فصل: ذكر بعثة الإِمَام من يقبض الْخمس عِنْد قسم الْغَنَائِم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذكر الْأَشْيَاء الَّتِي خص الله جلّ ذكره بهَا نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعلهَا لَهُ من جملَة الْغَنِيمَة فِي حَيَاته وَلم يَجْعَل ذَلِك لغيره:

قَالَ أَبُو بكر: خص الله جلّ ثَنَاؤُهُ رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأَشْيَاء ثَلَاثَة أَحدهَا: خمس الْخمس، خصّه بِهِ من بَين النَّاس وَجعل لَهُ سَهْما فِي الْغَنِيمَة كسهم رجل مِمَّن حضر الْوَقْعَة، حضرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو لم يحضرها، وَخَصه بالصفي جعل لَهُ أَن يخْتَار من جملَة الْغَنِيمَة فرسا، أَو عبدا، أَو أمة، أَو سَيْفا، أَو مَا شَاءَ، وَلم يَجْعَل ذَلِك لغيره، فَأَما مَا جعله لَهُ من الْخمس فقد بيّنا ذكر ذَلِك من كتاب الله تبَارك وَتَعَالَى وَسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأما الصفي الَّذِي خصّه بهَا فالأخبار دَالَّة على ذَلِك.
6471- حَدثنَا يحيى بن مُحَمَّد قَالَ: حَدثنَا مُسَدّد قَالَ: حَدثنَا بشر هُوَ ابْن الْفضل عَن الْجريرِي عَن أبي الْعَلَاء قَالَ: كنت مَعَ مطرف فِي سوق هَذِه الْإِبِل فجَاء أَعْرَابِي يقطعهُ أَدِيم أَو جراب فَقَالَ: فِيكُم من يقْرَأ؟ قَالَ: قلت: نعم أَنا اقْرَأ، قَالَ: فدونك هَذِه فَإِن رَسُول اللهِ كتبهَا لي، فَإِذا فِيهَا «من مُحَمَّد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبني زهر بن أُقَيْش حَيّ من عكل أَنهم إِن شهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول اللهِ، وفارقوا الْمُشْركين، وأقروا بالخمس فِي غنائمهم وَسَهْم النَّبِي وَصفيه، فَإِنَّهُم آمنُوا بِأَمَان الله وَرَسُوله».
6472- وَحدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا عباد بن عباد قَالَ: حَدثنَا أَبُو جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم وَفد عبد الْقَيْس على رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُول اللهِ! إِن هَذَا الْحَيّ من ربيعَة وَقد حَالَتْ بَيْننَا وَبَيْنك كفار مُضر وَلَا يخلص إِلَيْك إِلَّا فِي شهر حرَام، فمرنا بِأَمْر نعمل بِهِ وندعو إِلَيْهِ من وَرَائِنَا، فَقَالَ: «آمركُم بِأَرْبَع وأنهاكم عَن أَربع، الْإِيمَان بِاللَّه ثمَّ فسره لَهُم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَأَن تُؤَدُّوا خمس مَا غَنِمْتُم، وأنهاكم عَن الدّباء، والحنتم، والنقير، والمُقيّر».
6473- وَحدثنَا على عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن عِيسَى عَن أبي هِلَال الرَّاسِبِي عَن أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ذَلِك، وَزَاد فِيهِ وتعطوا من الْغَنَائِم سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفي.
6474- حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا سعيد قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أنس بن مَالك قَالَ: كنت أخدم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا نزل فَكنت أسمعهُ كثيرا يَقُول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم، والحزن، وَالْعجز، والكسل وَالْبخل، والجبن، وَغَلَبَة الرِّجَال». ثمَّ قدمنَا خَيْبَر فَلَمَّا فتح الله الْحصن ذكر لَهُ جمال صَفِيَّة بنت حيى بن أَخطب، وَقد قتل زَوجهَا وَكَانَت عروساً، فاصطفاها رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنَفسِهِ، فَخرج بهَا حَتَّى إِذا بلغنَا سد الصَّهْبَاء حلت، فَبنى بهَا ثمَّ صنع حَيْسًا فِي نطع صَغِير، فَكَانَت تِلْكَ وَلِيمَة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
6475- وَمن حَدِيث أبي مُوسَى حَدثنَا أَبُو أَحْمد قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَت صَفِيَّة من الصفي.
6476- حَدثنَا عَليّ بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْوَلِيد عَن سُفْيَان عَن مطرف عَن الشّعبِيّ قَالَ: كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سهم الصفي إِن شَاءَ عبدا وَإِن شَاءَ أمة، وَإِن شَاءَ فرسا يختاره قبل الْخمس.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد قَالَ بعض أَصْحَابنَا من أهل الحَدِيث: إِن خبر ابْن عَبَّاس تنفّل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفه ذُو الفقار يَوْم بدر من هَذَا الْبَاب، أَي أَخذه نفلا لنَفسِهِ.
6477- حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا سعيد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تنفل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفه ذَا الفقار يَوْم بدر.
قَالَ أَبُو بكر: وَلَا أعلم أَنِّي سَمِعت أحدا يُنكر أَن يكون الصفي كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما خصّه الله بِهِ، بل كل من احفظ عَنهُ من أهل الْعلم يرى أَن ذَلِك كَانَ حَقًا لَهُ من كل غنيمَة، وَأما سَهْمه كسهم رجل من السلمين غَابَ أَو حضر فَإِن:
6478- مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا قَالَ: حَدثنَا سعيد بن مَنْصُور قَالَ: حَدثنَا هشيم قَالَ: أخبرنَا مطرف الْحَارِثِيّ قَالَ: سَأَلت الشّعبِيّ عَن سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصفي فَقَالَ: أما السهْم فَكَانَ سَهْمه كسهم رجل من الْمُسلمين، وَأما الصفي فَكَانَت لَهُ غرَّة يصطفيها من الْمغنم.
6479- حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا سعيد قَالَ: حَدثنَا هشيم قَالَ: حَدثنَا أَشْعَث عَن ابْن سِيرِين قَالَ: كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضْرب لَهُ سَهْمه من الغانم شهد أَو غَابَ.
قَالَ أَبُو بكر: وَخبر الْعِرْبَاض يدل على ذَلِك.
6480- حَدثنَا عبد الله بن بشر الطَّالقَانِي حَدثنَا صَاع بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم قَالَ: حَدثنَا وهب أَبُو خَالِد قَالَ: حَدَّثتنِي أم حَبِيبَة بنت الْعِرْبَاض بن سَارِيَة عَن أَبِيهَا أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذ الْوَبرَة من فَيْء الله فَيَقُول: «مَالِي من هَذَا إِلَّا مثل مَا لأحدكم إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم».
فَقَوله: «إِلَّا مَا لأحدكم». يُرِيد أَنِّي إِن كنت فرسا فَمثل مَا للفارس مِنْكُم، أَو رَاجِلا فَمثل مَا للراجل مِنْكُم.
قَالَ أَبُو بكر: وَالَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة والاتفاق، إِلَّا مَا روينَاهُ عَن أبي الْعَالِيَة فَإِنَّهُ قَول شَاذ لَا نعلم أحدا قَالَ بِهِ، أَن الْخمس يقسم على خَمْسَة فَيكون للرسول خمسه، وَيقسم أَرْبَعَة أخماسه على مَا ذكر الله عز وَجل، فِي كِتَابه، وسأذكر مَا حفظناه عَن أهل الْعلم فِي كل صنف مِمَّن ذكر الله إِن شَاءَ الله.
وحَدثني عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: قَالَ الله جلّ وَعلا فِي الْخمس: {واعلَمُوا أَنّما غَنِمُتم مِن شَيءٍ فَإنَّ لله خُمسُه وِللرّسُول} الْآيَة فَاسْتَفْتَحَ الْكَلَام بِأَن نسبه إِلَى نَفسه جلّ ثَنَاؤُهُ، ثمَّ ذكر أَهله بعد، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْفَيْء: {مَا آفَاء الله عَلى رَسُوِله مِن أَهل القُرَي فَللَّه} الْآيَة، نسبه جلّ ثَنَاؤُهُ إِلَى نَفسه ثمَّ اخْتصَّ ذكر أَهله فَصَارَ فيهم الْخِيَار أَن للْإِمَام فِي كل شَيْء يُرَاد بِهِ الله، قَالَ: وَقد كَانَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة مَعَ هَذَا فِيمَا حكى عَنهُ، يَقُول: إِن الله جلّ ثَنَاؤُهُ إِنَّمَا استفتح الْكَلَام فِي الْفَيْء وَالْخمس بِذكر نَفسه جلّ ثَنَاؤُهُ، لِأَنَّهُ أشرف الْكسْب وَإِنَّمَا ينْسب إِلَيْهِ كل شَيْء ليشرف ويعظم، قَالَ: وَلم ينْسب الصَّدَقَة إِلَى نَفسه لِأَنَّهَا أوساخ النَّاس.

.ذكر اخْتِلَاف أهل الْعلم فِيمَا يفعل بِسَهْم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وَفَاته:

ثَبت أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَالِي مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكُم إِلَّا الْخمس وَالْخمس مَرْدُود فِيكُم».
وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل فِي سهم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وَفَاته، فَقَالَت طَائِفَة: يرد على الَّذين كَانُوا مَعَه فِي الْخمس وَأَنَّهُمْ ذووا الْقُرْبَى، واليتامى وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل فَيقسم الْخمس كُله بَينهم أَربَاعًا، وَكَانَ أَحَق النَّاس بِهَذَا القَوْل من أوجب قسم الصَّدقَات بَين جَمِيع أهل السهْمَان محتجاً بقوله: {واعلَمُوا أَنما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَإِنّ لله خُمسُه} الْآيَة، فَمن حَيْثُ ألزَمَ من قَالَ: أَن الصَّدقَات يجوز تفريقها فِي بعض السِّهَام دون بعض حكم آيَة الْغَنِيمَة، لزمَه أَن يرد سهم رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى من مَعَه فِي الْخمس لتشبيه أحد الْقسمَيْنِ بِالْآخرِ، لِأَنَّهُ لَا قَالَ: إِذا فَقدنَا صنفا من أهل الصَّدقَات رددنا سَهْمه على البَاقِينَ، وَقد سوى بَين حكم الْآيَتَيْنِ، فَكَذَلِك كل صنف يفقد من أهل الْخمس يجب رد سهم ذَلِك الصِّنْف على الْأَصْنَاف الْبَاقِيَة، وَلنْ يلْزم فِي أَحدهمَا شَيْئا إِلَّا لزم فِي الآخر مثله، وَيلْزم ذَلِك من وَجه ثَان وَهُوَ أَنهم قَالُوا: إِذا فَقدنَا من سَائِر الْأَصْنَاف صنفا سوى الرَّسُول وَجب رد حق ذَلِك الصِّنْف على الآخرين، فَكَذَلِك يلْزم فِي سهم الرَّسُول لما مضى، ثمَّ لسبيله أَن يرد سَهْمه على سَائِر السهْمَان كَمَا قَالُوا قي غير سَهْمه سَوَاء.
وَقَالَت طَائِفَة: يجب رد خمس الْخمس سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الَّذين شهدُوا الْوَقْعَة، وَوَجَب لَهُم أَرْبَعَة أَخْمَاس الْغَنِيمَة، لأَنهم الَّذين قَاتلُوا وغنموا، وَيقسم أَرْبَعَة أَخْمَاس خمس الْغَنِيمَة بَين الْأَصْنَاف الْأَرْبَعَة ذَوي الْقُرْبَى، واليتامى، وَالْمَسَاكِين، وَابْن السَّبِيل أَربَاعًا كَمَا كمان لَهُم فِي الأَصْل. وَقَالَت طَائِفَة: هُوَ للخليفة بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم مقَامه فِي ذَلِك فيصرفه فِيمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصرفهُ فِيهِ.
6481- من حَدِيث أبي كريب عَن ابْن الفضيل عَن الْوَلِيد بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل عَن أبي بكر عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذا أطْعم نَبيا طعمة ثمَّ قَبضه فَهُوَ للَّذي يقوم من بعده، فَرَأَيْت أَن أرده على الْمُسلمين» فَقَالَت: يَعْنِي فَاطِمَة، أَنْت أعلم بِمَا سَمِعت من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَت طَائِفَة: يَجْعَل فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، قَالَ الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة: اخْتلفُوا بعد وَفَاة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هذَيْن السهمين يَعْنِي سهم الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَهْم ذِي الْقُرْبَى، فَقَالَ قَائِل: سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للخليفة بعده، وَقَالَ قَائِل: سهم ذِي الْقُرْبَى لقرابة النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ قَائِل: سهم ذِي الْقُرْبَى لقرابة الْخَلِيفَة، فَاجْتمع رَأْيهمْ على أَن يجْعَلُوا هذَيْن السهمين فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله، فَكَانَ خلَافَة أبي بكر، وَعمر فِي الْخَيل وَالْعدة فِي سَبِيل الله.
وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي سهم الله وَالرَّسُول: هُوَ فِي السِّلَاح والكراع، وَقَالَ قَتَادَة فِي سهم ذِي الْقُرْبَى كَانَت طعمة لرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاته، فَلَمَّا توفى حمل عَلَيْهِ أَبُو بكر وَعمر فِي سَبِيل الله.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: وَالَّذِي اخْتَار فِي سهم رَسُول اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَضَعهُ الإِمَام فِي كل أَمر حصن بِهِ الْإِسْلَام وَأَهله من سد ثغر، أَو اعداد كرَاع، أَو سلَاح، أَو اعطائه أهل الْبِلَاد فِي الْإِسْلَام نفلا عِنْد الْحَرْب، وَغير الْحَرْب، إعداداً للزِّيَادَة فِي تعزيز الْإِسْلَام وَأَهله، على مَا صنع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعْطى الْمُؤَلّفَة وَنفل فِي الْحَرْب، وَأعْطى عَام حنين نَفرا من أَصْحَابه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أهل حَاجَة وَفضل، وَأَكْثَرهم أهل فاقة، نرى وَالله أعلم ذَلِك كُله من سَهْمه.
وَقَالَت طَائِفَة: الْقِسْمَة مقسومة على خَمْسَة، أَرْبَعَة أَخْمَاس للجيش، وَخمْس مقسوم على ثَلَاثَة بَين الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل، هَذَا قَول أَصْحَاب الرَّأْي، وَكَانَ أَبُو ثَوْر يَقُول: وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ لَهُ صفى، وَكَانَ ثَبت هَذَا عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ بعد مَا نزل الحكم فِي قسم الْغَنَائِم، فللإمام أَخذه على نَحْو مَا كَانَ يَأْخُذ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويجعله كجعل سهم النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْخمس، وَإِن لم يثبت ذَلِك لم يَأْخُذ الإِمَام من ذَلِك شَيْئا.
وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي الصفي: إِنَّمَا كَانَ للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّة، قلت: فتعلم أحدا قَالَ: هُوَ لن بعده؟ فَقَالَ: لَا.
قَالَ أَبُو بكر: وَلَا أعلم أحدا وَافق أَبَا ثَوْر على مَا قَالَ.

.ذكر الإسهام على أَجزَاء الْخمس:

6482- حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد حَدثنَا سعيد بن عفير عَن عبد الله ابْن لَهِيعَة عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: رَأَيْت الْمَغَانِم تجزّأ خَمْسَة أَجزَاء، ثمَّ يُسهم عَلَيْهَا، فَمَا صَار لرَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ لَهُ، لَا يخْتَار.

.ذكر الْإِعْلَام بِأَن إِعْطَاء الْخمس من الْغَنِيمَة من الْإِيمَان إِذْ هُوَ مقرون إِلَى إقَام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة:

6483- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنَا أَبُو النَّصْر قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة عَن أَبى جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس أَن وَفد عبد الْقَيْس لما أَتَوا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمرهم بِأَرْبَع أَمرهم بِالْإِيمَان وَحده، وَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه وَحده؟» قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم قَالَ: «شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول اللهِ، وإقام الصَّلَاة وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تعطوا من الْمغنم الْخمس».

.ذكر بعثة الإِمَام من يقبض الْخمس عِنْد قسم الْغَنَائِم:

6484- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل قَالَ: حَدثنِي بكر بن خلف وَزُهَيْر قَالَا: حَدثنَا روح بن عبَادَة حَدثنَا عَليّ بن سُوَيْد بن منجوف قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن بُرَيْدَة الأسلمى عَن أَبِيه أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث عليا إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد ليقسم الْخمس فاصطفى مِنْهَا على سبيّة فَأصْبح يقطر رَأسه فَقَالَ خَالِد لبريدة: أَلا ترى مَا صنع هَذَا وَكنت أبْغض عليا، فَأتيت رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرته بِمَا صنع فَلَمَّا أخْبرته قَالَ لي: أتبغض علياَّ؟ قلت: نعم قَالَ: فَأَحبهُ فَإِن لَهُ فِي الْخمس أَكثر من ذَلِك.
6485- حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الصَّائِغ وَعبد الرَّحْمَن بن يُوسُف قَالَا: حَدثنَا أَبُو عمار حَدثنَا الْمفضل بن مُوسَى عَن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ عَن عَليّ فَقَالَ: رَابَنِي مِنْهُ أَنه نكح جَارِيَة من الْخمس، فَقَالَ: لا يريبك فَإِنَّمَا نكح فِي سَهْمه.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد احْتج بِهَذَا الْخَبَر من قَالَ: لقاسم الْخمس أَن يقبض حَقه من الْخمس ويُفرزه، إِذْ لَو كَانَ فِي جَائِز لنهى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليا عَن ذَلِك، بل فِي إِجَازَته ذَلِك دَلِيل على إِطْلَاق ذَلِك وإباحته.