فصل: بَابُ: الشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عن الشَّهَادَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

الجزء العشرون

بَابُ‏:‏ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَا وَلَدٍ لِوَالِدِهِ وَإِنْ عَلَا في أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ وَسَوَاءٌ في ذلك وَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ تُقْبَلُ فِيمَا لَا يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا نَحْوُ أن يشهد ‏[‏عهد‏]‏ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أو قَذْفٍ قَالَهُ في المغنى وَالْقَاضِي وَأصحابهُ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ تُقْبَلُ ما لم يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا كَشَهَادَتِهِ له بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غنى قال في المغنى وَالشَّرْحِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَالْمَالِ إذَا كان مُسْتَغْنًى عنه وَأَطْلَقَ رِوَايَةَ الْقَبُولِ في الْكَافِي فقال وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهُمَا عَدْلَانِ من رِجَالِنَا فَيَدْخُلَانِ في عُمُومِ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ انتهى‏.‏

وَعَنْهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال الْقَاضِي وَأصحابهُ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ من زنى ‏[‏زنا‏]‏ أو رَضَاعٍ وفي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةٌ لَا تُقْبَلُ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ على بَعْضٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَنَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ نَصَّ عليه قال الْمُصَنِّفُ ولم أَجِدْ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْجَامِعِ عنه اخْتِلَافًا قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ لو شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ من لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحَاكِمِ له فَهَلْ له الْحَكَمُ بِشَهَادَتِهِ كَشَهَادَةِ وَلَدِ الْحَاكِمِ عِنْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ أو وَالِدِهِ أو زَوْجَتِهِ فِيمَا تُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ النِّسَاءِ يَتَوَجَّهُ عَدَمُ قَبُولِهِ لِأَنَّ قَبُولَهُ تَزْكِيَةٌ له وَهِيَ شَهَادَةٌ له انتهى‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قال ابن نَصْرِ اللَّهِ أَيْضًا في الْحَوَاشِي لو شَهِدَ على الْحَاكِمِ بِحُكْمِهِ من شَهِدَ عِنْدَهُ بِالْمَحْكُومِ فيه فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْأَظْهَرُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عليه أَنَّهُ قَبِلَ شَهَادَتَهُ وَحَكَمَ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ له فيه بِشَهَادَتِهِ بِكَذَا فَيَكُونُ قد شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ قَبِلَهُ وقال أَيْضًا تَزْكِيَةُ الشَّاهِدِ رَفِيقَهُ في الشَّهَادَةِ لَا تُقْبَلُ لِإِفْضَائِهِ إلَى انْحِصَارِ الشَّهَادَةِ في أَحَدِهِمَا‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو شَهِدَ ابْنَانِ على أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وَهِيَ تَحْتَهُ أو طَلَاقِهَا فَاحْتِمَالَانِ في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ قَطَعَ الشَّارِحُ بِقَبُولِهَا فِيهِمَا وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِقَبُولِهَا في الثَّانِيَةِ وفي المغنى في الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قُلْت قَطَعَ في المغنى بِالْقَبُولِ في كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوْا وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ في رؤوس الْمَسَائِلِ وابن هُبَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ وَقَطَعُوا بِهِ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ انتهى‏.‏

وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وابن منجي في شَرْحِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تُقْبَلُ قال بَعْضُ الْأصحاب وَالْقَبُولُ ليس بِمَنْصُوصٍ وَلَا اخْتَارَهُ أَحَدٌ من الْأصحاب وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ قال الزَّرْكَشِيُّ وقد خَرَجَ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا على صَاحِبِهِ فَتُقْبَلُ بِلَا خِلَافٍ وهو أَمْثَلُ الطَّرِيقَتَيْنِ وَالطَّرِيقَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ فيه ذلك الْخِلَافُ قُلْت هذه الطَّرِيقَةُ أَصْوَبُ وقد روى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ بِعَدَمِ الْقَبُولِ وَعَلَى كل حَالٍ الْمَذْهَبُ الْقَبُولُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ وَلَا الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بِلَا نِزَاعٍ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ وهو الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأصحاب وقال وفي الْمُقْنِعِ نَظَرٌ وَبَالَغَ ابن عقِيلٍ فقال لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُكَاتَبِ سَيِّدِهِ قال وَيُحْتَمَلُ على قِيَاسِ ما ذَكَرْنَاهُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَصِحُّ لِزَوْجِ مَوْلَاتِهِ انتهى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا منه فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَكَذَا لو شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كان غير بَالِغٍ حَالَ الْعِتْقِ أو يُخْرِجُ الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أو وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ أو وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ في الرِّقِّ لم تُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ وَلَا يَجُوزُ قُلْت فيعايي بِذَلِكَ كُلِّهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ لِصَدِيقِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب إلَّا أَنَّ إبن عَقِيلٍ قال تُرَدُّ شَهَادَةُ الصَّدِيقِ بِصَدَاقَةٍ مُؤَكَّدَةٍ وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ لِأَنَّ الْعِشْقَ يُطِيشُ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ قال في التَّرْغِيبِ وَمِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ الْحِرْصُ على أَدَائِهَا قبل إستشهاد من يَعْلَمُ بها قبل الدَّعْوَى أو بَعْدَهَا فَتُرَدُّ وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا بِذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وقال وَمِنْ مَوَانِعِهَا الْعَصَبِيَّةُ فَلَا شَهَادَةَ لِمَنْ عُرِفَ بها وَبِالْإِفْرَاطِ في الْحَمِيَّةِ كَتَعَصُّبِ قَبِيلَةٍ على قَبِيلَةٍ وَإِنْ لم تَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ انتهى‏.‏

وإقتصر عليه في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ وَالْحَاوِي وَمَنْ حَرَصَ على شَهَادَةٍ ولم يَعْلَمْهَا وَأَدَّاهَا قبل سُؤَالِهِ رُدَّتْ إلَّا في عِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنَحْوِهِمَا من شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ قُلْت والصواب ‏[‏الصواب‏]‏ عَدَمُ قَبُولِهَا مع الْعَصَبِيَّةِ خُصُوصًا في هذه الْأَزْمِنَةِ وهو في بَعْضِ كَلَامِ إبن عَقِيلٍ لَكِنَّهُ قال في حَيِّزِ الْعَدَاوَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ وَمَنْ حَلَفَ مع شَهَادَتِهِ لم تُرَدَّ في ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَمَعَ النَّهْيِ عنه قال وَيَتَوَجَّهُ على كَلَامِهِ في التَّرْغِيبِ تُرَدُّ أو وَجْهٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي أَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأصحاب وقال في التَّبْصِرَةِ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ وقال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَكْرَهُهُ انتهى‏.‏

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ما يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَتِهِ ما مَثَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِمُكَاتَبِهِ وَالْوَارِثِ لِمَوْرُوثِهِ بِالْجُرْحِ قبل الِانْدِمَالِ لِأَنَّهُ قد يَسْرِي الْجُرْحُ إلَى نَفْسِهِ فَتَجِبُ الديه لهم وَالْوَصِيِّ لِلْمَيِّتِ وَالْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ بِمَا هو وَكِيلٌ فيه وَالشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ يَعْنِي بِمَا هو شَرِيكٌ فيه وَالْغُرَمَاءِ لِلْمُفْلِسِ يَعْنِي الْمَحْجُورَ عليه وَأَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ عن شُفْعَتِهِ وَكَذَا الْحَاكِمُ لِمَنْ هو في حِجْرِهِ قَالَهُ في الْإِرْشَادِ وَالرَّوْضَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَكَذَا أَجِيرٌ لِمُسْتَأْجِرٍ نَصَّ عليه وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ فَقَطْ قال في التَّرْغِيبِ قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ وقال الْمَيْمُونِيُّ رَأَيْت الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَغْلِبُ على قَلْبِهِ جَوَازُهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ من الْمَغْنَمِ قبل الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا قد مَلَكُوهُ لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ وَإِنْ قُلْنَا لم تُمْلَكْ قُبِلَتْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وفي قَبُولِهَا نَظَرٌ وَإِنْ قُلْنَا لم تُمْلَكْ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَجُرُّ نَفْعًا قال في الْفَائِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَ قُلْت ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَسْأَلَةِ ما إذَا وطىء أَحَدُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً من الْمَغْنَمِ وَذَكَرَ في مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ من بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ أنها لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الْغَانِمِينَ بِمَالِ الْغَنِيمَةِ مُطْلَقًا وهو الْأَظْهَرُ انتهى‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ من وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تُرَدُّ إنْ كان خَاصَمَ فيه وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَ في المغنى وَغَيْرِهِ الْقَبُولَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَنَقَلَ إبن مَنْصُورٍ إنْ خَاصَمَ في خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ ثُمَّ شَهِدَ لم تُقْبَلْ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَصِيِّ على الْمَيِّتِ وَالْحَاكِمِ على من هو في حِجْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ لِمَوْرُوثِهِ في مَرَضِهِ بِدَيْنٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ لو شَهِدَ غَيْرُ وَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَارِثًا سُمِعَتْ دُونَ عَكْسِهِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ لو حَكَمَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لم يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَطَعَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأصحاب عَدَمُ الْقَبُولِ مِمَّنْ له الْكَلَامُ في شَيْءٍ أو يَسْتَحِقُّ منه وَإِنْ قَلَّ نحو مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ في قَوْمٍ في دِيوَانٍ أجروا شيئا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ منهم على مُسْتَأْجِرِهِ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أو وُلَاةٌ قال وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ على الْخُصُومِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّالِثُ أَنْ يَدْفَعَ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِجَرْحِ شُهُودِ قَتْلِ الخطأ وَكَشَهَادَةِ من لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ يَجْرَحُ الشَّاهِدُ عليه وَكَزَوْجٍ في زنى ‏[‏زنا‏]‏ بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ على زَوْجَتِهِ بزنى ‏[‏بزنا‏]‏ وَقِيلَ مع ثَلَاثَةٍ إذَا عَلِمْت ذلك فَالْمَذْهَبُ أنها لَا تُقْبَلُ مِمَّنْ يَدْفَعُ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ الْبَعِيدُ ليس من عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ الْفَقِيرُ الْمُعْسِرُ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ قال في الْفُرُوعِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ إنْ كان الشَّاهِدُ من الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أو بَعِيدًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لإنتفاء التُّهْمَةِ في الْحَالِ الرَّاهِنَةِ وَأَطْلَقَ الِاحْتِمَالَيْنِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْقَبُولِ‏.‏

فائدة‏:‏

تُقْبَلُ فُتْيَا من يَدْفَعُ عن نَفْسِهِ ضَرَرًا بها‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالرَّابِعُ الْعَدَاوَةُ كَشَهَادَةِ الْمَقْذُوفِ على قَاذِفِهِ وَالْمَقْطُوعِ عليه الطَّرِيقُ على قَاطِعِهِ بِلَا نِزَاعٍ فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أو على الْقَافِلَةِ لم تُقْبَلْ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ على هَؤُلَاءِ قُبِلُوا وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْأَلَ هل قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ عَرَضُوا لنا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ على غَيْرِنَا فقال في الْفُصُولِ تُقْبَلُ وقال وَعِنْدِي لَا تُقْبَلُ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ يُعْتَبَرُ في عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْعَدَاوَةِ كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ سَوَاءٌ كانت مَوْرُوثَةً أو مُكْتَسَبَةً وقال في التَّرْغِيبِ تَكُونُ ظَاهِرَةً بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمَسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَغْتَمُّ بفرحة وَيَطْلُبُ له الشَّرَّ قُلْت قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ وَغَمَّهُ فَرَحُهُ فَهُوَ عَدُوٌّ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت أو حَاسِدُهُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو شَهِدَ بِحَقٍّ مُشْتَرَكٍ بين من لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له وَبَيْنَ من تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له لم تُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ في نَفْسِهَا وَقِيلَ تَصِحُّ لِمَنْ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ له وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَصِحُّ إنْ شَهِدَ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ على الْقَافِلَةِ لَا عَلَيْنَا‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو شَهِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ لم يَمْنَعْ الْحُكْمَ إلَّا فِسْقٌ أو كُفْرٌ أو تُهْمَةٌ فَيَمْنَعُ الْحُكْمَ إلَّا عَدَاوَةً ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عليه كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ وَكَذَا مُقَاوَلَتُهُ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ سَابِقَةٍ وقال في التَّرْغِيبِ ما لم يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أو الْفِسْقِ وَحُدُوثُ مَانِعٍ في شَاهِدٍ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِيمَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ وفي التَّرْغِيبِ إنْ كان بَعْدَ الْحُكْمِ لم يُؤَثِّرْ وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لم يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ وفي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي والمغنى في مَوْضِعٍ وَقَطَعَ في مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي الْحَدَّ وَالْقِصَاصَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ في الْقِصَاصِ قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الْخَامِسُ أَنْ يَشْهَدَ الْفَاسِقُ بِشَهَادَةٍ فَتُرَدَّ ثُمَّ يَتُوبَ وَيُعِيدَهَا فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وَذَكَرَ في الرِّعَايَةِ رِوَايَةً تُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أو صَبِيٌّ أو عَبْدٌ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ أَعَادُوهَا بَعْدَ زَوَالِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ والصبي ‏[‏والصبا‏]‏ قُبِلَتْ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ قُبِلَتْ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في المغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا تُقْبَلُ أَبَدًا‏.‏

فائدة‏:‏

مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ وَالْخِلَافِ وَالْمَذْهَبِ لو رَدَّهُ لِجُنُونِهِ ثُمَّ عَقَلَ أو لِخَرَسِهِ ثُمَّ نَطَقَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ لِمُكَاتِبِهِ أو لموروثه ‏[‏لمورثه‏]‏ بِجُرْحٍ قبل بُرْئِهِ فَرُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ وَبُرْءِ الْجُرْحِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَظَاهِرِ الْفُرُوعِ إدْخَالُ ذلك في إطْلَاقِ الْخِلَافِ أَحَدُهُمَا تُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن منجي في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ وَقِيلَ إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ رُدَّتْ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

فائدة‏:‏

لو رُدَّتْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أو جَلْبِ نَفْعٍ أو عَدَاوَةٍ أو رَحِمٍ أو زَوْجِيَّةٍ فَزَالَ الْمَانِعُ ثُمَّ أَعَادَهَا لم تُقْبَلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ قال في الْمُحَرَّرِ لم تُقْبَلْ على الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ قال في الْكَافِي هذا الْأَوْلَى وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ تُقْبَلُ قال في المغنى وَالْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقِيلَ تُرَدُّ مع مَانِعٍ زَالَ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ كَتَطْلِيقِ الزَّوْجَةِ وَإِعْتَاقِ الْقِنِّ وَتُقْبَلُ في غَيْرِ ذلك‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ الشَّفِيعُ بِعَفْوِ شَرِيكِهِ في الشُّفْعَةِ عنها فَرُدَّتْ ثُمَّ عَفَا الشَّاهِدُ عن شُفْعَتِهِ وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ لم تُقْبَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ بن منجي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُقْبَلَ قال الشَّارِحُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَخْرُجَ على الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهَا إنَّمَا رُدَّتْ لِكَوْنِهِ يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ بها نَفْعًا وقد زَالَ ذلك بِعَفْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هذا الإحتمال من زِيَادَاتِ الشَّارِحِ في الْمُقْنِعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

بَابُ‏:‏ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْمَشْهُودُ بِهِ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا الزنى وما يُوجِبُ حَدَّهُ كَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ إذَا قُلْنَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا شَهَادَةُ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ أَحْرَارٍ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ يَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بالزنى بِشَاهِدَيْنِ أو لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يثبت ‏[‏ثبت‏]‏ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا شَهِدُوا بِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ تَكَرَّرَ أَرْبَعًا وهو وَاضِحٌ وقد تَقَدَّمَ ذلك في الْفَصْلِ الثَّالِثِ من بَابِ حَدِّ الزنى

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ قال في الرعايه لو كان الْمُقِرُّ بِهِ أَعْجَمِيًّا قُبِلَ فيه تُرْجُمَانَانِ وَقِيلَ بَلْ أَرْبَعَةٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ حَيْثُ قُلْنَا يُعَزَّرُ بِوَطْءِ فَرْجٍ فإنه يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَاخْتَارَ في الرِّعَايَةِ يَثْبُتُ بِاثْنَيْنِ مع الْإِقْرَارِ وَبِأَرْبَعَةٍ مع الْبَيِّنَةِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّانِي الْقِصَاصُ وَسَائِرُ الْحُدُودِ فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ حُرَّانِ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْبَلُ في الْقِصَاصِ وَسَائِرِ الْحُدُودِ رَجُلَانِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ في الْقِصَاصِ إلَّا أَرْبَعَةٌ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ حُرَّانِ مَبْنِيٌّ على ما تَقَدَّمَ من أَنَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ في الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ من الْمَذْهَبِ تُقْبَلُ فِيهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

يَثْبُتُ الْقَوَدُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ أَرْبَعٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ يُرَدِّدُهُ وَيَسْأَلُ عنه لَعَلَّ بِهِ جُنُونًا أو غير ذلك على ما رَدَّدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الثَّالِثُ ما ليس بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ في غَالِبِ الْأَحْوَالِ غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَالطَّلَاقِ وَالنَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَالْوَكَالَةِ في غَيْرِ الْمَالِ وَالْوَصِيَّةِ إلَيْهِ وما أَشْبَهَ ذلك كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ فَلَا يُقْبَلُ فيه إلَّا رَجُلَانِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال الْقَاضِي هذا الْمُعَوَّلُ عليه في الْمَذْهَبِ وَاقْتَصَرَ عليه في المغنى قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ كما قال الْخِرَقِيُّ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا في الْعِتْقِ قال ابن عَقِيلٍ فيه هو ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ إلَّا في الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ في غَيْرِهَا وَعَنْهُ في النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَعَنْهُ في الْعِتْقِ أَنَّهُ يُقْبَلُ فيه شَاهِدٌ وَيَمِينُ المدعى وَجَزَمَ بِهِ الخرقى وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن بَكْرُوسٍ قَالَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَتَارَةً اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَتَارَةً اخْتَارَ الثَّانِيَ قال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِهِ الْكِتَابَةُ وَالْوَلَاءُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ مُهَنَّا قال الزَّرْكَشِيُّ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ من نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافُ مَالٍ في الْحَقِيقَةِ قال بِالثَّانِي كَبَقِيَّةِ الْإِتْلَافَاتِ وَمَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ نَفْسَهُ ليس بِمَالٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ منه تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ قال بِالْأَوَّلِ وَصَارَ ذلك كَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا انتهى‏.‏

وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ في الْعِتْقِ وقال الْقَاضِي النِّكَاحُ وَحُقُوقُهُ من الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالرَّجْعَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْوَصِيَّةُ وَالْكِتَابَةُ وَنَحْوُهُمَا يَخْرُجُ على رِوَايَتَيْنِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في الرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلًا وَيُشْهِدُ على نَفْسِهِ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ إنْ كان في الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ فَأَمَّا غَيْرُ ذلك فَلَا وَعَنْهُ يقبل ‏[‏بل‏]‏ في ذلك كُلِّهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَعَنْهُ يُقْبَلُ فيه رَجُلٌ وَيَمِينٌ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ واختارها ‏[‏واختاره‏]‏ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الْفُرُوعِ ولم أَرَ مُسْتَنَدَهَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ مع يَمِينٍ وهو منها وَجَزَمَ بِهِ في نِهَايَةِ ابن رزين في آخِرِ الْوَكَالَةِ وَقِيلَ هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ في غَيْرِ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ في النِّكَاحِ لَا يَسُوغُ فيه الِاجْتِهَادُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وقال في الِانْتِصَارِ يَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَعَنْهُ في الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ وَتَقَدَّمَ ذلك في أَوَائِلِ بَابِ الْحَجْرِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَمَّا من ادَّعَى الْفَقْرَ وكان مَعْرُوفًا بِالْغِنَى فَلَا يَجُوزُ له أَخْذُ الزَّكَاةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ يُقْبَلُ قَوْلُ طَبِيبٍ وَاحِدٍ وَبَيْطَارٍ لِعَدَمِ غَيْرِهِ في مَعْرِفَةِ دَاءِ دَابَّةٍ وَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنُّكَتِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَلَا يُقْبَلُ مع عَدَمِ التَّعَذُّرِ إلَّا اثْنَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وَأَطْلَقَ في الرَّوْضَةِ قَبُولَ قَوْلِ الْوَاحِدِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو اخْتَلَفَ الْأَطِبَّاءُ الْبَيَاطِرَةُ قُدِّمَ قَوْلُ الْمُثْبِتِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الرَّابِعُ الْمَالُ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ كَالْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَالرَّهْنِ وَالْوَصِيَّةِ له وَجِنَايَةِ الخطأ وَكَذَا الْخِيَارُ في الْبَيْعِ وَأَجَلِهِ وَالْإِجَارَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْغَصْبِ وَالصُّلْحِ وَالْمَهْرِ وَتَسْمِيَتِهِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَضَمَانِهِ وَفَسْخِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَوَقْفٍ على مُعَيَّنٍ وَدَعْوَى على رِقِّ مَجْهُولِ النَّسَبِ صَادِقٍ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِاسْتِحْقَاقِ سَلَبِهِ وَهِبَةٍ قال في الرِّعَايَةِ وَوَصِيَّةِ مَالٍ وَقِيلَ لِمُعَيَّنٍ فَهَذَا وَشِبْهُهُ يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ في غَيْرِ ما يَأْتِي إطْلَاقُهُمْ الْخِلَافَ فيه وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ ذلك في الْوَقْفِ إلَّا إذَا قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عليه الْوَقْفَ وَقُلْنَا يُقْبَلُ في ذلك كُلِّهِ امْرَأَتَانِ وَيَمِينٌ وَهَذَا احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُقْنِعِ في بَابِ الْيَمِينِ في الدَّعَاوَى وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ لو قِيلَ يُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَيَمِينٌ تَوَجَّهَ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَجُلٍ في التَّحَمُّلِ وَكَخَبَرِ الدِّيَانَةِ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ في مَسْأَلَةِ الْأَسِيرِ تُقْبَلُ امْرَأَةٌ وَيَمِينُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَذَكَرَ في المغنى قَوْلًا في دَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ أَنَّهُ يَكْفِي وَاحِدٌ وَعَنْهُ في الْوَصِيَّةِ يَكْفِي وَاحِدٌ وَعَنْهُ إنْ لم يَحْضُرْهُ إلَّا النِّسَاءُ فَامْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَأَلَه ابن صَدَقَةَ الرَّجُلُ يُوصِي وَيُعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ تَجُوزُ شهادتهن ‏[‏شهادتين‏]‏ قال نعم في الْحُقُوقِ انتهى‏.‏

قُلْت وَهَذَا ليس بِبَعِيدٍ وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ في الْحُقُوقِ فَأَمَّا الْمَوَارِيثُ فَيُقْرَعُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وفي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو رَجُلٍ وَيَمِينٍ في إيصَاءٍ إلَيْهِ بِمَالٍ وَتَوْكِيلٍ فيه وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ في غَيْرِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَقَدَّمَ ابن رزين في شَرْحِهِ في بَابِ الْوَكَالَةِ قَبُولَ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ في ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ بِالْمَالِ وَأَطْلَقَهُمَا في المغنى وَالشَّرْحِ هُنَاكَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُقْبَلُ ذلك في كِتَابَةٍ وَنَجْمٍ أَخِيرٍ كَعِتْقٍ وَقَتْلٍ وَجَزَمَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِقُّ إذَا ادَّعَى الْأَسِيرُ إسْلَامًا سَابِقًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا أو حَلَفَ معه وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ ذلك في الْجِهَادِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ حَيْثُ قُلْنَا يُقْبَلُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي فَلَا يُشْتَرَطُ في يَمِينِهِ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنْ يَقُولَ وَأَنَّ شَاهِدِي صَادِقٌ في شَهَادَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَقِيلَ يُشْتَرَطُ جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو نَكَلَ عن الْيَمِينِ من له شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه وَسَقَطَ الْحَقُّ وإن نَكَلَ حُكِمَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ على ذلك وَقِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ أَيْضًا هُنَا على رِوَايَةِ الرَّدِّ لِأَنَّ سَبَبَهَا نُكُولُ الْمُدَّعَى عليه‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لو كان لِجَمَاعَةٍ حَقٌّ بِشَاهِدٍ فَأَقَامُوهُ فَمَنْ حَلَفَ منهم أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ نَاكِلٌ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قبل نُكُولِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ يُقْبَلُ في جِنَايَةِ الْعَمْدِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ كَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَكَذَا جِنَايَةُ الْعَمْدِ التي لَا قَوَدَ فيه بِحَالٍ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ إحْدَاهُمَا‏:‏ يُقْبَلُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ قال الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ صَاحِبُ المغنى انتهى‏.‏

وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في غَيْرِ مَوْضِعٍ قال في النُّكَتِ وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وابن أبي مُوسَى وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو وَجَبَ الْقَوَدُ في بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ وَهَاشِمَةٍ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَجِبُ فيها لَكِنْ إنْ أَرَادَ الْقَوَدَ بِمُوضِحَةٍ فَلَهُ ذلك على ما تَقَدَّمَ في بَابِ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَهَذِهِ له الْقَوَدُ في بَعْضِهَا إنْ أَحَبَّ فَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ في ثُبُوتِ الْمَالِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ إحْدَاهُمَا‏:‏ يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وقال أَيْضًا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ في النَّظْمِ ثُمَّ قال في الرِّعَايَةِ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وامرأتان ‏[‏وامرأتين‏]‏ بِهَاشِمَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِمُوضِحَةٍ لم يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَشْمِ في الْأَقْيَسِ وَلَا الْإِيضَاحِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ الْخَامِسُ ما لَا يَطَّلِعُ عليه الرِّجَالُ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَالرَّضَاعِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ فَيُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَبُولُ شَهَادَتِهَا مُنْفَرِدَةً في الِاسْتِهْلَالِ وَالرَّضَاعِ من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ تَحْلِفُ الشَّاهِدَةُ في الرَّضَاعِ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِهِ وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ فيه أَقَلُّ من امْرَأَتَيْنِ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على التَّوَقُّفِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قال أصحابنَا وَالِاثْنَتَانِ أَحْوَطُ من الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ قال أبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وابن الْجَوْزِيِّ وابن حَمْدَانَ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ الرَّجُلُ أَوْلَى لِكَمَالِهِ انْتَهُوا وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ في الْوِلَادَةِ من حَضَرَهَا غَيْرُ الْقَابِلَةِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وقال يُقْبَلُ قَوْلُ امْرَأَةٍ في فَرَاغِ عِدَّةٍ بِحَيْضٍ وَقِيلَ في شَهْرٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا في عُيُوبِ النِّسَاءِ وَقِيلَ الْغَامِضَةُ تَحْتَ الثِّيَابِ انتهى‏.‏

فائدة‏:‏

وَمِمَّا يُقْبَلُ فيه امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ الْجِرَاحَةُ وَغَيْرُهَا في الْحَمَّامِ وَالْعُرْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَخَالَفَ ابن عقِيلٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا شَهِدَ بِقَتْلِ الْعَمْدِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لم يَثْبُتْ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ يَثْبُتُ الْمَالُ إنْ كان المجنى عليه عَبْدًا نَقَلَهَا ابن منصور قال في الرِّعَايَةِ أو حُرًّا فَلَا قَوَدَ فيه وَيَثْبُتُ الْمَالُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدُوا بِالسَّرِقَةِ ثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ في الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ كَالْقَطْعِ وَبَنَى في التَّرْغِيبِ على الْقَوْلَيْنِ الْقَضَاءَ بِالْغُرَّةِ على نَاكِلٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ الْخُلْعَ قُبِلَ فيه رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَيَثْبُتُ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِدَعْوَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ بَلْ بِذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ لم يُقْبَلْ فيه إلَّا رَجُلَانِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ له‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ أنها أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا منه قُضِيَ له بِالْجَارِيَةِ أُمُّ وَلَدٍ وَهَلْ تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَنَسَبُهُ من مدعية على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا تَثْبُتُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا نَسَبُهُ من مُدَّعِيهِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يَثْبُتَانِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقِيلَ يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ بِدَعْوَاهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ فَإِنْ قِيلَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذلك حَصَلَ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ قِيلَ ليس مُرَادُهُ ذلك بَلْ مُرَادُهُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ مع قَطْعِ النَّظَرِ عن عِلَّةِ ذلك وَعِلَّتُهُ أَنَّ المدعى مُقِرٌّ بِأَنَّ وَطْأَهَا كان في مِلْكِهِ وَقَطَعَ بِذَلِكَ في المغنى وقال في النُّكَتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَنَّهُ حَصَلَ بِقَوْلِ الْبَيِّنَةِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ في فَصْلٍ في تَعْلِيقِهِ بِالْوِلَادَةِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ما غَصَبَ أو لَا غَصَبَ كَذَا ثُمَّ ثَبَتَ عليه الْغَصْبُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو شَاهِدٍ وَيَمِينٍ هل تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ أَمْ لَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابُ‏:‏ الشَّهَادَةِ على الشَّهَادَةِ وَالرُّجُوعِ عن الشَّهَادَةِ

تَنْبِيهٌ‏:‏

قَوْلُهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ فِيمَا يُقْبَلُ فيه كِتَابُ الْقَاضِي وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فيه وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَقَالَهُ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وقال في الرِّعَايَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِمَالٍ وَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا تُقْبَلُ في حَقٍّ خَالِصٍ لِلَّهِ تَعَالَى وفي الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالتَّوْكِيلِ وَالْوَصِيَّةِ بِالنَّظَرِ وَالنَّسَبِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ على كَذَا وَنَحْوِهَا مِمَّا ليس مَالًا وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ غَالِبًا رِوَايَتَانِ وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ على قَبُولِهِ في الطَّلَاقِ وَقِيلَ تُقْبَلُ في غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ نَصَّ عليه وَقِيلَ تُقْبَلُ فِيمَا يُقْبَلُ فيه كِتَابُ الْقَاضِي وَتُرَدُّ فِيمَا يُرَدُّ فيه انتهى‏.‏

وَهَذَا الْأَخِيرُ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ إلَيْهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ إلَّا أَنْ تَتَعَذَّرَ شَهَادَةُ شُهُودِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ بِلَا نِزَاعٍ فيه أو مَرَضٍ أو غَيْبَةٍ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِمْ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ تُقْبَلُ في غَيْبَةٍ فَوْقَ يَوْمٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ في كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُلْتَحَقُ بِالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ الْخَوْفُ من سُلْطَانٍ أو غَيْرِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ زَادَ ابن منجا في شَرْحِهِ وَالْحَبْسُ وقال ابن عبد الْقَوِيِّ وفي مَعْنَاهُ الْجَهْلُ بِمَكَانِهِمْ وَلَوْ في الْمِصْرِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يَجُوزُ لِشَاهِدِ الْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ بن الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ سَوَاءٌ اسْتَرْعَاهُ أو لَا وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ وَخَرَّجَ ابن عقِيلٍ في الْفُصُولِ هذه الْمَسْأَلَةَ على شَهَادَةِ الْمُسْتَخْفِي‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ شَاهِدُ الْأَصْلِ أَنَّهُ لو اسْتَرْعَاهُ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وهو احْتِمَالٌ في المغنى وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فَيَكُونُ شَاهِدَ فَرْعٍ وهو الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فيقول أَشْهَدُ على شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بن فُلَانٍ وقد عَرَفْته بِعَيْنِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَقَرَّ عِنْدِي وَأَشْهَدَنِي على نَفْسِهِ طَوْعًا بِكَذَا أو شَهِدْت عليه أو أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا قال الْمُصَنِّفُ في المغنى وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ قال اشهد أَنِّي أَشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا وَقَالُوا وَلَوْ قال اشهد على شَهَادَتِي بِكَذَا صَحَّ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قال في الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لم يُؤَدِّهَا بِصِفَةِ ما تَحَمَّلَهَا لم يُحْكَمْ بها وقال في التَّرْغِيبِ يَنْبَغِي ذلك وقال في الْكَافِي وَيُؤَدِّي الشَّهَادَةَ على الصِّفَةِ التي تَحَمَّلَهَا فيقول أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ على فُلَانٍ كَذَا أو أَشْهَدَنِي على شَهَادَتِهِ وَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أو يعزى الْحَقَّ إلَى سَبَبِهِ ذَكَرَهُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فيقول أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا أو يقول أَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ بِكَذَا وَأَنَّهُ عَزَاهُ إلَى وَاجِبٍ فَيُؤَدِّي على حَسَبِ ما تَحَمَّلَ فَإِنْ لم يُؤَدِّهَا على ذلك لم يَحْكُمْ بها الْحَاكِمُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى‏:‏ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يؤدى شَاهِدُ الْفَرْعِ إلَى الْحَاكِمِ ما تَحَمَّلَهُ على صِفَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْعُ يقول أَشْهَدُ على فُلَانٍ أَنَّهُ يَشْهَدُ له أو أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا فَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْمُسْتَرْعِي فقال أَشْهَدُ على فُلَانٍ أَنَّهُ قال إنِّي أَشْهَدُ فَهُوَ أَوْضَحُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَ بِمَا سمع تَارَةً يُؤَدِّي اللَّفْظَ وَتَارَةً يُؤَدِّي الْمَعْنَى وقال أَيْضًا وَالْفَرْعُ يقول أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ أو بِأَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ فَهُوَ أَوْلَى رُتْبَةً وَالثَّانِيَةُ أَشْهَدُ عليه أَنَّهُ يَشْهَدُ أو بانه يَشْهَدُ وَالثَّالِثَةُ أَشْهَدُ على شَهَادَتِهِ انتهى‏.‏

وقال في الرِّعَايَةِ ويحكى الْفَرْعُ صُورَةَ الْجُمْلَةِ وَيَكْفِي الْعَارِفَ أَشْهَدُ على شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَالْأَوْلَى أَنْ يحكى ما سَمِعَهُ أو يَقُولَ شَهِدَ فُلَانٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِكَذَا أو أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَ على شَهَادَتِهِ بِكَذَا انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ سَمِعَهُ يقول أَشْهَدُ على فُلَانٍ بِكَذَا لم يَجُزْ له أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ من بَيْعٍ أو إجَارَةٍ أو قَرْضٍ فَهَلْ يَشْهَدُ بِهِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ إذَا سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أو يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ بِحَقٍّ يُعْزِيهِ إلَى سَبَبٍ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْقَاضِي وابن الْبَنَّا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَشْهَرُ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِنَاءً منهم على أَنَّ اعْتِبَارَ الِاسْتِرْعَاءِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ شَهِدَا على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أو شَهِدَ على كل وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدٌ من شُهُودِ الْفَرْعِ هذا الْمَذْهَبُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لم يَزَلْ الناس على هذا قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَثُبُوتُ شَهَادَةِ شَاهِدٍ على شَاهِدٍ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وقال أبو عبد اللَّه ابن بَطَّةَ لَا يَثْبُتُ حتى يَشْهَدَ أَرْبَعَةٌ على كل شَاهِدِ أَصْلٍ شَاهِدَا فَرْعٍ وَحَكَاهُ في الْخُلَاصَةِ رِوَايَةٌ وَعَنْهُ يَكْفِي شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ على كل واحد ‏[‏واحدة‏]‏ منها وهو تَخْرِيجٌ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَطَعَ بِه ابن هُبَيْرَةَ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وهو ظَاهِرُ ما ذَكَرَهُ في المغنى وَالْكَافِي عن بن بَطَّةَ وَعَنْهُ يَكْفِي شَهَادَةُ رَجُلٍ على اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَذَكَرَ الْخَلَّالُ جَوَازَ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عن شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ على شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ قال يَجُوزُ ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في الْبَابِ الذي قبل هذا‏.‏

فائدة‏:‏

يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ فَرْعٌ على أَصْلٍ وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ على فَرْعٍ تَقَدَّمَ في أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ في شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُنَّ مَدْخَلًا في شَهَادَةِ الْأَصْلِ وأعلم أَنَّ في الْمَسْأَلَةِ رِوَايَاتٍ إحْدَاهُنَّ صَرِيحُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهُ وهو أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلَهُنَّ مَدْخَلٌ في شَهَادَةِ الْأَصْلِ قال في الْمُحَرَّرِ والحاوى وهو الْأَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الْكَافِي وَغَيْرِهِ وقال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في الْأَصْلِ وفي الْفَرْعِ رِوَايَتَانِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا مَدْخَلَ لَهُنَّ في الْأَصْلِ وَلَا في الْفَرْعِ نَصَرَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وَأصحابهُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ والحاوى وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِيهِمَا وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَتَقَدَّمَ ما ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ قَرِيبًا قال في النُّكَتِ وَقَيَّدَ جَمَاعَةٌ هذه الرِّوَايَةَ بِمَا تُقْبَلُ فيه شَهَادَتُهُنَّ مع الرِّجَالِ أو مُنْفَرِدَاتٍ وَحَكَاهُ في الرِّعَايَةِ قَوْلًا قال وَلَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ فَيَشْهَدُ رَجُلَانِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأُولَى‏:‏ وَالْأَخِيرَةِ وهو الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فِيهِمَا وقال الْقَاضِي لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ نَصَّ عليه قال أبو الْخَطَّابِ وفي هذه الرِّوَايَةِ سَهْوٌ من نَاقِلِهَا قال في الْهِدَايَةِ وقال شَيْخُنَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في رِوَايَةِ حَرْبٍ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ رَجُلٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ قال فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَحَّتْ عن حَرْبٍ فَهِيَ سَهْوٌ منه فَإِنَّا إذَا قُلْنَا شَهَادَةُ امْرَأَةٍ على شَهَادَةِ امْرَأَةٍ تُقْبَلُ فَأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَةُ رَجُلٍ على شَهَادَتِهِمَا فإن شَهَادَةَ الرَّجُلِ أَقْوَى بِكُلِّ حَالٍ وَلِأَنَّ في هذه الرِّوَايَةَ أَنَّهُ قال أَقْبَلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ على شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَهَذَا مِمَّا لَا وَجْهَ له فإن رَجُلًا وَاحِدًا لو كان أَصْلًا فَشَهِدَ في الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَلْفُ امْرَأَةٍ لَا تُقْبَلُ هذه الشَّهَادَةُ فإذا شَهِدَ بها وَحْدَهُ وهو فَرْعٌ يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ بها هذا مُحَالٌ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال ذلك فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ حتى يَنْضَمَّ معه غَيْرُهُ فَيَخْرُجُ من هذه أَنَّهُ لَا يَكْفِي شَهَادَةُ وَاحِدٍ على وَاحِدٍ كما يقول أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ أو رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَعَلَى رَجُلَيْنِ أَيْضًا يَعْنِي على الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ وهو صَحِيحٌ وقال في التَّرْغِيبِ الشَّهَادَةُ على رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ على ثَلَاثَةٍ لِتَعَدُّدِهِمْ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يَجِبُ على الْفُرُوعِ تَعْدِيلُ أُصُولِهِمْ وَلَوْ عَدَّلُوهُمْ قَبْلُ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لهم‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ على أَصْلٍ وَتَعَذَّرَتْ الشَّهَادَةُ على الاخر حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْفَرْعِ لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْأَصْلِ لم يَضْمَنُوا يَعْنِي شُهُودَ الْأَصْلِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن منجي في شَرْحِهِ وقال هذا الْمَذْهَبُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنُوا وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي قَالَهُ في النُّكَتِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى وَنَصَرَهُ وهو الصَّوَابُ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو قال شُهُودُ الْأَصْلِ كَذَبْنَا أو غَلِطْنَا ضَمِنُوا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُونَ وَحَكَى هذه الصُّورَةَ وَمَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَحَكَاهَا بَعْضُهُمْ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وهو الْمَجْدُ وَجَمَاعَةٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ قال في الْفُرُوعِ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ من الْأصحاب أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لم يُعْمَلْ بها لِتَأَكُّدِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ لو قال شُهُودُ الْأَصْلِ ما أَشْهَدْنَاهُمَا بِشَيْءٍ لم يَضْمَنْ الْفَرِيقَانِ شيئا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَتَى رَجَعَ شُهُودُ الْمَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُمْ الضَّمَانُ ولم يُنْقَضْ الْحُكْمُ سَوَاءٌ كان قبل الْقَبْضِ أو بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ كان الْمَالُ قَائِمًا أو تَالِفًا وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْعِتْقِ غَرِمُوا الْقِيمَةَ بِلَا نِزَاعٍ نَعْلَمُهُ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لم يُصَدِّقْهُمْ الْمَشْهُودُ له وهو وَاضِحٌ وَأَمَّا الْمُزَكُّونَ فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ شيئا‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا لم يُصَدِّقْهُ الْمَشْهُودُ له فَإِنْ صَدَّقَ الرَّاجِعِينَ لم يَضْمَنْ الشُّهُودُ شيئا وَيُسْتَثْنَى من الضَّمَانِ لو شَهِدَا بِدَيْنٍ فَأَبْرَأَ منه مُسْتَحِقُّهُ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شيئا لِلْمَشْهُودِ عليه ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في المغنى في كِتَابِ الصَّدَاقِ في مَسْأَلَةِ تَنْصِيفِ الصَّدَاقِ بَعْدَ هِبَتِهَا لِلزَّوْجِ قال وَلَوْ قَبَضَهُ الْمَشْهُودُ له ثُمَّ وَهَبَهُ الْمَشْهُودُ عليه ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا انتهى‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلَاقِ قبل الدُّخُولِ غَرِمُوا نِصْفَ الْمُسَمَّى أو بَدَلَهُ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كان بَعْدَهُ لم يَغْرَمُوا شيئا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ لم يَغْرَمُوا شيئا في الْأَشْهَرِ قال في النُّكَتِ هذا هو الرَّاجِحُ في الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ بن منجي وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في المغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَغْرَمُونَ كُلَّ الْمَهْرِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمِثْلِ قُلْت الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ قال في النُّكَتِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ على أَنَّ الْمُسَمَّى لَا يَتَقَرَّرُ بِالدُّخُولِ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ على من فَوَّتَ عليه نِكَاحَهَا بِرَضَاعٍ أو غَيْرِهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقِصَاصِ أو الْحَدِّ قبل الِاسْتِيفَاءِ لم يُسْتَوْفَ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغنى وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ قال في النُّكَتِ هذا الْمَشْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يستوفي إنْ كان لِلْآدَمِيِّ كما لو طَرَأَ فِسْقُهُمْ وقال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى والحاوى الصَّغِيرِ وَإِنْ رَجَعَ شَاهِدُ أحد ‏[‏حد‏]‏ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لم يُسْتَوْفَ وفي الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَجْهَانِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال ابن الزَّاغُونِيِّ في الْوَاضِحِ لِلْمَشْهُودِ له الدِّيَةُ إلَّا أَنْ نَقُولَ الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ حَسْبُ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ كان بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا فَعَلَيْهِمْ دِيَةُ ما تَلِفَ بِلَا نِزَاعٍ وَأَرْشُ الضَّرْبِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَتَقَسَّطُ الْغُرْمُ على عَدَدِهِمْ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ غَرِمَ بِقِسْطِهِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وعليه ‏[‏وهو‏]‏ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ بن منجي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عليه الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَغْرَمُ الْكُلَّ وهو احْتِمَالٌ ذَكَرَه ابن الزَّاغُونِيِّ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ عليه سِتَّةٌ بالزنى فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ منهم اثْنَانِ غَرِمَا ثُلُثَ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يَغْرَمَانِ شيئا قال صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وهو أَقْيَسُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَفِيهِ في الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ لِقَذْفِهِ من ثَبَتَ زِنَاهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَهِدَ عليه خَمْسَةٌ بالزنى فَرَجَعَ منهم اثْنَانِ فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَا الدِّيَةِ أو رُبُعُهَا أو رَجَعَ إثنان من ثَلَاثَةِ شُهُودِ قَتْلٍ فَهَلْ عَلَيْهِمَا الثُّلُثَانِ أو النِّصْفُ فيه الْخِلَافُ السَّابِقُ وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ من ثَلَاثَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ ضَمِنَ الثُّلُثَ وَلَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ من خَمْسَةٍ في الزنى ضَمِنَ خُمُسَ الدِّيَةِ وَهُمَا من الْمُفْرَدَاتِ وَلَوْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ في مَالٍ غَرِمَ الرَّجُلُ سُدُسًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ نِصْفًا وَقِيلَ هو كَأُنْثَى فَيَغْرَمْنَ الْبَقِيَّةَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ لَزِمَهُمْ الدِّيَةُ أَسْدَاسًا في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عِنْدَ بن هُبَيْرَةَ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال النَّاظِمُ تَسَاوَوْا في الضَّمَانِ في الْأَقْوَى وفي الْوَجْهِ الْآخَرِ على شُهُودِ الزِّنَى النِّصْفُ وَعَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ النِّصْفُ وَأَطْلَقَهُمَا بن منجي في شَرْحِهِ وَالْكَافِي والمغنى وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ شُهُودُ الْإِحْصَانِ شيئا لِأَنَّهُمْ شُهُودٌ بِالشَّرْطِ لَا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ كلهم أو شُهُودُ الزِّنَى كلهم غَرِمُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَغْرَمُونَ النِّصْفَ فَقَطْ اخْتَارَه ابن حَمْدَانَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَى وَاثْنَانِ منهم بِالْإِحْصَانِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ فَإِنْ رُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا عن الشَّهَادَةِ فَعَلَى من شَهِدَ بِالْإِحْصَانِ ثُلُثَا الدِّيَةِ على الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُمْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وهو تَفْرِيعٌ صَحِيحٌ وقد عَلِمْت الْمَذْهَبَ مِنْهُمَا‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو شَهِدَ قَوْمٌ بِتَعْلِيقِ عِتْقٍ أو طَلَاقٍ وَقَوْمٌ بِوُجُودِ شَرْطِهِ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ فَالْغُرْمُ على عَدَدِهِمْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَغْرَمُ كُلُّ جِهَةٍ النِّصْفَ وَقِيلَ يَغْرَمُ شُهُودُ التَّعْلِيقِ الْكُلَّ وَمِنْهَا لو رَجَعَ شُهُودُ كِتَابَةٍ غَرِمُوا ما بين قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُكَاتَبًا فَإِنْ عَتَقَ غَرِمُوا ما بين قِيمَتِهِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَغْرَمُونَ كُلَّ قِيمَتِهِ وَإِنْ لم يُعْتَقْ فَلَا غُرْمَ وَمِنْهَا لو رَجَعَ شُهُودٌ بِاسْتِيلَادِ أَمَةٍ فَهُوَ كَرُجُوعِ شُهُودِ كِتَابَةٍ فَيَضْمَنُونَ نَقْصَ قِيمَتِهَا فَإِنْ عَتَقَتْ بِالْمَوْتِ فَتَمَامُ قِيمَتِهَا قال بَعْضُهُمْ في طَرِيقَتِهِ في بَيْعٍ وَكِيلٍ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ لو شَهِدَ بِتَأْجِيلٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعُوا غرما ‏[‏غرم‏]‏ تَفَاوُتَ ما بين الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ الْمَالَ كُلَّهُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي والمغنى وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ النِّصْفَ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ خَرَّجَهُ من رَدِّ الْيَمِينِ على الْمُدَّعِي‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ يَجِبُ تَقْدِيمُ الشَّاهِدِ على الْيَمِينِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وقال إبن عَقِيلٍ في عُمَدِ الْأَدِلَّةِ يَجُوزُ أَنْ يَسْمَعَ يَمِينَ الْمُدَّعِي قبل الشَّاهِدِ في أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَحَكَى إبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ وَجْهَيْنِ في ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو رَجَعَ شُهُودُ تَزْكِيَةٍ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ رُجُوعِ من زَكُّوهُمْ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ لَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عن شَهَادَةٍ بِكَفَالَةٍ عن نَفْسٍ أو بَرَاءَةٍ منها أو أنها زَوْجَتُهُ أو أَنَّهُ عَفَا عن دَمِ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا وقال في الْمُبْهِجِ قال الْقَاضِي وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُهُ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قد يَجِبُ بِهِ مَالٌ‏.‏

الرَّابِعَةُ‏:‏ لو شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلشَّهَادَةِ الْأُولَى‏:‏ فَكَرُجُوعِهِ وَأَوْلَى قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ‏.‏

الْخَامِسَةُ‏:‏ لو زَادَ في شَهَادَتِهِ أو نَقَصَ قبل الْحُكْمِ أو أَدَّى بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ نَصَّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَبَعْدَ الْحُكْمِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حُكْمَ ولم يَضْمَنُ وَإِنْ لم يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قال لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا إحتمالان قُلْت الْأَوْلَى عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ أو فَاسِقَيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ وَيُرْجَعُ بِالْمَالِ أو بِبَدَلِهِ على الْمَحْكُومِ له وَإِنْ كان الْمَحْكُومُ بِهِ إتْلَافًا فَالضَّمَانُ على الْمُزَكِّينَ فَإِنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ وإذا بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ كَانَا كَافِرَيْنِ نُقِضَ الْحُكْمُ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا إذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْقَوَاعِدِ هذا الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ إبن رَزِينٍ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ إذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ قَالَهُ في الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَتَبِعَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَرَجَّحَ إبن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ عَدَمَ النَّقْضِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في كِتَابِ الصَّيْدِ من خِلَافِهِ وَالْآمِدِيُّ لِئَلَّا يُنْقَضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ وَذَكَرَ إبن رَزِينٍ في شَرْحِهِ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَعَلَيْهَا لَا ضَمَانَ وفي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يَضْمَنُ الشُّهُودُ وَقَالَهُ الشَّارِحُ وَذَكَرَ إبن الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ له نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِعِلْمِهِ في عَدَالَتِهِمَا أو بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَنَمْنَعُ ذلك في الْمَسْأَلَتَيْنِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ في الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ له على ما ذَكَرَ رَدَّ مَالًا أَخَذَهُ وَنَقَضَ الْحُكْمُ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فيه غَرِمَ الْحَاكِمُ انتهى‏.‏

وَأَجَابَ أبو الْخَطَّابِ إذَا بَانَ له فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أو أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ نَقَضَ وَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ ولم يَجُزْ له تَنْفِيذُهُ وَأَجَابَ أبو الْوَفَاءِ لَا يُقْبَلُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ بَعْدَ الْحُكْمِ انتهى‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَرْجِعُ بِالْمَالِ أو بِبَدَلِهِ على الْمَحْكُومِ له كما قال الْمُصَنِّفُ وَيَرْجِعُ عليه أَيْضًا بِبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى فَإِنْ كان الْحُكْمُ لِلَّهِ تَعَالَى بِإِتْلَافٍ حسى أو بِمَا سَرَى إلَيْهِ الْإِتْلَافُ فَالضَّمَانُ على الْمُزَكِّينَ فَإِنْ لم يَكُنْ ثَمَّ تَزْكِيَةٌ فَعَلَى الْحَاكِمِ كما قال الْمُصَنِّفُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الضَّمَانَ على الْحَاكِمِ وَلَوْ كان ثَمَّ مُزَكُّونَ كما لو كان فَاسِقًا وَقِيلَ له تَضْمِينُ أَيِّهِمَا شَاءَ وَالْقَرَارُ على الْمُزَكِّينَ وَعِنْدَ أبي الْخَطَّابِ يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ ذَكَرَهُ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو بَانُوا عَبِيدًا أو وَالِدًا أو وَلَدًا أو عَدُوًّا فَإِنْ كان الْحَاكِمُ الذي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لم يَنْقُضْ وَإِنْ كان لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ ولم يَنْفُذْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وقال في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ من حَكَمَ بِقَوَدٍ أو حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فَلَهُ نَقْضُهُ إذَا كان لَا يَرَى قَبُولَهُمْ فيه قال وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فيه صَادَقَ ما حَكَمَ فيه وَجَهِلَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في الْإِرْشَادِ فِيمَا إذَا حَكَمَ في مُخْتَلَفٍ فيه بِمَا لَا يَرَاهُ مع عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ ثُمَّ مَاتُوا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ إذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو جُنُّوا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ إمَّا بِإِقْرَارِهِ أو عَلِمَ كَذِبَهُ وَتَعَمُّدَهُ عَزَّرَهُ وَطَافَ بِهِ في الْمَوَاضِعِ التي يَشْتَهِرُ فيها فَيُقَالُ إنَّا وَجَدْنَا هذا شَاهِدَ زُورٍ فَاجْتَنِبُوهُ بِلَا نِزَاعٍ وَلِلْحَاكِمِ فِعْلُ ما يَرَاهُ من أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ بِهِ نَقَلَ حَنْبَلٌ ما لم يُخَالِفْ نَصًّا وقال الْمُصَنِّفُ أو يُخَالِفُ مَعْنَى نَصٍّ قال إبن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ بين عُقُوبَاتٍ إنْ لم يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ وَنَقَلَ منهما ‏[‏مهنا‏]‏ كَرَاهَةَ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ وَتَقَدَّمَ في بَابِ التَّعْزِيرِ أَشْيَاءُ من ذلك فَلْيُرَاجَعْ

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ وَلَا بِخَلْطِهِ في شَهَادَاتِهِ وَلَا بِرُجُوعِهِ عنها ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وقال في التَّرْغِيبِ إذَا ادَّعَى شُهُودُ الْقَوَدِ الْخَطَأَ عُزِّرُوا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ قبل التَّعْزِيرِ فَهَلْ يَسْقُطُ التَّعْزِيرُ عنه فيه وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا وقال فَيَتَوَجَّهَانِ في كل تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ وَكَأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ على التَّوْبَةِ من الْحَدِّ على ما مَرَّ في أَوَاخِرِ بَابِ حَدِّ الْمُحَارِبِينَ قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إلَّا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ قال أَعْلَمُ أو أَحَقُّ لم يُحْكَمْ بِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ وَيُحْكَمُ بها إختارها أبو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وقال لَا يُعْرَفُ عن صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وفي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إطْلَاقُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ على الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ عن لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَاخْتَارَهُ إبن الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا‏:‏ لو شَهِدَ على إقْرَارِهِ لم يُشْتَرَطْ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ طَوْعًا في صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَلَا يُشْتَرَطُ إشَارَتُهُ إلَى الْمَشْهُودِ عليه إذَا كان حَاضِرًا مع نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يُعْتَبَرُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإن الدَّيْنَ بَاقٍ في ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبَبُ الْحُكْمِ إجْمَاعًا وَتَقَدَّمَ ذلك عنه في أَوَائِلِ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصْفَتِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لو شَهِدَ شَاهِدٌ عِنْدَ حَاكِمٍ فقال آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ ما شَهِدْت بِهِ أو بِمَا وَضَعْت بِهِ خطى أو بِذَلِكَ أَشْهَدُ أوكذلك ‏[‏أو‏]‏ أَشْهَدُ فقال في الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا الصِّحَّةَ وَعَدَمَهَا وَالثَّالِثَةُ يَصِحُّ في قَوْلِهِ وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ وكذلك أَشْهَدُ قال وهو أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ انتهى‏.‏

وقال في النُّكَتِ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ في الْجَمِيعِ أَوْلَى وَاقْتَصَرَ في الْفُرُوعِ على حِكَايَةِ ما في الرِّعَايَةِ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْيَمِينِ في الدعاوى

قَوْلُهُ‏:‏ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ في حَقِّ الْمُنْكِرِ لِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ هذا على إطْلَاقِهِ رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْخَبَرِ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ في الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ قال في الْعُمْدَةِ وَتُشْرَعُ الْيَمِينُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُشْرَعُ في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى من الْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ قال إبن منجي في شَرْحِهِ هذا احْتِمَالٌ في الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا تُشْرَعُ في كل حَقٍّ آدَمِيٍّ انتهى‏.‏

وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَخْرِيجٌ في الْهِدَايَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ على أَنَّهُ قَدَّمَ ذلك وَإِنَّمَا قَصَدَهُ أنها تُشْرَعُ في حَقِّ الْآدَمِيِّ في الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ قال أبو بَكْرٍ بِلَا وَاوٍ تُشْرَعُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا في النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ جَزَمَ بِهِ في التَّنْبِيهِ وقال أبو الْخَطَّابِ إلَّا في تِسْعَةِ أَشْيَاءَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالرِّقِّ يَعْنِي أَصْلَ الرِّقِّ وَالْوَلَاءِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالنَّسَبِ وَالْقَذْفِ وَالْقِصَاصِ وَقَدَّمَهُ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَصَحَّحَهُ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ يُسْتَحْلَفُ في كل حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا فِيمَا لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ وهو أَحَدَ عَشَرَ فذكر التِّسْعَةَ وزاد الْعِتْقَ وَبَقَاءَ الرَّجْعَةِ وَقَدَّمَ في الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أبي الْخَطَّابِ وزاد على التِّسْعَةِ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي الْبَغْدَادِيِّ وَصَحَّحَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وقال إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَلَا تُشْرَعُ في مُتَعَذِّرٍ بَذْلَهُ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَبَقَائِهَا وَنَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ وَوَلَاءٍ وَقَوَدٍ إلَّا في قَسَامَةٍ وَلَا في تَوْكِيلٍ وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ وَعِتْقٍ مع اعْتِبَارِ شَاهِدَيْنِ فيها بَلْ في ما يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وإمرأتان سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ما لَا يَجُوزُ بَذْلُهُ وهو ما ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فيه انتهى‏.‏

وَعَنْهُ يُسْتَحْلَفُ في الطَّلَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْقَوَدِ وَالْقَذْفِ دُونَ السِّتَّةِ الْبَاقِيَةِ قال الْقَاضِي في الطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَالْقَذْفِ رِوَايَتَانِ وَسَائِرِ السِّتَّةِ لَا يُسْتَحْلَفُ فيها رِوَايَةً وَاحِدَةً وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ إستيلاد أَمَةٍ فَتُنْكِرُهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ وقال الْخِرَقِيُّ لَا يَحْلِفُ في الْقِصَاصِ وَلَا الْمَرْأَةُ إذَا أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ وَتَحْلِفُ إذَا ادَّعَتْ إنقضاء عِدَّتِهَا وَقِيلَ يُسْتَحْلَفُ في غَيْرِ حَدٍّ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعَنْهُ يُسْتَحْلَفُ فِيمَا يقضي فيه بِالنُّكُولِ فَقَطْ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى‏:‏ الذي يقضي فيه بِالنُّكُولِ هو الْمَالُ أو ما مَقْصُودُهُ الْمَالُ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَعَنْهُ هو الْمَالُ أو ما مَقْصُودُهُ الْمَالُ وَغَيْرُ ذلك إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ قَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَبَعَّدَهُ وَعَنْهُ إلَّا قَوَدَ النَّفْسِ وَطَرَفِهَا صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ في كَفَالَةٍ وَجْهَانِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ كُلُّ جِنَايَةٍ لم يَثْبُتْ قَوَدُهَا بِالنُّكُولِ فَهَلْ يَلْزَمُ النَّاكِلَ دِيَتُهَا على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ إحْدَاهُمَا‏:‏ لَا يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا اخْتَارَهُ ابن عبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا في رِوَايَةٍ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا وَكُلُّ نَاكِلٍ لَا يُقْضَى عليه بِالنُّكُولِ كَاللِّعَانِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يُخَلَّى سَبِيلُهُ أو يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ أَحَدِهِمَا يُخَلَّى سَبِيلُهُ اخْتَارَهُ إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُحْبَسُ حتى يُقِرَّ أو يَحْلِفَ قَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قُلْت هذا الْمَذْهَبُ في اللِّعَانِ وقد تَقَدَّمَ في بَابِهِ مُحَرَّرًا وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك في بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا قُلْنَا يُحْبَسُ فَيَنْبَغِي جَوَازُ ضَرْبِهِ كما يُضْرَبُ الْمُمْتَنِعُ من اخْتِيَارِ إحْدَى نِسَائِهِ إذَا أَسْلَمَ وَالْمُمْتَنِعُ من قَضَاءِ الدَّيْنِ كما يُضْرَبُ الْمُقِرُّ بِالْمَجْهُولِ حتى يُفَسِّرَ‏.‏

الثَّالِثَةُ‏:‏ قال في التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ على نفى دَيْنٍ على الْمُوصِي وَلَا مُنْكِرٌ وَكَالَةَ وَكِيلٍ وقال في الرِّعَايَةِ لَا يَحْلِفُ مدعي عليه بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ ما أَحَلَفَنِي أَنِّي ما أُحَلِّفُهُ وقال في التَّرْغِيبِ وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ فقال لِيَحْلِفَ أَنَّهُ ما أَحَلَفَنِي في الْأَصَحِّ وأن ادعي وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حُبِسُوا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَحْكُمُ بِذَلِكَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى مُضِيَّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَلَفَ هذا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وأبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ إبن رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ كما تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ جَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ للادمي الْبَغْدَادِيِّ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ كما تَقَدَّمَ وَاخْتَارَهُ إبن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وإذا أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدًا بِعِتْقِهِ حُلِّفَ معه وَعَتَقَ وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَطَعَ بِهِ إبن منجي هُنَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يُسْتَحْلَفُ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أو رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ على رِوَايَةٍ أُخْرَى على ما تَقَدَّمَ في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا دُخُولُ الْيَمِينِ في الْعِتْقِ إذَا قُلْنَا يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَيَأْتِي قَرِيبًا بَعْدَ هذا هل يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَتَقَدَّمَ في أَوَّلِ هذا الْبَابِ من الْخِلَافِ في الْيَمِينِ ما يَدْخُلُ الْعِتْقُ فيه وَمَنْ قال بِالْعِتْقِ وَعَدَمِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُسْتَحْلَفُ في حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ وَكَذَا الصَّدَقَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَالنَّذْرُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وقال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي إحْلَافُ الْمَتْهُومِ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا في الْكَشْفِ في حَقِّ اللَّهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذلك وَيَأْتِي آخِرُ الْبَابِ بِأَعَمَّ من هذا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَجُوزُ الْحُكْمُ في الْمَالِ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينِ الْمُدَّعِي هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَتَقَدَّمَ ذلك مستوفي بِفُرُوعِهِ وَالْخِلَافُ فيه في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ الرَّابِعُ الْمَالُ وما يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُقْبَلُ فيه شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا هُنَاكَ مستوفي ‏[‏مستوف‏]‏ مُحَرَّرًا فَلْيُعَاوَدْ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا هل تُقْبَلُ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ وَيَمِينٍ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَهَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا‏:‏ يَثْبُتُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وهو منها وَالرِّوَايَةُ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بَعْضِ كُتُبِهِ أَيْضًا وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابِ أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُسْتَوْفًى وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ وَتَقَدَّمَ في أَوَاخِرِ بَابِ التَّدْبِيرِ هل يَثْبُتُ التَّدْبِيرُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أو بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا يُقْبَلُ في النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَسَائِرِ ما لَا يُسْتَحْلَفُ فيه شَاهِدٌ وَيَمِينٌ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ فِيهِمَا إلَّا رَجُلَانِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَعَنْهُ يُقْبَلُ فيه رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أو رَجُلٌ وَيَمِينٌ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هذا في ذلك الْبَابِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ حَلَفَ على فِعْلِ نَفْسِهِ أو دَعْوَى عليه حَلَفَ على الْبَتِّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَسَوَاءٌ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ في الْبَائِعِ يَحْلِفُ لِنَفْيِ عَيْبِ السِّلْعَةِ على نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وحكى عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِوَايَةٌ أَنَّ الْيَمِينَ في ذلك كُلِّهِ على نَفْيِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَشْهَدَ له بِقَوْلِهِ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَا تَضْطَرُّوا الناس في أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا على ما لَا يَعْلَمُونَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال أبو الْبَرَكَاتِ خَصَّ هذه الرِّوَايَةَ بِمَا إذَا كانت الدَّعْوَى على النَّفْيِ قال وهو أَقْرَبُ وَاخْتَارَهَا أَيْضًا أبو بَكْرٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ حَلَفَ على فِعْلِ غَيْرِهِ أو دَعْوَى عليه أَيْ دَعْوَى على الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ حَلَفَ على الْبَتِّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ يَمِينُهُ بَتٌّ على فِعْلِهِ ونفى على فِعْلِ غَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

مِثَالُ فِعْلِ الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذلك الْغَيْرَ أَقْرَضَ أو اسْتَأْجَرَ وَنَحْوَهُ وَيُقِيمُ بِذَلِكَ شَاهِدًا فإنه يَحْلِفُ مع الشَّاهِدِ على الْبَتِّ لِكَوْنِهِ إثْبَاتًا قَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ على الْفُرُوعِ وَمِثَالُ الدَّعْوَى على الْغَيْرِ في الْإِثْبَاتِ إذَا ادَّعَى على شَخْصٍ أَنَّهُ أدعى على أبيه أَلْفًا قوله وَإِنْ حَلَفَ على النَّفْيِ حَلَفَ على نَفْيِ عِلْمِهِ يَعْنِي إذَا حَلَفَ على نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ أو نفى دَعْوَى على ذلك الْغَيْرِ أَمَّا الْأُولَى‏:‏ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَحْلِفُ على نَفْيِ الْعِلْمِ وَأَمَّا‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فيها أَيْضًا على نَفْيِ الْعِلْمِ وقال في مُنْتَخَبِ الشِّيرَازِيِّ يَحْلِفُ على الْبَتِّ في نَفْيِ الدَّعْوَى على غَيْرِهِ وقال في الْعُمْدَةِ وَالْأَيْمَانُ كُلُّهَا على الْبَتِّ إلَّا الْيَمِينَ على نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا على نَفْيِ الْعِلْمِ انتهى‏.‏

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا‏:‏ مِثَالُ نَفْيِ الدَّعْوَى على الْغَيْرِ إذَا ادَّعَى عليه أَنَّهُ ادَّعَى على أبيه أَلْفًا فَأَقَرَّ له بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَ الدَّعْوَى وَنَحْوَ ذلك فإن يَمِينَهُ على النَّفْيِ على الْمَذْهَبِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثَالُ نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ أَنْ يَنْفِيَ ما ادَّعَى عليه من أَنَّهُ غَصَبَ أو جَنَى وَنَحْوُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا في حَوَاشِيهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ‏:‏ عبد الْإِنْسَانِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَأَمَّا الْبَهِيمَةُ فِيمَا يُنْسَبُ إلَى تَفْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَيَحْلِفُ على الْبَتِّ وَإِلَّا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَمَنْ تَوَجَّهَتْ عليه يَمِينٌ لِجَمَاعَةٍ فقال أَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً لهم فَرَضُوا جَازَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَلَوْ رَضُوا بِوَاحِدَةٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

تَقَدَّمَ أن الْيَمِينِ تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ في الْحَالِ وَلَا تُسْقِطُ الْحَقَّ فللمدعى إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذلك قال في الرِّعَايَةِ وَتَحْلِيفُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ أَبَوْا حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لو ادَّعَى وَاحِدٌ حُقُوقًا على وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ في كل حَقٍّ يَمِينٌ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْيَمِينُ الْمَشْرُوعَةُ هِيَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى اسْمُهُ فَتُجْزِئُ الْيَمِينُ بها بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ تَغْلِيظَهَا بِلَفْظٍ أو زَمَنٍ أو مَكَان جَازَ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب ‏[‏المستوعب‏]‏ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ قال في النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انتهى‏.‏

وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ يُكْرَهُ تَغْلِيظُهَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ ان تَرْكَهُ أَوْلَى إلَّا في مَوْضِعٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ وَصَحَّ وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً لَا يَجُوزُ تَغْلِيظُهَا اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْحَلْوَانِيُّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَنَصَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أنها لَا تَغَلُّظُ لِأَنَّهَا حُجَّةُ أَحَدِهِمَا فَوَجَبَتْ مَوْضِعُ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُهَا مُطْلَقًا قال ابن خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ في نُكَتِهِ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحَدُ الْأَقْسَامِ وَمَعْنَى الْأَقْوَالِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إذَا رَآهُ الْإِمَامُ مَصْلَحَةً وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ النُّكَتِ إلَى وُجُوبِ التَّغْلِيظِ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ وَطَلَبَهُ على ما يَأْتِي في كَلَامِهِمَا وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ تَغْلِيظُهَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَغْلِيظُهَا في حَقِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ خَاصَّةً قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ قال الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَبِهِ قال أبو بَكْرٍ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالنَّصْرَانِيُّ يقول وَاَللَّهِ الذي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ على عِيسَى وَجَعَلَهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَيُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ هَكَذَا قال جَمَاهِيرُ الْأصحاب وقال بَعْضُهُمْ في تَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِذَلِكَ في حَقِّهِمْ نَظَرٌ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ إنَّمَا يَعْتَقِدُ أَنَّ عِيسَى بن اللَّهِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَالْمَجُوسِيُّ يقول وَاَللَّهِ الذي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَذَكَرَ ابن أبي موسى أَنَّهُ يَحْلِفُ مع ذلك بِمَا يُعَظِّمُهُ من الْأَنْوَارِ وَغَيْرِهَا وفي تَعْلِيقِ أبي إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا عن أبي بَكْرِ بن جَعْفَرٍ أَنَّهُ قال وَيَحْلِفُ الْمَجُوسِيُّ فَيُقَالُ له قُلْ وَالنُّورِ وَالظُّلْمَةِ قال الْقَاضِي هذا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنْ يَحْلِفُوا وَإِنْ كانت مَخْلُوقَةً كما يَحْلِفُونَ في الْمَوَاضِعِ التي يُعَظِّمُونَهَا وَإِنْ كانت مَوَاضِعَ يُعْصَى اللَّهُ فيها قَالَهُ في النُّكَتِ وَنَقَلَ الْمَجْدُ من تَعْلِيقِ الْقَاضِي تُغَلَّظُ الْيَمِينُ على الْمَجُوسِيِّ بِاَللَّهِ الذي بَعَثَ إدْرِيسَ رَسُولًا لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ الذي جاء بِالنُّجُومِ التي يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَهَا وَيُغَلَّظُ على الصَّابِئِ بِاَللَّهِ الذي خَلَقَ النَّارَ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ تَعْظِيمَ النَّارِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ هذا بِالْعَكْسِ لِأَنَّ الْمَجُوسَ تُعَظِّمُ النَّارَ وَالصَّابِئَةَ تُعَظِّمُ النُّجُومَ‏.‏

فائدة‏:‏

لو أَبَى من وَجَبَتْ عليه الْيَمِينُ التَّغْلِيظَ لم يَصِرْ نَاكِلًا وحكى إجْمَاعًا وَقَطَعَ بِهِ الْأصحاب قال في النُّكَتِ لِأَنَّهُ قد بَذَلَ الْوَاجِبَ عليه فَيَجِبُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ وَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ له قال وَفِيهِ نَظَرٌ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ يَجِبُ التَّغْلِيظُ إذَا رَآهُ الْحَاكِمُ وَطَلَبَهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قِصَّةُ مَرْوَانَ مع زَيْدٍ تَدُلُّ على أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا رَأَى التَّغْلِيظَ فَامْتَنَعَ من الْإِجَابَةِ أَدَّى ما أدعى بِهِ وَلَوْ لم يَكُنْ كَذَلِكَ ما كان في التَّغْلِيظِ زَجْرٌ قَطُّ قال في النُّكَتِ وَهَذَا الذي قَالَهُ صَحِيحٌ وَالرَّدْعُ وَالزَّجْرُ عِلَّةُ التَّغْلِيظِ فَلَوْ لم يَجِبْ برأى الْإِمَامِ لَتَمَكَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ من الِامْتِنَاعِ منه لِعَدَمِ الضَّرَرِ عليه في ذلك وَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْضًا مَتَى قُلْنَا هو مُسْتَحَبٌّ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ منه الْخَصْمُ يَصِيرُ نَاكِلًا‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وفي الصَّخْرَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها لَا تُغَلَّظُ عِنْدَ الصَّخْرَةِ بَلْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ وقال عن الْأَوَّلِ ليس له أَصْلٌ في كلام الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا غَيْرِهِ من الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ النُّكَتِ فيها‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وفي سَائِرِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ وهو الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال في الْوَاضِحِ هل يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَقِيلَ إنْ قَلَّ الناس لم يَجُزْ وقال أبو الْفَرَجِ يَرْقَيَانِهِ وقال في الِانْتِصَارِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَرْقَيَا عليه‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَيَحْلِفُ أَهْلُ الذِّمَّةِ في الْمَوَاضِعِ التي يُعَظِّمُونَهَا بِلَا نِزَاعٍ وقال في الْوَاضِحِ وَيَحْلِفُونَ أَيْضًا في الْأَزْمِنَةِ التي يُعَظِّمُونَهَا كَيَوْمِ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ‏.‏

قَوْلُهُ‏:‏ وَلَا تُغَلَّظُ الْيَمِينُ إلَّا فِيمَا له خَطَرٌ يَعْنِي حَيْثُ قُلْنَا يَجُوزُ التَّغْلِيظُ كَالْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وما تَجِبُ فيه الزَّكَاةُ من الْمَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاوى الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ تُغَلَّظُ في قَدْرِ نِصَابِ السَّرِقَةِ فَأَزْيَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْمَجْدِ في مُحَرَّرِهِ التَّغْلِيظُ مُطْلَقًا‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَحْلِفُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وِفَاقًا لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَحَكَاهُ ابن عبد الْبَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ إجْمَاعًا قال في الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِلْوَالِي إحْلَافُ الْمَتْهُومِ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا في الْكَشْفِ في حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفُهُ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذلك وَلَا إحْلَافُ أَحَدٍ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا على غَيْرِ حَقٍّ انتهى‏.‏