْنَثُ فِيمَا اذا حَلَفَ لَا ياكل رُطَبًا فَأَكَلَ تَمْرًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا ياكل أَدْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ الْبَيْضِ وَالشِّوَاءِ وَالْجُبْنِ وَالْمِلْحِ وَالزَّيْتُونِ وَاللَّبَنِ وَسَائِرِ ما يُصْطَبَغُ بِهِ فانه يَحْنَثُ بِهِ وَكَذَا اذا اكل الْمِلْحَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ وَمِلْحٌ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَقِيلَ الْمِلْحُ ليس بادم وما هو بِبَعِيدٍ وأطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وفي التَّمْرِ وَجْهَانِ وأطلقهما في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة والمغنى وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ احدهما هو من الادم وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثانى ليس من الادم فَلَا يَحْنَثُ باكله جَزَمَ بِهِ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ على هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الزَّبِيبُ وَنَحْوُهُ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قلت وهو الصَّوَابُ وان ذلك مِمَّا يُؤْتَدَمُ بِهِ وَجَزَمَ في المغنى والكافى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا انه لَا يَحْنَثُ باكل الزَّبِيبِ قالوا لِأَنَّهُ من الْفَاكِهَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

الاولى لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَنِثَ بِأَكْلِ كل ما يُسَمَّى طَعَامًا من قُوتٍ وادم وَحَلْوَاءَ وَجَامِدٍ وَمَائِعٍ وفي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ وفي الْمَاءِ وَالدَّوَاءِ وَجْهَانِ قُلْت الصَّوَابُ انه لَا يَحْنَثُ باكل شَيْءٍ من ذلك وَلَا يُسَمَّى شَيْءٌ من ذلك طَعَامًا في الْعُرْفِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يُسَمَّى ذلك طَعَامًا في الاظهر وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ قُوتًا حَنِثَ باكل خُبْزٍ وَتَمْرٍ وَتِينٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقُوتُ ما تَبْقَى معه الْبِنْيَةُ كَخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَلَبَنٍ وَنَحْوِ ذلك وَكَذَا قال في النَّظْمِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لَا يَخْتَصُّ بِقُوتِ بَلَدِهِ في الاظهر انتهى‏.‏

وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ الا بِمَا يَقْتَاتُهُ اهل بَلَدِهِ وان أَكَلَ سَوِيقًا أو اسْتَفَّ دَقِيقًا أو حَبًّا يَقْتَاتُ بِخُبْزِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ باكل الْحَبِّ وان اكل عِنَبًا أو حِصْرِمًا أو خَلًّا لم يَحْنَثْ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ والعيش يَتَوَجَّهُ فيه عُرْفًا الْخُبْزُ وفي اللُّغَةِ الْعَيْشُ لِلْحَيَاةِ فَيَتَوَجَّهُ ما يَعِيشُ بِهِ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ انتهى‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شيئا فَلَبِسَ ثَوْبًا أو دِرْعًا أو جَوْشَنًا أو خُفًّا أو نَعْلًا حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَمَا لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ وَلَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ أو ائْتَزَرَ بِقَمِيصٍ لابطيه وَتَرَكَهُ على راسه وَلَا بِنَوْمِهِ عليه وان تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ جَزَمَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ وان قال قَمِيصًا فَائْتَزَرَ لم يَحْنَثْ وان ارْتَدَى فَوَجْهَانِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ جَزَمَ في المغنى انه يَحْنَثُ وهو ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا في رِجْلِهِ لم يَحْنَثْ لانه عَبَثٌ وَسَفَهٌ‏.‏

الْخَامِسَةُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ أو جَوْهَرٍ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ وَيَحْنَثُ ايضا بِلُبْسِ خَاتَمٍ في غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَجْهًا وَاحِدًا وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ عَدَمَ الْحِنْثِ قُلْت وهو الصَّوَابُ في لُبْسِ الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ والابهام فَأَمَّا في الْخِنْصَرِ فَلَا نِزَاعَ فيه السَّادِسَةُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان لَبِسَ عَقِيقًا أو سَبَجًا لم يَحْنَثْ بِلَا نِزَاعٍ قُلْت لو قِيلَ بِحِنْثِهِ بِلُبْسِهِ الْعَقِيقَ لَمَا كان بَعِيدًا وَلَا يَحْنَثُ ايضا بِلُبْسِ الْحَرِيرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الْوَسِيلَةِ تَحْنَثُ الْمَرْأَةُ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان لَبِسَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ في مُرْسَلَةٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وأطلقهما في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والمغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ احدهما لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الكافى فانه ذَكَرَ ما يَحْنَثُ بِهِ من ذلك ولم يَذْكُرْهُمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَالثَّانِي يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وهو من الحلى اختارة ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ قُلْت وهو الصَّوَابُ قال في الارشاد لو لَبِسَ ذَهَبًا أو لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ وقال بَعْضُ الأصحاب مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا كَانَا مُفْرَدَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

الاولى في لُبْسِهِ منطقه مُحَلَّاةً وَجْهَانِ وأطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ احدهما هِيَ من الحلى اختارة ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَيْسَتْ من الحلى فَلَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهَا قُلْت وَيَحْتَمِلُ ان يَرْجِعَ في ذلك إلَى الْعُرْفِ وَعَادَةِ من يَلْبَسُهَا هِيَ وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ وَلَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ وَلَا يَدْخُلُ دَارِهِ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ وَلَبِسَ ثَوْبَهُ وَدَخَلَ دَارِهِ أو فَعَلَ ذلك فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ فُلَانٌ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو دخل دَارًا اسْتَعَارَهَا السَّيِّدُ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمُسْتَعَارَةِ وَلَوْ رَكِبَ دَابَّةً اسْتَعَارَهَا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا كما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ حَنِثَ بِدُخُولِ ما اسْتَأْجَرَهُ أو اسْتَعَارَهُ لِلسُّكْنَى وفي حِنْثِهِ بِدُخُولِ مَغْصُوبٍ أو في دَارٍ له لَكِنَّهَا لِغَيْرِ السُّكْنَى وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْأَقْوَى إنْ كانت سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ وَظَاهِرُ المغنى أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال لَا أَسْكُنُ مَسْكَنَهُ فَفِيمَا لَا يَسْكُنُهُ من مِلْكٍ أو يَسْكُنُهُ بِغَصْبٍ فيه وَجْهَانِ وَيَحْنَثُ بِسُكْنَى ما سَكَنَهُ منه بِغَصْبٍ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مِلْكَ فُلَانٍ فَدَخَلَ ما استأجره فَهَلْ يَحْنَثُ فيه وَجْهَانِ في الِانْتِصَارِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو الْمُتَعَارَفُ بين الناس وَإِنْ كان مَالِكَ الْمَنَافِعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَدَخَلَ سَطْحَهَا حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ إنْ رقى السَّطْحَ أو نَزَلَهَا منه أو من نَقْبٍ فَوَجْهَانِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ دخل طَاقَ الْبَابِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ من جُمْلَةِ مَسَائِلَ من حَلَفَ على فِعْلِ شَيْءٍ فَفَعَلَ بَعْضَهُ على ما تَقَدَّمَ في آخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ وقد صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ ما اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ على ما تَقَدَّمَ هُنَاكَ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في مُنْتَخَبِ الأدمى وَهَذَا الْمَذْهَبُ على ما تَقَدَّمَ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال الْقَاضِي لَا يَحْنَثُ إذَا كان بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ كان خَارِجًا وهو الصَّوَابُ صَحَّحَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَإِنْ دخل طَاقَ الْبَابِ بِحَيْثُ إذَا أُغْلِقَ كان خَارِجًا منها فَوَجْهَانِ اخْتَارَ الْقَاضِي الْحِنْثَ ذَكَرَهُ عنه في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو وَقَفَ على الْحَائِطِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَقَدَّمَ ابن رزين في شَرْحِهِ الْحِنْثَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ كل إنْسَانٍ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ صلى بِهِ إمَامًا ثُمَّ سَلَّمَ من الصَّلَاةِ لم يَحْنَثْ نَصَّ عليه وَإِنْ اُرْتُجَّ عليه في الصلاه فَفَتَحَ عليه الْحَالِفُ لم يَحْنَثْ بِذَلِكَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كَاتَبَهُ أو أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا يُشَافِهَهُ وَرَوَى الْأَثْرَمُ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ أو سَبَبُ يَمِينِهِ يقتضى هِجْرَانَهُ وَتَرْكَ صِلَتِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ عليه الْأصحاب وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالثَّانِي لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ واليه مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فَإِنْ نَادَاهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ فلم يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ وَغَفْلَتِهِ حَنِثَ نَصَّ عليه وَإِنْ سَلَّمَ على الْمَحْلُوفِ عليه حَنِثَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ على هذا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ فَلْيُعَاوَدْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان زَجَرَهُ فقال تَنَحَّ أو اُسْكُتْ حَنِثَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وقال الْمُصَنِّفُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ انه لَا يَحْنَثُ لان قرينه صِلَتِهِ هذا الْكَلَامُ بِيَمِينِهِ تَدُلُّ على اراده كَلَامٍ يَسْتَأْنِفُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ هذا الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ كما لو وُجِدَتْ النيه حقيقه فائده لو حَلَفَ لَا يُسَلِّمُ عليه فَسَلَّمَ على جماعه هو فِيهِمْ وهو لَا يَعْلَمُ بِهِ ولم يُرِدْهُ بِالسَّلَامِ فَحَكَى الْأصحاب في حِنْثِهِ رِوَايَتَانِ وَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا الْحِنْثُ قال في الْقَوَاعِدِ وَيُشْبِهُ تَخْرِيجُ الرِّوَايَتَيْنِ على مسأله من حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ جَاهِلًا بانه الْمَحْلُوفُ عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَبْتَدِئُهُ بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا جميعا مَعًا حَنِثَ هذا احد الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَمُنْتَخَبِ الادمى وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فائده لو حَلَفَ لَا كَلَّمْته حتى يكلمنى أو يبدأنى بِالْكَلَامِ فَتَكَلَّمَا مَعًا حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ واختارة في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا فَذَلِكَ سِتَّةُ اشهر نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا نَصَّ عليه جَزَمَ بِهِ الخرقى وَصَاحِبُ الارشاد وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ والرعايه الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال الزركشى نَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ والأصحاب وَقَدَّمَهُ في الرعايه الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ ان عَرَّفَهُ فَلِلْأَبَدِ كَالدَّهْرِ وَالْعُمْرِ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ اقل زَمَنٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ اذا أطلق ولم يَنْوِ شيئا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال زَمَنًا أو دَهْرًا أو بَعِيدًا أو مبليا ‏[‏مليا‏]‏ رَجَعَ إلَى اقل ما يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ وَكَذَا طَوِيلًا وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ وغيرة وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَعِيدٌ وملى وطويل ‏[‏ملي‏]‏ وقال الْقَاضِي هذه الالفاظ كُلُّهَا مِثْلُ الْحِينِ الا بَعِيدًا أو مَلِيًّا فانه على اكثر من شَهْرٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في زَمَنٌ ودهر وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَعِنْدَ بن ابى مُوسَى اذا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ زَمَانًا لم يُكَلِّمْهُ ثَلَاثَةَ اشهر‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال عُمْرًا احْتَمَلَ ذلك يَعْنِي انه كَزَمَنٍ وَدَهْرٍ وَبَعِيدٍ ومليء ‏[‏وملي‏]‏ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَاحْتَمَلَ ان يَكُونَ اربعين عَامًا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا قَوْلٌ حَسَنٌ وقال الْقَاضِي هو مِثْلُ حِينٍ كما تَقَدَّمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال الْأَبَدَ وَالدَّهْرَ يَعْنِي مُعَرَّفًا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَذَلِكَ على الزَّمَانِ كُلِّهِ وَكَذَا الْعُمْرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ ان الْعُمْرَ كَالْحِينِ وَقِيلَ اربعون سَنَةً‏.‏

فائدة‏:‏

الزَّمَانُ كَالْحِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ انه على الزَّمَانِ كُلِّهِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في مُحَرَّرِهِ وحكى عن بن ابى مُوسَى انه ثَلَاثَةُ اشهر واما الذي قَالَهُ في الارشاد فانما هو فِيمَا اذا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ زَمَانًا فانه لَا يُكَلِّمُهُ ثَلَاثَةَ اشهر‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْحِقْبُ ثَمَانُونَ سَنَةً وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَصَحَّحَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ واما الْحِقْبُ فَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَاقْتَصَرَ عليه وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ وقال الْقَاضِي هو ادنى زَمَانٍ وَقَدَّمَ في الْفُرُوعِ ان حِقَبًا اقل زَمَانٍ وَقِيلَ الْحِقْبُ اربعون سَنَةً قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وَيَحْتَمِلُ انه كَالْعُمْرِ وَقِيلَ الْحِقْبُ للابد‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال إلَى الْحَوْلِ فَحَوْلٌ كَامِلٌ لَا تَتِمَّتُهُ اوما إلَيْهِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالشُّهُورُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عِنْدَ الْقَاضِي قال الشَّارِحُ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَعِنْدَ ابى الْخَطَّابِ ثَلَاثَةُ اشهر كالاشهر وَالْأَيَّامِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الادمى في مُنْتَخَبِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْأَيَّامُ ثَلَاثَةٌ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لِلْقَاضِي في مَسْأَلَةِ اكثر الْحَيْضِ اسْمُ الايام يَلْزَمُ الثَّلَاثَةَ إلَى الْعَشَرَةِ لانك تَقُولُ احد عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَقُولُ اياما فَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمُ الايام ما زَادَ على الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً لَمَا جَازَ نَفْيُهُ فقال قد بَيَّنَّا ان اسْمَ الايام يَقَعُ على ذلك والاصل الْحَقِيقَةُ يَعْنِي قَوْله تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بين الناس‏}‏، ‏{‏بِمَا أَسْلَفْتُمْ في الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ‏}‏، ‏{‏فَعِدَّةٌ من أَيَّامٍ أُخَرَ‏}‏‏.‏

وقال زُفَرُ بن الْحَارِثِ‏:‏

وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً *** لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامًا وَحِمْيَرَا

قال الْقَاضِي فَدَلَّ أن الأيام وَاللَّيَالِيَ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَشَرَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَابَ هذه الدَّارِ فَحُوِّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأصحاب وَقِيلَ ان رقى السَّطْحَ أو نَزَلَهَا منه أو من نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كما تَقَدَّمَ فائده لو حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هذه الدَّارَ من بَابِهَا فَدَخَلَهَا من غَيْرِ الْبَابِ لم يَحْنَثْ وَيَتَخَرَّجُ ان يَحْنَثَ اذا اراد بِيَمِينِهِ اجْتِنَابَ الدَّارِ ولم يَكُنْ لِلْبَابِ سَبَبٌ هَيَّجَ يَمِينَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو قوى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ إلَى حِينِ الْحَصَادِ انْتَهَتْ يَمِينُهُ باوله هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الأصحاب قال ابن مُنَجَّا وَغَيْرُهُ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ ان يَتَنَاوَلَ جَمِيعَ مُدَّتِهِ وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَقَدَّمَ ما يُشَابِهُ ذلك في الْخِيَارِ في الْبَيْعِ وياتي نَظِيرُهُ في الاقرار وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كليه ذَكَرَهَا الأصحاب‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا مَالَ له وَلَهُ مَالٌ غَيْرُ زكوى أو دَيْنٌ على الناس حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قال في الْقَاعِدَةِ الحاديه وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ المائه قال الأصحاب يَحْنَثُ وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ الا بِالنَّقْدِ وَعَنْهُ إذَا نَذَرَ الصدقه بِجَمِيعِ مَالِهِ انما يَتَنَاوَلُ نذرة الصَّامِتَ من مَالِهِ ذَكَرَهَا ابن أبي موسى قال في الْوَاضِحِ الْمَالُ ما تَنَاوَلَهُ الناس عاده بِعَقْدٍ شرعى لِطَلَبِ الرِّبْحِ ماخوذ من الْمَيْلِ من يَدٍ إلَى يَدٍ وَمِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ قال وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الاعيان من الاموال وَلَا يَعُمُّ الدَّيْنَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَحْنَثُ بِاسْتِئْجَارِهِ عَقَارًا أو غيرة وفي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عنه وَضَائِعٍ أَيِسَ منه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فان كان له مَالٌ مَغْصُوبٌ حَنِثَ وان كان له مَالٌ ضَائِعٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ الْحِنْثُ عدمه ‏[‏وعدمه‏]‏ فَإِنْ ضَاعَ على وَجْهٍ قد ايس من عَوْدِهِ كَاَلَّذِي سَقَطَ في بَحْرٍ لم يَحْنَثْ وَيَحْتَمِلُ ان لَا يَحْنَثَ في كل موضع ‏[‏موضوع‏]‏ لَا يَقْدِرُ على اخذ مَالِهِ كَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ وَالدَّيْنِ الذي على غَيْرِ مَلِيءٍ انْتَهَيَا فائده لو تَزَوَّجَ لم يَحْنَثْ لان ما تَمَلَّكَهُ ليس بِمَالٍ وَكَذَلِكَ ان وَجَبَ له حَقُّ شفعه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَوَكَّلَ من يَفْعَلُهُ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَنَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ اكثرهم منهم الخرقى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وابن مُنَجَّا وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ والزركشى وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الِانْتِصَارِ وغيرة اقام الشَّرْعُ اقوال الْوَكِيلِ وافعاله مَقَامَ الْمُوَكِّلِ في الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا قال في التَّرْغِيبِ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ من اشتراة أو تَزَوَّجَهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ نَقَل ابن الْحَكَمِ ان حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ شيئا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ انه يَشْتَرِيهِ لِلَّذِي حَلَفَ عليه حَنِثَ وقال في الارشاد وان حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فامر غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ جاريه بِمُبَاشَرَةِ ذلك الْفِعْلِ بِنَفْسِهِ وَيَقْصِدُ بِيَمِينِهِ ان لَا يَتَوَلَّى هو فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ فامر غيرة بِفِعْلِهِ لم يَحْنَثْ قال في الْمُفْرَدَاتِ ان حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ والا فَلَا فائده لو تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِيمَا حَلَفَ ان لَا يَفْعَلَهُ وكان عَقْدًا فان اضافه إلَى مُوَكِّلِهِ لم يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ في النِّكَاحِ من الاضافه كما تَقَدَّمَ في الوكاله وَالنِّكَاحِ وان أطلق في ذلك كُلِّهِ فَوَجْهَانِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ اولا لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ على وَطْءِ امراته تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِجِمَاعِهَا وان حَلَفَ على وَطْءِ دَارٍ تَعَلَّقَتْ يَمِينُهُ بِدُخُولِهَا رَاكِبًا أو مَاشِيًا أو حَافِيًا أو مُنْتَعِلًا لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ وَالْيَاسَمِينَ أو لَا يَشُمُّ الْوَرْدَ وَالْبَنَفْسَجَ فَشَمَّ دُهْنَهُمَا أو مَاءَ الْوَرْدِ فَالْقِيَاسُ انه لَا يَحْنَثُ وَلَا يَحْنَثُ الا بِشَمِّ الرَّيْحَانِ الْفَارِسِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال بَعْضُ أصحابنا يَحْنَثُ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الاصح وَاخْتَارَهُ ابو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الهدايه وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا ياكل لَحْمًا فَأَكَلَ سَمَكًا حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وهو الْمَذْهَبُ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ واللغه قال في الْمَذْهَبِ حَنِثَ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ في الاصح قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وهو اخْتِيَارُ الخرقى وَالْقَاضِي وعامه أصحابه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ ولم يَحْنَثْ عِنْدَ ابن أبي موسى إلَّا ان يَنْوِيَ قال الزركشى وَلَعَلَّهُ الظَّاهِرُ قال في الْقَوَاعِدِ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وأطلقهما في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الفقهيه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا وَلَا بَيْضًا حَنِثَ بِأَكْلِ رؤوس الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ وَبَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ عِنْدَ الْقَاضِي وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال في الخلاصة حَنِثَ باكل السَّمَكِ وَالطَّيْرِ في الاصح وَعِنْدَ ابي الْخَطَّابِ لَا يَحْنَثُ الا باكل راس جَرَتْ الْعَادَةُ باكله مُنْفَرِدًا أو بَيْضٍ يُزَايِلُ بَائِضُهُ حَالَ الْحَيَاةِ وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من خِلَافِهِ ان يَمِينَهُ تَخْتَصُّ بِمَا يُسَمَّى رَأْسًا عُرْفًا واختارة الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْبَيْضِ وقال في الْوَاضِحِ والاقناع في الرُّءُوسِ هل يَحْنَثُ بِأَكْلِ كل رَأْسٍ اختارة الخرقى ام بِرُءُوسِ بهيمه الانعام فيه رِوَايَتَانِ وقال في التَّرْغِيبِ ان كان بِمَكَانٍ الْعَادَةُ افراده بِالْبَيْعِ فيه حَنِثَ فيه أو في غَيْرِ مَكَانِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى اصل العاده أو عاده الْحَالِفِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا أو حَمَّامًا أو بَيْتَ شَعْرٍ أو أَدَمٍ أو لَا يَرْكَبُ فَرَكِبَ سَفِينَةً حَنِثَ عِنْدَ أصحابنَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ قال الشَّارِحُ هذا الْمَذْهَبُ فِيمَا إذَا دخل مَسْجِدًا أو حَمَّامًا قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَالْمَنْصُوصُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا انه يَحْنَثُ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ في ذلك إلَى نِيَّتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَحِنْثُهُ بِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْحَمَّامِ وَالْكَعْبَةِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ وقال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا دخل ما لَا يُسَمَّى بَيْتًا في الْعُرْفِ كَالْخَيْمَةِ قوله وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أو سَبَّحَ أو ذَكَرَ اللَّهَ لم يَحْنَثْ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال في الْقَوَاعِدِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَتَوَقَّفَ في رِوَايَةٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ دَقَّ عليه إنْسَانٌ فقال اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ يَقْصِدُ تَنْبِيهَهُ يَعْنِي يَقْصِدُ بِذَلِكَ الْقُرْآنَ لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَذَكَرَ ابن الجوزي في الْمَذْهَبِ وَجْهَيْنِ في حِنْثِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لم يَقْصِدْ تَنْبِيهَهُ أَعْنِي إنْ لم يَقْصِدْ بِذَلِكَ الْقُرْآنَ يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ لِأَنَّهُ من كَلَامِ الناس وقد صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

فائدة‏:‏

حَقِيقَةُ الذِّكْرِ ما نَطَقَ بِهِ فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عليه ذَكَرَهُ في الإنتصار وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ وَيَتَضَمَّنُ ما يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ من الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ تَارَةً وَقِسْمًا منه تَارَةً أُخْرَى وينبنى عليه من حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فقال قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا هل يَحْنَثُ فيه وَجْهَانِ في مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ قال ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ لو حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَتَكَلَّمَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ في الْمَشْيِ في صَلَاتِهِ في قَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أفعل ذلك يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ في الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ إذَا كان لها اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ من الْفِعْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى فِعْلًا قال أبو الْوَفَاءِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ حَنِثَ إجْمَاعًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بها ضَرْبَةً وَاحِدَةً لم يَبَرَّ في يَمِينِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال ابن الْجَوْزِيِّ في التَّبْصِرَةِ اخْتَارَهُ أصحابنَا قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَعَنْهُ يَبَرُّ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ كَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةِ سَوْطٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شيئا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا في غَيْرِهِ مِثْلُ أن حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فأكل ‏[‏فأكله‏]‏ زُبْدًا أو لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَ خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فيه طَعْمُهُ أو لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَأَكَلَ نَاطِفًا أو لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ أو لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ يَشْتَمِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا على مَسَائِلَ منها لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فإنه يَحْنَثُ بِأَكْلِ كل لَبَنٍ وَلَوْ من صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ما تَقَدَّمَ في مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ وَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا إذَا لم يَظْهَرْ فيه طَعْمُهُ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في مُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ قبل ذلك بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وَذَكَرَ الذي ذَكَرَهُ هُنَا احْتِمَالًا لِلْقَاضِي وَلَعَلَّ كَلَامَ الْأصحاب في تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ على ما إذَا لم يَظْهَرْ فيه طَعْمُهُ كما صَرَّحُوا بِهِ هُنَا أو يُقَالُ الزُّبْدُ ليس فيه شَيْءٌ من اللَّبَنِ مُسْتَهْلَكًا وَلِذَلِكَ لم يذكر هذه الصُّورَةَ في الْوَجِيزِ هُنَا وَلَا جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ وقال في التَّرْغِيبِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ رِوَايَتَانِ وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُهُ فيه فإنه يَحْنَثُ وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل سَمْنًا فاكل خَبِيصًا فيه سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فيه طَعْمُهُ لم يَحْنَثْ وان ظَهَرَ فيه طَعْمُهُ حَنِثَ بِلَا خِلَافٍ اعلمه وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل بَيْضًا فاكل نَاطِفًا لم يَحْنَثْ قَوْلًا وَاحِدًا وقال في الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ لو حَلَفَ لَا ياكل شيئا فَاسْتَهْلَكَ في غَيْرِهِ ثُمَّ اكله قال الأصحاب لَا يَحْنَثُ ولم يُخَرِّجُوا فيه خِلَافًا وقد يُخَرَّجُ فيه وَجْهٌ بِالْحِنْثِ وقد أَشَارَ إلَيْهِ ابو الْخَطَّابِ وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فاكل اللَّحْمَ الاحمر لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب قال في الْفُرُوعِ لَا يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر على الاصح قال الْمُصَنِّفُ وهو الصَّحِيحُ قال الشَّارِحُ وهو قَوْلُ غَيْرِ الخرقى من أصحابنا قال الزَّرْكَشِيُّ وقال عَامَّةُ الأصحاب لَا يَحْنَثُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وقال الخرقى يَحْنَثُ باكل اللَّحْمِ الاحمر وَحْدَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابى الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ اذا حَلَفَ لَا ياكل اللَّحْمَ فاكل الشَّحْمَ أو غَيْرَهُ أو لَا ياكل الشَّحْمَ فاكل شَحْمَ الظَّهْرِ وَنَحْوَ ذلك وَمِنْهَا لو حَلَفَ لَا ياكل شَعِيرًا فاكل حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ على الاصح قال الشَّارِحُ والاولى انه لَا يَحْنَثُ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وهو تَخْرِيجٌ فى الْهِدَايَةِ وقال غَيْرُ الْخِرَقِيِّ يَحْنَثُ باكل حِنْطَةٍ فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ قال في الْخُلَاصَةِ وَالتَّرْغِيبِ حَنِثَ فى الاصح وَقَدَّمَهُ فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ ابو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ في حِنْثِهِ وَجْهَيْنِ وقال في التَّرْغِيبِ يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ ان كان غير مَطْحُونٍ وَغَلِطَ من نَقَلَ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ وان كان مَطْحُونًا لم يَحْنَثْ نَقَلَهُ في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وقال في الْفُرُوعِ وفي التَّرْغِيبِ ان طَحَنَهُ لم يَحْنَثْ والا حَنِثَ في الاصح انتهى‏.‏

قُلْت قَطَعَ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ انه لَا يَحْنَثُ اذا اكل ذلك غير مَطْحُونٍ وَيَحْنَثُ اذا اكله دَقِيقًا أو سَوِيقًا فقال لو حَلَفَ لَا آكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فيها حَبَّاتُ شَعِيرٍ لم يَحْنَثْ بَلْ بِدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَشُرْبِهِمَا أو بِالْعَكْسِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَشَرِبَهُ أو لَا يَشْرَبُهُ فاكله فقال الخرقى يَحْنَثُ وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْخُلَاصَةِ حَنِثَ في الاصح وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَثَرَدَ فيه فاكله لَا يَحْنَثُ قال فى الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ رَوَى مُهَنَّا لَا يَحْنَثُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وأطلق الرِّوَايَتَيْنِ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ قال ابو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا فَيَخْرُجُ في كل ما حَلَفَ لَا ياكله فَشَرِبَهُ أو لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ وَجْهَانِ وأطلقهما في الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي ان عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عليه يَحْنَثُ وان لم يُعَيِّنْهُ لم يَحْنَثْ قَالَهُ في الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ بِهِ فى الْوَجِيزِ وأطلقهن الزركشى وَالْمُحَرَّرُ والحاوى وقال الْقَاضِي فى كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ مَحَلُّ الْخِلَافِ مع التَّعْيِينِ اما مع عَدَمِهِ فَلَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا وقال في التَّرْغِيبِ مَحَلُّ الْخِلَافِ مع ذِكْرِ الماكول وَالْمَشْرُوبِ والا حَنِثَ فائده لو حَلَفَ لَا يَشْرَبُ فَمَصَّ قَصَبَ السُّكَّرِ أو الرُّمَّانَ لم يَحْنَثْ نَصَّ عليه وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَمَصَّهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ اختارة ابن أبي موسى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في المغنى والكافى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَاقْتَصَرَ عليه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَيَجِيءُ على قَوْلِ الخرقى انه يَحْنَثُ وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وأطلقهما في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا الْحُكْمُ لو حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا فَتَرَكَهُ في فيه حتى ذَابَ وَابْتَلَعَهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ باكله وَشُرْبِهِ وان ذَاقَهُ ولم يَبْلَعْهُ لم يَحْنَثْ بِلَا نِزَاعٍ وان حَلَفَ لَا ذَاقَهُ حَنِثَ باكله وَشُرْبِهِ قال في الرعايه وَفِيمَنْ لَا ذَوْقَ له نَظَرٌ وان حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فاكله بِالْخُبْزِ حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ ذلك لم يَحْنَثْ وَقَطَعَ بِهِ الأصحاب قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لانه لَا يُطْلَقُ اسْمُ الْفِعْلِ على مُسْتَدِيمِ هذه الثلاثه فَلَا يُقَالُ تَزَوَّجْت شَهْرًا وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا وَلَا تَطَيَّبْت شَهْرًا وانما يُقَالُ مُنْذُ شَهْرٍ ولم يُنَزِّلْ الشَّارِعُ استدامه التَّزَوُّجِ وَالتَّطَيُّبِ منزله ابْتِدَائِهِمَا في تَحْرِيمِهِ في الاحرام‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ فَاسْتَدَامَ ذلك حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأصحاب وَقَطَعَ بِهِ اكثرهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال ابو مُحَمَّدٍ الجوزى في اللُّبْسِ ان اسْتَدَامَهُ حَنِثَ ان قَدَرَ على نَزْعِهِ قال الْقَاضِي وابن شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا الاخراج وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لُبْسًا وَلَا فيه مَعْنَاهُ وَتَقَدَّمَ إذَا حَلَفَ لَا يَصُومُ وكان صَائِمًا أو لَا يَحُجُّ في حَالِ حَجِّهِ أو حَلَفَ على غيرة لَا يصلى وهو في الصَّلَاةِ فائده وَكَذَا الْحُكْمُ لو حَلَفَ لَا يَلْبَسُ من غَزْلِهَا وَعَلَيْهِ منه شَيْءٌ نَصَّ عليه وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَقُومُ وهو قَائِمٌ ولا يَقْعُدُ وهو قَاعِدٌ ولا يُسَافِرُ وهو مُسَافِرٌ وَكَذَا لو حَلَفَ لَا يَطَأُ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَلَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ أو حَلَفَ ان لَا يُضَاجِعَهَا على فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ نَصَّ عليه أو حَلَفَ ان لَا يُشَارِكَهُ فَدَامَ ذَكَرَهُ في الروضه قال في الْفُرُوعِ عن الْقَاضِي وابن شِهَابٍ وَغَيْرِهِمَا وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ لِاشْتِمَالِهِ على ايلاج واخراج فَهُوَ شَطْرُهُ وَجَزَمَ الْمَجْدُ في مُنْتَهَى الغايه لَا يَحْنَثُ الْمُجَامِعُ ان نَزَعَ في الْحَالِ وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ في مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ الْكَفَّ في الْمُسْتَقْبَلِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِأَوَّلِ أَسْبَابِ الْإِمْكَانِ بَعْدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ يَمِينِهِ لَا اسْتَدَمْت الْجِمَاعَ انتهى‏.‏

وَتَقَدَّمَ في بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ قَرِيبَةٌ من هذا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وهو دَاخِلُهَا فاقام فيها حَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى ولم يَحْنَثْ عِنْدَ ابي الْخَطَّابِ وأطلقهما في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَدْخُلُ على فُلَانٍ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ عليه فَأَقَامَ معه فَعَلَى وَجْهَيْنِ وأطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ احدهما يَحْنَثُ قال في الْفُرُوعِ حَنِثَ في الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ النَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْوَجْهُ الثانى لَا يَحْنَثُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ في الْمَسْأَلَتَيْنِ اذا لم يَكُنْ له نِيَّةٌ قَالَهُ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَا يَسْكُنُ دَارًا أو لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وهو مُسَاكِنُهُ ولم يَخْرُجْ في الْحَالِ حَنِثَ الا ان يُقِيمَ لِنَقْلِ مَتَاعِهِ أو يَخْشَى على نَفْسِهِ الْخُرُوجَ فَيُقِيمُ إلَى ان يُمْكِنَهُ وان خَرَجَ دُونَ مَتَاعِهِ واهله حَنِثَ إلَّا أَنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ أو يُعِيرَهُ أو يَزُولَ مِلْكُهُ عنه وَتَأْبَى امْرَأَتُهُ الْخُرُوجَ معه وَلَا يُمْكِنُهُ اكراهها فَيَخْرُجُ وَحْدَهُ فَلَا يَحْنَثُ هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قال في الْفُرُوعِ فَإِنْ اقام السَّاكِنُ أو الْمُسَاكِنُ حتى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسْبِ العاده لَا لَيْلًا ذَكَرَهُ في التبصره وَالشَّيْخِ يعنى بِهِ الْمُصَنِّفَ بِنَفْسِهِ وباهله وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ لم يَحْنَثْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ والهدايه وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وقال الْمُصَنِّفُ يَحْنَثُ ان لم يَنْوِ النَّقْلَةَ وَظَاهِرُ نَقْل ابن هَانِئٍ وَغَيْرِهِ وهو ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ لو تَرَكَ له بها شيئا حَنِثَ وَقِيلَ ان خَرَجَ باهله فَقَطْ فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ لم يَحْنَثْ قال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ بِأَهْلِهِ فَسَكَنَ في مَوْضِعٍ آخَرَ انه لَا يَحْنَثُ وَإِنْ بَقِيَ مَتَاعُهُ في الدَّارِ الْأُولَى‏:‏ لِأَنَّ مَسْكَنَهُ حَيْثُ حَلَّ أَهْلُهُ بِهِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ انتهى‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقِيلَ أو خَرَجَ وَحْدَهُ بِمَا يتاثث بِهِ فَلَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قوله وان حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فى النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فى الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ فى الشَّرْحِ وقال ‏[‏وقيل‏]‏ لانعلم فيه خِلَافًا وَقِيلَ لايحنث قال فى الْمُحَرَّرِ وان تَشَاغَلَ هو وَفُلَانٌ بِبِنَاءِ الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وأطلقهما فى الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَا اساكنه فى هذه الدَّارِ وَهُمَا غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَفَتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَابًا لِنَفْسِهِ وَسَكَنَاهَا لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في المغنى الشَّرْحِ وَصَحَّحَاهُ وَقَدَّمَهُ فى الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَحْنَثُ قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِكَوْنِهِ عَيَّنَ الدَّارِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان كان فى الدَّارِ حُجْرَتَانِ كُلُّ حُجْرَةٍ تَخْتَصُّ بِبَابِهَا وَمَرَافِقِهَا فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً لم يَحْنَثْ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وقال إذَا لم يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ قال في الْفُنُونِ فِيمَنْ قال انت طَالِقٌ ان دَخَلْت على الْبَيْتَ وَلَا كُنْت لي زوجه إنْ لم تَكْتُبِي لي نِصْفَ مَالِكِ فَكَتَبَتْهُ له بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَتَبَتْ له لانه يَقَعُ باستدامه الْمَقَامِ فَكَذَا استدامه الزوجيه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه البلده فَخَرَجَ وحدة دُونَ اهله بَرَّ وهو الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ قال في الْفُرُوعِ والاشهر يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ وَجُزِمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ قال في الرعايه يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ بِمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ وَقِيلَ لَا يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ انها كَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه الدَّارِ فَخَرَجَ دُونَ اهله لم يَبَرَّ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ قال في الْفُرُوعِ فَهُوَ كَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ على ما تَقَدَّمَ فائده مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ لَا يَنْزِلُ في هذه الدَّارِ وَلَا يَأْوِي إلَيْهَا نُصَّ عَلَيْهِمَا وَكَذَا لو حَلَفَ لَيَرْحَلَنَّ من الْبَلَدِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ من هذه البلده أو لَيَرْحَلَنَّ عن هذه الدَّارِ فَفَعَلَ فَهَلْ له الْعَوْدُ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ إحْدَاهُمَا‏:‏ له الْعَوْدُ ولم يَحْنَثْ إذَا لم تكن ‏[‏يكن‏]‏ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ إذَا لم تَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ على الْأَصَحِّ قال في الْمُذْهَبِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْخُلَاصَةِ إذَا رَحَلَ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يَحْنَثُ بِالْعَوْدِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا وَأَمْكَنَهُ الِامْتِنَاعُ فلم يَمْتَنِعْ أو حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا فَخَدَمَهُ وهو سَاكِتٌ فقال الْقَاضِي يَحْنَثُ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في مُنْتَخَبِهِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ في الْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْأُولَى‏:‏ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقُدِّمَ في الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَحْنَثُ في الثَّانِيَةِ وقال الشَّارِحُ إنْ كان الْخَادِمُ عَبْدَهُ حَنِثَ وَإِنْ كان عَبْدَ غَيْرِهِ لم يَحْنَثْ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لم يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْمُكْرَهِ في آخِرِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏:‏ وهو احْتِمَالُ الْمُصَنِّفِ لو اسْتَدَامَ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ إحْدَاهُمَا‏:‏ يَحْنَثُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وهو الصَّوَابُ وَالثَّانِي لَا يَحْنَثُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ أو لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عليه قبل الْغَدِ حَنِثَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال في التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ على قَوْلِ أبي الْخَطَّابِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْنَثُ حَالَ تَلَفِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ يَحْنَثُ في آخِرِ الْغَدِ وهو أَيْضًا تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقِيلَ يَحْنَثُ إذَا جاء الْغَدُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏:‏

أَحَدُهُمَا‏:‏ مَحَلُّ الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ إذَا تَلِفَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْحَالِفِ فَأَمَّا إنْ تَلِفَ بِاخْتِيَارِهِ كما إذَا قَتَلَهُ وَنَحْوَهُ فإنه يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا وفي وَقْتِ حِنْثِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ الثَّانِي مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لو تَلِفَ في الْغَدِ ولم يَضْرِبْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَشَمِلَ صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا‏:‏ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ في الْغَدِ فَهُوَ كما لو مَاتَ من يَوْمِهِ على ما تَقَدَّمَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ أَنْ يَتَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ ولم يَضْرِبْهُ فَهَذَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو ضَرَبَهُ قبل الْغَدِ لم يَبَرَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وقال الْقَاضِي يَبَرُّ لِأَنَّ يَمِينَهُ لِلْحِنْثِ على ضَرْبِهِ فإذا ضَرَبَهُ الْيَوْمَ فَقَدْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه وَزِيَادَةً قُلْت قَرِيبٌ من ذلك إذَا حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ غَدًا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ على ما تَقَدَّمَ في أَوَّلِ الْبَابِ وَمِنْهَا لو ضَرَبَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لم يَبَرَّ وَمِنْهَا لو ضَرَبَهُ ضَرْبًا لَا يُؤْلِمُهُ لم يَبَرَّ أَيْضًا وَمِنْهَا لو جُنَّ الْغُلَامُ وَضَرَبَهُ بَرَّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ لم يَحْنَثْ إذَا مَاتَ الْحَالِفُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ قبل الْغَدِ أو في الْغَدِ فَإِنْ مَاتَ قبل الْغَدِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ لم يَحْنَثْ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْخِرَقِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ من الْأصحاب وَقِيلَ يَحْنَثُ وَكَذَا الْحُكْمُ لو جُنَّ الْحَالِفُ فلم يُفِقْ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الْغَدِ وَإِنْ مَاتَ في الْغَدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ نُصَّ عليه قال الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقِيلَ إنْ تَمَكَّنَ من ضَرْبِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ هذه الْأَقْوَالَ مُصَرَّحًا بها في هذه الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا لَكِنَّهَا تُؤْخَذُ من مَجْمُوعِ كَلَامِ أبي الْبَرَكَاتِ انتهى‏.‏

قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَإِنْ مَاتَ الْحَالِفُ في الْغَدِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ من ضَرْبِهِ حَنِثَ وَجْهًا وَاحِدًا

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ هذا الْغُلَامَ الْيَوْمَ أو لَيَأْكُلَنَّ هذا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَمَاتَ الْغُلَامُ أو تَلِفَ الرَّغِيفُ فيه حَنِثَ عَقِبَ تَلَفِهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْنَثُ في آخِرِهِ وَأَمَّا إذَا لم يَمُتْ الْغُلَامُ وَلَا تَلِفَ الرَّغِيفُ لَكِنْ مَاتَ الْحَالِفُ فإنه يَحْنَثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْنَثُ بِمَوْتِهِ على الْأَصَحِّ بِآخِرِ حَيَاتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِمَوْتِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَقْتُ حِنْثِهِ آخِرُ حَيَاتِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا وَعَيَّنَ وَقْتًا أو أَطْلَقَ فَمَاتَ الْحَالِفُ أو تَلِفَ الْمَحْلُوفُ عليه قبل أَنْ يَمْضِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُ فِعْلُهُ فيه حَنِثَ نُصَّ عليه كَإِمْكَانِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ من الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فَأَبْرَأَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَحَدُهُمَا لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْنَثُ قال في الْهِدَايَةِ بِنَاءً على ما إذَا أُكْرِهَ وَمُنِعَ من الْقَضَاءِ في الْغَدِ هل يَحْنَثُ على الرِّوَايَتَيْنِ قال الشَّارِحُ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ على ما إذَا حَلَفَ على فِعْلِ شَيْءٍ فَتَلِفَ قبل فِعْلِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأهُ الْيَوْمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ وقال في التَّرْغِيبِ أَصْلُهُمَا إذَا مُنِعَ من الْإِيفَاءِ في الْغَدِ كُرْهًا لَا يَحْنَثُ على الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَ في التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَحِقُّ فَقَضَى وَرَثَتَهُ لم يَحْنَثْ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ فَأَشْبَهَ ما لو حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا فَمَاتَ الْيَوْمَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْبَرَاءَةِ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقَضَى لِوَرَثَتِهِ وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ بَاعَهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا لم يَحْنَثْ عِنْدَ ابن حامد وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَخَذَ عنه عَرَضًا لم يَحْنَثْ في الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَحَنِثَ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

فائدة‏:‏

لو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأَهُ الْيَوْمَ أو قبل مُضِيِّهِ أو مَاتَ رَبُّهُ فَقَضَاهُ لِوَرَثَتِهِ لم يَحْنَثْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ إلَّا مع الْبَرَاءَةِ أو الْمَوْتِ قبل الْغَدِ قال في الْفُرُوعِ لو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ في غَدٍ فَأَبْرَأَهُ الْيَوْمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ في الْأَصَحِّ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أَوَّلِ الشَّهْرِ بَرَّ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال مع رَأْسِ الْهِلَالِ أو إلَى رَأْسِ الْهِلَالِ أو إلَى اسْتِهْلَالِهِ أو عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ أو مع رَأْسِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو شَرَعَ في عَدِّهِ أو كَيْلِهِ أو وَزْنِهِ فَتَأَخَّرَ الْقَضَاءُ لم يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لم يَتْرُكْ الْقَضَاءَ قَالَا وَكَذَلِكَ لو حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هذا الطَّعَامَ في هذا الْوَقْتِ فَشَرَعَ في أَكْلِهِ فيه وَتَأَخَّرَ الْفَرَاغُ لِكَثْرَتِهِ لم يَحْنَثْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في أَوَّلِ الشَّهْرِ هَكَذَا قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَجُمْهُورُ الْأصحاب قالوا فَقَضَاهُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ من آخِرِ الشَّهْرِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَضَاهُ قبل الْغُرُوبِ في آخِرِهِ بَرَّ وَقِيلَ بَلْ في أَوَّلِهِ فَجَعَلَهُمَا قَوْلَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ قَوْلٌ وَاحِدٌ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ مُخْتَلِفَةٌ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَخَّرَ ذلك مع إمْكَانِهِ حَنِثَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ لَا تُعْتَبَرُ الْمُقَارَنَةُ فَتَكْفِي حَالَةَ الْغُرُوبِ وَإِنْ قَضَاهُ بَعْدَهُ حَنِثَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَهَرَبَ منه حَنِثَ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وهو الْمَذْهَبُ قال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَحْنَثُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وهو أَصَحُّ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ في الْكَافِي بِأَنَّهُ إذَا فَارَقَهُ الْغَرِيمُ بِإِذْنِهِ أو قَدَرَ على مَنْعِهِ من الْهَرَبِ فلم يَفْعَلْ حَنِثَ وَمَعْنَاهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَجَعَلَهُ مَفْهُومَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَعْنِي في الْإِذْنِ له قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَهَرَبَ منه وَأَمْكَنَهُ مُتَابَعَتُهُ وَإِمْسَاكُهُ فلم يَفْعَلْ حَنِثَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ وَحَكَمَ عليه بِفِرَاقِهِ خُرِّجَ على الرِّوَايَتَيْنِ في الْإِكْرَاهِ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا فَلَّسَهُ ولم يَحْكُمْ عليه بِفِرَاقِهِ وَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ هو كَالْمُكْرَهِ وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

فائدة‏:‏

قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إذَا حَلَفَ لأفارقنك حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي فَفِيهِ عَشْرُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا أَنْ يُفَارِقَهُ مُخْتَارًا فَيَحْنَثَ سَوَاءٌ أَبْرَأَهُ من الْحَقِّ أو بَقِيَ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ أَنْ يُفَارِقَهُ مُكْرَهًا فَإِنْ فَارَقَهُ بِكَوْنِهِ حُمِلَ مُكْرَهًا لم يَحْنَثْ وَإِنْ أُكْرِهَ بِالضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ لم يَحْنَثْ وفي قَوْلِ أبي بَكْرٍ يَحْنَثُ وفي النَّاسِي تَفْصِيلٌ ذُكِرَ فِيمَا مَضَى‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ أَنْ يَهْرُبَ منه بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا يَحْنَثُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَحْنَثُ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ أَذِنَ له الْحَالِفُ في الْمُفَارَقَةِ فَمَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ قال الْقَاضِي وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ الْخَامِسَةُ فَارَقَهُ من غَيْرِ إذْنٍ وَلَا هَرَبٍ على وَجْهٍ يُمْكِنُهُ مُلَازَمَتُهُ وَالْمَشْيُ معه أو إمْسَاكُهُ فَهِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا‏.‏

السَّادِسَةُ‏:‏ قَضَاهُ قَدْرَ حَقِّهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا أَنَّهُ قد وَفَّاهُ فَخَرَجَ رَدِيئًا فَيُخَرَّجُ في حِنْثِهِ رِوَايَتَا النَّاسِي وَكَذَا إنْ وَجَدَهَا مُسْتَحَقَّةً فَأَخَذَهَا رَبُّهَا وَإِنْ عَلِمَ بِالْحَالِ حَنِثَ‏.‏

السَّابِعَةُ‏:‏ تَفْلِيسُ الْحَاكِمِ له على ما تَقَدَّمَ مُفَصَّلًا الثَّامِنَةُ أَحَالَهُ الْغَرِيمُ بِحَقِّهِ فَفَارَقَهُ حَنِثَ فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ قد يُرِيدُ بِذَلِكَ مُفَارَقَتَهُ فَفَارَقَهُ خَرَجَ على الرِّوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ قال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَحْنَثُ هُنَا فَأَمَّا إنْ كانت يَمِينُهُ لَا فَارَقْتُك وَلِي قِبَلَك حَقٌّ فَأَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ لم يَحْنَثْ وَإِنْ أَخَذَ بِهِ ضَمِينًا أو كَفِيلًا أو رَهْنًا فَفَارَقَهُ حَنِثَ بِلَا إشْكَالٍ التَّاسِعَةُ قَضَاهُ عن حَقِّهِ عَرَضًا ثُمَّ فَارَقَهُ فقال ابن حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو أَوْلَى وقال الْقَاضِي يَحْنَثُ فَلَوْ كانت يَمِينُهُ لَا فَارَقْتُك حتى تَبْرَأَ من حَقِّي أو وَلِي قِبَلَك حَقٌّ لم يَحْنَثْ وَجْهًا وَاحِدًا الْعَاشِرَةُ وَكَّلَ في اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ فَإِنْ فَارَقَهُ قبل اسْتِيفَاءِ الْوَكِيلِ حَنِثَ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو قال لَا فَارَقْتنِي حتى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَفَارَقَهُ الْمَحْلُوفُ عليه مُخْتَارًا حَنِثَ وَإِنْ أُكْرِهَ على فِرَاقِهِ لم يَحْنَثْ وَإِنْ فَارَقَهُ الْحَالِفُ مُخْتَارًا حَنِثَ إلَّا على ما ذَكَرَهُ الْقَاضِي في تَأْوِيلِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حتى أُوفِيَك حَقَّك فَأَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ منه فَهَلْ يَحْنَثُ على وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الْمُكْرَهِ وَإِنْ كان الْحَقُّ عَيْنًا فَوَهَبَهَا له الْغَرِيمُ فَقَبِلَهَا حَنِثَ وَإِنْ قَبَضَهَا منه ثُمَّ وَهَبَهَا إيَّاهُ لم يَحْنَثْ وَإِنْ كانت يَمِينُهُ لَا أُفَارِقُك وَلَك في قِبَلِي حَقٌّ لم يَحْنَثْ إذَا أَبْرَأَهُ أو وَهَبَ الْعَيْنَ له‏.‏

بَابُ‏:‏ النَّذْرِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا نِزَاعَ في صِحَّةِ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ في الْجُمْلَةِ وهو عِبَارَةٌ عَمَّا قال الْمُصَنِّفُ وهو أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ لِلَّهِ تَعَالَى شيئا يَعْنِي إذَا كان مُكَلَّفًا مُخْتَارًا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ النَّذْرُ مَكْرُوهٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ النَّذْرُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ قال ابن حَامِدٍ لَا يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شيئا مُحْدَثًا وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال النَّاظِمُ وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا مُحَرَّمٍ وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في تَحْرِيمِهِ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ نهى عنه النبي عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وقال ابن حَامِدٍ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ من أَهْلِ الحديث‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من مُكَلَّفٍ مُسْلِمًا كان أو كَافِرًا يَصِحُّ النَّذْرُ من الْمُسْلِمِ مُطْلَقًا بِلَا نِزَاعٍ وَيَصِحُّ من الْكَافِرِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَّ عليه في الْعِبَادَةِ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يَصِحُّ إلَّا من مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةٍ نُصَّ عليه وَقِيلَ منه بِغَيْرِهَا مَأْخَذُهُ أَنَّ نَذْرَهُ لها كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَيَصِحُّ من كل كَافِرٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ عِبَادَةٍ فَعَلَى هذا الْقَوْلِ يَصِحُّ منه بِعِبَادَةٍ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ يَحْسُنُ بِنَاؤُهُ على أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ إنَّ نَذْرَهُ لِلْعِبَادَةِ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ من أَهْلِ الْعِبَادَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ فَإِنْ نَوَاهُ من غَيْرِ قَوْلٍ لم يَصِحَّ بِلَا نِزَاعٍ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ له صِيغَةٌ خَاصَّةٌ يُؤَيِّدُهُ ما يَأْتِي في رِوَايَةِ ابن منصور فِيمَنْ قال أنا أُهْدِي جَارِيَتِي أو دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ قال وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أو الْأَكْثَرِ يُعْتَبَرُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أو عَلَيَّ كَذَا وَيَأْتِي كَلَامُ ابن عقِيلٍ إلَّا مع دَلَالَةِ الْحَالِ وقال في الْمُذْهَبِ بِشَرْطِ إضَافَتِهِ فيقول لِلَّهِ عَلَيَّ وقد قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ وهو قَوْلٌ يَلْتَزِمُ بِهِ الْمُكَلَّفُ الْمُخْتَارُ لِلَّهِ حَقًّا بِعَلَيَّ لِلَّهِ أو نَذَرْت لِلَّهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَصِحُّ في مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ فَلَوْ قال لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ أو صَوْمُ رَمَضَانَ لم يَنْعَقِدْ لَا يَصِحُّ النَّذْرُ في مُحَالٍ وَلَا وَاجِبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَحَكَى في الْمُغْنِي احْتِمَالًا وَجَعَلَ في الْكَافِي قِيَاسَ الْمَذْهَبِ يَنْعَقِدُ النَّذْرُ في الْوَاجِبِ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إنْ لم يَفْعَلْهُ وقال في الْمُغْنِي في مَوْضِعٍ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ الِانْعِقَادُ وَقَوْلِ الْقَاضِي عَدَمُهُ انتهى‏.‏

وَذَكَرَ في الْكَافِي احْتِمَالًا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ في نَذْرِ الْمُحَالِ كَيَمِينِ الْغَمُوسِ وَيَأْتِي إذَا نَذَرَ صَوْمَ نِصْفِ يَوْمٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالنَّذْرُ الْمُنْعَقِدُ على خَمْسَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا النَّذْرُ الْمُطْلَقُ وهو أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ فَيَجِبُ فيه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ له‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وهو ما يُقْصَدُ بِهِ الْمَنْعُ من شَيْءٍ غَيْرَهُ أو الْحَمْلُ عليه كَقَوْلِهِ إنْ كَلَّمْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ الْحَجُّ أو صَوْمُ سَنَةٍ أو عِتْقُ عَبْدِي أو الصَّدَقَةُ بِمَالِي فَهَذَا يَمِينٌ يَتَخَيَّرُ بين فِعْلِهِ وَالتَّكْفِيرِ يَعْنِي إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ نَقَلَ صَالِحٌ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عليه فَلَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وقال في الْوَاضِحِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لَزِمَهُ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يَضُرُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ على مَذْهَبِ من يُلْزِمُ بِذَلِكَ أو لَا أُقَلِّدُ من يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَوْكِيدٍ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ فيه كَأَنْتِ طَالِقٌ بَتَّةَ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ حُصُولِ الشَّرْطِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِيمَنْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أو بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ أَرَادَ يَمِينًا كَفَّرَ يَمِينَهُ وَإِنْ أَرَادَ نَذْرًا فَعَلَى حديث عُقْبَةَ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ من قال أنا أُهْدِي جَارِيَتِي أو دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ وقال في امْرَأَةٍ حَلَفَتْ إنْ لَبِسْت قَمِيصِي هذا فَهُوَ مهدى تُكَفِّرُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ قال غَنَمِي صَدَقَةٌ وَلَهُ غَنَمٌ شَرِكَةٌ إنْ نَوَى يَمِينًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِبَيْعِهِ وَالْمُشْتَرِي عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَفَّارَةً نُصَّ عليه وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو مَعْصِيَةٍ لَا شَيْءَ عليه كَنَذْرِهِمَا فإن ما لم يَلْزَمْ بِنَذْرِهِ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إذَا حَلَفَ بِهِ فَمَنْ يقول لَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِالْأَوْلَى فإن إيجَابَ النَّذْرِ أَقْوَى من إيجَابِ الْيَمِينِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّالِثُ نَذْرُ الْمُبَاحِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي أو أَرْكَبَ دَابَّتِي فَهَذَا كَالْيَمِينِ يَتَخَيَّرُ بين فِعْلِهِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ عليه الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَعْصِيَةِ على ما يَأْتِي وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ في نَذْرِ الْمُبَاحِ‏.‏

تنبيه‏:‏

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ نَذَرَ مَكْرُوهًا كَالطَّلَاقِ اُسْتُحِبَّ له أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلُهُ أَنَّهُ إذَا لم يَفْعَلْهُ عليه الْكَفَّارَةُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه وهو دَاخِلٌ في احْتِمَالِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ إذَا لم يَنْعَقِدْ نَذْرُ الْمُبَاحِ فَنَذْرُ الْمَكْرُوهِ أَوْلَى وَالْمَذْهَبُ انْعِقَادُهُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَتَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الرَّابِعُ نَذْرُ الْمَعْصِيَةِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ أو صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ وَيَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ بِلَا نِزَاعٍ وَيُكَفِّرُ إذَا نَذَرَ شُرْبَ الْخَمْرِ أو صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيُكَفِّرُ نَصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبِ يُكَفِّرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأصحاب وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ نَذْرُ الْمُبَاحِ وَلَا الْمَعْصِيَةِ وَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةٌ كما تَقَدَّمَ وهو رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ في نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا‏:‏ هو لَاغٍ لَا شَيْءَ فيه قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ نَذَرَ لَيَهْدِمَنَّ دَارَ غَيْرِهِ لَبِنَةً لَبِنَةً لَا كَفَّارَةَ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَلِهَذَا قال أصحابنَا لو نَذَرَ الصَّلَاةَ أو الاعتكاف في مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَهُ فِعْلُهُ في غَيْرِهِ وَلَا كَفَّارَةَ عليه وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو مَعْصِيَةٍ وَذَكَرَ الآدمي الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ نَذْرَ شُرْبِ الْخَمْرِ لَغْوٌ وَنَذْرَ ذَبْحِ وَلَدِهِ يُكَفَّرُ وَقَدَّمَ ابن رزين أَنَّ نَذْرَ الْمَعْصِيَةِ لَغْوٌ وفي نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْحَيْضِ وَجْهٌ أَنَّهُ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ على ما يَأْتِي وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ فَعَلَ ما نَذَرَهُ أَثِمَ وَلَا شَيْءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا وهو لِلْمُصَنِّفِ وَأَمَّا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ النَّحْرِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَقْضِيهِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأصحابهُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ هو وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَعَنْهُ لَا يَقْضِي نَقَلَهَا حَنْبَلٌ قال في الشَّرْحِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ يُكَفِّرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا قال في الْفُرُوعِ وَالْمُذْهَبُ يُكَفِّرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ فَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ وَعَنْهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَيَأْثَمُ وقال ابن شِهَابٍ يَنْعَقِدُ بِنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا يَصُومُهُ وَيَقْضِي فَتَصِحُّ منه الْقُرْبَةُ وَيَلْغُو تَعْيِينُهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَافُ عليه فيه فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَكَذَا الصَّلَاةُ في ثَوْبِ حَرِيرٍ وَالطَّلَاقُ زَمَنَ الْحَيْضِ صَادَفَ التَّحْرِيمَ يَنْعَقِدُ على قَوْلِهِمْ وَرِوَايَةٍ لنا كَذَا هُنَا وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنِ صَوْمٍ وَعَلَى قِيَاسِ ذلك إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ وَصَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وقد أَكَلَ انتهى‏.‏

قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال قال وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالصَّلَاةَ زَمَنَ الْحَيْضِ قال في الْفُرُوعِ وَنَذْرَ صَوْمِ اللَّيْلِ مُنْعَقِدٌ في النَّوَادِرِ وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ لَا لِأَنَّهُ ليس بِزَمَنِ الصَّوْمِ وفي الْخِلَافِ وَمُفْرَدَاتِ ابن عقِيلٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ‏.‏

فائدة‏:‏

نَذْرُ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ إذَا لم يَجُزْ صَوْمُهَا عن الْفَرْضِ وَإِنْ أَجَزْنَا صَوْمَهَا عن الْفَرْضِ فَهُوَ كَنَذْرِ سَائِرِ الْأَيَّامِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَكُونَ كَنَذْرِ العيد ‏[‏العبد‏]‏ أَيْضًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ إلَّا أَنْ يَنْذِرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ وَكَذَا نَذْرُ ذَبْحِ نَفْسِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْخِرَقِيِّ إحْدَاهُمَا‏:‏ هو كَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ عليه الْكَفَّارَةَ لَا غَيْرُ وهو الْمَذْهَبُ قال الشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَنَصَرَهُ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قال أبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ وهو الْأَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يَلْزَمُهُ ذَبْحُ كَبْشٍ نُصَّ عليه قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَعَنْهُ إنْ قال إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ كَذَا أو نَحْوُهُ وَقَصَدَ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَنَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَيَذْبَحُ في مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ كَبْشًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال عليه أَكْثَرُ نُصُوصِهِ قال وهو مَبْنِيٌّ على الْفَرْقِ بين النَّذْرِ وَالْيَمِينِ قال وَلَوْ نَذَرَ طَاعَةً حَالِفًا بها أَجْزَأَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا خِلَافٍ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَيْفَ لَا يُجْزِئُهُ إذَا نَذَرَ مَعْصِيَةً حَالِفًا بها قال في الْفُرُوعِ فَعَلَى هذا على رِوَايَةِ حَنْبَلٍ الْآتِيَةِ يَلْزَمَانِ النَّاذِرَ وَالْحَالِفُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ ذَبَحَ كَبْشًا وقال جَمَاعَةٌ ذَبَحَ شَاةً قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَارَةً هذا وَتَارَةً قال هذا

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثْلُ ذلك لو نَذَرَ ذَبْحَ أبيه وَكُلَّ مَعْصُومٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الشَّارِحُ فَإِنْ نَذَرَ ذَبْحَ نَفْسِهِ أو أَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ أَيْضًا عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَتَانِ وَاقْتَصَرَ ابن عقِيلٍ وَغَيْرُهُ على الْوَلَدِ وَاخْتَارَهُ في الِانْتِصَارِ وقال ما لم تَقِسْ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْعَمُّ وَالْأَخُ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وِلَايَةً‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو كان له أَكْثَرُ من وَلَدٍ ولم يُعَيِّنْ وَاحِدًا منهم لَزِمَهُ بِعَدَدِهِمْ كَفَّارَاتٌ أو كِبَاشٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ في الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

تنبيه‏:‏

على الْقَوْلِ بِلُزُومِ ذَبْحِ كَبْشٍ قِيلَ يَذْبَحُهُ مَكَانَ نَذْرِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ بَلْ يَذْبَحُ كَبْشًا حَيْثُ هو وَيُفَرِّقُهُ على الْمَسَاكِينِ فَقُطِعَ بِذَلِكَ وَقِيلَ هو كالهدى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَلْزَمَانِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ وَلَا كَفَّارَةَ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ نَذَرَ من تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ نُصَّ عليه وَقَوْلُهُ من تُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ يُحْتَرَزُ بِهِ عن نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ قال في الرَّوْضَةِ ليس لنا في نَذْرِ الطَّاعَةِ ما يَفِي بِبَعْضِهِ إلَّا هذا الْمَوْضِعُ قُلْت فيعايى بها إذَا عَلِمْت ذلك فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إجْزَاءُ الصَّدَقَةِ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا كَفَّارَةَ نُصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمَا قال في الْقَوَاعِدِ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَالِهِ عِنْدَ الْأصحاب ويعايى بها أَيْضًا وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ كُلِّهِ وقال الزَّرْكَشِيُّ وَيُحْكَى رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوَاجِبَ في ذلك كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَنْهُ يَشْمَلُ النَّقْدَ فَقَطْ وقال ‏[‏وقيل‏]‏ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهَلْ يَخْتَصُّ ذلك بِالصَّامِتِ أو يَعُمُّ غَيْرَهُ بِلَا نِيَّةٍ على رِوَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّهُ يَعُمُّ كُلَّ مَالٍ إنْ لم يَكُنْ له نِيَّةٌ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ على اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسْبِ عَزْمِهِ وَنَصّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ في الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ من الصَّامِتِ أو من جَمِيعِ ما يَمْلِكُ قال إنَّمَا يَكُونُ هذا على قَدْرِ ما نَوَى أو على قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عِنْدَ الناس وَنَقَلَ عبد اللَّهِ إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أو بِبَعْضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ فَإِنْ نَفِدَ هذا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يوم حِنْثِهِ قال في الهدى يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ يوم نَذْرِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ قال ‏[‏قيل‏]‏ فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذلك الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَإِنَّمَا نَصُّهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يوم نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ عنه قَدْرُ دَيْنِهِ وَهَذَا على أَصْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ صَحِيحٌ في صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِكَوْنِ قَدْرِ الدِّينِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ من النَّذْرِ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِأَلْفٍ لَزِمَهُ جَمِيعُهُ هذا الْمَذْهَبُ قال الشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ ثُلُثُهُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ إنْ زَادَ الْمَنْذُورُ على ثُلُثِ الْمَالِ أَجْزَأَهُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَإِلَّا لَزِمَهُ كُلُّ الْمُسَمَّى قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَصَحُّ وَصَحَّحَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ لو نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِقَدْرٍ من الْمَالِ فَأَبْرَأَ غَرِيمَهُ من قَدْرِهِ يَقْصِدُ بِهِ وَفَاءَ النَّذْرِ لم يُجْزِئْهُ وَإِنْ كان من أَهْلِ الصَّدَقَةِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يُجْزِئُهُ حتى يَقْبِضَهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ الْخَامِسُ نَذْرُ التَّبَرُّرِ كَنَذْرِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَنَحْوِهَا من الْقِرَبِ على وَجْهِ التَّقَرُّبِ سَوَاءٌ نَذَرَهُ مُطْلَقًا أو مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ يَرْجُوهُ فقال إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أو إنْ سَلَّمَ اللَّهُ مَالِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ من الْأصحاب بِشَرْطِ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ أو دَفْعِ نِقْمَةٍ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو نَذَرَ صِيَامَ نِصْفِ يَوْمٍ لَزِمَهُ يَوْمٌ كَامِلٌ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في الْمُسَوَّدَةِ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ في الْفُرُوعِ وقال وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ مِثْلَ ما لو قال وَاَللَّهِ لَئِنْ سَلَّمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه قال في الْفُرُوعِ بَعْدَ تَعَدُّدِ نَذْرِ التَّبَرُّرِ وَالْمَنْصُوصُ أو حَلَفَ بِقَصْدِ التَّبَرُّرِ وَقِيلَ ليس هذا بِنَذْرٍ الْخَامِسَةُ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَتَى وُجِدَ شَرْطُهُ انْعَقَدَ نَذْرُهُ وَلَزِمَهُ فِعْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَالْفُنُونِ لِوُجُودِ أَحَدِ سَبَبَيْهِ وَالنَّذْرُ كَالْيَمِينِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْقَوَاعِدِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَمَنَعَهُ أبو الْخَطَّابِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ مَنَعَ كَوْنَهُ سَبَبًا وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لم يَلْزَمْهُ فَلَا يُجْزِئُهُ عن الْوَاجِبِ ذَكَرَاهُ في جَوَازِ صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ قبل رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ وقال الْقَاضِي في الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ لم يَجِبْ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ الْقُدُومُ وما وُجِدَ وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ على الْفَوْرِ‏.‏

السَّادِسَةُ‏:‏ لو نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قبل عِتْقِهِ لم يَلْزَمْهُ عِتْقُ غَيْرِهِ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ نُصَّ عليه لِعَجْزِهِ عن الْمَنْذُورِ وَإِنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ على وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ قَالَهُ ابن عقِيلٍ فَيَجِبُ صَرْفُ قِيمَتِهِ في الرِّقَابِ وَلَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فقال أبو الْخَطَّابِ لِسَيِّدِهِ الْقِيمَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا في الْعِتْقِ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأصحاب وَجْهًا بِوُجُوبِهِ وهو قِيَاسُ قَوْل ابن عَقِيلٍ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ وَلِهَذَا لو وَصَّى له بِعَبْدٍ فَقُتِلَ قبل قَبُولِهِ كان له قِيمَتُهُ قال ذلك في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ لم يَدْخُلْ في نَذْرِهِ رَمَضَانَ وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ وفي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ وأطلقهما في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا إذا ‏[‏وإذا‏]‏ نَذَرَ صَوْمَ سنة ‏[‏السنة‏]‏ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُطْلِقَ السَّنَةَ أو يُعَيِّنَهَا فَإِنْ عَيَّنَهَا لم يَدْخُلْ في نَذْرِهِ رَمَضَانُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَدْخُلُ في نَذْرِهِ فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَلَا يَدْخُلُ في نَذْرِهِ أَيْضًا يَوْمَا الْعِيدَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ فَيَدْخُلَانِ في نَذْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْحُكْمُ في الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ على ما تَقَدَّمَ وَلَا يَدْخُلُ في نَذْرِهِ أَيْضًا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُ عن صَوْمِ الْفَرْضِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَدْخُلْنَ في نَذْرِهِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ يَقْضِي يَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ قال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَتَنَاوَلُ النَّذْرُ أَيَّامَ النهى دُونَ أَيَّامِ رَمَضَانَ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الْقَضَاءُ لَا بُدَّ منه وَيَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ على الصَّحِيحِ كما تَقَدَّمَ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ وَأَمَّا إذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ وَأَطْلَقَ فَفِي لُزُومِ التَّتَابُعِ فيها ما في نَذْرِ صَوْمِ شَهْرٍ مُطْلَقٍ على ما يَأْتِي إذَا عَلِمْت ذلك فَيَلْزَمُهُ صِيَامُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النهى وَإِنْ شَرَطَ التَّتَابُعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في التَّرْغِيبِ يَصُومُ مع التَّفْرِيقِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَعِنْدَ ابن عقِيلٍ أَنَّ صِيَامَهَا مُتَتَابِعَةٌ وَهِيَ على ما بها من نُقْصَانٍ أو تَمَامٍ وقال في التَّبْصِرَةِ لَا يَعُمُّ الْعِيدَ وَرَمَضَانَ وفي التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ يَقْضِي الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ إنْ أَفْطَرَهَا وقال في الْكَافِي إنْ لَزِمَ التَّتَابُعُ فَكَمُعَيَّنَةٍ قال في الْمُحَرَّرِ وقال صَاحِبُ الْمُغْنِي مَتَى شَرَطَ التَّتَابُعَ فَهُوَ كَنَذْرِهِ الْمُعَيَّنَةِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ من الْآنَ أو من وَقْتِ كَذَا فَهِيَ كَالْمُعَيَّنَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقِيلَ كَمُطْلَقَةٍ في لُزُومِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا لِلنَّذْرِ وَاخْتَارَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ لَزِمَهُ صَوْمُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ لُزُومُهُ إنْ اسْتَصْحَبَ صَوْمَهُ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ من نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ كان له صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ انتهى‏.‏

وَحُكْمُهُ في دُخُولِ رَمَضَانَ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ حُكْمُ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ على ما تَقَدَّمَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ لِتَرْكِهِ صِيَامَ يَوْمٍ أو أَكْثَرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ قُلْت فَعَلَى الصِّحَّةِ يعايى بها وقال في الرِّعَايَةِ وَهَلْ يَدْخُلُ تَحْتَ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ من قَادِرٍ وَمَنْ قَضَى ما يَجِبُ فِطْرُهُ كَيَوْمِ عِيدٍ وَنَحْوِهِ وَقَضَاءِ ما أَفْطَرَهُ من رَمَضَانَ لِعُذْرٍ وَصَوْمِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَحْوِ ذلك لِعُذْرٍ على وَجْهَيْنِ فَإِنْ دخل فَفِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرٌ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهَا مع الْقَضَاءِ لِأَنَّ النَّذْرَ سَقَطَ لِقَضَاءِ ما أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ ابْتِدَاءً وَوُجُوبِهَا مع صَوْمِ الظِّهَارِ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ انتهى‏.‏

وقال في الْفُرُوع وَغَيْرِهِ وَلَا يَدْخُلُ رَمَضَانُ وَقِيلَ بَلْ قَضَاءُ فِطْرِهِ منه لِعُذْرٍ وَيَوْمِ نهى وَصَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهَا مع صَوْمِ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَوَافَقَ يوم عِيدٍ أو حَيْضٍ أَفْطَرَ وَقَضَى وَكَفَّرَ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يُكَفِّرُ من غَيْرِ قَضَاءٍ وَنُقِلَ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّهُ إنْ صَامَ يوم الْعِيدِ صَحَّ صَوْمُهُ وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه مع الْقَضَاءِ وَقِيلَ عَكْسُهُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَمَنْ ابْتَدَأَ بِنَذْرِ صَوْمِ كل اثْنَيْنِ أو خَمِيسٍ أو علقة بِشَرْطٍ يُمْكِنُ فَوُجِدَ لَزِمَهُ فَإِنْ صَادَفَ مَرَضًا أو حَيْضًا غير مُعْتَادٍ قَضَى وَقِيلَ وَكَفَّرَ كما لو صَادَفَ عِيدًا وَعَنْهُ تَكْفِي الْكَفَّارَةُ فِيهِمَا وَقِيلَ لَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ مع حَيْضٍ وَعِيدٍ وَقِيلَ إنْ صَامَ الْعِيدَ صَحَّ زَادَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يَقْضِي الْعِيدَ وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ انتهى‏.‏

ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في بَابِ صَوْمِ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ وفي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في بَابِ النَّذْرِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو نَذَرَ أَنْ يَصُومَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَبَدًا ثُمَّ جَهِلَهُ فَأَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِصِيَامِ الْأُسْبُوعِ كَصَلَاةٍ من خَمْسٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ يَصُومُ يوما من الْأَيَّامِ مُطْلَقًا أَيَّ يَوْمٍ كان وَهَلْ عليه كَفَّارَةٌ لِفَوَاتِ التَّعْيِينِ يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ على الْمَشْهُورِ وَالتَّعْيِينُ يَسْقُطُ بِالْعُذْرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ وَافَقَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَهَلْ يَصُومُهُ على رِوَايَتَيْنِ وَهُمَا مَبْنِيَّتَانِ على جَوَازِ صَوْمِهَا فَرْضًا وَعَدَمِهِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وقد تَقَدَّمَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا هُنَاكَ فَالْمَذْهَبُ هُنَا مِثْلُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عليه بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ قال في مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ يَوْمِ صَبِيحَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا فَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إتْمَامُ صِيَامِ ذلك الْيَوْمِ إنْ لم يَكُنْ أَفْطَرَ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ سَوَاءٌ قَدِمَ وهو مُفْطِرٌ أو صَائِمٌ إذَا نَذَرَ صَوْمَ يوم يَقْدَمُ فُلَانٌ وَقَدِمَ نَهَارًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَقْدَمَ وهو صَائِمٌ أو يَقْدَمَ وهو مُفْطِرٌ فَإِنْ قَدِمَ وهو مُفْطِرٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وقال عن التَّكْفِيرِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو قَدِمَ يوم فِطْرٍ أو أَضْحَى فَعَنْهُ لَا يَصِحُّ وَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وهو قَوْلُ أَكْثَرِ أصحابنَا وَأَطْلَقَا فِيمَا إذَا كان مُفْطِرًا في غَيْرِهِمَا الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ مع الْقَضَاءِ كَفَّارَةٌ وَأَطْلَقَ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مع الْقَضَاءِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَا وُجُوبَ الْقَضَاءِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ أَصْلًا وَلَا كَفَّارَةَ قال في الْوَجِيزِ فَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ قَدِمَ وهو صَائِمٌ تَطَوُّعًا فَإِنْ كان قد بَيَّتَ النِّيَّةَ لِلصَّوْمِ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ صَحَّ صَوْمُهُ وَأَجْزَأَهُ وَإِنْ نَوَى حين قَدِمَ أَجْزَأَهُ أَيْضًا على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ وَالْحَالَةُ هذه وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَمَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا قَدِمَ قبل الزَّوَالِ أو بَعْدَهُ وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الصَّوْمِ وَإِنْ قُلْنَا لم يَصِحَّ بَعْدَ الزَّوَالِ وقدمه ‏[‏وقدم‏]‏ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ قال في الرِّعَايَتَيْنِ مَبْنِيٌّ على الرِّوَايَتَيْنِ على أَنَّ مُوجَبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ من قُدُومِهِ أو كُلَّ الْيَوْمِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو وُجُوبُ الْقَضَاءِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ مع الْقَضَاءِ كَفَّارَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا لو نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فيه قَضَاهُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ في هذا أَنَّهُ لَغْوٌ أَشْبَهَ ما لو نَذَرَ صَوْمَ أَمْسِ وقال في الِانْتِصَارِ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ وفي الِانْتِصَارِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ كَحَيْضٍ وَأَنَّ في إمْسَاكِهِ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَلْزَمُ في الثَّانِيَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ يَوْمًا من رَمَضَانَ فقال الْخِرَقِيُّ يُجْزِئُهُ صِيَامُهُ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ وهو رِوَايَةً عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَلَهَا الْمَرُّوذِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابن عقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْوَجِيزِ وَإِنْ وَافَقَ قُدُومُهُ في رَمَضَانَ لم يَقْضِ ولم يُكَفِّرْ قال في الْقَوَاعِدِ حَمَلَ هذه الرِّوَايَةَ الْمُتَأَخِّرُونَ على أَنَّ نَذْرَهُ لم يَنْعَقِدْ لِمُصَادَفَتِهِ رَمَضَانَ قال وَلَا يَخْفَى فَسَادُ هذا التَّأْوِيلِ وقال غَيْرُهُ عليه الْقَضَاءُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ أَنَصُّهُمَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا قال في الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ هذا الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وقال في الْفُصُولِ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ لَا لِأَنَّ صَوْمَهُ أَغْنَى عنهما بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فيه نُصَّ عليه وقال فيه أَيْضًا إذَا نَوَى صَوْمَهُ عنهما فَقِيلَ لَغْوٌ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ عن رَمَضَانَ انتهى‏.‏

وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ إذَا قَدِمَ في نَهَارِ يَوْمٍ من رَمَضَانَ وَالْمَذْهَبُ انْعِقَادُهُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب فَعَلَى الْمَذْهَبِ وهو وُجُوبُ الْقَضَاءِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ معه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ إحْدَاهُمَا‏:‏ عليه الْكَفَّارَةُ أَيْضًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا كَفَّارَةَ عليه اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ في نِيَّةِ نَذْرِهِ أَيْضًا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ عن فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ وقال الْمَجْدُ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْقَوَاعِدِ وفي تَعْلِيلِهِ بُعْدٌ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْفُصُولِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو وَافَقَ قُدُومُهُ وهو صَائِمٌ عن نَذْرٍ مُعَيَّنٍ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتِمُّهُ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَلْ يَقْضِي نَذْرَ الْقُدُومِ كَصَوْمٍ في قَضَاءِ رَمَضَانَ أو كَفَّارَةٍ أو نَذْرٍ مُطْلَقٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَكْفِيهِ لَهُمَا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ من يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ في أَوَّلِ شَهْرِ رَمَضَانَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ وَافَقَ يوم نَذْرِهِ وهو مَجْنُونٌ فَلَا قَضَاءَ عليه وَلَا كَفَّارَةَ قال في الْفُرُوعِ عَمَّنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَجُنَّ كُلَّ الشَّهْرِ لم يَقْضِ على الْأَصَحِّ وَكَذَا قال في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في مَوْضِعٍ وَعَنْهُ يَقْضِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فلم يَصُمْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَصُمْهُ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا نِزَاعٍ وفي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا‏:‏ عليه الْكَفَّارَةُ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمَا وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا كَفَّارَةَ عليه وَعَنْهُ في الْمَعْذُورِ يفدى فَقَطْ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ صَوْمُهُ في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ في الشَّهْرِ الْمَنْذُورِ كَفِطْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ هُنَا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو جُنَّ في الشَّهْرِ كُلِّهِ لم يَقْضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يَقْضِيهِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ إذَا لم يَصُمْهُ لِعُذْرٍ أو غَيْرِهِ وَقَضَاهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ مُتَتَابِعًا مُوَاصِلًا لِتَتِمَّتِهِ وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهُ وَعَنْهُ وَتَرْكُ مُوَاصَلَتِهِ أَيْضًا‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ يَبْنِي من لَا يَقْطَعُ عُذْرُهُ تَتَابُعَ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ‏.‏

الْخَامِسَةُ‏:‏ قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ صَامَ قَبْلَهُ لم يُجْزِهِ بِلَا نِزَاعٍ كَالصَّلَاةِ لَكِنْ لو كان نَذَرَهُ بِصَدَقَةِ مَالٍ جَازَ إخْرَاجُهَا قبل الْوَقْتِ الذي عَيَّنَهُ لِلدَّفْعِ كَالزَّكَاةِ قَالَهُ الْأصحاب قال النَّاظِمُ‏:‏

وَيُجْزِئُهُ فِيمَا فيه نَفْعٌ سِوَاهُ *** كَالزَّكَاةِ لِنَفْعِ الْخَلْقِ لَا الْمُتَعَبِّدِ

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَفْطَرَ في بَعْضِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ وَيُكَفِّرُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبُ الآدمي وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذه هِيَ الْمَشْهُورَةُ وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن الْبَنَّا فَعَلَى هذا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ عَقِبَ الْأَيَّامِ التي أَفْطَرَ فيها وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتِمَّ بَاقِيَهُ وَيَقْضِيَ وَيُكَفِّرَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا الْحَاوِي‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الزَّرْكَشِيُّ أَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ التَّتَابُعَ في الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ هل وَجَبَ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ أو لِإِطْلَاقِ النَّذْرِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْجَمَاعَةِ وَلِهَذَا لو شَرَطَ التَّتَابُعَ بِلَفْظِهِ أو نَوَاهُ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ قَوْلًا وَاحِدًا وَمِمَّا يَنْبَنِي على ذلك أَيْضًا إذَا تَرَكَ صَوْمَ الشَّهْرِ كُلِّهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ أو يُجْزِئُهُ مُتَفَرِّقًا على الرِّوَايَتَيْنِ وَلِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا الْتِفَاتٌ إلَى ما إذَا نَوَى صَوْمَ شَهْرٍ وَأَطْلَقَ هل يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا أَمْ لَا وقد تَقَدَّمَ أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّتَابُعِ وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ هُنَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ التَّتَابُعِ كما هو الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأصحاب ثَمَّ انتهى‏.‏

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا‏:‏ لو قَيَّدَ الشَّهْرَ الْمُعَيَّنَ بِالتَّتَابُعِ فَأَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ابْتِدَاءً وَكَفَّرَ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو أَفْطَرَ في بَعْضِهِ لِعُذْرٍ بَنَى على ما مَضَى من صِيَامِهِ وَكَفَّرَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال الشَّارِحُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْهُ لَا يُكَفِّرُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِشَرْطٍ أو نِيَّةٍ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وفي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما رِوَايَتَانِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وَمَعَ عُذْرٍ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ أو يَبْنِي قال في الْفُرُوعِ فَهَلْ يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أو الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ فيه وَجْهَانِ قُلْت يَقْرَبُ من ذلك إذَا ابْتَدَأَ صَوْمَ شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ في أَثْنَاءِ شَهْرٍ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الْإِجَارَةِ وَتَقَدَّمَ إذَا فَاتَهُ رَمَضَانُ هل يَقْضِي شَهْرًا أو ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيُكَفِّرُ على كِلَا الْوَجْهَيْنِ وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ كَشَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الرَّوْضَةِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ أَفْطَرَهُ بِلَا عُذْرٍ كَفَّرَ وَهَلْ يَنْقَطِعُ فَيَسْتَأْنِفُهُ أَمْ لَا فَيَقْضِي ما تَرَكَهُ فيه رِوَايَتَانِ وَكَذَا قال في التَّبْصِرَةِ وَهَلْ يُتِمُّهُ أو يَسْتَأْنِفُهُ فيه رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُكَفِّرُ وَيَسْتَأْنِفُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ لم يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ يَعْنِي أو يَنْوِيَهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في قَوْلِهِ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ لو كانت ثَلَاثِينَ يَوْمًا وهو كَذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فيها إلَّا بِشَرْطٍ أو نِيَّةٍ كما لو قال عِشْرِينَ وَنَحْوَهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ جُزِمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وهو وَجْهٌ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فيها وَإِنْ لَزِمَهُ في غَيْرِهَا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ لو أَرَادَ التَّتَابُعَ لَقَالَ شَهْرًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا يَعْنِي غير مُعَيَّنٍ فَأَفْطَرَ لِمَرَضٍ يَعْنِي يَجِبُ معه الْفِطْرُ أو حَيْضٍ قَضَى لَا غَيْرُ هذا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَدَّمَهُ ابن منجا وَعَنْهُ يُخَيَّرُ بين أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَلَا شَيْءَ عليه وَبَيْنَ أَنْ يَبْنِيَ على صِيَامِهِ وَيُكَفِّرَ وهو الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَفْطَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ بِلَا نِزَاعٍ بِلَا كَفَّارَةٍ وَإِنْ أَفْطَرَ لِسَفَرٍ أو ما يُبِيحُ الْفِطْرَ فَعَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالزَّرْكَشِيِّ أَحَدُهُمَا لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأصحاب وَالثَّانِي يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِذَلِكَ قال ابن مُنَجَّا وَيَجِيءُ على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يُخَيَّرُ بين الِاسْتِئْنَافِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كما تَقَدَّمَ قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وأكثر الْأصحاب لِعَدَمِ تَفْرِيقِهِمْ في ذلك قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ يُفَرَّقُ بين الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فَفِي الْمَرَضِ يُخَيَّرُ وفي السَّفَرِ يَتَعَيَّنُ الِاسْتِئْنَافُ انتهى‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في قَوْلِهِ ما يُبِيحُ الْفِطْرَ الْمَرَضُ أَيْضًا لَكِنَّ مُرَادَهُ بِالْمَرَضِ هُنَا الْمَرَضُ غَيْرُ الْمَخُوفِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرَضِ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏:‏ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ الْمُوجِبُ لِلْفِطْرِ ذَكَرَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ صِيَامًا فَعَجَزَ عنه لِكِبَرٍ أو مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أُطْعِمَ عنه لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ يَعْنِي يُطْعِمُ وَلَا يُكَفِّرُ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا شَيْءَ عليه ذَكَرَهُ ابن عقِيلٍ رِوَايَةً كَغَيْرِ الصَّوْمِ قال في الْحَاوِي وهو أَصَحُّ عِنْدِي وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُطْعَمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ وَيُكَفَّرُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وهو الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه قال الْقَاضِي وهو أَصَحُّ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْمَنْصُوصُ عنه وُجُوبُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يُجْزِئُ عن كُلِّهِ فَقِيرٌ وَاحِدٌ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ كَفَّارَةٌ وفي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ يُصَامُ عنه وَسَبَقَ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه أَنَّهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثْلُ ذلك في الْحَكَمِ لو نَذَرَهُ في حَالِ عَجْزِهِ عنه قَالَهُ الْأصحاب وَقِيلَ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ نَقَلَ أبو طَالِبٍ ما كان نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أو لَا يَقْدِرُ عليه فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ عنه قال وَالْمُرَادُ وَلَا يُطِيقُهُ وَلَا شيئا منه وَإِلَّا أتى بِمَا يُطِيقُهُ منه وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي قال وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الْقَادِرُ على فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ انتهى‏.‏

فَأَمَّا إنْ نَذَرَ من لَا يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً الْحَجَّ فَإِنْ وَجَدَهُمَا بَعْدَ ذلك لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ وَإِلَّا لم يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْخِلَافِ في فِعْلِ الْوَلِيِّ عنه وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ ما فيه أَنْ يُظْهِرَ من الدِّينِ ما يَعْجِزُ عن أَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ كما لو نَذَرَ أَلْفَ حَجَّةٍ وَالصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا فإنه يَصِحُّ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ في ذلك بِرِضَاهُ انتهى‏.‏

وَقِيلَ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الْعَاجِزِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو نَذَرَ غير الصِّيَامِ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَعَجَزَ عنه فَلَيْسَ عليه إلَّا الْكَفَّارَةُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أو مَوْضِعٍ من الْحَرَمِ أو مَكَّةَ وَأَطْلَقَ لم يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ في حَجٍّ أو عُمْرَةٍ لِأَنَّهُ مشى إلَى عِبَادَةٍ وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ وَمُرَادُهُ وَمُرَادُ غَيْرِهِ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ ما لم يَنْوِ إتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ الْمَشْيِ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

فائدة‏:‏

حَيْثُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ أو غَيْرُهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاؤُهُ من مَكَانِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَوْضِعًا بِعَيْنِهِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لو نذره ‏[‏نذر‏]‏ من مَحَلِّهِ لم يحز ‏[‏يجز‏]‏ من مِيقَاتِهِ على قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ من الْأَبْعَدِ من إحْرَامِهِ أو مِيقَاتِهِ وَقِيلَ هُنَا أو من إحْرَامِهِ إلَى أَمْنِهِ فَسَادَهُ بِوَطْئِهِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ وقال أَيْضًا يَرْكَبُ في الْحَجِّ إذَا رَمَى وفي الْعُمْرَةِ إذَا سَعَى قال في التَّرْغِيبِ لَا يَرْكَبُ حتى يَأْتِيَ بِالتَّحْلِيلَيْنِ على الْأَصَحِّ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ أو مَوْضِعٍ من الْحَرَمِ لو نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى غَيْرِ الْحَرَمِ كَعَرَفَةَ وَمَوَاقِيتِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِ ذلك لم يَلْزَمْهُ ذلك وَيَكُونُ كَنَذْرِ الْمُبَاحِ وهو كَذَلِكَ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ غير حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَغَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ غير حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ وَلَزِمَهُ إتْيَانُهُ حَاجًّا أو مُعْتَمِرًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ لِعَجْزٍ أو غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وهو الْمَذْهَبُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وهو أَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَعَنْهُ عليه دَمٌ وَوُجُوبُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أو الدَّمِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ عليه ذَكَرَهَا ابن رزين وقال في الْمُغْنِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَهُمَا هل عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ أو دَمٍ وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الرُّكُوبَ في نَفْسِهِ غَيْرُ طَاعَةٍ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو أَفْسَدَ الْحَجَّ الْمَنْذُورَ مَاشِيًا وَجَبَ الْقَضَاءُ مَاشِيًا وَكَذَا إنْ فَاتَهُ الْحَجُّ سَقَطَ تَوَابِعُ الْوُقُوفِ وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَالرَّمْيِ وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَيَمْضِي في الْحَجِّ الْفَاسِدِ مَاشِيًا حتى يَحِلَّ منه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أو الْأَقْصَى لَزِمَهُ ذلك وَالصَّلَاةُ فيه قَالَهُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ بَيْتِهَا وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غير حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ ركعتين ‏[‏ركعتان‏]‏ ذَكَرَهُ في الْوَاضِحِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لو نَذَرَ إتْيَانَ مَسْجِدٍ سِوَى الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لم يَلْزَمْهُ إتْيَانُهُ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فيه لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ دُونَ الْمَشْيِ فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ صلى أَجْزَأَهُ قَالَا وَلَا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَإِنْ نَذَرَ رَقَبَةً فَهِيَ التي تُجْزِئُ عن الْوَاجِبِ على ما تَقَدَّمَ تَبْيِينُهُ في كِتَابِ الظِّهَارِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا فَيُجْزِئَهُ ما عَيَّنَهُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو مَاتَ الْمَنْذُورُ قبل أَنْ يُعْتِقَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ عَبْدٍ نَصَّ على ذلك وَقَالَهُ وقال الْأصحاب وَلَوْ أُتْلِفَ الْعَبْدُ الْمَنْذُورُ عِتْقُهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَصْرِفُهَا إلَى الرِّقَابِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ على أَرْبَعٍ طَافَ طَوَافَيْنِ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا بَدَلٌ وَاجِبٌ وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ على رِجْلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ على يَدَيْهِ وفي الْكَفَّارَةِ على هذه الرِّوَايَةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِنَاءً على ما تَقَدَّمَ وَقَالَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِإِخْلَالِهِ بِصِفَةِ نَذْرِهِ وَإِنْ كان غير مَشْرُوعٍ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ في الْحُكْمِ لو نَذَرَ السَّعْيَ على الْأَرْبَعِ ذَكَرَهُ في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا لو نَذَرَ طَاعَةً على وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عنه كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أو الْحَجَّ حَافِيًا حَاسِرًا أو نَذَرَتْ الْمَرْأَةُ الْحَجَّ حَاسِرَةً وَفَاءً بِالطَّاعَةِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ على الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وفي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ قبل ذلك قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنْ قال حَافِيًا حَاسِرًا كَفَّرَ ولم يَفْعَلْ الصِّفَةَ وَقِيلَ يَمْشِي مُنْذُ أَحْرَمَ انتهى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو نَذَرَ الطَّوَافَ فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وَلَوْ نَذَرَ صَوْمًا فَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً لم يُجْزِئْهُ أَقَلُّ من رَكْعَتَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ لو نَذَرَ الْحَجَّ الْعَامَ فلم يَحُجَّ ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى في الْعَامِ الثَّانِي فَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِقُوَّتِهَا وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الْأُولَى‏:‏ وفي المنذور ‏[‏المعذور‏]‏ الْخِلَافُ انتهى‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ‏}‏ وَلِأَنَّهُ في مَعْنَى الْهِبَةِ قبل الْقَبْضِ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَاخْتَارَهُ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ من تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عن عِوَضِ الْمُتْلَفِ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ قال بِخَلْفِ الْمَوَاعِيدِ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ وَتَقَدَّمَ الْخُلْفُ بِالْعَهْدِ في أَوَّلِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ الْخَامِسَةُ لم يَزَلْ الْعُلَمَاءُ يَسْتَدِلُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ على الِاسْتِثْنَاءِ وفي الدَّلَالَةِ بها غُمُوضٌ فَلِهَذَا قال الْقَرَافِيُّ في قَوَاعِدِهِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ على الِاسْتِدْلَالِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ‏}‏ وَوَجْهُ الدَّلِيلِ منه في غَايَةِ الْإِشْكَالِ فإن إلَّا لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ وأن الْمَفْتُوحَةَ لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيقِ فما بَقِيَ في الْآيَةِ شَيْءٌ يَدُلُّ على التَّعْلِيقِ مُطَابَقَةً وَلَا الْتِزَامًا فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِشَيْءٍ لَا يَدُلُّ على ذلك وَطُولُ الْأَيَّامِ يُحَاوِلُونَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا يَكَادُ يُتَفَطَّنُ لِوَجْهِ الدَّلِيلِ منها وَلَيْسَ فيها إلَّا الِاسْتِثْنَاءُ وأن النَّاصِبَةُ لَا الشَّرْطِيَّةُ وَلَا يَفْطِنُونَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ من أَيِّ شَيْءٍ هو وما هو الْمُسْتَثْنَى منه فَتَأَمَّلْهُ فَهُوَ في غَايَةِ الْإِشْكَالِ وهو أَصْلٌ في اشْتِرَاطِ الْمَشِيئَةِ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْأَفْعَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّا نَقُولُ هذا اسْتِثْنَاءٌ من الْأَحْوَالِ وَالْمُسْتَثْنَى حَالَةٌ من الْأَحْوَالِ وَهِيَ مَحْذُوفَةٌ قبل أَنْ النَّاصِبَةِ وَعَامِلَةٌ فيها أَعْنِي الْحَالُ عَامِلَةٌ في أَنْ النَّاصِبَةِ وَتَقْرِيرُهُ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذلك غَدًا في حَالَةٍ من الْأَحْوَالِ إلَّا مُعَلَّقًا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ثُمَّ حُذِفَتْ مُعَلَّقًا وَالْبَاءُ من أَنْ فَيَكُونُ النَّهْيُ الْمُتَقَدِّمُ مع إلَّا الْمُتَأَخِّرَةِ قد حَصَرَتْ الْقَوْلَ في هذه الْحَالِ دُونَ سَائِرِ الْأَحْوَالِ فَتَخْتَصُّ هذه الْحَالُ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرُهَا بِالتَّحْرِيمِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ شَيْءٌ هُنَاكَ يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ إلَّا هذه فَتَكُونُ وَاجِبَةً فَهَذَا مُدْرَكُ الْوُجُوبِ وَأَمَّا مُدْرَكُ التَّعْلِيقِ فَهُوَ قَوْلُنَا مُعَلَّقًا فإنه يَدُلُّ على أَنَّهُ تَعْلِيقٌ في تِلْكَ الْحَالَةِ كما إذَا قال لَا تَخْرُجُ إلَّا ضَاحِكًا فإنه يُفِيدُ الْأَمْرَ بِالضَّحِكِ لِلْخُرُوجِ وَانْتَظَمَ مُعَلَّقًا مع أَنْ بِالْبَاءِ الْمَحْذُوفَةِ وَاتُّجِهَ الْأَمْرُ بِالتَّعْلِيقِ على الْمَشِيئَةِ من هذه الصِّيغَةِ عِنْدَ الْوَعْدِ بِالْأَفْعَالِ انتهى‏.‏