فصل: بَابُ: اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ سَتْرِ الْعَوْرَةِ

فائدتان‏:‏ إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ وَسَتْرُهَا عن النَّظَرِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ وَاجِبٌ‏.‏

فَلَا يَجُوزُ كَشْفُهَا وَاعْلَمْ أَنَّ كَشْفَهَا في غَيْرِ الصَّلَاةِ تَارَةً يَكُونُ في خَلْوَةٍ وَتَارَةً يَكُونُ مع زَوْجَتِهِ أو سُرِّيَّتِهِ وَتَارَةً يَكُونُ مع غَيْرِهِمَا فَإِنْ كان مع غَيْرِهِمَا حَرُمَ كَشْفُهَا وَوَجَبَ سَتْرُهَا إلَّا لِضَرُورَةٍ كَالتَّدَاوِي وَالْخِتَانِ وَمَعْرِفَةِ الْبُلُوغِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَالْعَيْبِ وَالْوِلَادَةِ وَنَحْوِ ذلك وَإِنْ كان مع زَوْجَتِهِ أو سُرِّيَّتِهِ جَازَ له ذلك وَإِنْ كان في خَلْوَةٍ فَإِنْ كان ثَمَّ حَاجَةٌ كَالتَّخَلِّي وَنَحْوِهِ جَازَ وَإِنْ لم تَكُنْ حَاجَةٌ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْرُمُ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ في الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَ في النَّظْمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وابن تَمِيمٍ وَتَقَدَّمَ هذا أَيْضًا هُنَاكَ وَعَنْهُ يَجُوزُ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ ذَكَرَهَا في النُّكَتِ وهو وَجْهٌ ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ أو الْكَرَاهَةِ لَا فَرْقَ بين أَنْ يَكُونَ في ظُلْمَةٍ أو حَمَّامٍ أو بحضرة ‏[‏يحضره‏]‏ مَلَكٌ أو جِنِّيٌّ أو حَيَوَانٌ بَهِيمٌ أو لَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ في الصَّلَاةِ عن نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ فَلَوْ صلى في قَمِيصٍ وَاسِعِ الْجَيْبِ ولم يَزُرَّهُ وَلَا شَدَّ وَسَطَهُ وكان بِحَيْثُ يَرَى عَوْرَتَهُ في قِيَامِهِ أو رُكُوعِهِ فَهُوَ كَرُؤْيَةِ غَيْرِهِ في مَنْعِ الْإِجْزَاءِ نُصَّ عليه وَلَا يُعْتَبَرُ سَتْرُهَا من أَسْفَلَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَاعْتَبَرَهُ أبو الْمَعَالِي إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت فَلَوْ صلى على حَائِطٍ فَرَأَى عَوْرَتَهُ من تَحْتٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى‏.‏

وَيَكْفِي في سَتْرِهَا نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ كَالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَكْفِي الْحَشِيشُ مع وُجُودِ ثَوْبٍ وَيَكْفِي مُتَّصِلٌ بِهِ كَيَدِهِ وَلِحْيَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنُصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يَكْفِي وَهِيَ وَجْهٌ في ابن تَمِيمٍ وقد تَرَدَّدَ الْقَاضِي في شَرْحِ الْمُذْهَبِ في السَّتْرِ بِلِحْيَتِهِ فَجَزَمَ تَارَةً بِأَنَّ السَّتْرَ بِالْمُتَّصِلِ ليس بِسَتْرٍ في الصَّلَاةِ ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ وَرَجَعَ إلَى أَنَّهُ سَتْرٌ في الصَّلَاةِ انْتَهَى وَلَا يَلْزَمُهُ لُبْسُ بَارِيَةٍ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّهُ وَلَا ضَفِيرَةٍ‏.‏

وَلَا يَلْزَمُ سَتْرُهَا بِالطِّينِ وَلَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ جُزِمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابن الْجَوْزِيِّ وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في الْمَاءِ وَقَدَّمَهُ في الطِّينِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ ابن عَقِيلٍ يَجِبُ بِالطِّينِ لَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَيِّنَ بِهِ عَوْرَتَهُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ لُزُومِ الِاسْتِتَارِ بِالطِّينِ قال وهو الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَقِيلَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ انْتَهَى وَجَزَمَ في التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِالْمَاءِ وَأَطْلَقَ في الطِّينِ الْوَجْهَيْنِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ سَتْرِهَا بِالطِّينِ لو طلى ‏[‏صلى‏]‏ بِهِ ثُمَّ تَنَاثَرَ شَيْءٌ لم يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ على الصَّحِيحِ وقال ابن أبي الْفَهْمِ يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ أَنَّهُ إذَا كان يَصِفُ الْبَشَرَةَ لَا يَصِحُّ السَّتْرُ بِهِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا فَيُبَيِّنَ من وَرَائِهِ الْجِلْدَ وَحُمْرَتَهُ فَأَمَّا إنْ كان يَسْتُرُ اللَّوْنَ وَيَصِفُ الْخِلْقَةَ لم يَضُرَّ قال الْأَصْحَابُ لَا يَضُرُّ إذَا وَصَفَ التَّقَاطِيعَ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ نُصَّ عليه لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ وَنَقَلَ مُهَنَّا تغطى خُفَّهَا لِأَنَّهُ يَصِفُ قَدَمَهَا وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي على أَنَّ الْقَدَمَ عَوْرَةٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ وَالْأَمَةِ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ عَوْرَةَ الرَّجُلِ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالتَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَعَنْهُ أنها الْفَرْجَانِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وقال هِيَ أَظْهَرُ وَإِلَيْهَا مَيْلُ صَاحِبِ النَّظْمِ أَيْضًا فيه‏.‏

وَأَمَّا عَوْرَةُ الْأَمَةِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أنها ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَالرَّجُلِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وابن تَمِيمٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالشِّيرَازِيُّ وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ عَوْرَتُهَا ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ‏.‏

بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَمَةٌ ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا على الْأَظْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ وابن عُبَيْدَانَ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ ما عَدَا رَأْسَهَا وَيَدَيْهَا إلَى مِرْفَقَيْهَا وَرِجْلَيْهَا إلَى رُكْبَتَيْهَا فَهُوَ عَوْرَةٌ قال الْآمِدِيُّ عَوْرَةُ الْأَمَةِ ما خَلَا الْوَجْهَ وَالرَّأْسَ وَالْقَدَمَيْنِ إلَى أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ انْتَهَى وَقِيلَ الْأَمَةُ الْبَرْزَةُ كَالرَّجُلِ بِخِلَافِ الْخَفْرَةِ قال في الْإِفَادَاتِ وَالْأَمَةُ الْبَرْزَةُ كَالرَّجُلِ وَالْخَفْرَةُ ما لَا يَظْهَرُ غَالِبًا انْتَهَى وَقِيلَ ما عَدَا رَأْسَهَا عَوْرَةٌ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ ذَكَرَهُ عن ابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لَا قَائِلَ بِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ له وَعَنْهُ عَوْرَةُ الْأَمَةِ الْفَرْجَانِ كَالرَّجُلِ ذَكَرَهَا جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ منهم أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وَالْحَلْوَانِيُّ وابن الْجَوْزِيِّ وَالسَّامِرِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعُ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ من الْأَمَةِ عَوْرَةٌ قال وقد حَكَى جَمَاعَةٌ من أَصْحَابِنَا أَنَّ عَوْرَتَهَا السَّوْأَتَانِ فَقَطْ كَالرِّوَايَةِ في عَوْرَةِ الرَّجُلِ قال وَهَذَا غَلَطٌ قَبِيحٌ فَاحِشٌ على الْمَذْهَبِ خُصُوصًا وَعَلَى الشَّرِيعَةِ عُمُومًا وَكَلَامُ أَحْمَدَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عن هذا الْقَوْلِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت قد حَكَى جَدُّهُ وَتَابَعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ أَنَّ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ من الْأَمَةِ عَوْرَةً إجْمَاعًا وَرَدُّ هذه الرِّوَايَةِ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي حُكْمُ ما إذَا عَتَقَتْ في الصَّلَاةِ قَرِيبًا‏.‏

فائدة‏:‏

قِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْأَمَةِ سَتْرُ رَأْسِهَا في الصَّلَاةِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَقَدْ بَالَغَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فقال لو صَلَّتْ مُغَطَّاةُ الرَّأْسِ لم يَصِحَّ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ سَتْرُ رَأْسِ أُمِّ الْوَلَدِ إنْ قُلْنَا هِيَ كَرَجُلٍ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ‏.‏

الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ عَدَمُ دُخُولِهِمَا في الْعَوْرَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ هُمَا من الْعَوْرَةِ نَقَلَهُ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ الرُّكْبَةُ فَقَطْ من الْعَوْرَةِ‏.‏

الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ أَنَّ عَوْرَةَ من هو دُونَ الْبُلُوغِ من الذُّكُورِ مُخَالِفٌ لِعَوْرَةِ الرَّجُلِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ ولم أَرَ من صَرَّحَ بِذَلِكَ إلَّا أَبَا الْمَعَالِي ابن الْمُنَجَّا فإنه قال الصَّغِيرُ بَعْدَ الْعَشْرِ كَالْبَالِغِ وَمِنْ السَّبْعِ إلَى الْعَشْرِ عَوْرَتُهُ الْفَرْجَانِ فَقَطْ وقد تَقَدَّمَ في كِتَابِ الصَّلَاةِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُضْرَبُ على تَرْكِهَا لِعَشْرٍ أَنَّ الْمُصَنِّفَ وَالشَّارِحَ قَالَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الصَّغِيرِ ما يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْكَبِيرِ إلَّا في سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَعَلَّلَاهُ‏.‏

الثَّالِثُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ أَنَّ عَوْرَةَ الْخُنْثَى مُخَالِفَةٌ لِعَوْرَتِهِ في الْحُكْمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ أَنَّ الْخُنْثَى مُخَالِفٌ لها في الْحُكْمِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا أَنَّ عَوْرَتَهُ كَعَوْرَةِ الرَّجُلِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُذْهَبِ هذا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَصَحَّحَهُ في النظم ‏[‏النظر‏]‏ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَوْرَتُهُ كَعَوْرَةِ الْمَرْأَةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في أَحْكَامِ الْخُنْثَى قال في الرِّعَايَةِ وهو أَوْلَى وَاخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ قَالَهُ في الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

قُلْت وهو الْأَوْلَى وَالْأَحْوَطُ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ إذَا قُلْنَا الْعَوْرَةُ الْفَرْجَانِ سَتَرَ الْخُنْثَى فَرْجَهُ وَذَكَرَهُ وَدُبُرَهُ وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَحْتَاطُ فَيَسْتُرُ كَالْمَرْأَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ حتى ظُفْرُهَا وَشَعْرُهَا إلَّا الْوَجْهَ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَجْهَ ليس بِعَوْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا وَعَنْهُ الْوَجْهُ عَوْرَةٌ أَيْضًا قال الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِأَنَّ جَمِيعَهَا عَوْرَةٌ وهو مَحْمُولٌ على ما عَدَا الْوَجْهَ أو على غَيْرِ الصَّلَاةِ انْتَهَى وقال بَعْضُهُمْ الْوَجْهُ عَوْرَةٌ وَإِنَّمَا كُشِفَ في الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ ليس بِعَوْرَةٍ في الصَّلَاةِ وهو عَوْرَةٌ في بَابِ النَّظَرِ إذَا لم يَجُزْ النَّظَرُ إلَيْهِ انْتَهَى‏.‏

قوله وفي الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْجَامِعِ الصغير ‏[‏الكبير‏]‏ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْفُصُولِ وَالتَّذْكِرَةِ له وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ‏.‏

إحْدَاهُمَا هُمَا عَوْرَةٌ وَهِيَ الْمَذْهَبُ عليه الْجُمْهُورُ قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ قال وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وفي الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ في الْإِيضَاحِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَتَا بِعَوْرَةٍ جُزِمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنِّهَايَةِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن مُنَجَّا وابن عُبَيْدَانَ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ ما عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ عَوْرَةٌ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحكاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا في الْخِمَارِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْقَدَمَيْنِ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ أَيْضًا‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

الثَّانِي قد يُقَالُ شَمِلَ قَوْلُهُ وَالْحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ الْمُمَيِّزَةَ وَالْمُرَاهِقَةَ وهو قَوْلٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ في الْمُرَاهِقَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ فيها قال في النُّكَتِ وَكَلَامُ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أنها كَالْبَالِغَةِ في عَوْرَةِ الصَّلَاةِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي في كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ كَالْأَمَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الْفُرُوعِ قال بَعْضُهُمْ وَمُرَاهِقَةٌ وقال بَعْضُهُمْ وَمُمَيِّزَةٌ كَأَمَةٍ نَقَلَ أبو طَالِبٍ في شَعْرٍ وَسَاقٍ وَسَاعِدٍ لَا يَجِبُ سَتْرُهُ حتى تَحِيضَ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقِيلَ الْمُمَيِّزَةُ كَالْأَمَةِ وقال أبو الْمَعَالِي هِيَ بَعْدَ تِسْعٍ كَبَالِغٍ ثُمَّ ذَكَرَ عن الْأَصْحَابِ إلَّا في كَشْفِ الرَّأْسِ وَقَبْلَ التِّسْعِ وَقِيلَ السَّبْعِ الْفَرْجَانِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ ما سِوَاهُمَا انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْأَمَةِ‏.‏

أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها كَالْأَمَةِ في حُكْمِ الْعَوْرَةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ ابن تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنِّهَايَةِ وَنَظْمِهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ كَالْحُرَّةِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في‏.‏

الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْهَادِي وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

وَأَمَّا الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها كَالْأَمَةِ أَيْضًا كما قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قال ابن تَمِيمٍ هِيَ كَالْأَمَةِ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ كَالْحُرَّةِ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْمُحَرَّرِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ على الْأَصَحِّ قال الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ قال النَّاظِمُ هذا أَوْلَى قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هذا الْأَظْهَرُ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

فائدة‏:‏

الْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا على صِفَةٍ كَالْأَمَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ كَالْحُرَّةِ وَعَنْهُ الْمُدَبَّرَةُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وقال ابن الْبَنَّا هِيَ كَأُمِّ الْوَلَدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ في ثَوْبَيْنِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ بَلْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا لَكِنْ قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ مع سَتْرِ رَأْسِهِ وَالْإِمَامُ أَبْلَغُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ على سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَجْزَأَهُ إذَا كان على عَاتِقِهِ شَيْءٌ من اللِّبَاسِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ سَتْرَ الْمَنْكِبَيْنِ في الْجَمَاعَةِ شَرْطٌ في صِحَّةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الْقَاضِي عليه‏.‏

أَصْحَابُنَا قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ سَتْرُهُمَا وَاجِبٌ لَا شَرْطٌ وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا وَعَنْهُ سُنَّةٌ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَمَنْ وَافَقَهُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مع كَشْفِ الْمَنْكِبَيْنِ وَأَبَى ذلك الشَّيْخَانِ‏.‏

وَأَمَّا في النَّفْلِ فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا تجزئة إذَا لم يَكُنْ على عَاتِقِهِ شَيْءٌ من اللِّبَاسِ فَهُوَ كَالْفَرْضِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ قال في الْإِفَادَاتِ وَعَلَى الرَّجُلِ الْقَادِرِ سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَمَنْكِبَيْهِ وَأَطْلَقَ وَكَذَا قال في الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وقال الْقَاضِي يُجْزِئُهُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ في النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ وهو الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى نُصَّ عليها في رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ هذه الْمَشْهُورَةُ وَجُزِمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ ما جُزِمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ على وُجُوبِهِ في الْفَرْضِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالنَّظْمِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَيْخُنَا في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏.‏

أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ إذَا كان على عَاتِقِهِ شَيْءٌ من اللِّبَاسِ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْيَسِيرُ الذي يَصْلُحُ لِلسَّتْرِ وهو ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ سَتْرُ الْجَمِيعِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ يُجْزِئُ وَلَوْ بِحَبْلٍ أو خَيْطٍ وهو رِوَايَةٌ في الْوَاضِحِ وَنَسَبَهُ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ إلَى أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكْفِي سَتْرُ أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ نُصَّ عليها في رِوَايَةِ مُثَنَّى ابن جَامِعٍ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْإِقْنَاعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُنَوِّرِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ لَا بُدَّ من سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ وَهُمَا عَاتِقَاهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَتُهُ وَصَحَّحَهُ الطُّوفِيُّ في شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِأَنَّ عَاتِقَهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ في دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَمِلْحَفَةٍ يَعْنِي الْحُرَّةَ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتَقَدَّمَ ما يُسْتَحَبُّ لُبْسُهُ لها في الصَّلَاةِ‏.‏

قَوْلُهُ وإذا انْكَشَفَ من الْعَوْرَةِ يَسِيرٌ لَا يَفْحُشُ في النَّظَرِ لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ وَعَنْهُ يَبْطُلُ اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَيَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ يَبْطُلُ في الْمُغَلَّظَةِ فَقَطْ وَقاله ابن عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا وَقَدَّرَ ابن أبي مُوسَى الْعَفْوَ بِظُهُورِ الْعَوْرَةِ في الرُّكُوعِ فَقَطْ وَغَيْرُهُ أَطْلَقَ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ إذَا انْكَشَفَ أَنَّهُ إذَا انْكَشَفَ من غَيْرِ قَصْدٍ وهو‏.‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ أَمَّا لو كُشِفَ يَسِيرٌ من الْعَوْرَةِ قَصْدًا فإنه يُبْطِلُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ في مُخْتَصَرِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قَدْرُ الْيَسِيرِ ما عُدَّ يَسِيرًا عُرْفًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْيَسِيرُ من الْعَوْرَةِ ما كان قَدْرَ رَأْسِ الْخِنْصَرِ وَجُزِمَ بِهِ في الْمُبْهِجِ قال ابن تَمِيمٍ وَلَا وَجْهَ له وهو كما قال‏.‏

الثَّانِيَةُ كَشْفُ الْكَثِيرِ من الْعَوْرَةِ في الزَّمَنِ الْقَصِيرِ كَالْكَشْفِ الْيَسِيرِ في الزَّمَنِ الطَّوِيلِ على ما تَقَدَّمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ هُنَاكَ وَقِيلَ إنْ احْتَاجَ عَمَلًا كَثِيرًا في أَخْذِهَا فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ الْخِلَافَ في كَشْفِ الْيَسِيرِ من الْعَوْرَةِ وَجَزَمَ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْكُبْرَى بِالْعَفْوِ عن الْكَشْفِ الْكَثِيرِ في الزَّمَنِ الْيَسِيرِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ صلى في ثَوْبٍ حَرِيرٍ أو مَغْصُوبٍ لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ يَصِحُّ مع التَّحْرِيمِ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وابن عَقِيلٍ في الْفُنُونِ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وهو أَظْهَرُ وَقِيلَ تَصِحُّ مع الْكَرَاهَةِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ من عَالِمٍ بِالنَّهْيِ وَتَصِحُّ من غَيْرِهِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ إنْ كان شِعَارًا يَعْنِي يَلِي جَسَدَهُ وَاخْتَارَهُ ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقِيلَ إذَا كان قَدْرَ سَتْرِ عَوْرَةٍ كَسَرَاوِيلَ وَإِزَارٍ وَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاةُ النَّفْلِ دُونَ غَيْرِهَا وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ قال الْآمِدِيُّ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ النَّفْلِ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ في النَّافِلَةِ ذَكَرَهَا في النُّكَتِ وَيَأْتِي نَظِيرُهَا في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ‏.‏

وقال في الْفَائِقِ وَالْمُخْتَارِ وَقْفُ الصِّحَّةِ على تَحْلِيلِ الْمَالِكِ في الْغَصْبِ وقد نُصَّ على مِثْلِهِ في الزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ قال في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ يَقِفُ على إجَازَةِ الْمَالِكِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ في النَّفْلِ قَرِيبًا بِأَعَمَّ من هذا‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَبِسَ عِمَامَةً مَنْهِيًّا عنها أو تِكَّةً وَصَلَّى فيها صَحَّتْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وَجَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُذْهَبِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ في التِّكَّةِ وَلَوْ صلى وفي يَدِهِ خَاتَمٌ ذَهَبٌ أو دُمْلُجٌ أو في رِجْلِهِ خُفٌّ حَرِيرٌ لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ في التَّبْصِرَةِ احْتِمَالًا في بُطْلَانِهَا بِجَمِيعِ ذلك إنْ كان رَجُلًا وَقِيلَ تَصِحُّ مع الْكَرَاهَةِ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ وقال أبو بَكْرٍ إذَا صلى وفي يَدِهِ خَاتَمٌ حَدِيدٌ أو صُفْرٌ أَعَادَ صَلَاتَهُ‏.‏

فائدة‏:‏

لو لم يَجِدْ إلَّا ثَوْبَ حَرِيرٍ صلى فيه ولم يُعِدْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُصَلِّي وَيُعِيدُ قال الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ فَأَمَّا الْحَرِيرُ إذَا لم يَجِدْ غَيْرَهُ فَيُصَلِّي فيه وَلَا يُعِيدُ وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْإِعَادَةَ على الرِّوَايَتَيْنِ في الثَّوْبِ النَّجِسِ قال وهو وَهْمٌ لِأَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ فيه التَّحْرِيمُ وقد زَالَتْ في هذه الْحَالِ إجْمَاعًا فَأَشْبَهَ زَوَالَهَا بِالْجَهْلِ وَالْمَرَضِ انْتَهَى‏.‏

وَلَوْ لم يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا مَغْصُوبًا لم يُصَلِّ فيه قَوْلًا وَاحِدًا وَصَلَّى عُرْيَانًا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فَلَوْ خَالَفَ وَصَلَّى لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِارْتِكَابِ النَّهْيِ وَقِيلَ تَصِحُّ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ النَّفْلِ فِيمَا تَقَدَّمَ حُكْمُ الْفَرْضِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقِيلَ يَصِحُّ في النَّفْلِ وَإِنْ لم‏.‏

نُصَحِّحْهَا في الْفَرْضِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ قال في الْفُرُوعِ وَنَفْلُهُ كَفَرْضِهِ كَثَوْبٍ نَجِسٍ وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لَا وقال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ من صلى نَفْلًا في ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ أو في مَوْضِعٍ مَغْصُوبٍ وَنَحْوِهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ثُمَّ قال قُلْت فَإِنْ كان معه ثَوْبَانِ نَجِسٌ وَحَرِيرٌ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُمَا فَالْحَرِيرُ أَوْلَى‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو جَهِلَ أو نَسِيَ كَوْنَهُ غَصْبًا أو حَرِيرًا أو حُبِسَ في مَكَان غَصْبٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي في حَبْسِهِ بِغَصْبٍ رِوَايَتَيْنِ ثُمَّ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ في ثَوْبٍ يَجْهَلُ غَصْبَهُ لِعَدَمِ إثْمِهِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال‏.‏

وَمِنْهَا لَا يَصِحُّ نَفْلُ الْآبِقِ وَيَصِحُّ فَرْضُهُ ذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وابن الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ زَمَنَ فَرْضِهِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا فلم يَغْصِبْهُ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بُطْلَانُ فَرْضِهِ قَوِيٌّ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابن هُبَيْرَةَ صِحَّةُ صَلَاتِهِ مُطْلَقًا إنْ لم يَسْتَحِلَّ الْإِبَاقَ‏.‏

وَمِنْهَا تَصِحُّ صَلَاةُ من طُولِبَ بِرَدِّ وَدِيعَةٍ أو غَصْبٍ قبل دَفْعِهَا إلَى رَبِّهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابن الزَّاغُونِيِّ عن طَائِفَةٍ من الْأَصْحَابِ أنها لَا تَصِحُّ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلَ الْمَسْأَلَةِ من أَمَرَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَكَان فَخَالَفَهُ وَأَقَامَ‏.‏

وَمِنْهَا لو غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَيْرِهِ من الْمَغْصُوبِ وَإِنْ مَنَعَهُ غَيْرُهُ وَقِيلَ أو زَحَمَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ قال في الْفُرُوعِ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فيها أَوْلَى لِتَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فيها وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ الصِّحَّةَ مع الْكَرَاهَةِ قال في الْفَائِقِ صَحَّتْ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَقْوَى الْبُطْلَانُ‏.‏

وَمِنْهَا يَصِحُّ الْوُضُوءُ وَالْأَذَانُ وَإِخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَالصَّوْمُ وَالْعَقْدُ في مَكَان غَصْبٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ هو كَصَلَاةٍ وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ في الشِّرَاءِ‏.‏

وَمِنْهَا لو تَقَوَّى على أَدَاءِ عِبَادَةٍ بِأَكْلٍ مُحَرَّمٍ صَحَّتْ وقال أَحْمَدُ في بِئْرٍ حفرت ‏[‏حفر‏]‏ بِمَالٍ غَصْبٍ لَا يَتَوَضَّأُ منها وَعَنْهُ إنْ لم يَجِدْ غَيْرَهَا لَا أَدْرِي وَيَأْتِي إذَا صلى على أَرْضِ غَيْرِهِ أو مُصَلَّاهُ في الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ لم يَجِدْ إلَّا ثَوْبًا نَجِسًا صلى فيه‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ لَا تَصِحُّ فيه مُطْلَقًا بَلْ يُصَلِّي عُرْيَانًا وهو تَخْرِيجٌ لِلْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَعَنْهُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صلى فيه وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فيه مُطْلَقًا مع نَجَاسَةٍ عينيه كَجِلْدِ الْمَيْتَةِ فَيُصَلِّي عُرْيَانًا قاله ابن حَامِدٍ‏.‏

فائدة‏:‏

حَيْثُ قُلْنَا يُصَلِّي عُرْيَانًا فإنه لَا يُعِدْ على الصَّحِيحِ وَقِيلَ يُعِيدُ‏.‏

قَوْلُهُ وَأَعَادَ على الْمَنْصُوصِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُعِيدَ وَجَزَمَ بِهِ في التَّبْصِرَةِ وَالْعُمْدَةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وغيرهم ‏[‏وغيره‏]‏ وَذَكَرَهُ في الْمُذْهَبِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا رِوَايَةً وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يُعِيدَ بِنَاءً على من صلى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ منه فإنه قال لَا إعَادَةَ عليه فَمِمَّنْ خَرَّجَ عَدَمَ الْإِعَادَةِ أبو الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قال ابن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ سَوَّى بَعْضُ أَصْحَابِنَا بين الْمَسْأَلَتَيْنِ ولم يُخَرِّجْ طَائِفَةً من الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَكَذَا قال في أُصُولِهِ وَأَكْثَرُ من خَرَّجَ خَرَّجَهَا مِمَّنْ صلى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ كما خَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَخَرَّجَهَا الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ من مَسْأَلَةِ من عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَأَمَّا من صلى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ منه فإنه لَا إعَادَةَ عليه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَخَرَّجَ الْإِعَادَةَ من الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا ولم يُخَرِّجْ بَعْضَهُمْ قال في الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ وهو أَظْهَرُ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هو ما قَالَهُ أو جَرَى منه مَجْرَى الْقَوْلِ من تنبيه أو غَيْرِهِ وفي جَوَازِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ من جِهَةِ الْقِيَاسِ أو من فِعْلِهِ أو من مَفْهُومِ كَلَامِهِ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ما قِيسَ على كَلَامِهِ مَذْهَبُهُ لو أَفْتَى في مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ في وَقْتَيْنِ لم يَجُزْ النَّقْلُ وَالتَّخْرِيجُ من كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى كَقَوْلِ الشَّارِعِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ في التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ ابن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ وَالطُّوفِيُّ في أُصُولِهِ وَشَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الرَّوْضَةِ وَذَكَرَ ابن حَامِدٍ عن بَعْضِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ قال الطُّوفِيُّ في أُصُولِهِ وَالْأَوْلَى جَوَازُ ذلك بَعْدَ الْجَدِّ وَالْبَحْثِ من أَهْلِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُطْلِعِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قُلْت كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ على جَوَازِ النَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وهو كَثِيرٌ في كَلَامِهِمْ في الْمُخْتَصَرَاتِ وَالْمُطَوَّلَاتِ وَفِيهِ دَلِيلٌ على الْجَوَازِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في خُطْبَةِ الْكِتَابِ‏.‏

فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ هذا الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ وَجْهًا لِمَنْ خَرَّجَهُ‏.‏

وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً على ما يَأْتِي بَيَانُهُ وَتَحْرِيرُهُ آخِرَ الْكِتَابِ في الْقَاعِدَةِ وَكَذَا لو نَصَّ على حُكْمٍ في الْمَسْأَلَةِ وَسَكَتَ عن نَظِيرَتِهَا فلم يَنُصَّ على حُكْمٍ فيها لَا يَجُوزُ نَقْلُ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عليه إلَى الْمَسْكُوتِ عنه بَلْ هُنَا عَدَمُ النَّقْلِ أَوْلَى‏.‏

قَالَهُ الطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ وَغَيْرِهِ وقال في شَرْحِهِ وَقِيَاسُ الْجَوَازِ في التي قَبْلَهَا نَقْلُ حُكْمِ الْمَنْصُوصِ عليه إلَى الْمَسْكُوتِ عنه إذَا عُدِمَ الْفَرْقُ الْمُؤَثِّرُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ النَّظَرِ الْبَالِغِ من أَهْلِهِ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ فيها وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ‏.‏

فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَا تَكُونُ إلَّا في نَصَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ في مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ وَأَمَّا التَّخْرِيجُ وَحْدَهُ فَهُوَ أَعَمُّ لِأَنَّهُ من الْقَوَاعِدِ الْكُلِّيَّةِ التي تَكُونُ من الْإِمَامِ أو الشَّرْعِ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ بَنَى فَرْعًا على أَصْلٍ بِجَامِعٍ مُشْتَرَكٍ‏.‏

فائدة‏:‏

إذَا صلى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عنه فَإِنْ كانت النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْمَأَ غَايَةَ ما يُمْكِنُهُ وَجَلَسَ على قَدَمَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا قاله ابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَإِنْ كانت يَابِسَةً فَكَذَلِكَ قال في الْوَجِيزِ وَمَنْ مَحَلُّهُ نَجِسٌ بِضَرُورَةٍ أَوْمَأَ ولم يُعِدْ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ فقال يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ كَمَنْ صلى في مَاءٍ وَطِينٍ قال الْقَاضِي يَقْرُبُ أَعْضَاؤُهُ من السُّجُودِ بِحَيْثُ لو زَادَ شيئا لَمَسَّتْهُ النَّجَاسَةُ وَيَجْلِسُ على رِجْلَيْهِ وَلَا يَضَعُ على الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا وَعَنْهُ يَجْلِسُ وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ هِيَ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَمَنْ لم يَجِدْ إلَّا ما يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ سَتَرَهَا‏.‏

إنْ كانت السُّتْرَةُ لَا تَكْفِي إلَّا الْعَوْرَةَ فَقَطْ أو مَنْكِبَيْهِ فَقَطْ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُصَلِّي قَائِمًا وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وقال الْقَاضِي يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا قال ابن تَمِيمٍ وهو بَعِيدٌ قال ابن عَقِيلٍ هذا مَحْمُولٌ على سُتْرَةٍ تَتَّسِعُ أَنْ يَتْرُكَهَا على كَتِفَيْهِ وَيَشُدَّهَا من وَرَائِهِ فَتَسْتُرَ دُبُرَهُ وَالْقُبُلُ مَسْتُورٌ بِضَمِّ فَخِذَيْهِ عليه فَيَحْصُلَ سَتْرُ الْجَمِيعِ انْتَهَى وَهَذَا الْقَوْلُ من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْبُلْغَةِ وَإِنْ كانت السُّتْرَةُ تَكْفِي عَوْرَتَهُ فَقَطْ أو تَكْفِي مَنْكِبَيْهِ وَعَجُزَهُ فَقَطْ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَيْضًا أَنَّهُ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَيُصَلِّي قَائِمًا وهو أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَعَجُزَهُ وَيُصَلِّي جَالِسًا نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكْفِ جَمِيعَهَا سَتَرَ الْفَرْجَيْنِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَيُصَلِّي جَالِسًا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لم يَكْفِهِمَا جميعا سَتَرَ أَيَّهُمَا شَاءَ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هو في الْأَوْلَوِيَّةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى سَتْرُ الدُّبُرِ على ظَاهِرِ كَلَامِهِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ سَتَرَهُ على الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهَادِي وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالشَّرْحِ وَقِيلَ الْقُبُلُ أَوْلَى وهو رِوَايَةٌ حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ‏.‏

قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذلك‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي قال في الْعُمْدَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ فَإِنْ لم يَكْفِهِمَا سَتَرَ أَحَدَهُمَا وَاقْتَصَرَا عليه وَقَدَّمَهُ ابن رَزِينٍ‏.‏

في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقِيلَ سَتْرُ أَكْثَرِهِمَا أَوْلَى وَاخْتَارَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ بُذِلَتْ له سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا إذَا كانت عَارِيَّةً‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو وُهِبَتْ له سُتْرَةٌ لم يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ السُّتْرَةِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ وَالزِّيَادَةُ هُنَا على قِيمَةِ الْمِثْلِ مِثْلُ الزِّيَادَةِ في مَاءِ الْوُضُوءِ على ما تَقَدَّمَ في بَابِ التَّيَمُّمِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صلى جَالِسًا يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ صلى قَائِمًا جَازَ‏.‏

صَرَّحَ بِأَنَّ له الصَّلَاةَ جَالِسًا وَقَائِمًا وهو الْمَذْهَبُ وإذا صلى قَائِمًا فإنه يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وهو الْمَذْهَبُ وَقُوَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّلَاةَ جَالِسًا أَوْلَى وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ عليه عَامَّةُ الْأَصْحَابِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَقِيلَ تَجِبُ الصَّلَاةُ جَالِسًا وَالْحَالَةُ هذه وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ فإنه قال لَا يُصَلُّونَ قِيَامًا إذَا رَكَعُوا وَسَجَدُوا بَدَتْ عَوْرَاتُهُمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ يَعْنِي يَلْزَمُهُ ذلك اخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ ابن الْجَوْزِيِّ قَالَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ وَأَمَّا ما حَكَاهُ أبو مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ من وُجُوبِ الْقِيَامِ على رِوَايَةٍ فَمُنْكَرٌ لَا نَعْرِفُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ‏.‏

وَهَذَا أَعْجَبُ منه فإن هذه الرِّوَايَةَ مَشْهُورَةٌ مَنْقُولَةٌ في الْكُتُبِ الْمُطَوَّلَةِ وَالْمُخْتَصَرَةِ وَذَكَرَهَا ابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وهو مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بَلْ قَوْلُهُ مُنْكَرٌ لَا يُعْرَفُ له مُوَافِقٌ على ذلك غَايَتُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ لم يَذْكُرْهَا وَلَا يَلْزَمُ من عَدَمِ ذِكْرِهَا عَدَمُ إثْبَاتِهَا وَإِنَّمَا نَفَاهَا ابن عَقِيلٍ على ما يَأْتِي من كَلَامِهِ في الْمُصَلِّي جَمَاعَةً وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ على من نَفَى‏.‏

وَقِيلَ يُصَلِّي قَائِمًا وَيُومِئُ وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَجْهًا في الْمُنْفَرِدِ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا بِخِلَافِ من يُصَلِّي جَمَاعَةً قال ابناءً على أَنَّ السَّتْرَ كان لِمَعْنًى في غَيْرِ الْعَوْرَةِ وهو عن أَعْيُنِ الناس وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ إنْ تَوَارَى بَعْضُ الْعُرَاةِ عن بَعْضٍ فَصَلَّوْا قِيَامًا فَلَا بَأْسَ قال الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُ الْقِيَامُ خَلْوَةً وَنَقَلَ بَكْرُ ابن مُحَمَّدٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلُّوا جُلُوسًا وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بين الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا وقال وهو الْمَذْهَبُ قال ابن عَقِيلٍ في رِوَايَتَيْهِ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّ الْعُرَاةَ إذَا صَلَّوْا جَمَاعَةً يُصَلُّونَ جُلُوسًا وَلَا يَجُوزُ قِيَامًا وَاخْتُلِفَ في الْمُنْفَرِدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْجَمَاعَةِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ عَدِمَ بِكُلِّ حَالٍ صلى جَالِسًا يُومِئُ إيمَاءً‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا صلى جَالِسًا أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ بِالْأَرْضِ اخْتَارَهُ ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حَيْثُ قُلْنَا يُصَلِّي جَالِسًا فإنه لَا يَتَرَبَّعُ بَلْ ينضام ‏[‏ينضم‏]‏ بِأَنْ يَضُمَّ إحْدَى فَخِذَيْهِ على الْأُخْرَى وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ‏.‏

وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَنْهُ يَتَرَبَّعُ جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال نُصَّ عليه‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ حَيْثُ صلى عُرْيَانًا فإنه لَا يُعِيدُ إذَا قَدَرَ على السُّتْرَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَلْحَقَهُ الدِّينَوَرِيُّ بِعَادِمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيبَةً منه في أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ‏.‏

يَعْنِي قَرِيبَةً عُرْفًا سَتَرَ وَبَنَى وَإِنْ كانت بَعِيدَةً عُرْفًا سَتَرَ وَابْتَدَأَ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ يَبْنِي مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَبْنِي مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ انْتَظَرَ من يُنَاوِلُهُ إيَّاهَا لم تَبْطُلْ لِأَنَّهُ انْتِظَارُ وَاجِدٍ كَانْتِظَارِ الْمَسْبُوقِ وقال ابن حَامِدٍ إذَا قَدَرَ على السُّتْرَةِ في الصَّلَاةِ فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ أو يَبْنِي يُخَرَّجُ على الْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ في الصَّلَاةِ وَجُوِّزَ لِلْأَمَةِ إذَا عَتَقَتْ في الصَّلَاةِ الْبِنَاءُ مع الْقُرْبِ وَجْهًا وَاحِدًا‏.‏

فائدة‏:‏

لو قال لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْنِ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَصَلَّتْ كَذَلِكَ عَاجِزَةً عن ستره عَتَقَتْ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ وَمَعَ الْقُدْرَةِ عليه تَصِحُّ الصَّلَاةُ دُونَ الْعِتْقِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا حُكْمُ الْمُعْتَقَةِ في الصَّلَاةِ حُكْمُ وَاجِدِ السُّتْرَةِ في الصَّلَاةِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَتَفْصِيلًا على الصَّحِيحِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابن حَامِدٍ وقال ابن تَمِيمٍ وَلَوْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ في الصَّلَاةِ فَهِيَ كَالْعُرْيَانِ يَجِدُ السُّتْرَةَ لَكِنَّ حُكْمَهَا في الْبِنَاءِ مع الْعَمَلِ الْكَثِيرِ كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَكَذَا إنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ سِتْرًا له وَاحْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ بِخِلَافِ الْعَارِي إذْ الصَّحِيحُ فيه عَدَمُ تَخْرِيجِهِ على من سَبَقَهُ الْحَدَثُ انْتَهَى وَلَوْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ او وُجُوبَ السُّتْرَةِ أو الْقُدْرَةَ عليه لَزِمَهَا الْإِعَادَةُ كَخِيَارِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو طُعِنَ في دُبُرِهِ فَصَارَتْ الرِّيحُ تَتَمَاسَكُ في حَالِ جُلُوسِهِ فإذا سَجَدَ خَرَجَتْ منه لَزِمَهُ السُّجُودُ بِالْأَرْضِ نُصَّ عليه تَرْجِيحًا لِلرُّكْنِ على الشَّرْطِ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا في نَفْسِهِ وَخَرَّجَ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ يُومِئُ بِنَاءً على الْعُرْيَانِ وَقَوَّاهُ هو وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَتَقَدَّمَ ما يُشْبِهُ ذلك في الْحَيْضِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ من بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُصَلِّي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً‏.‏

قال في الْفُرُوعِ وُجُوبًا‏.‏

قُلْت وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَإِمَامُهُمْ في وَسَطِهِمْ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ إمَامَ الْعُرَاةِ يَجِبُ أَنْ يَقِفَ بَيْنَهُمْ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ مُتَقَدِّمًا عليهم فَعَلَى الْأَوَّلِ لو خَالَفَ وَفَعَلَ بَطَلَتْ وَعَلَى الثَّانِي لَا تَبْطُلُ وَلَوْ كان الْمَكَانُ يَضِيقُ عَنْهُمْ صَفًّا وَاحِدًا صلى الْكُلُّ جَمَاعَةً وَاحِدَةً وَإِنْ كَثُرَتْ صُفُوفُهُمْ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقِيلَ يُصَلُّونَ جَمَاعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ كَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ فَإِنْ لم يَسَعْهُمْ صَفٌّ وَاحِدٌ وَقَفُوا صُفُوفًا وَغَضُّوا أَبْصَارَهُمْ وَإِنْ صلى كُلُّ صَفٍّ جَمَاعَةً فَهُوَ أَحْسَنُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو كانت السُّتْرَةُ لِوَاحِدٍ لَزِمَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بها فَلَوْ أَعَارَهَا وَصَلَّى عُرْيَانًا لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَيُسْتَحَبُّ إعَارَتُهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بها واحد ‏[‏واحدا‏]‏ بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ خَافُوا خُرُوجَ الْوَقْتِ دُفِعَتْ السُّتْرَةُ إلَى من يُصَلِّي فيها إمَامًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَيُصَلِّي الْبَاقِي عُرَاةً وَقِيلَ لَا يُقَدَّمُ الْإِمَامُ بِالسُّتْرَةِ بَلْ يُصَلِّي فيها‏.‏

وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهَلْ يَلْزَمُ انْتِظَارُ السُّتْرَةِ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ في غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمْ لَا يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا كَالْقُدْرَةِ على الْقِيَامِ بَعْدَهُ فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وابن رَزِينٍ وهو الصَّحِيحُ الصَّوَابُ وَجُزِمَ بِهِ في الْكَافِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَلْزَمُهُ انْتِظَارُهَا لِيُصَلِّيَ فيها وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَهَذَا أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وقال وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صلى بها وَاحِدٌ‏.‏

قُلْت إنْ عَيَّنَهُ رَبُّهَا وَإِلَّا اقْتَرَعُوا إنْ تَشَاحُّوا انْتَهَى‏.‏

قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَإِنْ صلى صَاحِبُ الثَّوْبِ وقد بَقِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيرَهُ لِمَنْ يَصْلُحُ لِإِمَامَتِهِمْ وَإِنْ أَعَارَهُ لِغَيْرِهِ جَازَ وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ صَاحِبِ الثَّوْبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا ولم يَكُنْ الثَّوْبُ لِوَاحِدٍ منهم أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فَيَكُونُ من تَقَعُ له الْقُرْعَةُ أَحَقَّ بِهِ وَإِلَّا قُدِّمَ من يُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ بِعَارِيَّتِهِ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَاجِدَ الْمَاءِ أَصْلًا لِلُّزُومِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَلَا فَرْقَ وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ في مَسْأَلَةِ الْقُدْرَةِ على الْقِيَامِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الِانْتِظَارَ وَحَمَلَهُ ابن عَقِيلٍ على اتِّسَاعِ الْوَقْتِ‏.‏

الثَّانِيَةُ الْمَرْأَةُ أَوْلَى بِالسُّتْرَةِ لِلصَّلَاةِ من الرَّجُلِ وَتَقَدَّمَ آخِرَ التَّيَمُّمِ إذَا بُذِلَتْ سُتْرَةٌ الْأَوْلَى من الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ أَنْ يُصَلِّيَ الْحَيُّ ثُمَّ يُكَفَّنَ الْمَيِّتُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ بَعْدَهَا إذَا احْتَاجَ إلَى لِفَافَةِ الْمَيِّتِ وَهَلْ يصلى عليه عُرْيَانًا أو يَأْخُذُ لِفَافَتَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ في الصَّلَاةِ السَّدْلُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ إنْ كان تَحْتَهُ ثَوْبٌ لم يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَعَنْهُ إنْ كان تَحْتَهُ ثَوْبٌ وَإِزَارٌ لم يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَنْهُ يَحْرُمُ فَيُعِيدُ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ في الْإِعَادَةِ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وقال أبو بَكْرٍ إنْ لم تَبْدُ عَوْرَتُهُ لم يُعِدْ بِاتِّفَاقٍ‏.‏

قَوْلُهُ وهو أَنْ يَطْرَحَ على كَتِفَيْهِ ثَوْبًا وَلَا يَرُدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ على الْكَتِفِ الْأُخْرَى‏.‏

وَهَذَا التَّفْسِيرُ هو الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَهُ في أَوَّلِ بَابِ ما يُكْرَهُ في الصَّلَاةِ في اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِمْ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ هذا الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ عنه‏.‏

وقدم ‏[‏وقدمه‏]‏ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هو أَنْ يَضَعَ على كَتِفَيْهِ ثَوْبًا مَنْشُورًا وَلَا يَرُدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ على أَحَدِ كَتِفَيْهِ وَنَقَلَ صَالِحٌ هو أَنْ يَطْرَحَ الثَّوْبَ على أَحَدِهِمَا وَلَا يَرُدَّ أَحَدَ طَرَفَيْهِ على الْأُخْرَى وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ وقال نُصَّ عليه وَعَنْهُ أَنْ يَتَخَلَّلَ بِالثَّوْبِ ويرخى طَرَفَيْهِ وَلَا يَرُدَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا على الْكَتِفِ الْأُخْرَى وَلَا يَضُمَّ طَرَفَيْهِ بِيَدَيْهِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ وَنَقَلَ ابن هَانِئٍ هو أَنْ يُرْخِيَ ثَوْبَهُ على عَاتِقِهِ لَا يَمَسُّهُ وَقِيلَ هو إسْبَالُ الثَّوْبِ على الْأَرْضِ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وابن عَقِيلٍ وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ مع طَرْحِهِ على أَحَدِ كَتِفَيْهِ وَقِيلَ هو وَضْعُ وَسَطِ الرِّدَاءِ على رَأْسِهِ وَإِرْسَالُهُ من وَرَائِهِ على ظَهْرِهِ وَهِيَ لِبْسَةُ الْيَهُودِ وَقِيلَ هو وَضْعُهُ على عُنُقِهِ ولم يَرُدَّهُ على كَتِفَيْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي‏.‏

قَوْلُهُ وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ في الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ فَيُعِيدُ وَهِيَ من الْمُفْرَدَاتِ قال ابن تَمِيمٍ وَحَكَى ابن حَامِدٍ وَجْهًا في بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ مُطْلَقًا وقال ابن أبي مُوسَى إذَا لم يَكُنْ تَحْتَهُ ثَوْبٌ أَعَادَ وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ في الْإِعَادَةِ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وهو أَنْ يَضْطَبِعَ بِثَوْبٍ ليس عليه غَيْرُهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وَالشَّارِحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَإِنْ كان عليه غَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ إذَا كان فَوْقَ الْإِزَارِ دُونَ الْقَمِيصِ وقال صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ هو أَنْ يَضَعَ الرِّدَاءَ على رَأْسِهِ ثُمَّ يَسْدُلَ طَرَفَيْهِ إلَى رِجْلَيْهِ وقال ابن تَمِيمٍ وقال السَّامِرِيُّ هو أَنْ يَلْتَحِفَ بِالثَّوْبِ وَيَرْفَعَ طَرَفَيْهِ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَلَا يَبْقَى لِيَدَيْهِ ما يُخْرِجُهُمَا منه ولم أَرَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ قال في الْفُرُوعِ وهو الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ قال أبو عُبَيْدٍ وَهُمْ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمُ على الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَلَفُّ الْكُمِّ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ تَغْطِيَةَ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمَ على الْفَمِ وَلَفَّ الْكُمِّ مَكْرُوهٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَأَمَّا التَّلَثُّمُ على الْأَنْفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَيْضًا قال في الْفُصُولِ يُكْرَهُ التَّلَثُّمُ على الْأَنْفِ على أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ وَشَدُّ الْوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ‏.‏

يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنُصَّ عليه وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَشُدَّهُ لِعَمَلِ الدُّنْيَا فَيُكْرَهَ نَقَلَهُ ابن إبْرَاهِيمَ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِكَرَاهَةِ شَدِّهِ على هذه الصِّفَةِ لِعَمَلِ الدُّنْيَا منهم ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَيَأْتِي كَلَامُهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

تَنْبِيهَاتٌ‏.‏

الْأَوَّلُ كَرَاهَةُ شَدِّ وَسَطِهِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ لَا تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَاقْتُصِرَ عليه في الْفُرُوعِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِالنَّصَارَى في كل وَقْتٍ وَقِيلَ يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِهِمْ‏.‏

الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ أَنَّهُ إذَا كان لَا يُشْبِهُهُ لَا يُكْرَهُ وهو صَحِيحٌ بَلْ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ يُسْتَحَبُّ نُصَّ عليه لِلْخَبَرِ وَأَنَّهُ أَسْتَرُ لِلْعَوْرَةِ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ بِمِنْدِيلٍ أو مِنْطَقَةٍ وَنَحْوِهَا وقال ابن عَقِيلٍ يُكْرَهُ الشَّدُّ بِالْحِيَاصَةِ يَعْنِي لِلرَّجُلِ قال في الْمُسْتَوْعِبِ فَإِنْ شَدَّ وَسَطَهُ بِمَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ كَالْحِيَاصَةِ وَنَحْوِهَا كُرِهَ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمِنْطَقَةَ في الصَّلَاةِ زَادَ بَعْضُهُمْ وفي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَقَلَ حَرْبٌ يُكْرَهُ شَدُّ وَسَطِهِ على الْقَمِيصِ لِأَنَّهُ من زِيِّ الْيَهُودِ وَلَا بَأْسَ بِهِ على الْقَبَاءِ قال الْقَاضِي لِأَنَّهُ من عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال ابن تَمِيمٍ لَا بَأْسَ بِشَدِّ الْقَبَاءِ في السَّفَرِ على غَيْرِهِ نَصَّ عليه وَاقْتَصَرَ عليه‏.‏

الثَّالِثُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ في حَقِّ الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيُكْرَهُ الشَّدُّ فَوْقَ ثِيَابِهَا لِئَلَّا يَحْكِيَ حَجْمَ أَعْضَائِهَا وَبَدَنِهَا انْتَهَى قال ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ في الصَّلَاةِ شَدُّ وَسَطِهَا بِمِنْدِيلٍ وَمِنْطَقَةٍ وَنَحْوِهِمَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِسْبَالُ شَيْءٍ من ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ يَعْنِي يُكْرَهُ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا إنْ أَرَادُوا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ وَلَكِنْ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ الْمُرَادُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وهو الْأَلْيَقُ وحكى في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْخِلَافُ في كَرَاهَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ إلَّا في حَرْبٍ أو يَكُونُ ثَمَّ حَاجَةٌ‏.‏

قُلْت هذا عَيْنُ الصَّوَابِ الذي لَا يُعْدَلُ عنه وهو الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ نَصِّ أَحْمَدَ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْرُمُ في الْأَصَحِّ إسْبَالُ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ في غَيْرِ حَرْبٍ بِلَا حَاجَةٍ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْمَذْهَبُ هو حَرَامٌ قال في الرِّعَايَةِ وهو أَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَالْإِفَادَاتُ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ يَحْرُمُ أو يُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ‏.‏

قالوا في الْحَاجَةِ كَوْنُهُ حَمْشَ السَّاقَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ ولم يُرِدْ التَّدْلِيسَ على النِّسَاءِ انْتَهَى فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ إسْبَالِ الثِّيَابِ عِنْدَ الْحَاجَةِ‏.‏

قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ بَيِّنٌ بَلْ يُقَالُ يَجُوزُ الْإِسْبَالُ من غَيْرِ خُيَلَاءَ لِحَاجَةٍ وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ هذا في قَصِيرَةٍ اتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ من خَشَبٍ فلم تُعْرَفْ‏.‏

فوائد‏:‏

منها يَجُوزُ الِاحْتِبَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وَأَمَّا مع كَشْفِ الْعَوْرَةِ فَيَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُ الرَّجُلِ إلَى فَوْقِ نِصْفِ سَاقِهِ نُصَّ عليه وَيُكْرَهُ زِيَادَتُهُ إلَى تَحْتِ كَعْبَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ على الصَّحِيحِ من الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ ما تَحْتَهُمَا في النَّارِ وَذَكَرَ النَّاظِمُ من لم يَخَفْ خُيَلَاءَ لم يُكْرَهْ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ هذا في حَقِّ الرَّجُلِ‏.‏

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ زِيَادَةُ ثَوْبِهَا إلَى ذِرَاعٍ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ ذَيْلُ نِسَاءِ الْمُدُنِ في الْبَيْتِ كَالرَّجُلِ منهم السَّامِرِيُّ في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ

‏.‏

وَمِنْهَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ يُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رؤوس أَصَابِعِهِ أو أَكْثَرَ بِيَسِيرٍ وَيُوَسِّعُهَا قَصْدًا وَيُسَنُّ تَقْصِيرُ كُمِّ الْمَرْأَةِ قال في الْفُرُوعِ وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ في سَعَتِهِ قَصْدًا قال في التَّلْخِيصِ وَيُسْتَحَبُّ لها تَوْسِيعُ الْكُمِّ من غَيْرِ إفْرَاطٍ بِخِلَافِ الرَّجُلِ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ لُبْسُ ما يَصِفُ الْبَشَرَةَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ في بَيْتِهَا نُصَّ عليه وقال أبو الْمَعَالِي لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُكْرَهُ لِمَنْ لم يَرَهَا إلَّا زَوْجٌ أو سَيِّدٌ وَذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ والنظم ‏[‏والناظم‏]‏ في آدَابِهِ قال في الرِّعَايَةِ وهو الْأَصَحُّ وَأَمَّا لُبْسُهَا ما يَصِفُ اللِّينَ وَالْخُشُونَةَ وَالْحَجْمَ فَيُكْرَهُ‏.‏

ومنها ‏[‏منها‏]‏ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الزِّيقَ الْعَرِيضَ لِلرَّجُلِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فيه لِلْمَرْأَةِ قال الْقَاضِي إنَّمَا كرهه ‏[‏كره‏]‏ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشُّهْرَةِ وقال بَعْضُهُمْ إنَّمَا كُرِهَ الْإِفْرَاطُ جَمْعًا بين قَوْلَيْهِ وقال أَحْمَدُ في الْفَرْجِ لِلدُّرَّاعَةِ من بَيْنِ يَدَيْهَا قد سَمِعْت ولم أَسْمَعْ من خَلَفِهَا إلَّا أَنَّ فيه سَعَةً عِنْدَ الرُّكُوبِ وَمَنْفَعَةً‏.‏

وَمِنْهَا كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ لُبْسَ زِيِّ الْأَعَاجِمِ كَعِمَامَةٍ صَحَّاءَ وَكَنَعْلٍ صِرَّارَةٍ لِلزِّينَةِ لَا لِلْوُضُوءِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ لُبْسُ ما فيه شُهْرَةٌ أو خِلَافُ زِيِّ بَلْدَةٍ من الناس على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَنَصُّهُ لَا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَحْرُمُ شُهْرَةً وهو ما قُصِدَ بِهِ الِارْتِفَاعُ وَإِظْهَارُ التَّوَاضُعِ لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ لِذَلِكَ وَأَمَّا الْإِسْرَافُ في الْمُبَاحِ فَالْأَشْهَرُ لَا يَحْرُمُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَحَرَّمَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لُبْسُ ما فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْآدَابِ الْمَنْظُومَةِ لِابْنِ عبد الْقَوِيِّ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَنْبَغِي‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فوائد‏:‏

الأولى ‏[‏الأول‏]‏ لو أُزِيلَ من الصُّورَةِ ما لَا تَبْقَى معه الْحَيَاةُ زَالَتْ الْكَرَاهَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَقِيلَ الْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ وَمِثْلُ ذلك صُوَرُ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ وَتِمْثَالٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ يَحْرُمُ تَصْوِيرُ ما فيه رُوحٌ وَلَا يَحْرُمُ تَصْوِيرُ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ وَالتِّمْثَالِ مِمَّا لَا يُشَابِهُ ما فيه رُوحٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وقال في الْوَجِيزِ وَيَحْرُمُ التَّصْوِيرُ وَاسْتِعْمَالُهُ وَكَرِهَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ الصَّلَاةَ على ما فيه صُورَةٌ وقال في الْفُصُولِ يُكْرَهُ في الصَّلَاةِ صُورَةٌ وَلَوْ على ما يُدَاسُ‏.‏

الثَّالِثَةُ يَحْرُمُ تَعْلِيقُ ما فيه صُورَةُ حَيَوَانٍ وَسَتْرُ الْجِدَارِ بِهِ وَتَصْوِيرُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ وحكى رِوَايَةً وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في بَابِ الْوَلِيمَةِ وَلَا يَحْرُمُ افْتِرَاشُهُ وَلَا جَعْلُهُ مِخَدَّةً بَلْ وَلَا يُكْرَهُ فيها لِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ اتَّكَأَ على مِخَدَّةٍ فيها صُورَةٌ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَأْتِي ذلك في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في بَابِ الْوَلِيمَةِ‏.‏

الرَّابِعَةُ يُكْرَهُ الصَّلِيبُ في الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيُحْتَمَلُ تَحْرِيمُهُ وهو ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ‏.‏

بِلَا نِزَاعٍ من حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَتَحْرُمُ تِكَّةُ الْحَرِيرِ وَالشِّرَابَةُ الْمُفْرَدَةُ نُصَّ عليه وَيَحْرُمُ افْتِرَاشُهُ وَالِاسْتِنَادُ إلَيْهِ وَيَحْرُمُ سَتْرُ الْجُدُرِ بِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَهُ قال في الْفُرُوعِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ من ذَكَرَ تَحْرِيمَ لُبْسِهِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ تَعْلِيقُهُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِمَا لَا يُنَقِّي كَالْحَرِيرِ النَّاعِمِ وَحَرَّمَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهُ مُطْلَقًا قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّ في فَشَخَانَةٍ وَالْخَيْمَةِ وَالْبُقْجَةِ وَكَدَالَّةٍ وَنَحْوِهِ الْخِلَافُ‏.‏

قَوْلُهُ وما غَالِبُهُ الْحَرِيرُ‏.‏

أَيْ لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْغَالِبَ يَكُونُ بِالظُّهُورِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ الِاعْتِبَارُ بِالْغَالِبِ في الْوَزْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْآدَابِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَوَاشِي‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْكَافِرِ لُبْسُ ثِيَابِ الْحَرِيرِ‏.‏

قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ على الْقَاعِدَةِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْجَوَازَ قال وَعَلَى قِيَاسِهِ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِلْكُفَّارِ وإذا جَازَ بَيْعُهَا لهم جَازَ صُنْعُهَا لِبَيْعِهَا لهم وَعَمَلُهَا لهم بِالْأُجْرَةِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ في الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ كَالذَّكَرِ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وقال في الْكُبْرَى وَالْخُنْثَى في الْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ في الصَّلَاةِ وَعَنْهُ وَغَيْرِهَا كَذَكَرٍ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَوَى هو وما نُسِجَ معه فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ‏.‏

وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابن رَزِينٍ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ لَكِنْ إنَّمَا أَطْلَقَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْخِلَافَ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا وَزْنًا بِنَاءً على ما قَدَّمَهُ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَجُوزُ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وقال صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي الْمَجْدَ وهو ظَاهِرُ ما جُزِمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَتَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالتَّسْهِيلِ لِأَنَّهُمْ قالوا في التَّحْرِيمِ أو ما غَالِبُهُ الْحَرِيرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابن الْبَنَّا‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ قال في الْفُصُولِ لِأَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ وَلَيْسَ تَغْلِيبُ التَّحْلِيلِ بِأَوْلَى من التَّحْرِيمِ ولم يَحْكِ خِلَافَهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أبو بَكْرٍ في ال

تنبيه‏:‏ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لُبْسُ الْقِسِيِّ وَالْمُلْحَمِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دُخُولُ الْخَزِّ في الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ من إبْرَيْسِمَ وَصُوفٍ أو وَبَرٍ وهو اخْتِيَارُ ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ إبَاحَةُ الْخَزِّ نَصَّ عليه وَفَرَّقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ قد لَبِسَهُ الصَّحَابَةُ وَبِأَنَّهُ لَا سَرَفَ فيه وَلَا خُيَلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ في الْآدَابِ وَغَيْرِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْخَزُّ ما عُمِلَ من صُوفٍ وَإِبْرَيْسَمَ قَالَهُ في الْمُطْلِعِ في كِتَابِ النَّفَقَاتِ قال في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ هو الْمَعْمُولُ من إبْرَيْسِمَ وَوَبَرٍ طَاهِرٍ كَوَبَرِ‏.‏

الْأَرْنَبِ وَغَيْرِهَا وَاقْتَصَرَ على هذا في الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ قال وما عُمِلَ من سَقَطِ حَرِيرٍ وَمِشَاقَتِهِ وما يُلْقِيهِ الصَّانِعُ من بَلَهٍ من تَقَطُّعِ الطَّاقَاتِ إذَا دُقَّ وَغُزِلَ وَنُسِجَ فَهُوَ كَحَرِيرٍ خَالِصٍ في ذلك وَإِنْ سُمِّيَ الْآنَ خَزًّا قال في الْمُطْلِعِ وَالْخَزُّ الْآنَ الْمَعْمُولُ من الْإِبْرَيْسِمَ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ الْخَزُّ ما سدى بِالْإِبْرَيْسَمِ وَأُلْحِمَ بِوَبَرٍ أو صُوفٍ لِغَلَبَةِ اللُّحْمَةِ على الْحَرِيرِ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ حُكْمُ الْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ حُكْمُ الْحَرِيرِ الْمَنْسُوجِ مع غَيْرِهِ على ما سَبَقَ‏.‏

فائدة‏:‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَنْسُوجَ بِالْفِضَّةِ وَالْمُمَوَّهَ بها كَالْمَنْسُوجِ بِالذَّهَبِ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وقال في الرِّعَايَةِ وما نُسِجَ بِذَهَبٍ وَقِيلَ أو فِضَّةٍ حَرُمَ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَحَالَ لَوْنُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ فَهَؤُلَاءِ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ فِيمَا اسْتَحَالَ لَوْنُهُ مُطْلَقًا وقال ابن تَمِيمٍ فَإِنْ اسْتَحَالَ لَوْنُ الْمُمَوَّهِ فَوَجْهَانِ فَإِنْ كان بَعْدَ اسْتِحَالَتِهِ لَا يَحْصُلُ عنه شَيْءٌ فَهُوَ مُبَاحٌ وَجْهًا وَاحِدًا وَكَذَا قال في الْفَائِقِ وقال في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْمَنْسُوجِ وَالْمُمَوَّهِ بِذَهَبٍ قبل اسْتِحَالَتِهِ وقال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ يَحْرُمُ ما نُسِجَ أو مُوِّهَ بِذَهَبٍ بَاقٍ وقال في الْفُرُوعِ فَإِنْ اسْتَحَالَ لَوْنُهُ ولم يَحْصُلْ منه شَيْءٌ وَقِيلَ مُطْلَقًا أُبِيحَ في الْأَصَحِّ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَفِيمَا اسْتَحَالَ لَوْنُهُ من الْمُمَوَّهِ وَنَحْوِهِ بِذَهَبٍ وَقِيلَ لَا يَجْتَمِعُ منه شَيْءٌ إذَا حُكَّ‏.‏

وَجْهَانِ وَقِيلَ يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ وَقِيلَ ما اسْتَحَالَ ولم يَجْتَمِعْ منه شَيْءٌ إذَا حُكَّ حَلَّ وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى‏.‏

وَحَاصِلُ ذلك أَنَّهُ إذَا لم يَحْصُلْ منه شَيْءٌ يُبَاحُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَإِنْ كان يَحْصُلُ منه شَيْءٌ بَعْدَ حَكِّهِ لم يُبَحْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَفِي الْمُسْتَحِيلِ لَوْنُهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْإِبَاحَةُ وَعَدَمُهَا وَالْفَرْقُ وهو الْمَذْهَبُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ لِمَرَضٍ أو حَكَّةٍ‏.‏

فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُبَاحُ لَهُمَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَحَفِيدُهُ يُبَاحُ لَهُمَا على الْأَصَحِّ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُبَاحُ على الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في إدْرَاكِ الْغَايَةِ في الْحَكَّةِ وَقَدَّمَهُ في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا قَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ أو حَكَّةٍ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَثَّرَ لُبْسُهُ في زَوَالِهَا أَمْ لَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ إلَّا إذَا أَثَّرَ في زَوَالِهَا جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قَوْلُهُ أو في الْحَرْبِ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا يُبَاحُ وهو الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُبَاحُ على الْأَظْهَرِ قال في الْخُلَاصَةِ يُبَاحُ على الْأَصَحِّ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ هذه الرِّوَايَةُ أَقْوَى قال في الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى يُبَاحُ في الْحَرْبِ من غَيْرِ حَاجَةٍ في أَرْجَحِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنْتَخَبِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ اخْتَارَهُ ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُنَوِّرِ فإنه لم يَسْتَثْنِ لِلْإِبَاحَةِ إلَّا الْمَرَضَ وَالْحَكَّةَ وَقَدَّمَهُ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ يُبَاحُ مع مُكَايَدَةِ الْعَدُوِّ بِهِ وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْعَدُوِّ ضَرُورَةً وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ فَقَطْ من غَيْرِ حَاجَةٍ قال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ لم يَكُنْ له بِهِ حَاجَةٌ في الْحَرْبِ حَرُمَ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كان بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ كَالْجُبَّةِ لِلْقِتَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى وَقِيلَ يُبَاحُ في دَارِ الْحَرْبِ فَقَطْ وَقِيلَ يَجُوزُ حَالَ شِدَّةِ الْحَرْبِ ضَرُورَةً وفي لُبْسِهِ أَيَّامَ الْحَرْبِ بِلَا ضَرُورَةٍ رِوَايَتَانِ وَهَذِهِ طَرِيقَتُهُ في التَّلْخِيصِ وَجَعَلَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ في غَيْرِ الْحَاجَةِ وَقَدَّمَهُ ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وقال وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ في الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا قال في مَعْنَى الْحَاجَةِ ما هو مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَإِنْ قام غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في آخِرِ بَابٍ فيه وَيُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ في الْحَرْبِ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كان الْقِتَالُ مُبَاحًا من غَيْرِ حَاجَةٍ وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ وَلَوْ احْتَاجَهُ في نَفْسِهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ وَتَقَدَّمَ في كَلَامِ ابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ ما يَدُلُّ على ذلك‏.‏

قَوْلُهُ أو أَلْبَسَهُ الصَّبِيَّ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَحْرُمُ على الْوَلِيِّ إلْبَاسُهُ الْحَرِيرَ وهو الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ قال الشَّارِحُ التَّحْرِيمُ أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ لِتَقْيِيدِهِمْ التَّحْرِيمَ بِالرَّجُلِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو صلى فيه لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَصِحُّ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ في آخِرِ بَابٍ عنه وَيُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِلصِّبْيَانِ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ إلْبَاسِهِ الذَّهَبَ حُكْمُ إلْبَاسِهِ الْحَرِيرَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَاحُ حَشْوُ الْجِبَابِ وَالْفَرْشِ بِهِ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْرُمَ وهو وَجْهٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَهُ ابن عَقِيلٍ رِوَايَةً وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ‏.‏

فائدة‏:‏

يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْمَهْرِ في الْحَرِيرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَبِعَهُ في الْآدَابِ وَقِيلَ يَحْرُمُ في الْأَقْيَسِ وَلَا يَبْطُلُ الْمَهْرُ بِذَلِكَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت لو قِيلَ بِالْإِبَاحَةِ لَكَانَ له وَجْهٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَاحُ الْعَلَمُ الْحَرِيرُ في الثَّوْبِ إذَا كان أَرْبَعَ أَصَابِعَ فما دُونَ‏.‏

يَعْنِي مَضْمُومَةً وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَإِدْرَاكِ‏.‏

الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُبَاحُ قَدْرَ الْكَفِّ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ وقال ليس لِلْأَوَّلِ مُخَالِفٌ لِهَذَا بَلْ هُمَا سَوَاءٌ انْتَهَى وَغَايَرَ بين الْقَوْلَيْنِ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الْوَجِيزِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا دُونَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وما رَأَيْت من وَافَقَهُ على ذلك وقال ابن أبي مُوسَى لَا بَأْسَ بِالْعَلَمِ الدَّقِيقِ دُونَ الْعَرِيضِ وقال أبو بَكْرٍ يُبَاحُ وَإِنْ كان مُذَهَّبًا وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَالْمُذْهَبِ يَحْرُمُ نُصَّ عليه‏.‏

فائدة‏:‏

لو لَبِسَ ثِيَابًا في كل ثَوْبٍ قَدْرٌ يُعْفَى عنه وَلَوْ جُمِعَ صَارَ ثَوْبًا لم يُكْرَهْ بَلْ يُبَاحُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ إذَا كان عليه نَجَاسَةٌ يُعْفَى عنها هل يُضَمُّ مُتَفَرِّقٌ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ في الْمُزَعْفَرِ وَجَزَمَ بِهِ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ في الْمُزَعْفَرِ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا تَحْرِيمَ الْمُزَعْفَرِ وفي الْمُزَعْفَرِ وَجْهٌ يُكْرَهُ في الصَّلَاةِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ ما في التَّلْخِيصِ قَالَهُ في الْآدَابِ‏.‏

فائدة‏:‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ لَا يُعِيدُ من صلى في ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَكَذَا لو كان لَابِسًا ثِيَابًا مُسْبَلَةً أو خُيَلَاءَ وَنَحْوَهُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ يُعِيدُ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ الْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في النِّهَايَةِ وَنَظْمِهَا قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ كَرَاهَةً شَدِيدَةً لِغَيْرِ زِينَةٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ وهو وَجْهٌ في ابن تَمِيمٍ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُقَالُ أَوَّلُ من لَبِسَهُ آلُ قَارُونَ وَآلُ فِرْعَوْنَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وكذا الْخِلَافُ في الْبِطَانَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسَنُّ لُبْسُ الثِّيَابِ الْبِيضِ وَالنَّظَافَةُ في ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ قال في الرِّعَايَةِ قُلْت وَمَجْلِسِهِ قال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا‏.‏

الثَّالِثَةُ يُبَاحُ لُبْسُ السَّوَادِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلْجُنْدِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ لهم في الْحَرْبِ وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَّا لِمُصَابٍ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَخْرِقُهُ الْوَصِيُّ قال في الْفُرُوعِ وهو بَعِيدٌ ولم يَرُدَّ الْإِمَامُ أَحْمَدَ سَلَامَ لَابِسِهِ‏.‏

الرَّابِعَةُ يُبَاحُ الْكَتَّانُ إجْمَاعًا وَيُبَاحُ أَيْضًا الصُّوفُ وَيُسَنُّ الرِّدَاءُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُبَاحُ كَفَتْلِ طَرَفِهِ نُصَّ عليه وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ فيه يُكْرَهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَيُكْرَهُ الطَّيْلَسَانُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قال ابن تَمِيمٍ وَكَرِهَ السَّلَفُ الطَّيْلَسَانَ وَاقْتَصَرُوا عليه زَادَ في التَّلْخِيصِ وهو الْمُقَوَّرُ‏.‏

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ بَلْ يُبَاحُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ قال في الْآدَابِ وَقِيلَ يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُدَوَّرُ وَقِيلَ وَغَيْرُهُمَا غَيْرُ الْمُرَبَّعِ‏.‏

الْخَامِسَةُ يُسَنُّ إرْخَاءُ ذُؤَابَتَيْنِ خَلْفَهُ نُصَّ عليه قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِطَالَتُهَا كَثِيرًا من الْإِسْبَالِ وقال الْآجُرِّيُّ وَإِنْ أَرْخَى طَرَفَهَا بين كَتِفَيْهِ فَحَسَنٌ قال غَيْرُ وَاحِدٍ من الْأَصْحَابِ يُسَنُّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْعِمَامَةُ مُحَنَّكَةً‏.‏

السَّادِسَةُ يُسَنُّ لُبْسُ السَّرَاوِيلِ وقال في التَّلْخِيصِ لَا بَأْسَ قال النَّاظِمُ وفي مَعْنَاهُ التُّبَّانُ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ السَّرَاوِيلُ أَسْتَرُ في الْإِزَارِ وَلِبَاسُ الْقَوْمِ كان الْإِزَارَ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وهو أَظْهَرُ خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَفْضَلُ مع الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلُ من غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وقال الْقَاضِي يُسْتَحَبُّ لُبْسُ الْقَمِيصِ‏.‏

السَّابِعَةُ يُبَاحُ لُبْسُ الْعَبَاءَةِ قال النَّاظِمُ وَلَوْ لِلنِّسَاءِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِلَا تَشَبُّهٍ‏.‏

الثَّامِنَةُ يُبَاحُ نَعْلٌ خَشَبٌ وَنَعْلٌ فيه حَرْفٌ لَا بَأْسَ لِضَرُورَةٍ‏.‏

التَّاسِعَةُ ما حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حَرُمَ بَيْعُهُ وَخِيَاطَتُهُ وَأُجْرَتُهَا نُصَّ عليه‏.‏

الْعَاشِرَةُ يُكْرَهُ لُبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلَفًا في نَجَاسَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ وَعَنْهُ يَحْرُمُ وفي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا إنْ طَهُرَ بِدَبْغِهِ لُبِسَ بَعْدَهُ وَإِلَّا لم يَجُزْ وَيَجُوزُ له إلْبَاسُهُ دَابَّةً وَقِيلَ مُطْلَقًا كَثِيَابٍ نَجِسَةٍ‏.‏

بَابُ‏:‏ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ

قَوْلُهُ‏:‏ وَهِيَ الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَمَتَى لَاقَى بِبَدَنِهِ أو ثَوْبِهِ نَجَاسَةً غير مَعْفُوٍّ عنها أو حَمَلَهَا لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ في بَدَنِ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَبُقْعَتِهِ وَهِيَ مَحَلُّ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ مِمَّا لَا يُعْفَى عنه شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ طَهَارَةُ مَحَلِّ ثِيَابِهِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وهو احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ وَعَنْهُ أَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ لَا شَرْطٌ وَقَدَّمَهُ في الْفَائِقِ واطلقهما في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَذَكَرَ ابن عَقِيلٍ فِيمَنْ لَاقَاهَا ثَوْبُهُ إذَا سَجَدَ احْتِمَالَيْنِ قال الْمَجْدُ وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ في بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا حَمَلَ قَارُورَةً فيها نَجَاسَةٌ أو آدَمِيًّا أو غَيْرَهُ أو مَسَّ ثَوْبًا أو حَائِطًا نَجِسًا أو قَابَلَهَا ولم يُلَاقِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ طَيَّنَ الْأَرْضَ النَّجِسَةَ أو بَسَطَ عليها شيئا طَاهِرًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ عليها مع الْكَرَاهَةِ‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قال الشَّارِحُ هذا أَوْلَى وَصَحَّحَهُ في الْمُذْهَبِ وَالنَّاظِمُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وقال ابن أبي مُوسَى إنْ كانت النَّجَاسَةُ الْمَبْسُوطَةُ عليها رَطْبَةً لم تَصِحَّ الصَّلَاةُ وَإِلَّا صَحَّتْ الصَّلَاةُ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مع الْكَرَاهَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ تَصِحُّ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَحَلُّ هذا الْخِلَافِ اذا كان الْحَائِلُ صَفِيقًا فَإِنْ كان خَفِيفًا أو مُهَلْهَلًا لم تَصِحَّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَكَى ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَجْهًا بِالصِّحَّةِ وهو بَعِيدٌ‏.‏

فائدة‏:‏

حُكْمُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ إذَا بَسَطَ عليه شيئا طَاهِرًا وَصَلَّى عليه حُكْمُ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ إذَا بَسَطَ عليها شيئا طَاهِرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَصِحُّ هُنَا وَإِنْ لم نُصَحِّحْهَا هُنَاكَ وَكَذَا الْحُكْمُ لو وَضَعَ على حَرِيرٍ يَحْرُمُ جُلُوسُهُ عليه شيئا وَصَلَّى عليه ذَكَرَهُ أبو الْمَعَالِي قال في الْفُرُوعِ فَيُتَوَجَّهُ إنْ صَحَّ جَازَ جُلُوسُهُ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ بَسَطَ على الْأَرْضِ الْغَصْبِ ثَوْبًا له وَصَلَّى عليه لم تَصِحَّ وَلَوْ كان له عُلُوٌّ فَغَصَبَ السُّفْلَ وَصَلَّى في الْعُلُوِّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ذَكَرَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِنْ بَسَطَ طَاهِرًا على أَرْضٍ غَصْبٍ أو بَسَطَ على أَرْضِهِ ما غَصَبَهُ بَطَلَتْ‏.‏

قُلْت وَيُتَخَرَّجُ صِحَّتُهَا زَادَ في الْكُبْرَى وَقِيلَ تَصِحُّ في الثَّانِيَةِ فَقَطْ انْتَهَى‏.‏

قُلْت الذي يَظْهَرُ إنَّمَا يَكُونُ هذا الْقَوْلُ في الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ ما إذَا بَسَطَ طَاهِرًا على أَرْضٍ غَصْبٍ وفي الْفُرُوعِ هُنَا بَعْضُ نَقْصٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ صلى على مَكَان طَاهِرٍ من بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجِسٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ بِحَيْثُ يَنْجَرُّ معه إذَا مَشَى‏.‏

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا صلى على مَكَان طَاهِرٍ من بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وَطَرَفُهُ نَجِسٌ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَكَذَا لو كان تَحْتَ قَدَمِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ في نَجَاسَةٍ وما يصلى عليه طَاهِرٌ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَلَوْ تَحَرَّكَ النَّجَسُ بِحَرَكَتِهِ ما لم يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِهِ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ إذَا كان النَّجَسُ يَتَحَرَّك بِحَرَكَتِهِ لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ وَإِنْ كان مُتَعَلِّقًا بِهِ بِحَيْثُ يَنْجَرُّ معه إذَا مَشَى لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بيده أو وَسَطِهِ شَيْءٌ مَشْدُودٌ في نَجَسٍ أو سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ فيها نَجَاسَةٌ أو أَمْسَكَ بِحَبْلٍ مُلْقًى على نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ كان لَا يَنْجَرُّ معه إذَا مَشَى كَالسَّفِينَةِ الْكَبِيرَةِ وَالْحَيَوَانِ الْكَبِيرِ الذي لَا يَقْدِرُ على جَرِّهِ إذَا اسْتَعْصَى عليه صَحَّتْ صَلَاتُهُ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كان الشَّدُّ في مَوْضِعٍ نَجِسٍ مِمَّا لَا يُمْكِنُ جَرُّهُ معه كَالْفِيلِ لم يَصِحَّ كَحَمْلِهِ ما يُلَاقِيهَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ما لَا يَنْجَرُّ تَصِحُّ الصَّلَاةُ معه لو انْجَرَّ قال وَلَعَلَّ الْمُرَادَ خِلَافُهُ وهو أَوْلَى‏.‏

قَوْلُهُ وَمَتَى وَجَدَ عليه نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ هل كانت في الصَّلَاةِ أو لَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَذَكَرَ في التَّبْصِرَةِ وَجْهًا أنها تَبْطُلُ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ أنها كانت في الصَّلَاةِ لَكِنْ جَهِلَهَا أو نَسِيَهَا فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ في النَّاسِي وَأَطْلَقَهُمَا فِيهِمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ‏.‏

إحْدَاهُمَا تَصِحُّ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابن مُنَجَّا وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بها ‏[‏بهما‏]‏ في الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ فَيُعِيدُ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ الْإِعَادَةُ قال في الْحَاوِيَيْنِ أَعَادَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْإِفَادَاتُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا في النَّاسِي وَقِيلَ إنْ كانت إزَالَتُهَا شَرْطًا أَعَادَ وَإِنْ كانت وَاجِبَةً فَلَا ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وقال الْآمِدِيُّ يُعِيدُ إنْ كان قد تَوَانَى رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقُطِعَ في التَّلْخِيصِ أَنَّ الْمُفَرِّطَ في الْإِزَالَةِ وَقِيلَ في الصَّلَاةِ لَا يُعِيدُ بِالنِّسْيَانِ‏.‏

تَنْبِيهَانِ‏.‏

الْأَوَّلُ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُمَا مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ في الْجَاهِلِ فَأَمَّا النَّاسِي فَيُعِيدُ رِوَايَةً وَاحِدَةً قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ليس عنه نَصٌّ في النَّاسِي انْتَهَى وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ في الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي قَالَهُ الْمَجْدُ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِمَا أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَيْنِ في الْكَافِي‏.‏

الثَّانِي مَحَلُّ الْخِلَافِ في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ‏.‏

أَمَّا على الْقَوْلِ بِأَنَّ اجْتِنَابَهَا وَاجِبٌ فَيَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ حَكَى قَوْلًا وَاحِدًا أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إنْ قُلْنَا وَاجِبٌ وَإِنْ قُلْنَا شَرْطٌ أَعَادَ فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ‏.‏

الثَّالِثُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ أو جَهِلَهَا جَهْلُ عَيْنِهَا هل هِيَ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا حتى فَرَغَ منها أو جَهِلَ أنها كانت عليه ثُمَّ تَحَقَّقَ أنها كانت عليه بِقَرَائِنَ فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أنها نَجَاسَةٌ وَجَهِلَ حُكْمَهَا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَطَعُوا بِهِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى حُكْمُ الْجَهْلِ بِحُكْمِهَا حُكْمُ الْجَهْلِ بِأَنَّهَا نَجَاسَةٌ أَمْ لَا وَجُزِمَ بِهِ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَأَمَّا إذَا جَهِلَ كَوْنَهَا في الصَّلَاةِ أَمْ لَا فَتَقَدَّمَ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وهو قَوْلُهُ وَمَتَى وَجَدَ عليه نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ هل كانت في الصَّلَاةِ أَمْ لَا‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى حُكْمُ الْعَاجِزِ عن إزَالَتِهَا عنه حُكْمُ النَّاسِي لها في الصَّلَاةِ قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم ابن حَمْدَانَ وابن تَمِيمٍ وقال أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَكَذَا لو زَادَ مَرَضُهُ لِتَحْرِيكِهِ أو نَقْلِهِ وقال ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أو احْتَاجَهُ لِحَرْبٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو عَلِمَ بها في الصَّلَاةِ لم تَبْطُلْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَبْطُلُ مُطْلَقًا فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ أَمْكَنَ إزَالَتُهَا من غَيْرِ عَمَلٍ كَثِيرٍ وَلَا مُضِيِّ زَمَنٍ طَوِيلٍ فَالْحُكْمُ كَالْحُكْمِ فيها إذَا عَلِمَ بها بَعْدَ الصَّلَاةِ فَإِنْ قُلْنَا لَا إعَادَةَ هُنَاكَ أَزَالَهَا هُنَا وَبَنَى على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال ابن عَقِيلٍ تَبْطُلُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا إذَا لم تُزَلْ إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ أو في زَمَنٍ طَوِيلٍ فَالْمَذْهَبُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَقِيلَ يُزِيلُهَا وَيَبْنِي‏.‏

قُلْت وهو ضَعِيفٌ‏.‏

الثَّالِثَةُ لو مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا نَجِسًا أو قَابَلَهَا رَاكِعًا أو سَاجِدًا ولم يُلَاقِهَا أو سَقَطَتْ عليه فَأَزَالَهَا سَرِيعًا أو زَالَتْ هِيَ سَرِيعًا أو مَسَّ حَائِطًا نَجِسًا لم يَسْتَنِدْ‏.‏

إلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ في الْجَمِيعِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ لم يَصِحَّ‏.‏

الرَّابِعَةُ لو حَمَلَ قَارُورَةً فيها نَجَاسَةٌ أو آجُرَّةً بَاطِنُهَا نَجِسٌ لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَلَوْ حَمَلَ حَيَوَانًا طَاهِرًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَا لو حَمَلَ آدَمِيًّا مُسْتَجْمِرًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ إذَا حَمَلَ مُسْتَجْمِرًا وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وَلَوْ حَمَلَ بَيْضَةً مَذِرَةً أو عُنْقُودَ عِنَبٍ حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا لم تَصِحَّ صَلَاتُهُ جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ فإن الْبَيْضَةَ الْمَذِرَةَ قَاسَهَا على الْقَارُورَةِ وقال بَلْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ وَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَلَوْ حَمَلَ بَيْضَةً فيها فَرْخٌ مَيِّتٌ فَوَجْهَانِ‏.‏

الْخَامِسَةُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ في هذا الْبَابِ بَاطِنُ الْحَيَوَانِ مُقَوٍّ لِلدَّمِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو منها فَأَجْرَيْنَا لِذَلِكَ حُكْمَ الطَّهَارَةِ ما دَامَ فيه تَبَعًا وقال في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ من النَّجَاسَاتِ بِالِاسْتِحَالَةِ وَأَمَّا الْمَنِيُّ وَاللَّبَنُ وَالْقُرُوحُ فَلَيْسَتْ مُسْتَحِيلَةً عن نَجَاسَةٍ لِأَنَّ ما كان في الْبَاطِنِ مُسْتَتِرًا بِسِتَارٍ خِلْقَةً ليس بِنَجِسٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِحَمْلِهِ وَتَابَعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ في الْمَكَانَيْنِ يَخْتَلِفُ لِأَنَّهُ في الْأَوَّلِ حَكَمَ بِنَجَاسَةِ ما في الْبَاطِنِ وَلَكِنْ أَجْرَى عليها حُكْمَ الطَّهَارَةِ تَبَعًا وَضَرُورَةً وفي الثَّانِي قَطَعَ بِأَنَّهُ ليس بِنَجِسٍ وَهَذَا الثَّانِي ضَعِيفٌ قال في الْفُرُوعِ في بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا ما اسْتَتَرَ في الْبَاطِنِ اسْتِتَارَ خِلْقَةٍ ليس بِنَجِسٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِحَمْلِهِ كَذَا قال انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وإذا جَبَرَ سَاقَهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ فَجُبِرَ لم يَلْزَمْهُ قَلْعُهُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ كما لو خَافَ التَّلَفَ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ من غَيْرِ تَيَمُّمٍ وإذا لم يُغَطِّهِ اللَّحْمُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ له وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وقيل ‏[‏فقيل‏]‏ لَا يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ وَلَوْ مَاتَ من يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ قُلِعَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال أبو الْمَعَالِي إنْ غَطَّاهُ اللَّحْمُ لم يُقْلَعْ لِلْمَثُلَةِ وَإِلَّا قُلِعَ وقال جَمَاعَةٌ يُقْلَعُ سَوَاءٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ أَمْ لَا‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ سَقَطَتْ سنة فَأَعَادَهَا بِحَرَارَتِهَا فَثَبَتَتْ فَهِيَ طَاهِرَةٌ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَنْهُ أنها نَجِسَةٌ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَظْمِ النَّجِسِ إذَا جَبَرَ بِهِ سَاقَهُ كما تَقَدَّمَ في التي قَبْلَهَا وقال ابن أبي مُوسَى إنْ ثَبَتَ ولم يَتَغَيَّرْ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ فَهُوَ نَجِسٌ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَيُعِيدُ ما صلى معه وَكَذَا الْحُكْمُ لو قَطَعَ أُذُنَهُ فَأَعَادَهُ في الْحَالِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو شَرِبَ خَمْرًا ولم يَزُلْ عَقْلُهُ غَسَلَ فَمَهُ وَصَلَّى ولم يَلْزَمْهُ قَيْؤُهُ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ لِإِمْكَانِ إزَالَتِهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في الْمَقْبَرَةِ وَالْحَمَّامِ وَالْحُشِّ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ هو أَشْهَرُ وَأَصَحُّ في الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ لم تَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّتْ وَعَنْهُ تَحْرُمُ الصَّلَاةُ فيها وَتَصِحُّ قال الْمَجْدُ لم أَجِدْ عن أَحْمَدَ لَفْظًا بِالتَّحْرِيمِ مع الصِّحَّةِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فيها وَقِيلَ إنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَحَّتْ وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ لم يُصَلِّ فيه بِحَالٍ وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ قال في الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في مَوَاضِعِ النَّهْيِ على الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ وَتَصِحُّ على الْقَوْلِ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ هذه طَرِيقَةُ الْمُحَقِّقِينَ وَإِنْ كان من الْأَصْحَابِ من يَحْكِي الْخِلَافَ في الصِّحَّةِ مع الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ انْتَهَى‏.‏

تنبيه‏:‏

عُمُومُ قَوْلِهِ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في الْمَقْبَرَةِ يَدُلُّ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تَصِحُّ فيها وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن أَحْمَدَ وَصَحَّحَهَا النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في الْفُصُولِ في آخِرِ الْجَنَائِزِ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا تَجُوزُ وَعَنْهُ تَصِحُّ مع الْكَرَاهَةِ اخْتَارَهَا ابن عَقِيلٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَعَنْهُ تَصِحُّ من غَيْرِ كَرَاهَةٍ وهو الْمَذْهَبُ قال ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ تُبَاحُ في مَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ قال في الْمُحَرَّرِ لَا يُكْرَهُ في الْمَقْبَرَةِ قال في الْكَافِي وَيَجُوزُ في الْمَقْبَرَةِ قال في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ لَا بَأْسَ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ في الْمَقْبَرَةِ قال في الْخُلَاصَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ في مَقْبَرَةٍ لِغَيْرِ جِنَازَةٍ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لَا يَضُرُّ قَبْرٌ وَلَا قَبْرَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إذَا لم يَصِلْ إلَيْهِ جَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ يَضُرُّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْفَائِقُ قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ بِنَاءً على أَنَّهُ هل يُسَمَّى مَقْبَرَةً أَمْ لَا وقال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْخَشْخَاشَةَ فيها جَمَاعَةُ قَبْرٍ وَاحِدٍ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو دَفَنَ بِدَارِهِ مَوْتَى لم تَصِرْ مَقْبَرَةً قاله ابن الْجَوْزِيِّ في الْمَذْهَبِ وَغَيْرُهُ‏.‏

الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ عن أَعْطَانِ الْإِبِلِ التي تُقِيمُ فيها وَتَأْوِي إلَيْهَا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ نُصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ هو مَكَانُ اجْتِمَاعِهَا إذَا صَدَرَتْ‏.‏

عن الْمَنْهَلِ زَادَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُ وما تَقِفُ فيه لِتَرِدَ الْمَاءَ زَادَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي بَعْدَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فقال وَقِيلَ هو ما تَقِفُ فيه لِتَرِدَ الْمَاءَ قال وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ وقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ أو تَقِفُ لِعَلَفِهَا‏.‏

الرَّابِعَةُ الْحُشُّ ما أُعِدَّ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ فَيُمْنَعُ من الصَّلَاةِ دَاخِلَ بَابِهِ وَيَسْتَوِي في ذلك مَوْضِعُ الْكَنِيفِ وَغَيْرِهِ‏.‏

الْخَامِسَةُ الْمَنْعُ من الصَّلَاةِ في هذه الْأَمْكِنَةِ تَعَبُّدٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال الزَّرْكَشِيُّ تَعَبُّدٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَقِيلَ مُعَلَّلٌ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ مُعَلَّلٌ بِمَظِنَّةِ النَّجَاسَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَا هو مَظِنَّةٌ من هذه الْأَمَاكِنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ فَعَلَى الْأُولَى حُكْمُ مُسَلَّحِ الْحَمَامِ وَأَتُونِهِ كَدَاخِلِهِ وَكَذَا ما يَتْبَعُهُ في الْبَيْعِ نُصَّ عليه وَكَذَا غَيْرُهُ قال بَعْضُهُمْ وهو الْمَذْهَبُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في حَمَّامٍ وَأَتُونِهِ وَبُيُوتِهِ وَمَجْمَعِ وَقُودِهِ وَكُلِّ ما يَتْبَعُهُ في الْبَيْعِ من الْأَمَاكِنِ وَتَحْوِيهِ حُدُودُهُ وَيَتَنَاوَلُ أَيْضًا كُلَّ ما يَقَعُ عليه الِاسْمُ فَلَا فَرْقَ في الْمَقْبَرَةِ بين الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ وَالْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ وَعَلَى الثَّانِي تَصِحُّ في أَسْطِحَةِ هذه الْمَوَاضِعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ‏.‏

يَعْنِي لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فيه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم في الْمُخْتَصَرَاتِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ تَصِحُّ مع التَّحْرِيمِ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وابن عَقِيلٍ في فَنُونِهِ وَالطُّوفِيُّ في مُخْتَصَرِهِ في الْأُصُولِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ تَصِحُّ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ وَقِيلَ تَصِحُّ مع الْكَرَاهَةِ حكاه ابن مُفْلِحٍ في أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَغَيْرِهِ وقال إنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ منه لم تَصِحَّ فيه بِحَالٍ وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ وَقِيلَ يَصِحُّ النَّفَلُ وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ في بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النَّافِلَةَ لَا تَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ‏.‏

فَهَذِهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ في النَّفْلِ تَقَدَّمَ نَظِيرُهَا في الثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ وَحَيْثُ قُلْنَا لَا تَصِحُّ في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ فَهُوَ من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ في أَرْضِ غَيْرِهِ أو مُصَلَّاهُ بِلَا غَصْبٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وقال ابن حَامِدٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يصلى في كل أَرْضٍ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْكَرَاهَةَ فَلِهَذَا قال في الْفُرُوعِ وَلَوْ صلى على أَرْضِ غَيْرِهِ أو مُصَلَّاهُ بِلَا غَصْبٍ صَحَّ في الْأَصَحِّ وَقِيلَ حَمْلُهَا على الْكَرَاهَةِ أَوْلَى قال في الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت وَحَمْلُ الْوَجْهَيْنِ على إرَادَةِ الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا أَوْلَى قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا أَوْلَى من الطَّرِيقِ وَأَنَّ الْأَرْضَ الْمُزْدَرَعَةَ كَغَيْرِهَا قال وَالْمُرَادُ وَلَا ضَرَرَ وَلَوْ كانت لِكَافِرٍ قال وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِصَلَاةِ مُسْلِمٍ بِأَرْضِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا حُكْمُ الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَأَسْطِحَتِهَا كَذَلِكَ‏.‏

يَعْنِي كَالْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِهَا وهو الْمَذْهَبُ قال الشَّارِحُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا على هذا قال في الْفُرُوعِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَلْحَقَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ بِهَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْمَجْزَرَةَ وَمَحَجَّةَ الطَّرِيقِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ في هذه الْأَمْكِنَةِ وَإِنْ لم يُصَحِّحْهَا في غَيْرِهَا وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَنْهُ تَصِحُّ على أَسْطِحَتِهَا وَإِنْ لم يُصَحِّحْهَا في دَاخِلِهَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال أبو الْوَفَا سَطْحُ النَّهْرِ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ عليه لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُصَلَّى عليه وهو رِوَايَةٌ حَكَاهَا الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال غَيْرُهُ هو كَالطَّرِيقِ قال الْمَجْدُ وَالْمَشْهُورُ عنه الْمَنْعُ فيها وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ على أَسْطِحَتِهَا وَكَرِهَهَا في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَجَعْفَرٍ على نَهْرٍ وَسَابَاطٍ وقال الْقَاضِي‏.‏

فِيمَا تَجْرِي فيه سَفِينَةٌ كَالطَّرِيقِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ وَاخْتَارَ أبو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ الصِّحَّةَ كَالسَّفِينَةِ قال أبو الْمَعَالِي وَلَوْ جَمَدَ الْمَاءُ فَكَالطَّرِيقِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فيه الصِّحَّةَ‏.‏

قُلْت وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ فقال لو جَمَدَ مَاءُ النَّهْرِ فَصَلَّى عليه صَحَّ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ في الْمَدْبَغَةِ وهو صَحِيحٌ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَقِيلَ هِيَ كالمجزرة ‏[‏كالمجزر‏]‏ وَاخْتَارَهُ في الرَّوْضَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها الْمَجْزَرَةُ ما أُعِدَّ لِلذَّبْحِ وَالنَّحْرِ والمزبلة ما أُعِدَّ لِلنَّجَاسَةِ وَالْكُنَاسَةِ وَالزُّبَالَةِ وَإِنْ كانت طَاهِرَةً وقارعة الطَّرِيقِ ما كَثُرَ سُلُوكُ السَّابِلَةِ فيها سَوَاءٌ كان فيها سَالِكٌ أو لَا دُونَ ما عَلَا عن جَادَّةِ الْمَارَّةِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً نُصَّ عليه وَقِيلَ يَصِحُّ فيه طُولًا إنْ لم يَضِقْ على الناس لَا عَرْضًا وَلَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ في طَرِيقِ الْأَبْيَاتِ الْقَلِيلَةِ‏.‏

الثَّانِيَةُ إنْ بنى الْمَسْجِدُ بِمَقْبَرَةٍ فَالصَّلَاةُ فيه كَالصَّلَاةِ في الْمَقْبَرَةِ وَإِنْ حَدَثَتْ الْقُبُورُ بَعْدَهُ حَوْلَهُ أو في قِبْلَتِهِ فَالصَّلَاةُ فيه كَالصَّلَاةِ إلَى الْمَقْبَرَةِ على ما يَأْتِي قَرِيبًا هذا هو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَيُتَوَجَّهُ تَصِحُّ يَعْنِي مُطْلَقًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ وقال الْآمِدِيُّ لَا فَرْقَ بين الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ وقال في الْهَدْيِ لو وُضِعَ الْقَبْرُ وَالْمَسْجِدُ مَعًا لم يَجُزْ ولم يَصِحَّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ إنْ بنى فيها مَسْجِدٌ بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَتْ أَرْضُهَا بِالدَّفْنِ لم تَجُزْ الصَّلَاةُ فيه لِأَنَّهُ بنى في أَرْضٍ الظَّاهِرُ نَجَاسَتُهَا كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَةِ وَإِنْ بنى في سَاحَةٍ طَاهِرَةٍ وَجُعِلَتْ السَّاحَةُ مَقْبَرَةً جَازَتْ لِأَنَّهُ في جِوَارِ مَقْبَرَةٍ وَلَوْ حَدَثَ طَرِيقٌ بَعْدَ بِنَاءِ مَسْجِدٍ على سَابَاطٍ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فيه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ لَا يُصَلَّى فيه ذَكَرَهُ في التَّبْصِرَةِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي قد يُتَوَجَّهُ الْكَرَاهَةُ فيه‏.‏

الثَّالِثَةُ يُسْتَثْنَى من كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا في الطَّرِيقِ وَحَافَّتَيْهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِلضَّرُورَةِ نُصَّ عليه وكذا تَصِحُّ على الرَّاحِلَةِ في الطَّرِيقِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَائِزِ وَالْأَعْيَادِ وَنَحْوِهَا بِحَيْثُ يُضْطَرُّونَ إلَى الصَّلَاةِ في الطُّرُقَاتِ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ صَلَاةُ الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَقِيلَ وَالِاسْتِسْقَاءِ في كل طَرِيقٍ وقال في الصُّغْرَى تَصِحُّ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ في طَرِيقٍ وَمَوْضِعِ غَصْبٍ وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ نَصَّ أَحْمَدُ على صِحَّةِ الْجُمُعَةِ في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ وَخُصَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهِ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْإِمَامَةِ بَعْدَ إمَامَةِ الْفَاسِقِ وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا بِأَتَمَّ من هذا‏.‏

الرَّابِعَةُ من تَعَذَّرَ عليه فِعْلُ الصَّلَاةِ في غَيْرِ هذه الْأَمْكِنَةِ صلى فيها وفي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَمُخْتَصَرِ ابن تَمِيمٍ‏.‏

قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَجَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وقد تَقَدَّمَ نَظِيرُ ذلك مُتَفَرِّقًا كَمَنْ صلى في مَوْضِعٍ نَجِسٍ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ منه وَنَحْوِهِ‏.‏

قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّهُ يُعِيدُ لِأَنَّ النَّهْيَ عنها لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ وقال بَعْضُ الْأَصْحَابِ إنْ عَجَزَ عن مُفَارَقَةِ الْغَصْبِ صلى وَلَا إعَادَةَ رِوَايَةً وَاحِدَةً‏.‏

قَوْلُهُ وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا مع الْكَرَاهَةِ نُصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ‏.‏

الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ إلَيْهَا مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَى الْمَقْبَرَةِ فَقَطْ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ النَّظْمِ وَالْفَائِقِ وقال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْحُشِّ اخْتَارَهُ ابن حَامِدٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ إلَى الْمَقْبَرَةِ وَالْحُشِّ وَالْحَمَّامِ وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي إلَى قَبْرٍ أو حُشٍّ أو حَمَّامٍ أو طَرِيقٍ قَالَهُ ابن تَمِيمٍ قال أبو بَكْرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ قال الْقَاضِي وَيُقَاسُ على ذلك سَائِرُ مَوَاضِعِ النَّهْيِ إذَا صلى إلَيْهَا إلَّا الْكَعْبَةَ‏.‏

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لم يَكُنْ حَائِلٌ فَإِنْ كان بين الْمُصَلِّي وَبَيْنَ ذلك حَائِلٌ وَلَوْ كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ليس كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ حتى يَكْفِيَ الْخَطُّ بَلْ كَسُتْرَةِ الْمُتَخَلِّي قال وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يَضُرُّ بُعْدٌ كَثِيرٌ عُرْفًا كما لَا أَثَرَ له في مَارٍّ أَمَامَ المصلى وَعَنْهُ لَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وابن تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ الصَّلَاةَ في مَسْجِدٍ في قِبْلَتِهِ حُشٌّ وَتَأَوَّلَ ابن عَقِيلٍ النَّصَّ على سِرَايَةِ النَّجَاسَةِ تَحْتَ مَقَامِ المصلى وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ قال ابن عَقِيلٍ يُبَيِّنُ صِحَّةَ تَأْوِيلِي لو كان الْحَائِلُ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ لم تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ الْكَلْبِ وَلَوْ كانت النَّجَاسَةُ في الْقِبْلَةِ كَهِيَ تَحْتَ الْقَدَمِ لَبَطَلَتْ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْكَلْبِ آكَدُ من نَجَاسَةِ الْخَلَاءِ لِغَسْلِهَا بِالتُّرَابِ قال في الْفُرُوعِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ بِالْخَطِّ هُنَا وَلَا وَجْهَ له وَعَدَمُهُ يَدُلُّ على الْفَرْقِ‏.‏

فائدة‏:‏

وغُيِّرَتْ مَوَاضِعُ النَّهْيِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَجَعْلِ الْحَمَّامِ دَارًا وَنَبْشِ الْمَقْبَرَةِ وَنَحْوِ ذلك صَحَّتْ الصَّلَاةُ فيها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَكَى قَوْلًا لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ جِدًّا‏.‏

فوائد‏:‏

َصِحُّ الصَّلَاةُ في أَرْضِ السِّبَاخِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال في الرِّعَايَةِ مع الْكَرَاهَةِ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ قال في الرِّعَايَةِ إنْ كانت رَطْبَةً ثُمَّ قال قُلْت مع ظَنِّ نَجَاسَتِهَا وَعَنْهُ الْوَقْفُ‏.‏

وَتُكْرَهُ في أَرْضِ الْخَسْفِ نُصَّ عليه وَتُكْرَهُ في مَقْصُورَةٍ تُحْمَى نُصَّ عليه وَقِيلَ أَوَّلًا إنْ قُطِعَتْ الصُّفُوفُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ‏.‏

وَتُكْرَهُ في الرَّحَى وَعَلَيْهَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وابن حَمْدَانَ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فقال ما سَمِعْت في الرَّحَى شيئا‏.‏

وَلَهُ دُخُولُ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا من غَيْرِ كَرَاهَةٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ تُكْرَهُ وَعَنْهُ مع صُوَرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْرُمُ دُخُولُهُ مَعَهَا وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِنَّهَا كَالْمَسْجِدِ على الْقَبْرِ وقال وَلَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَلَيْسَ لهم مَنْعُ من يَعْبُدُ اللَّهَ لِأَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عليه نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ في الْوَلِيمَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ الْفَرِيضَةُ في الْكَعْبَةِ وَلَا على ظَهْرِهَا‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَعَنْهُ تَصِحُّ وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ‏.‏

فَائِدَتَانِ‏.‏

إحْدَاهُمَا لو نَذَرَ الصَّلَاةَ فيها صَحَّتْ من غَيْرِ نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ إلَّا تَوْجِيهًا لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ من قَوْلٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِيمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ على الرَّاحِلَةِ لَا تَصِحُّ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو وَقَفَ على مُنْتَهَى الْبَيْتِ بِحَيْثُ إنَّهُ لم يَبْقَ وَرَاءَهُ منه شَيْءٌ أو صلى خَارِجَهُ لَكِنْ سَجَدَ فيه صَحَّتْ صَلَاةُ الْفَرِيضَةِ وَالْحَالَةُ هذه على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَالْحَاوِي وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُخْتَصَرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ إذَا كان بين يَدَيْهِ شَيْءٌ منها‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صِحَّةُ صَلَاةِ النَّافِلَةِ فيها وَعَلَيْهَا بِشَرْطِهِ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ وَإِلَّا لم تَصِحَّ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ فيها إنْ نقض ‏[‏نقص‏]‏ الْبِنَاءُ وَصَلَّى إلَى مَوْضِعِهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ النَّفَلُ فَوْقَهَا وَيَصِحُّ فيها وهو ظَاهِرُ كَلَامِ ابن حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ فَوْقَهَا في الْأَصَحِّ وَيَصِحُّ فيها في الْأَصَحِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْخُلَاصَةِ فإنه قال وَيُصَلِّي النَّافِلَةَ في الْكَعْبَةِ وَكَذَا في الْمُنَوِّرِ‏.‏

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إذَا كان بين يَدَيْهِ شَيْءٌ منها أَنَّهُ وَلَوْ لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ شَاخِصٌ منها أنها تَصِحُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كان بين يَدَيْهِ شَاخِصٌ منها صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَالشَّاخِصُ كَالْبِنَاءِ وَالْبَابِ الْمُغْلَقِ أو الْمَفْتُوحِ أو عَتَبَتِهِ الْمُرْتَفِعَةِ وقال أبو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى الْبَابِ إذَا كان مَفْتُوحًا‏.‏

وَإِنْ لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ شَاخِصٌ منها فَتَارَةً يَبْقَى بين يَدَيْهِ شَيْءٌ من ‏[‏ممن‏]‏ الْبَيْتِ إذَا سَجَدَ وَتَارَةً لَا يَبْقَى شَيْءٌ بَلْ يَكُونُ سُجُودُهُ على مُنْتَهَاهُ فَإِنْ كان سُجُودُهُ على مُنْتَهَى الْبَيْتِ بِحَيْثُ إنَّهُ لم يَبْقَ منه شَيْءٌ فَهَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قَوْلًا وَاحِدًا بَلْ هو إجْمَاعٌ‏.‏

وَإِنْ كان بين يَدَيْهِ شَيْءٌ منها إذَا سَجَدَ وَلَكِنْ ما ثَمَّ شَاخِصٌ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الصِّحَّةُ وهو أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهَيْنِ لِأَكْثَرِهِمْ وَعِبَارَتُهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا كَذَلِكَ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وهو الْمَذْهَبُ على ما أَسْلَفْنَاهُ في الْخُطْبَةِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إذَا لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ شَاخِصٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فَإِنْ لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ شَاخِصٌ أو كان بين يَدَيْهِ آجُرٌّ مُعَبَّأٌ غَيْرُ مَبْنِيٍّ أو خَشَبٌ غَيْرُ مَسْمُورٍ فيها فقال أَصْحَابُنَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في تَذْكِرَةِ ابن عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ فإنه قال وَيَصِحُّ النَّفَلُ في الْكَعْبَةِ إلَى شَاخِصٍ منها وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ فإنه قال وَتَصِحُّ النَّافِلَةُ بِاسْتِقْبَالِ مُتَّصِلٍ بها وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالْمَجْدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وابن تَمِيمٍ‏.‏

فوائد‏:‏

الْأُولَى لَا اعْتِبَارَ بِالْآجُرِّ الْمُعَبَّأِ من غَيْرِ بِنَاءٍ وَلَا الْخَشَبِ غَيْرِ الْمَسْمُورِ وَنَحْوِ ذلك وَلَا يَكُونُ ذلك ستره قَالَهُ الْأَصْحَابُ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ بِمَا يَكُونُ ستره في الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ شَاخِصٌ‏.‏

الثَّانِيَةُ إذَا قُلْنَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ في الْكَعْبَةِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ وقال الْقَاضِي تُكْرَهُ الصَّلَاةُ في الْكَعْبَةِ وَعَلَيْهَا وَنَقَلَهُ ابن تَمِيمٍ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يصلى فيه إذَا دَخَلَهُ وَجَاهُهُ كَذَا فَعَلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يصلى حَيْثُ شَاءَ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ يَقُومُ كما قام النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بين الاسطوانتين‏.‏

الثَّالِثَةُ لو نُقِضَ بِنَاءُ الْكَعْبَةِ أو خَرِبَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى صلى إلَى مَوْضِعِهَا دُونَ أَنْقَاضِهَا وَتَقَدَّمَ في النَّفْلِ وَجْهٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فيها لِحَالِ نَقْضِهَا وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ وَلَوْ كان الْبِنَاءُ بَاقِيًا وَأَمَّا التَّوَجُّهُ إلَى الْحِجْرِ فَيَأْتِي في أَثْنَاءِ الْبَابِ الذي بَعْدَ هذا‏.‏