فصل: كتاب الأشربة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام



.باب الأضاحي:

1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما».
الأملح: الأغبر وهو الذي فيه سواد وبياض.
لا خلاف أن الأضحية من شعائر الدين والمالكية يقدمون فيها الغنم على الإبل بخلاف الهدايا فإن الإبل فيها مقدمة والشافعي يقدم الإبل فيهما وقد يستدل المالكية باختيار النبي صلى الله عليه وسلم في الأضاحي للغنم وباختيار الله تعالى في فداء الذبيح.
والأملح: الأبيض والملحة: البياض وقد اختار الفقهاء هذا اللون للأضحية.
وفيه تعداد الأضحية وكذلك القرن من المحبوبات فيها.
وفيه دليل على استحباب تولي الأضحية للمضحي بنفسه إذا قدر على ذلك.
وفيه دليل على التكبير عند الذبح.

.كتاب الأشربة:

1- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال- على منبر رسول الله-: (أما بعد أيها الناس إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة: من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر: ما خامر العقل ثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إلينا فيها عهدا ننتهي إليه: الجد والكلالة وأبواب من الربا).
فيه دليل على أن اسم الخمر لا يقتصر على ما اعتصر من العنب كما قال أهل الحجاز خلافا لأهل الكوفة.
وقوله: (وهي من كذا وكذا) جملة في موضع الحال.
وقوله: (خامر العقل), مجاز تشبيه وهو من باب تشبيه المعنى بالمحسوس.
والجد: يريد به ميراثه وقد كان للمتقدمين فيه خلاف كثير ومذهب أبي بكر رضي الله عنه: أنه بمنزلة الأب عند عدم الأب.
والكلالة: من لا أب له ولا ولد عند الجمهور.
2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن البتع؟ فقال: «كل شراب أسكر فهو حرام».
قال رضي الله عنه: البتع: نبيذ العسل.
البتع: بكسر الباء وسكون التاء ويقال: بفتحها أيضا.
وفيه دليل على تحريمه وتحريم كل مسكر نعم أهل الحجاز يرون أن المراد بالشراب الجنس لا العين والكوفيون يحملونه على القدر المسكر وعلى قول الأولين: يكون المراد بقوله أسكر أنه مسكر بالقوة أي فيه صلاحية ذلك.
3- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمر أن فلانا باع خمرا فقال: قاتل الله فلانا ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها؟».
جملوها: أذابوها.
وفيه دليل على تحريم بيع ما حرمت عينه.
وفيه دليل على استعمال الصحابة القياس في الأمور من غير نكير لأن عمر رضي الله عنه قاس تحريم بيع الخمر عند تحريمها على بيع الشحوم عند تحريمها وهو قياس من غير شك وقد وقع تأكيد أمره بأن قال عمر فيمن خالفه قاتل الله فلانا وفلان الذي كنى عنه هو: سمرة بن جندب.

.كتاب اللباس:

1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة».
الحديث يتناول مطلق الحرير وهو محمول عند الجمهور على الخالص منه في حق الرجال وهو عندهم نهي تحريم وأما الممتزج بغيره فللفقهاء فيه اختلاف كثير فمنهم من يعتبر الغلبة في الوزن ومنهم من يعتبر الظهور في الرؤية واختلفوا في العتابي من هذا.
ومن يقول بالتحريم: لعله يستدل بالحديث ويقول: إنه يدل على تحريم مسمى الحرير فما خرج منه بالإجماع حل ويبقى ما عداه على التحريم.
2- عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير ولا الديباج ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة».
3- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ما رأيت من ذي لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب منكبيه بعيد ما بين المنكبين ليس بالقصير ولا بالطويل.
فيه دليل على لبس الأحمر والحلة عند العرب ثوبان وفيه دليل توفير الشعر وهذه الأمور الخلقية المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الاقتداء به في هيئتها وكان ضروريا منها لم يتعلق بأصله استحباب بل بوصفه.
4- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار القسم.
أو المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلام ونهانا عن خواتيم- أو عن تختم- بالذهب وعن الشرب بالفضة وعن المياثر وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج.
عيادة المريض عند الأكثرين مستحبة بالإطلاق وقد تجب حيث يضطر المريض إلى من يتعاهده وإن لمم يعد ضاع وأوجبها الظاهرية من غير هذا القيد لظاهر الأمر.
واتباع الجنائز يحتمل أن يراد به: اتباعها للصلاة عليها فإن عبر به عن الصلاة فذلك من فروض الكفايات عند الجمهور ويكون التعبير بالاتباع عن الصلاة من باب مجاز الملازمة في الغالب لأنه ليس من الغالب أن يصلى على الميت ويدفن في محل موته ويحتمل أن يراد بالاتباع الرواح إلى محل الدفن لمواراته والمواراة أيضا من فروض الكفايات لا تسقط إلا بمن تتأدى به.
وتشميت العاطس عند جماعة كثيرة من باب الاستحباب بخلاف رد السلام فإنه من واجبات الكفايات.
وقوله إبرار القسم أو المقسم فيه وجهان أحدهما: أن يكون المقسم مضموم الميم مكسور السين ويكون بمعنى القسم وإبراره هو الوفاء بمقتضاه وعدم التحنيث فيه فإن كان ذلك على سبيل اليمين كما إذا قال: والله لتفعلن كذا فهو كما أكد مما إذا كان على سبيل التحليف كقوله بالله أفعل كذا لأن في الأول إيجاب الكفارة على الحالف وفيه تغريم للمال وذلك إضرار به.
ونصر المظلوم من الفروض اللازمة على من علم بظلمه وقدر على نصره وهو من فروض الكفايات لما فيه من إزالة المنكر ودفع الضرر عن المسلم.
وأما إجابة الداعي فهي عامة والاستحباب شامل للعموم ما لم يقم مانع.
وقد اختلف الفقهاء من ذلك في إجابة الداعي إلى وليمة العرس: هل تجب أم لا؟ وحصل أيضا في نظر بعضهم توسع في الأعذار المرخصة في ترك إجابة الداعي وجعل بعضها مخصصا لهذا العموم بقوله لا ينبغي لأهل الفضل التسرع إلى إجابة الدعوات أو كما قال فجعل هذا القدر من التبذل بالإجابة في حق أهل الفضل مخصصا لهذا العموم وفيه نظر.
وإفشاء السلام إظهاره والإعلان به وقد تعلقت بذلك مصلحة المودة كما أشار إليه في الحديث الآخر من قوله عليه السلام: «ألا أدلكم على ما إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم».
وليتنبه لأنا إذا قلنا باستحباب بعض هذه الأمور التي ورد فيها لفظ الأمر وإيجاب بعضها كنا قد استعملنا اللفظة الواحدة في الحقيقة والمجاز معا إذا جعلنا حقيقة الأمر الوجوب ويمكن أن يتحيل في هذا على مذهب من يمنع استعمال اللفظ الواحد في الحقيقة والمجاز بأن يقال: نختار مذهب من يرى أن الصيغة موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب والندب وهو مطلق الطلب فلا يكون دالا على أحد الخاصين- الذي هو الوجوب أو الندب- فتكون اللفظة استعملت في معنى واحد.
فيه دليل على تحريم التختم بالذهب وهو راجع إلى الرجال ودليل على تحريم الشرب في أواني الفضة وهو عام في الرجال والنساء والجمهور على ذلك وفي مذهب الشافعي قول ضعيف أنه مكروه فقط ولا اعتداد به لورود الوعيد عليه بالنار والفقهاء القياسيون لم يقصروا هذا الحكم على الشرب وعدوه إلى غيره كالوضوء والأكل لعموم المعنى فيه.
والمياثر جمع ميثرة- بكسر الميم- واصل اللفظة: من الواو لأنها مأخوذة من الوثار فالأصل: موثرة قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها وهذا اللفظ مطلق في هذه الرواية مفسر في غيرها.
وفيه النهي عن المياثر الحمر وفي بعض الروايات مياثر الأرجوان.
والقسي بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة- ثياب حرير تنسب إلى القس وقيل: إنها بلدة من ديار مصر.
والإستبرق ما غلظ من الديباج وذكر الديباج بعده إما من باب ذكر العام بعد ذكر الخاص ليستفاد بذكر الخاص فائدة التنصيص ومن ذكر العام زيادة إثبات الحكم في النوع الآخر أو يكون ذكر الديباج من باب التعبير بالعام عن الخاص ويراد به: ما رق من الديباج ليقابل بما غلظ وهو الإستبرق وقد قيل: إن الإستبرق لغة فارسية انتقلت إلى اللغة العربية وذلك الانتقال بضرب من التغيير كما هو العادة عند التعريب.
5- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اصطنع خاتما من ذهب فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه فصنع الناس كذلك ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال: «إني كنت ألبس هذا الخاتم وأجعل فصه من داخل فرمى به» ثم قال: «والله لا ألبسه أبدا» فنبذ الناس خواتيمهم.
وفي لفظ: «جعله في يده اليمنى».
فيه دليل على منع لباس خاتم الذهب وأن لبسه كان أولا وتجنبه كان متأخرا وفيه دليل على إطلاق لفظ اللبس على التختم.
واستدل به الأصوليون على مسألة التأسي بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الناس نبذوا خواتيمهم لما رأوه نبذ خاتمه وهذا عندي لا يقوى في جميع الصور التي تمكن في هذه المسألة فإن الأفعال التي يطلب فيها التأسي على قسمين: أحدهما: ما كان الأصل أن يمتنع لولا التأسي لقيام المانع منه فهذا يقوي الاستدلال به في محله والثاني: ما لا يمنع فعله لولا التأسي كما نحن فيه فإن أقصى ما في الباب أن يكون لبسه حراما على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الأمة ولا يمتنع حينئذ أن يطرحه من أبيح له لبسه فمن أراد أن يستدل بمثل هذا على التأسي فيما الأصل منعه لولا التأسي فلم يفعل جيدا لما ذكرته من الفرق الواقع.
وفيه دليل على التختم في اليد اليمنى ولا يقال: إن هذا فعل منسوخ لأن المنسوخ منه جواز اللبس بخصوص كونه ذهبا ولا يلزم من ذلك نسخ الوصف وهو التختم في اليمنى بخاتم غير الذهب.
6- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نهى عن لبوس الحرير إلا هكذا ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه: السبابة والوسطى».
ولمسلم: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع».
هذا الحديث يدل على استثناء هذا المقدار من المنع وقد ذكرنا توسع من توسع في هذا واعتبر غلبة الوزن أو الظهور ولابد لهم في هذا الحديث من الاعتذار عنه إما بتأويل أو بتقديم معارض.