فصل: ذِكْرُ الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْوَقْعَةَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ التُّجَّارِ يَحْضُرُونَ الْقِتَالَ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذَا حَضَرَ التَّاجِرُ الْقِتَالَ، قَاتَلَ، أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ وَجَبَ سَهْمُهُ كَسَائِرِ الْجَيْشِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ كَذَلِكَ إِلَّا الْقَدِيدِيِّينَ، قُلْتُ: وَمَا الْقَدِيدِيُّونَ؟ قَالَ: السِّفَارُ، وَالْبَيْطَارُ، وَالْحَدَّادُ، وَنَحْوُهُمْ، وَقَالَ مَالِكٌ: يُسْهَمُ لَهُ إِذَا قَاتَلَ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّاجِرِ يَكُونُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، أَوِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُسْلِمُ وَيَلْحَقَانِ جَمِيعًا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَمَا يُصِيبُوا الْغَنِيمَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَاحْتَجَّتْ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالنُّعْمَانِ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُسْهَمُ لَهُمَا، الشَّافِعِيُّ عَنْهُ، وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَنْ لَحِقَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ الْغَنَائِمُ أُسْهِمَ لَهُ.

.ذِكْرُ الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْوَقْعَةَ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَجِيرِ يَحْضُرُ الْحَرْبَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُ كَذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَى خِدْمَةِ الْقَوْمِ لَا يُسْهَمُ لَهُ، وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا يُسْهَمُ لَهُ،.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ إِنْ قَاتَلَ، وَلَا يُسْهَمَ لَهُ إِنِ اشْتَغَلَ بِالْخِدْمَةِ، وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: يُقْسَمُ لَهُ إِذَا غَزَا وَقَاتَلَ، وَيَدْفَعُ عَنْ مَنِ اسْتَأْجَرَ بِقَدْرِ مَا شُغِلَ عَنْهُ.
وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يُسْهَمَ لَهُ إِذَا شَهِدَ، وَكَانَ مَعَ النَّاسِ عِنْدَ الْقِتَالِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِذَا قَاتَلَ الْأَجِيرُ فَسَهْمُهُ ثَابِتٌ، اسْتِدْلَالًا بِخَبَرِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَبَرُ سَلَمَةَ أَنَّهُ كَانَ تَابِعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ.
6554- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ البَّاوَرْدِي، قَالَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ حَدَثٌ، فَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ أَخْدُمُهُ، وَآكُلُ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: فَلَمَّا كَانَ الْغَلَسُ إِذَا نَحْنُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ، قَدْ أَغَارَ عَلَى سَرْحِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقَ السَّرْحَ، ثُمَّ نَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي يَا صَاحِبَاهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُ الْقَوْمَ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، حَتَّى أَحْرَزْتُ الظَّهْرَ الَّذِي أَحْرَزُوا كُلَّهُ، وَأَحْرَزْتُ مِنْ سَلَبِهِمْ سِوَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ رُمْحًا، وَثَلَاثِينَ بُرْدَةً يَطْرَحُونَهَا، لَا أَضُمُّ مِنْهَا شَيْئًا، إِلَّا جَعَلْتُهُ عَلَى طَرِيقِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابِهِ، وَجَعَلْتُ عَلَيْهِ حِجَارَةً عَلَامَةً لِيَعْرِفُوا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ: قَالَ: وَأَعْطَانِي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ الْفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ جَمِيعًا، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

.ذِكْرُ اكْتِرَاءِ الدَّابَّةِ غَزَاةً إِلَى أَنْ رَجَعَ النَّاسُ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الدَّابَّةَ الْغَزَاةَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، فَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ فِي الَّذِي يُكْرِي دَابَّتَهُ إِلَى الضَّائِعَةِ وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَتَى يَنْصَرِفُونَ، فَقَالَ: قَدْ عُرِفَ وَجْهُ ذَلِكَ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ: يُسَمِّي لَهُ حِينَ يُؤَجِّرُهُ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، فَإِنْ زَادَتْ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا أَحْدَثَ النَّاسُ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكْتَرِيَ شَهْرًا بِكَذَا، فَمَا زَادَ يَوْمٌ بِكَذَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ إِلَّا عَلَى مَسَافَةٍ مَعْلُومَةٍ، أَوْ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّتَهُ غَزَاةً بِكَذَا دِينَارٍ، فَأَدْرَكَ قَبْلَ الرُّكُوبِ فَسَخَ ذَلِكَ، وَإِنْ رَكِبَ كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، فِيمَا رَكِبَ.

.مَسْأَلَةٌ:

وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ فَرَسهُ عَلَى شَطْرِ مَا يُصِيبُ عَلَيْهِ، فَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي فَرَسهُ عَلَى النِّصْفِ قَالَ: أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ وَسُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنِ الرَّجُلِ يَدْفَعُ فَرَسهُ، أَوْ بَغْلَهُ إِلَى الرَّجُلِ يَغْزُو، وَيَشْتَرِطُ النِّصْفَ مِمَّا يُصِيبُ فِي غَزَاتِهِ مِنْ بَغْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مَا دَامَتِ الدَّابَّةُ مَعَهُ، قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: هَذَا حَدَثٌ وَأَرَاهُ جَائِزًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: دَفْعُ الْفَرَسِ عَلَى شَطْرِ مَا يُصِيبُ عَلَيْهِ فَاسِدٌ، فَإِنْ أَصَابَ الْفَارِسُ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ وَيُعْطِي صَاحِبَ الْفَرَسِ أَجْرَ مِثْلِهِ فِيمَا رَكِبَ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَغْزُو لِيَأْخُذَ جُعْلًا، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُهَا أَفْضَلُ.
6555- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ الْعَيْزَارِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْجَعَائِلِ،؟ فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأَرْتَشِيَ، إِلَّا مَا رَشَانِي اللهُ قَالَ: وَسَأَلْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: تَرْكُهَا أَفْضَلُ، وَإِنْ أَخَذْتَهَا فَأَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.
6556- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الْقَاعِدُ يَتْبَعُ الْغَازِيَ، فَأَمَّا أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ غَزْوَهُ، فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا أَخَذَهُ الرَّجُلُ بِنِيَّةٍ يَتَقَوَّى بِهِ فَلَا بَأْسَ، وَكَانَ مَسْرُوقٌ يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا خَرَجَ الْبَعْثَ، وَقَالَ مَالِكٌ: كَانَ يَجْعَلُ الْقَاعِدُ لِلْخَارِجِ، وَقَالَ مَرَّةً: أَهْلُ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، فَيَخْرُجُ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَلَا بَأْسَ إِذَا أَحَسَّ الْمُوسِرُ مِنْ نَفْسِهِ جُبْنًا أَنْ يَجْعَلَ لِرَجُلٍ جُعْلًا فَيَغْزُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ، رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ.
6557- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَهِشَامٌ، وَمُحَمَّدٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، سُئِلَ عَنِ الْجَعَائِلِ فِي الْعَطَاءِ، يَجْعَلُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْجُعْلَ لِيَغْزُوَ عَنْهُ، فَكَرِهَهُ قَالَ: أَرَى الْغَازِيَ يَبِيعُ غَزْوَةً، وَأَرَى هَذَا يَفِرُّ مِنْ غَزْوَةٍ وَرُوِّينَا مِنْ عَلْقَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ شُرَيْحًا عَنِ الْجُعَلِ؟ فَقَالَ: يَأْخُذُ كَثِيرًا وَيُعْطِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، يَجْعَلُهُ لِرَجُلٍ قَالَ: أَفَيَرِيبُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْزُوَ بِجُعْلٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ، وَإِنْ غَزَا بِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ، وَيَرُدَّ الْجُعَلَ، وَإِنَّمَا أَجَزْتُ لَهُ هَذَا مِنَ السُّلْطَانِ، أَنَّهُ يَغْزُو بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ حَبْسُهُ فِي حَالٍ، قُلْتُ فِيهَا عِلَّةُ الرُّجُوعِ إِلَّا فِي حَالِ الِاسْتِجْعَالِ، أَوْ فِي حَالٍ ثَانِيَةٍ أَنْ يَكُونَ يَخَافُ بِرُجُوعِهِ وَرُجُوعِ مَنْ هُوَ فِي حَالِهِ أَنْ يَكْثُرُوا وَأَنْ يُصِيبَ الْمُسْلِمِينَ خَلَّةٌ لِخُرُوجِهِمْ يَعْظُمُ الْخَوْفُ فِيهَا عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ لَهُ حَبْسُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَلَا يَكُونُ لَهُمُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا، فَإِذَا زَالَتْ تِلْكَ الْحَالُ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرْجِعُوا، وَعَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يُخَلِّيَهُمْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا.
6558- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ الْأَعْجَمِ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهُ يَخْرُجُ عَلَيْنَا الْبَعْثُ فِي الْجَعَائِلِ، فَتَخْرُجُ أَرْبَعَةٌ عَنْ وَاحِدِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ فِي كُرَاعٍ، أَوْ سِلَاحٍ، فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ جَعَلَهَا فِي عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ غَنَمٍ، فَهُوَ غَيْرُ طَائِلٍ.
6559- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنْ يَعْمَرَ بْنَ خَالِدٍ الْمُدْلِجِيَّ، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَا مُتَجَاعِلٌ، فِي الْغَزْوِ، فَكَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: إِذَا أَحَدُكُمْ أَجْمَعَ عَلَى الْغَزْوِ، فَعَرَّضَهُ اللهُ رِزْقًا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِنْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا غَزَا، وَإِنَّ مُنِعَ دِرْهَمًا مَكَثَ، فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ حُكِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: الْعَطَاءُ يُقَدَّمُ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَيَتَنَافَسُ الْقَوْمُ فِيهِ، وَيَتَجَاعَلُونَ؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْغَازِي عَلَى الْغَزْوِ، فَلَا أَرَى بَأْسًا، وَقَدْ رُوِّينَا عَنِ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَعَائِلَ، وَلَا يَرَوْنَ بِإِعْطَائِهِ بَأْسًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ حَدِيثٌ رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ لَا نَحْسَبُهُ ثَابِتًا.
6560- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَبَلَةُ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ غَزَا فِي سَبِيلِ اللهِ وَهُوَ لَا يَنْوِي فِي غَزَاتِهِ إِلَّا عِقَالًا، فَلَهُ مَا نَوَى».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ فِي هَذَا الْبَابِ بِأَصَّحَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
6561- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ، فَقَالَ: «اِئْتِ فُلَانًا الْأَنْصَارِيَّ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يُجَهِّزُ فَمَرِضَ فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُول اللهِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَيَقُولُ لَكَ: ادْفَعْ إِلَيَّ مَا تَجَهَّزْتَ بِهِ». فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: فُلَانَةُ ادْفَعِي إِلَيْهِ مَا جَهَّزْتِينِي بِهِ، وَلَا تَحْبَسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَوَاللهِ لَا تَحْبَسِي مِنْهُ شَيْئًا، فَيُبَارَكُ لَكِ فِيهِ.
6562- حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ شَيْخًا، أَتَى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُول اللهِ مَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنَّ الرَّجُلَ يُجَاهِدُ لِيُذْكَرَ، وَيُجَاهِدَ لِيَغْنَمَ، وَيُجَاهِدَ لِكَذَا وَكَذَا؟، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاهَدَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».

.ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ:

6563- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ، أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يَذْكُرُ مِنْهُ جُرْأَةً وَنَجْدَةً، فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ، وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟». قَالَ: لَا قَالَ: «ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَ: فَرَجَعَ، ثُمَّ مَضَى، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالشَّجَرَةِ، أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: فَارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ، فَرَجَعَ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟». قَالَ لَهُ: نَعَمْ، قَالَ لَهُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَانْطَلِقْ.
6564- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعْدِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ أُحُدٍ حَتَّى إِذَا خَلَّفَ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، أَوْ كَمَا قَالَ: نَظَرَ وَرَاءَهُ، فَإِذَا كَتِيبَةٌ خَشْنَاءُ قَالَ: «مَنْ هَؤُلَاءِ؟». قَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَمَوَالِيهِ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَّامٍ، فَقَالَ: «أَوَ قَدْ أَسْلَمُوا؟». قَالَ: بَلْ هُمْ عَلَى دِينِهِمْ قَالَ: «قُلْ لَهُمْ فَلْيَرْجِعُوا، فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ».

.ذِكْرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْرِكِ يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ:

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْطَاهُ الْمُشْرِكُ إِذَا اسْتُعِينَ بِهِ عَلَى حَرْبِ الْعَدُوِّ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُعْطَوْنَ سِهَامًا كَسِهَامِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو، وَالْأَوْزَاعِيُّ، قِيلَ لِلْأَوْزَاعِيِّ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فَرَسَانِ، خَمْسَةَ أَسْهُمٍ؟، قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: لَا يُسْتَعَانُ مُشْرِكٌ، فَإِنْ غَزَوْا، أَوْ غُزِيَ بِهِمْ، أُسْهِمَ خَيْرٌ لَهُمْ سُهْمَانَ الْمُسْلِمِينَ، وَيُسْهَمُونَ أَيْضًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يُسْهَمُ لَهُمْ، كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالنُّعْمَانُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الَّذِي رَوَى مَالِكٌ كَمَا رَوَى، اسْتَعَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَهُودٍ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ كَانُوا أَشِدَّاءَ، وَقَالَ مَرَّةً: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يُعْطَى مِنَ الْفَيْءِ شَيْئًا، وَيُسْتَأْجَرُ إِجَارَةً مِنْ مَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ أُنْفِلَ ذَلِكَ، أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الْغَالِبُ عَلَى أَنْ يُسْتَعَانَ بِمُشْرِكٍ وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا غَزَوْا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ؛ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، وَعَائِشَةَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ خَبَرِ يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، فَلَيْسَ مِمَّا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهُ ثَابِتًا، وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَخْبَارِ الْمَغَازِي، وَعَامَّةُ أَخْبَارِ الْمَغَازِي لَا تَثْبُتُ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ، فَإِنِ اسْتَعَانَ بِهِمْ إِمَامٌ أُعْطُوا أَقَلَّ مَا قِيلَ، وَهُوَ أَنْ يَرْضَخَ لَهُمْ شَيْئًا، إِذَا لَا نَعْلَمُ حُجَّةً تُوجِبُ أَنْ يُسْهَمَ لَهُمْ.