فصل: بَابٌ: فَرْضُ الْوُضُوءِ وَصِفَتُهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***


بَابُ‏:‏ السِّوَاكِ وَسُنَّةِ الْوُضُوءِ

قَوْلُهُ السِّوَاكُ مَسْنُونٌ في جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ‏.‏

صَرَّحَ بِاسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ في جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ أَمَّا غَيْرُ الصَّائِمِ فَلَا نِزَاعَ في اسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ له في جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ في الْجُمْلَةِ‏.‏

وَأَمَّا الصَّائِمُ قبل الزَّوَالِ فَإِنْ كان بِسِوَاكٍ غَيْرِ رَطْبٍ اُسْتُحِبَّ له قال ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَوَاشِي الْفُرُوعِ يَتَوَجَّهُ هذا في غَيْرِ الْمُوَاصِلِ أَمَّا الْمُوَاصِلُ فَتَتَوَجَّهُ كَرَاهَتُهُ له مُطْلَقًا انْتَهَى الذي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُهُمْ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه‏.‏

قُلْت فيه نَظَرٌ إذا الْوِصَالُ إمَّا مَكْرُوهٌ أو مُحَرَّمٌ فَلَا يُرْفَعُ الِاسْتِحْبَابُ‏.‏

وَإِنْ كان رَطْبًا فَيُبَاحُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أو الرِّوَايَاتِ وَاخْتَارَهَا الْمَجْدُ وابن عُبَيْدَانَ وابن أبي الْمَجْدِ وَغَيْرُهُمْ قال في النِّهَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ هو ظَاهِرُ كَلَامِ بن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَطَعَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ الصِّيَامِ وَصَحَّحَهُ في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الصِّيَامِ وابن تَمِيمٍ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ نَقَلَهَا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ قَالَه ابن أبي الْمَجْدِ في مُصَنَّفِهِ وقال في رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لَا يُعْجِبُنِي السِّوَاكُ الرَّطْبُ وَقِيلَ يُبَاحُ في صَوْمِ النَّفْلِ‏.‏

قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بَلْ هو كَالصَّرِيحِ اسْتِحْبَابُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ ولم أَرَ من صَرَّحَ بِهِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا يُسْتَحَبُّ وَكَذَا قال في الْمُذْهَبِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْكَرَاهَةَ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ عن أَحْمَدَ وهو الْمَذْهَبُ قال في التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ يُكْرَهُ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا أَصَحُّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُكْرَهُ في أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَيَحْتَمِلُ إبَاحَةً وَهِيَ رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَقَوْلُهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا قَائِلَ بِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ إذْ الْخِلَافُ في إبَاحَتِهِ مَشْهُورٌ لَكِنَّ عُذْرَهُ أَنَّهُ لم يَطَّلِعْ عليه‏.‏

وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ وَعَدَمَهَا في الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يُبَاحُ في النَّفْلِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهَا في الْفَائِقِ وَإِلَيْهَا مَيْلُهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهَا في نِهَايَة ابن رَزِينٍ وَنَظَمَهَا وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ بِغَيْرِ عُودٍ رَطْبٍ قال في الْحَاوِي وإذا أَبَحْنَا لِلصَّائِمِ السِّوَاكَ فَهَلْ يُكْرَهُ بِعُودِ رَطْبٍ على رِوَايَتَيْنِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَاكَ بِالْعَشِيِّ‏.‏

فائدة‏:‏

من سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ اسْتَاكَ على لِثَتِهِ وَلِسَانِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْإِفَادَاتِ وقال في أَوَّلِهِ يُسَنُّ كُلَّ وَقْتٍ على أَسْنَانِهِ وَلِثَتِهِ وَلِسَانِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ في ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَالِانْتِبَاهِ من النَّوْمِ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْفَمِ‏.‏

وَكَذَا قال في الْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْعُمْدَةِ وزاد في الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَعِنْدَ الْوُضُوءِ وزاد على ذلك في الْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَعِنْدَ الْقِرَاءَةِ وزاد في التَّسْهِيلِ على ذلك‏.‏

وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وزاد في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى على ذلك وَعِنْدَ الْغُسْلِ وَقِيلَ وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ وقال ابن تَمِيمٍ وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَالْقِيَامِ من النَّوْمِ وَأَكْلِ ما يُغَيِّرُ رَائِحَةَ الْفَمِ قال الزَّرْكَشِيُّ يَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُهُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَالْقِيَامِ من نَوْمِ اللَّيْلِ وَدُخُولِ الْمَنْزِلِ وَالْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَإِطَالَةِ السُّكُوتِ وَخُلُوِّ الْمَعِدَةِ من الطَّعَامِ وَاصْفِرَارِ الْأَسْنَانِ وَتَغَيُّرِ رَائِحَةِ الْفَمِ وقال في الْخُلَاصَةِ وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ قِيَامِهِ من نَوْمِهِ وَعِنْدَ تَغَيُّرِ رَائِحَةِ فَمِهِ وهو مَعْنَى ما في الْهِدَايَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَيَسْتَاكُ بِعُودٍ لَيِّنٍ التَّسَاوِي بين جميع ‏[‏جمع‏]‏ ما يُسْتَاكُ بِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْأَرَاكَ أَوْلَى انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ أَرَاك الْبَرِّ‏.‏

وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عن الْأَرَاكِ وَالزَّيْتُونِ وَالْعُرْجُونِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى من أَرَاكٍ وَزَيْتُونٍ أو عُرْجُونٍ وَقِيلَ أو قَتَادٍ وَاقْتَصَرَ كَثِيرٌ من الْأَصْحَابِ على هذه الثَّلَاثَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يَجْرَحُهُ وَلَا يَضُرُّهُ‏.‏

كَالرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ وَالْعُودِ الزَّكِيِّ الرَّائِحَةِ وَالطَّرْفَاءِ وَالْآسِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ كَرَاهَةُ التَّسَوُّكِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ كَالتَّخَلُّلِ بِهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ بِالْقَصَبِ دُونَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَاكَ بِإِصْبَعِهِ أو بِخِرْقَةٍ فَهَلْ يُصِيبُ السُّنَّةَ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ في الْإِصْبَعِ‏.‏

أَحَدُهُمَا لَا يُصِيبُ السُّنَّةَ بِذَلِكَ وهو الْمَذْهَبُ قَطَعَ بِهِ أبو بَكْرٍ في الشَّافِي‏.‏

وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي قال في الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ لم يُصِبْ السُّنَّةَ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُصِيبُ السُّنَّةَ اخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَته وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ السِّوَاكُ سُنَّةٌ بِأَرَاكٍ لَا خِرْقَةٍ وَإِصْبَعٍ في وَجْهٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ‏.‏

وَقِيلَ يُصِيبُ بِقَدْرِ إزَالَتِهِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ‏.‏

وَقِيلَ يُصِيبُ السُّنَّةَ عِنْدَ عَدَمِ السِّوَاكِ وما هو بِبَعِيدٍ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُصِيبُ بِالْإِصْبَعِ مع وُجُودِ الْخِرْقَةِ وَلَا يُصِيبُ بِالْخِرْقَةِ مع وُجُودِ السِّوَاكِ‏.‏

وَقِيلَ يُصِيبُ السُّنَّةَ بِالْإِصْبَعِ في مَوْضِعِ الْمَضْمَضَةِ في الْوُضُوءِ خَاصَّةً اخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ إصَابَةُ السُّنَّةِ بِالْخِرْقَةِ وَعِنْدَ الْوُضُوءِ بِالْإِصْبَعِ فَزَادَنَا وَجْهًا وهو إصَابَةُ السُّنَّةِ بِالْخِرْقَةِ مُطْلَقًا دُونَ الْإِصْبَعِ في غَيْرِ وُضُوءٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ زَائِدَةً وَظَاهِرُ الْوَجِيزِ إصَابَةُ السُّنَّةِ بِالْإِصْبَعِ فَقَطْ فإنه قال بِإِصْبَعٍ أو عُودٍ لَيِّنٍ وقال ابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وَلَا يجزئ ‏[‏يجزي‏]‏ بِالْإِصْبَعِ وَقِيلَ الْخِرْقَةُ وَالْمِسْوَاكُ سواء في الْفَضْلِ ثُمَّ الْإِصْبَعُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَسْتَاكُ عَرْضًا‏.‏

يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَسْنَانِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ طُولًا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِيضَاحِ وَالْمُبْهِجِ قال ابن عُبَيْدَانَ فَيُحْمَلُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَمِ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ الْأَكْثَرَ على الْمُغَايَرَةِ وقال في الْفَائِقِ طُولًا وقال الشَّيْخُ وَالشِّيرَازِيُّ عَرْضًا وَمُرَادُهُ بِالشَّيْخِ الْمُصَنِّفُ وفي هذا النَّقْلِ نَظَرٌ بَيِّنٌ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَدَّهِنُ غِبًّا‏.‏

يَعْنِي يَوْمًا وَيَوْمًا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَيَّدَهُ في الرِّعَايَةِ فقال ما لم يَجِفَّ الْأَوَّلُ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِعْلَ الْأَصْلَحِ بِالْبَلَدِ كَالْغَسْلِ بِمَاءٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ رَطْبٍ‏.‏

فائدة‏:‏

قال في الْفُرُوعِ وَيَفْعَلُهُ لِحَاجَةٍ للخبر ‏[‏للخبز‏]‏ وقال احْتَجُّوا على أَنَّ الِادِّهَانَ يَكُونُ غِبًّا بِأَنَّهُ عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ نهى عن التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا وَنَهَى أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ فَدَلَّ أنه ‏[‏أن‏]‏ يُكْرَهَ غَيْرُ غِبٍّ‏.‏

تنبيه‏:‏

في صِفَةِ قَوْلُهُ يَكْتَحِلُ وِتْرًا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ‏.‏

أَحَدُهَا وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ يَكُونُ في كل عَيْنٍ ثَلَاثَةٌ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وقال ابن عُبَيْدَانَ وَصِفَتُهُ أَنْ يَجْعَلَ في كل عَيْنٍ وِتْرًا كَوَاحِدٍ وَثَلَاثٍ وَخَمْسٍ انْتَهَى‏.‏

وَالثَّانِي في الْيُمْنَى ثَلَاثَةٌ وفي الْيُسْرَى اثْنَانِ وروى عن أَحْمَدَ وقال السَّامِرِيُّ روى يَقْسِمُ الْخَامِسَ في الْعَيْنَيْنِ‏.‏

فوائد جَمَّةٌ‏:‏

يُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الشَّعْرِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ إنْ شَقَّ إكْرَامُهُ وَيُسَنُّ أَنْ يَغْسِلَهُ وَيُسَرِّحَهُ وَيُفَرِّقَهُ وَيَكُونَ إلَى أُذُنَيْهِ وَيَنْتَهِيَ إلَى مَنْكِبَيْهِ وَجَعَلَهُ ذُؤَابَةً‏.‏

ويعفى لِحْيَتَهُ وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ ما لم يَسْتَهْجِنْ طُولَهَا وَيَحْرُمُ حَلْقُهَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُ ما زَادَ على الْقَبْضَةِ وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ ذلك وَأَخْذِ ما تَحْتَ حَلْقِهِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَتَرْكُهُ أَوْلَى وَقِيلَ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا بن عُبَيْدَانَ وَأَخَذَ أَحْمَدُ من حَاجِبِيهِ وَعَارِضِيهِ‏.‏

وَيَحُفُّ شَارِبَهُ أو يَقُصُّ طَرَفَهُ وَحَفُّهُ أَوْلَى نَصَّ عليه وَقِيلَ لَا قال‏.‏

في الْمُسْتَوْعِبِ وَيُسَنُّ حَفُّهُ وهو طَرَفُ الشَّعْرِ الْمُسْتَدِيرِ على الشَّفَةِ وَاخْتَارَ بن أبي مُوسَى وَغَيْرُهُ إحْفَاءَهُ من أَصْلِهِ انْتَهَى‏.‏

وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ مُخَالِفًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فَعَلَيْهِ يَبْدَأُ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّاحَةِ ثُمَّ إبْهَامِ الْيُسْرَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّاحَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ اخْتَارَه ابن بَطَّةَ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَقِيلَ يَبْدَأُ فِيهِمَا بِالْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ الْإِبْهَامِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ السَّبَّاحَةِ وقال الْآمِدِيُّ يَبْدَأُ بِإِبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ السَّبَّاحَةِ ثُمَّ الْبِنْصِرِ ثُمَّ كَذَلِكَ الْيُسْرَى‏.‏

وَقِيلَ يَبْدَأُ بِسَبَّابَةِ يُمْنَاهُ بِلَا مُخَالَفَةٍ إلَى خِنْصَرِهَا ثُمَّ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى وَيَخْتِمُ بِإِبْهَامِ الْيُمْنَى وَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا بَعْدَ قَصِّهَا تَكْمِيلًا لِلنَّظَافَةِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ إنَّ حَكَّ الْجَسَدِ بها قبل الْغَسْلِ يَضُرُّهُ‏.‏

وَيَكُونُ ذلك يوم الْجُمُعَةِ قبل الزَّوَالِ‏.‏

قُلْت قبل الصَّلَاةِ وهو مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَهَذَا الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ يوم الْخَمِيسِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ وَجَزَمَ بِهِ ابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ إذَا قُلْنَا يَفْعَلُ يوم الْخَمِيسِ فَيَكُونُ بَعْدَ الْعَصْرِ‏.‏

وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَحِيفَ عليها في الْقَصِّ نَصَّ عليه‏.‏

وَيَنْتِفُ إبْطَهُ وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ وَلَهُ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ بِمَا شَاءَ وَالتَّنْوِيرُ في الْعَانَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَهُ أَحْمَدُ وقال في الْغُنْيَةِ يَجُوزُ حَلْقُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إزَالَتُهُ كَالنَّوْرَةِ وَكَرِهَ الْآمِدِيُّ كَثْرَةَ التَّنْوِيرِ‏.‏

وَيَدْفِنُ ذلك كُلَّهُ نَصَّ عليه وَيَفْعَلُهُ كُلَّ أُسْبُوعٍ وَلَا يَتْرُكُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَصَّ عليه فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ صَرَّحَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ حَلْقُ الْعَانَةِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ كَمْ يترك ‏[‏مرة‏]‏ قال أَرْبَعِينَ فَأَمَّا الشَّارِبُ فَفِي كل جُمُعَةٍ وَقِيلَ عِشْرِينَ وَقِيلَ لِلْمُقِيمِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ لِلْمُسَافِرِ أَرْبَعِينَ وَلِلْمُقِيمِ عِشْرِينَ وَقِيلَ فِيهِمَا عَكْسُهُ قال وهو أَظْهَرُ وَأَشْهَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ‏.‏

وَيُكْرَهُ نَتْفُ الشِّيبِ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِالتَّحْرِيمِ لِلنَّهْيِ عنه‏.‏

وَيَخْتَضِبُ وَيُسْتَحَبُّ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ قال الْقَاضِي في الْمُجَرَّدِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالْفَخْرُ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ وَلَا بَأْسَ بِوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وقال الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ خِضَابُهُ بِغَيْرِ سَوَادٍ من صُفْرَةٍ أو حُمْرَةٍ سُنَّةٌ نَصَّ عليه وَيُكْرَهُ بِسَوَادٍ نَصَّ عليه وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْغُنْيَةِ وَالتَّلْخِيصِ يُكْرَهُ بِسَوَادٍ في غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا يَحْرُمُ فَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْمَعَالِي يَحْرُمُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وقال وهو مُتَّجِهٌ‏.‏

وَيَنْظُرُ في الْمِرْآةِ وَيَقُولُ ما وَرَدَ‏.‏

وَيَتَطَيَّبُ وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ بِمَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ وَعَكْسُهُ لِلْمَرْأَةِ‏.‏

وَلَا يُكْرَهُ حَلْقُ الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَجٍّ أو عَمْرَةٍ أو حَاجَةٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ ابن رَزِينٍ في نِهَايَتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَيُكْرَهُ حَلْقُ رَأْسِ الْمَرْأَةِ من غَيْرِ عُذْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى يُكْرَهُ الْحَلْقُ وَالْقَصُّ لَهُنَّ بِلَا عُذْرٍ وَقِيلَ يَحْرُمَانِ وَقِيلَ يَحْرُمُ حَلْقُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَيَأْتِي حُكْمُ حَلْقِ الْقَفَا عِنْدَ الْكَلَامِ على الْقَزَعِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْخِتَانُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ‏.‏

وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ قال في النَّظْمِ هذا أَوْلَى وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ يَجِبُ على الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى قال ابن تَمِيمٍ قال ابن أبي مُوسَى هو سُنَّةٌ لِلذُّكُورِ‏.‏

قَوْلُهُ ما لم يَخَفْهُ على نَفْسِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال أَحْمَدُ إنْ خَافَ على نَفْسِهِ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَخْتَتِنَ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مع أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوهُ بِفَرْضِ طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ من طَرِيقِ الْأَوْلَى وقال في الْفُصُولِ يَجِبُ إذَا لم يَخَفْ عليه التَّلَفَ فَإِنْ خِيفَ فَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُخْتَنُ فَظَاهِرُهُ يَجِبُ لِأَنَّهُ قل ‏[‏أقل‏]‏ من يَتْلَفُ منه قال أبو بَكْرٍ وَالْعَمَلُ على ما نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَأَنَّهُ مَتَى خشي عليه لم يُخْتَنْ وَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها مَحَلُّ وُجُوبِهِ عِنْدَ الْبُلُوغِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجِبُ الْخِتَانُ إذَا وَجَبَتْ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ وقال في الْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَيَجِبُ خِتَانُ بَالِغٍ آمِنٍ‏.‏

وَمِنْهَا يَجُوزُ له أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قوى عليه وَأَحْسَنَهُ نَصَّ عليه ذَكَرَهُ في الْفُرُوعِ في بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ‏.‏

وَمِنْهَا أَنَّ الْخِتَانَ زَمَنَ الصِّغَرِ أَفْضَلُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ زَادَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ إلَى التَّمْيِيزِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هذا الْمَشْهُورُ وقال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ يُسَنُّ ما بين سَبْعٍ إلَى عَشْرٍ قال في التَّلْخِيصِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْتَنَ قبل مُجَاوَزَةِ عَشْرِ سِنِينَ إذَا بَلَغَ سِنًّا يُؤْمَنُ فيه ضَرَرُهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

في الْعَقِيقَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُخْتَنَ يوم حَادِي عِشْرِينَ فَإِنْ فَاتَ تُرِكَ حتى يَشْتَدَّ وَيَقْوَى وَعَنْ أَحْمَدَ لم أَسْمَعْ فيه شيئا وقال التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ الْخِتَانُ يوم السَّابِعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ قال الْخَلَّالُ الْعَمَلُ عليه وَأَطْلَقَهُمَا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَكَذَا الْحُكْمُ من وِلَادَتِهِ إلَى يَوْمِ السَّابِعِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قال ولم يذكر كَرَاهِيَةَ الْأَكْثَرِ‏.‏

وَمِنْهَا يُؤْخَذُ في خِتَانِ الرَّجُلِ جِلْدَةُ الْحَشَفَةِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أو أَكْثَرُهَا وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ اقْتَصَرَ على أَكْثَرِهَا جَازَ وَيُؤْخَذُ في خِتَانِ الْأُنْثَى جِلْدَةٌ فَوْقَ مَحَلِّ الْإِيلَاجِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُؤْخَذَ كُلُّهَا لِلْخَبَرِ نَصَّ عليه‏.‏

وَمِنْهَا أَنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ في الْخِتَانِ كَالرَّجُلِ فَيُخْتَنُ ذَكَرُهُ وَإِنْ لَزِمَ الْأُنْثَى خُتِنَ فَرْجُهُ أَيْضًا قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لَا تُقْطَعُ الْإِصْبَعُ الزَّائِدَةُ نَقَلَهُ عبد اللَّهِ عن أَحْمَدَ وَيُكْرَهُ ثَقْبُ أُذُنِ الصَّبِيِّ إلَّا الْجَارِيَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ في حَقِّهَا اخْتَارَه ابن الْجَوْزِيِّ‏.‏

قُلْت وهو بَعِيدٌ في حَقِّ الْجَارِيَةِ‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ هو كَالْوَشْمِ وَقِيلَ يَحْرُمُ على الذَّكَرِ وقال في الْفُصُولِ يَفْسُقُ بِهِ في الذَّكَرِ وفي النِّسَاءِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ ولم يذكر غَيْرَهُ‏.‏

وَيَحْرُم نَمَصٌ وَوَشَرٌ وَوَشْمٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ‏.‏

وَيَحْرُمُ وَصْلُ شَعْرٍ بِشَعْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجُوزُ مع‏.‏

الْكَرَاهَةِ جَزَمَ بِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ قِيلَ يَجُوزُ بِإِذْنِ الزَّوْجِ‏.‏

وفي تَحْرِيمِ نَظَرِ شَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ زَادَ في التَّلْخِيصِ وَلَوْ كان بَائِنًا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالتَّلْخِيصِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ الْجَوَازُ ذَكَرَهُ عنه ابن رَجَبٍ وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ مُطْلَقًا‏.‏

وَيَحْرُمُ وَصْلُهُ بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

فَعَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ وَصْلِ الشَّعْرِ في صِحَّةِ الصَّلَاةِ معه وَجْهَانِ الْأَوَّلُ الصِّحَّةُ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُصُولِ فِيمَا إذَا وَصَلَتْهُ بِشَعْرِ ذِمِّيَّةٍ وَلَوْ قُلْنَا يَنْجَسُ الآدمي بِالْمَوْتِ وَقِيلَ تَصِحُّ وَلَوْ كان نَجِسًا حَكَاهُ في الرِّعَايَةِ وَتَبِعَهُ في الْفُرُوعِ‏.‏

قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ‏.‏

وَلَا بَأْسَ بِالْقَرَامِلِ وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ وَعَنْهُ هِيَ كَالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ إنْ أَشْبَهَهُ كَصُوفٍ وَقِيلَ يُكْرَهُ‏.‏

وَلَا بَأْسَ بِمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِشَدِّ الشَّعْرِ وَأَبَاحَ بن الْجَوْزِيِّ النَّمَصَ وَحْدَهُ وَحَمَلَ النَّهْيَ على التَّدْلِيسِ أو أَنَّهُ شِعَارُ الْفَاجِرَاتِ وفي الْغُنْيَةِ وَجْهٌ يَجُوزُ النَّمَصُ بِطَلَبِ الزَّوْجِ وَلَهَا حَلْقُهُ وَحَفُّهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَتَحْسِينُهُ بِتَحْمِيرٍ وَنَحْوِهِ وَكَرِه ابن عَقِيلٍ حَفَّهُ كَالرَّجُلِ فإن أَحْمَدَ كَرِهَهُ له وَالنَّتْفُ بِمِنْقَاشٍ لها وَيُكْرَهُ التَّحْذِيفُ وهو إرْسَالُ الشَّعْرِ الذي بين الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ‏.‏

قُلْت وَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ لِلتَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ وَلَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ‏.‏

وَيُكْرَهُ النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ قال أَحْمَدُ لِتَغْمِسَ يَدَهَا غَمْسًا قال في الرِّعَايَةِ في بَابِ ما يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ أو يُكْرَهُ قُلْت وَيُكْرَهُ التَّكْتِيبُ‏.‏

وَنَحْوُهُ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ وَجْهًا بِإِبَاحَةِ تَحْمِيرٍ وَنَقْشٍ وَتَطْرِيفٍ بِإِذْنِ زَوْجٍ فَقَطْ انْتَهَى وَعَمَلُ الناس على ذلك من غَيْرِ نَكِيرٍ‏.‏

وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْمَاشِطَةِ قال في الْفُرُوعِ ذكره جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عن أَحْمَدَ قال وَالْمَنْقُولُ عنه أَنَّ مَاشِطَةً قالت إنِّي أَصِلُ رَأْسَ الْمَرْأَةِ بِقَرَامِلَ وَأُمَشِّطُهَا أَفَأَحُجُّ منه قال لَا وَكَرِهَ كَسْبَهَا وقال ابن عَقِيلٍ يَحْرُمُ التَّدْلِيسُ وَالتَّشَبُّهُ بِالْمُرْدَانِ وَكَذَا عِنْدَهُ يَحْرُمُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَنَحْوُهُ وقال في الْفُنُونِ يُكْرَهُ كَسْبُهَا‏.‏

فائدة‏:‏

كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْحِجَامَةَ يوم السَّبْتِ وَالْأَرْبِعَاءِ نَقَلَهُ حَرْبٌ وأبو طَالِبٍ وَعَنْهُ الْوَقْفُ في الْجُمُعَةِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ يُكْرَهُ يوم الْجُمُعَةِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ قال حَنْبَلٌ كان أبو عبد اللَّهِ يَحْتَجِمُ أَيْ وَقْتَ هَاجَ بِهِ الدَّمُ وَأَيَّ سَاعَةٍ كانت ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَالْفَصْدُ في مَعْنَى الْحِجَامَةِ وَالْحِجَامَةُ أَنْفَعُ منه في بَلَدٍ حَارٍّ وما في مَعْنَى ذلك وَالْفَصْدُ بِالْعَكْسِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تُكْرَهُ يوم الثُّلَاثَاءِ لِخَبَرِ أبي بَكْرَةَ وَفِيهِ ضَعْفٌ قال وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ أبي دَاوُد لِاقْتِصَارِهِ على رِوَايَتِهِ قال وَيَتَوَجَّهُ تَرْكُهَا فيه أَوْلَى وَيَحْتَمِلُ مثله في يَوْمِ الْأَحَدِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ الْقَزَعُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

وهو أَخْذُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ بَلْ هو حَلْقُ وَسَطِ الرَّأْسِ وَقِيلَ بَلْ هو حَلْقُ بُقَعٍ منه‏.‏

فائدة‏:‏

يُكْرَهُ حَلْقُ الْقَفَا مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ زَادَ فيه جَمَاعَةٌ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ لِمَنْ لم يَحْلِقْ رَأْسَهُ ولم يَحْتَجْ إلَيْهِ لِحِجَامَةٍ أو غَيْرِهَا نَصَّ عليه وقال أَيْضًا هو من فِعْلِ الْمَجُوسِ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ منهم‏.‏

قَوْلُهُ وَيَتَيَامَنُ في سِوَاكِهِ‏.‏

أَمَّا الْبُدَاءَةُ بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ من الْفَمِ فَمُسْتَحَبٌّ بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا أَخْذُ السِّوَاكِ بِالْيَدِ فقال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ السُّنَّةُ إرْصَادُ الْيُمْنَى لِلْوُضُوءِ وَالسِّوَاكِ وَالْأَكْلِ وَنَحْوِ ذلك وَقَدَّمَهُ في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ قال ابن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن بَطَّةَ من الْمُتَقَدِّمِينَ وَصَرَّحَ بِهِ طَائِفَةٌ من الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَالَ إلَيْهِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَسْتَاكُ بِيَسَارِهِ نَقَلَهُ حَرْبٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَصَحَّحَهُ وقال نَصَّ عليه وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ما عَلِمْت إمَامًا خَالَفَ فيه كَانْتِثَارِهِ وَرَّدَ بن رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ الرِّوَايَةَ الْمَنْسُوبَةَ إلَى حَرْبٍ وقال هِيَ تَصْحِيفٌ من الِاسْتِنْثَارِ بِالِاسْتِنَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وَسُنَنُ الْوُضُوءِ عَشْرٌ السِّوَاكُ بِلَا نِزَاعٍ وَالتَّسْمِيَةُ‏.‏

وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الْخَلَّالُ الذي اسْتَقَرَّتْ عليه الرِّوَايَاتُ عنه أَنَّهُ لَا بَأْسَ إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ قال ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ الذي اسْتَقَرَّ عليه قَوْلُ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَته وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ أنها وَاجِبَةٌ وَهِيَ الْمَذْهَبُ قال صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالنِّهَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ التَّسْمِيَةُ وَاجِبَةٌ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ في طَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَالتَّيَمُّمُ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وأبو بَكْرٍ عبد الْعَزِيزِ وأبو إِسْحَاقَ بن شَاقِلَا وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وَالْقَاضِي أبو الْحُسَيْنِ وابن الْبَنَّا وأبو الْخَطَّابِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ من أَصْحَابِنَا بَلْ أَكْثَرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في التَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَالْعُقُودِ لِابْنِ الْبَنَّا وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ‏.‏

وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ هل هِيَ فَرْضٌ لَا تَسْقُطُ سَهْوًا اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وَالْمَجْدُ وابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ أو وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وابن عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وهو الْمَذْهَبُ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ‏.‏

فَعَلَى الثَّانِيَةِ لو ذَكَرَهَا في أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْوُضُوءَ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يسمى وَيَبْنِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَقَطَعُوا بِهِ وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا حتى غَسَلَ عُضْوًا لم يُعْتَدَّ بِغَسْلِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وقال أبو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ إنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا حتى غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ فإنه يُسَمِّي وَيَبْنِي لِأَنَّهُ قد ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ على وُضُوئِهِ وقاله ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ‏.‏

فائدة‏:‏

صِفَةُ التَّسْمِيَةِ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَوْ قال بِسْمِ الرحمن أو بِسْمِ الْقُدُّوسِ أو نَحْوِهِ فَوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا صَاحِبُ التَّجْرِيدِ وَتَبِعَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى قال الزَّرْكَشِيُّ لم يُجْزِهِ على الْأَشْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ‏.‏

قُلْت الْأَوْلَى الْإِجْزَاءُ وَتَكْفِي الْإِشَارَةُ من الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ‏.‏

قَوْلُهُ وَغَسْلُ الْكَفَّيْنِ ثَلَاثًا لا ‏[‏إلا‏]‏ أَنْ يَكُونَ قَائِمًا من نَوْمِ اللَّيْلِ‏.‏

غَسْلُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عن نَوْمٍ أو عن غَيْرِ نَوْمٍ فَإِنْ كان عن غَيْرِ نَوْمٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ‏.‏

عليه أَحْمَدُ اسْتِحْبَابُ غَسْلِهِمَا مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَغْسِلُهُمَا إذَا تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُمَا بَلْ يُكْرَهُ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ وقال الْقَاضِي إنْ شَكَّ فِيهِمَا سُنَّ غَسْلُهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَ طَهَارَتَهُمَا خُيِّرَ‏.‏

وَإِنْ كان عن نَوْمٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ عن نَوْمِ اللَّيْلِ أو عن نَوْمِ النَّهَارِ فَإِنْ كان عن نَوْمِ النَّهَارِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم اسْتِحْبَابُ غَسْلِهِمَا وَعَنْهُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَحَكَاهَا في الْفُرُوعِ هُنَا قَوْلًا‏.‏

وَإِنْ كان عن نَوْمِ اللَّيْلِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ في وُجُوبِ غَسْلِهِمَا رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ في شُرُوحِهِمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَالْخُلَاصَةِ وَيَجِبُ على الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَه ابن عُبَيْدَانَ قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ بَلْ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بن حَامِدٍ وَأَحْمَدُ بن جَعْفَرٍ الْمُنَادِي وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ‏.‏

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُمَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْعُمْدَةُ وَالْوَجِيزُ وَالْمُنَوِّرُ وَالْمُنْتَخَبُ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ انْتَهَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ قال ابن تَمِيمٍ قال صَاحِبُ النُّكَتِ وَحَيْثُ وَجَبَ الْغُسْلُ فإنه شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ‏.‏

قُلْت وَقَالَه ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَقَدَّمَ في الرِّعَايَةِ سُقُوطَ غَسْلِهِمَا بِالنِّسْيَانِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ على ما يَأْتِي وهو الصَّحِيحُ‏.‏

فوائد‏:‏

إحْدَاهَا يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِالنَّوْمِ النَّاقِضِ لِلْوُضُوءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَتَعَلَّقُ بِالنَّوْمِ الزَّائِدِ على النِّصْفِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ كما تَقَدَّمَ‏.‏

الثَّانِيَةُ غَسْلُهُمَا تَعَبُّدٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ فَعَلَى هذا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ في أَصَحِّ الْأَوْجُهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْتَبَرَانِ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يُعْتَبَرَانِ إنْ وَجَبَ غَسْلُهُمَا وَإِلَّا فَلَا وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ دُونَ التَّسْمِيَةِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ‏.‏

وَعَلَى الصَّحِيحِ لَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ عن نِيَّةِ غَسْلِهِمَا على الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَأَنَّهَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ لَا من الْوُضُوءِ وَقِيلَ تُجْزِئُ وَقِيلَ غَسْلُهُمَا مُعَلَّلٌ بِوَهْمِ النَّجَاسَةِ كَجَعْلِ الْعِلَّةِ في النَّوْمِ اسْتِطْلَاقَ الْوِكَاءِ بِالْحَدَثِ وهو مَشْكُوكٌ فيه وَقِيلَ غَسْلُهُمَا مُعَلَّلٌ بِمَبِيتِ يَدِهِ مُلَابِسَةً لِلشَّيْطَانِ‏.‏

الثَّالِثَةُ إنَّمَا يُغْسَلَانِ لِمَعْنًى فِيهِمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ ولم يُدْخِلْ يَدَهُ في الْإِنَاءِ لم يَصِحَّ وُضُوءُهُ وَفَسَدَ الْمَاءُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا إنَّمَا يُغْسَلَانِ لِأَجْلِ إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ ذَكَرَهُ أبو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً فَيَصِحُّ وُضُوءُهُ ولم يَفْسُدْ الْمَاءُ إذَا اسْتَعْمَلَهُ من غَيْرِ إدْخَالٍ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْبُدَاءَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِهِمَا قبل الْوَجْهِ سُنَّةٌ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَقِيلَ يَجِبُ وهو احْتِمَالٌ في الرِّعَايَةِ وَبَعْدَهُ يأتي ‏[‏ويأتي‏]‏ في بَابِ الْوُضُوءِ هل يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ بِيَمِينِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ بين الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ تَبَعًا لِلْمَجْدِ وَالْأَقْيَسُ وُجُوبُ تَرْتِيبِهِمَا كَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ وَعَنْهُ لَا يَجِبَانِ بَيْنَهُمْ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يَجِبُ ذلك في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ نَصَّ عليه تَصْرِيحًا وفي رِوَايَةِ كَثِيرٍ من أَصْحَابِهِ‏.‏

فَعَلَى هذا لو تَرَكَهُمَا حتى صلى أتى بِهِمَا وَأَعَادَ الصَّلَاةَ دُونَ الْوُضُوءِ نَصَّ عليه أَحْمَدُ وَمَبْنَاهُ على أَنَّ وُجُوبَهُمَا بِالسُّنَّةِ وَالتَّرْتِيبِ إنَّمَا وَجَبَ بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ مُعْتَضِدًا بِالسُّنَّةِ ولم يُوجَدْ ذلك فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَعَنْهُ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ وَحْدَهَا‏.‏

الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ على الِاسْتِنْشَاقِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَاوُ في قَوْلِهِ وَالِاسْتِنْشَاقُ لِلتَّرْتِيبِ كَثُمَّ وَوَجَّهَ في الْفُرُوعِ وُجُوبَهُ على قَوْلِنَا لم يَدُلَّ الْقُرْآنُ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا أَصَحُّ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ في الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ سُنَّةٌ إلَّا ما استثنى وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ وهو الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ في الِاسْتِنْشَاقِ وَحْدَهُ وَاخْتَارَه ابن الزَّاغُونِيِّ وَعَنْهُ تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ في الِاسْتِنْشَاقِ وَحْدَهُ اخْتَارَهَا بن شَاقِلَا وَيُحْكَى رِوَايَةً ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَيْضًا قَالَهُ الشَّارِحُ قال ابن تَمِيمٍ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا في الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ تَجِبُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا في الْوُضُوءِ ذَكَرَهَا بن عَقِيلٍ في فَنُونِهِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا الْمُبَالَغَةُ في الْمَضْمَضَةِ إدَارَةُ الْمَاءِ في الْفَمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ إدَارَةُ الْمَاءِ في الْفَمِ كُلِّهِ أو أَكْثَرِهِ فَزَادَ أَكْثَرَهُ وَلَا يَجْعَلُهُ وُجُوبًا‏.‏

وَالْمُبَالَغَةُ في الِاسْتِنْشَاقِ جَذْبُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ إلَى أَقْصَى الْأَنْفِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ أو أَكْثَرُهُ كما قال في الْمَضْمَضَةِ وَلَا يَجْعَلُهُ سَعُوطًا قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا تَجِبُ الْإِدَارَةُ في جَمِيعِ الْفَمِ وَلَا الِاتِّصَالُ إلَى جَمِيعِ بَاطِنِ الْأَنْفِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يَكْفِي وَضْعُ الْمَاءِ في فَمِهِ من غَيْرِ إدَارَتِهِ قَالَهُ في الْمُبْهِجِ وَاقْتَصَرَ عليه ابن تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يَكْفِي قال في الْمَطْلَعِ الْمَضْمَضَةُ في الشَّرْعِ وَضْعُ الْمَاءِ في فيه وَإِنْ لم يُحَرِّكْهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا‏.‏

يَعْنِي فَلَا تَكُونُ الْمُبَالَغَةُ سُنَّةً بَلْ تُكْرَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال أبو الْفَرَجِ تَحْرُمُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَوْلُهُ بِصَوْمِ الْفَرْضِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ‏.‏

إنْ كانت خَفِيفَةً وَجَبَ غَسْلُهَا وَإِنْ كانت كَثِيفَةً وهو مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم اسْتِحْبَابُ‏.‏

تَخْلِيلِهَا وَقِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ كَالتَّيَمُّمِ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ لِلْأَثَرِ وهو كما قال وَقِيلَ يَجِبُ التَّخْلِيلُ ذَكَرَه ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا شَعْرُ غَيْرِ اللِّحْيَةِ كَالْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبِ وَالْعَنْفَقَةُ وَلِحْيَةُ الْمَرْأَةِ وَغَيْرُ ذلك مِثْلُ اللِّحْيَةِ في الْحُكْمِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ في لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ وَقِيلَ يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ ذلك كُلِّهِ مُطْلَقًا‏.‏

وَالثَّانِيَةُ صِفَةُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ أَنْ يَأْخُذَ كَفًّا من مَاءٍ فَيَضَعَهُ من تَحْتِهَا أو من جَانِبَيْهَا بِأَصَابِعِهِ نَصَّ عليه مُشَبَّكَةً فيها قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ زَادَ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وَيَعْرُكُهَا وَقِيلَ يُخَلِّلُهَا من مَاءِ الْوَجْهِ وَلَا يُفْرِدُ لِذَلِكَ مَاءً قَالَهُ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وَيَكُونُ ذلك عِنْدَ غَسْلِهِمَا وَإِنْ شَاءَ إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ نَصَّ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وَتَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ‏.‏

يُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا قال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ يُخَلِّلُ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ وَيَبْدَأُ من الرِّجْلِ الْيُمْنَى بِخِنْصَرِهَا وَالْيُسْرَى بِالْعَكْسِ زَادَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ يُخَلِّلُ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى زَادَ في التَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ من أَسْفَلِ الرِّجْلِ قال الْأَزَجِيُّ في نِهَايَتِهِ يُخَلِّلُ بِخِنْصَرِ يَدَهُ الْيُمْنَى‏.‏

وَالثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ الْمُبَالَغَةُ في غَسْلِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ ودلك ‏[‏وذلك‏]‏ الْمَوَاضِعُ التي يَنْبُو عنها الْمَاءُ وَعَرْكُهَا‏.‏

قَوْلُهُ وَالتَّيَامُنُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُ التَّيَامُنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى الْفَخْرُ الرَّازِيّ رِوَايَةً عن أَحْمَدَ بِوُجُوبِهِ وَشَذَّذَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ تَرْكُهُ قال ابن عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ هُنَا في حُكْمِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ حتى إنَّهُ يَجُوزُ غَسْلُ إحْدَاهُمَا بِمَاءِ الْأُخْرَى‏.‏

قَوْلُهُ وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلْأُذُنَيْنِ‏.‏

إنْ قُلْنَا هُمَا من الرَّأْسِ وهو الْمَذْهَبُ فَالصَّحِيحُ اسْتِحْبَابُ أَخْذِ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وابن أبي مُوسَى وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ قال في الْخُلَاصَةِ يُسْتَحَبُّ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّذْكِرَةِ لِابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ في مَوْضِعٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْإِفَادَاتِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يَمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وابن عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّخْلِيصِ وَالْبُلْغَةِ في السُّنَنِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال ابن رَجَبٍ في الطَّبَقَاتِ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ بن جَلِيَّةَ قَاضِي حَرَّانَ كان يَخْتَارُ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قال ابن رَجَبٍ وهو غَرِيبٌ جِدًّا‏.‏

وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّهُ قال ذَكَرَ الْقَاضِي عبد الْوَهَّابِ وابن حَامِدٍ‏.‏

أَنَّهُمَا يَمْسَحَانِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قال وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَزَادَ بن حَامِدٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْوَهَّابِ هو بن جَلَبَةَ قَاضِي حَرَّانَ‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يَمْسَحُهُمَا مَعًا ولم يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِخِلَافِ ذلك‏.‏

قُلْت صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ بِاسْتِحْبَابِ مَسْحِ الْأُذُنِ الْيُمْنَى قبل الْيُسْرَى‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ هذه الْأَحْكَامُ إذَا قُلْنَا هُمَا من الرَّأْسِ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا هُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ ذَكَرَهَا بن عَقِيلٍ فَيَجِبُ لَهُمَا مَاءٌ جَدِيدٌ في وَجْهٍ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ منه يَجِبُ التَّرْتِيبُ‏.‏

الثَّانِي تَقَدَّمَ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ من الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ أَنَّهُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ وَذَكَرَ بن عُبَيْدَانَ في بَابِ الْوُضُوءِ أَنَّ بن عبد الْبَرِّ قال روى عن أَحْمَدَ أَنَّهُ قال ما أَقْبَلَ مِنْهُمَا من الْوَجْهِ يُغْسَلُ معه وما أَدْبَرَ من الرَّأْسِ كَمَذْهَبِ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ بن صَالِحٍ وَمَالَ إلَيْهِ إِسْحَاقُ بن رَاهْوَيْهِ‏.‏

الثَّالِثُ قَوْلُهُ وَالْغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ بِلَا نِزَاعٍ قال الْقَاضِي في الْخِلَافِ حتى لِطَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ‏.‏

فوائد‏:‏

إحداها يَعْمَلُ في عَدَدِ الْغَسَلَاتِ بِالْأَقَلِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في النِّهَايَةِ يَعْمَلُ بِالْأَكْثَرِ‏.‏

الثَّانِيَةُ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ تَحْرُمُ قال ابن‏.‏

رَجَبٍ في شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِلْوَجْهِ غَسْلَةً رَابِعَةً تُصَبُّ من أَعْلَاهُ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُزَادُ في الرِّجْلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ على الْغَسْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَانِ أَفْضَلُ وَالثَّلَاثَةُ أَفْضَلُ مِنْهُمَا قَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْأُولَى فَرِيضَةٌ وَالثَّانِيَةُ فَضِيلَةٌ وَالثَّالِثَةُ سُنَّةٌ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وإذا قِيلَ لَك أَيُّ مَوْضِعٍ تُقَدَّمُ فيه الْفَضِيلَةُ على السُّنَّةِ فَقُلْ هُنَا‏.‏

الثَّالِثَةُ لو غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَكْثَرَ من بَعْضٍ لم يُكْرَهْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ‏.‏

الرَّابِعَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ مَسْحُ الْعُنُقِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُسْتَحَبُّ مَسْحُ الْعُنُقِ في أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ قال في الْفَائِقِ لَا يُسَنُّ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ اخْتَارَهُ في الْغُنْيَةِ وابن الْجَوْزِيِّ في أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ وأبو الْبَقَاءِ وابن الصَّيْرَفِيِّ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الْخُلَاصَةِ وَمَسْحُ الْعُنُقِ مُسْتَحَبٌّ على الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ في تَذْكِرَتِهِ وابن الْبَنَّا في الْعُقُودِ وابن حَمْدَانَ في الْإِفَادَاتِ وَالنَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْكَلَامُ على الْوُضُوءِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُكْرَهُ قَالَهُ جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ قال في الْفُرُوعِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ كما صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ منهم صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ تَرْكُ الْأَوْلَى وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ من الْأَصْحَابِ منهم صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ يقول عِنْدَ كل عُضْوٍ ما وَرَدَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ‏.‏

لِضَعْفِهِ جِدًّا قال ابن الْقَيِّمِ أَمَّا الْأَذْكَارُ التي يَقُولُهَا الْعَامَّةُ على الْوُضُوءِ عِنْدَ كل عُضْوٍ فَلَا أَصْلَ لها عنه عليه أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَلَا عن أَحَدٍ من الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَفِيهِ حَدِيثٌ كَذِبٌ عليه عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ انْتَهَى‏.‏

قال أبو الْفَرَجِ يُكْرَهُ السَّلَامُ على الْمُتَوَضِّئِ وفي الرِّعَايَةِ وَرَدُّ السَّلَامِ أَيْضًا قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ السَّلَامُ وَلَا الرَّدُّ وَإِنْ كان الرَّدُّ على طُهْرٍ أَكْمَلَ‏.‏

الْخَامِسَةُ قال في الْفُرُوعِ وَظَاهِرُ ما نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ قال وَلَا تَصْرِيحَ بِخِلَافِهِ وهو مُتَّجِهٌ لِكُلِّ طَاعَةٍ إلَّا لِدَلِيلٍ انْتَهَى‏.‏

بَابٌ‏:‏ فَرْضُ الْوُضُوءِ وَصِفَتُهُ

قَوْلُهُ تَرْتِيبُهُ على ما ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ التَّرْتِيبَ فَرْضٌ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بين الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ كما تَقَدَّمَ قَرِيبًا فَأَخَذَ منها أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ رِوَايَةً بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ رَأْسًا وَتَبِعَهُمَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ منهم صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ فيه وَغَيْرِهِمْ قال الزَّرْكَشِيُّ وَأَبَى ذلك عَامَّةُ الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ منهم أبو مُحَمَّدٍ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَالْمَجْدَ في شَرْحِهِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لم أَرَ عنه فيه اخْتِلَافًا قال في الْحَاوِي الْكَبِيرِ لَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا في الْمَذْهَبِ إلَّا أَبَا الْخَطَّابِ حَكَى رِوَايَةَ أَحْمَدَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ انْتَهَى وَاخْتَارَ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ في نَفْلِ الْوُضُوءِ وَمَعْنَاهُ لِلْقَاضِي في الْخِلَافِ‏.‏

فائدة‏:‏

اعْلَمْ أَنَّ الْوَاجِبَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ التَّرْتِيبُ لَا عَدَمُ التَّنْكِيسِ فَلَوْ وَضَّأَهُ أَرْبَعَةٌ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لم يُجْزِئْهُ وَلَوْ انْغَمَسَ في مَاءٍ جَارٍ يَنْوِي‏.‏

رَفْعَ الْحَدَثِ فَمَرَّتْ عليه أَرْبَعُ جَرَيَاتٍ أَجْزَأَهُ إنْ مَسَحَ رَأْسَهُ أو قِيلَ بِإِجْزَاءِ الْغَسْلِ عن الْمَسْحِ على ما يَأْتِي وَلَوْ لم يُمِرَّ عليه إلَّا جَرْيَةً وَاحِدَةً لم يُجْزِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ في رَجُلٍ أَرَادَ الْوُضُوءَ فَانْغَمَسَ في الْمَاءِ ثُمَّ خَرَجَ فَعَلَيْهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ قال وَهَذَا يَدُلُّ على أَنَّ الْمَاءَ إذَا كان جَارِيًا فَمَرَّتْ عليه جَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّهُ يُجْزِيهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ انْتَهَى وَإِنْ كان انْغِمَاسُهُ في مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ فَإِنْ أَخْرَجَ وَجْهَهُ ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ خَرَجَ من الْمَاءِ مُرَاعِيًا لِلتَّرْتِيبِ أَجْزَأَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وابن رَزِينٍ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ التي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَقِيلَ إنْ مَكَثَ فيه قَدْرًا يَتَّسِعُ لِلتَّرْتِيبِ وَقُلْنَا يُجْزِيهِ غَسْلُ الرَّأْسِ عن مَسْحِهِ أو مَسَحَهُ ثُمَّ مَكَثَ بِرِجْلَيْهِ قَدْرًا يَسْعَ غَسْلَهُمَا أَجْزَأَهُ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي وقال في الِانْتِصَارِ لم يُفَرِّقْ أَحْمَدُ بين الْجَارِي وَالرَّاكِدِ وَإِنَّ تَحَرُّكَهُ في الرَّاكِدِ يَصِيرُ كَالْجَارِي فَلَا بُدَّ من التَّرْتِيبِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

إحْدَاهَا هِيَ فَرْضٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قاله الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِقَوْلِهِ في مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فَإِنْ خَلَعَ قبل ذلك أَعَادَ الْوُضُوءَ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ بَلْ هِيَ سُنَّةٌ وَقِيلَ إنَّهَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهُ لم يَذْكُرْهَا في فُرُوضِ الْوُضُوءِ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي ولم يذكر الْخِرَقِيُّ الْمُوَالَاةَ‏.‏

تنبيه‏:‏

الرِّوَايَتَانِ في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعُودَانِ إلَى الْمُوَالَاةِ فَقَطْ لِمَا تَقَدَّمَ عنه في الْمُغْنِي أَنَّهُ لم يَرَ عنه فيه اخْتِلَافًا وقال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ الْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ‏.‏

قُلْت صَرَّحَ بِهِ في الْهَادِي فقال وفي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالتَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ رِوَايَتَانِ وقال في الْكَافِي وحكى عنه أَنَّ التَّرْتِيبَ ليس بِوَاجِبٍ‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ بِالنِّسْيَانِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِ وهو منها وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ يَسْقُطَانِ وَقِيلَ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ وَحْدَهُ قال ابن تَمِيمٍ قال بَعْضُ أَصْحَابِنَا تَسْقُطُ الْمُوَالَاةُ بِالْعُذْرِ وَالْجَهْلِ كَذَلِكَ في الْحُكْمِ قَالَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَسْقُطُ الْمُوَالَاةُ بِالْعُذْرِ وقال هو أَشْبَهُ بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِ أَحْمَدَ وَقَوَّى ذلك وَطَرَدَهُ في التَّرْتِيبِ وقال لو قِيلَ بِسُقُوطِهِ لِلْعُذْرِ كما لو غَسَلَ وَجْهَهُ فَقَطْ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ زَالَ قبل انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِغَسْلِهِ لَتَوَجَّهَ انْتَهَى‏.‏

قَوْلُهُ وهو أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشَفَ الذي قَبْلَهُ‏.‏

مُرَادُهُ في الزَّمَانِ الْمُعْتَدِلِ وَقَدَّرَهُ في غَيْرِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَنَصَرَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ قال ابن رَزِينٍ وابن عُبَيْدَانَ هذا الْأَصَحُّ وَجَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ هو أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشَفَ الْكُلُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَقِيلَ هو أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حتى يَنْشَفَ أَيُّ عُضْوٍ كان حَكَاه ابن عَقِيلٍ وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ طُولُ الْمُكْثِ عُرْفًا قال الْخَلَّالُ هو الْأَشْبَهُ بِقَوْلِهِ وَالْعَمَلُ عليه قال في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَتَذْكِرَة ابن عَبْدُوسٍ ويوالى عُرْفًا قال ابن رَزِينٍ وَهَذَا أَقْيَسُ‏.‏

قُلْت يَحْتَمِلُ أَنَّ هذه الرِّوَايَةَ مُرَادُ من حَدّهَا بِحَدٍّ وَيَكُونُونَ مُفَسِّرِينَ لِلْعُرْفِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ قال مَعْنَاهُ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ في زَمَنٍ مُعْتَدِلٍ أو طَالَ عُرْفًا قال في الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ وَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْعُرْفِ أو بِجَفَافِ الْأَعْضَاءِ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها لَا يَضُرُّ اشْتِغَالُهُ في الْعُضْوِ الْآخَرِ بِسُنَّةٍ كَتَخْلِيلٍ أو إسْبَاغٍ أو إزَالَةِ شَكٍّ وَيَضُرُّ إسْرَافٌ وَإِزَالَةُ وَسَخٍ وَنَحْوِهِ جَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَأَطْلَقَا وَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا ما جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ إذَا كان إزَالَةُ الْوَسَخِ لِغَيْرِ الطَّهَارَةِ وَجَزَمَ في الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إزَالَةُ الْوَسَخِ وَأَطْلَقُوا وَلَعَلَّهُمْ أَرَادُوا إذَا أَزَالَهَا لِأَجْلِ الطَّهَارَةِ وَلَا تَضُرُّ الْإِطَالَةُ لِوَسْوَسَةٍ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ تَضُرُّ جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَضُرُّ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ إذَا طَالَتْ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ لَا تَضُرُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَضُرُّ الْإِطَالَةُ في تَحْصِيلِ الْمَاءِ قَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَالرِّعَايَةُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ بن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَعَنْهُ لَا تَضُرُّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

وَمِنْهَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْغَسْلِ مُوَالَاةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ الِاشْتِرَاطَ كَالْوُضُوءِ وَيَأْتِي ذلك في الْغُسْلِ‏.‏

وَمِنْهَا إذَا قُلْنَا الْمُوَالَاةُ سُنَّةٌ وَفَاتَتْ أو فَرَّقَ الْغُسْلَ فَلَا بُدَّ لِإِتْمَامِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ من نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ قَالَهُ ابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

بِنَاءً على أَنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ قُرْبُ الْفِعْلِ منها كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ قال في الْفُرُوعِ فَدَلَّ على الْخِلَافِ كما يَأْتِي في نِيَّةِ الْحَجِّ في دُخُولِ مَكَّةَ وَنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَيَأْتِي ذلك في الْغُسْلِ‏.‏

قَوْلُهُ وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا‏.‏

وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ النِّيَّةُ فَرْضٌ قال ابن تَمِيمٍ وَالْفَائِقُ وقال الْخِرَقِيُّ وَالنِّيَّةُ من فُرُوضِهَا وَأَوَّلُوا كَلَامَهُ وَقِيلَ رُكْنٌ ذَكَرَهُمَا في الرِّعَايَةِ قُلْت لَا يَظْهَرُ التَّنَافِي بين الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا وَرُكْنِيَّتِهَا فَلَعَلَّهُ حَكَى عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ‏.‏

وَذَكَرَ بن الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا في الْمُذْهَبِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ في طَهَارَةِ الْحَدَثِ قال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وهو شَاذٌّ وقال في الْفُرُوعِ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ ليس من شَرْطِ الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ‏.‏

وقال أبو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَيَتَوَجَّهُ على الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ من غَيْرِ نِيَّةٍ قال وقد بَنَى الْقَاضِي هذه الْمَسْأَلَةَ على أَنَّ التَّجْدِيدَ هل يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا وَيَأْتِي في آخِرِ أَحْكَامِ النِّيَّةِ هل يَحْتَاجُ غَسْلُ الذِّمِّيَّةِ إلَى النِّيَّةِ أَمْ لَا‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَنْصُوصُ عن أَحْمَدَ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وقال هو الصَّوَابُ‏.‏

الْوَجْهُ الثَّانِي يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بها سِرًّا وهو الْمَذْهَبُ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ ابن عُبَيْدَانَ وَالتَّلْخِيصِ وابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ قال الزَّرْكَشِيُّ هو الْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ من الْمُتَأَخِّرِينَ‏.‏

تنبيه‏:‏

مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ أنها لَا تُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ الْخُبْثِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ شَرْطٌ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ وَحَكَى بن مُنَجَّا في النِّهَايَةِ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوهُ في كُتُبِ الْخِلَافِ وَقِيلَ إنْ كانت النَّجَاسَةُ على الْبَدَنِ فَهِيَ شَرْطٌ وَإِلَّا فَلَا وقال أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ في طَهَارَةِ الْبَدَنِ بِصَوْبِ غَمَامٍ أو فِعْلِ مَجْنُونٍ أو طِفْلٍ احْتِمَالَانِ‏.‏

قَوْلُهُ وهو أَنْ يَقْصِدَ رَفْعَ الْحَدَثِ أو الطَّهَارَةَ لِمَا لَا يُبَاحُ إلَّا بها‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْأَصْحَابُ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا النِّيَّةُ هِيَ قَصْدُ الْمَنْوِيِّ وَقِيلَ الْعَزْمُ على الْمَنْوِيِّ وَقِيلَ إنْ نَوَى مع الْحَدَثِ النَّجَاسَةَ لم يُجْزِئْهُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ إنْ نَوَى مع الْحَدَثِ التَّنَظُّفَ أو التَّبَرُّدَ لم يُجْزِئْهُ‏.‏

فائدة‏:‏

يَنْوِي من حَدَثُهُ دَائِمٌ الِاسْتِبَاحَةَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن تَمِيمٍ وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ وَقِيلَ أو يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ قال الْمَجْدُ هِيَ كَالصَّحِيحِ في النِّيَّةِ قال في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ نِيَّتُهَا كَنِيَّةِ الصَّحِيحِ وَيَنْوِي رَفْعَهُ انْتَهَى وَقِيلَ أو يَنْوِي رَفْعَ الْحَدَثِ وَقِيلَ هُمَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَجَمْعُهُمَا أَوْلَى فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْيِينِ نِيَّةِ الْفَرْضِ قَطَعَ بِهِ ابن مُنَجَّا وابن حَمْدَانَ قال الْمَجْدُ في شَرْحِهِ هذا ظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وهو ظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في شَرْحِهِ فإنه قال هذه الطَّهَارَةُ تَرْفَعُ الْحَدَثَ أَوْجَبَهَا وقال أبو جَعْفَرٍ طَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ‏.‏

فائدة‏:‏

لم يذكر الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُنَا من شُرُوطِ الْوُضُوءِ إلَّا النِّيَّةَ وَلِلْوُضُوءِ شُرُوطٌ أُخْرَى‏.‏

منها ما ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ في آخِرِ بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وهو إزَالَةُ ما على الْفَرْجَيْنِ من أَذًى بِالْمَاءِ أو بِالْأَحْجَارِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما تَقَدَّمَ‏.‏

وَمِنْهَا إزَالَةُ ما على غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ من نَجَاسَةٍ على قَوْلٍ تَقَدَّمَ هُنَاكَ‏.‏

وَمِنْهَا دُخُولُ الْوَقْتِ على من حَدَثُهُ دَائِمٌ كَالْمُسْتَحَاضَةِ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَنَحْوِهِمْ على ما يَأْتِي في آخِرِ بَابِ الْحَيْضِ‏.‏

وَمِنْهَا التَّمْيِيزُ فَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَا تَمْيِيزَ له كَمَنْ له دُونَ سَبْعٍ وَقِيلَ سِتٌّ أو من لَا يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَلَا يَرُدُّ الْجَوَابَ على ما يَأْتِي في كِتَابِ الصَّلَاةِ‏.‏

وَمِنْهَا إزَالَةُ ما يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْعُضْوِ‏.‏

وَمِنْهَا الْعَقْلُ فَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَا عَقْلَ له كَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِ‏.‏

وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ من الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَزَمَ بِهِ ابن عُبَيْدَانَ قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يَصِحُّ وُضُوءُ الْحَائِضِ على ما يَأْتِي أَوَّلَ الْحَيْضِ مُسْتَوْفًى‏.‏

قُلْت وَمِنْهَا الطَّهَارَةُ من الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ أَعْنِي انْقِطَاعَهُمَا وَالْفَرَاغَ من خُرُوجِهِمَا‏.‏

وَمِنْهَا طَهُورِيَّةُ الْمَاءِ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ في تَجْوِيزِهِ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ في نَفْلِ الْوُضُوءِ كما تَقَدَّمَ عنه ذلك في كِتَابِ الطَّهَارَةِ‏.‏

وَمِنْهَا إبَاحَةُ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ على ما تَقَدَّمَ في كِتَابِ الطَّهَارَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَمِنْهَا الْإِسْلَامُ قَالَه ابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ‏.‏

فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ شَرْطًا لِلْوُضُوءِ في بَعْضِهَا خِلَافٌ‏.‏

قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ أو التَّجْدِيدُ فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ على رِوَايَتَيْنِ‏.‏

إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ كَالْجُلُوسِ في الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فيه الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَرْتَفِعُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ قال الْمَجْدُ وَتَابَعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لَا يرتفع ‏[‏يرتقع‏]‏ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وأبو الْخَطَّابِ قال ابن عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ‏.‏

فائدة‏:‏

ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ الْغَضَبُ وَالْأَذَانُ وَرَفْعُ الشَّكِّ وَالنَّوْمُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرُ وَجُلُوسُهُ بِالْمَسْجِدِ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ وَدُخُولُهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ وَحَدِيثٌ وَتَدْرِيسُ عِلْمٍ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ أَيْضًا وَقِيلَ وَكِتَابَتُهُ وقال في النِّهَايَةِ وَزِيَارَةُ قَبْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وقال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَأَكْلٌ قال الْأَصْحَابُ وَمِنْ كل كَلَامٍ مُحَرَّمٍ كَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا وَقِيلَ لَا وَكُلُّ ما مَسَّتْهُ النَّارُ وَالْقَهْقَهَةُ وَأَطْلَقَهَا بن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ وابن عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْفُرُوعُ وَكَذَا في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ في الْقَهْقَهَةِ‏.‏

وَأَمَّا إذَا نَوَى التَّجْدِيدَ وهو نَاسٍ حَدَثَهُ فَفِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ‏.‏

أَحَدُهَا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ ما إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي الْمُغْنِي وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّارِحِ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وابن مُنَجَّا وابن عُبَيْدَانَ في شَرْحَيْهِمَا وابن تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

إحْدَاهُمَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ وَجَعَلَا هذه الْمَسْأَلَةَ مِثْلَهَا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَرْتَفِعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وأبو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وقال على الْأَقْيَسِ وَالْأَشْهَرِ وقال في الصُّغْرَى هذا أَصَحُّ وكذا قال ابن مُنَجَّا في النِّهَايَةِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ‏.‏

وَمَحَلُّ الْخِلَافِ على الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِ التَّجْدِيدِ على ما يَأْتِي‏.‏

الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرْتَفِعُ هُنَا وَإِنْ ارْتَفَعَ فِيمَا تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ وقد تَقَدَّمَ أَنَّ بن حَمْدَانَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيمَا تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ وَصَحَّحَ في هذه الْمَسْأَلَةِ وقال إنَّ الْأَشْهَرَ لَا يَرْتَفِعُ‏.‏

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ إنْ لم يَرْتَفِعْ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ قَالَه ابن حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قال ابن عُبَيْدَانَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ في التَّجْدِيدِ وَأَمَّا ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ فَفِيهِ وَجْهَانِ مُخْرَجَانِ على الرِّوَايَتَيْنِ في التَّجْدِيدِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ انْتَهَى وقال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ في الْكُلِّ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ وَجْهَانِ‏.‏

قُلْت وَمِمَّنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَإِزَالَةَ النَّجَاسَةِ أو التَّبَرُّدَ أو تَعْلِيمَ غَيْرِهِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال الشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ إذَا نَوَى النَّجَاسَةَ مع الْحَدَثِ لم يُجْزِهِ وَتَقَدَّمَ ذلك‏.‏

الثَّانِيَةُ الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَعَنْهُ لَا يُسَنُّ كما لو لم يَصِلْ بَيْنَهُمَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كما لو لم يَفْعَلْ ما يُسْتَحَبُّ له الْوُضُوءُ وَكَتَيَمُّمٍ وَكَغُسْلٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ في الْغُسْلِ وحكى عنه يُكْرَهُ الْوُضُوءُ وَقِيلَ لَا يُدَاوِمُ عليه‏.‏

قَوْلُهُ وإذا نَوَى غُسْلًا مَسْنُونًا فَهَلْ يجزئ ‏[‏يجزي‏]‏ عن الْوَاجِبِ على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا نَوَى ما تُسَنُّ له الطَّهَارَةُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْمُسْتَوْعِبِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَعِنْدَ الْمَجْدِ في شَرْحِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَيَرْتَفِعُ بِالْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ وَتَبِعَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَهُ أبو حَفْصٍ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا في الْمُحَرَّرِ كَالْأَكْثَرِ‏.‏

فوائد‏:‏

منها إذَا قُلْنَا لَا يَحْصُلُ الْوَاجِبُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ حُصُولُ الْمَسْنُونِ وَقِيلَ لَا يَحْصُلُ أَيْضًا‏.‏

وَمِنْهَا وَكَذَا الْخِلَافُ وَالْحُكْمُ وَالْمَذْهَبُ لو تَطَهَّرَ عن وَاجِبٍ هل يُجْزِئُ‏.‏

عن الْمَسْنُونِ على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا هو الصَّحِيحُ وَقِيلَ يُجْزِيهِ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا هُنَاكَ لِأَنَّهُ أَعْلَى وَلَوْ نَوَاهُمَا حَصَلَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ‏.‏

وَمِنْهَا لو نَوَى طَهَارَةً مُطْلَقَةً أو وُضُوءًا مُطْلَقًا عليه لم يَصِحَّ على الصَّحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالتَّلْخِيصِ وَرَجَّحَهُ في الْفُصُولِ وقال ابن عَقِيلٍ أَيْضًا إنْ قال هذا الْغُسْلُ لِطَهَارَتِي انْصَرَفَ إلَى إزَالَةِ ما عليه من الْحَدَثِ وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَعَتْ الطَّهَارَةُ نَافِلَةً وَنَافِلَةُ الطَّهَارَةِ كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا يَخْرُجُ وَجْهَانِ في رَفْعِ الْحَدَثِ وقال أبو الْمَعَالِي في النِّهَايَةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا نَوَى الْغُسْلَ وَحْدَهُ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً وَتَارَةً غير عِبَادَةٍ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ انْتَهَى‏.‏

وَقِيلَ يَصِحُّ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو نَوَى الْجُنُبُ الْغُسْلَ وَحْدَهُ أو لِمُرُورِهِ في الْمَسْجِدِ لم يَرْتَفِعْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ فِيهِمَا وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أبي الْمَعَالِي وَقِيلَ يَرْتَفِعُ وَقِيلَ يَرْتَفِعُ في الثَّانِيَةِ وَحْدَهَا وقال ابن تَمِيمٍ إنْ نَوَى الْجُنُبُ بِغُسْلِهِ الْقِرَاءَةَ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ الْأَكْبَرُ وفي الْأَصْغَرِ وَجْهَانِ وَإِنْ نَوَى اللُّبْثُ في الْمَسْجِدِ ارْتَفَعَ الْأَصْغَرُ وفي الْأَكْبَرِ وَجْهَانِ وَقِيلَ يَرْتَفِعُ الْأَكْبَرُ في الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ‏.‏

وَمِنْهَا لو نَوَى بِطَهَارَتِهِ صَلَاةً مُعَيَّنَةً لَا غَيْرَهَا ارْتَفَعَ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَذَكَرَ أبو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ كَمُتَيَمِّمٍ نَوَى إقَامَةَ فَرْضَيْنِ في وَقْتَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ الْوُضُوءَ أو الْغُسْلَ فَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهُمَا فَهَلْ يَرْتَفِعُ سَائِرُهُمَا على وَجْهَيْنِ‏.‏

وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وابن مُنَجَّا وابن عُبَيْدَانَ في شَرْحَيْهِمَا وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

أَحَدُهُمَا يَرْتَفِعُ سَائِرُهَا وهو الْمَذْهَبُ قال في الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ هذا الْمَشْهُورُ وقال ابن عُبَيْدَانَ هذا الصَّحِيحُ قال في الْفَائِقِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ في أَحْدَاثِ الْوُضُوءِ‏.‏

وَالثَّانِي لَا يَرْتَفِعُ إلَّا ما نَوَاهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ في مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَرَجَّحَهُ الْمَجْدُ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَقِيلَ لَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْحَيْضِ عن الْجَنَابَةِ وَلَا نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عن الْحَيْضِ وَتُجْزِئُ في غَيْرِهِمَا نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ وَقِيلَ تُجْزِئُ نِيَّةُ الْحَيْضِ عن الْجَنَابَةِ وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْجَنَابَةِ عن الْحَيْضِ وما سِوَى ذلك يَتَدَاخَلُ وَقِيلَ إنْ نَسِيَتْ الْمَرْأَةُ حَالَهَا أَجْزَأَهَا نِيَّةُ أَحَدِهِمَا عن الْآخَرِ‏.‏

تنبيهات‏:‏

الْأَوَّلُ‏:‏ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فينوى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا لو نَوَى مع ذلك أَنْ لَا يَرْتَفِعَ غَيْرُ ما نَوَاهُ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ وهو الصَّحِيحُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ فيه الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ فِيمَا إذَا نَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهُمَا فَقَطْ‏.‏

الثَّانِي‏:‏ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان اجْتِمَاعُهَا مَعًا أو مُتَفَرِّقَةً إذَا كانت مُتَنَوِّعَةً وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأَصْحَابِ منهم الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن تَمِيمٍ وابن عُبَيْدَانَ وابن مُنَجَّا وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وهو الصَّوَابُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُوجَدَا مَعًا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى رَفْعَ بَعْضِ أَحْدَاثِهِ التي نَقَضَتْ وُضُوءَهُ مَعًا زَادَ في الْكُبْرَى إنْ أَمْكَنَ اجتماعها ‏[‏اجتماعهما‏]‏ ارْتَفَعَتْ كُلُّهَا وَقِيلَ بَلْ ما نَوَاهُ وَحْدَهُ وَقِيلَ‏.‏

وَغَيْرُهُ إنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَنَوَاهُ وَقِيلَ إنْ تَكَرَّرَتْ من جِنْسٍ أو أَكْثَرَ فَأَطْلَقَ النِّيَّةَ ارْتَفَعَ الْكُلُّ وَإِنْ عَيَّنَ في الْجِنْسِ أَوَّلَهَا أو آخِرَهَا أو أَحَدَ الْأَنْوَاعِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى‏.‏

الثَّالِثُ‏:‏ تَظْهَرُ فائدة قَوْلِ أبي بَكْرٍ أَنَّهُ لو نَوَى بَعْدَ ذلك رَفْعَ الْحَدَثِ عن بَاقِي الْأَسْبَابِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ على الْوَجْهَيْنِ قَالَه ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَأَيْضًا من فوائدهِ لو اغْتَسَلَتْ الْحَائِضُ إذَا كانت جُنُبًا لِلْحَيْضِ حَلَّ وَطْؤُهَا دُونَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْجَنَابَةِ قال ابن تَمِيمٍ وَلَا يَمْنَعُ الْحَيْضَ صِحَّةُ الْغُسْلِ لِلْجَنَابَةِ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وهو الْمَنْصُوصُ قال في الْحَاوِي الصَّغِيرِ وهو الْأَقْوَى عِنْدِي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ وَقَالَا لَا تَمْنَعُ الْجَنَابَةَ غُسْلُ الْحَيْضِ مِثْلُ إنْ أَجْنَبَتْ في أَثْنَاءِ غُسْلِهَا منه انْتَهَى وَيَأْتِي ذلك بِأَتَمَّ من هذا في الْغُسْلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالْخَامِسُ الْحَيْضُ‏.‏

الرَّابِعُ‏:‏ قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ على أَوَّلِ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ هذا صَحِيحٌ وَأَوَّلُ وَاجِبَاتِهَا الْمَضْمَضَةُ وَالتَّسْمِيَةُ على ما تَقَدَّمَ من الْخِلَافِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ بِلَا نِزَاعٍ وَلَا يَجُوزُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقِيلَ يَجُوزُ مع ذِكْرِهَا وَبَقَاءِ حُكْمِهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْطَعَهَا قال ابن تَمِيمٍ وَجَوَّزَ الْآمِدِيُّ تَقْدِيمَ نِيَّةِ الصَّلَاةِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ ما لم يَفْسَخْهَا وَكَذَا يَخْرُجُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وقال الْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ إذَا قَدَّمَ النِّيَّةَ وَاسْتَصْحَبَ ذِكْرَهَا حتى يَشْرَعَ في الطَّهَارَةِ جَازَ وَإِنْ نَسِيَهَا أَعَادَ وقال أبو الْحُسَيْنِ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ ما لم يَعْرِضْ ما يَقْطَعُهَا من اشْتِغَالٍ بِعَمَلٍ وَنَحْوِهِ انْتَهَى‏.‏

فائدة‏:‏

لَا يُبْطِلُهَا عَمَلٌ يَسِيرٌ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَصْحَبَ حُكْمَهَا أَجْزَأَهُ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُبْطِلُ النِّيَّةَ نِسْيَانُهَا في الْأَشْهَرِ وَلَا غَفْلَةٌ عنها مُطْلَقًا وَقِيلَ بَلْ بَعْدَ شُرُوعِهِ فيه‏.‏

فوائد‏:‏

منها لو أَبْطَلَ الْوُضُوءَ بَعْدَ فَرَاغِهِ منه لم يَبْطُلْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَبْطُلُ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَمِنْهَا لو شَكَّ في الطَّهَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ منها لم يُؤَثِّرْ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَبْطُلُ وَقِيلَ إنْ شَكَّ عَقِيبَ فَرَاغِهِ اسْتَأْنَفَ وَإِنْ طَالَ الْفصل فَلَا‏.‏

وَمِنْهَا لو أَبْطَلَ النِّيَّةَ في أَثْنَاءِ طَهَارَتِهِ بَطَلَ ما مَضَى منها على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ في شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ ما مَضَى منها جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَكِنْ إنْ غَسَلَ الْبَاقِيَ بِنِيَّةٍ أُخْرَى قبل طُولِ الْفصل صَحَّتْ طَهَارَتُهُ وَإِنْ طَالَتْ انْبَنَى على وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ قال في التَّلْخِيصِ وَهُمَا الْأَقْيَسُ وَأَطْلَقَهُمَا الشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وقال ابن تَمِيمٍ وَإِنْ أَبْطَلَ النِّيَّةَ في أَثْنَاءِ طَهَارَتِهِ بَطَلَ ما مَضَى منها في أَحَدِ الْوُجُوهِ وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ وَالثَّالِثُ إنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى‏.‏

قُلْت ظَاهِرُ الْقَوْلِ الثَّانِي مُشْكِلٌ جِدًّا إذْ هو مُفْضٍ إلَى صِحَّتِهِ وَلَوْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَفَاتَتْ فما أَظُنُّ أَحَدًا يقول ذلك وَلَا بُدَّ في الْقَوْلِ الثَّالِثِ من إضْمَارٍ وَتَقْدِيرُهُ وَالثَّالِثُ إنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ الْمُوَالَاةِ فَأَخَلَّ بها بَطَلَ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَمِنْهَا لو فَرَّقَ النِّيَّةَ على أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ صَحَّ جَزَمَ بِهِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وقال وَحَكَى شَيْخُنَا أبو الْفَرَجِ رَحِمَهُ اللَّهُ في مَاءِ الْوُضُوءِ هل يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذَا انْفصل عن الْعُضْوِ أو يَكُونُ مَوْقُوفًا إنْ أَكْمَلَ طَهَارَتَهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا وَإِنْ لم يُكْمِلْهَا فَلَا يَضُرُّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ‏.‏

انْفِصَالِهِ وَالثَّانِي هو مَوْقُوفٌ قال فَعَلَى هذا لَا يَصِحُّ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ على أَعْضَائِهِ انْتَهَى‏.‏

وَمِنْهَا غُسْلُ الذِّمِّيَّةِ من الْحَيْضِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ قَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وابن تَمِيمٍ وقال وَاعْتَبَرَ الدِّينَوَرِيُّ في تَكْفِيرِ الْكَافِرِ بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ النِّيَّةَ وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ ها هنا انْتَهَى قال في الْقَوَاعِدِ وَيَحْسُنُ بِنَاؤُهُ على أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا بِلَا نِزَاعٍ وَيَكُونُ ذلك بِيَمِينِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ بِيَسَارِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي في الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَهُ نَصُّ أَحْمَدَ في رِوَايَةِ حَرْبٍ الِاسْتِنْشَاقُ بِالشِّمَالِ‏.‏

قَوْلُهُ من غُرْفَةٍ وَإِنْ شَاءَ من ثَلَاثٍ وَإِنْ شَاءَ من سِتٍّ‏.‏

هذه الصِّفَاتُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ وَالْأَفْضَلُ جَمْعُهَا بِمَاءٍ وَاحِدٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه يَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ من الْغُرْفَةِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ بِغُرْفَتَيْنِ لِكُلِّ عُضْوٍ غُرْفَةٌ حَكَاهَا الْآمِدِيُّ وَعَنْهُ بِثَلَاثٍ لَهُمَا مَعًا وَعَنْهُ بِسِتٍّ ذَكَرَهَا بن الزَّاغُونِيِّ قال ابن تَمِيمٍ بَعْدَ ذلك وَهَلْ يُكْمِلُ الْمَضْمَضَةَ أو يَفصل بَيْنَهُمَا فيه وَجْهَانِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ ثم ‏[‏ويستنشق‏]‏ يستنشق من الْغُرْفَةِ ثُمَّ ثَانِيًا كَذَلِكَ منها أو من غُرْفَةٍ ثَالِثَةٍ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ ثَالِثًا وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِ الْهِدَايَةِ‏.‏

قَوْلُهُ وَهُمَا وَاجِبَانِ في الطَّهَارَتَيْنِ‏.‏

يَعْنِي الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَرُوهُ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَحْدَهُ وَاجِبٌ وَعَنْهُ أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ في الْكُبْرَى دُونَ الصُّغْرَى وَعَنْهُ أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ في الصُّغْرَى دُونَ الْكُبْرَى‏.‏

عَكْسُ التي قَبْلَهَا نَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ وَعَنْهُ يَجِبُ الِاسْتِنْشَاقُ في الْوُضُوءِ وَحْدَهُ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ عَكْسُهَا ذَكَرَهَا بن الْجَوْزِيِّ وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا‏.‏

فائدة‏:‏

هل يُسَمِّيَانِ فَرْضًا أَمْ لَا وَهَلْ يَسْقُطَانِ سَهْوًا أَمْ لَا على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ فِيهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ في تَسْمِيَتِهِمَا فَرْضًا وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ في سُقُوطِهِمَا سَهْوًا‏.‏

وقال الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ هذا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ على اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ في الْوَاجِبِ هل يُسَمَّى فَرْضًا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسَمَّى فَرْضًا فَيُسَمَّيَانِ فَرْضًا انْتَهَى‏.‏

وقال ابن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ هُمَا وَاجِبَانِ لَا فَرْضَانِ وقال الزَّرْكَشِيُّ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُجُوبِ فَتَرْكُهُمَا أو أَحَدَهُمَا وَلَوْ سَهْوًا لم يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَالَهُ الْجُمْهُورُ‏.‏

قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا على الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ في الصُّغْرَى‏.‏

وقال ابن الزَّاغُونِيِّ إنْ قِيلَ إنَّ وُجُوبَهُمَا بِالسُّنَّةِ صَحَّ مع السَّهْوِ وحكى عن أَحْمَدَ في ذلك رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا وُجُوبُهُمَا بِالْكِتَابِ وَالثَّانِيَةُ بِالسُّنَّةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ هل لِهَذَا الْخِلَافِ فائدة أَمْ لَا فقال جَمَاعَةٌ من الْأَصْحَابِ لَا فائدة له وَمَتَى قُلْنَا بِوُجُوبِهِمَا لم ‏[‏لما‏]‏ يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِتَرْكِهِمَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ إنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ لَهُمَا الْكِتَابُ لم يَصِحَّ الْوُضُوءُ بِتَرْكِهِمَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَإِنْ قُلْنَا الْمُوجِبُ لَهُمَا السُّنَّةُ صَحَّ وُضُوءُهُ مع السَّهْوِ وَهَذَا اخْتِيَارُ بن الزَّاغُونِيِّ كما تَقَدَّمَ عنه‏.‏

فائدة‏:‏

يُسْتَحَبُّ الِانْتِثَارُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَيَكُونُ بِيَسَارِهِ وَعَنْهُ يَجِبُ‏.‏

تنبيه‏:‏

دخل في قَوْلِهِ ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا من مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى ما انْحَدَرَ من اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ الْعِذَارُ، وهو الشَّعْرُ النَّابِتُ على الْعَظْمِ النَّاتِئِ الْمُسَامِتِ لِصِمَاخِ الْأُذُنِ إلَى الصُّدْغِ وَدَخَلَ أَيْضًا الْعَارِضُ وهو ما تَحْتَ الْعِذَارِ إلَى الذَّقَنِ وَدَخَلَ أَيْضًا الْمَفصلانِ الْفَاصِلَانِ بين اللِّحْيَةِ وَالْأُذُنَيْنِ وَهُمَا يَلِيَانِ الْعِذَارِ من تَحْتِهِمَا وَقِيلَ وَهُمَا شَعْرُ اللَّحْيَيْنِ وَلَا تَدْخُلُ النَّزْعَتَانِ في الْوَجْهِ بَلْ هُمَا من الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال ابن عُبَيْدَانَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا من الرَّأْسِ قال في الْفُرُوعِ من الرَّأْسِ في الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُمَا من الرَّأْسِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ هُمَا من الْوَجْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في الْجَامِعِ وَأَطْلَقَهُمَا ابن تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

النَّزْعَتَانِ ما انْحَسَرَ عنه الشَّعْرُ في فودى الرَّأْسِ وَهُمَا جَانِبَا مُقَدَّمِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ هُمَا بَيَاضُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ من جَانِبَيْ نَاصِيَتِهِ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وهو قَرِيبٌ من الْأَوَّلِ‏.‏

وَلَا يَدْخُلُ الصُّدْغُ وَالتَّحْذِيفُ أَيْضًا في الْوَجْهِ بَلْ هُمَا من الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْكَافِي وَالْمَجْدُ وقال هو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا من الرَّأْسِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في الصُّدْغِ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ‏.‏

وَقِيلَ هُمَا من الْوَجْهِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن عُبَيْدَانِ وَحَكَى أبو الْحُسَيْنِ في الصُّدْغِ رِوَايَتَيْنِ‏.‏

وَقِيلَ التَّحْذِيفُ من الْوَجْهِ دُونَ الصُّدْغِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا بن رَزِينٍ في التَّحْذِيفِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وقال ابن عَقِيلٍ الصُّدْغُ من الْوَجْهِ‏.‏

فائدة‏:‏

الصُّدْغُ هو الشَّعْرُ الذي بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعِذَارِ يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عن رَأْسِهَا قَلِيلًا جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَقِيلَ هو ما يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ فَقَطْ وهو ظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَلَعَلَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ في بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ‏.‏

واما التَّحْذِيفُ فَهُوَ الشَّعْرُ الْخَارِجُ إلَى طَرَفَيْ الْجَبِينِ في جَانِبَيْ الْوَجْهِ وَمُنْتَهَى الْعَارِضِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال في الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَالشَّعْرُ الدَّاخِلُ في الْوَجْهِ ما انْتِهَاءُ الْعِذَارِ وَالنَّزَعَةِ وفي الْفُرُوعِ هو الشَّعْرُ الْخَارِجُ إلَى طَرَفِ الْجَبِينِ في جَانِبَيْ الْوَجْهِ بين النَّزَعَةِ وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ وَكَذَا قال غَيْرُهُ وَلَعَلَّ ما في الزَّرْكَشِيّ وَمُنْتَهَى الْعَارِضِ سَبْقَةُ قَلَمٍ وَإِنَّمَا هو مُنْتَهَى الْعِذَارِ كما قال غَيْرُهُ وَالْحِسُّ يُصَدِّقُهُ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وُجُوبُ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ وهو رِوَايَةٌ عن أَحْمَدَ بِشَرْطِ أَمْنِ الضَّرَرِ وَاخْتَارَهُ في النِّهَايَةِ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ دَاخِلِهِمَا مُطْلَقًا وَلَوْ لِلْجَنَابَةِ وَعَنْهُ يَجِبُ لِلطَّهَارَةِ الْكُبْرَى وهو من الْمُفْرَدَاتِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ دَاخِلِهِمَا وَلَوْ أُمِنَ الضَّرَرُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ بَلْ يُكْرَهُ قال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وابن عُبَيْدَانَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُ مَسْنُونٍ وَصَحَّحَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ في الْكَافِي وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وقال اخْتَارَهُ الْقَاضِي في تَعْلِيقِهِ وَالشَّيْخَانِ وَقَطَعَ في الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَتَذْكِرَة ابن عَقِيلٍ وَعُقُودِ ابن الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ بِالِاسْتِحْبَابِ إذَا أُمِنَ الضَّرَرُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ في الْجَنَابَةِ دُونَ الْوُضُوءِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان فِيهِمَا نَجَاسَةٌ لم يَجِبْ غَسْلُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ‏.‏

قُلْت فَيُعَايَى بها وَعَنْهُ يَجِبُ‏.‏

وَأَمَّا ما في الْوَجْهِ من الشَّعْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عليه في آخِرِ بَابِ السِّوَاكِ في سُنَنِ الْوُضُوءِ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ من مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ يَعْنِي الْمُعْتَادَ في الْغَالِبِ فَلَا عِبْرَةَ بِالْأَفْرَعِ بِالْفَاءِ الذي يَنْبُتُ شَعْرُهُ في بَعْضِ جَبْهَتِهِ وَلَا بِأَجْلَحَ الذي انْحَسَرَ شَعْرُهُ عن مُقَدِّمِ رَأْسِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ‏.‏

قَوْلُهُ مع ما اسْتَرْسَلَ من اللِّحْيَةِ‏.‏

هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِلَا رَيْبٍ قال ابن عُبَيْدَانَ هِيَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ قال ابن رَجَبٍ في الْقَوَاعِدِ الصَّحِيحُ لَا يَجِبُ غَسْلُ ما اسْتَرْسَلَ من اللِّحْيَةِ وهو مُقْتَضَى ما نَصَّهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي من عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الشَّعْرِ الْمُسْتَرْسِلِ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

يَجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ ما في حَدِّ الْوَجْهِ وما خَرَجَ عنه عَرْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ اللِّحْيَةِ بِحَالٍ نَقَلَ بَكْرٌ عن أبيه أَنَّهُ سَأَلَ أَحْمَدَ أَيُّمَا أَعْجَبُ إلَيْك غَسْلُ اللِّحْيَةِ أو التَّخْلِيلُ فقال غَسْلُهَا ليس من السُّنَّةِ وَإِنْ لم يُخَلِّلْ أجزأه فَأَخَذَ من ذلك الْخَلَّالُ أنها لَا تُغْسَلُ مُطْلَقًا فقال الذي ثَبَتَ عن أبي عبد اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَغْسِلُهَا وَلَيْسَتْ من الْوَجْهِ‏.‏

وَرَدَّ ذلك الْقَاضِي وَغَيْرُهُ من الْأَصْحَابِ وَقَالُوا مَعْنَى قَوْلِهِ ليس من السُّنَّةِ أَيْ غَسْلُ بَاطِنِهَا وَرَدَّ أبو الْمَعَالِي على الْقَاضِي‏.‏

تنبيهان‏:‏

أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيلُهُ تَقَدَّمَ ذلك وَصِفَتُهُ في بَابِ السِّوَاكِ مُسْتَوْفًى‏.‏

الثَّانِي مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَإِنْ كان يَسْتُرُهَا أَجْزَأَهُ غَسْلُ ظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَجِبُ وَقِيلَ في وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ اللِّحْيَةِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ يَجِبُ غَسْلُ ما تَحْتَ شَعْرِ غَيْرِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ ذَكَرَه ابن تَمِيمٍ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُكْرَهُ غَسْلُ بَاطِنِهَا على الصَّحِيحِ قال في الرِّعَايَةِ وَيُكْرَهُ غَسْلُ بَاطِنِهَا في الْأَشْهَرِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُدْخِلُ الْمَرْفِقَيْنِ في الْغَسْلِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ إدْخَالُهُمَا في الْغَسْلِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ من لَا مَرْفِقَ له يَغْسِلُ إلَى قَدْرِ الْمَرْفِقِ في غَالِبِ الناس قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ‏.‏

فوائد‏:‏

لو كان له يَدٌ زَائِدَةٌ أو إصْبَعٌ أَصْلُهَا في مَحَلِّ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهَا وَإِنْ كانت نَابِتَةً في غَيْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ كَالْعَضُدِ وَالْمَنْكِبِ وَتَمَيَّزَتْ لم يَجِبْ غَسْلُهَا سَوَاءٌ كانت قَصِيرَةً أو طَوِيلَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وابن عَقِيلٍ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ هذا أَصَحُّ وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وقال الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ يَجِبُ غَسْلُ ما حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ منها وَيَأْتِي في الرِّعَايَةِ غَسَلَ منها ما حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ في الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

وَأَمَّا إذَا لم تَتَمَيَّزْ إحْدَاهُمَا من الْأُخْرَى فإنه يَجِبُ غَسْلُهُمَا بِلَا نِزَاعٍ بين الْأَصْحَابِ وَقَطَعُوا بِهِ قال في الْفُرُوعِ في بَابِ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا وَمَنْ له يَدَانِ على كُوعَيْهِ أو يَدَانِ وَذِرَاعَانِ على مَرْفِقَيْهِ وَتَسَاوَتَا فَهُمَا يَدٌ انْتَهَى‏.‏

وَلَوْ كان له يَدَانِ لَا مَرْفِقَ لَهُمَا غَسَلَ إلَى قَدْرِ الْمَرْفِقِ في غَالِبِ عَادَاتِ الناس وَتَقَدَّمَ كما قُلْنَا في الرُّجُوعِ إلَى حَدِّ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ في حَقِّ الْأَقْرَعِ وَالْأَصْلَعِ‏.‏

فَإِنْ انْقَلَعَتْ جِلْدَةٌ من الْعَضُدِ حتى تَدَلَّتْ من الذِّرَاعِ وَجَبَ غَسْلُهَا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَإِنْ تَقَلَّعَتْ من الذِّرَاعِ حتى تَدَلَّتْ من الْعَضُدِ لم يَجِبْ غَسْلُهَا وَإِنْ طَالَتْ وَإِنْ تَقَلَّعَتْ من أَحَدِ الْمَحَلَّيْنِ وَالْتَحَمَ رَأْسُهَا بِالْآخَرِ غَسَلَ ما حَاذَى مَحَلَّ الْفَرْضِ من ظَاهِرِهَا والمتجافى منه من بَاطِنِهَا وما تَحْتَهُ لِأَنَّهَا كَالنَّابِتَةِ في الْمَحَلَّيْنِ قَطَعَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَوْ تَدَلَّتْ جِلْدَةٌ من مَحَلِّ الْفَرْضِ أو الْيَدِ غُسِلَتْ في الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَقِيلَ إنْ تَدَلَّتْ من مَحَلِّ الْفَرْضِ غُسِلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ عَكْسُهُ وَإِنْ الْتَحَمَ رَأْسُهَا في مَحَلِّ الْفَرْضِ غُسِلَ ما فيه منها وَقِيلَ كَيَدٍ زَائِدَةٍ انْتَهَى‏.‏

وإذا انْكَشَطَتْ جِلْدَةٌ من الْيَدِ وَقَامَتْ وَجَبَ غَسْلُهَا وَإِنْ كانت غير حَسَّاسَةٍ بَلْ يَبِسَتْ وَزَالَتْ رُطُوبَةُ الْحَيَاةِ منها‏.‏

فائدة‏:‏

لو كان تَحْتَ أَظْفَارِهِ يَسِيرُ وَسَخٍ يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى ما تَحْتَهُ لم تَصِحَّ طَهَارَتُهُ قَالَه ابن عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالتَّلْخِيصِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَقِيلَ تَصِحُّ وهو الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَاحِبُ حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ وَنَصَرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْحَاوِيَيْنِ وَقِيلَ يَصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ منه كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ من الزِّرَاعَةِ وَغَيْرِهَا وَاخْتَارَهُ في‏.‏

التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْفُرُوعِ وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ كُلَّ يَسِيرٍ مَنَعَ حَيْثُ كان من الْبَدَنِ كَدَمٍ وَعَجِينٍ وَنَحْوِهِمَا وَاخْتَارَهُ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ‏.‏

الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ في الرَّأْسِ الْمَسْحُ أو ما يَقُومُ مَقَامَهُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يُجْزِئُ بَلُّ الرَّأْسِ من غَيْرِ مَسْحٍ‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا لو غَسَلَهُ عِوَضًا عن مَسْحِهِ أَجْزَأَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ إنْ أَمَّرَ يَدَهُ صَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَعْرُوفُ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَالْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ اخْتَارَه ابن شَاقِلَا قال في الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ غَسْلُهُ في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ زَادَ في الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ بَلْ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن عُبَيْدَانَ وَعَنْهُ يُجْزِئُ وَإِنْ لم يُمِرَّ يَدَهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا لم يُمِرَّ يد ‏[‏يدا‏]‏ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ لو أَصَابَ الْمَاءُ رَأْسَهُ أَجْزَأَ إنْ أَمَّرَ يَدَهُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَصَحَّحَهُ وَعَنْهُ لَا يُجْزِئُ حتى يُمِرَّ يَدَهُ وَيَقْصِدَ وُقُوعَ الْمَاءِ عليه قال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُجْزِئُ وُقُوعُ الْمَطَرِ بِلَا قَصْدٍ وَقِيلَ يُجْزِئُ إنْ أَمَّرَ يَدَهُ يَنْوِي بِهِ مَسْحَ الْوُضُوءِ وَقَطَعَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ في التَّلْخِيصِ وابن عَقِيلٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ تَحْقِيقُ الْمَذْهَبِ فَإِنْ لم يُمِرَّهَا ولم يَقْصِدْ فَكَعَكْسِهِ على ما تَقَدَّمَ‏.‏

تنبيه‏:‏

قَوْلُهُ فَيَبْدَأُ بِيَدَيْهِ هذا الْأَوْلَى وَالْكَامِلُ وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْزِئُ الْمَسْحُ بِبَعْضِ يَدِهِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ إذَا مَسَحَ بِأَكْثَرَ يَدِهِ قال في الْفُرُوعِ لَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ في الْأَصَحِّ فيه وَقِيلَ على الْأَصَحِّ‏.‏

وَقِيلَ إنْ وَجَبَ مَسَحَهُ كُلَّهُ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ انْتَهَى وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْحَ بِحَائِلٍ يُجْزِئُ مُطْلَقًا فَيَدْخُلُ في ذلك الْمَسْحُ بِخَشَبَةٍ وَخِرْقَةٍ مَبْلُولَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ وقال في الرِّعَايَةِ وَلَا يُجْزِئُ مَسْحُهُ بِغَيْرِ يَدٍ كَخَشَبَةٍ وَخِرْقَةٍ مَبْلُولَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَقِيلَ يُجْزِئُ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ في الْمَسْحِ بِالْخِرْقَةِ الْمَبْلُولَةِ وَالْخَشَبَةِ‏.‏

وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ مَبْلُولَةً على رَأْسِهِ ولم يُمِرَّهَا عليه أو وَضَعَ عليه خِرْقَةً مَبْلُولَةً أو بَلَّهَا وَهِيَ عليه لم يُجْزِئْهُ في الْأَصَحِّ وَقَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ‏.‏

قَوْلُهُ من مُقَدِّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَى مُقَدِّمِهِ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَرُدُّهُمَا من انْتَشَرَ شَعْرُهُ وَيَرُدُّهُمَا من لَا شَعْرَ له أو كان مَضْفُورًا وَعَنْهُ تَبْدَأُ الْمَرْأَةُ بِمُؤَخَّرِهِ وَتَخْتِمُ بِهِ وَقِيلَ ما لم تَكْشِفْهُ وَعَنْهُ لَا تَرُدُّهُمَا إلَيْهِ وَعَنْهُ تَمْسَحُ الْمَرْأَةُ كُلَّ نَاحِيَةٍ لِمَصَبِّ الشَّعْرِ وهو قَوْلٌ في الرِّعَايَةِ‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذلك يَكُونُ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ يَرُدُّهُمَا إلَى مُقَدِّمِهِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ‏.‏

فائدة‏:‏

كَيْفَمَا مَسَحَهُ أَجْزَأَ وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ كما قال الْمُصَنِّفُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّقَ بين مُسَبِّحَتَيْهِ وَيَضَعَهُمَا على مُقَدِّمِ رَأْسِهِ وَيَجْعَلَ إبْهَامَيْهِ في صُدْغَيْهِ ثُمَّ يُمِرَّ بِيَدَيْهِ إلَى مُؤَخِّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ يُعِيدَهُمَا إلَى حَيْثُ بَدَأَ وَيُدْخِلَ مُسَبِّحَتَيْهِ في صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ وَيَجْعَلَ إبْهَامَيْهِ لِظَاهِرِهِمَا‏.‏

وَقِيلَ بَلْ يَغْمِسَ يَدَيْهِ في الْمَاءِ ثُمَّ يُرْسِلَهُمَا حتى يَقْطُرَ الْمَاءُ ثُمَّ يَتْرُكَ طَرَفَ سَبَّابَتِهِ الْيُمْنَى على طَرَفِ سَبَّابَتِهِ الْيُسْرَى انْتَهَى قال الزَّرْكَشِيُّ وَصِفَةُ الْمَسْحِ أَنْ يَضَعَ أَحَدَ طَرَفَيْ سَبَّابَتَيْهِ على طَرَفِ‏.‏

الْأُخْرَى وَيَضَعَهُمَا على مُقَدِّمِ رَأْسِهِ وَيَضَعَ الْإِبْهَامَيْنِ على الصُّدْغَيْنِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَى مُقَدِّمِهِ نَصَّ عليه وهو الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ مُتَقَدِّمُهُمْ وَمُتَأَخِّرُهُمْ وعفى ‏[‏وعفا‏]‏ في الْمُبْهِجِ وَالْمُتَرْجِمِ عن يَسِيرِهِ لِلْمَشَقَّةِ‏.‏

قُلْت وهو الصَّوَابُ‏.‏

قال الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ بِخِلَافِهِ وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ أَكْثَرِهِ اخْتَارَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وقال الْقَاضِي في التَّعْلِيقِ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافِهِ الصَّغِيرِ أَكْثَرُهُ الثُّلُثَانِ فَصَاعِدًا وَالْيَسِيرُ الثُّلُثُ فما دُونَهُ وَأَطْلَقَ الْأَكْثَرُ الْأَكْثَرَ فَشَمِلَ أَكْثَرَ من النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ قَدْرِ النَّاصِيَةِ وَأَطْلَقَ الْأَوْلَى وَهَذَا قَوْلُ بن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالْقَاضِي في الْجَامِعِ فَعَلَيْهَا لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ على الصَّحِيحِ بَلْ لو مَسَحَ قَدْرَهَا من وَسَطِهِ أو من أَيِّ جَانِبٍ منه أَجْزَأَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ عن أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ قال الزَّرْكَشِيُّ قال الْقَاضِي وَعَامَّةُ من بَعْدَهُمْ لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ على الْمَعْرُوفِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي وابن حَمْدَانَ هذا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وقال ابن عَقِيلٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَتَعَيَّنَ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن تَمِيمٍ‏.‏

تنبيه‏:‏

النَّاصِيَةُ مُقَدِّمُ الرَّأْسِ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ هِيَ قِصَاصُ الشَّعْرِ قَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وقال ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ من غَيْرِ تَحْدِيدٍ قال الزَّرْكَشِيُّ وَصَرَّحَ بن أبي مُوسَى بِعَدَمِ تَحْدِيدِ الرِّوَايَةِ فقال وَعَنْهُ يَجِبُ مَسْحُ الْبَعْضِ من غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ في التَّجْدِيدِ دُونَ غَيْرِهِ وقال الْقَاضِي‏.‏

في التَّعْلِيقِ يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ لِلْعُذْرِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ يَمْسَحُ معه الْعِمَامَةَ لِعُذْرٍ كَالنَّزْلَةِ وَنَحْوِهَا وَتَكُونُ كَالْجَبِيرَةِ فَلَا تَوْقِيتَ وَعَنْهُ يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِهِ لِلْمَرْأَةِ دُونَ غَيْرِهَا قال الْخَلَّالُ وَالْمُصَنِّفُ هذه الرِّوَايَةُ هِيَ الظَّاهِرَةُ عن أَحْمَدَ قال الْخَلَّالُ الْعَمَلُ في مَذْهَبِ أبي عبد اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ أنها إنْ مَسَحَتْ مُقَدِّمَ رَأْسِهَا أَجْزَأَهَا‏.‏

فائدتان‏:‏

إحْدَاهُمَا إذَا قُلْنَا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ لم يَكْفِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عنه على الْمَشْهُورِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَلَا يَكْفِي أُذُنَيْهِ في الْأَشْهَرِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عن ذلك الْبَعْضِ وَلِلْقَاضِي في شَرْحِهِ الصَّغِيرِ وَجْهٌ بِالْإِجْزَاءِ قال في الرِّعَايَةِ وهو بَعِيدٌ قال ابن تَمِيمٍ وَقَطَعَ غَيْرُهُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وقال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ على الْبَيَاضِ الذي فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ دُونَ الشَّعْرِ إذَا قُلْنَا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ‏.‏

وَالثَّانِيَةُ لو مَسَحَ رَأْسَهُ كُلَّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَقُلْنَا الْفَرْضُ منه قَدْرُ النَّاصِيَةِ فَهَلْ الْكُلُّ فَرْضٌ أو قَدْرُ النَّاصِيَةِ فيه وَجْهَانِ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّ الْوَاجِبَ قَدْرُ النَّاصِيَةِ‏.‏

قُلْت وَلَهَا نَظَائِرُ في الزَّكَاةِ وَالْهَدْيِ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ عليه شَاةٌ في خَمْسٌ من الْإِبِلِ أو دَمٌ في الْهَدْيِ فَأَخْرَجَ بَعِيرًا‏.‏

قَوْلُهُ وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ مع الْأُذُنَيْنِ‏.‏

إذَا قُلْنَا يَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِهِ وَأَنَّهُمَا من الرَّأْسِ مَسْحُهُمَا وُجُوبًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه قال الزَّرْكَشِيُّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وقال هو وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمَا الْأَوْلَى مَسْحُهُمَا وَجَزَمَ بِالْوُجُوبِ في التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ هِيَ الْأَشْهَرُ نَقْلًا قال الشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال في الْفَائِقِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وابن تَمِيمٍ وحكى ‏[‏وحكاه‏]‏ في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ في الْفُرُوعِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وابن تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ‏.‏

فائدة‏:‏

الْبَيَاضُ الذي فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ دُونَ الشَّعْرِ من الرَّأْسِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ في بَابِ الْوُضُوءِ وَقَدَّمَهُ في بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ‏.‏

قُلْت وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ ليس من الرَّأْسِ إجْمَاعًا وَتَقَدَّمَ بَعْضُ فُرُوعِ هذه الْمَسْأَلَةِ في أَوَاخِرِ بَابِ السِّوَاكِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِلْأُذُنَيْنِ‏.‏

فائدة‏:‏

الْوَاجِبُ مَسْحُ ظَاهِرِ الشَّعْرِ فَلَوْ مَسَحَ الْبَشَرَةَ لم يُجْزِهِ كما لو غَسَلَ بَاطِنَ اللِّحْيَةِ وَلَوْ حَلَقَ الْبَعْضَ فَنَزَلَ عليه شَعْرُ ما لم يَحْلِقْ أَجْزَأَهُ الْمَسْحُ عليه قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قال في الرِّعَايَةِ فَإِنْ فَقَدَ شَعْرَهُ مَسَحَ بَشَرَتَهُ وَإِنْ فَقَدَ بَعْضَهُ مَسَحَهُمَا وَإِنْ انْعَطَفَ بَعْضُهُ على ما عَلَا منه أَجْزَأَ مَسْحُ شَعْرِهِ فَقَطْ انْتَهَى‏.‏

قُلْت وَيَحْتَمِلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ‏.‏

قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهُ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قال الشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ هذا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَه ابن عَبْدُوسٍ في تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْكَافِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ بِمَاءٍ جَدِيدٍ اخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن الْجَوْزِيِّ في مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَأَطْلَقَهُمَا‏.‏

في الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُدْخِلُهُمَا في الْغَسْلِ‏.‏

يَعْنِي الْكَعْبَيْنِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَعَنْهُ لَا يَجِبُ إدْخَالُهُمَا فيه‏.‏

قَوْلُهُ وَإِنْ كان أَقْطَعَ غَسَلَ ما بَقِيَ من مَحَلِّ الْفَرْضِ فَإِنْ لم يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ‏.‏

شَمِلَ كَلَامُهُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ‏.‏

الْأُولَى أَنْ يَبْقَى من مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ فَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا نِزَاعٍ‏.‏

الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ من فَوْقِ مَحَلِّ الْفَرْضِ فَلَا يَجِبُ الْغَسْلُ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ مَحَلَّ الْقَطْعِ بِالْمَاءِ لِئَلَّا يَخْلُوَ الْعُضْوُ عن طَهَارَةٍ‏.‏

الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ من مَفصل الْمَرْفِقَيْنِ أو الْكَعْبَيْنِ فَيَجِبُ غَسْلُ طَرَفِ السَّاقِ وَالْعَضُدِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ منهم الْقَاضِي وَنَصَّ عليه في رِوَايَةِ عبد اللَّهِ وَصَالِحٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْإِفَادَاتِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ في شَرْحِهِ وابن عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قال في الْقَوَاعِدِ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الْوُجُوبُ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ‏.‏

وَظَاهِرُ ما قَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يَسْقُطُ فإنه قال فَإِنْ كان الْقَطْعُ من الْمَرْفِقَيْنِ سَقَطَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في كِتَابِ الْحَجِّ من خِلَافِهِ وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ على الِاسْتِحْبَابِ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَصَحَّحَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمَسَّ رَأْسَ الْعُضْوِ بِالْمَاءِ كما قُلْنَا فِيمَنْ قَطَعَ منه من فَوْقِ الْمَرْفِقِ وَأَطْلَقَهُمَا في التَّلْخِيصِ‏.‏

فائدة‏:‏

وَكَذَا حُكْمُ التَّيَمُّمِ إذَا قُطِعَتْ الْيَدُ من الْكَفِّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ‏.‏

وبن تَمِيمٍ وقال الْقَاضِي يَسْقُطُ التَّيَمُّمُ وَقَدَّمَه ابن عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَيَأْتِي ذلك في التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ‏.‏

فائدة‏:‏

لو وَجَدَ الْأَقْطَعَ من يوضيه ‏[‏يوضئه‏]‏ بأجره الْمِثْلِ وَقَدَرَ عليه من غَيْرِ إضْرَارٍ لَزِمَهُ ذلك على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه ابن عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ لِتَكَرُّرِ الضَّرَرِ دَوَامًا وقال في الْمُذْهَبِ يَلْزَمُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ وَجَدَ من يُيَمِّمُهُ ولم يَجِدْ من يوضيه ‏[‏يوضئه‏]‏ لَزِمَهُ ذلك فَإِنْ لم يَجِدْ صلى على حَسَبِ حَالِهِ وفي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ كَعَادِمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا هو وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ صلى ولم يَعُدْ في أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ قال ابن تَمِيمٍ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمَا صلى على حَسَبِ حَالِهِ ولم يَذْكُرُوا إعَادَةً فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ من عَدَمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ كما يَأْتِي فَكَذَا هُنَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ في اسْتِنْجَاءِ مِثْلِهِ‏.‏

قُلْت صَرَّحَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فقال إذَا عَجَزَ الْأَقْطَعُ عن أَفْعَالِ الطَّهَارَةِ وَوَجَدَ من يُنْجِيهِ ويوضيه ‏[‏ويوضئه‏]‏ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَحْكَامِ انْتَهَى فَإِنْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِتَطْهِيرِهِ لَزِمَهُ ذلك قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَيَتَيَمَّمُ‏.‏

قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ نَظَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكُ له وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ‏.‏

قال في الْفَائِقِ قُلْت وَكَذَا يَقُولُهُ بَعْدَ الْغُسْلِ انْتَهَى قال في الْمُسْتَوْعِبِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ بَعْدَهُ سُورَةَ الْقَدْرِ ثَلَاثًا وَأَمَّا ما يَقُولُهُ على كل عُضْوٍ وَرَدِّ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ فَتَقَدَّمَ في بَابِ السِّوَاكِ‏.‏

قَوْلُهُ وَتُبَاحُ مَعُونَتُهُ وَلَا تُسْتَحَبُّ‏.‏

هذا الْمَذْهَبُ قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتُبَاحُ إعَانَتُهُ على الْأَصَحِّ قال‏.‏

في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَتُبَاحُ مَعُونَتُهُ على الْأَظْهَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَنِهَايَةِ أبي الْمَعَالِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

قَوْلُهُ وَيُبَاحُ تَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ‏.‏

وهو الْمَذْهَبُ قَالَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ يُبَاحُ تَنْشِيفُهَا وَهِيَ أَصَحُّ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيُبَاحُ مَسْحُهُ على الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وابن تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ ونهايته ‏[‏ونهاية‏]‏ أبي يَعْلَى وَالْخُلَاصَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ‏.‏

فوائد‏:‏

منها السُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ الْمُعِينُ عن يَسَارِ الْمُتَوَضِّئِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَشَرْحِ بن عُبَيْدَانَ وَقِيلَ يَقِفُ عن يَمِينِهِ اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ قال في الْفَائِقِ وَيَقِفُ الْمُعِينُ عن يَمِينِهِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَه ابن تَمِيمٍ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى‏.‏

وَمِنْهَا يَضَعُ من يَصُبُّ على نَفْسِهِ إنَاءَهُ عن يَسَارِهِ إنْ كان ضَيِّقَ الرَّأْسِ وَإِنْ كان وَاسِعًا يَغْتَرِفُ منه بِالْيَدِ وَضَعَهُ عن يَمِينِهِ قَالَهُ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمَا‏.‏

وَمِنْهَا لو وَضَّأَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَنَوَاهُ الْمُتَوَضِّئُ فَقَطْ صَحَّ على الصَّحِيحِ‏.‏

من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ أَيْضًا نِيَّةُ من يوضيه ‏[‏يوضئه‏]‏ إنْ كان مُسْلِمًا وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا من غَيْرِ عُذْرٍ وهو من الْمُفْرَدَاتِ‏.‏

وَمِنْهَا لو يَمَّمَهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَمَعَ الْقُدْرَةِ عليه أَيْضًا وقال في الرِّعَايَةِ في التَّيَمُّمِ إنْ عَجَزَ عنه صَحَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

تنبيه‏:‏

ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ كان من يوضيه ‏[‏يوضئه‏]‏ مُسْلِمًا أو كِتَابِيًّا وَقِيلَ بَلْ مُسْلِمٌ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ‏.‏

وَمِنْهَا لو أَكْرَهَ من يَصُبُّ عليه الْمَاءَ أو يوضيه ‏[‏يوضئه‏]‏ على وُضُوئِهِ لم يَصِحَّ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَصِحُّ في صَبِّ الْمَاءِ فَقَطْ وقال في الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ من يُوَضِّئُهُ وَإِنْ أَكْرَهَهُ عليه لم يَصِحَّ في الْأَصَحِّ‏.‏

فَفَهِمَ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ هو الْمُتَوَضِّئُ فقال بَعْدَ أَنْ حَكَى ذلك كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قال وَمَحَلُّ النِّزَاعِ مُشْكِلٌ على ما ذَكَرَهُ فإنه إذَا أُكْرِهَ على الْوُضُوءِ وَنَوَى وَتَوَضَّأَ لِنَفْسِهِ صَحَّ بِلَا تَرَدُّدٍ قال الشَّيْخُ أبو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ إذَا أُكْرِهَ على الْعِبَادَةِ وَفَعَلَهَا لِدَاعِي الشَّرْعِ لَا لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ صَحَّتْ وَإِنْ تَوَضَّأَ ولم يَنْوِ لم يَصِحَّ إلَّا على وَجْهٍ شَاذٍّ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ نِيَّةٌ وقد يُقَالُ لَا يَصِحُّ وَلَا ينوى لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إلَى الْغَيْرِ فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُجَرَّدَةً عن فِعْلٍ فَلَا تَصِحُّ وقد ذَكَرُوا أَنَّ الصَّحِيحَ من الرِّوَايَتَيْنِ في الْأَيْمَانِ أَنَّ الْمُكْرَهَ بِالتَّهْدِيدِ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ على تَرْكِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إلَى الْغَيْرِ انْتَهَى‏.‏

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِالْإِكْرَاهِ إكْرَاهُ من يَصُبُّ الْمَاءَ أو يُوَضِّئُهُ بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَالسِّبَاقِ وَمُوَافَقَةِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَإِنْ أُكْرِهَ الْمُتَوَضِّئُ لِمَنْ يُوَضِّئُهُ فَعَلَى هذا يَزُولُ الْإِشْكَالُ الذي أَوْرَدَهُ‏.‏

وَمِنْهَا يُكْرَهُ نَفْضُ الْمَاءِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ اخْتَارَه ابن عَقِيلٍ في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ في شَرْحِ الْعُمْدَةِ كَرِهَهُ‏.‏

الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قال ابن عُبَيْدَانَ قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَوَاشِي هذا الْأَشْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا قال في الْفُرُوعِ وهو أَظْهَرُ قال ابن عُبَيْدَانَ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَكَذَا قال في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بن تَمِيمٍ‏.‏

وَمِنْهَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ على الْفَرْضِ كَإِطَالَةِ الْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وابن رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ‏.‏

وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَا يَغْسِلُ ما فَوْقَ الْمَرْفِقِ قال في الْفَائِقِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ على مَحَلِّ الْفَرْضِ في نَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا‏.‏

وَمِنْهَا يُبَاحُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ في الْمَسْجِدِ إنْ لم يُؤْذِ بِهِ أَحَدًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَحَكَاه ابن الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ التَّجْدِيدُ وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ حَرُمَ كَاسْتِنْجَاءٍ أو رِيحٍ وَيُكْرَهُ إرَاقَةُ مَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ في الْمَسْجِدِ وَيُكْرَهُ أَيْضًا إرَاقَتُهُ في مَكَان يُدَاسُ فيه كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهَا اخْتَارَهُ في الْإِيجَازِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ وابن تَمِيمٍ ولم يذكر الْقَاضِي في الْجَامِعِ خِلَافَهُ وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وابن عُبَيْدَانَ وَمُذْهَبِ بن الْجَوْزِيِّ وَفُصُولِ بن عَقِيلٍ‏.‏

فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا لِلْمَاءِ جَزَمَ بِهِ في الرِّعَايَةِ وقال ابن تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ وَهَلْ ذلك تَنْزِيهًا لِلْمَاءِ أو لِلطَّرِيقِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا بن عَقِيلٍ في الْفُصُولِ قال الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَلَا يُغَسَّلُ في الْمَسْجِدِ مَيِّتٌ قال وَيَجُوزُ عَمَلُ مَكَان فيه لِلْوُضُوءِ لِلْمُصَلِّينَ بِلَا مَحْذُورٍ وَيَأْتِي في الِاعْتِكَافِ هل يَحْرُمُ الْبَوْلُ في الْمَسْجِدِ في إنَاءٍ أَمْ لَا‏.‏