فصل: مَسْأَلَة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذكر سهم ذِي الْقُرْبَى:

وَذكر الدَّلِيل على أَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ أَرَادَ بقوله: {ولذِي القُربَى} بعض قرَابَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون بعض.
6486- حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد بن يحيى قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا هشيم قَالَ: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: أَخْبرنِي جُبَير بن مطعم قَالَ لما كَانَ يَوْم خَيْبَر وضع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سهم ذِي الْقُرْبَى فِي بني هَاشم وَبني الْمطلب وَترك بني نَوْفَل وَبني عبد شمس، فَانْطَلَقت أَنا وَعُثْمَان بن عَفَّان حَتَّى أَتَيْنَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللهِ! هَؤُلَاءِ بَنو هَاشم لَا ننكر فَضلهمْ للموضع الَّذِي وضعك الله بِهِ مِنْهُم فَمَا بَال إِخْوَاننَا بني الطّلب أَعطيتهم وَتَرَكتنَا وقرابتنا وَاحِدَة؟ فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنا وَبَنُو الْمطلب لَا يفْتَرق فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام، إِنَّمَا نَحن وهم شَيْء وَاحِد وَشَبك بَين أَصَابِعه».
6487- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا ابْن شُعَيْب قَالَ: حَدثنَا أبي عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل الْهَاشِمِي أَن عبد الْمطلب بن ربيعَة بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب أخبرهُ أَن أَبَاهُ ربيعَة بن الْحَارِث وعباس بن عبد الْمطلب قَالَا لعبد الْمطلب بن ربيعَة وللفضل بن عَبَّاس: ائتيا رَسُول اللهِ فقولا لَهُ: قد بلغنَا من السن مَا ترى وأحببنا أَن نتزوج وَأَنت يَا رَسُول اللهِ أَبُو النَّاس وأوصلهم، وَلَيْسَ عِنْد أبوينا مَا يصدقان عَنَّا، فاستعملنا يَا رَسُول اللهِ على الصَّدقَات فلنؤد إِلَيْك مَا يُؤَدِّي الْعمَّال، ولنصب مَا كَانَ فِيهَا من رفق، قَالَ: فَأتى عَليّ بن أبي طَالب وَنحن على تِلْكَ الْحَال فَقَالَ لنا: وَالله لَا يسْتَعْمل أحدا مِنْكُم على الصَّدَقَة، فَقَالَ ربيعَة بن الْحَارِث: هَذَا من حسدك وبغيك، وَقد نلْت صهر رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا حسدناك، فَألْقى رِدَاءَهُ ثمَّ اضْطجع عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَنا أَبُو حسن القرم وَالله لَا أريم من مَكَاني حَتَّى يرجع إلَيْكُمَا أبناءكَمَا بِجَوَاب مَا بعثتما بِهِ إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ عبد الْمطلب: فَانْطَلَقت أَنا وَالْفضل حَتَّى نوافق صَلَاة الظّهْر قد قَامَت.
فصلينا مَعَ النَّاس ثمَّ أسرعت أَنا وَالْفضل إِلَى بَاب حجرَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يومئذٍ عِنْد زَيْنَب بنت جحش، فقمنا بِالْبَابِ حَتَّى أَتَى رَسُول اللهِ فَأخذ بأذني وَأذن الْفضل ثمَّ قَالَ: «أخرجَا مَا تصرران»، ثمَّ دخل فَأذن لي وَالْفضل، فَدَخَلْنَا فتواكلنا الْكَلَام قَلِيلا ثمَّ كَلمته، أَو كَلمه الْفضل، شكّ فِي ذَلِك عبد الله قَالَ: فكلمناه بِالَّذِي أمرنَا بِهِ أبوانا، فَسكت رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَة وَرفع بَصَره قبل سقف الْبَيْت حَتَّى طَال علينا أَنه لَا يرجع إِلَيْنَا شَيْئا، وَحَتَّى رَأينَا زَيْنَب تلمع من وَرَاء الْحجاب تُرِيدُ أَن لَا تعجلا، أَو إِن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أمرنَا، ثمَّ خفض رَأسه فَقَالَ لنا: «إِن هَذِه الصَّدَقَة إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس، وَإِنَّهَا لَا تحل لمُحَمد وَلَا لآل مُحَمَّد، ادعو لي نَوْفَل بن الْحَارِث» فدعى لَهُ نَوْفَل فَقَالَ: يَا نَوْفَل انكح عبد الْمطلب فانكحني، ثمَّ قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أدعوا لي محمية بن جُزْء وَهُوَ رجل من بني زُبيد كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْملهُ على الْأَخْمَاس، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا محمية! انكح الْفضل»، فانكحه ثمَّ قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُم فاصدق عَنْهُمَا من الْخمس كَذَا وَكَذَا»، لم يسمه لي عبد الْحَارِث.
6488- حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا حجاج بن منهال قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عمر النميري عَن يُونُس بن يزِيد الأيلى قَالَ: سَمِعت الزُّهْرِيّ يحدث عَن يزِيد بن هُرْمُز أَن نجدة الحروري حِين حج فِي فتْنَة ابْن الزبير أرسل إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن سهم ذِي الْقُرْبَى وَيَقُول: لمن ترَاهُ؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ لقربى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسمه لَهُم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد كَانَ عمر عرض علينا من ذَلِك عرضا رَأَيْنَاهُ دون حَقنا، فرددناه عَلَيْهِ وأبينا أَن نقبله، وَكَانَ عرض عَلَيْهِم أَن يعين ناكحهم، وَأَن يقْضى عَن غارمهم، وَأَن يعْطى فقيرهم، وَأبي أَن يزيدهم على ذَلِك.

.ذكر اخْتِلَاف أهل الْعُلُوّ فِي سَهْو ذِي الْقُرْبَى:

وَاخْتلفُوا فِي سهم ذِي الْقُرْبَى فَقَالَت طَائِفَة: سهم ذِي الْقُرْبَى لقرابة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بني هَاشم وَبني الطّلب دون سَائِر قرَابَته، لِأَن الله عز وَجل أوجب لَهُم ذَلِك فِي كِتَابه وَبَين ذَلِك على لِسَان رَسُوله، فَأَما الْكتاب فَقَوله: {وَاعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ لله خُمسُه وِللرّسُول وِلذِي القُرَبى} الْآيَة، فَأثْبت ذَلِك لَهُم كإثباته سهم الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، وَقسم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك بَين بني هَاشم وَبني الطّلب، فَدلَّ قسم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سهم ذِي الْقُرْبَى بَين بني هَاشم وَبني الطّلب، على أَن الله أَرَادَ بِهِ هَؤُلَاءِ دون سَائِر قراباته، هَذَا قَول الشَّافِعِي، وَأبي ثَوْر، قَالَ الشَّافِعِي: فَيعْطى جَمِيع سهم ذِي الْقُرْبَى بَين بني هَاشم وَبني الْمطلب حَيْثُ كَانُوا لَا يفضل مِنْهُم أحد حضر الْقِتَال على أحد لم يحضرهُ.
6489- حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا حجاج قَالَ حَدثنَا جرير بن حَازِم قَالَ: حَدثنِي قيس بن سعد عَن يزِيد بن هُرْمُز قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس وَأَتَاهُ كتاب نجدة كتب إِلَيْهِ يسْأَله عَن ذَوي الْقُرْبَى الَّذين ذكر الله فِي الْقُرْآن، فَكتب إِلَيْهِ، إِنَّا كُنَّا نرى قرَابَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هم، وأبى ذَلِك علينا قَومنَا.
وَقَالَ ابْن الْحَنَفِيَّة فِي سهم ذِي الْقُرْبَى: هُوَ لنا أهل الْبَيْت، وَقد روينَا أَن عمر بن عبد الْعَزِيز لما قدم بعث إِلَيْهِم بِهَذَيْنِ السهمين سهم الرَّسُول وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى يَعْنِي لبني هَاشم، قَالَ مُجَاهِد: آل مُحَمَّد لَا تحل لَهُم الصَّدَقَة، فَجعل لَهُم ذَلِك.
وَقَالَت طَائِفَة: يَجْعَل سهم ذِي الْقُرْبَى فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، روينَا عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ أَنه قَالَ فِي سهم الرَّسُول وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى: اجْتمع رَأْي أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أَن يجْعَلُوا هذَيْن السهمين فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله فَكَانَ ذَلِك خلَافَة أبي بكر وَعمر.
وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: سَأَلت أَبَا جَعْفَر كَيفَ صنع عَليّ فِي سهم ذِي الْقُرْبَى، فَقَالَ: سلك بِهِ طَرِيق أبي بكر وَعمر، قَالَ: أما وَالله مَا كَانُوا يصدرون عَن رَأْيه، وَلكنه كره أَن يتَعَلَّق عَلَيْهِ خلاف أَبى بكر وَعمر.
قَالَ أَبُو بكر: أَظُنهُ سقط من كتابي ألا وَهُوَ فِيمَا بَين يصدرون وَبَين عَن رَأْيه.
وَقد رويا فِيمَا مضى عَن الشّعبِيّ أَن عليا لما قدم يَعْنِي الْكُوفَة قَالَ: مَا قدمت لأحل عقدَة شدّها عمر.
6490- وحَدثنَا عَليّ قَالَ: حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان قَالَ حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب قَالَ: سَمِعت مُحَمَّدًا يَقُول: قَالَ لي عُبَيْدَة: بعث إِلَى على وَإِلَى شُرَيْح فَقَالَ: إِنِّي أبْغض الِاخْتِلَاف فاقضوا كَمَا كُنْتُم تقضون حَتَّى يكون النَّاس جمَاعَة، أَو أَمُوت كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.
وَمِمَّنْ مذْهبه أَن الْخمس يقسم أَخْمَاسًا خمس لله وَرَسُوله يَضَعهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ شَاءَ، وخمسه لِذَوي قرَابَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولليتامى خمسه، وللمساكين خمسه، وَلابْن السَّبِيل خمسه مُجَاهِد، وَقَتَادَة وَابْن جريج.
وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: قَالَ مَالك: الْفَيْء، وَالْخمس سَوَاء يجعلان فِي بَيت المَال، قَالَ بَلغنِي عَمَّن أَثِق بِهِ أَن مَالِكًا قَالَ: وَيُعْطى الإِمَام أقرباء رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على مَا يرى ويجتهد، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: الْغَنِيمَة مَا أَخذ الْمُسلمُونَ قسرا فَصَارَت فِي أَيْديهم من الْكفَّار، فالخمس من ذَلِك إِلَى الإِمَام يَضَعهُ حَيْثُ أرَاهُ الله.
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي: سهم الرَّسُول، وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى سقطا بِمَوْت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيجب رد سهامهما على الثَّلَاثَة، فقسم خمس الْغَنِيمَة بعد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ثَلَاثَة أسْهم، سهم لِلْيَتَامَى، وَسَهْم للْمَسَاكِين، وَسَهْم لِابْنِ السَّبِيل.
قَالَ أَبُو بكر: أَعلَى مَا يحْتَج بِهِ أَصْحَاب الرَّأْي فِي دفعهم مَا قد ثَبت بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله دَعْوَى ادعوها على أبي بكر وَعمر، وَعُثْمَان أَنهم قسموا الْخمس على ثَلَاثَة أسْهم، وَهَذَا لَا يثبت عَنْهُم، وَغير جَائِز أَن يتَوَهَّم على مثلهم أَنهم خالفوا كتاب الله وَسنة رَسُوله، وَقد بَلغنِي أَنهم احْتَجُّوا فِي ذَلِك بِشَيْء رَوَاهُ:
6491- مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن الْكَلْبِيّ عَن أَبى صَالح عَن ابْن عَبَّاس وَمُحَمّد بن مَرْوَان عِنْدهم ضَعِيف، والكلبي قَالَ يحيى بن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ الْكَلْبِيّ: قَالَ لي أَبُو صَالح: كل شَيْء حدثتك فَهُوَ كذب.
وَقَالَ مُعْتَمر بن سُلَيْمَان: بِالْكُوفَةِ كَذَا بِأَن السدى، والكلبى، وَلَا يجوز أَن يثبت على الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين بقول كَذَّاب أَو كَذَّابين أَنهم خالفوا بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَو روى عَنْهُم من يصدق فِي الحَدِيث مَا ذَكرُوهُ لم يجز ترك مَا ثَبت بِكِتَاب الله وَسنة رَسُوله بقول أحد من الْخلق، فَكيف وَذَلِكَ بِحَمْد الله غير ثَابت عَنْهُم، وَكلما روينَاهُ عَنْهُم فِي هَذَا الْبَاب بأخبار، مُنْقَطِعَة غير ثَابِتَة، وَلَيْسَ تقوم الْحجَج بِشَيْء مِنْهَا، وَقد ذكرت تِلْكَ الْأَخْبَار فِي الْكتاب الَّذِي اختصرت مِنْهُ هَذَا الْكتاب، وَقد ذكر الشَّافِعِي كلَاما طَويلا جرى بَينه وَبَين بعض النَّاس فِي هَذَا الْبَاب، وَقد أثبت ذَلِك الْكَلَام فِي الْكتاب الَّذِي اختصرت مِنْهُ هَذَا الْكتاب.

.مَسْأَلَة:

وَاخْتلفُوا فِيمَا يعْطى الذّكر وَالْأُنْثَى من ذَوي الْقُرْبَى فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: يعْطى الرجل سَهْمَان وَالْمَرْأَة سهم.
وَخَالفهُ أَصْحَابه أَبُو ثَوْر، والمزني، وَغَيرهمَا فَقَالُوا: الذّكر وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِيهِ سَوَاء، وَاحْتَجُّوا، أَو من احْتج مِنْهُم بِأَنَّهُ لَا يعلم خلافًا فِي رجل لَو أوصى بِثلث مَاله لبني فلَان، فهم يُحصونَ أَن الذّكر مِنْهُم وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِير وَالْكَبِير فِيهِ سَوَاء، وَكَذَلِكَ كل شَيْء صيّر لقوم فهم فِيهِ سَوَاء.
وَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا أَخَذُوهُ باسم الْقَرَابَة فَيَأْخُذ ابْن الابْن مَعَ الابْن، وَلَو كَانَ من جِهَة الْمَوَارِيث يحجب بَعضهم بَعْضًا، فَدلَّ ذَلِك على أَن تَشْبِيه ذَلِك بالمواريث غير جَائِز، وَقَالَ آخر: وَقد أَجمعُوا على أَن للْإِمَام أَن يُعْطي الْأُنْثَى من الْمَسَاكِين مَا يُعْطي الذّكر، وَلَا فرق بَين ذَلِك، لِأَنَّهُ إِذا جَازَ أَن يُسَوِّي بَين الذّكر وَالْأُنْثَى، لأَنهم أعْطوا باسم المسكنة، فَذَلِك جَائِز أَن يسوى بَين ذكران الْقَرَابَة وإناثهم، لأَنهم أعْطوا باسم الْقَرَابَة.
قَالَ أَبُو بكر: وَكَذَلِكَ نقُول.
وَاخْتلفُوا فِي إِعْطَاء الْغَنِيّ مِنْهُم فَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا يفضل فَقير على غَنِي لأَنهم أعْطوا باسم الْقَرَابَة، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر.
وروينا عَن مَكْحُول أَنه قَالَ: الْخمس بِمَنْزِلَة الْفَيْء، وَيُعْطى مِنْهُ الْغَنِيّ وَالْفَقِير، وَقَالَ بعض أَصْحَابه من أهل الْعرَاق: الْفَيْء لمن سمى الله فِي كِتَابه لرَسُوله، وَلِذِي الْقُرْبَى، واليتامى والساكين، وَابْن السَّبِيل، وَلم يَجْعَل فِي حظاً لَغَنِيّ لقَوْله: {كَي لَا يَكُون دوَلة بَينَ الأغنِيَاءِ مِنْكُم}
الْآيَة، وَلقَوْله: {للِفُقَرَاءِ المُهَاجِرِين الّذِين أخرِجُوا مِن دِيَارِهِم وأَمواِلهِم} إِلَى قَوْله: {الصَّادِقُون} الْآيَة، فَكَانَ بَنو هَاشم، وَبَنُو الْمطلب قرَابَة رَسُول اللهِ الَّذين نصروا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جعل لَهُم هَذَا الْفَيْء الَّذِي خصهم بِهِ مطعماً، ومنعهم الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ أوساخ النَّاس فَجعل لَهُم الْفَيْء الَّذِي رضيه لنَبيه وأكرمه بِهِ، وَمنعه الصَّدَقَة الَّتِي هِيَ ذلة ومسكنة يضرع لَهَا السَّائِل ويعلو بهَا الْمُعْطى.
قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِي: سهم ذِي الْقُرْبَى الْغَنِيّ مِنْهُم وَالْفَقِير، وَلم يزْعم ذَلِك إِلَى الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة من الْيَتَامَى وَابْن السَّبِيل، فَزعم أَبُو عبد الله أَن الْقُرْآن على ظَاهره يحكم لقربى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لغنيهم وفقيرهم بِخمْس الْخمس وَقَالَ: وَلَهُم بِظَاهِر الْآيَة، ثمَّ قَالَ: لَيْسَ لِلْيَتَامَى وَلَا لِابْنِ السَّبِيل فِيهَا حق إِلَّا أَن يَكُونُوا فُقَرَاء مَسَاكِين، فنقض أَصله وَترك مذْهبه.
قَالَ أَبُو بكر: وَهَذَا غير لَازم للشَّافِعِيّ، لِأَن الشَّافِعِي حكم لذِي الْقُرْبَى لغنيهم وفقيرهم بِظَاهِر الْآيَة، وَبِأَن الْعَبَّاس بن عبد الطّلب أعْطى مِنْهُ وَهُوَ كثير المَال، وَمنع عُثْمَان وَجبير حَيْثُ طلبا أَن يعطيا من الْخمس، لَيْسَ من جِهَة غناهما، إِذْ لَو كَانَ منعهما من جِهَة غناهما لأشبه أَن يَقُول: لَا يحل لَكمَا ذَلِك لأنكما غنيان، إِذْ لاحظ فِيهَا لغنى، كَمَا قَالَ للرجلين اللَّذين سألاه الصَّدَقَة، وَلَو اخْتلف أهل الْعلم فِي الْيَتِيم الْغَنِيّ، وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ لأجاب فِيمَا يعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا بِمَا أجَاب بِهِ فِي سهم ذِي الْقُرْبَى، وَلَكِن الْإِجْمَاع لما منع من اعطاء الْيَتِيم الْغَنِيّ، وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ منع أَن يعطيان لمنع الْإِجْمَاع مِنْهُ.
وَلم يمْنَع الْإِجْمَاع من اعطاء أَغْنِيَاء الْقَرَابَة، فَمَنعهُمْ لعِلَّة الْإِجْمَاع.
وَلكنه لما اخْتلف فِي الْغَنِيّ من الْقَرَابَة، رد أمره إِلَى ظَاهر الْكتاب.
وَمنع الْيَتِيم الْغَنِيّ وَابْن السَّبِيل الْغَنِيّ لِأَن الْإِجْمَاع منع أَن يعطيا إِذا كَانَا غَنِيَّيْنِ.
وَقد اخْتلف أهل الْعلم فِي جملَة الْخمس الَّذِي ذكره فِي سُورَة الْأَنْفَال، فَكَانَ الشَّافِعِي لَا يرى أَن يصرف الْخمس عَن أَهله الَّذين سَمَّاهُ الله لَهُم إِلَى غَيرهم، وَلَا يرى النَّفْل إِلَّا من خمس النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي حَيَاته، وَلَا يجوز عِنْده أَن ينفل من أَرْبَعَة أَخْمَاس الْخمس وَلَا من سَائِر الْغَنِيمَة إِلَّا السَّلب الَّذِي نفله النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاتِل.
وَاخْتلف فِيهِ عَن الأوزاعى فَحكى الْوَلِيد بن مُسلم عَنهُ، وَعَن سعيد بن عبد الْعَزِيز وَغَيرهمَا أَنهم قَالُوا: أَن قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم»، أَنه مَرْدُود على من يوجف عَلَيْهِ من الغازية من الْمُنْقَطع بهم، هم أَحَق من أَهله الَّذِي سمى لَهُم من القاعدين.
وَزعم أَبُو عبيد أَن الْمَعْرُوف من رأى الْأَوْزَاعِيّ أَنه كَانَ لَا يرى النَّفْل من الْخمس، وَيَقُول: الْخمس للأصناف الَّذِي سمى الله فِي كِتَابه قَوْله: {واعلَمُوا أَنّمَا غَنِمتُم مِنْ شَيْءٍ} الْآيَة وَكَانَ أَبُو عبيد يَقُول: الأَصْل فِي الْخمس أَن يوضع فِي أَهله المسمين فِي التَّنْزِيل إِلَّا أَن يكون صرفه عَن الْأَصْنَاف الْمُسَمَّاة فِي التَّنْزِيل إِلَى غَيرهم خير للْمُسلمين عَامَّة من أَن يوضع فِي الْأَصْنَاف الْخَمْسَة فَيصْرف حِينَئِذٍ إِلَيْهِم على مَا جَاءَت بِهِ الْأَخْبَار وَيكون حَظه إِلَى الإِمَام، لِأَنَّهُ النَّاظر فِي مصلحتهم والقائم بأمرهم، فَأَما على مُحَابَاة أَو ميل إِلَى هوى فَلَا، وَإِذ كَانَت الْأَصْنَاف المسمون إِلَيْهِم أحْوج فَلَيْسَ كَذَلِك.