فصل: كِتَابُ: الأَيْمان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


كِتَابُ‏:‏ الأَيْمان

فائدة‏:‏

الْحَلِفُ على الْمُسْتَقْبَلِ إرَادَةُ تَحْقِيقِ خَبَرٍ في الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ بِقَوْلٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَثُّ على فِعْلِ الْمُمْكِنِ أو تَرْكِهِ وَالْحَلِفُ على الْمَاضِي اما بَرٌّ وهو الصَّادِقُ أو غَمُوسٌ وهو الْكَاذِبُ أو لَغْوٌ قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وهو مالا اجر له فيه وَلَا اثم عليه وَلَا كَفَّارَةَ وَقِيلَ الْيَمِينُ جمله خَبَرِيَّةٌ تُؤَكَّدُ بها أُخْرَى خَبَرِيَّةٌ وَهُمَا كَشَرْطٍ وَجَزَاءٍ وياتي ذلك في الْفَصْلِ الثَّانِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْيَمِينُ التي تَجِبُ بها الْكَفَّارَةُ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أو صفه من صِفَاتِهِ كَوَجْهِ اللَّهِ نَصَّ عليه وَعَظَمَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ فَتَنْعَقِدُ بِذَلِكَ الْيَمِينُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ نَوَى مَقْدُورَهُ أو معلومة أو مُرَادَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عنه وَقِيلَ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ اذا نَوَى بِقُدْرَةِ اللَّهِ مقدورة وَبِعِلْمِ اللَّهِ معلومة وَبِإِرَادَةِ اللَّهِ مُرَادَهُ وياتي ايضا ذلك قَرِيبًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي ما يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ واطلاقه يَنْصَرِفُ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْعَظِيمِ وَالْقَادِرِ وَالرَّبِّ وَالْمَوْلَى وَالرَّازِقِ وَنَحْوِهِ فَهَذَا إنْ نَوَى بِالْقَسَمِ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أو أَطْلَقَ فَهُوَ يَمِينٌ وان نَوَى غَيْرَهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ هذا الذي ذَكَرَهُ في الرحمن من انه يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ وانه ان نَوَى بِهِ غَيْرَهُ ليس بِيَمِينٍ اخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الرَّحْمَنَ من أَسْمَاءِ اللَّهِ الْخَاصَّةِ بِهِ التي لَا يُسَمَّى بها غَيْرُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا اولى قال في الْفُرُوعِ والرحمن يَمِينٌ مُطْلَقًا على الاصح قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ واما الرَّبُّ والخالق والرازق ‏[‏الخالق‏]‏ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ ما قَالَهُ الْمُصَنِّفُ من أنها من الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَنَّهُ إذَا نَوَى بها الْقَسَمَ وَأَطْلَقَ انْعَقَدَتْ بِهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ جَزَمَ بِهِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْوَجِيزِ والحاوى في الرَّبِّ والرازق وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ في الرَّبِّ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في الرَّبِّ وَالرَّازِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في الْجَمِيعِ وَخَرَّجَهَا في التَّعْلِيقِ على رِوَايَةِ أُقْسِمُ وقال طَلْحَةُ العاقولى إنْ أتى بِذَلِكَ مُعَرَّفًا نَحْوُ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ كان يَمِينًا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ في التَّعْرِيفِ إلَّا في اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يَمِينٌ مُطْلَقًا قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَأَمَّا ما لَا يُعَدُّ من أَسْمَائِهِ كَالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَكَذَا الحى وَالْوَاحِدُ وَالْكَرِيمُ فَإِنْ لم يَنْوِ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى فَلَيْسَ بِيَمِينٍ وان نَوَاهُ كان يَمِينًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي وابن الْبَنَّا لَا يَكُونُ يَمِينًا أَيْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قال وَحَقِّ اللَّهِ وَعَهْدِ اللَّهِ وإيم اللَّهِ وَأَمَانَةِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ وَعِزَّتِهِ وَنَحْوِهِ كَإِرَادَتِهِ وَعِلْمِهِ وَجَبَرُوتِهِ فَهِيَ يَمِينٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ في اَيْمُ اللَّهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ جَمِيعُ الأصحاب في غَيْرِ إيم اللَّهِ وقدرته وَجُمْهُورُهُمْ قَطَعَ بِهِ في غَيْرِ إيم اللَّهِ وَعَنْهُ لَا يَكُونُ إيم اللَّهِ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَقِيلَ إنْ نَوَى بِقُدْرَتِهِ مَقْدُورَهُ وَبِعِلْمِهِ معلومة وبارادته مُرَادَهُ لم يَكُنْ يَمِينًا كما تَقَدَّمَ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمَنْصُوصُ خِلَافُهُ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ في قَوْلِهِ على عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَمِينٌ مُطْلَقًا‏.‏

فائدة‏:‏

يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ جَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ رَوَاهُ أبو دَاوُد قال الزَّرْكَشِيُّ قُلْت وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثَرِ وَالْحَدِيثِ التَّحْرِيمُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قال وَالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ وَسَائِرِ ذلك كَالْأَمَانَةِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْجَلَالِ وَالْعِزَّةِ ولم يُضِفْهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لم يَكُنْ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ صفة ‏[‏بصفة‏]‏ اللَّهِ تَعَالَى إذَا نَوَى بِذَلِكَ صِفَتَهُ تَعَالَى كان يَمِينًا قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ أَطْلَقَ لم يَكُنْ يَمِينًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا نَوَى اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قوله وَإِنْ قال لعمرو ‏[‏لعمر‏]‏ اللَّهِ كان يَمِينًا وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وقال أبو بَكْرٍ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ أو بِالْمُصْحَفِ أو بِالْقُرْآنِ فَهِيَ يَمِينٌ فيها كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَا لو حَلَفَ بِسُورَةٍ منه أو آيَةٍ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب قال الْمُصَنِّفُ هذا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ عليه بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ وهو الذي ذَكَرَهُ الخرقى قال في الْفُرُوعِ وَمَنْصُوصُهُ بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ إنْ قَدَرَ قال الزَّرْكَشِيُّ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ وَغَيْرِهِ وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ على الِاسْتِحْبَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِلْوُجُوبِ أَقْرَبُ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ لِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ الْعَجْزِ انتهى‏.‏

وَعَنْهُ عليه بِكُلِّ آيَةٍ كَفَّارَةٌ وَإِنْ لم يَقْدِرْ وَذَكَرَ في الْفُصُولِ وَجْهًا عليه بِكُلِّ حَرْفٍ كَفَّارَةٌ وقال في الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا حَلَفَ بِالْمُصْحَفِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

فائدة‏:‏

قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ لو حَلَفَ بِالتَّوْرَاةِ والانجيل وَنَحْوِهِمَا من كُتُبِ اللَّهِ فَلَا نَقْلَ فيها وَالظَّاهِرُ أنها يَمِينٌ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قال أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أو أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أو أُقْسِمُ بِاَللَّهِ كان يَمِينًا هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والكافى والمغنى ‏[‏والمنور‏]‏ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَعَنْهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال حَلَفْت بِاَللَّهِ أو أَقْسَمْت بِاَللَّهِ أو آلَيْت بِاَللَّهِ أو شَهِدْت بِاَللَّهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ أو أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أو أَشْهَدُ بِاَللَّهِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لَكِنْ لو قال نَوَيْت بِ أَقْسَمْت بِاَللَّهِ الْخَبَرَ عن قَسَمٍ مَاضٍ أو ب ‏[‏بأقسم‏]‏ أقسم ‏[‏الخبر‏]‏ الخير عن قَسَمٍ يَأْتِي دِينَ وَيُقْبَلُ في الْحُكْمِ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو الصَّحِيحُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قال أَعْزِمُ بِاَللَّهِ كان يَمِينًا وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قال في الْفُرُوعِ قال جَمَاعَةٌ وَالْعَزْمُ وهو الْمَذْهَبُ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وتذكره ابن عبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ هو قَوْلُ الْجُمْهُورِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَذَكَرَ أبو بَكْرٍ في قَوْلِهِ أَعْزِمُ بِاَللَّهِ ليس بِيَمِينٍ مع الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لم يَثْبُتْ له عُرْفُ الشَّرْعِ وَلَا الِاسْتِعْمَالُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ غَيْرُ يَمِينٍ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اقصد بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ لم يذكر اسْمَ اللَّهِ يعنى فِيمَا تَقَدَّمَ كَقَوْلِهِ أَحْلِفُ أو أَشْهَدُ أو أُقْسِمُ أو حَلَفْت أو أَقْسَمْت أو شَهِدْت لم يَكُنْ يَمِينًا إلَّا إذَا لم يذكر اسْمَ اللَّهِ وَنَوَى بِهِ الْيَمِينَ كان يَمِينًا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ لم يَنْوِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يَكُونُ يَمِينًا نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الخرقى وأبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأصحاب الشَّرِيفُ وابو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والكافى وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَزَمْت وأعزم ليس يَمِينًا وَلَوْ نَوَى لانه لَا شَرْعٌ وَلَا لُغَةٌ وَلَا فيه دَلَالَةٌ عليه وَلَوْ نَوَى قال ابن عَقِيلٍ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ فيها الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ أَكْثَرُهُمْ لم يذكر ذلك

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو قال قَسَمًا بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كان يَمِينًا وَتَقْدِيرُهُ أَقْسَمْت قَسَمًا بِاَللَّهِ وَكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أَلِيَّةً بِاَللَّهِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك وَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا قال عَلَيَّ يَمِينٌ أو نَذْرٌ هل يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو قال آلَيْت بِاَللَّهِ أو آلَى بِاَللَّهِ أو الية بِاَللَّهِ أو حَلِفًا بِاَللَّهِ أو قَسَمًا بِاَللَّهِ فَهُوَ حَلِفٌ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ أو أطلق كما لو قال اقسم بِاَللَّهِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ ذلك في تَفْصِيلِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَحُرُوفُ الْقَسَمِ الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ فَالْبَاءُ يَلِيهَا مُظْهَرٌ وَمُضْمَرٌ وَالْوَاوُ يَلِيهَا مُظْهَرٌ فَقَطْ وَالتَّاءُ في اللَّهِ خَاصَّةً على ما ياتي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هذه حُرُوفُ الْقَسَمِ لَا غَيْرُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ هَا اللَّهِ حَرْفُ قَسَمٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها يَمِينٌ بِالنِّيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالتَّاءُ في اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً بِلَا نِزَاعٍ وهو يَمِينٌ مُطْلَقًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأصحاب وفي المغنى احْتِمَالٌ في تَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ يُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ بِنِيَّةِ أَنَّ قِيَامَهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَثِقُ ثُمَّ ابْتَدَأَ لَأَفْعَلَنَّ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ بَاطِنًا قال في الْفُرُوعِ وهو كَطَلَاقٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حُرُوفِ الْقَسَمِ فيقول اللَّهِ لافعلن بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ قال اللَّهُ لَأَفْعَلَنَّ مَرْفُوعًا كان يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ من أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا ينوى بِهِ الْيَمِينَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وقال في الْفُرُوعِ فان نَصَبَهُ بِوَاوٍ أو رَفَعَهُ مَعَهَا أو دُونَهَا فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَهَا عربى وَقِيلَ أو عَامِّيٌّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ مع رَفْعِهِ وقال الْقَاضِي في الْقَسَامَةِ وَلَوْ تَعَمَّدَهُ لم يَضُرَّ لانه لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الاحكام تَتَعَلَّقُ بِمَا اراده الناس بالالفاظ الْمَلْحُونَةِ كَقَوْلِهِ حَلَفْت بِاَللَّهِ رَفْعًا أو نَصْبًا وَاَللَّهِ باصوم وباصلى وَنَحْوِهِ وَكَقَوْلِ الْكَافِرِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الثَّانِي وأوصيت لِزَيْدًا بِمِائَةٍ وأعتقت سَالِمٌ وَنَحْوِ ذلك وهو الصَّوَابُ وقال أَيْضًا من رَامَ جَعْلَ جَمِيعِ الناس في لَفْظٍ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَةِ قَوْمٍ بِعَيْنِهِمْ فَقَدْ رَامَ ما لَا يُمْكِنُ عَقْلًا وَلَا يَصْلُحُ شَرْعًا‏.‏

فائدة‏:‏

يُجَابُ فى الْإِيجَابِ بإن خَفِيفَةٍ وَثَقِيلَةٍ وَبِاللَّامِ وبنونى التَّوْكِيدِ الْمُخَفَّفَةِ وَالْمُثْقَلَةِ وَبِقَدْ والنفى بِمَا وإن في مَعْنَاهَا وبلا وَتُحْذَفُ لَا لَفْظًا وَنَحْوِ وَاَللَّهِ افعل وَغَالِبُ الْجَوَابَاتِ وَرَدَتْ في الْكِتَابِ الْعَزِيزِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُكْرَهُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ أبو عَلِيٍّ وابن الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَعَنْهُ يَجُوزُ ذَكَرَهَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَذَكَرَهَا في الشَّرْحِ قَوْلًا‏.‏

فائدة‏:‏

تَنْقَسِمُ الْأَيْمَانُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَهِيَ أَحْكَامُ التَّكْلِيفِ كَالطَّلَاقِ على ما تَقَدَّمَ أَحَدُهَا وَاجِبٌ كَاَلَّذِي ينجى بها انسانا مَعْصُومًا من هلكه وَكَذَا إنْجَاءُ نَفْسِهِ مِثْلُ الذي تتوجه ‏[‏يوجه‏]‏ عليه أَيْمَانُ القسامه في دَعْوَى الْقَتْلِ علية وهو بَرِيءٌ ونحوة الثَّانِي مَنْدُوبٌ وهو الذي تَتَعَلَّقُ بِهِ مصلحه من الْإِصْلَاحِ بين الْمُتَخَاصِمَيْنِ أو إزاله حِقْدٍ من قَلْبِ مُسْلِمٍ عن الْحَالِفِ أو غَيْرِهِ أو دَفْعِ شَرٍّ فَإِنْ حَلَفَ على فِعْلِ طاعه أو تَرْكِ مَعْصِيَةٍ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَشَارِحِ الْوَجِيزِ أَحَدُهُمَا ليس بِمَنْدُوبٍ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ شَارِحِ الْوَجِيزِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَنْدُوبٌ اختارة بَعْضُ الْأصحاب وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ الثَّالِثُ مُبَاحٌ كَالْحَلِفِ على فِعْلِ مُبَاحٍ أو تَرْكِ مُبَاحٍ وَالْحَلِفِ على الْخَبَرِ بِشَيْءٍ هو صَادِقٌ فيه أو يَظُنُّ أَنَّهُ صَادِقٌ الرَّابِعُ مَكْرُوهٌ وهو الْحَلِفُ على مكروة أو تَرْكِ مَنْدُوبٍ وَيَأْتِي حَلِفُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ الْخَامِسُ مُحَرَّمٌ وهو الْحَلِفُ كَاذِبًا عَالِمًا وَمِنْهُ الْحَلِفُ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ أو تَرْكِ وَاجِبٍ قولة وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْيَمِينِ بِهِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ مِثْلُ قولة وَمَعْلُومِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ ورزقه وبيته ‏[‏رزقه‏]‏ أو لم يُضِفْهُ مِثْلُ وَالْكَعْبَةِ وَأَبِي‏.‏

اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كانت بِغَيْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ علية وسلم وعلية جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الْحَلِفُ بِخَلْقِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ يَمِينٌ فَنِيَّةُ مَخْلُوقِهِ وَمَرْزُوقِهِ كمقدورة على ما تَقَدَّمَ وَالْتَزَمَ ابن عقِيلٍ أَنَّ مَعْلُومَ اللَّهِ يَمِينٌ لِدُخُولِ صِفَاتِهِ وَأَمَّا الْحَلِفُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وهو اخْتِيَارُهُ واختارة أَيْضًا الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال أصحابنَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْحَلِفِ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ وروى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ مِثْلُهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَحَمَلَ الْمُصَنِّفُ ما روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على الِاسْتِحْبَابِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ خَاصَّةً إن الْحَلِفَ بِغَيْرِهِ من الْأَنْبِيَاءِ لَا تَجِبُ بِهِ الْكَفَّارَةُ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَالْتَزَمَ ابن عقِيلٍ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ بِكُلِّ نبى قُلْت وهو قَوِيٌّ في الْإِلْحَاقِ‏.‏

فائدة‏:‏

نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على كَرَاهَةِ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وفي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال وَيُعَزَّرُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا في مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ وَلَا يُكْرَهُ قال وهو قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ من أصحابنَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً وَهِيَ الْيَمِينُ التي يُمْكِنُ فيها الْبِرُّ وَالْحِنْثُ وَذَلِكَ الْحَلِفُ على مُسْتَقْبَلٍ مُمْكِنٍ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك في الْجُمْلَةِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ النَّائِمِ وَالطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمْ وفي مَعْنَاهُمْ السَّكْرَانُ وَحَكَى الْمُصَنِّفُ فيه قَوْلَيْنِ وَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ الصَّبِيِّ قبل الْبُلُوغِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ انْعِقَادُهَا من مُمَيِّزٍ وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُكْرَهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ حَنِثَ في كُفْرِهِ وَقَوْلُهُ فَأَمَّا الْيَمِينُ على الماضى فَلَيْسَتْ مُنْعَقِدَةً وَهِيَ نَوْعَانِ يَمِينُ الْغَمُوسِ وهى التى يَحْلِفُ بها كَاذِبًا عَالِمًا بِكَذِبِهِ يَمِينُ الْغَمُوسِ لَا تَنْعَقِدُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا كَفَّارَةَ فيها قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قال الزركشى وَعَلَيْهِ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ فيها الْكَفَّارَةُ وَيَأْثَمُ كما يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ قَالَهُ الأصحاب فَيُكَفِّرُ كَاذِبٌ في لِعَانِهِ ذَكَرَهُ في الِانْتِصَارِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ على مُسْتَحِيلٍ كَقَتْلِ الْمَيِّتِ واحيائه وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه‏.‏

اعْلَمْ انه اذا عَلَّقَ الْيَمِينَ على مُسْتَحِيلٍ فَلَا يخلوا ‏[‏يخلو‏]‏ اما ان يُعَلِّقَهَا بِفِعْلِهِ أو يُعَلِّقَهَا بِعَدَمِ فِعْلِهِ فَإِنْ عَلَّقَهَا بِفِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ سَوَاءٌ كان مُسْتَحِيلًا لِذَاتِهِ أو في الْعَادَةِ مِثْلُ ان يَقُولَ وَاَللَّهِ ان طِرْت أو لَا طِرْت أو صَعِدْت السَّمَاءَ أو شَاءَ الْمَيِّتُ أو قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا أو جَمَعْت بين الضِّدَّيْنِ أو رَدَدْت امس أو شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه وَنَحْوَهُ فقال في الْفُرُوعِ هذا لَغْوٌ وَقَطَعَ بِهِ ذَكَرَهُ في الطَّلَاقِ فى الماضى وَالْمُسْتَقْبَلِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ وان عَلَّقَ يَمِينَهُ على عَدَمِ فِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ سَوَاءٌ كان مُسْتَحِيلًا لِذَاتِهِ أو في الْعَادَةِ نَحْوُ وَاَللَّهِ لاصعدن السَّمَاءَ أو ان لم اصعد أو لَا شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه أو ان لم اشربه أو لاقتلنه فاذا هو مَيِّتٌ عَلِمَهُ أو لم يَعْلَمْ وَنَحْوَ ذلك فَفِيهِ طَرِيقَانِ احدهما فيه ثَلَاثَةُ اوجه كَالْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ على ذلك احدها وهو الصَّحِيحُ منها تَنْعَقِدُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى ذَكَرُوهُ في تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ وَالثَّانِي لَا تَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ عليه وَالثَّالِثُ لَا تَنْعَقِدُ في الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ وَلَا كَفَّارَةَ عليه فيه وَتَنْعَقِدُ في الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً في آخِرِ حَيَاتِهِ وَقِيلَ ان وَقَّتَهُ فَفِي آخِرِ وَقْتِهِ ذَكَرَهُ ابو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا في الطَّلَاقِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي لَا كَفَّارَةَ عليه بِذَلِكَ مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَأَطْلَقَ الطَّرِيقِينَ في الْفُرُوعِ في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى ان حُكْمَ الْيَمِينِ بِذَلِكَ حُكْمُ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ الطَّلَاقِ في الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا كَقَتْلِ الْمَيِّتِ واحيائه وَشُرْبِ مَاءِ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فيه قال ابو الْخَطَّابِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَلَا تَجِبُ بها كَفَّارَةٌ وقال الْقَاضِي تَنْعَقِدُ مُوجِبَةً لِلْكَفَّارَةِ في الْحَالِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً كَصُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ وَقَطْعِ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ في الْمُدَّةِ الْقَلِيلَةِ اذا حَلَفَ على فِعْلِهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابو الْخَطَّابِ وَاقْتَصَرَا عليه انْتَهَيَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالثَّانِي لَغْوُ الْيَمِينِ وهو ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ فَلَا كَفَّارَةَ فيها هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ فيه الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ من لَغْوِ الْيَمِينِ على ما يَأْتِي‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وان عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ على مُسْتَقْبَلٍ وَفَعَلَهُ نَاسِيًا قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية قال جَمَاعَةٌ من أصحابنا مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ في غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ اما الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَيَحْنَثُ جَزْمًا وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْخِلَافُ في مَذْهَبِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَمِيعِ وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ فِيمَا اذا عَقَدَهَا يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ بِحِنْثِهِ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا ذُهُولٌ لان ابا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ يُحَنِّثَانِ الناسى وَلَا يُحَنِّثَانِ هذا لان تِلْكَ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ وَهَذِهِ لم تَنْعَقِدْ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ فَيَدْخُلُ في ذلك الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالْيَمِينُ الْمُكَفَّرَةُ وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ فِيمَا اذا حَلَفَ على شَيْءٍ وَفَعَلَهُ نَاسِيًا ان الْمَذْهَبَ الْحِنْثُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَعَدَمُهُ في غَيْرِهِمَا فَكَذَا هُنَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه اذا حَلَفَ يَظُنُّ صِدْقَ نَفْسِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ يَحْنَثُ في طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَلَا يَحْنَثُ في غَيْرِهِمَا وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِحِنْثِهِ هُنَا في طَلَاقٍ وَعِتْقٍ زَادَ في التَّبْصِرَةِ مثله في الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا وَكُلُّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ حتى عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَهَلْ فِيهِمَا لَغْوٌ على قَوْلَيْنِ في مَذْهَبِ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُ ما سَبَقَ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن قَوْلِ من قَطَعَ بِحِنْثِهِ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ هُنَا هو ذُهُولٌ بَلْ فيه الرِّوَايَتَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ ذلك ‏[‏لمذهب‏]‏ اذا عقد اليمين في زمن ماض على الصحيح من المذهب وَعَلَيْهِ الأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا لو عَقَدَهَا في زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَهُ فلم يَكُنْ كَمَنْ حَلَفَ على غَيْرِهِ يَظُنُّ انه يُطِيعُهُ فلم يَفْعَلْ أو ظَنَّ الْمَحْلُوفُ عليه خِلَافَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَنَحْوَ ذلك وقال ان الْمَسْأَلَةَ على رِوَايَتَيْنِ كَمَنْ ظَنَّ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَتَعَارَضُ فيه التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ وَالْقَصْدُ فَلَوْ كانت يَمِينُهُ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ ثُمَّ قال أَنْتِ طَالِقٌ مقرى بها أو مُؤَكِّدًا له لم يَقَعْ وان كان مُنْشِئًا فَقَدْ اوقعه بِمَنْ يَظُنُّهَا اجنبية فَفِيهَا الْخِلَافُ انتهى‏.‏

وَمِثْلُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ بِحَلِفِهِ ان الْمُسْتَقْبَلَ زيدا ‏[‏زيد‏]‏ وما كان كَذَا وكان كَذَا فَكَمَنْ فَعَلَ مُسْتَقْبَلًا نَاسِيًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي ان يَحْلِفَ مُخْتَارًا فان حَلَفَ مُكْرَهًا لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الادمى قال النَّاظِمُ هذا الْمَنْصُورُ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ تَنْعَقِدُ ذَكَرَهَا ابو الْخَطَّابِ نَقَلَهُ عنه الشَّارِحُ وقال في الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ لو اكره على الْحَلِفِ بِيَمِينٍ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَحَلَفَ دَفْعًا لِلظُّلْمِ عنه لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ وَلَوْ اكره على الْحَلِفِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ عن غَيْرِهِ فَحَلَفَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمَذْهَبِ وفي الْفَتَاوَى الرَّجَبِيَّاتِ عِنْدَ ابى الْخَطَّابِ لَا تَنْعَقِدُ وهو الاظهر انتهى‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان سَبَقَتْ الْيَمِينُ على لِسَانِهِ من غَيْرِ قَصْدٍ اليها كَقَوْلِهِ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في عَرْضِ حَدِيثِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عليه هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اكثر الأصحاب قال في الْفُرُوعِ فَلَا كَفَّارَةَ على الاصح وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالنَّظْمِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَلَا كَفَّارَةَ في الاشهر وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ في الْمَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَلَا كَفَّارَةَ في الاشهر وفي الْمُسْتَقْبَلِ رِوَايَتَانِ وقال في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ لَا كَفَّارَةَ فيه ان كان في الْمَاضِي وان كان في الْمُسْتَقْبَلِ فَرِوَايَتَانِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان هذا ليس من لَغْوِ الْيَمِينِ بَلْ لَغْوُ الْيَمِينِ ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ كما قَالَهُ قبل ذلك وهو احدى الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ ان هذا لَغْوُ الْيَمِينِ فَقَطْ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُمْدَةِ مع ان كَلَامَهُ يَحْتَمِلُ ان يَشْمَلَ الشَّيْئَيْنِ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَقِيلَ كِلَاهُمَا لَغْوُ الْيَمِينِ وَقَطَعَ الشَّارِحُ ان قَوْلَهُ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في عَرْضِ حَدِيثِهِ من غَيْرِ قَصْدٍ من لَغْوِ الْيَمِينِ وَقَدَّمَ فِيمَا اذا حَلَفَ على شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ انه من لَغْوِ الْيَمِينِ ايضا قال الزَّرْكَشِيُّ الخرقى يَجْعَلُ لَغْوَ الْيَمِينِ شَيْئَيْنِ احدهما ان لَا يَقْصِدَ عَقْدَ الْيَمِينِ كَقَوْلِهِ لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ وَسَوَاءٌ كان في الْمَاضِي أو الْمُسْتَقْبَلِ وَالثَّانِي ان يَحْلِفَ على شَيْءٍ فَيَبِينَ بِخِلَافِهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ بن ابى مُوسَى وَغَيْرِهِ وَهِيَ في الْجُمْلَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالْقَاضِي يَجْعَلُ الْمَاضِيَ لَغْوًا قَوْلًا وَاحِدًا وفي سَبْقِ اللِّسَانِ في الْمُسْتَقْبَلِ رِوَايَتَيْنِ وابو مُحَمَّدٍ عَكْسُهُ فَجَعَلَ سَبْقَ اللِّسَانِ لَغْوًا قَوْلًا وَاحِدًا وفي الْمَاضِي رِوَايَتَانِ وَمِنْ الأصحاب من يَحْكِي رِوَايَتَيْنِ في الصُّورَتَيْنِ وَيَجْعَلُ اللَّغْوَ في احدى الرِّوَايَتَيْنِ هذا دُونَ هذا وفي الاخرى عَكْسُهُ وَجَمَعَ ابو الْبَرَكَاتِ بين طَرِيقَتَيْ الْقَاضِي وابى مُحَمَّدٍ فَحَكَى في الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ فاذا سَبَقَ على لِسَانِهِ في الْمَاضِي لَا وَاَللَّهِ وبلى وَاَللَّهِ في الْيَمِينِ مُعْتَقِدًا ان الامر كما حَلَفَ عليه فَهُوَ لَغْوٌ اتِّفَاقًا وان سَبَقَ على لِسَانِهِ الْيَمِينُ في الْمُسْتَقْبَلِ أو تَعَمَّدَ الْيَمِينَ على أَمْرٍ يَظُنُّهُ كما حَلَفَ عليه فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ كِلَاهُمَا لَغْوٌ وهو الْمَذْهَبُ الْحِنْثُ في الْمَاضِي دُونَ ما سَبَقَ على لِسَانِهِ وَعَكْسُهُ وقد تَلَخَّصَ في الْمَسْأَلَةِ خَمْسُ طُرُقٍ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا في الْجُمْلَةِ قَوْلُ الخرقى انتهى‏.‏

تنبيه‏:‏

شَمِلَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّالِثُ الْحِنْثُ في يَمِينِهِ بان يَفْعَلَ ما حَلَفَ على تَرْكِهِ أو يَتْرُكَ ما حَلَفَ على فِعْلِهِ مُخْتَارًا ذَاكِرًا ما لو كان فِعْلُهُ مَعْصِيَةً أو غَيْرَهَا فَلَوْ حَلَفَ على فِعْلِ مَعْصِيَةٍ فلم يَفْعَلْهَا فعلية الْكَفَّارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وعلية جَمَاهِيرُ الأصحاب قال الزركشى هذا قَوْلُ الْعَامَّةِ وَقِيلَ لَا كَفَّارَةَ في ذلك وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وان حَلَفَ على يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا منها تَحْرِيمُ فِعْلِهِ وانه لَا كَفَّارَةَ مع فِعْلِهِ على الصَّحِيحِ وَفُرُوعٌ اخر‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان فَعَلَهُ مُكْرَهًا أو نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عليه اذا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شيئا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الاكثر وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ اضافة الْفِعْلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الناسى وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال النَّاظِمُ هذا الْمَنْصُورُ وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ وَقِيلَ هو كالناسى وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا قال في الْمُحَرَّرِ وَيَتَخَرَّجُ ان لَا يَحْنَثَ الا في الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وقال الشَّارِحُ وَالْمُكْرَهُ على الْفِعْلِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ احدهما ان يُلْجَأَ إلَيْهِ مِثْلُ من حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا أو لَا يَخْرُجُ منها فَأُخْرِجَ مَحْمُولًا ولم يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ فَلَا يَحْنَثُ الثَّانِي ان يُكْرَهَ بِالضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ فقال أبو الْخَطَّابِ فيه رِوَايَتَانِ كالناسى انتهى‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ في الْمُكْرَهِ بِغَيْرِ الالجاء رِوَايَتَانِ وَاَلَّذِي نَصَرَهُ ابو مُحَمَّدٍ عَدَمُ الْحِنْثِ وان كان الاكراه بِالْإِلْجَاءِ لم يَحْنَثْ اذا لم يَقْدِرْ على الِامْتِنَاعِ وان قَدَرَ فَوَجْهَانِ الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ واما اذا فَعَلَهُ نَاسِيًا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه لَا كَفَّارَةَ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْهِدَايَةِ اخْتَارَهُ اكثر شُيُوخِنَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَهُ الْمُذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ عليه الْكَفَّارَةُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَنْهُ لَا حِنْثَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا اظهر وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وهو في الارشاد عن بَعْضِ أصحابنا وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ ذَكَرَهُ في اول كِتَابِ الأيمان وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال ان رُوَاتَهَا بِقَدْرِ رِوَايَةِ التَّفَرُّقِ وان هذا يَدُلُّ ان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلِّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية على هذه الرِّوَايَةِ قال الأصحاب يَمِينُهُ بَاقِيَةٌ بِحَالِهَا وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في آخِرِ بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ الْجَاهِلِ الْمَحْلُوفِ عليه حُكْمُ الناسى على ما تَقَدَّمَ وَالْفَاعِلُ في حال ‏[‏حالة‏]‏ الْجُنُونِ قِيلَ كالناسى وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ حِنْثِهِ مُطْلَقًا قال الزركشى وهو الْأَصَحُّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَلَفَ فقال ان شَاءَ اللَّهُ لم يَحْنَثْ فَعَلَ أو تَرَكَ اذا كان مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ يعنى بِذَلِكَ في الْيَمِينِ الْمُكَفَّرَةِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَالنَّذْرِ وَالظِّهَارِ وَنَحْوِهِ لَا غَيْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الخرقى وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ واصول ابن مُفْلِحٍ وقال عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وقال وَيُشْتَرَطُ الِاتِّصَالُ لَفْظًا أو حُكْمًا كَانْقِطَاعِهِ بِتَنَفُّسٍ أو سُعَالٍ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ اذا قال ان شَاءَ اللَّهُ مع فَصْلٍ يَسِيرٍ ولم يَتَكَلَّمْ وَجَزَمَ بِهِ في عُيُونِ الْمَسَائِلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَعَنْهُ لَا يَحْنَثُ اذا اسْتَثْنَى في الْمَجْلِسِ وهو في الارشاد عِنْدَ بَعْضِ أصحابنا قال في الْمُبْهِجِ وَلَوْ تَكَلَّمَ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَمَنْ حَلَفَ قَائِلًا ان شَاءَ اللَّهُ قَصْدًا فَخَالَفَ لم يَحْنَثْ وان قَالَهَا في الْمَجْلِسِ فَرِوَايَتَانِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ وقال مَعَهَا ان شَاءَ اللَّهُ مع قَصْدِهِ له في الاصح ولم يَفْصِلْ بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ اخر أو سُكُوتٍ يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فيه فَخَالَفَ لم يَحْنَثْ وان قَالَهَا في الْمَجْلِسِ فَرِوَايَتَانِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ الحاقه بها قبل طُولِ الْفَصْلِ انتهى‏.‏

فَائِدَتَانِ احداهما قال في الْفُرُوعِ وَكَلَامُ الأصحاب يَقْتَضِي ان رَدَّهُ إلَى يَمِينِهِ لم يَنْفَعُهُ لِوُقُوعِهَا وَتَبَيُّنِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَاحْتَجَّ بِهِ الْمُوقِعُ في انت طَالِقٌ ان شَاءَ اللَّهُ قال ابو يَعْلَى الصَّغِيرُ في الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَشِيئَةِ اللَّهِ تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا انه يَقِفُ على ايجاد فِعْلٍ أو تَرْكِهِ فَالْمَشِيئَةُ مُتَعَلِّقَةٌ على الْفِعْلِ فاذا وُجِدَ تَبَيَّنَّا انه شَاءَهُ والا فَلَا وفي الطَّلَاقِ الْمَشِيئَةُ انْطَبَقَتْ على اللَّفْظِ بِحُكْمِهِ الْمَوْضُوعِ له وهو الْوُقُوعُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يُعْتَبَرُ نُطْقُهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الا من خَائِفٍ نَصَّ عليه الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ ولم يَقُلْ في الْمُسْتَوْعِبِ خَائِفٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ انه لَا يُعْتَبَرُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَجَمَاعَةٍ وهو احد الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَه ابن الْبَنَّا وَبَنَاهُ على ان لَغْوَ الْيَمِينِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ وهو ما كان على الماضى وان لم يَقْصِدْهُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ اراد تَحْقِيقًا لارادته وَنَحْوِهِ لِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وابو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمَا مع فَصْلِ الِاتِّصَالِ ان ينوى الِاسْتِثْنَاءَ قبل تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى منه وَظَاهِرُ بَحْثِ ابى مُحَمَّدٍ ان الْمُشْتَرَطَ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ حتى لو نَوَى عِنْدَ تَمَامِ يَمِينِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ قال وَفِيهِ نَظَرٌ وأطلقهما في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا اعْتِبَارُ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ اول الْكَلَامِ

فائدتان‏:‏

احداهما مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو حَلَفَ وقال ان اراد اللَّهُ وَقَصَدَ بالارادة الْمَشِيئَةَ لَا ان اراد مَحَبَّتَهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو شَكَّ في الِاسْتِثْنَاءِ فالاصل عَدَمُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الاصل عَدَمُهُ مِمَّنْ عَادَتُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاحْتَجَّ بِالْمُسْتَحَاضَةِ تَعْمَلُ بِالْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ ولم تَجْلِسْ اقل الْحَيْضِ والاصل وُجُوبُ الْعِبَادَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ واذا حَلَفَ على يَمِينٍ فرأي غَيْرَهَا خَيْرًا منها اُسْتُحِبَّ له الْحِنْثُ وَالتَّكْفِيرُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَ في التَّرْغِيبِ ان بِرَّهُ واقامته على يَمِينِهِ اولى قُلْت وهو ضَعِيفٌ مُصَادِمٌ للاحاديث وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ في ذلك‏.‏

فائدة‏:‏

يَحْرُمُ الْحِنْثُ ان كان مَعْصِيَةً بِلَا نِزَاعٍ وان حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ شيئا حَرَامًا أو مُحَرَّمًا وَجَبَ ان يَحْنَثَ وَيُكَفِّرَ على ما تَقَدَّمَ قَرِيبًا وان فَعَلَهُ أَثِمَ بِلَا كَفَّارَةٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَقِيلَ بَلَى وَلَا يَجُوزُ تَكْفِيرُهُ قبل حِنْثِهِ الْمُحَرَّمِ على ما ياتي قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلَى وَالْبِرُّ في النَّدْبِ اولى وَكَذَا الْحِنْثُ في الْمَكْرُوهِ مع الْكَفَّارَةِ يَتَخَيَّرُ في الْمُبَاحِ قَبْلَهَا وَحِفْظُ الْيَمِينِ اولى قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى قال النَّاظِمُ‏:‏

وَلَا نَدْبَ في الايلا ‏[‏الإيلاء‏]‏ لَيَفْعَلَ طَاعَةً *** وَلَا تَرْكِ عِصْيَانٍ على الْمُتَجَوِّدِ

وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ مع ان الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ حَلِفِهِ فَقِيلَ يُكْرَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ فانه مَكْرُوهٌ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فيه ان لَا يَبْلُغَ حَدَّ الافراط فان بَلَغَ ذلك كُرِهَ قَطْعًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا دعى إلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وهو مُحِقٌّ اُسْتُحِبَّ له افْتِدَاءُ يَمِينِهِ فان حَلَفَ فَلَا باس هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ فالاولى افْتِدَاءُ يَمِينِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والكافى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُكْرَهُ حَلِفُهُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قال أصحابنا تَرْكُهُ اولى فَيَكُونُ مَكْرُوهًا انتهى‏.‏

وَقِيلَ يُبَاحُ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ كَعِنْدِ غَيْرِ الْحَاكِمِ وأطلقهما شَارِحُ الْوَجِيزِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ وَتَوْكِيدِ الامر وَغَيْرِهِ وَمِنْهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ عليه أفضل الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِعُمَرَ عن صَلَاةِ الْعَصْرِ وَاَللَّهِ ما صَلَّيْتهَا تَطْيِيبًا منه لِقَلْبِهِ وقال ابن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الهدى عن قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ فيها جَوَازُ الْحَلِفِ بَلْ اسْتِحْبَابُهُ على الخبر ‏[‏الخير‏]‏ الدِّينِيِّ الذي يُرِيدُ تاكيده وقد حُفِظَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْحَلِفُ في اكثر من ثَمَانِينَ مَوْضِعًا وامره اللَّهُ بِالْحَلِفِ على تَصْدِيقِ ما أَخْبَرَ بِهِ في ثَلَاثِ مَوَاضِعَ من القران في سُورَةِ يُونُسَ وَسَبَأٍ وَالتَّغَابُنِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان حَرَّمَ امته أو شيئا من الْحَلَالِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ كَالطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمَا أو قال ما احل اللَّهُ على حَرَامٌ أو لَا زَوْجَةَ له لم تَحْرُمْ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ان فَعَلَهُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والهادى والكافى والمغنى وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وادراك الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ ان يَحْرُمَ تَحْرِيمًا تُزِيلُهُ الْكَفَّارَةُ وهو لابي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَتَقَدَّمَ اذا حَرَّمَ زَوْجَتَهُ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ فَلْيُعَاوَدْ

فائدتان‏:‏

احداهما مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ نَحْوِ ان اكلته فَهُوَ على حَرَامٌ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَهُ ابو طَالِبٍ قال في الِانْتِصَارِ وَكَذَا طعامى على كالميته وَالدَّمِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وان قال هذا الطَّعَامُ على حَرَامٌ فَهُوَ كَالْحَلِفِ على تَرْكِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُغَيِّرُ الْيَمِينُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في الِانْتِصَارِ يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ لَا الْمَحْلُوفُ في نَفْسِهِ وَلَا ما رَآهُ خَيْرًا وقال في الافصاح يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ وانه عِنْدَ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَقُلْ احد انها تُوجِبُ ايجابا أو تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ قال وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أو مُتَّفِقَةٌ فاذا قال اعاهد اللَّهَ اني احج الْعَامَ فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ وَلَوْ قال اعاهد اللَّهَ ان لَا اكلم زَيْدًا فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ لَا نَذْرٌ فالأيمان ان تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ وهو ان يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قربه لزمة الْوَفَاءُ وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ لانه الْتَزَمَ لِلَّهِ ما يَطْلُبُهُ اللَّهُ منه وان تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ التي بين الناس وهو ان يَلْتَزِمَ كُلٌّ من الْمُتَعَاقِدَيْنِ للاخر ما اتَّفَقَا عليه فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بها ثُمَّ ان كان الْعَقْدُ لَازِمًا لم يَجُزْ نَقْضُهُ وان لم يَكُنْ لَازِمًا خُيِّرَ وَلَا كَفَّارَةَ في ذلك لِعِظَمِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ مع ان الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ بَلْ يَتَقَرَّبُ بِالطَّاعَاتِ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فان قال هو يَهُودِيٌّ أو كَافِرٌ أو مجوسى أو هو يَعْبُدُ الصَّلِيبَ أو يَعْبُدُ غير اللَّهِ أو بَرِيءٌ من اللَّهِ تَعَالَى أو من الاسلام أو الْقُرْآنِ أو النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ان فَعَلَ ذلك فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا بِلَا نِزَاعٍ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ان فَعَلَ في احدى الرِّوَايَتَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ كان مُنْجَزًا أو مُعَلَّقًا صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا اشهر الرِّوَايَتَيْنِ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتِيَارُ جُمْهُورِ الأصحاب والقاضى وَالشَّرِيفِ وابى الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وجزم ‏[‏وجزمه‏]‏ به في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَالْآخَرُ لَا كَفَّارَةَ عليه اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالنَّاظِمُ وأطلقهما في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا لو قال اكفر بِاَللَّهِ أو لَا يَرَاهُ اللَّهُ في مَوْضِعِ كَذَا ان فَعَلَ كَذَا فَفَعَلَهُ وَنَحْوُ ذلك وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ انه لَا كَفَّارَةَ عليه بِقَوْلِهِ لَا يَرَاهُ اللَّهُ في مَوْضِعِ كَذَا وقال الْقَاضِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا عليه الْكَفَّارَةُ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَحَكَى الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ عن جَدِّهِ الْمَجْدِ انه كان يقول اذا حَلَفَ بالالزامات كَالْكُفْرِ اليمين ‏[‏واليمين‏]‏ بِالْحَجِّ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِ ذلك من الْإِلْزَامَاتِ كانت يَمِينُهُ غَمُوسًا وَيَلْزَمُهُ احلف ‏[‏الحلف‏]‏ عليه ذَكَرَهُ في طَبَقَاتِ بن رَجَبٍ وقال في الِانْتِصَارِ وَكَذَا الْحُكْمُ لو قال وَالطَّاغُوتِ لافعلنه لِتَعْظِيمِهِ له مَعْنَاهُ عَظَّمْتُهُ ان فَعَلْته وَفَعَلَهُ لم يَكْفُرْ وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ بِخِلَافِ هو فَاسِقٌ ان فَعَلَهُ لاباحته في حَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال انا استحل الزنى أو نَحْوَهُ كَقَوْلِهِ انا استحل شُرْبَ الْخَمْرِ واكل لَحْمِ الْخِنْزِيرِ واستحل تَرْكَ الصَّلَاةِ أو الزَّكَاةِ أو الصِّيَامِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في التي قَبْلَهَا وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا واجرى في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ الرِّوَايَتَيْنِ في ذلك وَهُمَا مُخَرَّجَتَانِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال عَصَيْت اللَّهَ أو انا اعصى اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ أو مَحَوْت الْمُصْحَفَ ان فعلت ‏[‏فعل‏]‏ فَلَا كَفَّارَةَ فيه هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ واجرى ابن عقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ لِإِسْقَاطِهِ حُرْمَتَهُ وعصيت اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ وَاخْتَارَ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ وَاخْتَارَ في الْمُحَرَّرِ في قَوْلِهِ مَحَوْت الْمُصْحَفَ وَعَصَيْت اللَّهَ في كل ما امرني بِهِ انه يَمِينٌ يَلْزَمُهُ فيه الْكَفَّارَةُ ان حَنِثَ لِدُخُولِ التَّوْحِيدِ فيه‏.‏

فوائد‏:‏

احداهما لو قال لعمرى لافعلن أو لَا فَعَلْت أو قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ أو ادخله اللَّهُ النَّارَ فَهُوَ لَغْوٌ نَصَّ عليه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يَلْزَمُهُ ابرار الْقَسَمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كإجابة سُؤَالٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ انما تَجِبُ على مُعَيَّنٍ فَلَا تَجِبُ إجابة سَائِلٍ يُقْسِمُ على الناس انتهى‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو قال بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَيَمِينٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ هِيَ يَمِينٌ الا ان ينوى واسألك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في اطلاقه وَجْهَانِ انتهى‏.‏

وَالْكَفَّارَةُ على الْحَالِفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وحكى عنه انها تَجِبُ على الذي حَنَّثَهُ حَكَاهُ سُلَيْمٌ الشَّافِعِيُّ قال في الْفُرُوعِ وَرُوِيَ عنه صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على إجابة من سَأَلَ بِاَللَّهِ وَذَكَرَهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال عبد فُلَانٍ حُرٌّ لافعلن فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ مَالُ فُلَانٍ صَدَقَةٌ وَنَحْوُهُ لافعلن وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ عليه كَفَّارَةٌ ان حَنِثَ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان قال ايمان الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي فَهِيَ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ قال ابن بَطَّةَ وَرَتَّبَهَا ايضا الْمُعْتَمِدُ على اللَّهِ من الْخُلَفَاءِ الْعَبَّاسِيِّينَ لاخيه الْمُوَفَّقِ بِاَللَّهِ لَمَّا جَعَلَهُ ولى عَهْدِهِ تَشْتَمِلُ على الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ الْمَالِ لَا تَشْمَلُ إيمان الْبَيْعَةِ إلَّا ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الأدمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ وَتَشْتَمِلُ أَيْضًا على الْحَجِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ قوله فَإِنْ كان الْحَالِفُ يَعْرِفُهَا وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فيها وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه إذَا كان يَعْرِفُهَا الْحَالِفُ وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فيها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَنْعَقِدَ بِحَالٍ إلَّا في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وقال في التَّرْغِيبِ إنْ عَلِمَهَا لَزِمَهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَقِيلَ تَنْعَقِدُ في الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالصَّدَقَةِ وَلَا تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قوله وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عليه يَعْنِي إذَا لم يَعْرِفْهَا بِأَنْ كان يَجْهَلُهَا ولم يَنْوِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْخِرَقِيُّ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِ وَجْهٌ يَلْزَمُهُ مُوجَبُهَا نَوَاهَا أو لم يَنْوِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي في بَعْضِ تَعَالِيقِهِ وقال لِأَنَّ من أَصْلِنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالْكِتَابَةِ بِالْخَطِّ وَإِنْ لم يَنْوِهِ نَقَلَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَإِنْ نَوَاهَا وَجَهِلَهَا فَلَا شَيْءَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَنْعَقِدُ بِمَا فيها إذَا نَوَاهَا جَاهِلًا لها وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وقد تَوَقَّفَ شُيُوخُنَا الْقُدَمَاءُ عن الْجَوَابِ في هذه الْمَسْأَلَةِ فقال ابن بَطَّةَ كُنْت عِنْدَ الخرقى وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ قال أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي فقال لَسْت أُفْتِي فيها بِشَيْءٍ وَلَا رَأَيْت أَحَدًا من شُيُوخِنَا أَفْتَى في هذه الْيَمِينِ وكان أبي يَعْنِي الْحُسَيْنَ الْخِرَقِيَّ يَهَابُ الْكَلَامَ فيها ثُمَّ قال أبو الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْحَالِفُ بها بِجَمِيعِ ما فيها من الْأَيْمَانِ فقال له السَّائِلُ عَرَفَهَا أو لم يَعْرِفْهَا قال نعم عَرَفَهَا أو لم يَعْرِفْهَا انتهى‏.‏

وقال الْقَاضِي إذَا قال أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي إنْ لم يَلْزَمْهُ في الْأَيْمَانِ المترتبه الْمَذْكُورَةِ كان لَاغِيًا وَلَا شَيْءَ عليه وَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَيْمَانَ انْعَقَدَتْ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو قال أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت ذلك وَفَعَلَهُ لَزِمْته يَمِينُ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ إذَا نَوَى ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ قال الْمَجْدُ وَقِيَاسُ الْمَشْهُورِ عن أصحابنَا في يَمِينِ الْبَيْعَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حتى يَنْوِيَهُ وَيَلْتَزِمَهُ أو لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْكُلِّيَّةِ حتى يَعْلَمَهُ وَالْفَرْقُ بين الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ في الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَأَلْزَمَ الْقَاضِي في الْخِلَافِ الْحَالِفَ بِكُلِّ ذلك وَلَوْ لم يَنْوِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في تَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا تَشْمَلُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ نَوَى قال الْمَجْدُ ذَكَرَ الْقَاضِي الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالنَّذْرُ مَبْنِيٌّ على قَوْلِنَا بِعَدَمِ تَدَاخُلِ كَفَّارَتِهِمَا فَأَمَّا على قَوْلِنَا بِالتَّدَاخُلِ فَيُجْزِئُهُ لَهُمَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ ذَكَرَهُ عنه في الْقَوَاعِدِ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو حَلَفَ بِشَيْءٍ من هذه الْخَمْسَةِ فقال له آخَرُ يَمِينِي مع يَمِينِك أو أنا على مِثْلِ يَمِينِك يُرِيدُ الْتِزَامَ مِثْلِ يَمِينِهِ لَزِمَهُ ذلك إلَّا في الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فإنه على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا قَالَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا صَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ كل يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أنا مَعَك يَنْوِي في يَمِينِهِ انتهى‏.‏

وَإِنْ لم يَنْوِ شيئا لم تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ قال عَلَيَّ نَذْرٌ أو يَمِينٌ إنْ فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ فقال أصحابنَا عليه كَفَّارَةُ يَمِينٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ في قَوْلِهِ عَلَيَّ يَمِينٌ يَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا مُطْلَقًا فقال في الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَإِنْ قال عَلَيَّ يَمِينٌ وَنَوَى الْخَبَرَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى الْقَسَمَ فقال أبو الْخَطَّابِ هِيَ يَمِينٌ وقال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ليس بِيَمِينٍ وَهَذَا أَصَحُّ وَجَزَمَ بهذا الْأَخِيرِ في الْكَافِي وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ على الْقَوْلَيْنِ تَخْرِيجُ ان اراد ان فَعَلْت كَذَا وَفَعَلَهُ وَتَخْرِيجُ لافعلن قال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ لَامُ الْقَسَمِ فَلَا تُذْكَرُ الا معه مُظْهَرًا أو مُقَدَّرًا وَتَقَدَّمَ اذا قال قَسَمًا بِاَللَّهِ أو إليه بِاَللَّهِ

فائدتان‏:‏

احداهما اذا قال حَلَفْت ولم يَكُنْ حَلَفَ فقال الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ هِيَ كذبه ليس عليه يَمِينٌ قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّارِحِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ واختارة ابو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ عليه كَفَّارَةٌ لانه اقر على نَفْسِهِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في الطَّلَاقِ في بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تَقَدَّمَ انْعِقَادُ يَمِينِ الْكَافِرِ وياتي اخر الْبَابِ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ قوله فَصْلٌ في كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَهِيَ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا فَيُخَيَّرُ فيها بين ثَلَاثَةِ اشياء اطعام عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَسَوَاءٌ كان جِنْسًا أو اكثر أو كِسْوَتِهِمْ وَيَجُوزُ ان يُطْعِمَ بَعْضًا وَيَكْسُوَ بَعْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَفِيهِ قَوْلٌ قَالَهُ ابو الْمَعَالِي لَا يَجُوزُ ذلك كبقيه الْكَفَّارَاتِ من جِنْسَيْنِ وَكَعِتْقٍ مع غيرة أو اطعام وَصَوْمٍ قال في الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُجْزِئُ ذكرة الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ في بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْكِسْوَةُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يُجْزِئُهُ ان يُصَلِّيَ فيه وَلِلْمَرْأَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ انه يَلْزَمُهُ من الْكِسْوَةِ ما يُجْزِئُ صَلَاةَ الْآخِذِ فيه مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وقال في التَّبْصِرَةِ ما يُجْزِئُ صَلَاةَ الْفَرْضِ فيه وَكَذَا نَقَلَ حَرْبٌ يَجُوزُ فيه الْفَرْضُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اجزاء ما يُسَمَّى كِسْوَةً وَلَوْ كان عَتِيقًا وهو صَحِيحٌ اذا لم تَذْهَبْ قُوَّتُهُ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في المغنى وَالشَّرْحِ يُجْزِئُ الْحَرِيرُ وقال في التَّرْغِيبِ يُجْزِئُ ما يَجُوزُ للاخذ لُبْسُهُ فائده لو اطعم خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَخَرَّجَ عَدَمَ الاجزاء كاعطائه في الْجُبْرَانِ شَاةً وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا وَلَوْ اطعمه بَعْضَ الطَّعَامِ وَكَسَاهُ بَعْضَ الْكِسْوَةِ لم يُجْزِئْهُ وان اعتق نِصْفَ عَبْدٍ واطعم خَمْسَةَ مَسَاكِينَ أو كَسَاهُمْ لم يُجْزِئْهُ وَلَوْ اتى بِبَعْضِ وَاحِدٍ من الثلاثه ثُمَّ عَجَزَ عن تَمَامِهِ فقال الْمُصَنِّفُ وجماعه ليس له التَّتْمِيمُ بِالصَّوْمِ قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُقَالُ بِذَلِكَ كما في الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ مع التَّيَمُّمِ واجاب عنه الْمُصَنِّفُ وَرَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ في الظِّهَارِ اذا اعتق نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَمَنْ لم يَجِدْ فَصِيَامُ ثلاثه ايام لَا يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ الا اذا عَجَزَ عَجْزًا كعجزة عن زَكَاةِ الْفِطْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ كعجزة عن الرقبه في الظِّهَارِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الظِّهَارِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الشَّرْحِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ ايضا هل الِاعْتِبَارُ في الْكَفَّارَةِ بحاله الْوُجُوبِ أو باغلظ الاحوال في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ مُتَتَابِعَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصُ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ وُجُوبُ التَّتَابُعِ في الصِّيَامِ اذا لم يَكُنْ عُذْرٌ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزركشى هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الادمى وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ له تَفْرِيقُهَا فائده لو كان له مَالٌ غَائِبًا وَيَقْدِرُ على الشِّرَاءِ بنسيئه لم يُجْزِئْهُ الصَّوْمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الاكثر قال الزركشى بِلَا نِزَاعٍ اعلمه وَقِيلَ يُجْزِئُهُ فِعْلُ الصَّوْمِ وَتَقَدَّمَ ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في الظِّهَارِ وان لم يَقْدِرْ على الشِّرَاءِ مع غيبه مَالِهِ اجزأة الصَّوْمُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ قَدَّمَهُ الزركشى وقال هو مُقْتَضَى كَلَامِ الخرقى وَمُخْتَارُ عامه الأصحاب حتى إنَّ ابا مُحَمَّدٍ وابا الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيَّ وَغَيْرَهُمْ جَزَمُوا بِذَلِكَ وَتَقَدَّمَ ذلك وغيرة مُسْتَوْفًى في كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ اذا شَرَعَ في الصَّوْمِ ثُمَّ قَدَرَ على الْعِتْقِ هل يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ ان شَاءَ قبل الْحِنْثِ وان شَاءَ بعدة هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة والهادى وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وغيرة وقال في الْوَاضِحِ على رِوَايَةٍ حِنْثُهُ بِعَزْمِهِ على مخالفه يَمِينِهِ بِنِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ بَلْ لَا يَصِحُّ وَفِيهِ رِوَايَةٌ لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ قبل الْحِنْثِ بِالصَّوْمِ لانه تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ كَالصَّلَاةِ وَاخْتَارَ بن الجوزى في التَّحْقِيقِ انه لَا يَجُوزُ كَحِنْثٍ مُحَرَّمٍ في وَجْهٍ واما الظِّهَارُ وما في حُكْمِهِ فَلَا يَجُوزُ له فِعْلُ ذلك الا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ على ما مَضَى في بَابِهِ‏.‏

فوائد‏:‏

احداها حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ سَوَاءٌ في الْفَضِيلَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْقَوَاعِدِ الاصولية وَغَيْرِهِ هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ التَّكْفِيرُ بَعْدَ الْحِنْثِ أفضل وَقَالَه ابن ابى مُوسَى قُلْت وهو الصَّوَابُ لِلْخُرُوجِ من الْخِلَافِ وَعُورِضَ بِتَعْجِيلِ النَّفْعِ لِلْفُقَرَاءِ وَنَقَل ابن هَانِئٍ قَبْلَهُ أفضل وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ تَقَدُّمُ الْكَفَّارَةِ واجبه فَلَهُ ان يُقَدِّمَهَا قبل الْحِنْثِ لَا تَكُونُ اكثر من الزَّكَاةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ان التَّخْيِيرَ جَارٍ ان كان الْحِنْثُ حَرَامًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقى وَكَثِيرٍ من الأصحاب وهو احد الْوَجْهَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ قبل الْحِنْثِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وأطلقهما الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ الْكَفَّارَةُ قبل الْحِنْثِ مُحَلِّلَةٌ لِلْيَمِينِ لِلنَّصِّ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو كَفَّرَ بِالصَّوْمِ قبل الْحِنْثِ لِفَقْرِهِ ثُمَّ حَنِثَ وهو مُوسِرٌ فقال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ لانا تَبَيَّنَّا ان الْوَاجِبَ غَيْرُ ما اتى بِهِ قال في الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ واطلاق الاكثر مُخَالِفٌ لِذَلِكَ لانه كان فَرْضَهُ في الظَّاهِرِ‏.‏

الْخَامِسَةُ‏:‏ نَصَّ الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ على وُجُوبِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ على الْفَوْرِ اذا حَنِثَ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَجِبَانِ على الْفَوْرِ قال ذلك بن تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدُ الاصولية وَغَيْرُهُمَا وَتَقَدَّمَ ذلك في اول بَابِ اخراج الزَّكَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ كَرَّرَ ايمانا قبل التَّكْفِيرِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يعنى اذا كان مُوجِبُهَا وَاحِدًا وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب منهم الْقَاضِي وَذَكَرَ ابو بَكْرٍ ان الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ رَجَعَ عن غَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الاكثر وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ قال نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هذا الاشهر وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ كما لو اخْتَلَفَ مُوجِبُهَا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ اذا لم يُكَفِّرْ اما ان كَفَّرَ بِحِنْثِهِ في احدها ثُمَّ حَنِثَ في غَيْرِهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ بِلَا رَيْبٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالظَّاهِرُ انها ان كانت على فِعْلٍ وَاحِدٍ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وان كانت على افعال فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الامام احمد رَحِمَهُ اللَّهُ حَكَاهَا في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فَاَلَّذِي على فِعْلٍ وَاحِدٍ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قُمْت وما اشبهه وَاَلَّذِي على افعال نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قَعَدْت وما اشبهه وَاخْتَارَهُ في الْعُمْدَةِ وَنَقَلَ عبد اللَّهِ اعجب إلى ان يُغَلِّظَ على نَفْسِهِ اذا كَرَّرَ الأيمان ان يُعْتِقَ رَقَبَةً فان لم يُمْكِنْهُ اطعم

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ الْحَلِفُ بِنُذُورٍ مُكَرَّرَةٍ أو بِطَلَاقٍ مُكَفَّرٍ قَالَهُ الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ نَقَل ابن مَنْصُورٍ فِيمَنْ حَلَفَ نُذُورًا كَثِيرَةً مُسَمَّاةً إلَى بَيْتِ اللَّهِ ان لَا يُكَلِّمَ اباه أو اخاه فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وقال الشَّيْخُ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ قال الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَأَفْعَلُ كَذَا وَكَرَّرَهُ لم يَقَعْ أَكْثَرُ من طَلْقَةٍ اذا لم يَنْوِ انتهى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو حَلَفَ يَمِينًا على اجناس مُخْتَلِفَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ حَنِثَ في الْجَمِيعِ أو في وَاحِدٍ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ في الْبَقِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وان كانت الأيمان مُخْتَلِفَةَ الْكَفَّارَةِ كَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَلِكُلِّ يَمِينٍ كَفَّارَتُهَا بِلَا نِزَاعٍ لِانْتِفَاءِ التَّدَاخُلِ لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَكَفَّارَةُ الْعَبْدِ الصِّيَامُ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ منه وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الأصحاب وَقِيلَ ان حَلَفَ باذنه فَلَيْسَ له مَنْعُهُ والا كان له مَنْعُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ في نَذْرِهِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

اعْلَمْ ان تَكْفِيرَ الْعَبْدِ بِالْمَالِ في الْحَجِّ وَالظِّهَارِ والأيمان وَنَحْوِهَا للأصحاب فيها طُرُقٌ احدها الْبِنَاءُ على مِلْكِهِ وَعَدَمُهُ فان قُلْنَا يَمْلِكُ فَلَهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ في الْجُمْلَةِ والا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وابى الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ واكثر الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّ التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ يَسْتَدْعِي مِلْكَ الْمَالِ فاذا كان هذا غير قَابِلٍ لِلْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ فَفَرْضُهُ الصِّيَامُ خَاصَّةً وَعَلَى الْقَوْلِ بالملك ‏[‏بالمال‏]‏ فانه يُكَفِّرُ بالاطعام وَهَلْ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ على رِوَايَتَيْنِ وَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ أو يَجُوزُ له مع اجزاء الصِّيَامِ قال ابن رَجَبٍ في الْفَوَائِدِ الْمُتَوَجَّهُ ان كان في مِلْكِهِ مَالٌ فَأَذِنَ له السَّيِّدُ بِالتَّكْفِيرِ منه لَزِمَهُ ذلك وان لم يَكُنْ في مِلْكِهِ بَلْ اراد السَّيِّدُ ان يَمْلِكَهُ لِيُكَفِّرَ لم يَلْزَمْهُ كَالْحُرِّ الْمُعْسِرِ اذا بُذِلَ له مَالٌ قال وَعَلَى هذا يَتَنَزَّلُ ما ذكرة صَاحِبُ المغنى من لُزُومِ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ في الْحَجِّ ونفى اللُّزُومِ في الظِّهَارِ الطريقه‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ في تكفيرة بِالْمَالِ باذن السَّيِّدِ رِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ سَوَاءٌ قُلْنَا يَمْلِكُ أو لَا يَمْلِكُ حَكَاهَا الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ عن شَيْخِه ابن حَامِدٍ وغيرة من الأصحاب وَهِيَ طريقه ابي بَكْرٍ فَوَجْهُ عَدَمِ تكفيرة بِالْمَالِ مع الْقَوْلِ بِالْمِلْكِ ان تَمَلُّكَهُ ضَعِيفٌ لَا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ وَوَجْهُ تكفيرة بِالْمَالِ مع الْقَوْلِ بِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ له ماخذان أَحَدُهُمَا ان تَكْفِيرَهُ بِالْمَالِ إنَّمَا هو تَبَرُّعٌ له من السَّيِّدِ واباحه وَالتَّكْفِيرُ عن الْغَيْرِ لَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهُ في مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عنه كما نَقُولُ في رِوَايَةٍ في كَفَّارَةِ الْمُجَامِعِ في رَمَضَانَ اذا عَجَزَ عنها وَقُلْنَا لَا يَسْقُطُ تَكْفِيرُ غيرة عنه الا باذنه جَازَ ان يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وكذلك في سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ على احدى الرِّوَايَتَيْنِ وَلَوْ كانت قد دَخَلَتْ في مِلْكِهِ لم يَجُزْ ان ياخذها هو لانه لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ اخراجا لِلْكَفَّارَةِ وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي ان الْعَبْدَ ثَبَتَ له مِلْكٌ قَاصِرٌ بِحَسَبِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ وان لم يَثْبُتْ له الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ التَّامُّ فَيَجُوزُ ان يَثْبُتَ له في الْمَالِ الْمُكَفَّرِ بِهِ مِلْكٌ يُبِيحُ له التَّكْفِيرَ بِالْمَالِ دُونَ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ كما اثبتنا له في الامة مِلْكًا قَاصِرًا ابيح له بِهِ التَّسَرِّي بها دُونَ بَيْعِهَا وَهِبَتِهَا وَهَذَا اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تقى الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وقال الزَّرْكَشِيُّ في بَابِ الْفِدْيَةِ ذَهَبَ كَثِيرٌ من مُتَقَدِّمِي الأصحاب إلَى ان له التَّكْفِيرَ باذن السَّيِّدِ وان لم نَقُلْ بِمِلْكِهِ بِنَاءً على احد الْقَوْلَيْنِ من ان الْكَفَّارَةَ لَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهَا في مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عنه وانه يَثْبُتُ له مِلْكٌ خَاصٌّ بِقَدْرِ ما يُكَفِّرُ انتهى‏.‏

وقال في كِتَابِ الظِّهَارِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابى بَكْرٍ وَطَائِفَةٍ من مُتَقَدِّمِي الأصحاب واليه مَيْلُ ابى مُحَمَّدٍ جَوَازُ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ باذن السَّيِّدِ وان لم نَقُلْ انه يَمْلِكُ وَلَهُمْ مُدْرَكَانِ احدهما انه يَمْلِكُ الْقَدْرَ الْمُكَفَّرَ بِهِ مِلْكًا خَاصًّا وَالثَّانِي ان الْكَفَّارَةَ لَا يَلْزَمُ ان تَدْخُلَ في مِلْكِ الْمُكَفِّرِ انتهى‏.‏

وَوَجْهُ التَّفْرِيقِ بين الْعِتْقِ والاطعام ان التَّكْفِيرَ بِالْعِتْقِ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ بِخِلَافِ الاطعام ذَكَرَه ابن ابى مُوسَى وَلِهَذَا لو امر من عليه الْكَفَّارَةُ رَجُلًا ان يُطْعِمَ عنه فَفَعَلَ اجزأ وَلَوْ امره ان يَعْتِقَ عنه فَفِي اجزائه عنه رِوَايَتَانِ وَلَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بالاطعام الْوَاجِبِ عن مُورِثِهِ صَحَّ وَلَوْ تَبَرَّعَ عنه بِالْعِتْقِ لم يَصِحَّ وَلَوْ اعتق الاجنبي عن الْمَوْرُوثِ لم يَصِحَّ وَلَوْ اطعم عنه فَوَجْهَانِ وقال في الْفُرُوعِ وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بالاطعام بِإِذْنِهِ وَقِيلَ وَلَوْ لم يَمْلِكْ وَفِيهِ بِعِتْقٍ رِوَايَتَانِ اخْتَارَ ابو بَكْرٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ جَوَازَ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ قال في الْفُرُوعِ فان جَازَ وأطلق فَفِي عِتْقِهِ نَفْسَهُ وَجْهَانِ انتهى‏.‏

وأطلقهما في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْقَوَاعِدِ الاصولية قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ والأجزاء قال الزركشى جَازَ ذلك على مُقْتَضَى قَوْلِ ابي بَكْرٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

حَيْثُ جَازَ له التَّكْفِيرُ باذن السَّيِّدِ فقال الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ وقال الْمُصَنِّفُ في الْكَفَّارَاتِ لَا يَلْزَمُهُ على كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ وان اذن له سَيِّدُهُ وقال الزركشى في الظِّهَارِ تَرَدَّدَ الأصحاب في الْوُجُوبِ وَالْجَوَازِ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ قَرِيبًا الطريقه الثالثه انه لَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصِّيَامِ بِحَالٍ على كِلَا الطَّرِيقَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابي الْخَطَّابِ في كِتَابِ الظِّهَارِ وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا لانه وان قُلْنَا يَمْلِكُ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ فَلَا يَكُونُ مُخَاطَبًا بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بالكليه فَلَا يَكُونُ فَرْضُهُ غير الصِّيَامِ بالاصاله بِخِلَافِ الْحُرِّ الْعَاجِزِ فانه قَابِلٌ لِلتَّمْلِيكِ التَّامِّ قال ابن رَجَبٍ وَمِنْ هُنَا وَاَللَّهُ اعلم قال الخرقى في الْعَبْدِ اذا حَنِثَ ثُمَّ عَتَقَ لَا يُجْزِئُهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْحُرِّ الْمُعْسِرِ اذا حَنِثَ ثُمَّ ايس وقال أَيْضًا في الْعَبْدِ اذا فَاتَهُ الْحَجُّ يَصُومُ عن كل مُدٍّ من قِيمَةِ الشَّاةِ يَوْمًا وقال في الْحُرِّ الْمُعْسِرِ يَصُومُ في الاحصار صِيَامَ الْمُتَمَتِّعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ فَحُكْمُهُ في الْكَفَّارَةِ حُكْمُ الاحرار هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْوَجِيزُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يُكَفِّرُ بِالْمَالِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُكَفِّرُ الْكَافِرُ وَلَوْ كان مُرْتَدًّا بِغَيْرِ الصَّوْمِ لان يَمِينَهُ تَنْعَقِدُ كَالْمُسْلِمِ كما تَقَدَّمَ‏.‏