فصل: كتاب الأيمان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء



.باب الخلع:

(الخُلع): بضم الخاء وفتحها لغة: الإزالة مطلقا، وبضمها شرعاً الإزالة المخصوصة كذا في الدرر.
وقال الزيلعي: يقال خالعت زوجها إذا افتدت منه بمالها والاسم الخلع بالضم.
والمناسبة بينهما: أن الإيلاء يكون بناء على نشوز الزوج، والخلع بناء على نشوز الزوجة غالباً.
وفي المغرب: إنما قيل ذلك لأن كلا منهما لباس لصاحبه فإذا فعلا ذلك كأنهما نزعا لباسهما.
(النشوز): مصدر نشزت المرأة نشوزا إذا استعصت على بعلها وأبغضته، ونشز بعلها عليها إذا ضربها وجفاها. كذا في الصحاح.

.باب الظهار

(الظهار) لغة: مقابلة الظهر بالظهر، يقال: تظاهر القوم إذا تدابروا كأنه ولى كل واحد منهم ظهره إلى صاحبه إذا كان بينهم عداوة.
وشرعا: قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي. وهو أيضا بناء على النشوز مأخوذ من الظهر.

.باب اللعان

(اللعان) لغة: من اللعن وهو الطرد والإبعاد، وهو مصدر لاعن يلاعن ملاعنة ولعاناً.
وفي الشرع: عبارة عما يجري بين الزوجين من الشهادات الأربعة، وركنه الشهادات الصادرة منهما. وشرطة قيام الزوجية، وسببه قذف الرجل امرأته قذفا يوجب الحد في الأجنبي. وأهله: من كان أهلا للشهادة عندنا، وعند الشافعي رحمه الله من كان أهلا لليمين.
وحكمه حرمة الاستمتاع لما فرغا من اللعن، ولكن لا تقع الفرقة بنفس اللعان عندنا حتى لو طلقها في هذه الحالة طلاقا بائنا يقع. وكذا لو كذب الرجل نفسه حل له الوطء من غير تجديد النكاح بمنزلة ما لو أسلم أحد الزوجين يحرم الوطء. ولا تقع الفرقة قبل التفريق. كذا في الكفاية. والملاعنة تكون بين اثنين غالبا، وهنا في كلام الزوج وحده.
واختلفوا هل اللعان يمين أو شهادة؟ فقال مالك والشافعي رحمهما الله: هو يمين ويصح من كل زوجين حرين كانا أو عبدين عدلين أو فاسقين أو أحدهما.

.باب العدة

(العدة) هي لغة الإحصاء يقال: عددت الشيء أي: أحصيته.
وشرعا: تربص أي: انتظار ووقف يلزم المرأة مدة معلومة كذا في الدرر.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: هي الحيض، وقال مالك والشافعي رحمهما الله: هي الأطهار. وعن أحمد رحمه الله روايتان أظهرهما الحيض.

.باب الحضانة

(الحضانة): تربية الولد: من حضن الطائر بيضه إلى نفسه تحت جناحه كذا في الدرر.
(الحاضِنة): المرأة توكل بالصبي فترفعه، وقد حضنت المرأة ولدها حضانة من باب طلب.

.باب النفقة

(النفقة): وهي مشتقة من النفوق الذي هو الهلاك، يقال: نفقت الدابة إذا ماتت وهلكت.
ومنه النفقة لأن فيها هلاك المال. وقال صاحب الدرر: هي اسم بمعنى الإنفاق.

.باب العتاق

(العِتَاق) لغة: القوة مطلقا، وشرعاً: قوة حكيمة تظهر في حق الآدمي بانقطاع حق الأغيار عنه.
وقيل بوجه آخر: وهو إثبات القوة الشرعية التي بها يصير المعتق أهلاً للشهادات والولايات قادراً على التصرف في الأغيار وعلى دفع تصرف الأغيار عن نفسه. كذا في الدرر.
وفي الصحاح: العتق: الحرية وكذلك العتاق والعتاقة. وفي المغرب: العتق: الخروج من المملوكية، يقال: عتق العبد عتقا وعتاقة، وعتاقا وهو عتيق وهم عتقاء وأعتقه مولاه. وقد يقام العتق مقام الإعتاق. ومنه عتق مولاك إياك. والعتيق القديم. وفرس عتيق: رائع جواد. وعتاق الخيل كرائمها.

.باب الجعل

(الجُعْل): بالضم: ما جعل للإنسان من شيء على شيء يفعله، وكذلك الجعالة بالكسر. كذا في النهاية.

.باب التدبير

(التدبير): عتق العبد عن دبر، وهو أن يعتق بعد موت صاحبه، وبوجه آخر وهو تعليق العتق بالموت، وبوجه آخر وهو النظر إلى عاقبة الأمر.
وفي رواية المغرب عن الأزهري: التدبير الإعتاق عن دُبر وهو ما بعد الموت. وفي الصحاح الدَّبر والدُّبُر بالتحريك والتسكين الظهر ودبر الأمر آخره. والدِّبرة خلاف القبلة.

.باب الكتابة

(الكتابة) لغة: الضم والجمع، ومنه الكَتِيبَة: وهي الطائفة من الجيش العظيم. والكتب لجمع الحروف في الخط.
وشرعاً: جمع حرية الرقبة مآلاً مع حرية اليد حالاً.
أورد هذا الباب ههنا لأن الكتابة من توابع العتق كالتدبير والاستيلاد.
ومنه المكاتب: وهو اسم مفعول من كاتب عبده مُكاتبةً وكتاباً، وفي الصحاح: المكاتبة والتكاتب بمعنى.
(والمُكاتَب): العبد الذي يكاتب على نفسه بثمنه، فإن سعى وأداه عُتق.

.كتاب الأيمان

وهو جمع يمين.. وهو لغة: القوة، وشرعاً: تقوية أحد طرفي الخبر بذكر اسم الله تعالى أو التعليق، فإن اليمين بغير الله عز وجل ذكر الشرط والجزاء، حتى لو حلف أن لا يحلف وقال: إن دخلت الدار فعبدي حر يحنث. فتحريم الحلال يمين لقوله تعالى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [سورة التحريم: آية 1] إلى قوله: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [سورة التحريم: آية 2].
وفي الصحاح: اليمين: القسم، والجمع الأيمن والأيمان.
وفي الطلبة: واليمين اليد اليمنى، وكانوا إذا تحالفوا تصافحوا بالأيمان تأكيدا لما عقدوا فسمي القسم يمينا لاستعمال اليمين فيه.
واليمين في عرف الفقهاء: عبارة عن تأكيد الأمر وتحقيقه بذكر اسم الله أو بصفة من صفاته عز وجل.
اليمين الغموس: الحلف عل فعل أو ترك ماض كاذبا؛ سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم.
(اليمين اللغو): ما يحلف به ظانا أنه كذا وهو خلاف، وقال الشافعي رحمه الله: ما لا يعقد الرجل قلبه عليه كقوله: لا والله وبلى والله. واليمين اللغو ما يقع على الحال.
ذكر الأيمان عقيب العتاق لمناسبتها له في عدم تأثير الهزل والإكراه فيهما.

.كتاب الحدود

هي جمع حد وهو في اللغة: المنع، وفي الشريعة: هو عقوبة مقدرة وجبت حقا لله

.باب قطع الطريق

لما فرغ من بيان السرقة الصغرى شرع في بيان السرقة الكبرى.
وفي غاية البيان: اعلم أن قطع الطريق يسمى سرقة كبرى، أما كونه سرقة: باعتبار أن قاطع الطريق يأخذ المال خفية عن عين الإمام الذي عليه حفظ الطريق.
وأما كونه كبرى: فلأن ضرره يعم عامه المسلمين حيث ينقطع عليهم الطريق بزوال الأمن، بخلاف السرقة الصغيرة فإن ضررها خاص، ولأن موجب قطع الطريق أغلظ من قطع اليد والرجل لأن موجبه قتل.
وفي الدرر: سواء كان قاطع الطريق جماعة ممتنعين عن طاعة الإمام فقصدوه، أو واحدا يقدر على الامتناع فقصده.
العصمة: ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها. وفي الصحاح: العصمة: المنع، يقال: عصمه الطعام أي: منعه من الجوع.

.كتاب الجهاد

(الجهاد): مصدر جاهدت العدو إذا قابلته في تحمل الجهد، أو بذل كل منكما جهده أي: طاقته في دفع صاحبه ثم غلب في الإسلام على قتال الكفار كذا في المغرب.
وفي الصحاح: الجَهْد والجُهْد بالفتح والضم: الطاقة، الجهاد بالفتح: الأرض الصلبة. وجاهد في سبيل الله مجاهدة وجهادا والاجتهاد والتجاهد بذل الوسع الجهد والمجهود المشقة ورجل مجهود أي ذو جهد.
(السِّير): جمع سيرة وهي الحالة من السير كالجلسة والرِكبة للجلوس والركوب ثم نقلت إلى معنى الطريق والمذهب، ثم غلبت في لسان الشرع على أمور المغازي لأن أول أمرنا السير إلى العدو، وأن المراد بها سير الإمام ومعاملاته مع الغزاة والأنصار ومع العداة والكفار.

.كتاب المفقود

تناسب الكتابين من حيث أن كلا منها منهما غاب لم يدر أثره.
وفي المغرب: فقدت الشيء غاب عني ذاتا وأنا فاقد والشيء مفقود. فالمفقود في الشريعة: هو غايب لم يدر موضعه وحياته وموته.

.كتاب الشركة

وهي اختلاط شيء بشيء لغة. وفي الشريعة عبارة عن اختلاط النصيبين فصاعدا بحيث لا يفرق أحد النصيبين عن الآخر.
ثم يطلق هذا الاسم على العقد أي: عقد الشركة وإن لم يوجد اختلاط النصيبين إذ العقد سبب له.
ومنه الشَّرَك بالتحريك: حُبالة الصائد لأن فيه اختلاط بعض حبله بالبعض.

.كتاب الوقف

تناسب الكتابين من حيث أن المقصود من كل منهما الانتفاع لكن الانتفاع بالأول في الدنيا والانتفاع بالثاني في الآخرة ولذا ذكره بعد الشركة.
الوقف في الأصل: مصدر وقفه إذا حبسه وقفاً، ووقف بنفسه وقوفاً يتعدى ولا يتعدى وقيل للموقوف: وقف تسمية بالمصدر.
وفي الدرر: فإن وقف الذي مصدره الوقف متعدد معناه ما ذكر ووقف الذي مصدره الوقوف لازم.
وفي الاختيارات: الوقف: هو الحبس لغة، وفي الشرع: عبارة عن حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنافع على الفقراء مع بقاء العين، كالعارية عند أبي حنيفة رحمه الله إلا أنه غير لازم حتى لو رجع الواقف يصح عنده، وعندهما رحمهما الله حبس العين على حكم ملك الله سبحانه وتعالى فيزول ملك الواقف. واللزوم عند أبي حنيفة رحمه الله إنما يكون بالحكم أو بالتعليق بالموت. والفتوى على قولهما. كذا في التتمة.
وفي الكافي: أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله إني استفدت مالا وهو عندي نفيس أأتصدق به؟ فقال عليه السلام: «تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث لينتفع بثمره». الحديث.

.كتاب البيوع

لما فرغ من بيان العبادات شرع في المعاملات وقدم البيع لأنه أكثر وقوعاً.
وفي الإشراف: البيع في اللغة: أخذ شيء وإعطاء شيء آخر. وفي الشريعة: عبارة عن إيحاب وقبول.
ثم اختلفوا: هل يشترط ذلك القبول في الأشياء الخطيرة والتافهة؟
فقال مالك وأبو حنيفة في رواية: لا يشترط ذلك في الخطيرة ولا في التافهة وكلما رآه الناس بيع فهو بيع.
وقال الشافعي رحمه الله: يجب في الأشياء الخطيرة والتافهة. وقال أحمد رحمه الله يجب في الخطيرة ولا يجب في التافهة.
واختلفوا هل ينعقد بالمعاطاة؟: فقال أبو حنيفة رحمه الله في إحدى روايتيه والشافعي وأحمد في إحدى روايتيه: لا ينعقد، وقال مالك رحمه الله ينعقد، وعن أبي حنيفة وأحمد مثله وهذا في كلها على الإطلاق.
واتفقوا على أن بيع العين الطاهرة صحيح، واختلفوا في العين النجسة في نفسها، فقال مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى: لا يجوز بيعها، واستثنى مالك رحمه الله جواز ما فيه المنفعة منها كالكلب والسرجين.
ومناسبة البيع للوقف من حيث أن كلا منهما يزيل الملك، ففي الوقف يزول عن ملك الواقف بعد حكم الحاكم من غير أن يدخل في ملك الموقوف عليه.
وفي البيع يزول عن ملك البايع ويدخل في ملك المشتري. وإنما قدم الوقف ولم يعكس لأنه كالمفرد، والبيع كالمركب من حيث إن الوقف فيه زوال بلا دخول والبيع فيه زوال ودخول والمفرد سابق على المركب كذا في غاية البيان.
والمبيعات: أصناف مختلفة وأجناس متفاوتة وجمع المصدر لاختلاف أنواعه. وهذا الكتاب لبيان أنواعه لا لحقيقته.
وفي المغرب: البيع من الأضداد، يقال: باع الشيء إذا شراه أو اشتراه ويتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه وبحرف الجر وبهما تقول: باعه الشيء وباعه منه.
وفي الاختيار: البيع في اللغة: مطلق المبادلة وكذلك الشراء، سواء كانت في مال أو غيره قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [سورة التوبة: آية 111]. وقال عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ} [سورة البقرة: آية 175]. وفي الشرع: "مبادلة المال المتقوم تمليكا وتملكاً" فإن وجد تمليك المال بالمنافع فهو إجارة ونكاح، وإن وجد مجانا فهو هبة.
ثم البيع عقد مشروع ثبتت شرعيته بالكتاب والسنة والمعقول
أما الكتاب فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} [سورة البقرة: آية 275] وقال عز وجل: {إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [سورة النساء: آية 29].
وأما السنة فلأنه عليه السلام قد باع واشترى مباشرة وتوكيلاً.
وعلى شرعيته الإجماع والمعقول: وهو أن الحاجة ماسة إلى شرعيته فإن الناس يحتاجون إلى الأعواض والسلع والطعام والشراب الذي في أيدي بعضهم، ولا طريق لهم إلا بالبيع والشراء، فإن ما جبلت عليه الطباع من الشح والضنة وحب المال يمنعهم من إخراجه من غير عوض فاحتاجوا إلى المعاوضة، فوجب أن يشرع وفقا لهذه الحاجة. وركنه الإيجاب والقبول لأنهما يدلان على الرضاء.
وشرطه أهلية المتعاقدين. ومحله المال.
وحكمه ثبوت الملك للمشتري في المبيع، وللبايع في الثمن إذا كان باتاً وعند الإجارة إذا كان موقوفاً.
(الشراء): يمد ويقصر، يقال: منه شريت الشيء أشريه شرى إذا بعته وإذا اشتريته أيضا وهو من الأضداد قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [سورة البقرة: آية 207]. وقال تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [سورة يوسف: آية 20]. أي باعوه وقوله تعالى: {اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} [سورة البقرة: آية 16].أصله اشتريوا ويجمع الشرى على أشرية.
وفي النهاية: البيع ينعقد بالإيجاب والقبول.
(والانعقاد): عبارة عن انضمام أحد كلام العاقدين إلى الآخر على وجه يظهر أثره في المحل شرعا.
(والإيجاب): ما ذكر أولا من لفظ بعت واشتريت.
(والقَبُول): ما ذكر ثانيا وهو المتعارف.
وقيل: الإيجاب فعل والفعل خروج الممكن من الإمكان إلى الوجوب أي: إلى التحقق والثبوت.
وفي الكفاية: قيل أنواع البيع ترتقي إلى عشرين نوعا أو أكثر والكل مذكور في النهاية.
(النَّفيس): ما يكثر ثمنه كالعبيد والإماء.
(والخَسِيس): ما يقل ثمنه كالبقل والرمان واللحم والخبز. والشرط في بيع التعاطي: الإعطاء من الجانبين عند شمس الأئمة الحلواني. وقيل الإعطاء من أحد الجانبين يكفي.
(والمجازفة): أخذ الشيء بلا كيل ولا وزن.
والجزف أخذ الشيء مجازفة وجزافاً.
(الصُّبرة): واحدة صبر الطعام تقول: اشتريت الشيء صبرة أي: بلا كيل ولا وزن.
(والمحاقلة): بيع الطعام في سنبله، وقيل: اشتراء الزرع بالحنطة، وقيل: بيع الزرع قبل صلاحه من الحقل وهو الزرع، وقيل: المزارعة بالثلث والربع وغيرهما وقيل كراء الأرض بالحنطة كذا في المغرب.

.باب خيار الشرط.

البيع نوعان لازم وغير لازم فلما بين اللازم وقدمه لكونه أقوى وما هو أقوى فهو أولى بالتقديم شرع في بيان غير اللازم وهو ما فيه خيار شرط أو رؤية أو عيب. وإضافة الخيار إليه إضافة الحكم إلى سببه كصلاة الظهر، وقدم خيار الشرط على البواقي لكونه أعم وجوداً، حتى شرع للعاقدين ولأحدهما ولغيرهما بإذنهما.
وفي المغرب: الخيار: اسم من الاختيار، ومنه خيار الرؤية وفي درر الحكام: وخيار الشرط أنواع:
فاسد وفاقا كما إذا قال: اشتريت على أني بالخيار أو على أني بالخيار أياماً أو على أني بالخيار أبداً.
وجائز وفاقا وهو أن يقول: على أني بالخيار ثلاثة أيام فما دونها.
ومختلف فيه وهو أن يقول: على أني بالخيار شهرا أو شهرين، فإنه فاسد عند أبي حنيفة وزفر والشافعي رحمهم الله تعالى جايز عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.
(الغبن): بالتسكين في البيع والغبن بالتحريك في الرأي، يقال: غبنته في البيع بالفتح أي: خدعته، وقد غبن فهو مغبون، وغبن رأيه بالكسر: إذا نقصه فهو غبين أي: ضعيف الرأي، والتغابن أن يغبن القوم بعضهم بعضا، ومنه قيل: يوم التغابن ليوم القيامة: لأن أهل الجنة يغبنون أهل النار.
(المراوضة): المداراة والمخاتلة، ومنها بيع المراوضة لبيع المواصفة لأنه لا يخلو عن مداراة ومخاتلة وفي الإجارات البائع والمشتري إذا تراوضا السلعة أي: تداريا فيها.
وراد الكلأ أي: طلبه ومنه «إذا بال أحدكم فليرتد لبوله». أي: يطلب مكاناً ليناً أو منحدرا كذا في الصحاح والمغرب أيضاً.

.باب خيار العيب

وهو نقص خلا عنه أصل الفطرة السليمة لأن مطلق العقد يقتضي وصف السلامة؛ لأن الغالب في الأشياء هو السلامة فيقع العقد على ذلك الوصف لأن كل واحد من العاقدين صاحب عقل وتمييز فيأبى أن يَغْبَن أو يُغْبَن كذا في الكفاية.
والعيب نوعان: ظاهري: كالعمى والماء في العين، وباطني: كالسعال وانقطاع الحيض شهرين فصاعداً، أو الإباق أو نحوهما.
واعلم أن المراد بالعيب عيب كان عند البائع ولم يره المشتري عند البيع ولا عند القبض.
(الجَسُّ): اللمس باليد للتعرف.
عِدْل الشيء بالكسر: مثله من جنسه وفي المقدار أيضاً. وعَدلُهُ بالفتح: مثله من خلاف جنسه. كذا في المغرب.

.باب البيع الفاسد

(الصحيح): ما كان مشروعاً بأهله ووصفه، والفاسد: مشروع بأصله لا وصفه.
ويفيد الملك عند اتصال القبض به، حتى لو اشترى عبدا بخمر وقبضه فأعتقه يعتق.
ثم هذا الباب مشتمل عل أربعة أنواع: باطل وفاسد ومكروه وموقوف.
(فالباطل): ما لا يكون مشروعا بأصله ووصفه ولا يفيد الملك حتى لو اشترى عبدا بميتة وقبضه وأعتقه لا يعتق. والفاسد ما ذكرناه آنفاً.
(والمكروه): مشروع بأصله ووصفه لكن جاوره شيء منهي عنه كالبيع عند أذان الجمعة.
(والموقوف): مشروع بأصله ووصفه ويفيد الملك على سبيل التوقف ولا يفيد تمامه لتعلق حق الغير. فالباطل والفاسد بهذا التفسير متباينان، إذ في تعريف كل واحد منهما قيد ينافي تعريف الآخر.
ثم لقب الباب بالفاسد وإن كان فيه الباطل والموقوف والمكروه لكثرة وقوعه بتعدد أسبابه.
وفي تبيين الحقائق: لأن الفاسد وصف شامل كالعرض العام لما قلنا: إن الباطل فائت الأصل والوصف، والفاسد فائت الوصف لا الأصل، والمكروه فائت وصف الكمال، فعم فوات الوصف الكل كالحركة بالنسبة إلى الحيوان والنبات.
ثم الضابطة في تمييز الفاسد من الباطل وهي أن أحد العوضين إذا لم يكن مالا في دين سماوي فالبيع باطل سواء كان مبيعاً أو ثمناً فبيع الميتة أو الحر أو به باطل وإن كان في بعض الأديان مالا دون البعض إن أمكن اعتباره ثمنا فالبيع فاسد فبيع العبد بالخمر أو الخمر بالعبد فاسد وإن تعين كونه مبيعا فالبيع باطل فبيع الخمر بالدراهم أو الدراهم بالخمر باطل وفي الكفاية إذا كان أحد العوضين أو كلاهما محرما فالبيع فاسد، فالفاسد أعم من الباطل لأن كل باطل فاسد ولا يعكس.
وفي النهاية: البياعات أنواع أربعة:
(المساومة): وهي التي لا يلتفت إلى الثمن الأول.
(والوضيعة): وهي التي بنقصان من الثمن السابق.
(والتولية): وهي التي بالثمن الأول وإنما سمي هذا النوع من البياعات تولية لأن البائع كأنه يجعل المشتري واليا لما اشتراه بما اشتراه.
(والمرابحة): نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح.
والدليل على جوازها أن كل واحد من الثمن والمبيع معلوم ويجوز العقد عليه.
فالبيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابذة بيع كان في الجاهلية، صورته كان الرجلان يتساومان المبيع فإذا ألقى المشتري عليه حصاة أو لمسه أو نبذه البائع إليه لزم البيع. ففسدت لورود النهي عنها لما فيه من معنى التعليق كأنه قال: إن ألقيت عليه حجرا فهو لك كذا في مجمع البحرين.
(والمُزَابنة): بيع التمر في رؤوس النخل بتمر مجذوذ مثل كيله خرصا.
(والخَرص): الحزر وهو التقدير.
(النَّجش): هو أن تستام السلعة بأزيد من ثمنها وأنت لا تريد شراءها ليراك الآخر فيقع فيه، وروي بالسكون كذا في المغرب.
(الإقالة) في اللغة: رفع وإسقاط وفي الشرع: عبارة عن رفع العقد, وقيل: إنه مشتق من القول وهمزته للسلب أي: أزال القول السابق كما في قسط وأقسط أي أزال الجور، وهي غلط لأنهم قالوا: قلته البيع وأقلته.
وقال الجوهري رحمه الله: وأقلته البيع إقالة وهو فسخه وربما قالوا قلته وهو لغة قليلة، فدل قلته البيع على أن العين ياء.
والوجه الثاني وهو أن تكون الإقالة من القول على البطلان، لأن في الصحاح أورد إقالة البيع في القاف مع الياء لا في ذكر القاف مع الواو كذا في النهاية.
قال عليه السلام: «من أقال نادما بيعته أقال الله تعالى عثرته يوم القيامة» كذا في الهداية

.باب الربا

تناسب البابين من حيث إن فيهما زيادة لكن في المرابحة زيادة هي حلال وفي الربا زيادة هي حرام، والاحتراز عن الشبهة واجب في كل باب.
فإن قيل: كيف يستقيم وجه تناسب اقتران باب الربا بباب المرابحة ويفصل بينهما باب الإقالة؟ قلنا: توسط باب الإقالة بين هذين البابين يقع في هذه المسودة لمراعاة عداد أنواع البياعات على التعاقب والتوالي من غير فصل بإيراد المرابحة في عقب أخواتها، وفي الأصل باب الإقالة مقدم على باب المرابحة وتعاقب فيه باب الربا بباب المرابحة والله تعالى الموفق للسداد وعلى فضله الاعتماد.
ثم الربا في اللغة: الفضل والزيادة، يقال: ربا الشيء يربو ربا وربوا أي: زاد.
وفي الشرع هو: فضل أحد المتجانسين على الآخر من مال بلا عوض.
وفي الصحاح: والربا في البيع، ويثنى ربوان وربيان، وقد أربى الرجل، والربية مخففة لغة في الربا وكان القياس ربوة.
(النَّسَاء) بالمد لا غير: التأخير، يقال بعته بنساء ونسيء ونسيئة بمعنى، كذا في المغرب. وفي الصحاح: ونسأت الشيء نسأ: أخرته وكذلك أنسأته فعلت وأفعلت بمعنى.
والنسأة بالضم: التأخير وكذلك النسيئة على فعيلة، وبعته بنسأة وبعته بكلأة وبعته بنسيئة أي: بأخرة. وقال الأخفش: أنسأته الدين: إذا جعلته له مؤخراً، ونسأته دينه إذا أخرته نساء بالمد، وكذلك النساء في العمر ممدودٌ. ومنه قوله: من سره النساء ولا نساء فليخفف الرداء وليباكر الغداء وليقل غشيان النساء.

.باب الحقوق

لما فرغ من بيان ما هو أصل في البيع وهو المبيع والثمن ذكر في هذا الباب ما يتبعهما من الحقوق، وله مناسبة خاصة بالربا، لأن في بابه بيان فضل هو حرام وهنا بيان فضل هو حلال والحقوق جمع حق، والحق أيضا خلاف الباطل.
(والحق): في لسان أهل اللغة هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وفي اصطلاح أهل المعاني هو الحكم المطابق للواقع يطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك ويقابله الباطل.
وأما الصدق: فقد شاع في الأقوال خاصة ويقابله الكذب، وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر في الحق من جانب الواقع وفي الصدق من جانب الحكم.
فمعنى صدق الحكم: مطابقته للواقع، ومعنى حقيقته، مطابقة الواقع إياه.
وهذا الفصل لا يناسب المقام ولكنه أوردها للمناسبة اللفظية، ولأنه مما لا يدل منه استحقاق الحقوق يكون بعدها لا محالة ولهذا أخره عنها.
(المَنْزل): اسم لما يشتمل على بيوت وصحن مسقف ومطبخ ليسكنه الرجل بعياله.
(والمطبخ): موضع الطبخ بفتح الميم وكسرها والضم خطأ والباء مفتوحة لا محالة.
(والطبيخ): ما له مرق وفيه لحم وشحم وإلا فلا، كذا في المغرب.
(والبيت): اسم لسقف واحد له دهليز.
(والدِّهْلِيز): ما بين الباب والدار فارسي معرب والجمع: الدهاليز.
(والدار): اسم يشتمل على بيوت ومنازل وصحن غير مسقف فكانت أعم من أختيها لاشتمالها عليهما.
صحن الدار: وسطها.
(الكنيف): الساتر ويسمى الترس كنيفا لأنه يستر ومنه قيل للمذهب كَنِيف.
(والكنيف) أيضاً: حظيرة من شجر تجعل للإبل.
(البُنيان): الحائط.
(والبَنِيّة): على فعيلة: الكعبة كذا في الصحاح.
(الطِراف): من أدم.
(والخِبَاء): من صوف أو أدم ولا يكون من شعر، وأبنية العرب طراف وأخبية، وزاده الجوهري فقال: والخباء واحد الأخبية من وبر أو صوف ولا يكون من شعر وهو على عمودين أو ثلاثة، وما فوق ذلك فهو بيت. كذا في الصحاح.
(الظُلَّة): كهيئة الصُفة. كذا في الصحاح وأما في المغرب فالظلة كل ما أظللت من بناء أو جبل أو سحاب أي: سترك وألقى ظله عليك.
(ومرافق الدار): المتوضأ، الواحد: مرفق، وفي الصحاح: ومرافق الدار: مصاب الماء ونحوه.
(والمُستَراح): المخرج، واستراح الرجل من الراحة.

.باب السلم

(السَّلَم): وهو لغة السلف فإنه أخذ عاجل بآجل، سمي به هذا العقد لكونه معجلاً على وقته، فإن وقت البيع بعد وجود المبيع في ملك البائع، والسلم عادة يكون بما ليس بموجود في ملكه فيكون العقد معجلا كذا في الدرر. وفي المغرب: يقال أسلم الرجل في البر، أي: أسلف، من السلم، وأسلف في كذا.
وسلف إذا قدم الثمن فيه.
وفي الصحاح: والسلف: نوع من البيوع يعجل فيه الثمن وتضبط السلعة بالوصف إلى أجل معلوم. وهو مشروع بالكتاب وهو قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ} [البقرة: آية 282] الآية.
فإنها تشمل السلم والبيع بثمن مؤجل وتأجيله بعد الحلول.
والسنة وهو قوله عليه السلام: «من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم إلى أجل معلوم».
والإجماع ويأباه القياس لأنه بيع المعدوم وبيع موجود غير مملوك أو مملوك غير مقدور التسليم لا يصح لكنه ترك لما ذكرنا، ولم يستدل بما روي أنه عليه السلام: «نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان ورخص في السلم».
قال أهل الفقه: السلم جايز في المكيلات والموزونات والمعدودات التي لا يتفاوت كالجوز والبيض وفي المزروعات.
والأصل في ذلك قوله عليه السلام: «من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم». الحديث. وهذا يدل على جواز السلم في المكيل والموزون. فأما المعدود الذي لا يتفاوت فيجوز فيه السلم.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: يجوز في الجوز كيلاً ولا يجوز عددا ويجوز في البيض وزناً.
قال الإمام الزيلعي رحمه الله:
اعلم أن بيع العين بالدين عزيمة وبيع الدين بالعين رخصة، فلما فرغ من بيان الأول شرع في الثاني وهو السلم.
والرخصة في الأمر خلاف التشديد. ثم السلم لغة: الاستعجال، وشرعاً: بيع الشيء على أن يكون ديناً على البائع بالشرائط المعتبرة واختص هذا النوع من البيع بهذا الاسم لاختصاصه بحكم يدل عليه وهو تعجيل أحد البدلين قبل حصول المبيع، فالمبيع يسمى مُسلَّما فيه والثمن رأس المال، والبائع مسلماً إليه والمشتري رب السلم، ومعنى قولنا: أسلم في كذا أي: أسلم الثمن فيه، وهمزته للسلب أي: أزال سلامة الدراهم بتسليمه إلى المفلس.
(المكيال): ما كيل به المكيلات والمكيل بمعناه والكيل مصدر كلت الطعام كيلا ومكالا ومكيلاً.
والاسم الكيلة بالكسر مثل: الجلسة والركبة والطعام مكيل ومكيول.
(والميزان): ما يتزن به، وأصله موزان ويقال: زنت الشيء وزنا وزنة، والاتزان الأخذ بالوزن.
(الأكارع): مادون الركبة من القوائم.
(وبيع الغرر): هو الخطر الذي لا يدري أيكون أم لا، كبيع السمك في الماء والطير في الهواء.

.باب الصرف

(الصرف) لغة: بمعنى الفضل والنقل، وإنما سمي بيع الأثمان صرفاً: إما لأن الغالب على عاقده طلب الفضل والزيادة، أو لاختصاص هذا العقد بنقل كلا البدلين من يد إلى يد في مجلس العقد. والمناسبة بين البابين أن رأس المال إذا كان دراهم أو دنانير يكون بيع دين بدين فتناسبا.
ثم البيع بالنظر إلى المبيع أربعة أنواع:
بيع العين بالعين: كبيع السلعة بمثلها نحو بيع الثوب بالعبد وهي بيع المقايضة، وقايضه بكذا أي: عاوضه. كذا في المغرب.
(وبيع العين بالدين): نحو بيع العين بالأثمان المطلقة، وهو أشهر الأنواع ولذا سمي بيعاً باتاً.
(وبيع الدين بالعين): وهو السلم.
(والدين بالدين): وهو بيع الأثمان المطلقة كبيع الدراهم بالدنانير فهو الصرف كذا في النهاية. فلما بين الثلاثة الأول شرع في بيان الرابعة، وإنما أخرها لأن الدين بالدين أضعف البياعات حتى شرط قبض البدلين في المجلس.
والأموال أنواع: نوع ثمن بكل حال كالنقدين صحبه الباء أولا، قوبل بجنسه أو بغيره. ونوع مبيع بكل حال وهو ما ليس من ذوات الأمثال كالثياب والدواب والمماليك. ونوع ثمن بوجه مبيع بوجه، كالمكيل والموزون ،فإذا كان معينا في العقد كان مبيعاً، وإن لم يكن معيناً وصحبه الباء وقابله مبيع فهو ثمن ونوع ثمن بالاصطلاح وهو سلعة في الأصل فإن كان رابحا كان ثمنا وإن كان كاسدا كان سلعة كذا في الكفاية.