فصل: ذِكْرُ مَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَمَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لَهُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ إِبَاحَةِ مُوَادَعَةِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ:

6686- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُدْلِجِيُّ، هُوَ ابْنُ مَالِكٍ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي سُرَاقَةَ بْنِ جُعْشُمٍ، أَنَّ أَبَاهُ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سُرَاقَةَ، يَقُولُ: جَاءَتْنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، يَجْعَلُونَ فِي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةً كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِمَنْ قَتَلَهُمَا أَوْ أَسَرَهُمَا، قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي مَجَالِسِ قَوْمِي مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ، أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ آنِفًا أَسْوِدَةٌ بِالسَّاحِلِ، أَرَاهُمَا مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ، فَقُلْتُ: أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ، وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا، وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بُغَاةً، قَالَ: ثُمَّ مَا لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ إِلَّا سَاعَةً، حَتَّى قُمْتُ فَدَخَلْتُ بَيْتِي، فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تُخْرِجَ لِي فَرَسِي مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ تَحْبِسُهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي، فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ، فَخَطَطْتُ بِزَجِّي الْأَرْضَ، وَخَفَضْتُ عَالِيَةَ الرُّمْحِ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي، فَرَكِبْتُهَا، فَرَفَعْتُهَا تَقَرَّبُ بِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَسْوَدَتَهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ، عَثُرَتْ فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي عَلَى كِنَانَتِي، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لَا، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ أَلَا أَضُرُّهُمْ، فَرَكِبْتُ فَرَسِي، وَعَصَيْتُ الْأَزْلَامَ، فَرَفَعْتُهَا تَقَرَّبُ بِي مِنْهُمْ أَيْضًا، حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ، سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي حَتَّى بَلَغَتِ الرِّكَابَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا، فَزَجَرْتُهَا، فَمَا كَادَتْ تَخْرُجُ يَدَاهَا، فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا الْأَثَرُ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِنَ الدُّخَانِ. قَالَ مَعْمَرٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، مَا الْعُثَانُ؟ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: هُوَ الدُّخَانُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ، فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ أَلَّا أَضُرَّهُمَا، فَنَادَيْتُهُمَا بِالْأَمَانِ، فَوَقَفَا، وَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مِنْهُمْ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ، أَنَّهُ سَيَظْهَرُ أَمَرُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ دِيَةً، وَأَخْبَرْتُهُمْ مِنْ أَخْبَارِ سَفَرِهِمْ، وَمَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَؤُنِي شَيْئًا، وَلَمْ يَسْأَلُونِي إِلَّا أَنْ أَخْفِ عَنَّا، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ مُوَادَعَةٍ آمَنُ بِهِ، فَأَمَرَ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ فَكَتَبَهُ لِي فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ، ثُمَّ مَضَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَنَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةَ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، خُزَاعَةَ، وَمُدْلِجٍ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ.
6687- وَقَدْ رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بَنِي النَّضِيرِ إِلَى أَنْ يُعْطُونَهُ عَهْدًا يُعَاهِدُونَهُ عَلَيْهِ، فَأَبَوْا فَقَاتَلَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

.ذِكْرُ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ فِي الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ:

6688- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، أَقْبَلَ بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ إِنِّي وَاللهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ، وَلَا أَحْبِسُ الْبَرْدَ، وَلَكِنِ ارْجِعْ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ الَّذِي فِي قَلْبِكَ الْآنَ فَارْجِعْ»، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنِّي أَقْبَلْتُ إِلَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ، قَالَ بُكَيْرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ، مَا لَمْ يَنْقُضُ الْعَدُوُّ، فَإِذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ جَازَ نَقْضُهُ، وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ فِي ذَلِكَ مَذْمُومًا اسْتِدْلَالًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} [التوبة: 7] الْآيَةَ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاقَدَ قُرَيْشًا بِالْحُدَيْبِيَّةِ، فَلَمَّا نَقَضَتْ قُرَيْشٌ الْعَهْدَ سَارَ إِلَيْهِمْ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْوَفَاءُ بِكُلُّ عَهْدٍ لَا يُخَالِفُ كِتَابًا وَلَا سُنَّةً، فَأَمَّا مَا خَالَفَ مِنْهُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةٍ، فَنَقْصُ ذَلِكَ يَجِبُ، وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِشَيْءٍ عُقِدَ خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ التَّأَهُّبِ لِقِتَالِ مَنْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ مُدَّةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ:

6689- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّايِغُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الْفَيْضِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَبَيْنَ الرُّومِ عَهْدٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَغْزُوَهُمْ فَجَعَلَ يَتَهَيَّأُ، قَالَ: فَجَعَلَ رَجُلٌ بِأَرْضِ الرُّومِ عَلَى بِرْذَوْنٍ لَهُ يَقُولُ: وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ، فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ، قَالَ: فَدَعَاهُ مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ عَقْدَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يُنْبَذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ».
6690- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ».
6691- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْغَادِرُ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ بِقَدْرِ غَدْرَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ».

.ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْفِتْنَةِ وَظُهُورِ الْقَتْلِ إِذَا نُقِضَ الْعَهْدُ:

6692- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ، وَلَا ظَهَرَتْ فَاحِشَةٌ إِلَّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْمَوْتَ، وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ».

.ذِكْرُ إِبَاحَةِ دَمِ الْمُعَاهَدِ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِ وَأَخْذِ أَمْوَالِهِ إِذَا نَقَضَ الْعَهْدَ:

6693- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنْ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقُرَيْظَةَ، حَارَبُوا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَى رَسُول اللهِ بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ، وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُول اللهِ فَأَمَّنَهُمْ، وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى رَسُول اللهِ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ، بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، يَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَبْدَأَ مَنْ خَافَ خِيَانَتَهُ بِالْحَرْبِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَجِدَ دَلَالَةً قَوِيَّةً تَدُلُّ عَلَى نَقْضِهِمُ الْعَهْدَ، وَيُقَالُ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قُرَيْظَةَ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبُذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] الْآيَةُ، كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} [الأنفال: 58] مُجَازُ فَأَمَّا فَإِنْ تَخَافَنَّ، وَمَعْنَاهَا فَإِمَّا تُوقِنَنَّ مِنْهُمْ خِيَانَةً، وَغَدْرًا، أَوْ خِلَافًا، وَغِشًّا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْكِسَائِيُّ فِي غَيْرِهِ: السَّوَاءُ الْعَدْلُ، وَأَنْشَدَ لِبَعْضِهِمْ: بحر الرجز:
فَاضْرِبْ وُجُوهَ الْغَدْرِ الْأَعْدَاءِ ** حَتَّى يُجِيبُوكَ إِلَى السَّوَاءِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ العلم: {فَانْبُذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: 58] أَعْلِمْهُمْ أَنَّكَ قَدْ حَارَبْتَهُمْ حَتَّى يَصِيرُوا مِثْلَكَ فِي الْعِلْمِ، فَذَلِكَ السَّوَاءُ.

.ذِكْرُ مَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَمَا لَا يَكُونُ نَقْضًا لَهُ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَانَتْ قُرَيْظَةُ قَدْ عَاهَدَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا نَزَلَ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ بِقُرْبِ الْمَدِينَةِ، أَتَى حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّصْرِيُّ كَعْبَ بْنَ أَسَدٍ الْقُرَظِيَّ، صَاحِبَ عَقْدِ بَنِي قُرَيْظَةَ وَعَهْدِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَجَابَهُ إِلَى نَقْضِ الْعَهْدِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَخَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ لِيَنْظُرُوا صِحَّةَ ذَلِكَ، فَجَاؤُوا وَأَخْبَرُوا بِخَبَرِهِمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ وَغَطَفَانَ، عَنِ الْمَدِينَةِ، سَارَ إِلَيْهِمْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَاصَرَهُمْ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَحَكَمَ بِأَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيَّهُمْ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: إِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَخَبَّرَ أَهْلَ الْحَرْبِ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَدَلَّ عَلَيْهَا، وَآوَى عُيُونَهُمْ، فَقَدْ نَقَضَ عَهْدَهُ، وَخَرَجَ مِنْ ذِمَّتِهِمْ، إِنْ شَاءَ الْوَالِيُّ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ صَلَبَهُ، وَإِنْ كَانَ مُصَالِحًا، لَمَّا يَدْخُلْ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ نَبَذَ إِلَيْهِ عَلَى سَوَاءٍ، إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَمَرِ الْحَبَشَةِ: أَرَى أَنْ يَنْظُرَ وَيَتَبَيَّنَ، فَإِنْ كَانُوا أَسْوَأَ قُتِلُوا، وَلَا يَهْجُمْ عَلَيْهِمُ الْإِمَامُ، إِلَّا بِأَمْرَيْنِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَمَّا اسْتَحَلَّ رَسُول اللهِ دِمَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ لِمُظَاهَرَتِهِمُ الْأَحْزَابَ عَلَيْهِ، وَكَانُوا فِي عَهْدٍ مِنْهُ، فَرَأَى ذَلِكَ نَكْثًا لِعَهْدِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَمْ يَقْتُلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، وَنَزَلَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَعْنِي فَفِي قَوْلِهِ: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: 26] الْآيَةُ.
6694- قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عِمْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: صَالَحَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى كُلِّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ، إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، قَالَ: فَأَتَى بِالرَّبِيعِ وَكِنَانَةَ ابْنِي أَبِي الْحُقَيْقِ، وَأَحَدُهُمَا عَرُوسٌ بِصَفِيَّةَ، قَالَ: فَلَمَّا أُتِيَ بِهِمَا، قَالَ: «أَيْنَ آنِيَتُكُمَا الَّتِي كَانَ تُسْتَعَارُ فِي أَعْرَاسِ الْمَدِينَةِ»، قَالَا: أَخْرَجْتَنَا، وَأَجْلَيْتَنَا، فَأَنْفَقْنَاهَا، قَالَ: «انْظُرَا مَا تَقُولَانِ فَإِنَّمَا إِنْ كَتَمْتُمَانِي اسْتَحْلَلْتَ بِذَلِكَ دِمَاءَكُمَا وَذُرِّيَّتَكُمَا». قَالَا: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: «اذْهَبْ إِلَى مَكَانِ كَذَا، إِلَى نَخْلِ كَذَا، فَانْظُرْ نَخْلَةً فِي رَأْسِهَا رُقْعَةٌ، فَانْزِعِ الرُّقْعَةُ، فَاسْتَخْرِجْ تِلْكَ الْآنِيَةَ، فَائْتِ بِهَا». قَالَ: فَانْطَلَقَ حَتَّى جَاءَ بِهَا، قَالَ: فَقَدَّمَهُمَا رَسُول اللهِ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ إِلَى ذُرِّيَّتِهِمَا، وَأَتَى بِصَفِيَّةَ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
6695- وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقْيَةَ، وَكَانَ، مِمَّنِ افْتَتَحَ مِصْرَ، قَالَ: افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ، قَالَ: فَأُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، وَبَعَثَ إِلَى عَظِيمِ أَهْلِ الصَّعِيدِ، فَقَالَ: الْمَالُ، فَقَالَ: مَا عِنْدِي مَالٌ، فَسَجَنَهُ، وَكَانَ عَمْرٌو يَسْأَلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ، هَلْ تَسْمَعُونَهُ يَذْكُرُ أَحَدًا؟، قَالُوا: نَعَمْ، رَاهِبًا بِالطُّورِ، فَبَعَثَ عَمْرٌو، فَأَتَى بِخَاتَمِهِ فَكَتَبَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ بِالرُّومِيَّةِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولٍ مِنْ قِبَلِهِ إِلَى الرَّاهِبِ، قَالَ: فَأَتَى بِقُلَّةٍ مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومَةٍ بِرَصَاصٍ، فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ، وَإِذَا فِيهِ، يَا بَنِيَّ إِنْ أَرَدْتُمْ مَالَكُمْ فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْفِسْقِينَةِ، قَالَ: فَبَعَثَ عَمْرٌو الْأُمَنَاءَ فَحَفَرُوا فِيهَا، فَاسْتَخْرَجُوا خَمْسِينَ إِرْدَبًّا دَنَانِيرَ، فَضَرَبَ عُنُقَ النَّبَطِيَّ وَصَلَبَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَمْرًو كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمُونَ أَمْوَالَهُمْ، كَحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ ابْنِي أَبِي الْحُقَيْقِ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: أَهْلُ الْعَهْدِ إِذَا نَقَضُوا، تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ أَمْ لَا؟، قَالَ: كُلُّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ النَّقْضِ يُسْبَوْنَ، وَمَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُسْبَوْنَ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَمْ يُوَفِّ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَنْبُذَ إِلَيْهِمْ، يُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهَ، فَإِنْ قَالَ إِمَامٌ: أَخَافُ خِيَانَةَ قَوْمٍ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى خِيَانَتِهِمْ مِنْ خَبَرٍ وَلَا عِيَانٍ فَلَيْسَ لَهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، نَقْضُ مُدَّتِهِمْ إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً. وَإِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا، فَأَغَارُوا عَلَى قَوْمٍ مُوَادِعِينَ، أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ، أَوْ مُسْلِمَيْنَ، فَقَتَلُوا، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرُوا نَقْضَ الصُّلْحِ، فَلِلْإِمَامِ غَزْوُهُمْ، وَقَتْلُهُمْ، وَسَبَاهُمْ، وَإِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ، لَزِمَهُمْ مَنْ قَتَلُوا أَوْ جَرَحُوا أَوْ أَخَذُوا مَالَهُ الْحُكْمُ كَمَا يَلْزَمُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَوْدٍ وَعَقْلٍ وَضَمَانٍ قَالَ: وَإِذَا أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ مِنْ قَوْمٍ فَقَطَعَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الطَّرِيقَ، أَوْ قَاتَلُوا رَجُلًا مُسْلِمًا فَضَرَبُوهُ، أَوْ ظَلَمُوا مُسْلِمًا، أَوْ مُعَاهِدًا، أَوْ زَنَا مِنْهُمْ زَانٍ، أَوْ أَظْهَرَ فَسَادًا فِي مُسْلِمٍ، أَوْ مُعَاهِدٍ، حَدَّ فِيهَا الْحَدَّ، وَعُوقِبَ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً فِيمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ، وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ يُحِلُّ دَمَهُ، لَا يَكُونُ نَقْضُ الْعَهْدِ إِلَّا مَنْعَ الْجِزْيَةِ، أَوِ الْحُكْمَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالِامْتِنَاعَ بِذَلِكَ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَكْتُبُ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ بِخَبَرٍ عَنْهُمْ، بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدُوِّ شَيْئًا، لِتَحْذَرُوهُ الْمُسْتَأْمَنَ أَوِ الْمُوَادِعَ، أَنْ يَمْضِيَ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ مُخْبِرًا عَنْهُمْ، فَقَالَ: يُعَزَّرُ هَؤُلَاءِ، وَيُحْبَسُونَ عُقُوبَةً، وَلَيْسَ هَذَا بِنَقْضٍ لِلْعَهْدِ يُحِلُّ سَبْيَهُمْ، وَلَا أَمْوَالَهُمْ، وَلَا دِمَاءَهُمْ، إِذَا صَارَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ، فَقَالُوا: لَمْ نُرِدْ بِهَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، فَلَيْسَ بِنَقْضٍ لِلْعَهْدٍ، وَيُعَزَّرُ، وَيَحْبِسُ. وَقَالَ النُّعْمَانُ: فِي الْمَلِكِ مِنَ الْمُلُوكِ يُصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَصِيرُ لَهُمْ ذِمَّةٌ، ثُمَّ جَعَلَ يُخْبِرُ الْمُشْرِكِينَ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا، وَيُؤْوِي عَيْنَهُمْ إِلَيْهِ لَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِعَهْدِهِ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعَاقِبُوهُ، وَيَحْبِسُوهُ، وَإِنْ قَتَلَ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ صَارَ ذِمَّةً رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، قُتِلَ بِهِ.